کتابخانه روایات شیعه
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ قال: «و مما علمناهم ينبئون».
313/ 1118 - ابن بابويه، قال: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني (رضي الله عنه)، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن يحيى بن أبي عمران، عن يونس بن عبد الرحمن، عن سعدان، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: « الم هو حرف من حروف اسم الله الأعظم المقطع في القرآن، الذي يؤلفه النبي (صلى الله عليه و آله) و الإمام، فإذا دعا به أجيب».
ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ قال: «بيان لشيعتنا». الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ قال: «مما علمناهم ينبئون، و ما علمناهم من القرآن يتلون».
314/ 1119 - و عنه، قال: حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن غير واحد من أصحابنا، عن داود بن كثير الرقي، عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله عز و جل: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ . قال: «من آمن بقيام القائم (عليه السلام) أنه حق». 1120
315/ 1121 - و عنه، قال: حدثنا علي بن أحمد بن محمد 1122 الدقاق (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن أبي حمزة، عن يحيى بن أبي القاسم، قال: سألت الصادق (عليه السلام) عن قول الله عز و جل: الم* ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ* الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ فقال: «المتقون: شيعة علي (عليه السلام)، و الغيب فهو الحجة الغائب، و شاهد ذلك قوله تعالى: وَ يَقُولُونَ لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّهِ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ ». 1123
316/ 1124 - و عنه: بإسناده عن جابر بن عبد الله الأنصاري، عن رسول الله (صلى الله عليه و آله)، في حديث يذكر فيه الأئمة الاثني عشر و فيهم القائم (عليهم السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «طوبى للصابرين في غيبته، طوبى للمقيمين على محبتهم، أولئك من وصفهم الله في كتابه، فقال: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ و قال: أُولئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ». 1125
317/ 1126 - و عنه: قال: حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه)، قال: حدثنا محمد بن الحسن
الصفار، عن إبراهيم بن هاشم، عن الحسن بن محبوب، عن علي بن رئاب، عن محمد بن قيس، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام)، يحدث: «أن حييا 1127 و أبا ياسر ابني أخطب، و نفرا من يهود أهل نجران، 1128 أتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقالوا له: أليس فيما تذكر فيما أنزل عليك: الم ؟ قال: بلى، قالوا: أتاك بها جبرئيل من عند الله؟ قال: نعم، قالوا: لقد بعثت أنبياء قبلك، و ما نعلم نبيا منهم أخبر ما مدة ملكه، و ما أجل أمته غيرك! قال: فأقبل حيي بن أخطب على أصحابه، فقال: الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، فهذه إحدى و سبعون سنة، فعجب ممن يدخل في دين مدة ملكه و أجل أمته إحدى و سبعون سنة! قال: ثم أقبل على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، هل من هذا غيره؟ قال: نعم، قال: فهاته، قال:
المص 1129 ، قال: هذه أثقل و أطول، الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الصاد تسعون، فهذه مائة و إحدى و ستون! ثم قال لرسول الله (صلى الله عليه و آله): فهل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قال: هاته، قال: الر 1130 ، قال: هذه أثقل و أطول، الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الراء مائتان! ثم قال: هل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قال: هاته، قال: المر 1131 قال: هذه أثقل و أطول، الألف و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، و الراء مائتان! ثم قال: هل مع هذا غيره؟ قال: نعم، قالوا: قد التبس علينا أمرك، فما ندري ما أعطيت! ثم قاموا عنه.
ثم قال أبو ياسر لحيي أخيه، ما يدريك، لعل محمدا قد جمع له هذا كله، و أكثر منه».
قال: فذكر أبو جعفر (عليه السلام): «أن هذه الآيات أنزلت فيهم مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَ أُخَرُ مُتَشابِهاتٌ 1132 - قال-: و هي تجري في وجه آخر، على غير تأويل حيي و أبي ياسر و أصحابهما».
318/ 1133 - و عنه، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن هارون الزنجاني فيما كتب إلي على يدي علي بن أحمد البغدادي الوراق، قال: حدثنا معاذ بن المثنى العنبري، قال: حدثنا عبد الله بن أسماء، قال: حدثنا جويرية، عن سفيان بن سعيد الثوري، قال: قلت لجعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليهم السلام): يا ابن رسول الله، ما معنى قول الله عز و جل: الم ؟ قال (عليه السلام): «أما الم في أول البقرة، فمعناه أنا الله الملك».
319/ 1134 - و عنه، قال: حدثنا محمد بن القاسم الأسترابادي، المعروف بأبي الحسن الجرجاني (رضي الله عنه)، قال: حدثني أبو يعقوب يوسف بن محمد بن زياد، و أبو الحسن علي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن ابن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب (صلوات الله عليهم)، أنه قال: «كذبت قريش و اليهود بالقرآن، و قالوا هذا سحر مبين تقوله، فقال الله: الم* ذلِكَ الْكِتابُ أي يا محمد، هذا الكتاب الذي أنزلته عليك، هو الحروف المقطعة، التي منها: ألف، لام، ميم، و هو بلغتكم و حروف هجائكم، فأتوا بمثله إن كنتم صادقين، و استعينوا على ذلك بسائر شهدائكم.
ثم بين أنهم لا يقدرون عليه بقوله: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً . 1135 ثم قال تعالى: الم هو القرآن الذي افتتح ب الم هو ذلك الكتاب الذي أخبرت به موسى، فمن بعده من الأنبياء، و أخبروا بني إسرائيل: أني سأنزله عليك- يا محمد- كتابا عربيا عزيزا لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ لا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ . 1136 لا رَيْبَ فِيهِ لا شك فيه، لظهوره عندهم كما أخبرهم أنبياؤهم: أن محمدا ينزل عليه كتاب لا يمحوه الباطل، يقرؤه هو و أمته على سائر أحوالهم. هُدىً بيان من الضلالة. لِلْمُتَّقِينَ الذين يتقون الموبقات، و يتقون تسليط السفه على أنفسهم، حتى إذا علموا ما يجب عليهم علمه، عملوا بما يجب لهم رضا ربهم».
ثم قال: «و قال الصادق (عليه السلام): الألف حرف من حروف [قول الله، دل بالألف على] قولك: الله، و دل باللام على قولك: الملك العظيم القاهر للخلق أجمعين، و دل بالميم على أنه المجيد المحمود في كل أفعاله، و جعل هذا القول حجة على اليهود، و ذلك أن الله لما بعث موسى بن عمران، ثم من بعده من الأنبياء إلى بني إسرائيل، لم يكن فيهم قوم إلا أخذوا عليهم العهود و المواثيق، ليؤمنن بمحمد العربي المبعوث بمكة، الذي يهاجر إلى المدينة، يأتي بكتاب، بالحروف المقطعة افتتاح بعض سوره، تحفظه أمته، فيقرءونه قياما و قعودا و مشاة، و على كل الأحوال، يسهل الله عز و جل حفظه عليهم.
و يقرنون بمحمد (صلى الله عليه و آله) أخاه و وصيه علي بن أبي طالب (عليه السلام)، الآخذ عنه علومه التي علمها، و المتقلد منه الإمامة التي قلدها، و يذلل كل من عاند محمدا (صلى الله عليه و آله) بسيفه الباتر، و يفحم 1137 كل من جادله و خاصمه بدليله القاهر، يقاتل عباد الله على تنزيل كتاب الله، حتى يقودهم إلى قبوله طائعين و كارهين، ثم إذا صار محمد (صلى الله عليه و آله) إلى رضوان الله عز و جل و ارتد كثير ممن كان أعطاه ظاهر الإيمان، و حرفوا تأويلاته، و غيروا معانيه، و وضعوها على خلاف وجوهها، قاتلهم بعده على تأويله، حتى يكون إبليس الغاوي لهم، هو الخاسر
الذليل المطرود المغلوب».
قال: «فلما بعث الله محمدا (صلى الله عليه و آله)، و أظهره بمكة، ثم سيره منها إلى المدينة، و أظهره بها، ثم أنزل عليه الكتاب، و جعل افتتاح سورته الكبرى ب الم - يعني الم* ذلِكَ الْكِتابُ - الذي أخبرت أنبيائي السالفين أني سأنزله عليك- يا محمد- لا رَيْبَ فِيهِ فقد ظهر- كما أخبرهم به أنبياؤهم- أن محمدا (صلى الله عليه و آله) ينزل عليه كتاب مبارك، لا يمحوه الباطل، يقرؤه هو و أمته على سائر أحوالهم.
ثم اليهود يحرفونه، و يتأولونه على خلاف وجهه، و يتعاطون التوصل إلى علم ما قد طواه الله عنهم، من حال آجال هذه الأمة، و كم مدة ملكهم. فجاء إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) [منهم] جماعة، فولى رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) مخاطبتهم. فقال قائلهم: إن كان ما يقول محمد حقا فقد علمناكم قدر ملك أمته، هو إحدى و سبعون سنة، الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون.
فقال علي (عليه السلام): فما تصنعون ب المص و قد أنزلت عليه؟! قالوا: هذه إحدى و ستون و مائة سنة.
قال: فما تصنعون ب الر و قد أنزلت عليه؟! فقالوا: هذه أكثر، هذه مائتان و إحدى و ثلاثون سنة.
فقال علي (عليه السلام): فما تصنعون بمن أنزل عليه المر ؟! قالوا: هذه مائتان و إحدى و سبعون سنة.
فقال علي (عليه السلام): فواحدة من هذه له، أو جميعها له؟ فاختلط كلامهم، فبعضهم قال: له واحدة منها، و بعضهم قال: بل تجمع له كلها، و ذلك سبعمائة و أربع [و ثلاثون] سنة، ثم يرجع الملك إلينا، يعني إلى اليهود.
فقال علي (عليه السلام): أ كتاب من كتب الله نطق بهذا، أم آراؤكم دلتكم عليه؟ فقال بعضهم: كتاب الله نطق به، و قال آخرون منهم: بل آراؤنا دلت عليه.
فقال علي (عليه السلام): فأتوا بالكتاب من عند الله ينطق بما تقولون، فعجزوا عن إيراد ذلك، و قال للآخرين:
فدلونا على صواب هذا الرأي، فقالوا: صواب رأينا دليله على أن هذا حساب الجمل. 1138 فقال علي (عليه السلام): كيف دل على ما تقولون، و ليس في هذه الحروف ما اقترحتم به بلا بيان؟! أرأيتم إن قيل لكم: إن عدد ذلك، لكل واحد منا و منكم، بعدد هذا الحساب، دراهم أو دنانير، أو على أن لعلي على كل واحد منكم دينا، عدد ماله مثل عدد هذا الحساب، أو أن كل واحد منكم قد لعن بعدد هذا الحساب.
قالوا: يا أبا الحسن، ليس شيء مما ذكرته منصوصا في الم و المص و الر و المر فإن بطل قولنا لما قلنا، بطل قولك لما قلت، فقال خطيبهم و منطيقهم 1139 : لا تفرح- يا علي- بأن عجزنا عن إقامة حجة على دعوانا، فأي حجة في دعواك؟ إلا أن تجعل عجزنا حجتك، فإذن ما لنا حجة فيما نقول، و لا لكم حجة فيما تقولون. قال علي (عليه السلام): لا سواء، و إن لنا حجة هي المعجزة الباهرة.
ثم نادى جمال اليهود: يا أيتها الجمال، اشهدي لمحمد و لوصيه، فتبادرت الجمال: صدقت، صدقت- يا وصي محمد- و كذب هؤلاء اليهود.
فقال علي (عليه السلام): هؤلاء جنس من الشهود، يا ثياب اليهود التي عليهم، اشهدي لمحمد و لوصيه، فنطقت ثيابهم كلها: صدقت، صدقت- يا علي- نشهد أن محمدا رسول الله حقا، و أنك- يا علي- وصيه حقا، لم يثبت لمحمد قدم في مكرمة إلا وطئت على موضع قدمه بمثل مكرمته، فأنتما شقيقان من أشرف أنوار الله تعالى، تميزتما اثنين، و أنتما في الفضائل شريكان، إلا أنه لا نبي بعد محمد (صلى الله عليه و آله).
فعند ذلك خرست اليهود، و آمن بعض النظارة 1140 منهم برسول الله (صلى الله عليه و آله) و غلب الشقاء على اليهود، و سائر النظارة الآخرين، فذلك ما قال الله تعالى: لا رَيْبَ فِيهِ إنه كما قال محمد، و وصي محمد عن قول محمد (صلى الله عليه و آله)، عن قول رب العالمين.
ثم قال: هُدىً بيان و شفاء للمتقين من شيعة محمد و علي، إنهم اتقوا أنواع الكفر فتركوها، و اتقوا الذنوب الموبقات فرفضوها، و اتقوا إظهار أسرار الله، و أسرار أزكياء عباده الأوصياء بعد محمد (صلى الله عليه و آله) فكتموها، و اتقوا ستر العلوم عن أهلها المستحقين لها، و فيهم نشروها».
320/ 1141 - العياشي: عن محمد بن قيس، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يحدث، قال: «إن حييا و أبا ياسر- ابني أخطب- و نفرا من اليهود- أهل خيبر- 1142 أتوا رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقالوا له: أليس فيما تذكر، فيما أنزل عليك: الم ؟ قال: بلى.
قالوا: أتاك بها جبرئيل من عند الله؟ قال: نعم.
قالوا: لقد بعثت أنبياء قبلك، و ما نعلم نبيا منهم أخبر ما مدة ملكه، و ما أجل أمته غيرك! فأقبل حيي على أصحابه، فقال لهم: الألف واحد، و اللام ثلاثون، و الميم أربعون، فهي إحدى و سبعون سنة، فعجب ممن يدخل في دين مدة ملكه و أجل أمته إحدى و سبعون سنة.
ثم أقبل على رسول الله (صلى الله عليه و آله)، فقال: يا محمد، هل مع هذا غيره؟ فقال: نعم. قال: فهاته. قال:
المص . قال: هذه أثقل و أطول، الألف واحد، و اللام ثلاثون».
قلت: تمام هذا الحديث ساقط، و بعده حديث لا يناسبه في نسختين من العياشي. 1143
321/ 1144 - قال علي بن إبراهيم: و الهداية في كتاب الله على وجوه، ف هُدىً هو البيان الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ قال: يصدقون بالبعث و النشور، و الوعد و الوعيد.
322/ 1145 - و قال علي بن إبراهيم: و الإيمان في كتاب الله على أربعة وجوه: فمنه إقرار باللسان، و قد سماه الله تبارك و تعالى إيمانا، و منه تصديق بالقلب، و منه الأداء، و منه التأييد.
فأما الإيمان الذي هو إقرار باللسان، و قد سماه الله تبارك و تعالى إيمانا، و نادى أهله به بقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً* وَ إِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيداً* وَ لَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً . 1146
فقال الصادق (عليه السلام): «لو أن هذه الكلمة قالها أهل المشرق و أهل المغرب، لكانوا بها خارجين من الإيمان، و لكن قد سماهم الله مؤمنين بإقرارهم».
و في قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ 1147 فقد سماهم الله مؤمنين بإقرارهم، ثم قال لهم: صدقوا.
و أما الإيمان الذي هو التصديق فقوله: الَّذِينَ آمَنُوا وَ كانُوا يَتَّقُونَ* لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ فِي الْآخِرَةِ 1148 يعني صدقوا، و قوله: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى 1149 أي لا نصدقك، و قوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أي يا أيها الذين أقروا و صدقوا، فالإيمان الخفي 1150 هو التصديق.
و للتصديق شروط، لا يتم التصديق إلا بها؛ و قوله: لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ وَ لكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ الْمَلائِكَةِ وَ الْكِتابِ وَ النَّبِيِّينَ وَ آتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَ الْيَتامى وَ الْمَساكِينَ وَ ابْنَ السَّبِيلِ وَ السَّائِلِينَ وَ فِي الرِّقابِ وَ أَقامَ الصَّلاةَ وَ آتَى الزَّكاةَ وَ الْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَ الضَّرَّاءِ وَ حِينَ الْبَأْسِ أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ 1151 فمن أقام بهذه الشروط، فهو مؤمن مصدق.
و أما الإيمان الذي هو الأداء، فهو قوله لما حول الله قبلة رسوله إلى الكعبة، قال أصحاب رسول الله (صلى الله عليه و آله): يا رسول الله، فصلواتنا إلى بيت المقدس بطلت؟ فأنزل الله تبارك و تعالى:
وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ 1152 فسمى الصلاة إيمانا.
و الوجه الرابع من الإيمان هو التأييد، الذي جعله الله في قلوب المؤمنين، من روح الإيمان، فقال: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ لَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَ أَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ 1153 . و الدليل على ذلك،
قوله (عليه الصلاة و السلام): «لا يزني الزاني و هو مؤمن، و لا يسرق السارق و هو مؤمن، يفارقه روح الإيمان ما دام على بطنها، فإذا قام عاد إليه».
قيل: و ما الذي يفارقه؟ قال: «الذي يدعه في قلبه». 1154 ثم
قال (عليه السلام): «ما من قلب إلا و له أذنان، على إحداهما ملك مرشد، و على الأخرى شيطان مفتن، هذا يأمره و هذا يزجره». 1155
و من الإيمان ما قد ذكره الله في القرآن: خبيث، و طيب، فقال: ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ 1156 . فمنهم من يكون مؤمنا مصدقا، و لكنه يلبس إيمانه بظلم، و هو قوله:
الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَ هُمْ مُهْتَدُونَ . 1157 فمن كان مؤمنا، ثم دخل في المعاصي التي نهى الله عنها، فقد لبس إيمانه بظلم، فلا ينفعه الإيمان، حتى يتوب إلى الله من الظلم الذي لبس إيمانه، حتى يخلص لله إيمانه، فهذه وجوه الإيمان في كتاب الله.
323/ 1158 - تفسير الإمام أبي محمد العسكري (عليه السلام) في قوله تعالى: الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ .