کتابخانه روایات شیعه
نَدْعُو فَلَا يُسْتَجَابُ لَنَا فَقَالَ إِنَّكُمْ تَدْعُونَ مَنْ لَا تَعْرِفُونَهُ 774 .
وَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ مَعْنَاهُ عَنِ الصَّادِقِ ع أَنَّ الْعَبْدَ يَدْعُو وَ هُوَ مُصِرٌّ عَلَى مَعْصِيَةِ اللَّهِ تَعَالَى فَاللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ يُطَالِبُهُ بِالتَّوْبَةِ وَ الْعَبْدُ يُطَالِبُهُ بِإِجَابَةِ دُعَائِهِ فَإِذَا رَدَّهُ اللَّهُ جَلَّ جَلَالُهُ عَنِ الْإِجَابَةِ فِي جَوَابِ رَدِّهِ عَنِ الْإِجَابَةِ إِلَى التَّوْبَةِ فَقَدْ رَحِمَهُ وَ عَفَا عَنْهُ.
أقول فإذا استخار العبد الله جل جلاله و هو على صفات أو صفة تمنع من إجابة الدعاء فإذا لم تنعكس استخارته يكون ذلك من باب الفضل الذي لا يستحقه العبد و لله جل جلاله أن يفعله و أن لا يفعله فإذا انعكست الاستخارة كان ذلك من باب العدل الذي لله جل جلاله أن يفعله و أن لا يفعله 775 مع عبده فربما تنعكس في مثل هذه الأسباب استخارات و يكون عكسها من باب العدل فيعتقد العبد أن ذلك لضعف الروايات.
الفريق الثامن من الذين تركوا الاستخارة و توقفوا عنها حيث لم يظفروا بالمراد منها
و هم قوم كانوا يستخيرون الله جل جلاله مثلا استخارة صحيحة و لكن ما كانوا يتحفظون بعد الاستخارة من المعاصي الظاهرة و الباطنة إما جهلا بالمعاصي مما لا يعذرون 776 بجهله أو عمدا لاعتقادهم أن ذلك ما يبطل 777 الاستخارات و لا يحول بينهم و بين ما استخاروا فيه فيقع منهم بعد الاستخارة من المعاصي لله جل جلاله ما يقتضي عكس الاستخارة بعد أن كان الله جل جلاله قد أذن في قضاء حاجتهم.
كما رويناه
بِإِسْنَادِنَا فِي كِتَابِ التَّتِمَّاتِ 778 عَنِ الْحَسَنِ بْنِ مَحْبُوبٍ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ ع قَالَ: إِنَّ الْعَبْدَ يَسْأَلُ اللَّهَ تَبَارَكَ وَ تَعَالَى الْحَاجَةَ مِنْ حَوَائِجِ الدُّنْيَا قَالَ فَيَكُونُ مِنْ شَأْنِ اللَّهِ قَضَاؤُهَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ وَ وَقْتٍ بَطِيءٍ قَالَ فَيُذْنِبُ الْعَبْدُ عِنْدَ ذَلِكَ الْوَقْتِ ذَنْباً فَيَقُولُ لِلْمَلَكِ الْمُوَكَّلِ بِحَاجَتِهِ لَا تُنْجِزْ لَهُ حَاجَتَهُ وَ احْرِمْهُ إِيَّاهَا فَإِنَّهُ قَدْ تَعَرَّضَ لِسَخَطِي وَ اسْتَوْجَبَ الْحِرْمَانَ مِنِّي 779 .
الفريق التاسع من الذين توقفوا عن الاستخارة و أنكروا العمل بها
و هم قوم ما كانوا يعرفون كيف يستخيرون زيادة على ما قدمناه فوجدوا الاستخارات كما لا يريدون فاعتقدوا أن ذلك لبطلان الرواية بالاستخارة الربانية و إنما كان لعدم معرفتهم بشروطها المرضية و ذلك أن أقل مراتب المستخير أن يسلم إلى الله تعالى طرفي التدبير نعم و لا و هو ربما يستخير و أحد الطرفين في يد هواه لا يتركه و لا يسلمه إلى مولاه. و من آداب المستخير أن تكون صلاته للاستخارة صلاة مضطر إلى معرفة مصلحته التي لا يعلمها إلا 780 علام الغيوب فيتأدب في صلاته كما يتأدب السائل المسكين المضطر إلى نجاح المطلوب. و من آداب المستخير أن يكون عند سجوده للاستخارة و قوله أستخير الله برحمته خيرة في عافية بقلب مقبل على الله جل جلاله و نية حاضرة صافية فإنه يعلم أنه ما كان يبلغ أمله إلى 781 أن يشاور الله في كل ما
يمكن مشاورته فيه و لعله في وقت مشاورته فيه على خلاف مراضيه فلا أقل من أن يكون قلبه مقبلا عليه كما لو شاور و استشار بعض ملوك الدنيا إذا احتاج إليه و قدر أن يقف بين يديه. و من آداب المستخير أنه إذا عرف من نفسه وقت سجوده للاستخارات أنها قد غفلت عن ذكر أنها بين يدي عالم الخفيات أن يستغفر و يتوب في الحال من ذلك الإهمال لأنه إذا غفل عن الله جل جلاله و هو يستشيره في أمره كان كمن حضر بين يدي مولاه ثم جعل يحدثه و يشاوره و قد جعل سيده وراء ظهره. و من آداب المستخير أنه إذا رفع رأسه من سجدة الاستخارات أنه يقبل بقلبه على الله جل جلاله بصدق النيات و يتذكر أنه يأخذ رقاع الاستخارة من لسان حال الجلالة الإلهية و أبواب الإشارة الربانية فإن الرقاع تضمنت أنها خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلان افعل أ فلا ترى أن رقاع الاستخارة مكتوبات من الله جل جلاله أعظم مالك و أحقه بالمراقبات إلى عبده المضطر إليه في سائر الأوقات فلا أقل أن يكون امتداد يده لأخذ رقاع الاستخارات بتأدب و ذل و إقبال السرائر كما لو أخذها من سلطان في الدنيا قاهر فما يعلم أنه يأخذها ممن كتبها إليه و هو مالك الأوائل و الأواخر. و من آداب المستخير أنه لا يتكلم بين أخذ رقاع الاستخارة مع غير الله جل جلاله كما تقدم روايتنا له عن مولانا الجواد ص 782 فإن العبد لو كان يشاور ملكا من ملوك الدنيا ما قطع مشاورته له و حادث غيره ممن هو دونه بل كان يقبل بقلبه و قالبه و جنانه و لسانه مدة وقت المشاورة
عليه فلا يكون الله جل جلاله دون عبده من ملوك الدنيا المشار إليه. و من آداب المستخير أنه إذا خرجت الاستخارة مخالفة لمراد المستخير و لهواه فإنه لا يقابل مشورة الله جل جلاله بالكراهة و مخالفة رضاه بل يقابل ذلك بالشكر لله جل جلاله كيف جعله أهلا أن يستشيره و جعله أهلا أن يجيبه في الحال بمصلحة دنياه و أخراه ما كان العبد يحسن أن يتمناه. و للاستخارة آداب غير ما ذكرناه و قد رأينا الاقتصار على ما أوضحناه فربما ترك العبد شيئا من هذه الآداب أو غيرها مما يكون شرطا في مراقبة مالك الأسباب فما يؤمنه من إعراض الله جل جلاله عنه و يكون الذنب للعبد حيث أغضب الله جل جلاله عليه بما وقع من سوء الأدب منه.
الفريق العاشر ممن يتوقف عن الاستخارة أو ينكرها قوم من عوام العباد ما في قلوبهم يقين و لا قوة معرفة و لا وثوق بسلطان المعاد
لأنهم ما تسكن نفوسهم إلا إلى مشاورة من يشاهدونه و يأنسون به و يعرفونه من الأنام و الله جل جلاله ما تصح عليه المشاهدة و ليس لهم أنس 783 قوة المعرفة له و لا لذة الوثوق به و لا يعرفون للمشاورة له فائدة عندهم من قصور الأفهام.
و من يك ذا فم مر مريض
يجد مرا به الماء الزلالا .
و هؤلاء من قبيل الذين ذكرهم
مَوْلَانَا أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ ع فِي بَعْضِ خُطَبِهِ الرَّائِقَةِ هَمَجٌ رَعَاعٌ لَا يَعْبَأُ اللَّهُ بِهِمْ أَتْبَاعُ كُلِّ نَاعِقٍ وَ نَاعِقَةٍ 784 .
الفريق الحادي عشر قوم يسمعون أن بعض أهل الاستخارات يستخير في قصد مشاهد لزيارات
أو في بعض المندوبات أو بعض المواصلة 785 بالصدقات فيسبق إلى خواطرهم أن المستخير في هذه الأسباب يستخير الله جل جلاله ليستعلم منه سبحانه هل هذه مندوبات و آداب أم لا فيقولون هذه قد وردت في الأخبار بأنها مندوبات و أنها قربات و طاعات فكيف يحتاج الإنسان أن يستخير الله جل جلاله و يستعلم منه ما قد ورد في الروايات و لو كانوا قد عرفوا أن المستخير في هذه الأحوال أعرف منهم بما ورد في تلك القربات من الأخبار و الحث على حث صواب الأعمال و أنه ما يستخير فيما سبقت خواطرهم إليه كانوا عسى قد عرفوا بعض أنعام الله جل جلاله بالاستخارة عليهم و عليه. إنما على العبد الذي يستخير في ذلك خدمة الله جل جلاله و طاعات إن أقام عند العيال و مهمات و عليه خدمة بالسفر إلى الزيارات و لا يمكن الجمع بين ما هو مكلف به في الحضر و السفر في وقت واحد فيحتاج أن يعرف مشاورة الله أيهما يقدم الآن و أيهما يترك و هذا واضح للأعيان و لأن العبد ما يدري هل 786 إذا توجه إلى السفر يكون متمكنا من التفرغ بالعافية و إخلاص النيات و زوال الحوائل و الحادثات و إذا أقام عند عياله يكون 787 أبلغ في التفرغ و السلامة من المكروهات كما قدمناه و لا يعلم أيضا ما يلقاه في طريق الأسفار من الأكدار و لا ما يلقاه إن أقام في الدار من الأخطار فيحتاج أن يستعلم بالاستخارة عاقبة ما يستقبله من الأوقات و هذا لا يعلمه إلا من عالم الخفيات و قد قدمنا ما أردنا ذكره فيما مضى من
الأبواب من صواب الاستخارة في المندوبات و الآداب مما فيه بلاغ لذوي الألباب
الباب الرابع و العشرون فيما أذكره من أن الاعتبار في صواب العبد في الأعمال و الأقوال على ما وهب الله جل جلاله من العقل في المعقول و على ما نبه ص في المنقول 788 دون من خالف في ذلك على كل حال