کتابخانه روایات شیعه
خَرَجَتِ الرُّقْعَةُ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مَكْتُوبٌ عَلَى ظَهْرِهَا فَتَوَقَّفْ إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ كَمَا أَمَرْتُكَ إِلَى أَنْ يَخْرُجَ لَكَ مَا تَعْمَلُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ 359 .
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله تعالى أ فلا ترى هذا الاهتمام بالاستخارة من الطريقين ثم قول رواة الفريقين إن المعصوم كان يعلمهم الاستخارة كما يعلمهم 360 السورة من القرآن و هذا من أبلغ الاهتمام عند أهل الإسلام و الإيمان ثم اعتبر في الحديث الأول
قَوْلَ الصَّادِقِ ع لَا أُبَالِي إِذَا اسْتَخَرْتُ اللَّهَ عَلَى أَيِّ طَرَفَيَّ وَقَعْتُ 361 .
و هذا عظيم في جلالة الاستخارة عند من عرف ما تضمنه من شريف المعنى و العبارة. و أما أمر مولانا الصادق ع بالاستخارة و قسمه بالله عز و جل إن الله جل جلاله يخير لمن استخاره-
فَمِنْ ذَلِكَ مَا أَخْبَرَنِي بِهِ شَيْخِيَ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَ الشَّيْخُ الْعَالِمُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ مَعاً عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ عَلِيِّ بْنِ السَّعِيدِ أَبِي الْحُسَيْنِ الرَّاوَنْدِيِّ عَنْ وَالِدِهِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُحْسِنِ الْحَلَبِيِّ عَنِ السَّعِيدِ أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ عَنِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ قُولَوَيْهِ عَنِ الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ خَالِدٍ عَنِ النَّضْرِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ حُرَيْثٍ قَالَ قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ ع صَلِّ رَكْعَتَيْنِ وَ اسْتَخِرِ اللَّهَ فَوَ اللَّهِ مَا اسْتَخَارَ اللَّهَ مُسْلِمٌ إِلَّا
خَارَ اللَّهُ لَهُ الْبَتَّةَ 362 .
أقول و رويت هذا الحديث بألفاظه بإسنادي المتقدم إلى جدي أبي جعفر الطوسي فيما رواه في كتاب تهذيب الأحكام 363 بإسناده في أول باب صلاة الاستخارة. و رويت هذا الحديث أيضا عن جدي أبي جعفر الطوسي بألفاظه فيما رواه في كتاب المصباح الكبير 364 . فهل تقدم أيها العادل عن استخارة الله جل جلاله على أن تحلف أنت أو تجد من يحلف معك من المعصومين أن استخارة و مشاورة غير الله جل جلاله نجاة لمن استشار فيها البتة على اليقين فكيف تعدل بنفسك عن ضمان الصادق ع بالقسم الذي أشار إليه 365 إلى مشورة نفسك أو مشاورة من لا يدري عاقبة ما يشير إليه
الباب السابع في بعض ما رويته في أن حجة الله جل جلاله المعصوم عليه أفضل الصلوات لم يقتصر في الاستخارة على ما يسميه الناس مباحات و أنه استخار في المندوبات و الطاعات و الفتوى بذلك عن بعض أصحابنا الثقات
يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس أيده الله تعالى اعلم أنني اعتبرت ما وقفت عليه مما ذكره شيوخ المعتزلة من المتكلمين و قول من تابعهم على قولهم من المتقدمين و المتأخرين في أنهم ادعوا أن للمكلف مباحا ليس له صفة زائدة على حسنه و لا أدب من الله و رسوله ع زائد على إباحته فما وجدت هذا القول صحيحا مع كثرة القائلين به و المعتقدين لصحته و إنما قلت ذلك لأمور منها ما أذكره على سبيل الجملة و منها ما أذكره على سبيل بعض التفصيل. أما الذي أذكره على سبيل الجملة فإنني وجدت العبد المكلف حاضرا بين يدي الله جل جلاله في سائر الحركات و السكنات و في سائر
الأوقات و الله جل جلاله مطلع عليه بإحاطة العلم به و بالإحسان إليه و لله جل جلاله حرمة باهرة و هيبة قاهرة و جلالة ظاهرة و نعم متواترة يستحق من عبده أن يعرفها و يعبده بالقيام بحقها لكونه جل جلاله أهلا للعبادة بذلك فلا ينفك العبد من تكليفه بأدب العبودية في سائر المواقف و المسالك 366 فأي حركة أو سكون يخلو فيها العبد من اطلاع الله عز و جل عليه و من إحسانه إليه و من لزوم علم العبد أنه بين يدي مولاه و أنه يراه حتى يكون متصرفا فيها بإباحة مطلقة تصرف الدواب و تكون خالية من التكليف بشيء من الآداب هذا 367 لا يقبله من نظر بعين الصواب و اعتمد على الله عز و جل في صدق الألباب فإن الإنسان يعلم من نفسه أن على العبد أدبا في العبودية متى كان سيده يراه لا يجوز أن ينفك العبد منه إما أدبا قليلا أو كثيرا بخلاف حال العبد إذا كان سيده لا يراه و هذا واضح لا يخفى على من عرف معناه. جواب آخر على سبيل الجملة اعلم أنني عرفت أن كل ما في الوجود مما يسميه الناس مباحات لم يزل ملكا لله تعالى جل جلاله فلما أطلقه للمكلفين و أجراه عليهم على جهة الإحسان إليهم و كان إطلاقه و إجراؤه مستمرا مع بقائهم وجب عليهم استمرار أدب الاعتراف 368 بحق هذه النعمة و القيام بشكرها فإذا لم يكن للمكلف انفكاك من استمرار هذه النعم فكيف صح أن يكون نعمة منها مستمرة في وقت من الأوقات خالية من استمرار أدب الاعتراف بها و شكرها حتى تصير تلك النعمة كما يقولون خالية من صفة زائدة على حسنها مثل إباحتها لغير المكلفين و للدواب أن القول بذلك بعيد من الصواب و هذا واضح لأولي الألباب و لقد وجدت في
أخبار مولانا أمير المؤمنين ع و أخبار الصادقين و أخبار مولانا زين العابدين ع ما ينبه المكلفين على ما ذكرناه.
فَمِمَّا أَرْوِيهِ عَنْ مَوْلَانَا عَلِيٍّ ع بِإِسْنَادِي إِلَى جَدِّي أَبِي جَعْفَرٍ الطُّوسِيِّ وَ هُوَ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمِصْبَاحِ فِي خُطْبَةِ يَوْمِ الْأَضْحَى عَنْ مَوْلَانَا عَلِيٍّ ع فَقَالَ مَا هَذَا لَفْظُهُ فَوَ اللَّهِ لَوْ حَنَنْتُمْ حَنِينَ الْوَالِهِ الْمِعْجَالِ 369 وَ دَعَوْتُمْ دُعَاءَ الْحَمَامِ وَ جَأَرْتُمْ 370 جُؤَارَ مُتَبَتِّلِي الرُّهْبَانِ وَ خَرَجْتُمْ إِلَى اللَّهِ مِنَ الْأَمْوَالِ وَ الْأَوْلَادِ الْتِمَاسَ الْقُرْبَةِ إِلَيْهِ فِي ارْتِفَاعِ دَرَجَةٍ وَ غُفْرَانِ سَيِّئَةٍ أَحْصَتْهَا كَتَبَتُهُ وَ حَفِظَتْهَا رُسُلُهُ لَكَانَ قَلِيلًا فِيمَا تَرْجُونَ مِنْ ثَوَابِهِ وَ تَخْشَوْنَ مِنْ عِقَابِهِ وَ تَاللَّهِ لَوِ انْمَاثَتْ 371 قُلُوبُكُمُ انْمِيَاثاً وَ سَالَتْ مِنْ رَهْبَةِ اللَّهِ عُيُونُكُمْ دَماً ثُمَّ عُمِّرْتُمْ عُمُرَ الدُّنْيَا عَلَى أَفْضَلِ اجْتِهَادٍ وَ عَمَلٍ مَا جَزَتْ أَعْمَالُكُمْ حَقَّ نِعْمَةِ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ لَا اسْتَحْقَقْتُمُ الْجَنَّةَ بِسِوَى رَحْمَتِهِ 372 وَ مَنِّهِ عَلَيْكُمْ 373 .
و أما روايات الصادقين و مولانا زين العابدين ع فهي كثيرة لا نطول بنشرها لكنا نذكر رواية منها لما نرجوه من فوائد ذكرها.
حَدَّثَ الشَّيْخُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ دَاوُدَ الْخُزَاعِيُّ قَالَ وَ قَرَأْتُهُ عَلَيْهِ مِنْ أَصْلِهِ قَالَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ يَعْقُوبَ