کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تفسير الكاشف

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 34]

الجزء الثاني

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): آية 104]

سورة النساء

الجزء الثالث

سورة المائدة

سورة الأنعام

سورة الأعراف

سورة الأنفال

[سورة الأنفال(8): آية 24]

الجزء الرابع

سورة التوبة

سورة يونس

سورة هود

سورة يوسف

سورة الرعد

سورة النحل

الجزء الخامس

سورة الأسراء

سورة الكهف

سورة طه

سورة الأنبياء

سورة المؤمنون

سورة النور

الجزء السادس

سورة القصص

سورة الأحزاب

الجزء السابع

تفسير الكاشف


صفحه قبل

تفسير الكاشف، ج‏3، ص: 33

[سورة المائدة (5): الآيات 15 الى 16]

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)

الاعراب:

جملة يبين لكم حال من رسولنا. و سبل السلام بدل من رضوانه، و يجوز أن يكون مفعولا ثانيا ليهدي، لأن هدى تتعدى تارة الى المفعول الثاني بواسطة حرف الجر مثل هداه الى الخير، و تارة بلا واسطة مثل هداه الخير.

المعنى:

أمر اللّه سبحانه نبيه (ص) و المسلمين جميعا أن يجادلوا أهل الكتاب بالتي هي أحسن، ثم ضرب لهم أمثلة من هذا الجدال ليكونوا على بينة من معناه و مفهومه، من ذلك أن يقول المسلمون لأهل الكتاب: «آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنا وَ أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَ إِلهُنا وَ إِلهُكُمْ واحِدٌ وَ نَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ‏ - 46 العنكبوت»:

«قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى‏ كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَ بَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَ لا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَ لا يَتَّخِذَ بَعْضُنا بَعْضاً أَرْباباً مِنْ دُونِ اللَّهِ‏ - 63 آل عمران» ..

و هناك آيات تحصي على أهل الكتاب بعض آثامهم، و منها هذه الآية التي نفسرها، فقد ذكرتهم بتحريف التوراة و الإنجيل، و عنادهم لمحمد الذي جاءهم بالهدى و النور.

تفسير الكاشف، ج‏3، ص: 34

(يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ) . المراد بالرسول محمد (ص)، فإنه بيّن لليهود و النصارى فيما بيّن بعض ما أخفوه من الكتاب الذي معهم، فالنصارى أخفوا التوحيد، و هو أساس الدين، و اليهود أخفوا من العقيدة خبر الحساب و العقاب يوم القيامة، و من الشريعة تحريم الربا، و رجم الزاني، كما أخفى اليهود و النصارى معا بعثة محمد: «الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ‏ - 156 الأعراف».

لقد أطلع اللّه سبحانه محمدا (ص) على كل ما أخفاه و حرّفه اليهود من التوراة، و النصارى من الإنجيل، ثم أخبرهم محمد (ص) بكثير مما كانوا يخفون، و سكت عن كثير مما يعلم من تحريفهم، و هذا معنى قوله تعالى:

«يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ» . أي يسكت عنه.

و جاء هذا الإخبار من محمد (ص) دليلا قاطعا على نبوته، و معجزة من معجزات القرآن التي لا ينبغي لعاقل أن يرتاب فيها و يشك، لأن النبي (ص) كان أميا لم يقرأ كتابا، و لم يخبره أحد عما في كتب اليهود و النصارى.

و تسأل: لما ذا أخبرهم النبي بالبعض فقط، دون الجميع؟

الجواب: ان الغاية هي اعلامهم بأن الرسول عالم بما يخفون، و هذه الغاية تحصل بالأخبار عن البعض، كما تحصل بالأخبار عن الكل .. هذا، الى انهم إذا علموا بأنه (ص) عالم ببعض ما أخفوه فقد علموا بأنه عالم بالكل.

الإسلام و أنصار السلام:

(قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ) . قيل: النور محمد، و الكتاب القرآن. و قيل: هما وصفان للإسلام .. و لا اختلاف بين القولين الا في التعبير، فان محمدا و الإسلام و كتاب اللّه معان متلازمة متشابكة، لا ينفك بعضها عن بعض.

(يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ) . أي من رغب في مرضاة اللّه وحده، و طلب الحق لوجه الحق فانه يجد في الإسلام بغيته و مرامه، لأن فيه ثلاث فوائد:

تفسير الكاشف، ج‏3، ص: 35

1- (سُبُلَ السَّلامِ) . و ليس المراد بالسلام خصوص السلام الذي ينشده و ينادي به أنصار السلام من طلب الأمن على الأرواح و الأموال للشعوب، و انما المراد به السلام الكامل الشامل لجميع الشعوب، و الأفراد، و سلام البيت و الأسرة من التربية الفاسدة، و سلام العقل من الجهل و الايمان بالخرافات و الأساطير، و سلام النفس من الطمع و الحقد و الكذب و المكر.

2- (وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ) . أي يخرجهم اللّه بأمره تعالى من ظلمات التعبد للأصنام الى نور التوحيد الذي يحررهم من كل قيد إلا التعبد للّه الواحد القهار.

3- (وَ يَهْدِيهِمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) . و الصراط المستقيم عند اللّه هو السبيل الذي يجعل الحياة، هذه الحياة، متعة و هناء لا عذابا و شقاء.

و بعد، فهل عند أنصار السلام و غيرهم من الذين ينادون بتنمية الانتاج، و توفير العيش للجميع، هل عند هؤلاء و غير هؤلاء منهج أفضل و أجدى مما عند الإسلام؟. و هل يحبون عباد اللّه أكثر من حب اللّه لعباده، أو انّهم أعلم منه بما يصلح خلقه و يفسده؟ و بالتالي، هل في عقيدة الإسلام، و شريعة الإسلام، و أخلاق الإسلام، أو في حكم واحد من أحكام الإسلام ما يتنافى مع زيادة الانتاج و توزيعه بالحق و العدل؟. ان القرآن أول الدعاة الى حياة أفضل، قال سبحانه في الآية 9 من الاسراء: «إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ» .

قال المفسرون: أي للحالة الأفضل.

و مهما شككت، فاني على علم اليقين ان ما من أحد يدرس الإسلام دراسة صحيحة، أي بكفاءة و تجرد، إلا آمن به و أذعن له، من حيث يريد، أو لا يريد.

تفسير الكاشف، ج‏3، ص: 36

[سورة المائدة (5): الآيات 17 الى 19]

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (17) وَ قالَتِ الْيَهُودُ وَ النَّصارى‏ نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18) يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى‏ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَ نَذِيرٌ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (19)

الاعراب:

جميعا حال من المسيح و امه و من في الأرض. و على فترة متعلق بمحذوف حالا من الضمير في يبين. و المصدر المنسبك من أن تقولوا مجرور باضافة مفعول له محذوف، و التقدير مخافة قولكم ما جاءنا من بشير.

المعنى:

(لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ) . قد نفهم ان أحكام الشرائع الوضعية تتغير بتغير الأزمان، أما ان تتغير اصول العقيدة الدينية بتغير الظروف و الأوقات فبعيد عن فهم كل عاقل .. و لكن هذا ما حدث بالفعل للعقيدة المسيحية، فقد ابتدأت هذه العقيدة بالتوحيد الخالص في عيسى (ع)، و بقيت على التوحيد أمدا غير قصير فرق من المسيحيين، منها فرقة ابيون، و فرقة بولس الشمشاطي، و فرقة أريوس، و قد نص القرآن صراحة على ان‏

تفسير الكاشف، ج‏3، ص: 37

عيسى (ع) أتى بعقيدة التوحيد:

«وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَ أَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَ أُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ. قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ. إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَ لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ. ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَ رَبَّكُمْ وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ» (115 المائدة).

و ظلت عقيدة التوحيد عند كثير من المسيحيين، و لم تعلن عقيدة التثليث مدعومة بالقوة الى سنة 325 م حيث أصدر مجمع نيقية قرارا بإثبات ألوهية المسيح، و تكفير من يقول: انه انسان، و حرق جميع الكتب التي تصفه بغير الألوهية، و نفذ قسطنطين امبراطور الرومان هذا القرار، و أصبح المسيح إلها عندهم بعد أن كان بشرا، و صدق عليهم قول الفيلسوف الصيني (لين يوتانغ):

ان الاغريق جعلوا آلهتهم مثل الرجال، أما المسيحيون فقد جعلوا الرجال مثل الآلهة «1» .

و بهذا يتبين معنا ان الاعتقاد بألوهية عيسى (ع) كان قبل نزول القرآن بحوالى ثلاثة قرون- اذن- يكون المعنى المراد من قوله تعالى: (لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ) المعنى الظاهر من اللفظ، و لا داعي للتأويل بالحلول و الاتحاد، كما فعل كثير من المفسرين القدامى زاعمين ان أكثر النصارى لا يقولون بربوبية عيسى، بل يقولون: ان اللّه حل به، أو اتحد معه، و عليه فلا تعدد .. و قال صاحب تفسير المنار: «ان أمثال الزمخشري و البيضاوي و الرازي لا يعتد بما يعرفون عن النصارى، لأنهم لم يقرءوا كتبهم، و لم يناظروهم فيها». و صدق صاحب المنار، فان من يرجع الى كتبهم يجدها صريحة في التثليث، و نقل الشيخ أبو زهرة الكثير منها في كتاب «محاضرات في النصرانية»

(1). المجامع عند النصارى تنقسم الى ثلاثة اقسام: مجامع مسكونية، اي تجمع رحال الكنيسة في جميع أنحاء المعمورة، و هذه حكمها لا يرد، و مجامع ملية، اي تختص بملة دون ملة، و مجامع اقليمية، اي خاصة باقليم دون إقليم .. و تجدر الاشارة الى ان أبا حنيفة يقول: ليس للّه احكام واقعية، و ان حكمه ما يراه المجتهد بالذات، اي ان حكم اللّه واقعا ما حكم به الفرد فضلا عن الجماعة و المجامع.

تفسير الكاشف، ج‏3، ص: 38

و عقد في هذا الكتاب فصلا خاصا بعنوان «النصرانية كما هي عند النصارى و في كتبهم»، و مما جاء فيه ان القس بوطر ألّف رسالة أسماها «الأصول و الفروع» قال فيها: «ان في اللاهوت ثلاثة أقانيم، و لكل منهم عمل خاص في البشر».

و تقدم الكلام عن الأقانيم الثلاثة عند تفسير الآية 50 من النساء.

الاشاعرة و النصارى:

و تسأل: ان النصارى يؤمنون بالتثليث و الوحدانية في آن واحد، لأنهم يقولون «بسم الأب و الابن و الروح القدس إلها واحدا»، فكيف يمكن الجمع بين الوحدانية و التثليث، كيف يكون الواحد ثلاثة، و الثلاثة واحدا؟

و أجاب المسيحيون أنفسهم عن ذلك بأن العقيدة فوق العقل، و هم يربون صغارهم على ذلك، و يقولون لهم: إذا لم تفهموا هذه الحقيقة الآن فإنكم سوف تفهمونها يوم القيامة.

و بهذه المناسبة نشير الى أن الأشاعرة من المسلمين قالوا: ان اللّه قد أراد الكفر به من العبد، و مع ذلك يعاقبه عليه .. فإذا كان قول النصارى: الثلاثة واحد غير معقول فان قول الأشاعرة: اللّه يفعل الشي‏ء ثم يعاقب عبده عليه غير معقول أيضا.

أما المسلمون فيؤمنون ايمانا جازما بأن كل ما يقره العقل يقره الدين، و ما يرفضه العقل يرفضه الدين، و يروون عن نبيهم انه قال: أصل ديني العقل ..

و ان رجلا سأله عن معنى البر و الإثم؟ فقال له: استفت قلبك، البر ما اطمأنت اليه النفس، و اطمأن اليه القلب، و الإثم ما حاك في النفس، و تردد في الصدر، و ان أفتاك الناس و أفتوك.

(قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) . هذه الآية من أقوى الردود على المسيحيين، و أصدق الأدلة على عدم ألوهية المسيح، لأن اللّه سبحانه إذا ملك القدرة على هلاك المسيح فلا يكون المسيح، و الحال هذه، إلها، و ان لم يملك اللّه القدرة على هلاكه فلا يكون اللّه إلها، و المفروض انه إله، فيكون قادرا على هلاك المسيح.

تفسير الكاشف، ج‏3، ص: 39

و رب قائل يقول: ان هذه الآية لا تصلح ردا على النصارى فضلا عن انها من أصدق الأدلة، لأنها دعوى مجردة عن الدليل .. فللنصارى أن يقولوا:

ان اللّه لا يقدر على هلاك المسيح، و لا المسيح يقدر على هلاك اللّه، لأن كلا منهما إله؟.

الجواب: ان المسيحيين متفقون قولا واحدا على أن اليهود قد صلبوا المسيح و آذوه و أماتوه و قبروه تحت الأرض، و على ذلك نصت أناجيلهم، منها ما جاء في إنجيل متى إصحاح 27 رقم 50: «و صرخ أيضا يسوع بصوت عظيم و أسلم الروح». و ما جاء في إنجيل لوقا إصحاح 23 رقم 46: «و نادى يسوع بصوت عظيم قائلا يا أبت في يدك استودع روحي و لما قال هذا أسلم الروح». و ما جاء في إنجيل يوحنا إصحاح 19 رقم 33 و 34 «و اما اليسوع فلما انتهوا اليه و رأوه قد مات لم يكسروا ساقيه، و لكن واحدا من الجند فتح جنبه بحربة، فخرج للوقت دم و ماء» أي خرج من جنب المسيح بعد موته .. و إذا كان اليهود قد أهلكوا المسيح فبالأولى أن يقدر اللّه على هلاكه و هلاك أمه.

(وَ قالَتِ الْيَهُودُ وَ النَّصارى‏ نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ) . ان قولهم هذا تماما كقولهم الذي حكاه اللّه عنهم في الآية 111 من سورة البقرة: «وَ قالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى‏» . و تجد تفسير هذه الآية في ج 1 من هذا التفسير ص 177 و 178 .. و تجدر الاشارة الى عقيدة الإسلام التي تقول: لا فضل لإنسان على انسان إلا بالتقوى، و ان النطق بكلمة الإسلام من حيث هو ليس بشي‏ء إلا مع العمل الصالح.

(قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ) . و تسأل: ان هذا لا يصلح جوابا لليهود و النصارى عن زعمهم بأنهم أبناء اللّه و أحباؤه، لأن لهم أن يقولوا: ان اللّه لا يعذبنا في الآخرة، و إذا لم يكن لديهم دليل محسوس على عدم عذابهم في الآخرة فلا دليل محسوس أيضا على عذابهم في ذلك اليوم؟.

الجواب: ان المراد بالعذاب ما يعم عذاب الدنيا و عذاب الآخرة .. و اللّه سبحانه قد عذب اليهود في الدنيا على يد الفراعنة، و بخت‏نصر و الرومان و غيرهم.

صفحه بعد