کتابخانه روایات شیعه
قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ - إلى قوله تعالى- فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ [1- 9]
11899/ 23941 - محمد بن العباس، قال: حدثنا أحمد بن محمد النوفلي، عن محمد بن عبد الله بن مهران، عن محمد بن خالد البرقي، عن محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه سليمان، قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
ما معنى قوله عز و جل: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ؟ قال: «الذين همزوا آل محمد حقهم و لمزوهم، و جلسوا مجلسا كان آل محمد أحق به منهم».
11900/ 23942 - علي بن إبراهيم: في معنى السورة، قوله: وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ ، قال: الذي يغمز الناس، و يستحقر الفقراء، و قوله: لُمَزَةٍ الذي يلوي عنقه و رأسه و يغضب إذا رأى فقيرا و سائلا، و قوله: الَّذِي جَمَعَ مالًا وَ عَدَّدَهُ ، قال: أعده و وضعه يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ قال: [يحسب أن ماله يخلده] و يبقيه، ثم قال:
كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ و الحطمة: النار [التي] تحطم كل شيء.
ثم قال: وَ ما أَدْراكَ يا محمد مَا الْحُطَمَةُ* نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ* الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ، قال: تلتهب على الفؤاد، قال أبو ذر (رضي الله عنه): بشر المتكبرين بكي في الصدور، و سحب على الظهور، قوله: إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ ، قال: مطبقة فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ ، قال: إذا مدت العمد عليهم أكلت و الله الجلود 23943 .
11901/ 23944 - الطبرسي: روي العياشي بإسناده، عن محمد بن النعمان الأحول، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: «إن الكفار و المشركين يعيرون أهل التوحيد في النار، و يقولون: ما نرى توحيدكم أغنى
عنكم شيئا، و ما نحن و أنتم إلا سواء، قال: فيأنف [لهم] الرب تعالى، فيقول للملائكة: اشفعوا، فيشفعون لمن شاء الله، ثم يقول للنبيين: اشفعوا، فيشفعون لمن يشاء، ثم يقول للمؤمنين: اشفعوا، فيشفعون لمن شاء، و يقول الله: أنا أرحم الراحمين، اخرجوا برحمتي، فيخرجون كما يخرج الفراش» قال: ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): «مدت العمد، و أوصدت عليهم، و كان و الله الخلود».
11902/ 23945 - كتاب (صفة الجنة و النار): عن سعيد بن جناح، قال: حدثني عوف بن عبد الله الأزدي، عن جابر بن يزيد الجعفي، عن أبي جعفر (عليه السلام)- في حديث طويل يذكر فيه صفة أهل النار- إلى أن قال (عليه السلام) فيه: «ثم يعلق على كل غصن من الزقوم سبعون ألف رجل، ما ينحني و لا ينكسر، فتدخل النار من أدبارهم، فتطلع على الأفئدة، تقلص الشفاه، و يطير الجنان 23946 ، و تنضج الجلود، و تذوب الشحوم، و يغضب الحي القيوم فيقول:
يا مالك، قل لهم: ذوقوا، فلن نزيدكم إلا عذابا. يا مالك، سعر سعر، قد اشتد غضبي على من شتمني على عرشي، و استخف بحقي، و أنا الملك الجبار.
فينادي مالك: يا أهل الضلال و الاستكبار و النعمة 23947 في دار الدنيا، كيف تجدون مس سقر؟ قال: فيقولون:
قد أنضجت قلوبنا، و أكلت لحومنا، و حطمت عظامنا، فليس لنا مستغيث، و لا لنا معين. قال: فيقول مالك: و عزة ربي، لا أزيدكم إلا عذابا. فيقولون: إن عذبنا ربنا لم يظلمنا شيئا. قال: فيقول مالك: فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ 23948 يعني بعدا لأصحاب السعير.
ثم يغضب الجبار فيقول: يا مالك، سعر سعر، فيغضب مالك، فيبعث عليهم سحابة سوداء تظل أهل النار كلهم، ثم يناديهم فيسمعها أولهم و آخرهم و أقصاهم 23949 و أدناهم فيقول: ما ذا تريدون أن أمطركم؟ فيقولون: الماء البارد، وا عطشاه و أطول هواناه، فيمطرهم حجارة و كلاليب و خطاطيف و غسلينا و ديدانا من نار، فتنضج 23950 وجوههم و جباههم، و تعمى أبصارهم، و تحطم عظامهم، فعند ذلك ينادون: وا ثبوراه، فإذا بقيت العظام عواري [من اللحوم] اشتد غضب الله فيقول: يا مالك، اسجرها عليهم كالحطب في النار. ثم تضرب أمواجها أرواحهم سبعين خريفا في النار، ثم تطبق عليهم أبوابها من الباب إلى الباب مسيرة خمسمائة عام، و غلظ الباب [مسيرة] مائة عام، ثم يجعل كل رجل منهم في ثلاث توابيت من حديد [من نار] بعضها في بعض، فلا يسمع لهم كلام أبدا، إلا أن لهم فيها شهيق كشهيق البغال و نهيق 23951 كنهيق الحمار، و عواء كعواء الكلاب، صم بكم عمي فليس لهم فيها
كلام إلا أنين، فتطبق عليهم أبوابها، و تسد عليهم عمدها، فلا يدخل عليهم روح، و لا يخرج منهم الغم أبدا، و هي عليهم مؤصدة- يعني مطبقة- ليس لهم من الملائكة شافعون، و لا من أهل الجنة صديق حميم، و ينساهم الرب، و يمحو ذكرهم من قلوب العباد، فلا يذكرون أبدا، فنعوذ بالله العظيم العفو 23952 الرحمن الرحيم [من النار و ما فيها، و من كل عمل يقرب من النار، إنه غفور رحيم جواد كريم»].
سورة الفيل
فضلها
11903/ 23953 - ابن بابويه: بإسناده، عن أبي بصير، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «من قرأ في فرائضه: أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ شهد له يوم القيامة كل سهل و جبل و مدر، بأنه كان من المصلين و ينادي له يوم القيامة مناد:
صدقتم على عبدي، قبلت شهادتكم 23954 له و عليه، أدخلوه الجنة و لا تحاسبوه، فانه ممن أحبه و أحب عمله».
11904/ 23955 - و من (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله)، أنه قال: «من قرأ هذه السورة أعاذه الله من العذاب، و المسخ في الدنيا، و إن قرئت على الرماح التي تصادم كسرت ما تصادمه».
11905/ 23956 - و قال رسول الله (صلى الله عليه و آله): «من قرأها أعاذه الله من العذاب الأليم، و المسخ في الدنيا، و إن قرئت على الرماح الخطية 23957 كسرت ما تصادمه».
11906/ 23958 - و قال الصادق (عليه السلام): «ما قرئت على مصاف 23959 إلا و انصرع المصاف الثاني المقابل للقارئ لها، و ما كان قراءتها إلا قوة للقلب».
قوله تعالى:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ* أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ - إلى قوله تعالى- فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ [1- 5]
11907/ 23960 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، عن أبان بن تغلب، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): «لما أتى 23961 صاحب الحبشة بالخيل و معهم الفيل ليهدم البيت مروا بإبل لعبد المطلب فساقوها، فبلغ ذلك عبد المطلب، فأتى صاحب الحبشة، فدخل الآذن، فقال: هذا عبد المطلب بن هاشم، قال: و ما يشاء؟ قال الترجمان: جاء في إبل له ساقوها يسألك ردها، فقال ملك الحبشة لأصحابه: هذا رئيس قوم و زعيمهم! جئت إلى بيته الذي يعبده لأهدمه و هو يسألني إطلاق إبله! أما لو سألني الإمساك عن هدمه لفعلت، ردوا عليه إبله.
فقال عبد المطلب لترجمانه: ما قال الملك؟ فأخبره، فقال عبد المطلب: أنا رب الإبل، و لهذا البيت رب يمنعه، فردت عليه إبله، و انصرف عبد المطلب نحو منزله، فمر بالفيل في منصرفه، فقال للفيل: يا محمود، فحرك الفيل رأسه. فقال له: أ تدري لم جاءوا بك؟ فقال 23962 الفيل برأسه: لا، فقال عبد المطلب: جاءوا بك لتهدم بيت ربك، أ فتراك فاعل ذلك؟ فقال برأسه: لا.
فانصرف عبد المطلب إلى منزله، فلما أصبحوا غدوا به لدخول الحرم، فأبى و امتنع عليهم، فقال عبد المطلب لبعض مواليه عند ذلك: اعل الجبل، فانظر ترى شيئا؟ فقال: أرى سوادا من قبل البحر، فقال له:
يصيبه بصرك أجمع؟ فقال له: لا، و أوشك أن يصيب، فلما أن قرب قال: هو طير كثير و لا أعرفه، يحمل كل طير في منقاره حصاة مثل حصاة الحذف أو دون حصاة الحذف. فقال عبد المطلب: و رب عبد المطلب ما تريد إلا القوم، حتى لما صارت فوق رؤوسهم أجمع ألقت الحصاة، فوقعت كل حصاة على هامة رجل، فخرجت من دبره فقتلته، فما انفلت منهم إلا رجل واحد يخبر الناس، فلما أن أخبرهم ألقت عليه حصاة فقتلته».
11908/ 23963 - و عنه: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حمران، و هشام بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «لما أقبل صاحب الحبشة بالفيل يريد هدم الكعبة، مروا بإبل لعبد المطلب فاستاقوها، فتوجه عبد المطلب إلى صاحبهم يسأله رد إبله عليه، فاستأذن عليه فأذن له، و قيل له: إن هذا شريف قريش- أو عظيم قريش- و هو رجل له عقل و مروءة، فأكرمه و أدناه، ثم قال لترجمانه: سله: ما حاجتك؟
فقال له: إن أصحابك مروا بإبل [لي] فاستاقوها فأحببت أن تردها علي. قال: فتعجب من سؤاله إياه رد الإبل. و قال:
هذا الذي زعمتم أنه عظيم قريش و ذكرتم عقله، يدع أن يسألني أن انصرف عن بيته الذي يعبده، أما لو سألني أن أنصرف عن هذا 23964 لانصرفت له عنه، فأخبره الترجمان بمقالة الملك، فقال له عبد المطلب: إن لذلك البيت ربا يمنعه، و إنما سألتك رد إبلي لحاجتي إليها، فأمر بردها عليه.
فمضى عبد المطلب حتى لقي الفيل على طرف الحرم، فقال له: محمود، فحرك رأسه، فقال: أ تدري لم جيء بك؟ فقال برأسه: لا، فقال: جاءوا بك لتهدم بيت ربك أ فتفعل؟ فقال برأسه: لا، قال: فانصرف عنه عبد المطلب، و جاءوا بالفيل ليدخل الحرم، فلما انتهى إلى طرف الحرم امتنع من الدخول فضربوه فامتنع من الدخول، فأداروا به نواحي الحرم كلها، كل ذلك يمتنع عليهم، فلم يدخل، فبعث الله عليهم الطير كالخطاطيف، في مناقيرها حجر كالعدسة أو نحوها، ثم تحاذي برأس الرجل ثم ترسلها على رأسه فتخرج من دبره، حتى لم يبق منهم إلا رجل هرب فجعل يحدث الناس بما رأى إذ طلع عليه طائر منها فرفع رأسه، فقال: هذا الطير منها، و جاء الطير حتى حاذى برأسه، ثم ألقاها عليه فخرجت من دبره فمات».
11909/ 23965 - و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن محبوب، عن جميل بن صالح، عن أبي مريم، عن أبي جعفر (عليه السلام)، قال: سألته عن قول الله عز و جل: وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ* تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ قال: «كان طير ساف 23966 ، جاءهم من قبل البحر، رؤوسها كأمثال رؤوس السباع، و أظفارها كأظفار السباع من الطير، مع كل طير ثلاثة أحجار: في رجليه حجران، و في منقاره حجر، فجعلت ترميهم بها حتى جدرت أجسادهم فقتلتهم بها، و ما كان قبل ذلك رئي شيء من الجدري، و لا رأوا من ذلك الطير قبل ذلك اليوم و لا بعده؟».
قال: «و من أفلت منهم يومئذ انطلق، حتى إذا بلغوا حضرموت، و هو واد دون اليمن، أرسل [الله] عليهم سيلا فغرقهم أجمعين». قال: «و ما رئي في ذلك الوادي ماء [قط] قبل ذلك اليوم بخمسة عشر سنة» قال: «فلذلك سمي حضرموت حين ماتوا فيه».
11910/ 23967 - الشيخ في (أماليه)، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد- يعني المفيد- قال: حدثنا أبو الحسن علي بن بلال المهلبي، قال: حدثنا عبد الواحد بن عبد الله بن يونس الربعي، قال: حدثنا الحسين بن محمد ابن عامر، قال: حدثنا المعلى بن محمد البصري، قال: حدثنا محمد بن جمهور العمي، قال: حدثنا جعفر بن بشير، قال: حدثنا سليمان بن سماعة، عن عبد الله بن القاسم، عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده (عليهم السلام)، قال: «لما قصد أبرهة بن الصباح ملك الحبشة ليهدم البيت، تسرعت الحبشة، فأغاروا عليها، فأخذوا سرحا 23968 لعبد المطلب بن هاشم، فجاء عبد المطلب إلى الملك، فاستأذن عليه، فأذن له و هو في قبة ديباج على سرير له، فسلم عليه، فرد أبرهة السلام، و جعل ينظر في وجهه، فراقه حسنه و جماله و هيئته. فقال له: هل كان في آبائك مثل هذا النور الذي أراه لك و الجمال؟ قال: نعم أيها الملك، كل آبائي كان لهم هذا الجمال و النور و البهاء فقال له أبرهة: لقد فقتم [الملوك] فخرا و شرفا، و يحق لك أن تكون سيد قومك.
ثم أجلسه معه على سريره، و قال لسائس فيله الأعظم- و كان فيلا أبيض عظيم الخلق، له نابان مرصعان بأنواع الدر و الجواهر، و كان الملك يباهي به ملوك الأرض- ائتني به، فجاء به سائسه، و قد زين بكل زينة حسنة، فحين قابل وجه عبد المطلب سجد له، و لم يكن يسجد لملكه، و أطلق الله لسانه بالعربية، فسلم على عبد المطلب، فلما رأى الملك ذلك ارتاع له و ظنه سحرا، فقال: ردوا الفيل إلى مكانه.
ثم قال لعبد المطلب: فيم جئت؟ فقد بلغني سخاؤك و كرمك و فضلك، و رأيت من هيئتك 23969 و جمالك و جلالك ما يقتضي أن أنظر في حاجتك، فسلني ما شئت. و هو يرى أن يسأله في الرجوع عن مكة، فقال له عبد المطلب: إن أصحابك غدوا على سرح لي فذهبوا به، فمرهم برده علي.
قال: فتغيظ الحبشي من ذلك، و قال لعبد المطلب: لقد سقطت من عيني، جئتني تسألني في سرحك، و أنا قد جئت لهدم شرفك و شرف قومك، و مكرمتكم التي تتميزون بها من كل جيل، و هو البيت الذي يحج إليه من كل صقع في الأرض، فتركت مسألتي في ذلك و سألتني في سرحك.
فقال له عبد المطلب: لست برب البيت الذي قصدت لهدمه، و أنا رب سرحي الذي أخذه أصحابك، فجئت أسألك فيما أنا ربه، و للبيت رب هو أمنع له من الخلق كلهم، و أولى [به] منهم.