کتابخانه روایات شیعه
الاستخارة في الفعل أو الترك و هذا مما يدخل تحت عموم الروايات بالاستخارات و بقضاء الحاجات و ما يتوقف هذا على شيء يختص به في الروايات 731
الباب الثالث و العشرون فيما لعله يكون سببا لتوقف قوم عن العمل بالاستخارة أو لإنكارها و الجواب عن ذلك
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس الحسني اعلم أنني وجدت المتوقفين عن العمل بالاستخارة و المنكرين لها عدة فرق
الفرقة الأولى قوم كانوا مشغولين عن أخبار الاستخارات بمهام دينهم و دنياهم
فلم يتفرغوا و لم ينظروا بالاعتبار في ما ورد فيها من الروايات و لو كانوا وقفوا على ما رويناه و ذكرناه ما توقفوا و لا أنكروا و كانوا يعملون بذلك فإنه واضح لمن عرف معناه و هؤلاء هم الذين يحسن الظن بهم من المتوقفين أو المنكرين و لا تزروا بغير المكابرين.
الفريق الثاني من المتوقفين عن الاستخارة و العمل بها و الإنكار لها قوم كانوا يستخيرون فوجدوا من الاستخارة أكدارا و أخطارا
فتوقفوا عنها و نفروا منها و أظهروا إنكارا و هؤلاء إذا نظر في حالهم منصف عارف بهم على اليقين علم أنهم ما كانوا قد قاموا بشروط الاستخارة-
لسلطان العالمين فالذنب كان لهم دون الاستخارات و ذاك أنهم كانوا يستخيرون على سبيل التجارب لينظروا هل يظفرون بالمرادات أم لا يظفرون بذلك بطلان ما ورد في الاستخارة من الروايات 732 و بان أنهم كانوا يفعلون ذلك على سبيل التجارب دون اليقين و التفويض إلى الله جل جلاله في تدبير العواقب و توقفهم عنها و نفورهم منها و رجوعهم عن الله جل جلاله فيما أشار به عليهم فيما زعموا أنهم استخاروا الله جل جلاله فيه و فوضوا إلى مراضيه و لو كانوا على يقين من استخارتهم كانوا قد قنعوا بتدبير الله فهو أعلم بمصلحتهم في دنياهم و آخرتهم
فصل
و ما يخفى على أهل البصائر أن الذي يستخير الله جل جلاله على سبيل التجربة فإنه يكون سيئ الظن بالله عز و جل أو سيئ الظن بالرواية عن الله بل لعله 733 كان سيئ الظن بالرواية قام 734 و صلى صلاة الاستخارة و كلاهما يمنع من الاستخارة فإنه لو حسن ظنه أو قوي يقينه بالله جل جلاله رضي بتدبيره في كل إشارة و الله جل جلاله يقول يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ 735 الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ 736 فمن يستخير على سبيل التجارب و لا يكون مفوضا إلى الله جل جلاله العالم بالعواقب فقد أساء الظن بالله فإنه مطلع على سره- وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ 737 و المستخير على هذه الصفات أقرب إلى الهلاك و النقمات من أنه يظفر
بفوائد الاستخارت
فصل
و أيضا فإن المستخير على غير ثقة و يقين بالاستخارات بل إن جاءت كما يريد عمل بها و إن جاءت بخلاف ما يريد توقف عنها و نفر منها و قدح في الروايات ما يؤمنه أن يدخل تحت عموم تهديد و وعيد سلطان العالمين في قوله تعالى وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ 738
(فصل)
الفريق الثالث قوم كانوا يستخيرون لا على سبيل التجربة على ما يقولون
بل ما كانوا يعلمون أن رقاع الاستخارات دالة على ما يأتي فيها من الإشارات و هل يكون صفوا أو يكون فيها تكدير 739 في بعض الأوقات كما كنا قد شرحناه في باب ترجيح العمل بالست رقاع و ما ذكرناه فيها من الانتفاع. بل لا يفرقون بين الاستخارة إذا جاءت افعل سواء كانت في خمس أو أربع أو ثلاث و قد كشفنا في ذلك الباب الفرق بين رقاع الاستخارة إذا توافقت و تساوت و إذا اختلفت فانظره فإنه كاشف لوجوه الصواب و لو كان قد علم المستخير أن الرقاع إذا خرجت افعل في خمس يقتضي أن يكون فيها تكدير بحسب مواضع الرقاع التي خرجت فيها لا تفعل كان قد تأهب له و ما كان ينفر منها و لا يستعجل.
الفريق الرابع قوم وجدوا كلاما [لأصحابنا فاعتقدوا أن ذلك مانع من الاستخارة بالرقاع المذكورة]
لشيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان
في المقنعة و كلاما للشيخ الفقيه محمد بن إدريس في كتاب السرائر فاعتقدوا أن ذلك مانع من الاستخارة بالرقاع المذكورة فتوقفوا عنها و فاتهم فوائدها المأثورة و نحن نذكر كلام هذين الشيخين على وجهه و لفظه و معناه و نذكر عذرهما مع مراعاة مراقبة الله جل جلاله و الاجتهاد في طلب رضاه. أما الذي ذكره شيخنا المفيد في المقنعة فهذا لفظ ما وجدناه في نسختنا و هي نسخة عتيقة جليلة يدل حالها على أنها كتبت في زمان حياة شيخنا المفيد رضوان الله عليه و عليها قراءة و مقابلة و هي أصل يعتمد عليه-
وَ رُوِيَ عَنْهُ ع أَيْضاً أَنَّهُ قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ الِاسْتِخَارَةَ فَخُذْ سِتَّ رِقَاعٍ فَاكْتُبْ فِي ثَلَاثٍ مِنْهُنَ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ خِيَرَةٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ 740 افْعَلْ وَ فِي ثَلَاثٍ خِيَرَةٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ 741 لَا تَفْعَلْ ثُمَّ ضَعْهُنَّ تَحْتَ مُصَلَّاكَ وَ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْهُمَا فَاسْجُدْ وَ قُلْ فِي سُجُودِكَ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ بِرَحْمَتِهِ خِيَرَةً فِي عَافِيَةٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ثُمَّ اسْتَوِ جَالِساً وَ قُلِ اللَّهُمَّ خِرْ لِي وَ اخْتَرْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَ عَافِيَةٍ ثُمَّ اضْرِبْ يَدَكَ إِلَى الرِّقَاعِ فَشَوِّشْهَا وَ اخْلِطْهَا وَ أَخْرِجْ وَاحِدَةً فَإِنْ خَرَجَتْ لَا تَفْعَلْ فَأَخْرِجْ ثَلَاثاً مُتَوَالِيَاتٍ فَإِنْ خَرَجْنَ 742 عَلَى صِفَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تَفْعَلْ 743 فَلَا تَفْعَلْ وَ إِنْ خَرَجَتْ افْعَلْ فَافْعَلْ وَ إِنْ خَرَجَتْ وَاحِدَةٌ لَا تَفْعَلْ وَ الْأُخْرَى افْعَلْ فَخُذْ مِنْهَا خَمْسَ رِقَاعٍ فَانْظُرْ أَكْثَرَهُمَا فَاعْمَلْ عَلَيْهِ-
وَ اتْرُكِ الْبَاقِيَ 744 .
و هذا آخر ما تضمنته نسختنا المشار إليها و لم يذكر عن شيخنا المفيد محمد بن محمد بن النعمان طعنا عليها و هي أقرب إلى التحقيق لأن جدي أبا جعفر الطوسي لما شرح المقنعة بتهذيب الأحكام لم يذكر عند ذكره لهذه الرواية أن المفيد طعن فيها 745 و إنما وجدنا بعض نسخ المقنعة فيها زيادة و لعلها قد كانت من كلام 746 غير المفيد على حاشية المقنعة فنقلها بعض الناسخين فصارت في الأصل و نحن نذكر الزيادة في بعض نسخ المقنعة و نجيب عنها و هذا لفظ الزيادة. و هذه الرواية شاذة ليست كالذي تقدم لكنا أوردناها على وجه الرخصة دون تحقيق العمل بها. هذا آخر ما وجدناه عنه في بعض نسخ المقنعة 747 رضي الله جل جلاله عنه و أرضاه. أقول اعتبر هذه الرواية و اعتبر ما قيد به قوله رحمه الله إنها شاذة و قد ظهر لك حقيقة الحال و معنى المقال أما قوله هذه الرواية شاذة فإنه ما قال كل رواية وردت في الاستخارة شاذة و لا قال إن سبب شذوذها كونها يعمل فيها بالرقاع و لا قال إن العمل بها شاذ فقد ظهر 748 بذلك أن قوله هذه الرواية شاذة محتمل لعدة وجوه. الوجه الأول لعل مراده رحمه الله أن هذه الرواية شاذة لأجل أنه عرف أن راويها عن الأئمة ص لم يرو غيرها عنهم فإنه ما ذكر اسم رواتها.