کتابخانه تفاسیر
تيسير الكريم الرحمن، ص: 18
8- «الحق الواضح المبين، في شرح توحيد الأنبياء و المرسلين».
9- «توضيح الكافية الشافية». و هو كالشرح لنونية الشيخ ابن القيم.
10- «وجوب التعاون بين المسلمين، و موضوع الجهاد الديني»، و هذه الثلاثة الأخيرة طبعت بالقاهرة بالمطبعة السلفية على نفقة المؤلف و وزعها مجانا.
11- «القول السديد في مقاصد التوحيد»، طبع في مصر «بمطبعة الإمام» على نفقة عبد المحسن أبا بطين عام 1367 ه.
12- «مختصر في أصول الفقه»، لم يطبع.
13- «تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن». طبع على نفقة المؤلف و جماعة من المحسنين، وزع مجانا. طبع بمطبعة الإمام.
14- «الرياض الناضرة»، طبع بمطبعة الإمام (الطبعة الأولى).
15- و له فوائد منثورة و فتاوى كثيرة في أسئلة شتى ترد إليه من بلده و غيره و يجيب عليها.
و له تعليقات شتى على كثير مما يمر عليه من الكتب.
و كانت الكتابة سهلة يسيرة عليه جدا، حتى أنه كتب من الفتاوى و غيرها شيئا كثيرة. و مما كتب نظم ابن عبد القوي المشهور؛ و أراد أن يشرحه شرحا مستقلا فرآه شاقا عليه؛ فجمع بينه و بين الإنصاف بخط يده ليساعد على فهمه فكان كالشرح له؛ و لهذا لم نعده من مصنفاته.
6- غايته من التصنيف:
و كان غاية قصده من التصنيف نشر العلم و الدعوة إلى الحق، و لهذا يؤلف و يكتب و يطبع ما يقدر عليه من مؤلفاته، لا ينال منها غرضا زائلا، أو يستفيد منها عرض الدنيا، بل يوزعها مجانا ليعم النفع بها.
فجزاه اللّه عن الإسلام و المسلمين خيرا، و وفقنا اللّه إلى ما فيه رضاه.
7- وفاته:
و بعد عمر طويل دام قرابة (69) عاما في خدمة العلم، انتقل إلى جوار ربّه في عام 1376 ه/ 1956 م في مدينة عنيزة من بلاد القصيم، رحمه اللّه رحمة واسعة.
تيسير الكريم الرحمن، ص: 19
تيسير الكريم الرّحمن في تفسير كلام المنّان تأليف العلّامة الشيخ أبي عبد اللّه عبد الرحمن بن ناصر بن عبد اللّه بن ناصر آل سعدي (ت 1376 ه)
تيسير الكريم الرحمن، ص: 21
مقدمة المؤلف
الحمد للّه الذي أنزل على عبده الفرقان الفارق بين الحلال و الحرام، و السعداء و الأشقياء، و الحق و الباطل.
و جعله- برحمته- هدى للناس عموما، و للمتقين خصوصا- من ضلال الكفر، و المعاصي و الجهل، إلى نور الإيمان و التقوى و العلم.
و أنزله شفاء للصدور، من أمراض الشبهات و الشهوات، و يحصل به اليقين و العلم، في المطالب العاليات، و شفاء للأبدان من أمراضها، و عللها، و آلامها، و أسقامها.
و أخبر أنه لا ريب فيه، و لا شك، بوجه من الوجوه، و ذلك لاشتماله على الحق العظيم، في أخباره، و أوامره، و نواهيه.
و أنزله مباركا، فيه الخير الكثير، و العلم الغزير، و الأسرار البديعة، و المطالب الرفيعة. فكل بركة و سعادة تنال في الدنيا و الآخرة، فسببها الاهتداء به و اتباعه.
و أخبر أنه مصدق و مهيمن، على الكتب السابقة. فما شهد له، فهو الحق، و ما رده فهو المردود لأنه تضمنها و زاد عليها. و قال تعالى فيه: يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ .
فهو هاد لدار السلام، مبين لطريق الوصول إليها، و حاث عليها، كاشف عن الطريق الموصلة إلى دار الآلام و محذر عنها. و قال تعالى مخبرا عنه: كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ .
فبين آياته أكمل تبيين، و أتقنها أي إتقان، و فصلها بتمييز الحق من الباطل، و الرشد من الضلال، تفصيلا كاشفا للبس، لكونه صادرا من حكيم خبير.
فلا يخبر إلا بالصدق و الحق و اليقين، و لا يأمر إلا بالعدل و الإحسان و البر. و لا ينهى إلا عن المضار الدينية و الدنيوية.
و أقسم تعالى بالقرآن، و وصفه بأنه «مجيد» و المجيد: سعة الأوصاف و عظمتها، و ذلك لسعة معاني القرآن و عظمتها. و وصفه بأنه «ذو الذكر» أي: يتذكر به العلوم الإلهية و الأخلاق الجميلة و الأعمال الصالحة، و يتعظ به من يخشى.
و قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (2)، و أنزله بهذا اللسان لنعقله و نفهمه، و أمرنا بتدبره، و التفكر فيه، و الاستنباط لعلومه. و ما ذاك إلا لأن تدبره مفتاح كل خير، محصل للعلوم و الأسرار.
فللّه الحمد و الشكر و الثناء، على أن جعل كتابه هدى و شفاء و رحمة و نورا، و تبصرة و تذكرة، و عبرة و بركة، و هدى و بشرى للمسلمين.
فإذا علم هذا، علم افتقار كل مكلف لمعرفة معانيه و الاهتداء بها.
و كان حقيقا بالعبد أن يبذل جهده، و يستفرغ وسعه في تعلمه و تفهمه بأقرب الطرق الموصلة إلى ذلك.
و قد كثرت تفاسير الأئمة، رحمهم اللّه، لكتاب اللّه. فمن مطول خارج في أكثر بحوثه عن المقصود،
تيسير الكريم الرحمن، ص: 22
و من مختصر، يقتصر على بعض الألفاظ اللغوية، بقطع النظر عن المراد.
و كان الذي ينبغي في ذلك، أن يجعل المعنى، هو المقصود، و اللفظ وسيلة إليه. فينظر في سياق الكلام، و ما سيق لأجله، و يقابل بينه و بين نظيره، في موضع آخر؛ و يعرف أنه سيق لهداية الخلق كلهم، عالمهم و جاهلهم، حضريّهم و بدويهم.
فالنظر لسياق الآيات، مع العلم بأحوال الرسول و سيرته مع أصحابه و أعدائه، وقت نزوله، من أعظم ما يعين على معرفته، و فهم المراد منه. خصوصا إذا انضم إلى ذلك، معرفة علوم العربية، على اختلاف أنواعها.
فمن وفق لذلك، لم يبق عليه إلا الإقبال على تدبره و تفهمه و كثرة التفكر في ألفاظه و معانيه، و لوازمها، و ما تتضمنه، و ما تدل عليه، منطوقا و مفهوما. فإذا بذل وسعه في ذلك، فالرب أكرم من عبده، فلا بد أن يفتح عليه من علومه، أمورا لا تدخل تحت كسبه.
و لما منّ الباري عليّ و على إخواني، بالاشتغال بكتابه العزيز بحسب الحال اللائقة بنا، أحببت أن أرسم من تفسير كتاب اللّه، ما تيسر، و ما منّ به اللّه علينا، ليكون تذكرة للمحصلين، و آلة للمستبصرين، و معونة للسالكين، و لأقيده «1» خوف الضياع.
و لم يكن قصدي في ذلك، إلّا أن يكون المعنى، هو المقصود. و لم أشتغل في حل الألفاظ و العقود، للمعنى الذي ذكرت. و لأن المفسرين قد كفوا من بعدهم، فجزاهم اللّه عن المسلمين خيرا.
و اللّه أرجو، و عليه أعتمد، أن ييسر ما قصدت، و يذلل ما أردت، فإنه، إن لم ييسر اللّه، فلا سبيل إلى حصوله، و إن لم يعن عليه، فلا طريق إلى نيل العبد مأموله.
و أسأله تعالى، أن يجعله خالصا لوجهه الكريم، و أن ينفع به النفع العميم، إنه جواد كريم. اللهم صل على محمد.
تنبيه
اعلم أن طريقتي في هذا التفسير أني أذكر عند كل آية ما يحضرني من معانيها، و لا أكتفي بذكر ما تعلق بالمواضع السابقة عن ذكر ما تعلق بالمواضع اللاحقة، لأن اللّه وصف هذا الكتاب أنه «مثاني» تثنى فيه الأخبار و القصص و الأحكام و جميع المواضيع النافعة لحكم عظيمة، و أمر بتدبره جميعه لما في ذلك من زيادة العلوم و المعارف، و صلاح الظاهر و الباطن، و إصلاح الأمور كلها.
(1) كذا في الأصل و الصواب أن يقال: «و قيدته».
تيسير الكريم الرحمن، ص: 23
أصول و كليّات من أصول التفسير و كليّاته لا يستغني عنها المفسر للقرآن
النكرة في سياق النفي، أو سياق النهي، و الاستفهام، أو سياق الشرط، تعم، و كذلك المفرد المضاف، يعم. و أمثلة ذلك كثيرة.
فمتى وجدت نكرة واقعة بعد المذكورات، أو وجدت مفردة مضافة إلى معرفة، فأثبت جميع ما دخل في ذلك اللفظ، و لا تعتبر سبب النزول وحده، فإن «العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب».
و ينبغي أن تنزل جميع الحوادث و الأفعال الواقعة، و التي لا تزال تحدث، على العمومات القرآنية، فبذلك تعرف أن القرآن، تبيان لكل شيء، و أنه لا يحدث حادث، و لا يستجد أمر من الأمور، إلا و في القرآن بيانه و توضيحه.
و من أصوله أن الألف و اللام، الداخلة على الأوصاف «1» ، و على أسماء الأجناس، تفيد استغراق جميع ما دخلت عليه من المعاني.
و من كليات القرآن، أن تدعو إلى توحيد اللّه، و معرفته، بذكر أسماء اللّه، و أوصافه، و أفعاله الدالة على تفرده بالوحدانية، و أوصاف الكمال، و إلى أنه الحق، و عبادته هي الحق، و أن ما يدعون من دونه، هو الباطل. و يبين نقص كل ما عبد من دون اللّه من جميع الوجوه.
و يدعو إلى صحة ما جاء به الرسول محمد صلى اللّه عليه و سلم، و صدقه، ببيان إحكامه، و تمامه، و صدق إخباراته كلها، و حسن أحكامه. و يبين ما كان عليه الرسول صلى اللّه عليه و سلم، من الكمال البشري، الذي لا يلحقه فيه أحد، من الأولين و الآخرين. و يتحداهم بأن يأتوا بمثل ما جاء به إن كانوا صادقين.
و يقرر ذلك بشهادته تعالى، بقوله، و فعله، و إقراره إياه، و تصديقه له، بالحجة و البرهان، و بالنصر و الظهور، و بشهادة أهل العلم المنصفين. و يقابل بين ما جاء به من الحق، في أخباره، و أحكامه، و بين ما كان عليه أعداؤه، و المكذبون به. من الكذب في أخبارهم، و الباطل في أحكامهم، كما يقرر ذلك، بالمعجزات المتنوعة.
و يقرر اللّه المعاد، بذكر كمال قدرته، و خلقه للسموات و الأرض، اللتين هما أكبر من خلق الناس، و بأن الذي بدأ الخلق، قادر على إعادته، من باب أولى، و بأن الذي أحيا الأرض بعد موتها، قادر على إحياء الموتى.
و يذكر أيضا أيامه في الأمم، و وقوع المثلات، التي شاهدها الناس في الدنيا، و أنها نموذج من جزاء الآخرة.
(1) قوله: «الأوصاف» المراد منها الأسماء المشتقّة كاسم الفاعل و اسم المفعول و نحوهما.
تيسير الكريم الرحمن، ص: 24
و يدعو جميع المبطلين، من الكفار و المشركين، و الملحدين، بذكر محاسن الدين، و أنه يهدي للتي هي أقوم، في عقائده، و أخلاقه، و أعماله، و بيان ما للّه من العظمة و الربوبية، و النعم العظيمة. و أن من تفرد بالكمال المطلق، و النعم كلها، هو الذي لا تصلح العبادة إلا له، و أن ما عليه المبطلون، إذ ميز و حقق، وجد شرا و باطلا، و عواقبه وخيمة.
و من أصول التفسير، إذا فهمت ما دلت عليه الآيات الكريمة، من المعاني، مطابقة، و تضمنا. فاعلم أن لوازم هذه المعاني، و ما لا تتم إلا به، و شروطها و توابعها، تابعة لذلك المعنى، فما لا يتم الخبر إلا به، فهو تابع للخبر، و ما لا يتم الحكم إلا به، فهو تابع للحكم، و أن الآيات التي يفهم منها التعارض و التناقض، ليس فيها تناقض و لا تعارض، بل يجب حمل كل منها، على الحالة المناسبة اللائقة بها. و أن حذف المتعلقات، من مفعولات و غيرها، يدل على تعميم المعنى، لأن هذا من أعظم فوائد الحذف، و أنه لا يجوز حذف ما لا يدل عليه السياق اللفظي، و القرينة الحالية. كما أن الأحكام المقيدة، بشروط أو صفات، تدل على أن تلك القيود لا بد منها في ثبوت الحكم.
إذا أمر اللّه بشيء، كان ناهيا عن ضده، و إذا نهى عن شيء، كان آمرا بضده، و إذا أثنى على نفسه؛ بنفي شيء من النقائص؛ كان إثباتا للكمال المنافي لذلك النقص. و كذلك إذا أثنى على رسله و أوليائه؛ و نزههم عن شيء من النقائص فهو مدح لهم بما يضاد ذلك النقص. و مثله؛ نفي النقائص، عن دار النعيم؛ يدل على إثبات ضد ذلك.
و من الكليات؛ أنه إذا وضح الحق و ظهر ظهورا جليا؛ لم يبق للمجادلات العلمية؛ و المعارضات العملية محل؛ بل تبطل المعارضات؛ و تضمحل المجادلات.
ما نفاه القرآن؛ فإما أن يكون غير موجود؛ أو أنه موجود؛ و لكنه غير مفيد و لا نافع.
الموهوم؛ لا يدفع المعلوم، و المجهول؛ لا يعارض المحقق؛ و ما بعد الحق إلا الضلال.
ذكر اللّه في القرآن؛ الإيمان و العمل الصالح في مواضع كثيرة؛ و رتب عليهما من الجزاء العاجل و الآجل، و الآثار الحميدة، شيئا كثيرا، فالإيمان هو: التصديق الجازم، بما أمر اللّه و رسوله بالتصديق به، المتضمن لأعمال الجوارح.
و العمل الصالح هو: القيام بحقوق اللّه، و حقوق عباده، و كذلك أمر اللّه بالتقوى، و مدح المتقين، و رتب على التقوى حصول الخيرات، و زوال المكروهات. و التقوى الكاملة، امتثال أمر اللّه، و أمر رسوله، و اجتناب نهيهما و تصديق خبرهما.
و إذا جمع اللّه بين التقوى و البر و نحوه؛ كانت التقوى اسما لتوقي جميع المعاصي، و البر، اسما لفعل الخيرات. و إذا أفرد أحدهما، دخل فيه الآخر.
و ذكر اللّه الهدى المطلوب في مواضع كثيرة، و أثنى على المهتدي و أخبر أن الهدى بيده، و أمرنا بطلبه منه، و بالسعي في كل سبب يحصل الهدى، و ذلك شامل لهداية العلم و العمل.
فالمهتدي، من عرف الحق، و عمل به، و ضده الغي و الضلال، فمن عرف الحق و لم يعمل به، فهو الغاوي، و من جهل الحق، فهو الضال.