کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 165

يجب أن نحاسبها حين توحي إلينا بالغرور و التعاظم قبل أن يحاسبنا اللّه و الناس، و أن لا نتخذ موقفا نتمسك فيه بآرائنا و أقوالنا، فنعتقد انها مقدسة لا يمكن الارتياب فيها بحال .. ان الخطأ جائز على الجميع بل و مكتوب أيضا .. و الغريب ان الأدعياء يسلّمون بهذا المبدأ، و لكنهم ينكرون نتيجته الحتمية.

(أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ) . أولئك اشارة للأخسرين أعمالا، و قرينة السياق تدل على ان المراد بالذين كفروا بآيات ربهم و لقائه هم‏ «الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا» سواء أكفروا بالبعث، أم آمنوا به، فالعبرة عند اللّه بالايمان و العمل معا، لا بمجرد الايمان‏ (فَحَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً» أي قدرا لأنه لا كرامة عند اللّه إلا لمن اتقى.

(ذلِكَ جَزاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِما كَفَرُوا وَ اتَّخَذُوا آياتِي وَ رُسُلِي هُزُواً) . كفرا باللّه، و سخروا من الحق و أهله، و هذا منتهى الفساد و الضلال، و النار هي الغاية لكل ضال فاسد.

[سورة الكهف (18): الآيات 108 الى 111]

خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلاً (108) قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً (109) قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى‏ إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً (110) بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

اللغة:

الفردوس البستان. و الحول التحول. و المراد بالمداد هنا الحبر.

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 166

الإعراب:

خالدين حال. و مددا تمييز.

المعنى:

(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ كانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا) . بعد أن توعد سبحانه الكافرين بجهنم وعد المؤمنين بالجنة، و الفردوس من المنازل العليا في الجنة، قال الرسول الأعظم (ص): إذا سألتم اللّه فاسألوه الفردوس‏ (خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا) . و الحول التحول، و المعنى ان اللّه سبحانه يجزي المؤمنين الصالحين بما لا يرضون عنه بديلا، فهو كاف واف بجميع ما يبتغون، و تومئ الآية الى انه لا طمع في الآخرة، و إلا فإن الطامع لا يقنعه شي‏ء.

(قُلْ لَوْ كانَ الْبَحْرُ مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي وَ لَوْ جِئْنا بِمِثْلِهِ مَدَداً) . البحر اسم جنس يشمل كل البحار، و المداد الحبر، و نفد انقطع و فني، و المراد بقبل أن ينفد ان كلماته تعالى لا تنفد إطلاقا، و جئنا بمثله مددا أي زدنا عليه ما يماثله في الكثرة، و المعنى لو فرض ان البحار بكاملها حبر يكتب به كلمات اللّه لأنتهي الحبر، و بقيت كلماته الى ما لا نهاية، و في معنى الآية قوله تعالى: «وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ» - 27 لقمان.

و ليس المراد بكلمات اللّه هنا الألفاظ المؤلفة من الحروف الهجائية، و لا الأمر الفعلي الذي هو عبارة عن قوله كن فيكون، لأن هذا الأمر واحد لا تعدد فيه:

«وَ ما أَمْرُنا إِلَّا واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ» - 50 القمر، و إنما المراد بكلماته هنا القدرة على إيجاد الكائنات متى شاء، سواء أقال لها كوني بالفعل، أم يقول في المستقبل القريب أو البعيد، و هذه القدرة لا آخر لها و لا نهاية، أما البحار و الأشجار و مثلها معها فهي متناهية، و كل متناه إلى نفاد.

و بكلام آخر ان كل شي‏ء موجود أو سيوجد- ما عدا اللّه- فهو بائد و منقطع، أما قدرته تعالى على إيجاد الأشياء فهي باقية ببقائه .. و نوضح الفكرة بهذا المثال:

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 167

رجل يعرف اصول الزراعة، فمعرفته بهذه الأصول تلازم ذاته، و لا تفارقها، أما زرعه و غرسه فيفنى و يزول، و قدرة اللّه سبحانه لا تشح و لا تنضب لأنها أزلية أبدية، أما خلقه فحادث، و لكل حادث بداية، و لكل بداية نهاية.

(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) لا أمتاز عنكم بشي‏ء إلا انه‏ (يُوحى‏ إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) قال ابن عباس: «علّم اللّه نبيه التواضع بهذه الآية، فأمره ان يقر على نفسه بأنه آدمي كغيره سوى ان اللّه أكرمه بالوحي» و نعطف نحن على قول ابن عباس: و لئلا يقول المسلمون في محمد (ص) ما قاله النصارى في عيسى (ع).

(فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ) و حسابه و ثوابه و عقابه‏ (فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) . و كل من عمل لغير اللّه فقد أشرك بعبادته، سواء أقال بتعدد الآلهة، أم لم يقل، و الفرق ان القول شرك علني، و الرياء شرك خفي، و في الحديث: «من صلى رياء فقد أشرك، و من صام رياء فقد أشرك» و على هذه الصلاة، و هذا الصيام فقس ما سواهما.

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 168

سورة مريم‏

مكية، و آياتها 98.

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[سورة مريم (19): الآيات 1 الى 6]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نادى‏ رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا (3) قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4)

وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6)

اللغة:

الوهن الضعف. و اشتعل الرأس شيبا استعارة من اشتعال النار للشيب. و المراد بالشقي هنا الخائب أي ما خيبتني من قبل في دعائي إياك. و الموالي أقارب الرجل من جهة الأب. و من ورائي من بعدي. و وليا أي وارثا. و رضيا مرضيا عندك.

الإعراب:

ذكر خبر لمبتدأ محذوف أي هذا ذكر. و عبده مفعول لرحمة لأن المعنى ان‏

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 169

ربك رحم عبده أو مفعول لفعل محذوف أي أعني عبده. و زكريا بدل من عبده.

و شيبا تمييز محول عن فاعل، لأن المعنى اشتعل شيب الرأس.

المعنى:

(كهيعص) تقدم نظيره مع التفسير في أول سورة البقرة (ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا) . في هذه الآيات يقص سبحانه على نبيه محمد (ص): كيف رحم عبده و نبيه زكريا، و أنعم عليه بولده يحيى .. و زكريا من نسل سليمان ابن داود، و كان متزوجا بخالة مريم، و كان كافلا لها، و تقدمت الاشارة الى ذلك عند تفسير الآية 38 من سورة آل عمران ج 2 ص 53. و قيل ان زكريا كان نجارا (إِذْ نادى‏ رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا) . دعا اللّه بينه و بينه:

و (قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) . تقدم السن بزكريا دون أن يرزق ولدا، و لذا تضرع الى اللّه شاكيا ضعفه و شيخوخته، و قال فيما قال: «رَبِّ لا تَذَرْنِي فَرْداً وَ أَنْتَ خَيْرُ الْوارِثِينَ» - 89 الأنبياء». أدعوك يا إلهي، و أنا غير يائس من فضلك و رحمتك:

كيف؟ و لم تخيب من قبل رجائي فيك، و حاشاك ان توجهني في حاجتي الى سواك.

(وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا) . زكريا شيخ كبير، و امرأته عجوز عقيم، فخاف ان جاء أجله ان يرثه بنو عمومته، و هم من بني إسرائيل، و قيل: انهم كانوا من شرار الناس .. و ليس هذا ببعيد على إسرائيل ..

فإذا ورثوه أساءوا الى الناس، و أفسدوا عليهم دينهم و دنياهم، و رغم شيخوخة زكريا و عقم زوجته فإنه كان عظيم الثقة بخالقه، و لذا دعاه أن يجبر كسره، و يقضي حاجته.

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 170

[سورة مريم (19): الآيات 7 الى 11]

يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى‏ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا (7) قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا (8) قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً (9) قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلاَّ تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا (10) فَخَرَجَ عَلى‏ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى‏ إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا (11)

اللغة:

عتيا أي بلغ من الكبر الى حال يبست معها مفاصله و عظامه. و الآية العلامة.

و سويا صحيحا سليما من كل آفة. و المحراب المصلّى.

الإعراب:

اسمه يحيى مبتدأ و خبر، و الجملة صفة لغلام. و انّى خبر مقدم ليكون. و سويا حال من ضمير تكلم. و ان سبحوا (ان) مفسرة بمعنى أي.

المغني:

(يا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى‏ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا) . استجاب اللّه دعاء زكريا، و بشره بأنه سيولد له ذكر، و ان اللّه سبحانه سماه بحبي،

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 171

و هو في صلب أبيه، و ما سمي أحد من قبله بهذا الاسم. و قيل: ان يحيى هو يوحنا المعروف بالمعداني عند المسيحيين.

(قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ كانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا) . ليس هذا استبعادا، بل تعظيما و شكرا لأنعم اللّه و قدرته التي تخطت السنن و العادات، فهو شيخ كبير، و زوجته عجوز عقيم، و مع هذا قد منّ اللّه بالعطاء، و أنعم بالولد.

(قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَ قَدْ خَلَقْتُكَ مِنْ قَبْلُ وَ لَمْ تَكُ شَيْئاً) .

قائل القولين واحد، و هو اللّه أي ان اللّه قال لزكريا: قال ربك الخ، و قد جرى كثير من المؤلفين المسلمين على ذلك، فيقول أحدهم: «قال محمد هو ابن مالك» يعني نفسه، و مثله قول الطبري عن نفسه: قال ابو جعفر محمد بن جرير الطبري .. و لا شي‏ء صعب على اللّه، فالأشياء لديه سواء لا يحتاج وجودها إلا الى كلمة «كن».

(قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا فَخَرَجَ عَلى‏ قَوْمِهِ مِنَ الْمِحْرابِ فَأَوْحى‏ إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا) . المراد بأوحى اليهم أومأ اليهم بيده أو كتب. لأنه ممنوع عن الكلام. و تقدم التفصيل عند تفسير الآية 41 من سورة آل عمران ج 2 ص 54.

[سورة مريم (19): الآيات 12 الى 15]

صفحه بعد