کتابخانه روایات شیعه
317 ه، و معلوماتي عن هذا الكتاب لا تتجاوز ما ذكره حاجي خليفة في كشف الظنون، مع العلم أن عمر رضا كحالة لم يذكره عند ما ترجم للمؤلّف و ذكر مجموعة من تصانيفه، و لعله رسالة صغيرة ارتأى كحالة عدم ذكرها، و اللّه العالم.
و من ثمّ يأتي كتاب «فتح الأبواب» كثالث أثر في موضوع الاستخارة بالترتيب الزمني، إلّا أن أهميته تكمن في توفر نسخة المخطوطة، مما جعله أقدم نص موجود يتناول موضوع الاستخارة، و لذلك أصبح المصدر الأساسي في هذا المضمار.
2- مصدرية كتاب «فتح الأبواب» من جهة، و شموليته و استيعابه لأطراف الموضوع من جهة أخرى، بالإضافة إلى قلة المصادر التي ألفت حول الاستخارة، بل انعدامها تقريبا، جعلته مورد اعتماد أصحاب الموسوعات الفقهيّة و الروائية، فقد اعتمده الشهيد الأول في «ذكرى الشيعة» و نقل عنه بعد إطرائه عليه، و الشيخ الحرّ العامليّ في موسوعته العظيمة «وسائل الشيعة»، و العلّامة المجلسي في أثره الخالد «بحار الأنوار» و رمز له ب «فتح»، و المحدث النوريّ في كتابه «مستدرك وسائل الشيعة».
حتى انّ المؤلّفات التي صنّفت حول الاستخارة كانت تعتمد و بصورة رئيسية على كتابنا المنظور، و تتجلى هذه الحقيقة بوضوح بمراجعة ما قاله السيّد عبد اللّه شبر في مقدّمة كتابه إرشاد المستبصر في الاستخارات، حيث قال: «و لم أعثر على من كتب في ذلك ما يروي الغليل و يشفي العليل سوى العلم العلامة الرباني، و الفريد الوحيد الذي ليس له ثاني السيّد علي بن طاوس في رسالته فتح الغيب» 122 .
3- عقيدة المؤلّف- شخصيا- بالاستخارة، و مواظبته عليها، انعكست- و بشدة- في تضاعيف الكتاب، فهو لم يكتف بسرد النصوص الواردة بخصوص الموضوع و مناقشتها، أو طرح الأقوال و الرد عليها، بل دمجها بتجاربه العملية، و ما صادفه من الطرائف و الظرائف.
و بعبارة أخرى: لم يكن تأليفه للكتاب تلبية لحاجة نظرية تتحدّد معالمها في الجواب على الاشكالات، بقدر ما كان تلبية لفعالية يومية يمارسها، شعر بأهميتها، و تلمّس فوائدها عن كثب.
5- دراسة مصادر الكتاب
أ- تمهيد:
من جميل ما تمتاز به مصنّفات السيّد ابن طاوس أنّها سلطت الضوء- و بوضوح- على محتويات مكتبته، فهو رضوان اللّه عليه عند ما ينقل نصا من النصوص يذكر مصدره، و مؤلف المصدر، و في كثير من الأحيان يذكر مواصفات النسخة التي بحوزته من ذلك الكتاب، بالإضافة إلى طريقه للكتاب.
يترتب على ذلك أنّ المؤلّف حفظ لنا تراثا ضخما، كاد لولاه أن يكون في خبر (كان)، بعد أن قست عليه يد الدهر فإضاعته، و جنت عليه حوادث الزمان فأهملته، حتى أنّ مجموعة كبيرة من المصادر ينفرد السيّد ابن طاوس بالنقل عنها، ككتاب الدعاء لسعد بن عبد اللّه الأشعري، و كثير من أصول الأصحاب.
و للأسف الشديد أن كل من تناول بالبحث و الدراسة مكتبة السيّد ابن طاوس لم يتطرق بشمولية و موسوعية إلى محتوياتها، مما يجعل البحث ناقصا و الدراسة مبتورة، و ما فعلته من دراسة مصادر الكتاب، لا يعدو كونه محاولة متواضعة في اطار المصنّفات التي نقل عنها السيّد ابن طاوس في
كتابه «فتح الأبواب» باعتباره يمثل نموذجا من تصانيفه، هذه المحاولة تعكس ما نصبو إليه من دراسة موسعة للمكتبة الطاوسية، وفق منهج معين.
ب- منهج الدراسة:
عند ما بدأت بكتابة هذه الدراسة، حاولت جهد الإمكان أن أتجنب الأطناب الممل الذي لا طائل له، و أن أبتعد عن الإيجاز المخلّ الذي لا يلبّي رغبة القارئ في استيعاب الموضوع، فارتأيت أن تكون الدراسة وفق منهجية محددة بما يلي:
1- ذكر اسم الكتاب كاملا.
2- ذكر اسم مؤلف الكتاب، و سنة وفاته.
3- لم أترجم لمشاهير المؤلّفين، كالشيخ الكليني و الصدوق و المفيد و الطوسيّ و غيرهم، و كتبت ترجمة موجزة للمؤلّفين الآخرين.
4- كتابة شرح موجز عن الكتاب و موضوعه.
5- شرح بعض المصطلحات التي تكون جزءا من عنوان الكتاب، ك «الأصل» و «الأمالي».
6- ذكر وصف النسخة التي اعتمد عليها المؤلّف، كما أورده في متن الكتاب.
7- الإشارة- بشكل يسير- إلى بعض مخطوطات تلك المصادر في المكتبات العامّة و الخاصّة.
8- الإشارة إلى المصادر التي انفرد السيّد ابن طاوس بالنقل عنها، و التي فقدت بعد القرن السابع الهجري.
9- ذكر طرق السيّد ابن طاوس إلى المصادر التي نقل عنها.
ج- هدف الدراسة:
توخينا في هذه الدراسة أمورا عديدة، منها:
1- يعتبر هذا البحث خطوة أولى على طريق كتابة دراسة شاملة للمكتبة الطاوسية.
2- تهيّأ الدراسة مادة أولية للمهتمين بشئون الفهرسة و الببلوغرافيا للاستفادة منها، فمثلا لم يذكر الدكتور صلاح الدين المنجد في كتابه «معجم ما ألف عن رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله)» كتاب الأربعين في الأدعية المأثورة عن سيّد المرسلين، الذي نقل عنه السيّد ابن طاوس في كتابنا هذا، لأنّه كان مغمورا في تضاعيف الكتاب المخطوط، فلذلك لم يطّلع عليه.
3- تسليط الضوء على المصادر التي فقدت بعد القرن السابع الهجري، و بالتالي التفكير في إمكانية جمعها من خلال الكتب التي نقلت عنها.
4- ذكر طرق السيّد ابن طاوس للمؤلّفين و المؤلّفات يحتل أهمية كبرى من جملة أهداف هذه الدراسة، لأن هذه الطرق مبعثرة في مطاوي كتب السيّد ابن طاوس، مما يعسر على الباحثين و المحققين العثور عليها.
نذكر مثالا لذلك ما ورد في كتاب «أنصار الحسين» لسماحة الشيخ محمّد مهدي شمس الدين، فقد ذكر في دراسته حول الزيارة المنسوبة إلى الناحية ما نصه:
«يتبين من هذا النصّ أن الزيارة المنسوبة إلى الناحية قد وصلت إلينا بالطريق التالي:
1- رضيّ الدين عليّ بن موسى بن جعفر بن طاوس (ت سنة 664 ه) رحمه اللّه، و هو من أعاظم العلماء الزهاد العبّاد الثقات.
2- أبو جعفر محمّد بن الحسن الطوسيّ (ت سنة 460 ه) رحمه اللّه، شيخ الطائفة، و هو أشهر من أن يذكر.
و قد رواها ابن طاوس بإسناده إلى جدّه أبي جعفر رحمه اللّه، و لم يتح لنا الاطلاع على رجال طريق ابن طاوس إلى الشيخ الطوسيّ» 123 .
و ذكر بقية رجال السند.
مع العلم أن للسيّد ابن طاوس عدّة طرق للشيخ الطوسيّ!! سوف تأتيك في الدراسة.
5- أغنتنا هذه الدراسة عن تحميل هامش الكتاب ما لا يطيقه من تراجم المؤلّفين المغمورين أو إيضاح موجز لمصنفاتهم.
د- متن الدراسة
1- الأربعين في الأدعية المأثورة عن سيّد المرسلين 124
ليف: محمود بن أبي سعيد بن طاهر السجزي (السخيري).
قال السيّد ابن طاوس: «و حدّثني من أسكن إليه أن هذا المصنّف زاهد، كثير التصنيف عند أصحاب أبي حنيفة، معتمد عليه» 125 .
إلّا أنني لم أعثر على ترجمته في ما استقصيته من كتب التراجم و الرجال.
و نقل السيّد ابن طاوس من الكتاب الآنف الذكر حديثا مسندا في الاستخارة، هو الحديث الثاني من الأربعين، بعد أن قال: «و اعلم أنّني وقفت على تصنيف لبعض المخالفين الزهاد أيضا الذي يقتدون به في الأسباب، يتضمن هذا حديث الاستخارة، و يذكر فيه الرقاع الست» 126 .