کتابخانه روایات شیعه
إلى بغداد سنة 652 ه، و بقي فيها إلى حين احتلال المغول بغداد، فشارك في أهوالها، و شملته آلامها، و في ذلك يقول: «تم احتلال بغداد من قبل التتر في يوم الاثنين 18 محرم سنة 656 ه، و بتنا ليلة هائلة من المخاوف الدنيوية، فسلمنا اللّه جلّ جلاله من تلك الأهوال» 14 .
و في سنة 661 ه ولي السيّد ابن طاوس نقابة الطالبيين، و جلس على مرتبة خضراء، و في ذلك يقول الشاعر عليّ بن حمزة مهنّأ:
فهذا عليّ نجل موسى بن جعفر
شبيه عليّ نجل موسى بن جعفر
فذاك بدست للإمامة أخضر
و هذا بدست للنقابة أخضر
لأنّ المأمون العباسيّ لما عهد إلى الإمام الرضا (عليه السلام) ألبسه لباس الخضرة، و أجلسه على وسادتين عظيمتين في الخضرة، و أمر الناس بلبس الخضرة 15 .
و استمرت ولاية النقابة إلى حين وفاته، و كانت مدّتها ثلاث سنين و أحد عشر شهرا 16 .
2- أسرته
آل طاوس أسرة جليلة عريقة، جمعت من الشرف و العلياء ما لا يخفى على أحد نسبا و حسبا، و قدمت للمجتمع الإسلامي الكثير من رجالات الفكر و العقيدة، و إذا ما حاولنا أن نذكر كلّ أفراد هذه الأسرة فذلك ممّا يضيق به هذا المقام، لذا عزمنا على أن نقتصر في ذكر أسرته على عائلته الشخصية المتكونة من والديه و أخوته و زوجته و أولاده.
أ- أبوه:
هو السيّد الشريف أبو إبراهيم موسى بن جعفر بن محمّد بن أحمد بن محمّد بن الطاوس، كان من الرواة المحدثين، كتب رواياته في أوراق و أدراج، و لم يرتبها في كتاب إلى أن توفي، فجمعها ولده رضيّ الدين في أربع مجلدات، و سماه «فرحة الناظر و بهجة الخاطر ممّا رواه والدي موسى بن جعفر».
روى عنه ولده السيّد علي، و روى عن جماعة منهم: عليّ بن محمّد المدائني و الحسين بن رطبة، توفي في المائة السابعة، و دفن في الغري 17 .
ب- أمه:
أجمعت المصادر أنّ أمّ المصنّف هي بنت الشيخ ورّام بن
أبي فراس المالكي الأشتري المتوفّى سنة 605 ه، أمّا ما ذكره الشيخ يوسف البحرانيّ في لؤلؤة البحرين و تبعه في ذلك السيّد الخونساري في روضات الجنّات من أن أم أم السيّد ابن طاوس هي بنت الشيخ الطوسيّ 18 ، فباطل من وجوه، كما ذكر المحدث النوريّ 19 :
1- إن انتساب السيّد ابن طاوس إلى الشيخ الطوسيّ من جهة أبيه، كما ذكر في الإقبال، قال: فمن ذلك ما رويته عن والدي قدس اللّه روحه و نور ضريحه، فيما قرأته عليه من كتاب المقنعة بروايته عن شيخه الفقيه حسين بن رطبة، عن خال والدي السعيد أبي عليّ الحسن بن محمّد عن والده محمّد بن الحسن الطوسيّ جد والدي من قبل أمه، عن الشيخ المفيد 20 .
2- إنّ وفاة الشيخ ورّام في سنة 605 ه و وفاة الشيخ الطوسيّ في سنة 460 ه، فبين الوفاتين 145 سنة، فكيف يتصور كونه صهرا للشيخ على بنته، و إن فرضت ولادة هذه البنت بعد وفاة الشيخ، مع أنّهم ذكروا أنّ الشيخ أجازها.
3- لم يذكر السيّد ابن طاوس هذا الأمر في أيّ من مؤلّفاته، مع شدة حرصه على التفصيل في مثل هذه الأمور.
4- لم يتعرض أحد من أصحاب التراجم و الإجازات لهذا الأمر، مع العلم أنّ مصاهرة الشيخ من المفاخر التي يشيرون إليها.
ج- إخوته:
1- السيّد عزّ الدين الحسن بن موسى بن طاوس، توفي في سنة 654 ه 21 .
2- السيّد شرف الدين أبو الفضائل محمّد بن موسى بن طاوس، استشهد عند احتلال التتار بغداد في سنة 656 ه 22 .
3- السيّد جمال الدين أبو الفضائل أحمد بن موسى بن طاوس، من مشايخ العلّامة الحلّي، و ابن داود صاحب الرجال، كان عالما فاضلا، له تصانيف عديدة في علوم الرجال و الدراية و التفسير منها: «حل الإشكال» و «بشرى المحققين» و «شواهد القرآن» و «بناء المقالة الفاطمية» و غيرها من الآثار المهمة، قال عنه ابن داود في كتابه الرجال: «رباني و علمني و أحسن إليّ»، توفي بعد أخيه السيّد رضيّ الدين علي بتسع سنين أي في سنة 673 ه 23 .
د- زوجته:
هي زهراء خاتون بنت الوزير ناصر بن مهدي، تزوجها بعد هجرته إلى مشهد الإمام الكاظم (عليه السلام)، و الذي أوجب فيما بعد طول استيطانه في بغداد 24 .
ه- أولاده:
1- النقيب جلال الدين محمّد بن عليّ بن طاوس، ولد في يوم الثلاثاء المصادف 9 محرم سنة 643 ه في مدينة الحلّة، و قد كتب والده
«كشف المحجة» وصية إليه و هو صغير في سنة 649 ه، و قد تولى النقابة بعد وفاة والده سنة 664 ه، و بقي نقيبا إلى أن توفي في سنة 680 ه 25 .
2- النقيب رضيّ الدين عليّ بن علي بن طاوس، سمي والده، ولد في يوم الجمعة 8 محرم سنة 647 ه في النجف الأشرف، يروي عن والده، و له كتاب «زوائد الفوائد»، و الظاهر أنّه كان نسابة مشهورا، ولي النقابة بعد وفاة أخيه محمّد في سنة 680 ه، و توفي بعد سنة 704 ه.
و من الجدير بالذكر أنّ سيدنا المذكور كان مورد شبهة لكثير من الباحثين و المحققين لتشابه اسمه و اسم والده.
فمن ذلك ما وقع فيه الدكتور مصطفى جواد في تحقيقه لكتاب «تلخيص مجمع الآداب» لابن الفوطي، حيث ورد في ترجمة عفيف الدين أبي علي فرج بن حزقيل بن الفرج الاسرائيلي اليعقوبي الشاعر «أنه كان يتردد إلى حضرة النقيب الطاهر رضيّ الدين أبي القاسم عليّ بن علي بن طاوس الحسني و يسأله عن أشياء تتعلق بالأصول ...» 26 فخلط الدكتور مصطفى جواد بينه و بين أبيه إذ راح يترجم لوالده على أنّه المقصود في المتن، قائلا:
«المعروف في تسميته أنّه رضيّ الدين عليّ بن سعد الدين أبي إبراهيم موسى النقيب العلّامة الحلي المتوفّى سنة 664 ه ...» 27 و ساق ترجمة مفصلة.
مع العلم أنّ نظرة عابرة في تضاعيف كتاب «تلخيص مجمع الآداب» نفسه تدلنا- بما لا يدع مجالا للشك- على أنّ المقصود هو ابن السيّد ابن طاوس.
فقد ورد في ج 2 ص 817 رقم 1194، في ترجمة عماد الدين أبي الفضل محمّد بن الحسن بن أبي لاجك السلجوقي النيلي الفقيه الأديب «و لما توجه النقيب رضيّ الدين عليّ بن طاوس إلى الحضرة في شوال سنة أربع و سبعمائة كان في الصحبة».
و ورد في ج 3 ص 255، في ترجمة فخر الدين أبي الحسن اليحيوي المعروف بابن الأعرج، أنّه «استدعاه النقيب الطاهر رضيّ الدين أبو القاسم علي بن طاوس الحسني لما اهتم بجمع الأنساب سنة إحدى و سبعمائة».
و في ج 4 ص 634 رقم 2790، في ترجمة السوكندي «و جاء إلى حضرة النقيب الطاهر رضيّ الدين أبي القاسم عليّ بن طاوس الحسني لتصحيح نسبه».
و لست أدري كيف لم يتنبه الدكتور لهذه التواريخ (701 ه، 704 ه) مع أنّها وردت في نفس الكتاب! و إذا تنبّه لها كيف استطاع أن يجمع بينها و بين تأريخ وفاة السيّد عليّ بن طاوس في سنة 664 ه!!.
3- شرف الأشراف: وصفها والدها في كتابه الأمان من أخطار الأسفار و الأزمان ب «الحافظة الكاتبة» و قال عنها في سعد السعود: «ابنتي الحافظة لكتاب اللّه المجيد شرف الأشراف، حفظته و عمرها اثنا عشرة سنة» 28 .
4- فاطمة: قال السيّد المؤلّف في كتابه سعد السعود: «فيما نذكره من مصحف معظم تام أربعة أجزاء وقفته على ابنتي الحافظة للقرآن الكريم (فاطمة) حفظته و عمرها دون تسع سنين» 29 .
و يظهر ممّا ذكره السيّد ابن طاوس في آخر رسالة المواسعة و المضايقة