کتابخانه روایات شیعه
أعظم عجزا و قصورا فالتجأت إليه جل جلاله في معرفة ما لا أعرفه إلا من مشاورته جل جلاله في قليل أمري و كثيره
فصل
ثم وجدت الأنبياء الذين هم أكمل بني آدم ع قد استدرك الله عليهم في تدبيراتهم عند مقامات فجرى لآدم ع في تدبيره في أكل ثمرة الشجرة ما قد تضمنه صريح الآيات و جرى لنوح ع في قوله- إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي وَ إِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُ 198 مما لا يخفى عمن عرفه من أهل الصدق و جرى لداود ع في بعض المحاكمات ما قد تضمنه الكتاب حتى قال الله جل جلاله وَ ظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَ خَرَّ راكِعاً وَ أَنابَ 199 و جرى لموسى ع لما اختار سبعين رجلا من قومه للميقات ما قد تضمنه صريح الآيات 200 . فلما رأيت الأنبياء الذين هم أكمل العباد في الإصدار و الإيراد قد احتاجوا إلى استدراك عليهم في بعض المراد علمت أنني أشد حاجة و ضرورة إلى معرفة إرشادي فيما لا أعرفه من مرادي إلا بمشاورته سبحانه و إشارته فالتجأت إلى تعريف ذلك بالاستخارة من أبواب رحمته
فصل
ثم وجدت صريح القرآن قد تضمن عموما عن بني آدم بواضح البيان-
فقال وَ رَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ يَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ 201 و قال جل جلاله لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَ مِنْ بَعْدُ 202 و قال جل جلاله وَ لَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ وَ مَنْ فِيهِنَّ بَلْ أَتَيْناهُمْ بِذِكْرِهِمْ فَهُمْ عَنْ ذِكْرِهِمْ مُعْرِضُونَ 203 و هذا تصريح عظيم بالشهادة من الله جل جلاله بقصور بني آدم الذين تضمنهم محكم هذا القرآن و عزلهم عن الخيرة و أن له جل جلاله الأمر من قبل و من بعد و أن الحق لو اتبع أهواءهم لفسدت السماوات و الأرض و من فيهن و أن أهواءهم كانت تبلغ بهم 204 من الفساد إلى هذا الحد. فلما علمت ذلك و صدقت قائله جل جلاله على اليقين هربت من اختياري لنفسي إلى اختياره لي باتباع مشورته و رأيته قد عزلني عن الأمر 205 فعدلت عن أمري لنفسي و عولت على أمره جل جلاله و شريف إشارته و صدقته جل جلاله في أنه لو اتبع الحق هواي فسد حالي و رأيي فاعتمدت على مشورة الحق و عدلت عن اتباع أهوائي و هذا واضح عند من أنصف من نفسه و عرف إشراق شمسه 206
الباب الثالث في بعض ما وجدته من طريق الاعتبار كاشفا لقوة العمل في الاستخارة بما ورد في الأخبار
اعلم أنني وجدت الموصوفين بالعقل و الكمال يوكل أحدهم وكيلا يكون عنده أمينا في ظاهر الحال و لا يطلع على سريرته فيسكن إلى وكيله في تدبيره و مشورته و يشكره من عرف صلاح ذلك الوكيل و يحمدونه على التفويض إلى وكيله فيما يعرفه من كثير و قليل و ما رأيت أن مسلما يجوز أن يعتقد أن الله جل جلاله في التفويض إليه و التوكل عليه بالاستخارات و المشورات و العمل بأمره المقدس دون وكيل غير معصوم في الحركات و السكنات
فصل
و وجدت الموصوفين بالعقل و الفضل يصوبون تدبير من يشاور أعقل من في بلده و أعقل من في محلته و أعلم أهل دينه و نحلته مع أن ذلك الذي يشاور في الأشياء لا يدعي أنه أرجح تدبيرا من الملائكة و الأنبياء بل ربما يكون المستشار قد غلط في كثير من تدبيراته و ندم على كثير من
اختياراته و مع هذا فيشكرون 207 هذا المستشير و يستدلون بذلك 208 على عقله و سداده و يقولون هذا من أحسن التدبير أ فيجوز أن يكون في المعقول و المنقول مشاورة الله جل جلاله و تدبيره لعبده دون عاقل البلد و عاقل المحلة و عالم النحلة كيف يجوز أن يعتقد هذا أحد من أهل الملة
الباب الرابع في بعض ما رويته من تهديد الله جل جلاله لعبده على ترك استخارته و تأكيد ذلك ببعض ما أرويه عن خاصته
فَمِنْ ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْمُقْنِعَةِ تَصْنِيفُ الْمُفِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ الَّذِي انْتَهَتْ رِئَاسَةُ الْإِمَامِيَّةِ فِي وَقْتِهِ إِلَيْهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ 209 مَا أَخْبَرَنِي بِهِ وَالِدِي قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَ نَوَّرَ ضَرِيحَهُ عَنْ شَيْخِهِ الْفَقِيهِ حُسَيْنِ بْنِ رَطْبَةَ 210 عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الْحَسَنِ الطُّوسِيِ 211 عَنْ وَالِدِهِ جَدِّي أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيُ