کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 137

لعلام الغيوب‏ (أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِي) . القرآن ينطق بعضه ببعض، و يشهد بعضه على بعض: و قد عبّر عن الذين يلبسون الحق بالباطل بأنهم جنود إبليس و أولياؤه في العديد من الآيات. و قال هنا عز من قائل: (أَ فَتَتَّخِذُونَهُ وَ ذُرِّيَّتَهُ أَوْلِياءَ) فجاز لنا- و هذه هي الحال- ان نفسر ذرية إبليس بجنوده و أعوانه، و ان ذرية إبليس و جنوده و أولياءه هم الذين يلتمسون الباطل بالكذب و الافتراء على الحق .. و ليس ببعيد أن يكون التعبير عن هؤلاء بذرية إبليس للاشارة الى قوة الشبه بين أعمالهم و أعماله.

و من الطريف قول من قال: ان لإبليس ذكرا في فخذه الأيمن، و فرجا في فخذه الأيسر، فيدخل ذاك بهذا فيأتي النسل و الذرية.

(قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ) . و كل من يموه عليك، و يغريك بالباطل، أو يثني عليك بما ليس فيك فهو عدو لك، شعر بذلك أم لم يشعر، أما من يبتدع الأساطير حول إبليس و غيره فهو عدو اللّه و رسوله و الانسانية (بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلًا) . و الظالمون هم الذين يستبدلون طاعة الشيطان بطاعة الرحمن، و منهم الذين يختارون المفسدين لمنصب من المناصب، و يفضلونهم على الصالحين.

(ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَ ما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً) . ضمير أشهدتهم راجع الى إبليس و ذريته. و ما أشهدتهم أي ما أحضرتهم حين خلقت الكون و خلقتهم، و العضد النصير و المعين، و المقصود بالكلام العاصون الذين فسقوا عن أمر اللّه، و المعنى ان اللّه سبحانه إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون، لا يستشير أحدا، و لا يستعين بأحد لأنه غني عن العالمين، و حين خلق الكائنات لم يحضر واحدا منها، حتى و لو كان أتقى الأتقياء، فكيف إذا كان ضالا مضلا كإبليس و جنوده، و ما دام الأمر كذلك فكيف يعصى خالق السموات و الأرض، و يطاع من لا يملك لنفسه نفعا، و لا يدفع عنها ضرا؟.

(وَ يَوْمَ يَقُولُ نادُوا شُرَكائِيَ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَ جَعَلْنا بَيْنَهُمْ مَوْبِقاً) أي مهلكا، و المعنى ان اللّه يقول غدا لمن يشرك في طاعته: أين الذي أطعته و زعمت انه يجديك نفعا في هذا اليوم العصيب؟. ادعه و انظر هل يستجيب لك؟. كلا، انه في شغل شاغل عنك و عن غيرك .. انه في عذاب‏

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 138

الحريق .. و قوله تعالى: نادوا شركائي .. فدعوهم فلم يستجيبوا هو كناية عن يأس المجرمين و انقطاع آمالهم ممن كانوا يرجون و يأملون‏ (وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَ لَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً) . المراد بالظن هنا العلم و اليقين، و بالمصرف المكان الذي ينصرفون و يهربون اليه من النار .. و الهروب غدا من عذاب اللّه تماما كالهروب من الموت في هذه الحياة.

[سورة الكهف (18): الآيات 54 الى 56]

وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَ كانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْ‏ءٍ جَدَلاً (54) وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى‏ وَ يَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلاَّ أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلاً (55) وَ ما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ وَ يُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَ اتَّخَذُوا آياتِي وَ ما أُنْذِرُوا هُزُواً (56)

اللغة:

المراد بصرّفنا هنا ترديد المعنى و توضيحه بأساليب مختلفة. و المراد بالجدل هنا الخصومة بالباطل بدليل قوله تعالى في الآية التالية: «وَ يُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ» .

و قبلا بضم القاف و الباء المواجهة و المعاينة. و المراد بالدحض الزلق.

الإعراب:

جدلا تمييز. و المصدر من ان يؤمنوا مجرور بمن محذوفة. و المصدر من ان‏

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 139

تأتيهم فاعل منع. و قبلا حال من العذاب. و ما أنذروا (ما) اسم موصول في محل نصب عطفا على آياتي. و هزوا مفعول ثان لاتخذوا.

المعنى:

(وَ لَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِلنَّاسِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ وَ كانَ الْإِنْسانُ أَكْثَرَ شَيْ‏ءٍ جَدَلًا) .

المراد بالإنسان هنا أكثر الناس لقوله تعالى في العديد من الآيات: أكثر الناس لا يعقلون .. أكثر الناس لا يعلمون .. أكثر الناس لا يؤمنون. أما القرآن الكريم فهو كتاب اللّه الى عباده يهديهم بدلائله و مواعظه، و يحثهم على التمسك بأحكامه و تعاليمه. و قد أوضح سبحانه هذه المواعظ و الدلائل بشتى الأساليب، و ضرب عليها من أجل ذلك الكثير من الأمثال، منها الرجلان المذكوران في الآية 32، و تشبيه الحياة بالماء في الآية 45 من هذه السورة، و لكن أكثر الناس لا يعقلون و يخاصمون في أوضح الواضحات، و يحاولون إبطال الحق و دحضه بالمماراة و الأكاذيب.

(وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى‏ وَ يَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا) . المراد بالهدى القرآن و بيناته الواضحة، و بالاستغفار التوبة، و بسنة الأولين الإهلاك كما حدث لقوم نوح و لوط و عاد و ثمود، و المعنى ان المشركين لا يحاولون ان يؤمنوا باللّه أو يفكروا بالايمان إلا عند ما يوجد احد أمرين، الأول أن ينزل بهم عذاب الاستئصال كما نزل بمن كان قبلهم، فيؤمنوا حيث لا يغني الايمان عنهم شيئا، كفرعون الذي آمن باللّه لما أيقن بالهلاك و الغرق. الأمر الثاني أن يروا العذاب عيانا وجها لوجه.

و بكلام آخر ان اللّه سبحانه بعد أن بيّن في الآية السابقة انه قدّم الدلائل الواضحة، و أبى أكثر الناس الا الكفر و الجدال بالباطل، بعد هذا قال في هذه الآية: و ما تغني الآيات و النذر عند قوم لا يؤمنون الا عند سكرات الموت، أو حين يهدّدون بالعذاب الذي يرونه بأعينهم و يعتقدون انه نازل بهم لا محالة إذا خالفوا الرسل.

(وَ ما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ) . هذه هي مهمة الرسل تبشير من أطاع بالنعيم، و إنذار من عصى بالجحيم. و تكرر هذا المعنى أكثر من مرة.

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 140

أنظر تفسير الآية 165 من سورة النساء ج 2 ص 492 (وَ يُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَ اتَّخَذُوا آياتِي وَ ما أُنْذِرُوا هُزُواً) . أوضح اللّه الحق، و أثبته بالبينات و الدلائل، و لكن الذين كفروا خاصموه و جادلوا فيه، و حاولوا إبطاله و دحضه بالمماراة و الأكاذيب، و بالهزء و السخرية، و ليس المراد من الهزء بآيات اللّه من يسخر بها بلسانه فقط، بل كل من عرف حكما من أحكام اللّه و لم يعمل به فهو من الذين اتخذوا القرآن و دين اللّه لعبا و هزوا، قال الإمام علي (ع):

«من قرأ القرآن فمات فدخل النار- لأنه لم يعمل بالقرآن- فهو ممن اتخذ آيات اللّه هزوا».

[سورة الكهف (18): الآيات 57 الى 59]

وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَ نَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ إِنَّا جَعَلْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً وَ إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى‏ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً (57) وَ رَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلاً (58) وَ تِلْكَ الْقُرى‏ أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً (59)

اللغة:

أكنة أغطية. و الفقه الفهم. و الوقر الثقل في السمع. و الموئل الملجأ.

الإعراب:

المصدر من ان يفقهوه مفعول من أجله لجعلنا أي مخافة ان يفقهوه. و وقرا

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 141

مفعول لفعل محذوف أي و جعلنا في آذانهم و قرا. و إذا حرف جواب و جزاء.

و تلك مبتدأ و القرى عطف بيان، و أهلكناهم خبر، و يجوز ان تكون تلك مفعولا لفعل محذوف يفسره الفعل الموجود أي و أهلكنا تلك القرى أهلكناهم.

المعنى:

(وَ مَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآياتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْها وَ نَسِيَ ما قَدَّمَتْ يَداهُ) .

أوضح سبحانه الدلائل على وجوده و وجوب طاعته بشتى الأساليب، و ضرب الكثير من الأمثال على ذلك، و أمر الإنسان بالخير و نهاه عن الشر، و ان يتوب مما أسلف من الذنوب، و حذره من مخالفة الأمر و النهي و الإصرار على الذنب، و لكنه أعرض و نأى بجانبه، و أهلك نفسه بفساده و عناده‏ (إِنَّا جَعَلْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَ فِي آذانِهِمْ وَقْراً) . تقدم نظيره مع التفسير في الآية 25 من سورة الأنعام ج 3 ص 176 و الآية 46 من سورة الإسراء.

(وَ إِنْ تَدْعُهُمْ إِلَى الْهُدى‏ فَلَنْ يَهْتَدُوا إِذاً أَبَداً) . و كيف يهتدون؟ و على قلوبهم أغطية، و في آذانهم صمم. و كل من لا ينتفع بالموعظة الحسنة فهو و أعمى القلب و العين و الأصم سواء.

(وَ رَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤاخِذُهُمْ بِما كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذابَ) . تقدم نظيره مع التفسير في الآية 61 من سورة النحل ج 4 ص 525 (بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا) أي ملجأ، و المراد بالموعد هنا وقت اللقاء عند اللّه الذي لا خلف له، و لا مفر عنه، قال الإمام علي (ع) مخاطبا ربه: «انت الأبد لا أمد لك، و انت المنتهى لا محيص عنك، و أنت الموعد لا ملجأ منك إلا اليك، بيدك ناصية كل دابة، و اليك مصير كل نسمة».

(وَ تِلْكَ الْقُرى‏ أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَ جَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً) . المراد بالقرى قرى عاد و ثمود و غيرهما من الأمم الخالية، و المهلك الهلاك، و المعنى ان اللّه جعل لهلاك الظالمين وقتا معينا، فإذا جاء لا يستأخرون ساعة و لا يستقدمون.

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 142

[سورة الكهف (18): الآيات 60 الى 64]

وَ إِذْ قالَ مُوسى‏ لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً (60) فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً (61) فَلَمَّا جاوَزا قالَ لِفَتاهُ آتِنا غَداءَنا لَقَدْ لَقِينا مِنْ سَفَرِنا هذا نَصَباً (62) قالَ أَ رَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَ ما أَنْسانِيهُ إِلاَّ الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَ اتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً (63) قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى‏ آثارِهِما قَصَصاً (64)

اللغة:

فتاه صاحبه أو خادمه. لا أبرح لا أزال. و الحقب بضم الحاء و القاف، و بضم الأولى و سكون الثانية الدهر و الزمان. و مجمع البحرين المجمع المكان الذي يلتقي فيه البحران، و يصيران بحرا واحدا، و في البحرين أقوال، منها انهما البحر الأبيض و البحر الأحمر، و لو كنت من علماء الجغرافيا لقارنت بين الأقوال و اخترت الصحيح أو الأصح منها. و السرب المسلك. و النصب التعب. فارتدا على آثارهما قصصا أي رجعا في طريقهما يتبعان أثرهما الأول.

الإعراب:

لا أبرح من أخوات كان ترفع الاسم و تنصب الخبر، و اسمها ضمير مستتر و خبرها محذوف أي لا أبرح سائرا. و حقبا ظرف منصوب بأمضي. و سربا مفعول ثان لاتخذ، أو في البحر يتعلق بمحذوف مفعولا ثانيا، و سربا منصوب على‏

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 143

المصدرية أي سرب الحوت سربا. و هذا عطف بيان من سفرنا. و المصدر من ان اذكره بدل اشتمال من هاء أنسانيه أي ما انساني ذكري إياه إلا الشيطان.

و عجبا صفة لمفعول مطلق محذوف أي اتخاذا عجيبا. و قصصا منصوب على المصدرية أي يقصان الأثر قصصا أو في موضع الحال أي مقتصين.

المعنى:

(وَ إِذْ قالَ مُوسى‏ لِفَتاهُ لا أَبْرَحُ حَتَّى أَبْلُغَ مَجْمَعَ الْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِيَ حُقُباً فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً) . اختلفوا في موسى بطل هذه القصة: هل هو موسى بن عمران أو غيره؟. نقل الرازي عن اليهود انه موسى بن ميشا بن يوسف بن يعقوب، و هو أقدم من موسى بن عمران و اكثر العلماء و المفسرين على انه ابن عمران الشهير، و هو الظاهر. أما فتاه فالمعروف انه يوشع بن نون ابن اخت موسى بن عمران و تلميذه المقرب و خليفته من بعده على بني إسرائيل، أما الذي قال له موسى: هل أتبعك على ان تعلمن مما علمت رشدا .. فالمعروف بين الناس انه الخضر، و لكن اللّه سبحانه سكت عن اسمه، و اسم فتى موسى، فيجمل بنا نحن ان نعبر عن هذا بفتى موسى، و عن ذاك بصاحبه.

و قيل: ان الخضر لقب، أما اسمه فبليا بن ملكان، و اختلفوا: هل هو نبي أو ولي؟. و أيضا قيل: انه من المعمرين الأحياء الى يوم يبعثون، أما نحن فنلتزم السكوت عن نبوته و حياته إذ لا دليل قاطع للشك من الكتاب أو السنة على واحدة منهما، و لا يمتان الى عقيدتنا و حياتنا بصلة. و قال البعض: انه من الملائكة.

و هذا أبعد الأقوال.

و في رواية ان سائلا سأل موسى: أي الناس أعلم؟ قال: أنا .. فأراد اللّه سبحانه ان يعلمه التواضع، و انه فوق كل علم عليم، فأوحى اللّه اليه ان في مجمع البحرين رجلا يعلم أشياء لا تعلمها. فقال له موسى: و كيف لي به؟

صفحه بعد