کتابخانه روایات شیعه
[مقدمة المحقق]
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
تمهيد
تمثل «الاستخارة» في أفكار جمع كثير من أبناء الطائفة الشيعية عقيدة راسخة، يؤمنون بفاعليتها على المستوى العملي بعد أن اطّلعوا على أصولها النظرية من خلال الأحاديث و الأخبار، حتى أن طلب الخير من اللّه في الفعل و تركه تجاوز الحالات الفردية الخاصّة إلى القضايا الاجتماعية و المسائل المصيرية، كالزواج و المشاريع التجارية و غير ذلك من الأمور الهامة.
فهناك من أسهب في الاستخارة، حتى راحت تتدخل في شئونه الحياتية الشخصية و تصرفاته اليومية، إيمانا منه بأن لا خيار أفضل ممّا يختاره اللّه عزّ و جل لعباده، و هذا الصنف من الناس يتمتع عادة بنقاء السريرة و صفائها، و سلامة النفس و طيبها.
فيما يعتقد آخرون أنّ الاستخارة خصّصت لحالات معينة لا يستطيع الإنسان فيها أن يعزم بضرس قاطع على رأي معين، فيستخير من اللّه عزّ و جل في الفعل و عدم الفعل، و شعارهم فيما يعتقدون مقولة: «الخيرة عند الحيرة».
و هناك صنف آخر لا يرى العمل بالاستخارة، لاعتبارات عدّة، لا
مجال لذكرها، و شعارهم في ذلك قوله تعالى: فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ .
و لا أريد في هذه العجالة الدخول في معمعة المفاضلة بين الآراء، بقدر ما أؤكد على أن الاستخارة- بالنظر إلى الأمر الواقع- تمثل ظاهرة اجتماعية عميقة الجذور، تحمل في طياتها من الايجابيات و السلبيات ما يستحق الدراسة و البحث، من أجل بناء مجتمع إسلامي رصين، يحمل معتقداته الفكرية على أساس من الإيمان باللّه و الدليل العلمي.
و كتاب «فتح الأبواب بين ذوي الألباب و بين ربّ الأرباب» من أهم و أقدم الآثار التي تناولت موضوع الاستخارة، أنواعها ... كيفياتها، و كلّ ما يرتبط بها، استهدفنا باحيائه و تحقيقه إثراء المكتبة الإسلامية في جانب قلّ ما كتب فيه، بالإضافة إلى أهميته المصدرية الحديثية، و ما امتاز به من خصوصيات تأتيك في القسم الثاني من المقدّمة، و نكون بذلك قد هيّأنا جزء من المادة الأولية لأيّ دراسة أو بحث يتناول هذه الظاهرة الاجتماعية.
و نأمل أن نكون قد وفّقنا لإخراج هذا الأثر القيم و تحقيقه بالصورة اللائقة و المناسبة لقيمته العلمية، متضرّعين إلى اللّه سبحانه و تعالى أن يتقبل هذا العمل المتواضع بقبول حسن، إنّه نِعْمَ الْمَوْلى وَ نِعْمَ النَّصِيرُ* .
حامد الخفاف 10 ذي الحجة 1408 ه
مقدّمة الكتاب
القسم الأوّل «ترجمة المؤلّف»
1- موجز عن حياته.
2- أسرته
أ- والده
ب- والدته
ج- أخوته
د- زوجته
ه- أولاده
3- أقوال العلماء فيه.
4- مشايخه.
5- الرواة عنه.
6- مكتبته.
7- تصانيفه.
8- شعره.
9- وفاته و مدفنه.
1- موجز عن حياته
هو السيّد علي 1 بن موسى بن جعفر بن محمّد بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن أحمد بن محمّد- هو الطاوس 2 - بن إسحاق بن الحسن بن محمّد بن سليمان بن داود 3 بن الحسن المثنى بن الحسن السبط ابن مولانا أمير
المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) 4 .
ولد رضوان اللّه عليه قبل ظهر يوم الخميس منتصف محرم سنة 589 ه في مدينة الحلّة 5 ، التي شهدت في تلك الفترة بداية ازدهار حركتها العلمية، التي شكلت في ما بعد مدرسة فقهية خاصّة عرفت باسمها، تمثّل نتاجها الثقافي بتخريج عدد كبير من أساطين العلماء و كبار الفقهاء، الذين أخذوا بزمام الزعامة العلمية مدة ثلاثة قرون تقريبا.
و من الطبيعي أن يترك الجو العلمي الذي تربّى في أحضانه السيّد ابن طاوس أثرا إيجابيا طيبا في حياته، كان بمثابة الحجر الأساس فيما وصل إليه من مراتب سامية في دنيا المعارف الإسلامية، فضلا عما كانت تتمتع به أسرته من رصيد علمي ضخم، لا تخفى آثاره على الوليد الجديد.
و يحدّثنا السيّد ابن طاوس عن تأريخ نشأته و دراسته، فيقول:
«أول ما نشأت بين جدي ورّام و والدي ... و تعلّمت الخط و العربية، و قرأت علم الشريعة المحمدية ... و قرأت كتبا في أصول الدين ...