کتابخانه روایات شیعه
الباب الثامن فيما أقوله و بعض ما أرويه من فضل الاستخارة و مشاورة الله جل جلاله بالست رقاع و بعض ما أعرفه من فوائد امتثال ذلك الأمر المطاع و روايات بدعوات عند الاستخارات
اعلم أنني اعتبرت المشاورة لله تعالى في الأمور على التفصيل و بروز جوابه المقدس في الحال على التعجيل فرأيت هذه رحمة من الله جل جلاله باهرة كاشفة و نعمة زاهرة متضاعفة ما أعرف أن أحدا من أهل الملل السالفة دله جل جلاله عليها و بلغه إليها حتى لو عرفت 407 يوم ابتداء رحمة الله جل جلاله لهذه الأمة بها و توفيقهم لها لكان عندي من أيام التعظيم و الاحترام الذي يؤثر فيه شكر الله جل جلاله على توفير هذه الأنعام و نحن نضرب مثلا تفهم به جلالة ما أشرنا إليه و دلنا الله جل جلاله عليه. و هو أنه لو أن 408 ملكا من ملوك الدنيا محجوب عن أكثر رعيته و لا
يقدر على الحضور في خدمته و لا مشاورته إلا بعض خاصته فبلغت سعة رحمته إلى أن جعل في كل شهر أو أسبوع 409 أو عند صلاة ركعتين بخشوع و خضوع أو في وقت معين يوما معينا يأذن فيه إذنا عاما يدخل فيه إليه من شاء من رعاياه و أهل بلاده يحدثونه بأسرارهم و يشاورونه مثل ما يشاوره خواصه و أعز أولاده و يعرفهم جواب مشاورته في الحال و يكشف لهم عن مصالحهم الحاضرة و المستقبلة بواضح المقال أ ما كان يوصف ذلك الملك بالرحمة الواسعة و المكارم المتتابعة 410 و يحسد رعيته غيرهم من رعايا ملوك البلاد و يجعلون ذلك اليوم الذي يشاورونه فيه من أيام الأعياد. و كذا حال المشاورة لله تعالى في الأسباب و رحمته في تعجيل الجواب فإن هذا كان مقام الأنبياء و المرسلين و الخواص من عباده المسعودين يطلبون منه الحاجات فيوحي إلى الذين يوحى إليهم على لسان الملائكة و يلقي في قلوب من يشاء منهم و يسمع آذان من يريد و يرفع الحجاب عنهم و كان هذا المقام لهم خاصة لا يشاركهم فيه من لا يجري مجراهم من العباد فصار الإذن من الله جل جلاله لكل أمة محمد ص في مشاورته تعالى فيما يحتاجون إلى المشاورة فيه من كل إصدار و إيراد أبلغ من رحمة ذلك الملك في تعيين وقت لدخول كافة رعيته و إذنه لهم في مشاورته فما أدري كيف خفي هذا الإنعام الأعظم و المقام الأكرم على من خفي عنه و كيف أهمل حق الله تعالى و حق رسوله ص فيما قد بلغت الرحمة منه و لقد صار العبد المؤمن و الرسول المهيمن و الوصي المستخيرين يقف هو و هما بين يدي الله تعالى على بساط المشاورة لجلاله و ينزل إليك الجواب متعجلا كما يبرز إليهما ص.
هذا ما كان يبلغه أمل العبد من رحمة الله جل جلاله زاد على فضله 411 و كرمه و إفضاله أن العقل المبهوت كيف بلغ 412 إلى هذا المقام مع تقصيره في أعماله و هذا فضل من الله جل جلاله زاد على فضله سبحانه بإجابة الدعوات لأن الداعي إذا دعا ما يعلم الجواب في الحال كما يعلمه في الاستخارات و لو 413 رأى الداعي حصول الحاجة التي دعا في قضائها على التعجيل و التأجيل ما علم قطعا و يقينا أن هذا جواب دعائه على التحقيق و التفصيل فإنه يجوز أن يكون الله جل جلاله قد أذن في قضاء حاجة الداعي على سبيل التفضل قبل دعائه و سؤاله فصادف قضاؤها حصول تضرعه و ابتهاله و أما الاستخارة فهي جواب على التصريح بلفظ افعل أو لا تفعل و خيرة أو لا خيرة و صاف أو فيه أمور مكدرة. سبحان من أمن أهل مشاورته من ذنوبهم الخطرة و شرفهم بالإذن في محادثتهم في الاستخارة 414 و كشف لهم بها عن الغيوب و عرفهم تفصيل المكروه و المحبوب
فصل
أَخْبَرَنِي شَيْخِيَ الْعَالِمُ الْفَقِيهُ مُحَمَّدُ بْنُ نَمَا وَ الشَّيْخُ أَسْعَدُ بْنُ عَبْدِ الْقَاهِرِ الْأَصْفَهَانِيُّ مَعاً عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْفَرَجِ عَلِيِّ بْنِ السَّعِيدِ أَبِي الْحُسَيْنِ الرَّاوَنْدِيِّ عَنْ وَالِدِهِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمُحْسِنِ الْحَلَبِيِّ عَنِ السَّعِيدِ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ الطُّوسِيِّ عَنِ الْمُفِيدِ مُحَمَّدِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ النُّعْمَانِ عَنِ الشَّيْخِ أَبِي الْقَاسِمِ جَعْفَرِ بْنِ قُولَوَيْهِ الْقُمِّيِّ عَنِ الشَّيْخِ
مُحَمَّدِ بْنِ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيِّ فِيمَا رَوَاهُ فِي كِتَابِ الْكَافِي الَّذِي اجْتَهَدَ فِي تَحْقِيقِهِ وَ تَصْدِيقِهِ وَ صَنَّفَهُ فِي عِشْرِينَ سَنَةً وَ كَانَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ فِي زَمَنِ وُكَلَاءِ مَوْلَانَا الْمَهْدِيِّ ع وَ قَدْ كَشَفْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ غِيَاثِ سُلْطَانِ الْوَرَى لِسُكَّانِ الثَّرَى وَ قَالَ جَدِّي أَبُو جَعْفَرٍ الطُّوسِيُّ فِي كِتَابِ فِهْرِسْتِ الْمُصَنِّفِينَ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ يُكَنَّى أَبَا جَعْفَرٍ ثِقَةٌ عَارِفٌ بِالْأَخْبَارِ 415 وَ قَالَ الشَّيْخُ الْجَلِيلُ أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ الْعَبَّاسِ النَّجَاشِيُّ فِي كِتَابِهِ الْكَبِيرِ فِهْرِسْتِ أَسْمَاءِ مُصَنِّفِي الشِّيعَةِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ كَانَ شَيْخَ أَصْحَابِنَا فِي وَقْتِهِ بِالرَّيِّ وَ وَجْهَهُمْ وَ كَانَ أَوْثَقَ النَّاسِ فِي الْحَدِيثِ وَ أَثْبَتَهُمْ وَ صَنَّفَ الْكِتَابَ الْمَعْرُوفَ بِالْكُلَيْنِيِّ يُسَمَّى الْكَافِيَ فِي عِشْرِينَ سَنَةً 416 أَقُولُ 417 قَالَ هَذَا الشَّيْخُ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْكُلَيْنِيُّ الثِّقَةُ الْعَارِفُ بِالْأَخْبَارِ الَّذِي هُوَ أَوْثَقُ النَّاسِ فِي الْحَدِيثِ وَ أَثْبَتُهُمْ الْمَمْدُوحُ بِهَذِهِ الْمَدَائِحِ الَّذِي كَانَ فِي زَمَنِ الْوُكَلَاءِ عَنْ خَاتَمِ الْأَطْهَارِ مَا هَذَا لَفْظُهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ زِيَادٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيِّ عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْهَاشِمِيِّ عَنْ هَارُونَ بْنِ خَارِجَةَ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع قَالَ: إِذَا أَرَدْتَ أَمْراً فَخُذْ سِتَّ رِقَاعٍ فَاكْتُبْ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا- بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ خِيَرَةٌ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ لَا تَفْعَلْ وَ فِي ثَلَاثٍ مِنْهَا مِثْلَ ذَلِكَ افْعَلْ 418 ثُمَّ ضَعْهَا تَحْتَ مُصَلَّاكَ ثُمَّ صَلِّ رَكْعَتَيْنِ فَإِذَا
فَرَغْتَ فَاسْجُدْ سَجْدَةً وَ قُلْ فِيهَا مِائَةَ مَرَّةٍ أَسْتَخِيرُ اللَّهَ بِرَحْمَتِهِ خِيَرَةً فِي عَافِيَةٍ ثُمَّ اسْتَوِ جَالِساً وَ قُلِ اللَّهُمَّ خِرْ لِي وَ اخْتَرْ لِي فِي جَمِيعِ أُمُورِي فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَ عَافِيَةٍ ثُمَّ اضْرِبْ بِيَدِكَ إِلَى الرِّقَاعِ فَشَوِّشْهَا وَ أَخْرِجْ وَاحِدَةً فَإِنْ خَرَجَ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ افْعَلْ فَافْعَلِ الْأَمْرَ الَّذِي تُرِيدُهُ وَ إِنْ خَرَجَ ثَلَاثٌ مُتَوَالِيَاتٌ لَا تَفْعَلْ فَلَا تَفْعَلْهُ وَ إِنْ خَرَجَتْ وَاحِدَةٌ افْعَلْ وَ الْأُخْرَى لَا تَفْعَلْ فَأَخْرِجْ مِنَ الرِّقَاعِ إِلَى خَمْسٍ فَانْظُرْ أَكْثَرَهَا فَاعْمَلْ بِهِ 419 .
أقول و قد اعتبرت كلما قدرت عليه من كتب أصحابنا المصنفين من المتقدمين و المتأخرين فما وجدت و ما سمعت أن أحدا أبطل هذه و لا ما يجري
مجراها من العمل بالرقاع و إنما وجدت واحدا من علماء أصحابنا المتقدمين جعل بعض روايات الاستخارة بالرقاع على سبيل الرخصة 420 و معنى الرخصة عند العلماء المعروفين أنها الأمر المشروع الجائز غير المؤكد فيه و هذا اعتراف منه بجواز العمل بها عند من عرف قول هذا القائل و كشف عن معانيه. و وجدت واحدا من أصحابنا المتأخرين قد جعل العمل على غير هذه الرواية أولى 421 و من قال أولى فقد حكم بالجواز و سأذكر كلام هذين الشيخين معا جميعا فيما يأتي من باب ما لعله يكون سببا لإنكار قوم العمل بالاستخارة 422 و أجيب عنه جوابا شافيا في المعنى و العبارة إن شاء الله تعالى و هو حسبي وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ . يقول علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن محمد بن الطاوس و قد رويت هذه الرواية بطريق غير هذه و فيها روايات