کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 480

(أُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ حَقًّا) . و ان آمنوا ببعض، لأن الإيمان بالجميع وحدة لا تتجزأ.

(وَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رُسُلِهِ وَ لَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أُولئِكَ سَوْفَ يُؤْتِيهِمْ أُجُورَهُمْ) . و هؤلاء هم المسلمون أتباع محمد بن عبد اللّه الذي أمرهم بالإيمان بجميع الأنبياء، و قال: الأنبياء جميعهم اخوة، دينهم واحد، و أممهم شتى.

و في رواية ثانية: الأنبياء بنو علّات. و سبق الكلام مفصلا عن ذلك عند تفسير الآية 136 من هذه السورة، و الآية 285 من سورة البقرة، المجلد الأول صفحة 455.

[سورة النساء (4): الآيات 153 الى 154]

يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى‏ أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ فَعَفَوْنا عَنْ ذلِكَ وَ آتَيْنا مُوسى‏ سُلْطاناً مُبِيناً (153) وَ رَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَ قُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ وَ أَخَذْنا مِنْهُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (154)

اللغة:

لا تعدوا بإسكان العين و تخفيف الدال بمعنى تجاوز الحد، و المراد به هنا عدم العمل يوم السبت، و قري‏ء بتشديد الدال بمعنى لا تعتدوا من الاعتداء.

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 481

الاعراب:

أكبر صفة لمفعول مطلق محذوف، أي سؤالا أكبر. و جهرة أيضا صفة لمفعول مطلق محذوف، أي رؤية جهرة. و بميثاقهم على حذف مضاف، أي بنقض ميثاقهم، و المرور متعلق برفعنا.

المعنى:

(يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ) . المراد بأهل الكتاب هنا يهود المدينة الذين وقفوا من محمد (ص) موقف العدو المتعنت، و كادوا له الكيد المستمر، و كانوا أول من ابتلي بهم من أهل الكتاب .. و من تعنتهم و وقحتهم ما أشار اليه سبحانه في هذه الآية من طلبهم أن ينزل النبي عليهم كتابا من السماء يشهد له، على أن يروه رأي العين، و بديهة انهم قالوا ذلك على سبيل التعنت، لا طلبا للحجة، لأن ما تقدم من معجزاته كافية وافية في الاقتناع لمن طلب الحق لوجه الحق .. و قد تولى اللّه تعالى الاجابة عن نبيه، حيث قال عز من قائل:

(فَقَدْ سَأَلُوا مُوسى‏ أَكْبَرَ مِنْ ذلِكَ) . أي لا غرابة و لا عجب إذا سألوك يا محمد أن تنزل عليهم كتابا من السماء فلقد سألوا موسى أكبر و أعظم من ذلك، سألوه ان يروا اللّه بالذات، (فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ) . سبق تفسير سؤالهم هذا و اتخاذهم العجل في سورة البقرة الآية 54- 57، المجلد الأول ص 104.

و تكلمنا عن جواز رؤية اللّه و أقوال المذاهب في ذلك ص 107.

و معلوم ان الذين سألوا الرؤية جهرة، و اتخذوا العجل إلها هم اليهود الأولون، لا يهود المدينة .. و لكن هؤلاء راضون و مؤمنون بكل ما فعل الآباء و الأجداد، و من هنا صحت النسبة اليهم.

(وَ آتَيْنا مُوسى‏ سُلْطاناً مُبِيناً) . المراد بالسلطان الحجة الظاهرة، و البرهان القاطع، و لكن اليهود يهون عليهم كل شي‏ء، و لا يكترثون بشي‏ء إلا بواحد

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 482

من اثنين: اما المنفعة، و اما القوة، و من أجل هذا خوفهم اللّه سبحانه بالجبل الذي أشار اليه بقوله:

(وَ رَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ) . الطور اسم الجبل الذي ناجى موسى عليه ربه، و في سورة التين: (وَ طُورِ سِينِينَ) قال المفسرون: سينين و سيناء اسمان للموضع الذي فيه الجبل. أمر اللّه بني إسرائيل على لسان موسى أن يعملوا بالتوراة، فأبوا، فرفع الجبل فوقهم تخويفا، حتى قبلوا. و قوله تعالى‏ (بِمِيثاقِهِمْ) المراد بنقض ميثاقهم الذي قطعوه على أنفسهم بأن يلتزموا بالدين، ثم رجعوا عنه، و لولا الجبل لم يعودوا اليه. اذن، فلا عجب إذا تمردت إسرائيل على الأنظمة الدولية و رفضت قرارات الأمم المتحدة، و مجلس الأمن، و نقضت جميع العهود و المواثيق مرات و كرات، و لولا الخوف لم تقف عند حد .. لا عجب و لا غرابة، انها تنسجم بذلك مع تاريخ أسلافها الذين رفع اللّه فوق رؤوسهم الطور كي يفوا بالعهد و الميثاق.

(وَ قُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) . مر تفسيره في الآية 58 من سورة البقرة، المجلد الأول ص 109. (وَ قُلْنا لَهُمْ لا تَعْدُوا فِي السَّبْتِ) . أيضا مر تفسيره في سورة البقرة الآية 66، المجلد الأول ص 120.

[سورة النساء (4): الآيات 155 الى 159]

فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَ كُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ وَ قَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَ قَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً (155) وَ بِكُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلى‏ مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً (156) وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّباعَ الظَّنِّ وَ ما قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَ كانَ اللَّهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً (159)

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 483

اللغة:

غلف جمع اغلف، و هو المغطى بغلاف. و البهتان الكذب الذي يتحير فيه من شدته.

الاعراب:

ما في قوله: (فَبِما نَقْضِهِمْ) ، زائدة، أي فينقضهم، و المجرور متعلق بمحذوف، أي لعنّاهم. الا قليلا منصوب على الاستثناء من ضمير يؤمنون، و يجوز أن يكون صفة لمفعول مطلق محذوف، أي ايمانا قليلا، بمعنى النقص و الضعف. و عيسى ابن مريم عطف بيان من المسيح، و الكلمات الثلاث عيسى و ابن و مريم بمنزلة الكلمة الواحدة، مثل لا رجل ظريف في الدار- هكذا جاء في مجمع البيان- و رسول اللّه صفة لعيسى. و لفي شك منه (منه) متعلق بمحذوف صفة لشك، أي لفي شك حادث منه، و لا يجوز أن يتعلق بشك، لأنه لا يقال: شككت منه، و انما يقال: شككت فيه. و ما لهم به من علم (ما) نافية، و من زائدة و علم مبتدأ، و ما لهم متعلق بمحذوف خبر. و اتباع الظن منصوب على الاستثناء المنقطع. و يقينا منصوب على المصدرية، أي تيقنوا يقينا، و يجوز أن يكون صفة لمفعول مطلق محذوف، أي قتلا يقينا. و ان من أهل الكتاب (ان) نافية، و من أهل الكتاب متعلق بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، و التقدير ما أحد كائن من أهل الكتاب.

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 484

المعنى:

(فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ) . أي لعناهم بسبب نقضهم الميثاق الذي التزموا به، و أبرموه على أنفسهم، و هو أن يؤمنوا و يعملوا بما جاءهم به موسى (ع) .. ثم غيّروا و بدّلوا، و حرّموا ما أحل اللّه، و حللوا ما حرم. (وَ كُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ) . و هي الحجج و الدلائل على نبوة عيسى و محمد (ص). (وَ قَتْلِهِمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) كزكريا و يحيى بعد ان قامت الأدلة على نبوّتهما. (وَ قَوْلِهِمْ قُلُوبُنا غُلْفٌ) . أي مغطاة لا يصل اليها شي‏ء من دعوة محمد (ص)، قالوا هذا للرسول الأعظم تيئيسا له من ايمانهم بنبوته، و استجابتهم الى دعوته. (بَلْ طَبَعَ اللَّهُ عَلَيْها بِكُفْرِهِمْ) . جملة معترضة بين المعطوفات، جاءت للرد على قولهم:

(قُلُوبُنا غُلْفٌ) و المعنى ليست قلوبكم غلفا بطبيعتها، و انما كفركم بمحمد و تماديكم في الغي و الضلال هو الذي جعلها صلدة كالحجارة، أو أشد قسوة.

و بعد ان بلغت قلوبهم مبلغا لا تنفتح معه للحق بحال أصبحوا كمن خلقهم اللّه بلا قلوب، و بهذا الاعتبار صحت نسبة الطبع عليها الى اللّه سبحانه. (أنظر تفسير الآية 7 من صورة البقرة، ج 1 ص 53). (فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا) .

كعبد اللّه بن سلام، و ثعلبة بن سعية، و أسد بن عبيد اللّه و غيرهم. (وَ بِكُفْرِهِمْ وَ قَوْلِهِمْ عَلى‏ مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً) . كرر سبحانه نسبة الكفر الى اليهود ثلاث مرات: الأولى بمناسبة ذكره لجحودهم آيات اللّه و قتلهم الأنبياء. الثانية بمناسبة قولهم: قلوبنا غلف. الثالثة عند ذكره لقولهم على مريم المنكر الذي لا يقوله الا اليهود الذين تناصرهم أمريكا «المسيحية» و تزودهم بالسلاح ليعتدوا على القدس، و ينتهكوا الشعائر الدينية التي يقدسها المسيحيون و المسلمون، بخاصة الكنائس و مقابر المسيحيين‏ «1» .

(وَ قَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ) . و صفوه برسول‏

(1) أكتب هذه الكلمات يوم 28- 4- 1968، و إسرائيل تعتزم اقامة عرض عسكري كبير في مدينة القدس المحتلة يوم 2- 5- 68، على الرغم من قرار مجلس الأمن الذي أصدره بالإجماع على الغاء هذا العرض.

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 485

اللّه تهكما به و بدعوته. (وَ ما قَتَلُوهُ وَ ما صَلَبُوهُ وَ لكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ) . لما صمم اليهود على قتل السيد المسيح ألقى اللّه شبهه على أحد المجرمين المستحقين للقتل، و قيل: ان هذا المجرم هو يهوذا الذي قاد الحملة ضد عيسى، فأخذه اليهود، و عذبوه و صلبوه معتقدين انه السيد المسيح، و بعد الصلب فقدوا صاحبهم، فارتبكوا و تحيروا، و قالوا: ان كان المصلوب عيسى فأين صاحبنا؟ و ان كان المصلوب صاحبنا فأين عيسى؟.

(وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ) . اختلف اليهود و النصارى في السيد المسيح (ع)، و وقفوا منه موقفين متناقضين، فقال اليهود: هو ابن زنا.

و قال النصارى هو ابن اللّه. و أيضا قال اليهود: صلبناه، و دفن تحت الأرض الى غير رجعة. و قال النصارى: انه صلب و دفن، و لكنه قام من تحت التراب، و رجع الى الدنيا بعد ثلاثة أيام .. فرد اللّه سبحانه على الجميع بقوله:

(ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ) . و الظن لا يغني عن الحق شيئا، و الحق اليقين الذي لا ريب فيه هو ما أنبأنا اللّه به في قوله: (وَ ما قَتَلُوهُ يَقِيناً بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ) . هذه هي الحقيقة رفع الى اللّه تعالى، لا قتل و لا صلب.

و هنا تتوارد الأسئلة: كيف حصل الرفع؟ و متى؟ قبل صلب الشبيه، أو بعده؟ و هل الرفع كان بالروح فقط، أو بها و بالجسد؟ و هل رفع الى السماء الثانية أو الثالثة، أو غيرها؟ و ما ذا يصنع هناك؟ و هل ينزل قبيل الساعة الى الأرض؟ الى غير ذلك من الأسئلة التي أجاب عنها القصاصون بما يشبه الأساطير.

و القرآن الكريم لم يتعرض لشي‏ء من ذلك من قريب أو بعيد، و كل ما دلت عليه آياته ان السيد المسيح لم يقتل و لم يصلب، و ان اللّه رفعه اليه، و ان الذي قتل أو صلب شخص آخر، تخيل القتلة انه المسيح، و لا شي‏ء في القرآن أكثر من ذلك، و نحن لا نخرج عن نصوصه في مثل هذا الموضوع إلا بحديث متواتر ..

بل لا نهتم بهذه الأسئلة و أجوبتها ما دمنا غير مسؤولين عنها، و لا مكلفين بها.

و سبق أن تعرضنا لما قيل في المسيح عند تفسير الآية 58 من سورة آل عمران، فقرة الاختلاف في عيسى.

و للتفكيه ننقل هذه الاسطورة عن بعض التفاسير، تقول الاسطورة: ان اللّه‏

تفسير الكاشف، ج‏2، ص: 486

رفع عيسى اليه، و كساه حلة من نور، و أنبت له جناحين من ريش، و منعه من الطعام و الشراب، و صيره من الملائكة يطير معهم حول العرش، و جعل فيه طبيعتين: ناسوتية، و ملائكية ..

(وَ إِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ) . أي ما أحد من أهل الكتاب الا و يؤمن بعيسى قبل أن يموت ذلك الأحد من أهل الكتاب، فضمير به يعود على عيسى، و ضمير موته يعود على أحد، و المراد بأهل الكتاب اليهود و النصارى .. و قد جاء في بعض الروايات ان كل انسان عند ما يعاني سكرة الموت ينكشف له الحق عما كان يعتقده في دار الدنيا، و هذه الآية تشهد بالصحة لتلك الروايات، حيث دلت بظاهرها على ان كل كتابي يهوديا كان أو نصرانيا لا بد أن يؤمن ايمانا صحيحا بعيسى بعد سكرة الموت، فاليهودي الذي كان يقول عن عيسى: انه ساحر و ابن فاعلة يعدل عن ذلك، و يؤمن بأنه نبي مرسل، و ان امه صدّيقة، و النصراني الذي كان يقول: انه ابن اللّه، و ثالث ثلاثة يؤمن بأنه عبد من عباد اللّه المخلصين.

و ليس هذا بمحال في نظر العقل، و قد أخبر به الوحي، و كل ما أخبر به الوحي، و لم ينكره العقل وجب التصديق به على كل من يؤمن باللّه و اليوم الآخر، أما من لا يؤمن إلا بما يقع تحت المجهر فلا يصدق- قطعا- و عليه أن لا يصدق من يقول له: لك عقل و روح و وعي و عاطفة .. لأنها لا تقع تحت المجهر، و لا تنالها المعدات و الآلات بالاختبار و التحليل، و صدق من قال:

من فقد الايمان باللّه فقد نفسه.

و تسأل: و أية جدوى من الإخبار بأن الحق ينكشف لأهل الكتاب عند سكرة الموت، مع العلم أنهم في هذه الحال يعجزون عن ادراك ما فات؟.

الجواب: الغرض من ذلك هو الحث على المبادرة الى تصحيح ايمانهم قبل أن تجتمع عليهم حسرة الفوت و سكرة الموت، تماما كالغرض من الإخبار عن الجنة و النار.

صفحه بعد