کتابخانه روایات شیعه
في المقنعة و كلاما للشيخ الفقيه محمد بن إدريس في كتاب السرائر فاعتقدوا أن ذلك مانع من الاستخارة بالرقاع المذكورة فتوقفوا عنها و فاتهم فوائدها المأثورة و نحن نذكر كلام هذين الشيخين على وجهه و لفظه و معناه و نذكر عذرهما مع مراعاة مراقبة الله جل جلاله و الاجتهاد في طلب رضاه. أما الذي ذكره شيخنا المفيد في المقنعة فهذا لفظ ما وجدناه في نسختنا و هي نسخة عتيقة جليلة يدل حالها على أنها كتبت في زمان حياة شيخنا المفيد رضوان الله عليه و عليها قراءة و مقابلة و هي أصل يعتمد عليه-
وَ رُوِيَ عَنْهُ ع أَيْضاً أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ الِاسْتِخَارَةَ فَخُذْ سِتَّ رِقَاعٍ فَاكْتُبْ فِي ثَلَاثٍ مِنْهُنَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ خِيَرَةٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ 740 افْعَلْ وَ فِي ثَلَاثٍ خِيَرَةٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ 741 لَا تَفْعَلْ ثُمَّ ضَعْهُنَّ تَحْتَ مُصَلَّاكَ وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهُمَا فَاسْجُدْ وَ قُلْ فِي سُجُودِكَ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ بِرَحْمَتِهِ خِيَرَةً فِي عَافِيَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ثُمَّ اسْتَوِ جَالِساً وَ قُلِ اللَّهُمَّ خِرْ لِي وَ اخْتَرْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَ عَافِيَةٍ ثُمَّ اضْرِبْ يَدَكَ إِلَى الرِّقَاعِ فَشَوِّشْهَا وَ اخْلِطْهَا وَ أَخْرِجْ وَاحِدَةً فَإِنْ خَرَجَتْ لَا تَفْعَلْ فَأَخْرِجْ ثَلَاثاً مُتَوَالِيَاتٍ فَإِنْ خَرَجْنَ 742 عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تَفْعَلْ 743 فَلَا تَفْعَلْ وَ إِنْ خَرَجَتْ افْعَلْ فَافْعَلْ وَ إِنْ خَرَجَتْ وَاحِدَةٌ لَا تَفْعَلْ وَ الْأُخْرَى افْعَلْ فَخُذْ مِنْهَا خَمْسَ رِقَاعٍ فَانْظُرْ أَكْثَرَهُمَا فَاعْمَلْ عَلَيْهِ-
وَ اتْرُكِ الْبَاقِيَ 744 .
و هذا آخر ما تضمنته نسختنا المشار إليها و لم يذكر عن شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان طعنا عليها و هي أقرب إلى التحقيق لأن جدي أبا جعفر الطوسي لما شرح المقنعة بتهذيب الأحكام لم يذكر عند ذكره لهذه الرواية أن المفيد طعن فيها 745 و إنما وجدنا بعض نسخ المقنعة فيها زيادة و لعلها قد كانت من كلام 746 غير المفيد على حاشية المقنعة فنقلها بعض الناسخين فصارت في الأصل و نحن نذكر الزيادة في بعض نسخ المقنعة و نجيب عنها و هذا لفظ الزيادة. و هذه الرواية شاذة ليست كالذي تقدم لكنا أوردناها على وجه الرخصة دون تحقيق العمل بها. هذا آخر ما وجدناه عنه في بعض نسخ المقنعة 747 رضي الله جل جلاله عنه و أرضاه. أقول اعتبر هذه الرواية و اعتبر ما قيد به قوله رحمه الله إنها شاذة و قد ظهر لك حقيقة الحال و معنى المقال أما قوله هذه الرواية شاذة فإنه ما قال كل رواية وردت في الاستخارة شاذة و لا قال إن سبب شذوذها كونها يعمل فيها بالرقاع و لا قال إن العمل بها شاذ فقد ظهر 748 بذلك أن قوله هذه الرواية شاذة محتمل لعدة وجوه. الوجه الأول لعل مراده رحمه الله أن هذه الرواية شاذة لأجل أنه عرف أن راويها عن الأئمة ص لم يرو غيرها عنهم فإنه ما ذكر اسم رواتها.
الوجه الثاني لعل مراده أن هذه الرواية شاذة لأجل أن راويها خاصة كان رجلا مجهولا لا يعرف بالرواية عن أهل البيت ع. الوجه الثالث لعل مراده أن هذه الرواية شاذة لأجل كونها تضمنت لفلان بن فلان و لم تتضمن فلان بن فلانة فإن ذكر فلان بن فلانة هو المألوف المعروف. الوجه الرابع لعل المراد أن هذه الرواية شاذة أنها تضمنت بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان افعل و ما قال افعله فإن المألوف المعروف افعله بالهاء. الوجه الخامس لعل المراد أن هذه الرواية شاذة كونه ذكر فيها أولا فإن خرجت لا تفعل فأخرج ثلاثا متواليات فإن خرجن على صفة واحدة لا تفعل فلا تفعل و ما هكذا تضمنت رواية الاستخارة بالست الرقاع إنما تضمنت البدأة بخروج الرقاع افعل فإن عادة كثير من أخبار النبي و الأئمة ع أنه إذا كان الأمر مترددا بين افعل و لا تفعل يبدءون في غالب الأحوال باللفظ بافعل فكانت هذه الرواية شاذة كيف قدم فيها راويها لا تفعل على غيرها من الروايات المتضمنة تقديم افعله 749 فإنه كشف بذلك أن قوله رحمه الله هذه الرواية شاذة و ليست كالتي تقدم محتمل لهذه الوجوه كلها و لغيرها من التأويلات التي تدخل تحت الاحتمالات. و أما قوله رضوان الله عليه لكنا أوردناها على سبيل الرخصة دون تحقيق العمل بها فاعلم أن المفهوم من قوله على سبيل الرخصة أن العمل بها جائز و أنها ليست كالروايات التي قدمها قبلها و هذا الجواز كاف مع ما ذكرناه من وجوه
احتمالات شذوذها و ضعف نقلها فإنه لو لم يكن العمل بها جائزا كانت بدعة و زيادة في شريعة الإسلام و حوشي ذلك الشيخ العظيم المقام أن يودع كتابه بدعة ليست من الشريعة المحمدية بل كان يسقطها أصلا و يحرمها على عادته في المجاهرة و ترك التقية و لأن الشيخ المفيد ذكر في خطبة كتاب المقنعة أنه ألف ذلك ليكون إماما للمسترشدين و دليلا للطالبين 750
فصل
و بيان ما قلناه من الاعتذار و أن شيخنا المفيد ما كانت هذه الرواية 751 التي كشفنا شذوذها و ضعفها من باب الإنكار أن جدي السعيد أبا جعفر محمد بن الحسن الطوسي رضوان الله عليه شرح كتاب المقنعة بتهذيب الأحكام كما ذكرناه و ما ذكر قول شيخنا المفيد إنها شاذة و لا تعرض لذلك برواية و لا كلام بل أورد روايات الاستخارات بالرقاع الست و غيرها على وجه واحد عن الثقات و هو أعرف بأسرار شيخنا المفيد و لو كان يعرف منه إنكاره لمجرد العمل بالرقاع في الاستخارات لذكره أو نبه عليه أو أشار إليه مع أن كتاب الاستبصار عمل لأجل ما اختلف من الأخبار فلو كان في هذه الاستخارة بالرقاع خلاف في التحقيق لذكره في الاستبصار و هذا واضح لأهل التوفيق
فصل
و أما كلام الشيخ الفقيه محمد بن إدريس رحمة الله جل جلاله عليه فهذا لفظ ما وجدناه عنه بعد ما حكيناه من اختياره للاستخارة بمائة مرة في باب الاستخارة بمائة مرة.
قال رحمه الله و الروايات في هذا الباب كثيرة و الأمر فيها واسع و الأولى ما ذكرناه. قال فأما الرقاع و البنادق و القرعة فمن أضعف أخبار الآحاد و شواذ الأخبار لأن رواتها فطحية 752 ملعونون مثل زرعة 753 و سماعة 754 و غيرهما-
فلا يلتفت إلى ما اختصا بروايته و لا يعرج عليه. ثم قال ما معناه فإن لفظه فيه طول لا حاجة إلى إيراده أن أصحابنا يذكرون في كتب الفقه ما اختاره هو رحمه الله من الاستخارة و لا يذكرون البنادق و الرقاع و القرعة إلا في كتب العبادات 755 . يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس قوله رحمه الله و الأولى ما ذكرناه كاشف عن أنه ما أنكر العمل في الاستخارة بالرقاع و إنما ذكر أن الأولى ما اختاره هو رحمه الله و ارتضاه و قد ذكرنا في باب ترجيح العمل بالرقاع الست 756 ما فيه بلاغ لمن عرف معناه فانظر في المواضع الذي ذكرناه و أما قوله رحمه الله فأما الرقاع و البنادق و القرعة فمن أضعف أخبار الآحاد و شواذ الأخبار لأن رواتها فطحية ملعونون مثل زرعة و سماعة و غيرهما فلا يلتفت إلى ما اختصا بروايته و لا يعرج عليه فإذا كان إنما كانت أخبار الاستخارة بالرقاع عنده رحمه الله شاذة لأجل أن 757 رواتها فطحية مثل زرعة و سماعة فما روينا فيما ذكرناه عن زرعة و سماعة شيئا أبدا بل ما ذكرنا رواية مسندة إلا عن من يصح العمل بما رواه فقد زالت العلة التي لأجلها كانت عنده الأخبار شاذة و ضعيفة و ما روينا أخبار استخارة الرقاع إلا عن من اعتمد عليهم ثقات أصحابنا العارفين بالأخبار و قد أوضحنا