کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏4، ص: 351

اللغة:

المراد بالضر هنا المجاعة. و البضاعة المزجاة الرديئة أو القليلة، و يقال: أزجى الشي‏ء إذا دفعه برفق، و منه قوله تعالى: «ان اللّه يزجي سحابا». و آثرك اختارك و فضلك. و خاطئين جمع خاطئ، و قيل: الفرق بين الخاطئ و المخطئ ان الأول يتعمد الخطيئة، و الثاني يريد الصواب فيخطئه. و التثريب التعنيف و العقوبة، يقال: ثرّب فلان على فلان إذا عدد ذنوبه عليه.

الإعراب:

هل علمتم استفهام و معناه التقريع أي ما أعظم ما ارتكبتم. و ما فعلتم (ما) استفهام و المعنى اي شي‏ء فعلتم، و محلها الرفع بالابتداء، و جملة فعلتم خبر، و علمتم معلقة عن العمل لفظا لمكان الاستفهام و عاملة معنى لأن الجملة من المبتدأ و الخبر محلها النصب بفعلتم. لأنت يوسف اللام للابتداء و أنت ضمير فصل و يوسف خبر لائنك، و يجوز ان يكون أنت مبتدأ و يوسف خبر، و الجملة خبر ان.

لا تثريب (لا) نافية للجنس و تثريب اسمها و هو مبني على الفتح لأنه مفرد، و عليكم متعلق بمحذوف خبرا للا، و اليوم متعلق بما تعلق به الخبر. و يأت‏

تفسير الكاشف، ج‏4، ص: 352

مجزوم بجواب الطلب، و هو القوة، و بصيرا حال من أبي، و أجمعين حال من لأهلكم.

المعنى:

(فَلَمَّا دَخَلُوا عَلَيْهِ قالُوا يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا وَ أَهْلَنَا الضُّرُّ وَ جِئْنا بِبِضاعَةٍ مُزْجاةٍ فَأَوْفِ لَنَا الْكَيْلَ وَ تَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ) أوصى يعقوب بنيه أن يعودوا الى مصر، فقبلوا منه، و عادوا اليها مرة ثالثة .. و دخلوا على العزيز منكسرين مسترحمين، و بدأوا بالشكوى من الجهد و المجاعة .. مسنا و أهلنا الضر ..

تصدق علينا .. ان اللّه يحب المتصدقين .. و إذا جئناك ببضاعة لا تليق فلأن الدهر غير مؤات .. قالوا هذا، و هم أحفاد ابراهيم الخليل (ع)، و لكن الشدة بلغت غايتها .. و جاءت النتيجة فوق ما يتصورون، و هذه هي:

(قالَ هَلْ عَلِمْتُمْ ما فَعَلْتُمْ بِيُوسُفَ وَ أَخِيهِ إِذْ أَنْتُمْ جاهِلُونَ) . بعد ان استمع يوسف لاستعطاف اخوته و تضرعهم، و عرف بؤس أهله و حاجتهم رقّ و تغلبت عليه عاطفة الرحم و قرابة الدم، و قال لهم معاتبا أو واعظا: أ تذكرون يوما استجبتم فيه لدعوة الشيطان؛ فألقيتم بأخيكم يوسف في غيابة الجب، و أذقتم أخاه بنيامين من بعده صنوف الأذى؟. ألم تقولوا بالأمس القريب: «ان يسرق فقد سرق أخ له من قبل؟. و هل يفعل الجاهل أكثر من فعلكم هذا؟.

(قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ) . و للمفسرين هنا كلام لا يتحمله لفظ الآية، و لكنه يتفق مع طبيعة الموضوع، و يساعد الاعتبار عليه، و ملخصه ان اخوة يوسف حين قال لهم ما قال تذكروا ما كانوا يعرفونه من ملامح وجهه، و نبرات صوته، و إشارات يده .. و مهما يكن فقد التمع في خاطرهم أو خاطر بعضهم انه يوسف‏ (قالُوا أَ إِنَّكَ لَأَنْتَ يُوسُفُ) . قالوا هذا و انتظروا الجواب، فكانت المفاجأة التي لا تخطر على بال‏ (قالَ أَنَا يُوسُفُ وَ هذا أَخِي قَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا) ..

و أريد من القارئ أن يقف هنا قليلا، و يقارن بين موقفهم هذا الضعيف الذليل، و بين موقفهم يوم ألقوا يوسف في الجب، لا يأخذهم فيه دين و لا رحم .. و لا

تفسير الكاشف، ج‏4، ص: 353

عجب‏ (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَ يَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) دنيا و آخرة، و المراد بالمحسنين هنا الذين عملوا و ثابروا و صبروا على الصعوبات، و قد يهزمهم المسيئون الأشرار مرة أو مرات، و لكن العاقبة للمتقين، و الشواهد على ذلك لا تقع تحت حصر من عهد النمرود الى عهد هتلر .. و قد ابتليت الانسانية اليوم بالصهيونية المتجسمة باسرائيل، و بالاستعمار الجديد بقيادة الولايات المتحدة أعتى عتاة الشر و الفساد في هذا العصر .. و لسنا نشك إطلاقا في ان مصير الاثنتين هو مصير كل طاغ و باغ سابق و لا حق .. و لا نقول هذا لمجرد التعبير عما نحب و نرغب ..

كلا، فإنه منطق طبيعي لتطور الحياة و التاريخ .. ان للحق أهلا يطالبون به، و يضحون من اجله، و ان للخير قوى تناصره و تؤازره، و ستتحد في يوم من الأيام ضد الظلم و الطغيان، و تدور الدائرة على اهله و أنصاره.

(قالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنا وَ إِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ) . اعترفوا بأن اللّه فضله عليهم علما و عقلا، و كمالا و جمالا، و أخيرا بالجاه و السلطان .. و أقروا بالذنب، و طلبوا العفو و الصفح، و يوسف كريم و ابن كريم و لذا (قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ) عفى يوسف عما مضى بلا تعنيف و تأنيب، و دعا اللّه ان يغفر لهم ما فرط منهم‏ (وَ هُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) لمن تاب و أناب. و في نهج البلاغة، «لا يشغله غضب عن رحمة، و لا تلهه رحمة عن عقاب» و تواتر عن النبي الأعظم (ص) انه حين فتح مكة قال لقريش: ما تظنون اني فاعل بكم؟

قالوا: نظن خيرا، أخ كريم و ابن أخ كريم، فقال: اذهبوا فأنتم الطلقاء لا تثريب عليكم اليوم كما قال اخي يوسف.

(اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هذا فَأَلْقُوهُ عَلى‏ وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيراً وَ أْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ) . و تعود بنا هذه الآية الى الآية 17 و هي: «قالوا يا أبانا إنا ذهبنا نستبق و تركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب .. و جاءوا على قميصه بدم كذب ..».

نعود الى هذه الآية لنقارن بين القميص الأول و القميص الثاني، فالأول جر على يعقوب البلاء و الأدواء، أما الثاني ففيه الشفاء و الهناء، و نقارن ايضا بين موقف ابنائه حين جاءوه بالقميص الأول معزين، و موقفهم حين أتوه بالثاني مهنئين.

و إذا سأل سائل: كيف يكون إلقاء القميص على البصر سببا لشفائه؟ أجبنا

تفسير الكاشف، ج‏4، ص: 354

بأنه لا نجد تفسيرا لذلك الا المعجزة الخارقة، تماما كنار ابراهيم، و عصا موسى، و كلام عيسى في المهد، فهؤلاء أنبياء، و يوسف و أبوه نبيان.

[سورة يوسف (12): الآيات 94 الى 98]

وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ (94) قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ (95) فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى‏ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ (96) قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ (97) قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (98)

اللغة:

فصلت العير تجاوزت المكان الذي كانت فيه. و الفند ضعف الرأي و المراد تسفّهون رأيي و تقولون قد خرف من الكبر. و في ضلالك أي خطئك.

الإعراب:

لولا حرف امتناع، و المصدر من ان تفندون مبتدأ و الخبر محذوف. و جواب لولا محذوف ايضا اي لولا تفنيدكم حاصل لصدقتموني. فلما ان جاء (ان) زائدة اعرابا.

تفسير الكاشف، ج‏4، ص: 355

المعنى:

(وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ قالَ أَبُوهُمْ إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْ لا أَنْ تُفَنِّدُونِ) .

فصلت العير اي تحركت من المكان الذي كانت فيه، و هو مصر، و اتجهت الى أرض كنعان حيث يسكن يعقوب: و تفندون تنسبونني الى الفند، و هو الخرف ..

و ظاهر الآية يدل على ان يعقوب شم رائحة القميص من مكان بعيد، و بمجرد ان تحرك الركب من مكانه، و قبل ان يتجاوز أرض مصر، مع ان المسافة بين يعقوب و حامل القميص كانت مسيرة ثمانية أيام، و قيل: عشرة .. و أبقى المفسرون اللفظ على ظاهره، و قالوا: ان يعقوب وجد ريح القميص حقيقة على الرغم من بعد المسافة عنه، و اعتبروا ذلك معجزة خص اللّه بها يعقوب.

و غير بعيد أن يكون الريح كناية عن الحدس المصيب الذي يقع للإنسان في بعض الأحيان بخاصة لأهل القلوب الطيبة الصافية، و ان يعقوب قد أحس قلبه بدنو اللقاء، فعبّر عنه بريح يوسف، و يرجح ارادة هذا المعنى ان اليأس من لقاء يوسف ما خامر قلب يعقوب لحظة واحدة، و يشهد على ذلك قوله: فتحسسوا من يوسف و أخيه. و قوله: عسى أن يأتيني بهم جميعا. و قوله ليوسف:

يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك .. و كذلك يجتبيك ربك و يعلمك من تأويل الأحاديث و يتم نعمته عليك. و قوله: اني اعلم من اللّه ما لا تعلمون.

(قالُوا تَاللَّهِ إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ) . ضمير قالوا يعود الى من كان حاضرا في مجلس يعقوب حين قال: أجد ريح يوسف، و المعنى ان الذين حضروا مجلس يعقوب قالوا له: أنت مخطئ في إصرارك و انتظارك يوسف الذي ذهب كما ذهب غيره من الأموات. (فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى‏ وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً) .. و ما كان يعقوب مخطئا في حدسه، فلقد جاء البشير يحمل قميص يوسف، و ما ان مس وجه يعقوب، حتى عادت اليه نعمة البصر، و سعادة الحياة، و قيل: ان الذي حمل هذا القميص هو الذي حمل القميص الملطخ بدم كذب قبل أربعين سنة، ليمحو السيئة بالحسنة، و أيضا قيل لا عجب ان يرتد بصر يعقوب بمجرد البشرى «فكثيرا ما شفى السرور و الفرح من الأمراض، و تجارب الطب شاهد صدق على ذلك».

(قالَ أَ لَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ) . يشير الى قوله في الآية

تفسير الكاشف، ج‏4، ص: 356

86: «قال انما أشكو بثي و حزني الى اللّه و اعلم من اللّه ما لا تعلمون» و قد مر شرحها.

(قالُوا يا أَبانَا اسْتَغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا إِنَّا كُنَّا خاطِئِينَ) . ندم اخوة يوسف على فعلتهم، و تابوا من خطيئتهم، و سألوا أباهم ان يدعو الى اللّه ان يقبل منهم التوبة، و يغفر لهم الذنب، و شرطوا على أنفسهم ان لا يعودوا الى معصية.

(قالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) . قال بعض المفسرين الجدد: «ان كلمة سوف لا تخلو من الاشارة الى قلب انسان مكلوم». يريد أن قلب يعقوب ما زال فيه شي‏ء على بنيه رغم توبتهم و طلبهم المغفرة .. و هذا اشتباه و قياس لقلوب الأنبياء على قلوب سائر الناس، و الصحيح ان يعقوب أرجأ الدعاء لهم بقبول التوبة الى خلوته و انقطاعه الى ربه في الظلمات و الاسحار، لأن ذلك ادعى للقبول و الاستجابة، قال سبحانه: «وَ بِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ‏ - 18 الذاريات». و قال: «وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ - 17 آل عمران».

[سورة يوسف (12): الآيات 99 الى 102]

فَلَمَّا دَخَلُوا عَلى‏ يُوسُفَ آوى‏ إِلَيْهِ أَبَوَيْهِ وَ قالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ (99) وَ رَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَ خَرُّوا لَهُ سُجَّداً وَ قالَ يا أَبَتِ هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَها رَبِّي حَقًّا وَ قَدْ أَحْسَنَ بِي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَ جاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ مِنْ بَعْدِ أَنْ نَزَغَ الشَّيْطانُ بَيْنِي وَ بَيْنَ إِخْوَتِي إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِما يَشاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (100) رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَ عَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَ أَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (101) ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَ ما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ وَ هُمْ يَمْكُرُونَ (102)

تفسير الكاشف، ج‏4، ص: 357

اللغة:

آوى اليه أبويه ضمهما اليه. و العرش السرير الذي يجلس عليه الملك أو الرئيس و تأويل الرؤيا تفسيرها بما تؤول اليه. و نزغ الشيطان أفسد. و فاطر السموات و الأرض خالقهما على غير مثال سابق.

الإعراب:

سجدا مفعول مطلق مبين للنوع. و أبت أصلها بالياء، و حذفت للتخفيف. و حقا مفعول ثان لجعل لأنها بمعنى صيّر. و المصدر من ان نزغ مجرور بإضافة بعد. و ربّ أصله يا ربي. و فاطر السموات أي يا فاطر السموات، و يجوز أن يكون صفة لربي لأنه منادى مضاف. و ذلك مبتدأ و من انباء الغيب خبر.

المعنى:

صفحه بعد