کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 96

و المعنى ان اللّه وعدكم مغانم تقدرون الآن على أخذها، و أيضا وعدكم مغانم أخرى تعجزون الآن عن أخذها، و لكن اللّه تعالى قد حفظها لكم، و لا بد أن تأخذوها في المستقبل القريب أو البعيد (وَ كانَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيراً) فلا يعجز أن يهبكم من الغنائم فوق ما تتصورون و أكثر مما تأملون‏ (وَ لَوْ قاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَ لا نَصِيراً) . كأنّ سائلا يسأل: من أين و كيف يغنم المسلمون أموال الكافرين، هم أقوياء في عدتهم و عددهم، و يستميتون في الدفاع عن أنفسهم؟ فأجاب سبحانه بأن اللّه مع المؤمنين ينصرهم و يدافع عنهم، و اللّه غالب على أمره. أما الكافرون فلا ملجأ لهم إلا السيف أو الفرار.

(سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) . من سنن اللّه تعالى فيمن مضى من أنبيائه الى خاتمهم محمد (ص) أن تكون لهم الغلبة على أعدائهم.

و إذا سأل سائل ان هذا لا يتفق مع الآيات التي نصت بوضوح على أن اليهود كانوا يقتلون الأنبياء بغير حق- أحلناه الى الجواب المفصل في ج 5 ص 331 و ما بعدها.

(وَ هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَ كانَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) . ضمير هو يعود اليه تعالى، و ضمير أيديهم الى مشركي قريش. و قيل: ان المراد ببطن مكة الحديبية لأنها قريبة من مكة، و قال آخرون: ان المراد داخل مكة .. و هذا هو المعنى المتبادر الى الافهام من كلمة «بطن» و عليه يكون المعنى انكم أيها المسلمون دخلتم مكة من كل أقطارها ظافرين منتصرين، و خضعت لكم من غير حرب، و هي عاصمة الشرك و معقل المشركين ... و هذا من فضل اللّه و نعمه الكبرى عليكم، لأنه هو الذي منعهم من قتالكم بإلقاء الرعب في قلوبهم، و منعكم من قتالهم بالنهي عنه. و تجدر الاشارة الى أن صلح الحديبية كان في سنة ست، و عمرة القضاء في سنة سبع، و فتح مكة في سنة ثمان.

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 97

[سورة الفتح (48): الآيات 25 الى 26]

هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَ لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً (25) إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى‏ وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيماً (26)

اللغة:

الهدي ما يهدى الى بيت اللّه من الانعام. و المعكوف المحبوس. و المراد بتطؤوهم هنا تقتلوهم. و المراد بالمعرة هنا المساءة و المشقة. و تزيلوا تميزوا. و الحمية الانفة.

الإعراب:

الهدي عطف على مفعول صدوكم أي و صدوا الهدي. و معكوفا حال من الهدي. و المصدر من أن يبلغ مجرور بمن محذوفة أو منصوب بنزع الخافض.

و المصدر من أن تطؤوهم بدل اشتمال من مفعول لم تعلموهم أي لم تعلموا وطأهم مثل: أعجبني زيد علمه، أي أعجبني علم زيد. و حمية الجاهلية بدل من الحمية و أهلها عطف تفسير على أحق بها.

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 98

المعنى:

(هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ) .

قلنا عند تفسير الآية 10 من هذه السورة: ان المشركين منعوا الرسول (ص) و الصحابة من زيارة المسجد الحرام سنة ست للهجرة، و كان معهم سبعون ناقة- على ما قيل- ساقوها للنحر بمكة و هي التي عناها سبحانه بقوله: «وَ الْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ» و معكوفا أي محبوسا للنحر، و محله أي محل نحره و هو مكة. و أيضا قلنا عند تفسير الآية 24: ان المسلمين فتحوا مكة من غير قتال سنة ثمان، لأن اللّه ألقى الرعب من المسلمين في قلوب المشركين ... و الآية التي نحن بصددها تشير الى هذا المعنى و تؤكد ان أهل مكة لم يسكتوا و يكفوا عن قتال النبي و الصحابة حين دخلوا مكة- إلا خوفا من المسلمين، و الدليل على ذلك- كما صرحت الآية- ان هؤلاء المكيين هم الكافرون الذين منعوا المسلمين من زيارة المسجد الحرام و من وصول الهدي الى مكة لينحر فيها. و يأكل منه البائس الفقير.

ثم أشار سبحانه الى بعض فوائد السلم و الكف عن القتال في فتح مكة، بقوله:

1- (وَ لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَؤُهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ) . حين دخل النبي (ص) مكة فاتحا كان فيها جماعة من المسلمين نساء و رجالا و لكنهم كانوا غير معروفين و لا متميزين عن المشركين لأنهم كتموا ايمانهم خوفا من أعداء الإسلام، و لو دارت رحى الحرب لأصاب ضررها المسلم و الكافر ... فربما قتل المسلم أخاه المسلم الذي يكتم إيمانه، و هو يظن انه يقتل كافرا، و في ذلك ما فيه من المشقة على المسلمين بما يلزمهم من الكفارة ودية قتل الخطأ، بالاضافة الى ان أعداء الدين يتخذون منه وسيلة للطعن و التشهير بأن المسلمين يقتل بعضهم بعضا.

2- (لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ) . المراد بالرحمة هنا الإسلام، و المعنى ان اللّه سبحانه كف الأيدي عن القتال في فتح مكة لأنه يعلم ان بعض أهلها المشركين سيهتدون و يسلمون، و هذا ما حدث بالفعل‏ (لَوْ تَزَيَّلُوا لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً) . أي لو تميز كل فريق عن الآخر، و عرف المسلم من الكافر لأذن اللّه للمسلمين بقتال الكافرين، و أنزل بهم أشد العذاب.

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 99

(إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) . يشير سبحانه بالذين كفروا الى عتاة الشرك الذين منعوا النبي سنة ست للهجرة من زيارة المسجد الحرام، لا لشي‏ء إلا لأن قلوبهم مفعمة بالتعصب و أنفة الكبرياء ... و هذا وحده يستوجب الإذن بقتالهم و قتلهم، و لكن اللّه سبحانه كف أيدي المسلمين عنهم حرصا على حياة من كتم إيمانه و من سيدخل في الإسلام منهم بعد فتح مكة.

(فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى‏ رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى‏ وَ كانُوا أَحَقَّ بِها وَ أَهْلَها) . المراد بالسكينة هنا الرضا و الصبر الجميل، و بألزمهم أوجب على المؤمنين، أما كلمة التقوى فقيل: ان المراد بها قول لا إله إلا اللّه ...

و الأرجح ان المراد بها العمل بالتقوى، و المعنى ان النبي (ص) قبل صلح الحديبية على الرغم من كبرياء المشركين و عتوهم، و كره هذا الصلح بعض الصحابة و أصروا على القتال، و لكن اللّه سبحانه ألهمهم الصبر الجميل على غطرسة المشركين، و أمرهم أن يقبلوا الصلح و يرضوا به فسمعوا و عملوا بما يوجبه الايمان و التقوى، و لا بدع فإنهم أهلها و أولى الناس بالعمل بها، فلقد جاهدوا و ضحّوا بالكثير في سبيل اللّه، و صبروا صبر الأحرار و الأبرار (وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيماً) . يعلم المتقين و المجرمين، و يجزي كلا بما كسبوا و هم لا يظلمون.

[سورة الفتح (48): الآيات 27 الى 29]

لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً (27) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً (28) مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى‏ عَلى‏ سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَ أَجْراً عَظِيماً (29)

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 100

اللغة:

الرؤيا ما يرى في المنام و الجمع الرؤى. و سيماهم علامتهم. و مثلهم وصفهم.

و شطأ الزرع ما يتفرع عليه من أغصان و ورق و ثمر، و الجمع أشطاء. فاستغلظ صار غليظا. و استوى استقام. و على سوقه على أصوله.

الإعراب:

قال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط: صدق يتعدى الى مفعولين، تقول صدقت زيدا الحديث، و قد يتعدى الى الثاني بحرف جر فتقول: صدقته في الحديث. لتدخلن اللام واقعة في جواب قسم محذوف. و آمنين حال مقارنة.

و محلقين و مقصرين حال مقدرة أي الحلق و التقصير يقعان بعد الدخول. و محمد مبتدأ و رسول اللّه صفة و الذين معه عطف على محمد و أشداء خبر و رحماء خبر ثان.

و ركعا سجدا حال أي راكعين ساجدين لأن ترى هنا بصرية تتعدى الى مفعول واحد. و سيماهم في وجوههم مبتدأ و خبر، و من أثر السجود حال. و ذلك مثلهم مبتدأ و خبر، و في التوراة حال. و كزرع متعلق بمحذوف خبرا لمبتدأ محذوف أي هم كائنون كزرع. و ضمير آزره يعود الى الزرع. و جملة يعجب حال.

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 101

المعنى:

(لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ وَ مُقَصِّرِينَ لا تَخافُونَ) . يدل ظاهر الآية و الحديث المتواتر ان رسول اللّه (ص) رأى في منامه انه هو و أصحابه قد دخلوا مكة آمنين، و طافوا بالبيت العتيق كما يشاءون، و قد حلق البعض رؤوسهم، و قصر آخرون، فأخبر النبي أصحابه بما رأى، ففرحوا و استبشروا و ظنوا انهم داخلو مكة في العام الذي كانت فيه الرؤيا، و سار النبي (ص) بهم متجها الى مكة، و لما بلغوا الحديبية صدهم المشركون، و عاد المسلمون الى المدينة كما أسلفنا ... و هنا وجد المنافقون منفذا للطعن و قالوا: ما حلقنا و لا قصرنا و لا رأينا المسجد الحرام، فأين تأويل الرؤيا؟. و ذهلوا أو تجاهلوا ان النبي (ص) لم يعين وقت الدخول، و قال قائل لرسول اللّه: ألم تقل: لتدخلن المسجد الحرام آمنين؟. قال: نعم، و لكن لم أقل في هذا العام، و لما كان العام القادم و هو السابع للهجرة دخل المسلمون مكة معتمرين، و طافوا بالبيت كما يشاءون، و حلق من حلق، و قصر من قصر، و مكثوا ثلاثة أيام رجعوا بعدها الى المدينة، و تسمى هذه العمرة عمرة القضاء، و فيها نزل قوله تعالى: «لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا» حيث تحقق ما رآه الرسول و أخبر به.

(فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا) . لقد علم اللّه ان في تأجيل العمرة الى ما بعد صلح الحديبية مصلحة يجهلها المسلمون، و هي تجنب القتال، و اسلام العديد من المشركين الذين صدوا الرسول و الصحابة عن المسجد الحرام عام الحديبية (فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ فَتْحاً قَرِيباً) . ذلك اشارة الى تأويل الرؤيا بدخول المسلمين المسجد الحرام آمنين، و المراد بالفتح صلح الحديبية، أو هو و فتح خيبر، و المعنى ان هذا الصلح و الذي بعده أيضا بأيام و هو فتح خيبر- قد تحققا قبل تأويل الرؤيا، و هما نصر كبير تماما كدخول المسجد الحرام‏ (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى‏ وَ دِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) . المراد بالرسول محمد (ص) و بالهدى و دين الحق الإسلام، و قد ظهر و انتشر في شرق الأرض و غربها، لأنه يدعو الى العمل من أجل حياة أفضل، و ينهى عن كل ما من شأنه أن يقف حجر عثرة في طريقها. و تقدم‏

تفسير الكاشف، ج‏7، ص: 102

مثله في الآية 33 من سورة التوبة ج 4 ص 34 (وَ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً) على أنه يظهر الإسلام على الدين كله.

الصحابة و القرآن:

حكى سبحانه في كتابه العزيز ان موسى بن عمران دعا بني إسرائيل الى القتال بأمر من اللّه، فقالوا له: «فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ» - 24 المائدة. و أيضا حكى، عظمت كلمته، ان قوم السيد المسيح حاولوا قتله و صلبه، و ان حوارييه قالوا له: «هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ» ؟. و لما قال لهم نبيهم: «اتَّقُوا اللَّهَ»* . «قالُوا نُرِيدُ أَنْ نَأْكُلَ مِنْها» - 113 المائدة. و أنزل جل و عز سورة خاصة في ذم المنافقين من أصحاب الرسول (ص) و غيرها عشرات الآيات، و أيضا أنزل الكثير في المدح و الثناء على المتقين الأبرار منهم، من ذلك قوله: «لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ» - 18 الفتح. و قوله: «وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَ الْأَنْصارِ وَ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ» - 101 التوبة.

و قوله:

(مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) يجتمع المجرمون يدا واحدة على صيد الفريسة، ثم يتناحرون على أكلها ... أما المخلصون فإنهم على نهج واحد لا تلون فيه و لا اختلاف على شي‏ء، اخوان في دين اللّه يتعاطفون و يتعاونون فيما بينهم تماما كالأسرة الواحدة، و أعوان للحق و أهله، و حرب على الباطل و حزبه ... و هذه هي بالذات صفة الخلص من أصحاب محمد (ص) بشهادة اللّه تعالى حيث عطفهم على نبيه الكريم، و وصفهم و إياه بالغضب للّه و الرضا للّه ...

صفحه بعد