کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 79

به الأود بعد ان انسدت عليه المسالك و المذاهب فهو عند اللّه بري‏ء لا يستحق العذاب و العقاب.

الروح من أمر ربي‏

(وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) للروح معان، و المراد بها هنا الحياة، و قد سئل النبي (ص) عن حقيقتها، فأمره اللّه ان يقول للسائلين: ان الروح من الأشياء التي يوجدها اللّه بأمره، و هو قوله للشي‏ء «كن فيكون» و بتعبير أوضح ان الأشياء على نوعين:

النوع الاول يوجده اللّه عن طريق أسبابه الطبيعية كجسم الإنسان و غيره من الماديات. النوع الثاني يوجده اللّه بمجرد الأمر، و هو كلمة «كن» و الروح من هذا النوع، و الآية صريحة في ذلك، لان كلمة الامر في قوله تعالى: «قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي» اشارة الى الامر الذي في قوله: «إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ» - 82 يس.

و قد أثبتت التجارب هذه الحقيقة، و آمن بها الذين تخصصوا و تفرغوا السنوات الطوال للبحث عن اصل الحياة، آمنوا بهذه الحقيقة بعد ان تبين لهم ان السبب المباشر للحياة لا يمت الى المادة بصلة، و لو كان من نوع المادة لاستطاعوا ان يصنعوا الحياة في مصانعهم و مختبراتهم و قد حاولوا فاخفقوا. (وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) أي مهما أخرجت مصانعكم من عجائب المخترعات فإنها ليست بشي‏ء إذا نسبت الى خلية من خلايا الذبابة فضلا عن الذبابة نفسها «يا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَ لَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَ إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَ الْمَطْلُوبُ» - 72 الحج. و تكلمنا عن ذلك عند تفسير الآية 95 من الانعام ج 3 ص 232.

اللّه و علم الخلايا

و تشاء الصدف ان اقرأ- و انا أفسر هذه الآية- مقالا في مجلة روز اليوسف‏

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 80

المصرية «1» عدد 7 نيسان «ابريل» 1969 جاء فيه:

«يتألف جسم الإنسان من ملايين الخلايا، و لا ترى الخلية لشدة صغرها الا بالميكرسكوب، و منذ أعوام قليلة كان محالا ان ينشأ علم الخلايا لان العلماء لا يستطيعون ان يفتحوا الخلية، او يحقنوها بمادة معينة، لان هذه العملية تحتاج الى جراح، له إصبع تبلغ من الدقة بمقدار جزء من ألف من المليمتر، و ايضا تحتاج حقنة هذه الخلية الى ابرة تبلغ من الدقة بمقدار جزء من مليون من المليمتر ..

و أخيرا اهتدى العلماء الى فتح الخلية عن طريق الضوء تماما كما نفعل عند ما نشعل سيجارة من ضوء الشمس بواسطة زجاجة تجمع الاشعة في نقطة صغيرة تحرق طرف السيجارة، و بهذه الطريقة وحدها أمكن فتح الخلية، و تبين للعلماء انها مجتمع مشحون بعشرات من المخلوقات المختلفة لكل مخلوق منها سمات خاصة؛ و أدوار يقوم بها و علاقات تربطه بغيرها من سكان الخلية، و يحتاج فهم هذه الأدوار و العلاقات الى سنوات من البحث، و ربما الى اجيال .. و هكذا نشأ علم الخلايا، و أصبحنا الآن نعرف ان الخلية لها أعضاء و جسيمات و اغشية و خيوط و غير ذلك مما يحير العقول» «و قد ظهر من خلال الأبحاث أن كرات الدم مجتمع من الخلايا السابحة يبلغ عددها عشرة أضعاف عدد البشر، و هي تؤلف اجيالا تتجدد كل اربعة أشهر، و مع ذلك تحافظ الأجيال على العدد ذاته، بحيث يكون عدد الجيل الآتي بمقدار عدد الجيل الذاهب لا يزيد و لا ينقص، و لا يعاني مجتمع الخلايا ما تعانيه المجتمعات الانسانية من انفجار السكان .. و هنا العجب، و لا عجب أن يتولد من خلايا النخاع العظمي أنواع من كرات الدم مختلفة متفاوتة شكلا و نوعا و وظيفة .. حمراء و بيضاء .. مقاتلة و مسالمة .. فكيف تنشأ أجناس متعددة من جنس واحد؟. كيف يمكن أن تنجب الزرافة جيلا بعضه ثعالب، و بعضه أفيال، و بعضه تماسيح؟. و باختصار شديد أصبحت الخلية الآن نجم البحث العلمي و طريقه الجديد، و ربما الوحيد لفهم اسرار الحياة».

(1). نظمت اوقاتي على هذا النحو: ساعة و نصف قبل الظهر لقراءة الصحف و شراء لوازم البيت، و ساعة نصف من الليل لقراءة الجديد من البحوث العلمية و الاجتماعية، و ما عدا ذلك للتأليف.

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 81

أ رأيت الى هذا الاعجاز؟ .. مخلوق بلغ من الصغر الى حد لا يرى إلا بمكبر يضاعف الحجم الف مرة أو أكثر، و يستحيل فتحه و شقه إلا بمشرط ضوئي أي بأشعة الضوء لأن نسبة الشعرة اليه كنسبة الفيل الى الذرة، و مع ذلك لهذا المخلوق الذي لا تراه العين أعضاء و عروق و أغشية و غيرها تماما كما للإنسان ..

ثم تؤلف افراد هذا المخلوق العجيب مجتمعا يستوطن جسم الإنسان، و هي تعد بالبلايين، و تعيش بمجموعها اربعة أشهر، ثم يأتي بعدها مجتمع عدد افراده بمقدار عدد السابق، لا تزيد واحدا، و لا تنقص واحدا، ثم غيره و غيره و هكذا دواليك .. فهل هذا صدفة؟ .. و هل تتكرر الصدفة ملايين المرات؟ ..

و هل جاءت الأعضاء و الخيوط و الأغشية منظمة منسقة صدفة؟ .. و هل عدم زيادة العدد و نقصانه صدفة؟ .. و هل تولدت الأشياء المتباينة من شي‏ء واحد صدفة؟ .. كل هذه الأسئلة و غيرها كثير تطلب أجوبتها.

ابدا، لا جواب .. لا تفسير إلا بوجود عليم قدير خلق الكون و الحياة بكلمة «كن فيكون» .. و بعد، فكلما خطا العلم خطوة الى الأمام تتابعت الدلائل، و تضافرت الشواهد على وجود من له الخلق و الأمر .. تبارك اللّه رب العالمين الذي قال: و ما أوتيتم من العلم إلا قليلا.

[سورة الإسراء (17): الآيات 86 الى 89]

وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلاً (86) إِلاَّ رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً (87) قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى‏ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88) وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبى‏ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً (89)

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 82

اللغة:

الظهير المعين. و المراد بصرّ فنا هنا بيّنّا أو كررنا. و الكفور الجحود.

الاعراب:

لئن اللام للقسم و ان شرطية. و إلا رحمة (رحمة) مفعول مطلق لفعل محذوف أي إلا أن يرحمك اللّه و قيل: مستثنى منقطع. و لا يأتون مرفوع لأنه جواب القسم و ساد ايضا مسد جواب الشرط في «لئن».

المعنى:

(وَ لَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ) . قال الرازي: لما بين تعالى في الآية السابقة انه ما آتاهم من العلم إلا قليلا بين هنا انه لو شاء ان يأخذ منهم هذا القليل لقدر عليه، و ذلك بأن يمحو حفظه من القلوب، و كتابته من الكتب‏ (ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا) تعتمد عليه في رد ما أخذناه منك‏ (إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) فهو وحده القادر على رد ما يأخذه منك و ارجاعه اليك‏ (إِنَّ فَضْلَهُ كانَ عَلَيْكَ كَبِيراً) يا محمد بما أعطاك من العلم و السيادة على الناس أجمعين.

(قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى‏ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً) . تكلمنا عن ذلك مفصلا في ج 1 ص 66 عند تفسير الآية 23 من البقرة.

(وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) فيما يعود الى العقيدة و الشريعة و الأخلاق، و أقمنا البراهين القاطعة، و الأدلة الواضحة (فَأَبى‏ أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُوراً) و نفورا من الحق لأنه مرّ و ثقيل لا يصبر عليه إلا المتقون.

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 83

[سورة الإسراء (17): الآيات 90 الى 96]

وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً (90) أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً (91) أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلاً (92) أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى‏ فِي السَّماءِ وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلاَّ بَشَراً رَسُولاً (93) وَ ما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى‏ إِلاَّ أَنْ قالُوا أَ بَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً (94)

قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولاً (95) قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (96)

اللغة:

الينبوع عين الماء. و كسفا بكسر الكاف جمع كسفة، و هي القطعة من الشي‏ء. و القبيل المقابل أي تأتي بهم مقابلين لنا وجها لوجه. و الزخرف الذهب أو الزينة. و ترقى تصعد.

الاعراب:

حتى هنا بمعنى إلا، و تفجر منصوب بأن مضمرة بعدها. أو تكون عطف على تفجر. و كسفا حال من السماء. و قبيلا حال من الملائكة. و المصدر من‏

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 84

أن يؤمنوا مجرور بمن محذوفة. و المصدر من أن قالوا فاعل منع. و مطمئنين حال من الملائكة. و مفعول كفى محذوف، و باللّه الباء زائدة اعرابا و شهيدا تمييز.

و التقدير كفاك اللّه من شهيد.

حب الذات‏

كلنا نحب أنفسنا و ذواتنا رجالا و نساء، شيوخا و أطفالا، أتقياء و أشقياء ..

و أي انسان لا يحرص على حياته، و يدافع عن وجوده و كيانه؟. و لو لا هذا الحب لما استمر وجود الحياة، و لا نمت و تقدمت .. ابدا لا فرق في حب الذات بين انسان و انسان، و انما الفرق في نوع هذا الحب:

فمنه القائم على أساس الفطرة و العقل و الوجدان .. و يستدل على وجود هذا الحب المهذب بتعفف الإنسان عن حق غيره، و قناعته بما كتب له من كد اليمين و عرق الجبين، و بالتعاون مع كل من يأمل فيه الخير و النفع للناس بجهة من الجهات، بل و بالإيثار و بالتضحية ايضا لأن من يعطي و يضحي لوجه اللّه و الحق فقد أحب نفسه، و عمل لها من حيث يريد أو لا يريد، لأن اللّه لا يضيع اجر من احسن عملا، و كذلك المجتمع فانه يمجد و يعظم من يضحي من اجله.

و من حب الذات ما يطغى على العقل و الدين و الوجدان .. و يستدل على هذا الحب المفترس بالطمع و الجشع الذي لا يري صاحبه هما غير همه، و لا نفعا غير نفعه و نفع ذويه، و هذا لا يجدي معه أي منطق حتى الحس و المشاهدة و العيان، تماما كما قال تعالى: «لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَ لَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَ لَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ» - 178 ..

الأعراف و هؤلاء موجودون في كل زمان و مكان، و منهم الذين أشار اليهم بقوله:

1- (وَ قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً) . اقترح المترفون من المشركين على رسول اللّه ان يفجر لهم لا لغيرهم- لنا- أنهارا أو عيونا ليزدادوا مكاسبا و أرباحا و تحكما بالمعوزين و المستضعفين، فقد روي أن عتاة قريش و مترفيها قالوا: يا محمد ان ارض مكة ضيقة فأزح جبالها، و فجر لنا عيونا لننتفع بالأرض.

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 85

2- (أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها - أي بينها- تَفْجِيراً) . و إذا لم تفجر الأرض لنا عيونا ففجرها لك- على الأقل- كي تكون كفؤا للمناصب الشريفة العالية، أما و يدك فارغة من المال فعليك أن تسمع لأهل المال و تطيع .. و هكذا ذهب بهم التفكير المالي الى أن المال وحده هو الذي يجعل صاحبه كفؤا لتولي القيادة و السيادة .. و لم يدركوا أن رسالة محمد (ص) هي ثروة الانسانية و حياتها و عظمتها، و ان محمدا رحمة مهداة الى أهل الأرض لينقذهم من الفقر و الجهل، و الظلم و الطغيان .. و انّى لعبدة المال و صرعى المطامع أن يدركوا الرحمة و الحق و الخير؟.

3- (أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلًا) .

اقترحوا عليه أن يفجر الأرض ينبوعا لهم او له، فان لم يكن هذا أو ذاك فليأتهم بالعذاب من السماء أو باللّه و الملائكة يشهدون له بالنبوة و الرسالة .. و هذا ايضا من وحي تفكيرهم في ان المنصب الشريف حق للأغنياء دون الفقراء، و الدليل على هذا التفكير انهم علقوا ايمانهم بمحمد على امر يرونه محالا .. و من الواضح ان التعليق على المحال معناه الإصرار و عدم التنازل عن طلبهم لتفجير الأرض ينبوعا، تماما كما لو قلت: لا افعل هذا حتى يلج الجمل في سم الخياط.

4- (أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ) مبني من الذهب، او مزين و منقوش به .. و هذا ايضا من التفكير المالي‏ (أَوْ تَرْقى‏ فِي السَّماءِ) و هو من التعليق على المحال ايضا بزعمهم، و معناه الإصرار على ان المال هو المبرر الوحيد لتولي المنصب الشريف كما أشرنا.

(وَ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ) . قال بعض المفسرين الجدد، معلقا على هذا بقوله: «و تبدو طفولة الإدراك و التصور كما يبدو التعنت في هذه المقترحات الساذجة». كلا، ليست هذه بطفولة، و لا هي بسذاجة، و انما هي من وحي الترف الفاسد، و الامتيازات الجائرة، و السلب و النهب، و عبادة المال، و لا شي‏ء ادل على ذلك من اقتراحهم و شرطهم لاتباع الرسول ان يكون له من بيت من ذهب .. معبودهم الاول، و مثلهم الأعلى‏ (قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا) يأتمر بأمر من أرسله، و ينتهي بنهيه:

صفحه بعد