کتابخانه روایات شیعه
مجاهد: نصرتكم، و قال الأخفش: دولتكم، و الريح ها هنا كناية عن نفاذ الأمر و جريانه على المراد، تقول العرب هبت ريح فلان، إذا جرى أمره على ما يريد، و ركدت ريحه، إذا أدبر أمره. و قيل: إن المعنى ريح النصر التي يبعثها الله مع من ينصره على من يخذله، عن قتادة و ابن زيد، و
منه قوله (صلى الله عليه و آله): «نصرت بالصبا و أهلكت عاد بالدبور».
9822 - عن النعمان بن المقرن، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) إذا كان عند القتال لم يقاتل أول النهار و آخره إلى أن تزول الشمس و تهب الرياح و ينزل النصر».
قوله تعالى:
9823 - محمد بن يعقوب: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد و علي بن إبراهيم، عن أبيه، جميعا، عن ابن محبوب، عن الهيثم بن واقد الجزري قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «إن الله عز و جل بعث نبيا من أنبيائه إلى قومه و أوحى إليه أن قل لقومك: إنه ليس من أهل قرية و لا أناس كانوا على طاعتي فأصابهم فيها سراء فتحولوا عما أحب إلى ما أكره إلا تحولت لهم عما يحبون إلى ما يكرهون، و ليس من أهل قرية و لا أهل بيت كانوا على معصيتي فأصابتهم فيها ضراء فتحولوا عما أكره إلى ما أحب إلا تحولت لهم عما يكرهون إلى ما يحبون».
9824 - و عنه: عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن سنان، عن سماعة قال: سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) يقول: «ما أنعم الله على عبد نعمة فسلبها إياه، حتى يذنب ذنبا يستحق بذلك السلب».
سورة التوبة مدنية
سورة التوبة فضلها:
تقدم على رأس سورة الأنفال، و نزيده ها هنا:
4393/ 9825 - في كتاب (خواص القرآن): روي عن النبي (صلى الله عليه و آله) أنه قال: «من قرأ هذه السورة بعثه الله يوم القيامة بريئا من النفاق. و من كتبها و جعلها في عمامته، أو قلنسوته، أمن اللصوص في كل مكان، و إذا هم رأوه انحرفوا عنه، و لو احترقت محلته بأسرها لم تصل النار إلى منزله، و لم تقربه أبدا ما دامت عنده مكتوبة».
4394/ 9826 - الطبرسي: عن علي (عليه السلام): «لم تنزل بسم الله الرحمن الرحيم على رأس سورة براءة لأن بسم الله للأمان و الرحمة، و نزلت براءة لرفع الأمان بالسيف».
4395/ 9827 - و عن الصادق (عليه السلام) قال: «الأنفال و براءة واحدة».
4396/ 9828 - العياشي: عن أبي العباس، عن أحدهما (عليهما السلام)، قال: «الأنفال و سورة براءة واحدة».
4397/ 9829 - عن داود بن سرحان، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «كان الفتح في سنة ثمان، و براءة في سنة تسع، و حجة الوداع في سنة عشر».
قوله تعالى:
بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ*
4398/ 9830 - علي بن إبراهيم، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل 9831 ، عن أبي الصباح الكناني، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: «نزلت هذه الآية بعد ما رجع رسول الله (صلى الله عليه و آله) من غزوة تبوك في سنة تسع 9832 من الهجرة- قال-: و كان رسول الله (صلى الله عليه و آله) لما فتح مكة لم يمنع المشركين الحج في تلك السنة، و كانت سنة العرب في الحج أنه من دخل مكة و طاف بالبيت في ثيابه لم يحل له إمساكها، و كانوا يتصدقون بها، و لا يلبسونها بعد الطواف، فكان من وافى مكة يستعير ثوبا و يطوف فيه ثم يرده، و من لم يجد عارية اكترى ثيابا، و من لم يجد عارية و لا كراء، و لم يكن له إلا ثوب واحد طاف بالبيت عريانا.
فجاءت امرأة من العرب وسيمة جميلة، فطلبت ثوبا عارية أو كراء فلم تجده، فقالوا لها: إن طفت في ثيابك احتجت أن تتصدقي بها. فقالت: و كيف أتصدق بها و ليس لي غيرها؟! فطافت بالبيت عريانة، و أشرف عليها الناس، فوضعت إحدى يديها على قبلها و الأخرى على دبرها، و قالت شعرا 9833 :
اليوم يبدو بعضه أو كله
فما بدا منه فلا أحله
فلما فرغت من الطواف خطبها جماعة، فقالت: إن لي زوجا.
و كانت سيرة رسول الله (صلى الله عليه و آله) قبل نزول سورة براءة أن لا يقاتل إلا من قاتله، و لا يحارب إلا من حاربه و أراده، و قد كان أنزل عليه في ذلك فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَ أَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا 9834 . فكان رسول الله (صلى الله عليه و آله) لا يقاتل أحدا قد تنحى عنه و اعتزله، حتى نزلت عليه سورة براءة، و أمره الله بقتل المشركين من اعتزله و من لم يعتزله، إلا الذين قد عاهدهم رسول الله (صلى الله عليه و آله) يوم فتح مكة إلى مدة، منهم: صفوان بن أمية، و سهيل بن عمرو، فقال الله عز و جل: بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، ثم يقتلون حيثما وجدوا، فهذه أشهر السياحة: عشرون من ذي الحجة الحرام، و محرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشرة من شهر ربيع الآخرة.
و لما نزلت الآيات من سورة 9835 براءة دفعها رسول الله (صلى الله عليه و آله) إلى أبي بكر، و أمره أن يخرج إلى مكة و يقرأها على الناس بمنى يوم النحر، فلما خرج أبو بكر نزل جبرئيل على رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا محمد، لا يؤدي عنك إلا رجل منك. فبعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمير المؤمنين (عليه السلام) في طلب أبي بكر، فلحقه بالروحاء، فأخذ منه الآيات، فرجع أبو بكر إلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) فقال: يا رسول الله، أ أنزل الله في شيئا؟ قال:
لا، إن الله أمرني أن لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني».
4399/ 9836 - و عنه، قال: حدثني أبي، عن محمد بن الفضيل، عن أبي الحسن الرضا (عليه السلام)، قال: «قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) أمرني أن ابلغ عن الله تعالى أن لا يطوف بالبيت عريان، و لا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام، و قرأ عليهم بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ، فأجل المشركين 9837 الذين حجوا تلك السنة أربعة أشهر حتى يرجعوا إلى مأمنهم، ثم يقتلون حيث وجدوا».
4400/ 9838 - محمد بن يعقوب: عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسين بن خالد، قال: قلت لأبي الحسن (عليه السلام): لأي شيء صار الحاج لا يكتب عليه الذنب أربعة أشهر؟
قال: «إن الله عز و جل أباح المشركين الحرم في أربعة أشهر، إذ يقول فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ثم وهب لمن حج 9839 من المؤمنين 9840 الذنوب أربعة أشهر».
و روى هذا الحديث ابن بابويه في (العلل): عن محمد بن الحسن بن الوليد، عن محمد بن الحسن الصفار، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبيه، عن الحسين بن خالد، قال: قلت لأبي 9841 الحسن (عليه السلام)، مثله 9842 .
4401/ 9843 - و عنه: عن علي بن إبراهيم، عن أبيه و علي بن محمد القاساني، جميعا، عن القاسم بن محمد، عن سليمان بن داود المنقري، عن فضيل بن عياض، قال: سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الحج الأكبر، فإن ابن عباس كان يقول: يوم عرفة.
فقال أبو عبد الله (عليه السلام): «قال أمير المؤمنين (صلوات الله عليه): الحج الأكبر يوم النحر، و يحتج بقوله عز و جل:
فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و هي عشرون من ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشر
من شهر ربيع الآخر، و لو كان الحج الأكبر يوم عرفة لكان أربعة أشهر و يوما».
4402/ 9844 - و عنه: عن علي بن إبراهيم، بإسناده، قال: «أشهر الحج: شوال، و ذو القعدة، و عشر من ذي الحجة. و أشهر السياحة: عشرون من ذي الحجة، و المحرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشر من شهر ربيع الآخر».
4403/ 9845 - العياشي: عن حريز، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: «إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعث أبا بكر مع براءة إلى الموسم، ليقرأها على الناس، فنزل جبرئيل فقال: لا يبلغ عنك إلا علي. فدعا رسول الله (صلى الله عليه و آله) عليا (عليه السلام) و أمره أن يركب ناقته العضباء، و أمره أن يلحق أبا بكر فيأخذ منه براءة و يقرأها على الناس بمكة، فقال أبو بكر: أسخط 9846 ؟ فقال: لا، إلا أنه انزل عليه أنه لا يبلغ عنك إلا رجل منك.
فلما قدم على مكة، و كان يوم النحر بعد الظهر، و هو يوم الحج الأكبر، قام ثم قال: إني رسول الله إليكم.
فقرأها عليهم بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ عشرين من ذي الحجة، و محرم، و صفر، و شهر ربيع الأول، و عشرا من شهر ربيع الآخر. و قال: لا يطوف بالبيت عريان و لا عريانة و لا مشرك بعد هذا العام، و من كان له عهد عند رسول الله (صلى الله عليه و آله) فمدته إلى هذه الأربعة أشهر».
4404/ 9847 - و في خبر محمد بن مسلم: فقال: «يا علي، هل نزل في شيء منذ فارقت رسول الله؟ قال: لا، و لكن أبى الله أن يبلغ عن محمد إلا رجل منه. فوافى الموسم، فبلغ عن الله و عن رسول الله (صلى الله عليه و آله) بعرفة و المزدلفة، و يوم النحر عند الجمار، و في أيام التشريق كلها ينادي بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ* فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ و لا يطوفن بالبيت عريان».
4405/ 9848 - عن زرارة، قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «لا و الله، ما بعث رسول الله (صلى الله عليه و آله) أبا بكر ببراءة، و لو كان بعث بها معه لم يأخذها منه، و لكنه استعمله على الموسم، و بعث بها عليا (عليه السلام) بعد ما فصل أبو بكر عن الموسم، فقال لعلي (عليه السلام) حين بعثه: إنه لا يؤدي عني إلا أنا و أنت».