کتابخانه روایات شیعه
العقل أن الإنسان يستخير خمسين استخارة تطلع 570 كلها اتفاقا لا تفعل. و مما وجدت من عجائب الاستخارات أنني قد بلغت من العمر نحو ثلاث و خمسين سنة و لم أزل أستخير مذ عرفت حقيقة الاستخارات و ما وقع أبدا فيها خلل و لا ما أكره و لا ما يخالف السعادات و العنايات فأنا فيها كما قال بعضهم-
قلت للعاذل لما جاءني
من طريق النصح يبدي و يعيد
أيها الناصح لي في زعمه
لا تزد نصحا لمن ليس يريد
فالذي أنت له مستقبح
ما على استحسانه عندي مزيد
و إذا نحن تباينا كذا
فاستماع العذل 571 شيء لا يفيد 572 .
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن طاوس و أنا أضرب لك مثلا تعرف به فضل مشاورة الله جل جلاله زيادة على ما قدمناه أولا أ ما تعلم من نفسك أنك لو بنى لك البناء دارا و فرغ منها فرأيت فيها خللا و شعثا في بعض بنائها أ ما كنت تطلب البناء العارف بها و تسأله عن ذلك و كذلك لو أردت أن تحفر في بعض جهاتها بئرا و تعمل على 573 بعض سطوحها 574 غرفة أ ما كنت تستعلم من البناء العارف بها في أي المواضع أقوى لعمل الغرفة و نحو هذا من مصالح الدار و أنت تعرف أن الله جل جلاله بنى لك دار الدنيا العظيمة و هو العالم بأسرارها المستقيمة
و السقيمة فكما تستعلم مصالح دارك اليسيرة من 575 البناء فاستعلم مصالح دارك الكبيرة من الله عز و جل العالم بجميع الأشياء. مثال آخر أ ما تعلم أنك لو اشتريت عبدا من سيد قد كان العبد عند ذلك السيد عشر سنين أو نحو هذا المقدار ثم مرض العبد عندك تلك الليلة فإنك تنفذ 576 إلى سيده الأول و تسأله عن ذلك المرض و تقول هو أعرف لأن العبد أقام عنده أكثر مني أ فما تعرف أن الله جل جلاله قد خلقك قبل النطفة ترابا ثم أودعك بطونا بعد أن أودعك أصلابا ثم نطفة و ثم علقة 577 ثم مضغة 578 ثم عظاما ثم كسا العظام لحما ثم جنينا ثم رضيعا ثم طفلا ثم ناشئا فما لك لا تستشيره و تستعلم منه جوابا لا يكون أبدا إلا صوابا و لأي حال إذا تجدد عندك ما يحتاج أن تستعلمه منه جل جلاله لا يكون عندك سبحانه مثل سيد ذلك العبد الذي استعلمت منه مصلحته فاجعل الله جل جلاله إن كنت لا تعرف جلاله كسيد ذلك العبد المذكور و استعلم منه ما تحتاج إلى معرفته من مصالح الأمور. مثال آخر أ ما تعرف أنك لو أردت سفرا في الشتاء و سفرا في الصيف أو في الربيع و طيب الهواء و ما تعلم في تلك الحال ما غلب على باطن مزاجك من الحرارة و البرودة أو 579 الرطوبة أو 580 اليبوسة فهل تجد أحدا من الخلائق يعلم في تلك الحال ما غلب على باطن مزاجك و يعرفه
على التفاصيل و الحقائق قبل أن يظهر إلى ظاهر جسدك فإن الطبيب و أنت أوائل الأمراض إنما تعرفها أنت و الطبيب إذا قويت و أثرت حتى بلغت تغير 581 الأعراض إلى ظاهر الجسد فإذا قلت لنفسك أو لغيرك من العباد أنا أريد السفر في الشتاء فهل ترى لي في ذلك صلاحا فأنت تعلم أنه ما يدري هل الحرارة قد ابتدأت و غلبت عليك فيضرك الهواء أو أردت سفرا في الصيف فما تدري أنت و لا المشير عليك من العباد ما الذي غلب على مزاجك و ما يتجدد من مصالحك إذا سافرت أو أقمت و لو بلغ المشير من الناس غاية الاجتهاد فعلام لا تستعلم هذا كله ممن يعلمه على التفصيل و هو أشفق و أرفق من كل شفيق في كثير و قليل. مثال آخر أ ما تعلم أن كل من برز في صنعته رجح أهل تلك الصنعة إلى معرفته إذا اختلفوا أو اشتبه شيء مما اطلع هو على حقيقته فلأي حال ما ترجع إلى الله في جميع 582 ما تحتاج فيه إلى مشاورته فالدنيا و الآخرة و أنت من صنعته و قد برز فيها على كل صانع وَ لَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلى و علم أسرارها و مسارها و أخطارها معرفة لا تطلع أنت لا و غيرك عليها إلا من جانب تعريفه و إشارته
الباب العاشر فيما رويته أو رأيته من مشاورة الله جل جلاله بصلاة ركعتين و الاستخارة برقعتين
قد ذكرنا فيما تقدم ما أردنا ذكره من ترجيح الاستخارات بالست الرقاع على ما وصفناه على سائر الاستخارات و كشفنا ذلك و أوضحناه و إنما نؤثر ذكر مشاورة الله جل جلاله بالاستخارات بمهما كان من ذلك المعنى لأجل تقوية الروايات لتكون شاهدة بالاتفاق على معنى المشاورة لله جل جلاله و إن اختلفت في صفات المشاورات 583 ليكون الاتفاق و الإطباق على أن الله يستشار و يستخار ففي ذلك تأكيد و تمهيد و توطيد و بلاغ لمن عنده تأييد و تسديد و مزيد. و أما الرواية بصلاة ركعتين و الاستخارة برقعتين-
فَأَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَ الشَّيْخُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ بِإِسْنَادِهِمَا الَّذِي قَدَّمْنَاهُ إِلَى الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ فِيمَا ذَكَرَهُ مِنْ كِتَابِ الْكُلَيْنِيِّ فِي آخِرِ بَابِ صَلَاةِ
الِاسْتِخَارَةِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُحَمَّدٍ رَفَعَهُ عَنْهُمْ ع قَالَ لِبَعْضِ أَصْحَابِهِ وَ قَدْ سَأَلَهُ عَنِ الْأَمْرِ يَمْضِي فِيهِ وَ لَا يَجِدُ أَحَداً يُشَاوِرُهُ فَكَيْفَ يَصْنَعُ قَالَ شَاوِرِ اللَّهَ 584 قَالَ فَقَالَ لَهُ كَيْفَ قَالَ انْوِ الْحَاجَةَ فِي نَفْسِكَ وَ اكْتُبْ رُقْعَتَيْنِ فِي وَاحِدَةٍ لَا وَ فِي وَاحِدَةٍ نَعَمْ وَ اجْعَلْهُمَا فِي بُنْدُقَتَيْنِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ اجْعَلْهُمَا تَحْتَ ذَيْلِكَ وَ قُلْ يَا اللَّهُ إِنِّي أُشَاوِرُكَ فِي أَمْرِي هَذَا وَ أَنْتَ خَيْرُ مُسْتَشَارٍ وَ مُشِيرٍ فَأَشِرْ عَلَيَّ بِمَا فِيهِ صَلَاحٌ وَ حُسْنُ عَاقِبَةٍ ثُمَّ أَدْخِلْ يَدَكَ فَإِنْ كَانَ فِيهَا نَعَمْ فَافْعَلْ وَ إِنْ كَانَ فِيهَا لَا لَا تَفْعَلْ هَكَذَا تُشَاوِرُ 585 رَبَّكَ 586 .
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد الطاوس ما وجدت إلى حين تأليف هذا الكتاب في الاستخارة برقعتين غير هذه الرواية و هي مرسلة كما رويناها و كذا رواها جدي أبو جعفر الطوسي رضي الله عنه في تهذيب الأحكام 587 و في المصباح الكبير 588 و ما وجدت لها إسنادا متصلا إلا إلى علي بن محمد الذي رفعها. أقول و ما وجدت رواية مسندة أيضا بصلاة ركعتين و رقعتين من غير أن تكون الرقعتان في بندقتين بل وجدت عن الكراجكي رحمة الله عليه قال و قد جاءت رواية أن تجعل رقاع الاستخارة اثنتين في إحداهما افعل و في