کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 92

فرعون و قومه و يؤمنوا، او جزاء على عنادهم و عتوهم، و هي الآيات التسع المشار اليها في الآية، و أظهرها انقلاب العصا حية، و اليد البيضاء، ثم إغراق الكافرين بالبحر، أما الست الباقية فقد اشارت الى خمس منها هذه الآية:

«فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَ الْجَرادَ وَ الْقُمَّلَ وَ الضَّفادِعَ وَ الدَّمَ» - 133 الأعراف ج 3 ص 185. و السادسة الطمس على الأموال: «رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى‏ أَمْوالِهِمْ» الى قوله‏ «قالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُما» - 88 يونس ج 4 ص 186».

(فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ) الخطاب لمحمد (ص)، و المراد ببني إسرائيل من آمن به منهم كعبد اللّه بن سلام و أصحابه، و الغرض من السؤال و الجواب ان يظهر اليهود و غير اليهود صدق الرسول الكريم في كل ما جاء به من عند اللّه‏ (إِذْ جاءَهُمْ) الضمير في جاء يعود الى موسى، و ضمير (هم) يعود الى بني إسرائيل لان اللّه أرسل موسى (ع) لأمور، منها ان يحرر بني إسرائيل من ظلم فرعون الذي كان يسومهم سوء العذاب .. و طلب موسى من فرعون ان يؤمن باللّه، و يرسل معه بني إسرائيل‏ (فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى‏ مَسْحُوراً) اي ساحرا بدليل الآية 109 من الاعراف: «قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ» .

قالوا هذا بعد أن شاهدوا العصا تتحول الى ثعبان مبين، و اليد السمراء الى بيضاء من غير سوء.

(قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ وَ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً) . هؤلاء اشارة الى الآيات التسع، و معنى بصائر دلائل تبصّرك و تعرف بصدقي و نبوتي .. لما قال فرعون لموسى: أظنك ساحرا أجابه موسى انت تعلم علم اليقين صحة الآيات و المعجزات التي أتيت بها، و انها دلائل من اللّه واضحة، و براهين ظاهرة تبصّرك انت و جميع الناس باني رسول من عند اللّه، و لكنك تعاند و تكابر حرصا على عرشك و منصبك .. و إذا ظننتني ساحرا يا فرعون فاني أظنك هالكا جزاء تكذيبك للحق الصريح، و من يعش ير .. و كل من عاند الحق و استثقل ان يقال له فهو من حزب فرعون و على ملته.

(فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ) . الضمير المستتر في أراد يعود الى فرعون، و ضمير الجمع في يستفزهم يعود الى موسى و قومه، و المعنى ان فرعون أراد ان يخلي ارض مصر من بني إسرائيل بالقتل و الأسر و التشريد، فدارت عليه دائرة

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 93

السوء كما تدور على كل طاغية (فَأَغْرَقْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ جَمِيعاً) . أغرقهم اللّه بعد ان اعذر اليهم بحجج واضحة، و دلائل ظاهرة، فأبوا الا تماديا في الكفر و الطغيان.

(وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ‏ - اي بعد فرعون- لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ) . لقد اتسعت الأرض لبني إسرائيل بعد ان اتسع لهم الا من بهلاك فرعون .. و خيّرهم اللّه في ان يقيموا اين شاءوا من الأرض .. و كان المفروض ان يشكروا اللّه على هذه النعمة .. و لكنهم طغوا و بغوا، فعبدوا العجل من دون اللّه، و قالوا:

يد اللّه مغلولة، و هو الفقير، و هم الأغنياء، و قتلوا الأنبياء، و أكلوا السحت و الربا، و حرفوا التوراة، و حاولوا قتل السيد المسيح (ع)، و رموا امه بالفجور .. الى غير ذلك من المفاسد التي سجلها اللّه في التوراة و الإنجيل و القرآن، و سجلها الناس في كتب التاريخ القديم و الحديث .. و كفى بالصهيونية شاهدا على حقيقة هذه الفئة الباغية؛ و انها شر و وبال على الانسانية كلها.

(فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً) . الخطاب لبني إسرائيل، و الآخرة يوم القيامة، و لفيفا مجتمعين مختلفين، و القصد هو الانذار و الوعيد على ما سيكون من بني إسرائيل من اثارة الفتن و الإفساد في الأرض .. هذا هو الظاهر من لفظ الآية. و لو جاز تفسير القرآن بالرأي لقلنا: ان كلمة لفيف تشير في الآية الى تجمع اليهود و الصهاينة في ارض فلسطين من هنا و هناك، و ان اللّه سبحانه سيسلط عليهم اولي بأس شديد يسوءوا وجوههم، و كان وعدا مفعولا .. و الحق ما قلناه عند تفسير الآية 4 و ما بعدها من هذه السورة فراجع.

[سورة الإسراء (17): الآيات 105 الى 111]

وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَ نَذِيراً (105) وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى‏ مُكْثٍ وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً (106) قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى‏ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً (107) وَ يَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولاً (108) وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً (109)

قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَ لا تُخافِتْ بِها وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلاً (110) وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً (111)

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 94

اللغة:

فرقناه أي ما أنزلناه دفعة واحدة، بل آية آية و سورة سورة، و يدل على ذلك قوله تعالى: «لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى‏ مُكْثٍ» أي تمهل و تأن. و يخرون يسقطون، و الأذقان جمع ذقن.

الاعراب:

قرآنا مفعول لفعل محذوف أي و فرقناه قرآنا فرقناه، و عليه تكون جملة فرقناه مفسرة لا محل لها من الاعراب. و على مكث متعلق بمحذوف حال أي لتقرأه على الناس متمهلا شيئا بعد شي‏ء. و اللام في للأذقان بمعنى على. و سجدا مصدر في موضع الحال ساجدين. و ان كان (ان) مخففة، و اسمها ضمير الشأن محذوف أي انه. و أياما مؤلفة من كلمتين أولاهما أي و هي مفعول تدعوا و تدعوا مجزوم بها، و (ما) الزائدة اعرابا.

المعنى:

(وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ) . للمفسرين اقوال في بيان الفرق بين هاتين‏

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 95

الجملتين، و أرجحها ما قاله الطبرسي و الرازي، و يتلخص- مع شي‏ء من التصرف بقصد التوضيح- بان المراد من قوله: (وَ بِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ) ان القرآن متضمن للحق، و المراد من‏ (وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ) ان اللّه أراد من نزول القرآن أن يؤمن و يعمل به الناس، و قد حصل ذلك و وقع، حيث آمن به المسلمون، و عمل به المخلصون منهم.

و نحن مع الرازي و الطبرسي في تفسير الجملة الأولى، أما الجملة الثانية فالذي نراه في تفسيرها ان كل ما كان عليه الناس قبل انزال القرآن، و ما يكونون عليه بعد انزاله فان القرآن يقرهم عليه إذا كان حقا و خيرا و صلاحا، و بكلام آخر: ان اللّه سبحانه بعد ان قال في الجملة الأولى: نزل القرآن بالحق و الخير و الصلاح قال في الجملة الثانية: و يقر القرآن ايضا كل ما هو حق و خير و صلاح من أي كان و يكون تقدم على نزول القرآن أو تأخر عنه. و في هذا المعنى قوله تعالى: «وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ» - 17 الرعد. و قوله:

«يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» - 185 البقرة. و قال الامام جعفر الصادق (ع): كل ما فيه صلاح للناس بجهة من الجهات فهو جائز.

(وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَ نَذِيراً) . تبشر بالجنة من أطاع، و تنذر بالنار من عصى، و من شاء بعد ذلك فليؤمن، و من شاء فليكفر: «إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ» - 117 الأنعام.

هل نزل القرآن نجوما؟.

(وَ قُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى‏ مُكْثٍ وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا) لم ينزل القرآن على محمد (ص) جملة واحدة، بل نزل نجوما يتابع أحيانا، و يبطئ أحيانا اخرى حسب المصالح و الوقائع التي تحدث آنا بعد آن، أما قوله تعالى: «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ» فمعناه ان ابتداء النزول كان في هذه الليلة، ثم استمر الى وفاة الرسول الأعظم (ص) .. و كان بين أول نزوله و آخره ثلاثة و عشرون عاما، و قد بين سبحانه الغاية من ذلك بقوله: «لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى‏ مُكْثٍ»

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 96

أي على تمهل آية آية، ليسهل فهمه و حفظه .. و هذه الآية دليل واضح على خطأ من قال: نزل القرآن على محمد جملة واحدة، و بلغه هو على دفعات، و قد رد سبحانه على من قال هذا بقوله: «وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ» - 32 الفرقان أي لنقوي قلبك على ادراك معاني القرآن و اسراره .. هذا بالاضافة الى كثير من الآيات التي حكت قصة الحوادث المتجددة أو بينت أحكامها كقصة بدر و أحد و الأحزاب و حنين، و قصة نصارى نجران، و يهود المدينة، و كحادثة ازواج النبي، و المرأة التي جادلته في زوجها الى غير ذلك.

و قال الشيخ المفيد: نزل القرآن على الأسباب الحادثة حالا بعد حال، و يدل على ذلك ظاهر القرآن، و التواتر من الأخبار، و اجماع العلماء.

(وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا) . في كتب اللغة تنزل أي نزل على مهل، و عليه تكون هذه الجملة تفسيرا و بيانا لما قبلها.

(قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى‏ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً وَ يَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا لَمَفْعُولًا وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ خُشُوعاً) . الضمير في (به) للقرآن، و الخطاب في آمنوا او لا تؤمنوا للمشركين الذين قالوا لمحمد (ص): لن نؤمن لك حتى تفجر الخ .. اقرأ الآية 90 و ما بعدها من هذه السورة، و الضمير في قبله للقرآن، و يخرون للأذقان أي يسجدون على وجوههم، و ذكر السجود مرتين لأن الأول كان تعظيما للّه، و الثاني لتأثير القرآن في نفوسهم، أما الذين أوتوا العلم من قبل القرآن فالمراد بهم المنصفون من اهل الكتاب الذين آمنوا بمحمد (ص)، و اصحاب الفطرة الصافية من غيرهم كالحنفاء الذين نشير الى بعضهم في الفقرة التالية:

الحنفاء

الحنفاء جمع الحنيف، و هو الذي ترك الباطل، و اتبع الحق، و الحنيفية

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 97

الطريقة المستقيمة، و كان في الجاهلية افراد تمردوا على عصرهم و بيئتهم، و أدركوا بفطرتهم الصافية أن لهذا الكون خالقا قديرا واحدا، و ان بعد الموت بعثا و حسابا و ثوابا و عقابا، و ان عبادة الأصنام جهالة و ضلالة، و من اشعار بعضهم كما في الجزء الثالث من الأغاني، و الأول من سيرة ابن هشام طبعة سنة 1936.

أ ربا واحدا أم الف رب‏

أدين إذا تقسمت الأمور

و لكن اعبد الرحمن ربي‏

ليغفر ذنبي الرب الغفور

ترى الأبرار دارهم جنان‏

و للكفار حامية سعير

قال ابن هشام في الجزء الأول من السيرة النبوية: اجتمعت قريش في عيد لهم عند صنم كانوا يعظمونه، فاعتزل منهم اربعة، و هم ورقة بن نوفل، و عبد اللّه بن جحش، و عثمان بن الحويرث، و زيد بن عمرو، و قال بعضهم لبعض: و اللّه ما قومكم على شي‏ء، لقد أخطئوا دين أبيهم ابراهيم؟. ما حجر نطيف به، لا يسمع و لا يبصر، و لا يضر و لا ينفع؟.

أما زيد بن عمرو فلم يدخل في يهودية و لا نصرانية، فارق دين قومه معتزلا الأوثان و الميتة و الدم و الذبائح التي تذبح على الأوثان، و نهى عن قتل الموءودة، و كان يقول لأبيها: لا تقتلها، انا أكفيك مئونتها، و كان يجاهر قومه بعيب ما هم عليه، و يقول: انا اعبد رب ابراهيم .. يا قوم ما أصبح منكم احد على دين ابراهيم غيري .. اللهم لو اني اعلم اي الوجوه أحب اليك لعبدتك به، و لكني لا اعلمه، ثم يسجد على راحته.

و مضى زيد يسفه قريشا و ما يعبدون، و لما أيقنوا بخطره طلبوا من عمه الخطاب أبي عمر بن الخطاب ان يمنعه و يردعه ففعل، و لكن زيدا ظل على دعوته، فآذاه عمه و اغرى به سفهاء قريش و شبابها، من بينهم ابنه عمر، و قال لهم: اطردوه، و لا تتركوه يدخل مكة، فخرج منها هائما في الأرض يطلب دين ابراهيم (ع)، و ما برح طريدا شريدا ينتقل من بلد الى بلد، حتى اعترضته جماعة من لخم فقتلوه .. فابتهجت قريش لقتله، اما صديقه ورقة ابن نوفل فذرف عليه الدموع، و رثاه بأبيات، منها:

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 98

رشدت و أنعمت ابن عمرو و انما

تجنبت تنورا من النار حاميا

بدينك ربا ليس رب كمثله‏

و تركك أوثان الطواغي كما هيا

و قد تدرك الإنسان رحمة ربه‏

و لو كان تحت الأرض سبعين واديا

قتل زيد قبل ان يبعث رسول اللّه (ص)، و لكن ابنه آمن بالرسول الأعظم (ص)، و سأل هو و ابن عمه عمر بن الخطاب الذي كان يؤذي عمه من قبل، سألا رسول اللّه: أ نستغفر لزيد؟. قال: نعم، انه يبعث أمة واحدة.

و أما عبد اللّه بن جحش فبقي حتى بعثة الرسول (ص)، و اسلم و هاجر هو و زوجته ام حبيبة بنت أبي سفيان الى الحبشة، و مات فيها بعد ان ارتد الى النصرانية .. و تزوج النبي (ص) بعده ام حبيبة.

و أما عثمان بن الحويرث فقدم على قيصر ملك الروم و تنصر، و كان يقال له البطريق، و مات بالشام، سمه احد ملوك الغساسنة، و لا عقب له.

أما ورقة فعاش في مكة كالرهبان ينهى قومه عن عبادة الأوثان، و هو ابن عم خديجة زوجة الرسول (ص)، و حين نزل الوحي على زوجها انطلقت به الى ابن عمها ورقة، فقال له: يا ابن اخي ما ذا ترى؟. و لما أخبره رسول اللّه قال له ورقة: هذا هو الناموس الذي نزل على موسى، يا ليتني فيها جذعا- شاب- ليتني أكون حيا إذ يخرجك قومك. فقال الرسول (ص): او مخرجي هم؟. قال: نعم، لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي، و ان يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا.

لقد نطق ورقة بوحي من فطرته الصافية، فطرة اللّه التي فطر الناس عليها ..

و كل انسان يرجع الى فطرته هذه يؤمن بمحمد (ص) و ينصره نصرا مؤزرا إذ «لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ» - 30 الروم لأن الأهواء تختم على فطرتهم و تنحرف بها عن طريقها القويم.

صفحه بعد