کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 311

دون أن ينظر الى ما فضل اللّه به غيره عليه .. قال تعالى في معرض المدح:

«وَ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَ فِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَ قِنا عَذابَ النَّارِ - 201 البقرة».

(لِلرِّجالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ) . في تفسير مجمع البيان: «جاءت وافدة النساء الى رسول اللّه (ص) فقالت: يا رسول اللّه أليس اللّه رب الرجال و النساء و أنت رسول اللّه اليهم جميعا؟ فما بالنا يذكر اللّه الرجال، و لا يذكرنا؟ نخشى أن لا يكون فينا خير، و لا للّه فينا حاجة.

فنزلت هذه الآية.» و المعنى الظاهر منها ان لكل انسان نتيجة عمله، فلا ينبغي له ان يشغل نفسه بالحسد المذموم، لأنه يعود على صاحبه بالوبال دنيا و آخرة، قال الإمام علي (ع):

لا تحاسدوا، فان الحسد يأكل الإيمان، كما تأكل النار الحطب» و قال:

«صحة الجسد من قلة الحسد». و ذكر اللّه سبحانه النساء للتنبيه على ان الرجل و المرأة سواء في ان لكل منهما ما سعى: «أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى‏ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ‏ - 195 آل عمران.

يدعو اللّه و يعمى عن سبيله:

(وَ سْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ) . فإن خزائنه لا تنفد، و نعمه لا تحصى، قال الإمام زين العابدين (ع) في بعض مناجاته: «علمت- يا إلهي- ان كثير ما أسألك يسير في وجدك، و ان خطير ما أستوهبك حقير في وسعك، و ان كرمك لا يضيق عن سؤال أحد، و ان يدك في عطاياك أعلى من كل يد».

و في الحديث: «سلوا اللّه من فضله، فاللّه يحب أن يسأل».

و تقول: ان الأمر بالسؤال يستدعي الاجابة، مع العلم بأن كل الناس، أو جلهم يسألون و يلحون في السؤال و الدعاء، و لا يستجيب اللّه لهم؟

الجواب: ان اللّه سبحانه كما أمر بالدعاء فقد أمر أيضا بالسعي و الجد، و قال: «وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى‏ - 40 النجم». و معنى هذا ان اللّه سبحانه ضمن اجابة الداعي عن طريق السعي و العمل، و لم يضمن الإجابة عن‏

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 312

كل ما يمر بخاطر الإنسان بمجرد ان يطلب و يسأل .. كيف؟ و لو فعل لخرب الكون .. ثم هل اللّه جل و عز آمر، أو مأمور؟ و ما ذا يفعل إذا تلقى دعوتين متناقضتين في آن واحد؟ و ما قولك بمن يدعو اللّه، و يعمى عن سبيله؟.

و بالتالي، ان أمره تعالى بالسؤال من فضله تعبير ثان عن أمره بالجد و العمل، و ان على الإنسان ان يتجه الى كسبه متوكلا على اللّه وحده، و لا ينظر الى كسب الغير، و ما آتاه اللّه من فضله .. و ما من أحد شغل نفسه بغيره الا تنغص عيشه، و تاه عقله، و ارتبك في جميع أموره .. و قد عرفت، و أنا طالب في النجف الأشرف زملاء لا ينقصهم الاستعداد و الذكاء، و أمضوا في النجف سنوات طوالا، و مع ذلك كانوا من الفاشلين، لا لشي‏ء الا لأنهم اشتغلوا بالناس عن أنفسهم و دروسهم .. و للّه من قال: «من راقب الناس مات غما». و تكلمنا مفصلا عن الدعاء و الاجابة في تفسير الآية 186 من سورة البقرة.

(وَ لِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ) . المراد بالموالي هنا الورثة، و قد ذكر اللّه منهم في هذه الآية ثلاثة أصناف: الأول الوالدان، و يشملان الأجداد و الجدات. الثاني الأقربون، و يشملون الأولاد و الأخوة و الأعمام و الأخوال. الثالث الذي جرى بينهم و بين المورّث عقد خاص أو عام يترتب عليه الإرث، و العقد الخاص، كعقد الزواج و عقد الملك، و عقد ضمان الجريرة، و العقد العام هو الإسلام، و كل هؤلاء يدخلون في قوله تعالى: «وَ الَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ» .

و عقد الزواج معروف، أما عقد الملك فهو أن يملك الحر عبدا، ثم يعتقه تقربا الى اللّه، لا لقاء شي‏ء، أو كفارة عن شي‏ء، فإذا مات هذا العبد المعتق، و لا وارث له ورثه الذي كان قد أعتقه. أما عقد ضمان الجريرة، أي الجناية فهو أن يتفق اثنان على أن يضمن كل منهما جناية الآخر، أو يضمن أحدهما ما يجنيه الآخر، دون العكس، فإذا تم الاتفاق بينهما حسب الشروط المقررة في كتب الفقه كان على الضامن بدل الجناية، و له لقاء ذلك ميراث المضمون إذا لم يكن له من وارث الا الضامن، أما عقد الإسلام فالمراد به العهد العام بين النبي (ص) و من آمن به، فإذا مات المسلم، و لا وارث له إطلاقا

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 313

فميراثه للنبي (ص) أو لمن يقوم مقامه، فقد روي عن رسول اللّه انه قال:

«أنا وارث من لا وارث له». و في رواية ثانية: «أنا ولي من لا ولي له».

و في ثالثة: «أنا مولى من لا مولى له، أرث ماله، و أفك عنه» .. و كفى دليلا على ذلك قوله تعالى: «النَّبِيُّ أَوْلى‏ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ‏ - 6 الأحزاب».

و في كتاب وسائل الشيعة العديد من الروايات ان عليا أمير المؤمنين (ع) كان يقول: «إذا مات الرجل، و ترك مالا، و لا وارث له اعطوا المال أهل بلده». و لا يتنافى هذا مع قول الرسول (ص)، لأن الرسول قد وهب حقه في هذا الميراث للفقراء من أهل بلد الميت.

و تقدمت الإشارة الى نصيب الأبوين و الأخوة و الزوجين في الآية 12 و ما بعدها من هذه السورة، و تفصيل أنصبة جميع الورثة في كتب الفقه.

[سورة النساء (4): الآيات 34 الى 35]

الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَ اللاَّتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (34) وَ إِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَ حَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً (35)

اللغة:

قوامون جمع قوام على وزن فعّال مبالغة قيام، و معناه القيام بالأمر، و المراد

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 314

به هنا الذي يقوم بشئون المرأة، و هو الزوج، و قانتات جمع قانتة، و المراد بها المطيعة، و حافظات للغيب جمع حافظة، و هي المرأة التي تحفظ زوجها لدى غيابه فيما يجب حفظه من النفس و المال. و النشوز الارتفاع و نشوز أحد الزوجين ترفعه عن القيام بالحقوق الزوجية. و الشقاق الخلاف الذي يجعل كلا من المختلفين في شق. و الحكم هو الذي يفصل بين المتخاصمين.

الاعراب:

بما فضل اللّه الباء للسبب. و ما مصدرية، أي بتفضيل اللّه، و المجرور متعلق بقوامين، و بما أنفقوا معطوف على بما فضل اللّه. و فالصالحات مبتدأ، و قانتات خبر، و حافظات خبر ثان. و بما حفظ اللّه (ما) مصدرية، و التقدير بحفظ اللّه، و المعنى ان المرأة الصالحة تحفظ غيبة زوجها بأمر اللّه أو كما أمر اللّه.

و بين أصلها ظرف مكان، ثم استعملت اسما للوصال و الفراق، مثل: هذا فراق بيني و بينك. و أضيف الشقاق هنا الى بين تجوّزا، لأن الشقاق يضاف حقيقة الى الزوجين، لا الى بينهما، و أصل الكلام هكذا: و ان خفتم شقاقا بينهما، مثل مكر الليل، أصله مكر في الليل.

المعنى:

(الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) . الرجل و المرأة ركنا الحياة، و محال أن تستقيم بأحدهما دون الآخر، و معنى هذا ان بين الرجل و المرأة نوعا من التفاوت .. و لو تساويا من جميع الجهات لأمكن الاكتفاء بأحد النوعين، و كان وجود الآخر و عدمه سواء ..

فالدعوة- اذن- الى المساواة بينهما في كل شي‏ء تخالف منطق الحياة.

و رب قائل: ان المرأة و أنصارها يريدون لها المساواة في الحقوق و الواجبات، و لا يريدون لها المساواة مع الرجل في كل شي‏ء، حتى الحمل و الرضاعة- مثلا-.

و نجيب ان التفاوت في التكوين العضوي يستدعي حتما التفاوت في بعض الحقوق‏

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 315

و الواجبات، بل و في بعض الغرائز النفسية أيضا، و عليه فمن يطلب التساوي في جميع الحقوق و الواجبات بينهما فقد ابعد، تماما كمن يطلب التفاوت في الجميع، و الصواب انهما يشتركان في أكثر الحقوق، أو الكثير منها، و أهمها المساواة أمام اللّه و القانون، و حرية التصرف في المال، و اختيار شريك الحياة. و يفترقان في بعض الحقوق .. و عند تفسير الآية 228 من سورة البقرة ذكرنا 14 فرقا بين الرجل و المرأة في الشريعة الإسلامية. أما الآية التي نفسرها فإنها تفيد:

1- ان الرجال قوامون على النساء، و المراد بالرجال هنا خصوص الأزواج، و بالنساء خصوص الزوجات، و ليس المراد بالقيام على المرأة السلطة المطلقة، بحيث يكون الزوج رئيسا دكتاتوريا، و الزوجة مرءوسة له، لا ارادة لها معه و لا اختيار، بل المراد ان له عليها نحوا من الولاية، و قد حدد الفقهاء هذه الولاية بجعل الطلاق في يد الزوج، و ان تطيعه في الفراش، و لا تخرج من بيته الا بإذنه، و هما فيما عدا ذلك سواء: «وَ لَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ» .

2- ان اللّه سبحانه ذكر سببين لهذا النحو من ولاية الزوج على الزوجة، و أشار الى السبب الأول بقوله: (بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ) . و الى السبب الثاني بقوله: (وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) . و نبدأ بالسبب الأول ..

فالضمير في (بعضهم) يعود على النساء و الرجال معا، و ذكّر الضمير من باب التغليب، و المراد ببعض الأولى الرجال، و ببعض الثانية النساء.

و تسأل: لما ذا قال تعالى: (بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ) و لم يقل بما فضلهم عليهن، مع انه أخصر و أظهر؟.

الجواب: لو قال: فضلهم عليهن لفهم منه تفضيل جميع أفراد الرجال على جميع أفراد النساء، و هذا غير مقصود، لأنه بعيد عن الواقع، فكم من امرأة هي أفضل من ألف رجل، فجاء لفظ بعض للاشارة الى أن هذا التفضيل انما هو للجنس على الجنس من حيث هو بصرف النظر عن الأفراد.

و قد أبهم سبحانه، و لم يبين وجه الأفضلية، حيث قال: (بِما فَضَّلَ اللَّهُ) و كفى .. و قال المفسرون و غيرهم: ان الرجل أقوى من المرأة في تكوينه العضوي و العقلي، و أطالوا الكلام و الاستدلال، و منهم من ألّف كتبا خاصة في هذا الموضوع.

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 316

و الذي نشاهده ان الأعمال الجليلة في ميدان العلم و الدين و الفن و الفلسفة و السياسة كلها من الرجال، لا من النساء، و إذا وجدت امرأة، لها دور في ذلك فهي من الطرائف و النوادر .. و بديهة ان الشاذ النادر يؤكد القاعدة، و لا ينفيها ..

و فوق هذا شاهدنا المرأة تهتم قبل كل شي‏ء بالتفصيلات و الأزياء التي تجسم أنوثتها، و تبرزها عريانة، و تلونها بكل ما يجذب الرجل، و يلهب شعوره نحو الجنس اللطيف .. و من هنا كانت بيوت الأزياء و مبتكرات التفصيل للنساء، دون الرجال، و لا تفسير لاهتمام المرأة بانوثتها، و انصراف الرجل الى جليل الأعمال في ميادين الحياة الا التباين في الغرائز و التكوين النفسي بين الاثنين.

أما السبب الثاني لأفضلية الرجل فقد بينه سبحانه بقوله: (وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) كما أشرنا، و هو واضح لا إبهام فيه كالسبب الأول، لأن الذي يتحمل مسؤولية الإنفاق على غيره لا بد أن يكون أفضل من الذي لا يطلب منه شي‏ء، حتى الإنفاق على نفسه .. ان هذا حامل، و ذاك محمول.

و تجدر الاشارة الى ان قوله تعالى: (وَ بِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ) يشعر بأن الزوج إذا لم ينفق على زوجته لم يكن قواما عليها، و كان لها، و الحال هذه، ان تطلب من الحاكم الشرعي الطلاق، و على الحاكم أن ينذر الزوج، فان امتنع عن الإنفاق لعجز أو عنادا أمره بالطلاق، فان امتنع طلّقها عنه، لأن الحاكم ولي الممتنع، و على هذا مالك و الشافعي، و جماعة من علماء الشيعة الامامية، منهم السيد صاحب العروة الوثقى و ملحقاتها، و السيد محسن الحكيم، و نحن على هذا الرأي .. و عقدنا لهذه المسألة الهامة فصلا مستقلا في الجزء السادس من كتاب «فقه الإمام جعفر الصادق» بعنوان: طلاق الحاكم لعدم الإنفاق، عرضنا فيه الأقوال و الأدلة بنحو من التفصيل.

(فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ) . الزوجة الصالحة هي الموافقة لزوجها، الحافظة لنفسها حسبما أمر اللّه و أراد، فلا تعصيه في شي‏ء أباحه اللّه له، و لا تعطيه في شي‏ء حرمه اللّه عليه و عليها، قال رسول اللّه (ص):

«خير النساء التي إذا نظرت اليها سرتك، و إذا أمرتها أطاعتك، و إذا غبت عنها حفظتك في نفسها و مالك».

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 317

و الحديث عن الزواج لا ينتهي الى حد، و لا أحد يعرف السر الكامن في قول من قال: لا أتزوج و لو شنقوني، إلا المتزوجون .. ان بعض الزوجات سرطان يقضي على الأرواح ببطء .. و إذا كان الإنسان مخيرا، لا مسيرا فان هذا الإنسان هو الأعزب، أما المتزوج فلا ارادة له، و لا اختيار الا من شذ .. و في بعض الديانات ان اللّه غدا لا يعاقب بالنار، و لا يثيب بالجنة، بل يزوج العاصي عجوزا فانية تؤلمه في خلقها و خلقها، و يزوج المطيع شابة جميلة تسره خلقا و خلقا.

(وَ اللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ وَ اضْرِبُوهُنَّ) .

و المراد بالنشوز في الآية الامتناع عن القيام بحقوق الزوجية .. و قد يكون النشوز من الزوجة فقط، أو من الزوج، أو منهما معا .. و بعد أن أشار سبحانه الى الزوجة الصالحة أشار الى الزوجة الناشزة، و أباح للزوج إذا تمردت عليه زوجته من غير حق ان يعظها، فإن هي قبلت، و الا هجرها في الفراش فان هي قبلت و إلا ضربها ضربا خفيفا للزجر و التأديب، لا للتشفي و الانتقام .. هذا الى ان الأمر بالوعظ، ثم بالهجر، ثم بالضرب هو أمر للاباحة و الترخيص، لا للوجوب و الإلزام، فقد اتفق الفقهاء جميعا على ان ترك الضرب أولى، و ان الذي يصبر على أذى الزوجة و لا يضربها خير و أفضل عند اللّه ممن يضربها، كما اتفقوا على انه كلما حصل الغرض بالطريق الأخف وجب الاكتفاء به، و حرم الأشد.

قال رسول اللّه (ص): «لا يضرب أحدكم امرأته كما يضرب البعير أول النهار ثم يضاجعها آخر النهار .. خيركم خيركم لأهله، و أنا خيركم لأهله».

و من الطريف ان الطبري الذي وصفوه بشيخ المفسرين قال في تفسير قوله تعالى: (وَ اهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ) . انه أمر من اللّه للزوج إذا عصته زوجته ان يربطها بالحبل- كما يربط البعير- في البيت الذي يضاجعها فيه .. و الذي حمله على هذا التفسير ان العرب تسمي الحبل الذي يربطون به البعير هجارا، فإذا كان كذلك يكون معنى اهجروهن اربطوهن بالهجار .. و أبلغ رد لهذا التفسير قول الزمخشري: «و هذا من تفسير الثقلاء».

صفحه بعد