کتابخانه تفاسیر
تفسير الكاشف
الجزء الأول
سورة البقرة
الجزء الثاني
سورة آل عمران
الجزء الثالث
الجزء الرابع
الجزء الخامس
الجزء السادس
الجزء السابع
تفسير الكاشف، ج4، ص: 207
الجزء الثّاني عشر
تفسير الكاشف، ج4، ص: 209
[سورة هود (11): الآيات 6 الى 8]
اللغة:
الدابة لغة لكل حي يدب على الأرض، و عرفا لما يركب كالخيل و البغال و الحمير. و مستقر الشيء موضع قراره، و مستودعه .. الموضع الذي كان فيه قبل استقراره من صلب أو رحم أو بيضة. و الأمة تطلق على الجماعة و على المدة من الزمن، و هي المرادة هنا. و حاق بهم أي نزل و أحاط.
الإعراب:
و ما من دابة: (من) زائدة اعرابا، و دابة مبتدأ، و رزقها مبتدأ ثان و على اللّه خبره، و الجملة خبر الأول، و في الأرض متعلق بمحذوف صفة لدابة. و المصدر المنسبك من ليبلوكم متعلق بخلق السموات. و يوم يأتيهم ليس مصروفا، يوم متعلق بمصروف، و جملة يأتيهم مجرور بإضافة يوم، و اسم ليس مستتر يعود إلى العذاب، و مصروفا خبرها.
تفسير الكاشف، ج4، ص: 210
المعنى:
(وَ ما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها) . خلق سبحانه الأرض، و أودع فيها ما يحتاجه كل حي يدب عليها من الذرّة و البعوضة إلى الفيل و الإنسان، و ايضا أودع في كل من دبّ القدرة على السعي لتحصيل رزقه من الأرض، و على هذا يكون معنى الآية ان اللّه قد جعل لكل حي رزقا مدخورا في الأرض، و ليس معناها ان اللّه قدّر لكل حي رزقه الخاص به الذي لا يزيد بالسعي، و لا ينقص بتركه، كما توهم البعض، قال صاحب «تفسير المنار»: «لقد زعم بعض العباد و الشعراء ان الكسب و عدمه سواء، كقول بعض الجاهلين المتواكلين غير المتوكلين:
جرى قلم القضاء بما يكون
فسيان التحرك و السكون
جنون منك ان تسعى لرزق
و يرزق في غشاوته الجنين
ان هذا الشاعر «أحق بالجنون ممن يسعى لرزقه». و تراجع فقرة: «اللّه أصلح الأرض و الإنسان أفسدها» ج 3 من هذا التفسير ص 340، و فقرة:
«هل الرزق صدفة أو قدر ص 131»، و فقرة: «الرزق و فساد الأوضاع ص 94».
(وَ يَعْلَمُ مُسْتَقَرَّها وَ مُسْتَوْدَعَها كُلٌّ فِي كِتابٍ مُبِينٍ) . المستودع المكان الذي كانت فيه قبل ان تدب على الأرض، و المستقر الذي قرت فيه بعد الدبيب، و الكتاب المبين كناية عن ان اللّه قد أحاط بكل شيء علما، و المعنى ان اللّه يوجد أسباب العيش و الحياة لكل دابة، حيث كانت و تكون لأنه قادر على كل شيء، عالم بكل شيء.
(وَ هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) . تقدم مثله مع التفسير في سورة الأعراف الآية 54 ج 3 ص 338.
(وَ كانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ) المراد بعرش اللّه ملكه و استيلاؤه، و الماء معروف، و تدل الآية على ان الماء كان موجودا قبل خلق السموات و الأرض، أما من أين
تفسير الكاشف، ج4، ص: 211
جاء؟ و هل كان قائما على قرار؟ فلا نص على شيء من ذلك في آية، أو رواية متواترة، و العقل وحده لا يملك العلم به، لذا نترك البحث عنه، و كل ما قرأنا في هذا الباب لا يعدو الحدس و التخمين، أما المادة الأولى التي وجد منها الكون فلا تفسير لها عندنا إلا قوله تعالى: كوني فكانت، و من أنكر هذا علينا تلونا قوله سبحانه: «لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ» .
(لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا) أي ان اللّه أودع فينا و في الأرض ما أودع من الطاقات ليميز بين الذين يعيشون بكدّ اليمين، و الذين يعيشون على حساب المستضعفين، فيعاقب هؤلاء على عصيانهم و يثيب أولئك على طاعتهم.
(وَ لَئِنْ قُلْتَ إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) . هذه الآيات كغيرها من الآيات الكثيرة التي أخبرت عن المكذبين بالبعث، مع فارق واحد، و هو الاخبار عنهم هنا بأنهم شبهوا الحديث عن البعث بالسحر في التمويه على الناس و خداعهم، لينقادوا الى طاعة النبي، و يضمن لنفسه الرئاسة عليهم.
(وَ لَئِنْ أَخَّرْنا عَنْهُمُ الْعَذابَ إِلى أُمَّةٍ مَعْدُودَةٍ - أي مدة مقدرة- لَيَقُولُنَّ ما يَحْبِسُهُ) ؟ و ما الذي منع من وقوع العذاب علينا الآن ان كان حقا (أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ) - العذاب- (لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ) لأن بأسه تعالى لا يرد عن القوم المجرمين (وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أي ينزل بهم العذاب جزاء استخفافهم به، و عدم خوفهم من اللّه و غضبه .. و أشد الذنوب ما استخف به صاحبه، كما قال الامام علي (ع). و من أقواله: ان احسن الناس ظنا باللّه أشدهم خوفا منه.
[سورة هود (11): الآيات 9 الى 11]
تفسير الكاشف، ج4، ص: 212
اللغة:
ذاق الشيء اختبر طعمه، و أذاقه جعله يذوقه، و المراد بالاذاقة هنا الإعطاء.
و نزع الشيء من مكانه قلعه. و يئوس مبالغة في اليائس. و قال الطبرسي: النعماء النعمة تظهر على صاحبها، و الضراء المضرة كذلك أخرجتا مخرج الأحوال الظاهرة مثل حمراء.
الإعراب:
و لئن أذقنا اللام جواب قسم محذوف. و جملة انه ليؤوس سادة مسد جواب القسم و الشرط المستفاد من (ان). و الا الذين صبروا في محل نصب على الاستثناء المتصل من الإنسان.
المعنى: