کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 35

و خفض الجناح كناية عن التواضع و التذلل. و الأوّاب الراجع الى اللّه في شئونه و أموره.

الإعراب:

فتقعد منصوب بأن مضمرة بعد الفاء لأنه جواب للنهي. و قضى ربك أن لا تعبدوا. أي بأن لا تعبدوا و بالوالدين عطف عليه، أو متعلق بمحذوف أي و بأن تحسنوا للوالدين إحسانا. و إما مركبة من كلمتين: ان الشرطية، و ما الزائدة. و أف اسم فعل لا محل له من الإعراب، و المعنى لا تقل لهما: كفّا. و كما ربياني الكاف بمعنى مثل قائمة مقام المفعول المطلق اي ارحمهما رحمة مثل رحمة تربيتهما. و صغيرا حال.

المعنى:

(لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُوماً مَخْذُولًا) . الخطاب هنا للإنسان، كل انسان، و ليس للنبي (ص) بدليل قوله تعالى: «إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما» ، و معلوم ان النبي (ص) عاش يتيم الأبوين.

(وَ قَضى‏ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) أي أمر بالإخلاص في العبادة اليه وحده، و ليس المراد بالعبادة مجرد الصوم و الصلاة، فكل من أطاع إنسانا في معصية اللّه فقد عبده، قال رسول اللّه (ص): من أصغى الى ناطق فقد عبده، فان كان الناطق عن اللّه عز و جل فقد عبد اللّه، و ان كان الناطق عن الشيطان فقد عبد الشيطان.

البر بالوالدين:

(وَ بِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَ لا تَنْهَرْهُما وَ قُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً وَ اخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَ قُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً) . قرن اللّه سبحانه شكر الوالدين بشكره، و أوجب‏

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 36

البر بهما و الإحسان اليهما. و جاء في الحديث: «ان رجلا جاء الى النبي (ص) يستأذنه بالجهاد معه، فقال له: أحيان والداك؟. قال: نعم. قال: ففيهما جاهد».

و قوله تعالى: كما ربياني صغيرا يشير الى انهما عند صغره آثراه على أنفسهما، فسهرا الليالي كي ينام، و جاعا كي يشبع، و تعريا كي يكتسي، و هذا دين في عنقه، عليه أن يفي به حين يقوى و يضعفان، و ان يعاملهما عند كبرهما تماما كما عاملاه عند صغره، و لهما فضل السبق و التقدم.

قال الإمام زين العابدين (ع) يدعو لوالديه: «يا إلهي أين طول شغلهما بتربيتي؟

و أين شدة تعبهما في حراستي؟ و أين إقتارهما على أنفسهما للتوسعة عليّ؟ هيهات ما يستوفيان مني حقهما، و لا أدرك ما يجب علي لهما، و لا أنا بقاض وظيفة خدمتهما».

يضحي كل من الأب و الأم بالنفس و النفيس في سبيل الولد، ثم لا يبتغي منه جزاء و لا شكورا، و كل ما يتمناه أن يكون ولده شيئا مذكورا .. و قد ابتلاني اللّه بأن أكون أبا، و لكن أبوي لم يبتليا بي، لأني عشت يتيم الأب و الأم، و أقول: ابتلاني لأني لا أرى السعادة في شي‏ء من أشياء هذه الحياة إلا في هناء ابني و ابنتي .. فابتسامة واحدة من أحدهما تعادل عندي الدنيا بما فيها، و ما تألم أحدهما إلا أحسست بأن يدا تنتزع نفسي من بين جنبي.

(رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِما فِي نُفُوسِكُمْ إِنْ تَكُونُوا صالِحِينَ فَإِنَّهُ كانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُوراً) .

ان اللّه سبحانه يعلم النوايا تماما كما يعلم الأقوال و الأفعال، و يجازي كلا حسب نيته، و من أساء ثم تاب و أناب فان اللّه غفور رحيم، و هذا تحذير من اللّه سبحانه لمن عق والديه، و كان وجودهما ثقيلا عليه، كما انه تحذير على ترك الإخلاص في جميع الأقوال و الأفعال.

[سورة الإسراء (17): الآيات 26 الى 39]

وَ آتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً (26) إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ وَ كانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً (27) وَ إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلاً مَيْسُوراً (28) وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى‏ عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً (29) إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (30)

وَ لا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَ إِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً (31) وَ لا تَقْرَبُوا الزِّنى‏ إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَ ساءَ سَبِيلاً (32) وَ لا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَ مَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً (33) وَ لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلاً (34) وَ أَوْفُوا الْكَيْلَ إِذا كِلْتُمْ وَ زِنُوا بِالْقِسْطاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذلِكَ خَيْرٌ وَ أَحْسَنُ تَأْوِيلاً (35)

وَ لا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ الْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلاً (36) وَ لا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَ لَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً (37) كُلُّ ذلِكَ كانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهاً (38) ذلِكَ مِمَّا أَوْحى‏ إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ وَ لا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ فَتُلْقى‏ فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً (39)

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 38

اللغة:

التبذير وضع المال في غير موضعه قليلا كان أو كثيرا. و المراد باخوان الشياطين من سلك طريقهم. و الميسور السهل اللين. و المغلولة المقيدة و المراد بها هنا الإمساك عن الإنفاق، و ضدها البسط فيه. و المحسور المنقطع الذي لا شي‏ء عنده. و الخطء كالاثم لفظا و معنى. و الفاحشة الفعلة القبيحة. و الإسراف تجاوز الحد. و المراد بالسلطان هنا التسلط. و القسطاس المستقيم العدل. و لا تقف لا تتبع.

و المرح بفتح الراء الكبر. و المدحور المبعد من رحمة اللّه.

الإعراب:

اما تعرضن (اما) كلمتان ان الشرطية و ما الزائدة إعرابا. و ابتغاء مفعول من أجله. و جملة ترجوها صفة لرحمة أو حال من فاعل تعرضن. و كل البسط مفعول مطلق لأن كل مضافة اليه. و ملوما محسورا حال، و خشية إملاق مفعول لأجله. و ساء سبيلا فاعل ساء ضمير مستتر أي ساء سبيل الفاحشة، و سبيلا تمييز، و مثله تأويلا. و كل مبتدأ، و الخبر كان عنه مسؤولا، و أولئك في محل جر باضافة كل، و يشار بها إلى العقلاء و غيرهم. و مرحا مصدر في موضع الحال أي لا تمش في الأرض متكبرا، مثل جاء زيد ركضا أي راكضا، و مثله طولا.

و ملوما مدحورا حال.

المعنى:

1- (وَ آتِ ذَا الْقُرْبى‏ حَقَّهُ وَ الْمِسْكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَ لا تُبَذِّرْ تَبْذِيراً) . نقل الطبرسي في مجمع البيان عن السدي، و هو من كبار المفسرين ان المراد بذي القربى قرابة الرسول (ص)، و نقل أبو حيان الأندلسي عن الإمام علي بن الحسين (ع) انه قال: هم قرابة رسول اللّه (ص) أمر اللّه بإعطائهم حقوقهم من بيت المال. و قال أبو بكر المعافري المالكي في أحكام القرآن: «و يدخل في‏

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 39

ذي القربى قرابة الرسول دخولا متقدما و بطريق أولى من جهة ان الآية للقرابة الأدنين بالرجل، فأما قرابة رسول اللّه فقد أبان اللّه على الاختصاص حقهم، و أخبر ان محبتهم هي أجرة النبي على هداه لنا».

و قيل: المراد بذي القربى القريب الذي له حق النفقة و الميراث. و المسكين المحتاج، و ابن السبيل المنقطع في السفر، و لا يملك نفقة العودة إلى بلاده، و لهذين الحق في الزكاة لقوله تعالى: «إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَ الْمَساكِينِ وَ الْعامِلِينَ عَلَيْها وَ الْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَ فِي الرِّقابِ وَ الْغارِمِينَ وَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ ابْنِ السَّبِيلِ» - 60 التوبة.

(إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كانُوا إِخْوانَ الشَّياطِينِ، وَ كانَ الشَّيْطانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً) . عبّر سبحانه عن المبذرين باخوان الشياطين لأن التبذير مكروه عند اللّه، و كل ما هو مكروه عند اللّه فهو محبوب عند الشيطان .. و لا يختلف اثنان في ان التبذير هو انفاق المال في غير وجهه، و وضعه في غير موضعه قليلا كان أو كثيرا، و بتعبير أهل المنطق ان التبذير من مقولة الكيف، لا من مقولة الكم.

و تسأل: ان قولك: في غير وجهه، و غير موضعه، أشبه بالكلام المبهم الذي يحتاج إلى التحديد و التوضيح، فما هو وجهه و موضعه؟.

الجواب: ان كل من أنفق شيئا من ماله فيما يعود عليه بالضرر، أو لا يعود عليه بأية منفعة فهو مسرف و سفيه عرفا و شرعا- و على الهامش الا المال الذي يبذل ثمنا للتدخين- و أشرنا إلى السفيه و التحجير عليه في التصرفات المالية عند تفسير الآية 5 من سورة النساء ج 2 ص 253 و 256.

أين العدول؟:

سؤال ثان: رجل أنفق من ماله على شرب الخمر و أكل لحم الخنزير، و ما إلى ذلك من المحرمات التي تعود عليه بالنفع العاجل و الضرر الآجل، فإن.

كثيرا من الناس لا يرون هذا مبذرا و سفيها، فهل توجب الشريعة الاسلامية التحجير عليه في التصرفات المالية لأنه سفيه مسرف؟.

الجواب: ان للإنسان العاقل أن يتصرف في أمواله دون معارض، مؤمنا كان‏

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 40

أو كافرا، فاسقا أو عادلا، قال تعالى: «فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ» - 5 النساء، و لم يقل: فإن آنستم منهم دينا أو عدلا، و تواتر عن الرسول الأعظم (ص) انه قال: «الناس مسلطون على أموالهم» و لم يقل:

المؤمنون أو العادلون، فالشرط الوحيد لصحة هذا التصرف هو الرشد في المال، لا في الدين، و لو كانت العدالة و الرشد شرطا لصحة تصرف الإنسان في ماله لاختل النظام، و تعطلت الحياة: لأن أهل الأرض كما نعلم و تعلمون، فمن أين نأتي بأهل الدين و العدالة.

و على رأينا هذا الحنفية و المالكية و الحنابلة، أما الشافعية فقد ذهبوا إلى أن الرشد هو الصلاح في الدين و المال (المغني لابن قدامة).

(وَ إِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً) .

ضمير عنهم يعود الى ذي القربى و المسكين و ابن السبيل، و القول الميسور هو القول السهل اللين، و المعنى إذا سألك واحد من هؤلاء الثلاثة شيئا من المال، و لم تجد ما تعطيه، و دعوت اللّه ان يغنيه و يغنيك من فضله و رحمته، إذا كان كذلك فقل له قولا سهلا لينا، و ذلك بأن تعده عدة حسنة تبعث في نفسه الأمل و الرجاء .. و في الحديث: ان لم تسعوا الناس بأموالكم فسعوهم بأخلاقكم. و يقول الشاعر: فليسعد النطق ان لم يسعد الحال.

الإسلام و نظرية الأخلاق:

2- (وَ لا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى‏ عُنُقِكَ وَ لا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) . التوازن و التعادل أساس كل شي‏ء في الإسلام، عقيدة و شريعة و أخلاقا ..

لا الحاد، و لا تعدد آلهة .. لا الغاء ملكية، و لا ملكية طاغية .. لا دكتاتورية للفئات و الأفراد، و لا حكم لكل من شاء و أراد .. لا رهبانية، و لا اندفاع مع الشهوات. «وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ» - 8 الرعد. و قوله: و كل شي‏ء يشمل الخلق و الإيجاد، و يشمل التحليل و التحريم، و قوله: بمقدار أي بتقدير و نظام موافق للحكمة و المصلحة، ليس فيه افراط و لا تفريط، و لا جزاف و لا

تفسير الكاشف، ج‏5، ص: 41

خلل .. كل شي‏ء له حدود عند اللّه، و على الإنسان ان يقف عندها و لا يتعداها.

- و على سبيل المثال- حدود الحكم و السلطان العدالة و الكفاءة، و حدود الملكية عدم الإضرار بالأفراد و الجماعة، و حدود الإنفاق عدم التقتير و الإسراف، و هكذا سائر الأفعال و الانفعال أيضا.

و عبر سبحانه عن التقتير بغل اليد لأن المقتر يقبض يده عن الإنفاق، و الغل أيضا يمنعها عن التصرف، و قوله: و لا تبسطها كل البسط أراد به اليد التي لا تمسك شيئا في قبال التي تمسك كل شي‏ء .. و نهاية هذه و تلك واحدة، و هي الحسرة و الملامة، فالمسرف يعض يد الحسرة و الندامة ملوما عند اللّه و الناس، و عند نفسه أيضا حين يصبح صفر اليدين، و البخيل مذموم على كل لسان، و حسرته غدا أشد و أعظم من حسرة المسرف، و خير الأمور الوسط.

و تسأل: هل معنى هذا ان الإسلام يقر مذهب سقراط في الأخلاق، و نظريته القائلة: كل فضيلة وسط بين رذيلتين، فالشجاعة وسط بين التهور و الجبن، و الكرم وسط بين الإسراف و التقتير، و التواضع وسط بين الخجل و عدم الحياء، و هلم جرا؟.

الجواب: كلا، فإن الإسلام يحدد الفضيلة و يشرع الأحكام على أساس مصلحة الفرد و الجماعة، فكل عمل به تقوم الحياة، و تنمو و تتقدم فهو فرض عين على القادة، و فرض كفاية على الأفراد، و كل ما فيه نفع بجهة من الجهات فهو فضيلة، بل عبادة واجبة على كل قادر أو مستحبة على مقدار ما فيها من النفع، قال تعالى: «وَ أَمَّا ما يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ‏ 17 الرعد. و قال الرسول الكريم (ص): خير الناس من انتفع به الناس، و أوضح الأدلة على هذه الحقيقة قوله تعالى: «النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ يُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَ يُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَ يَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَ الْأَغْلالَ» - 157 الأعراف.

صفحه بعد