کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 838

[53] إِنْ كانَتْ‏ أي: ما كانت البعثة من القبور إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً ينفخ إسرافيل في الصور، فتحيا الأجساد. فَإِذا هُمْ جَمِيعٌ لَدَيْنا مُحْضَرُونَ‏ الأولون و الآخرون، و الإنس و الجن ليحاسبوا على أعمالهم.

[54] فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً لا ينقص من حسناتها، و لا يزاد في سيئاتها. وَ لا تُجْزَوْنَ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ من خير أو شر. فمن وجد خيرا، فليحمد اللّه، و من وجد غير ذلك، فلا يلومنّ إلا نفسه.

[55] لما ذكر تعالى أن كلّ أحد لا يجزى إلا ما عمله، ذكر جزاء الفريقين. فبدأ بجزاء أهل الجنة، و أخبر أنهم في ذلك اليوم‏ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ‏ أي: في شغل مفكه للنفس، ملذّ لها، من كلّ ما تهواه النفوس، و تلذه العيون، و يتمناه المتمنون.

[56] و من ذلك لقاء العذارى الجميلات، كما قال: هُمْ وَ أَزْواجُهُمْ‏ من الحور العين، اللاتي قد جمعن حسن الوجوه و الأبدان، و حسن الأخلاق. فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ‏ أي: السرر المزينة، باللباس المزخرف الحسن.

مُتَّكِؤُنَ‏ عليه، اتكاء دالا على كمال الراحة، و الطمأنينة، و اللذة.

[57] لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ كثيرة، من جميع أنواع الثمار اللذيذة، من عنب و تين، و رمان، و غيرها. وَ لَهُمْ ما يَدَّعُونَ‏ أي: يطلبون، فمهما طلبوه و تمنوه أدركوه.

[58] و لهم أيضا سَلامٌ‏ حاصل لهم‏ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ‏ . ففي هذا، كلام الرب تعالى لأهل الجنة، و سلامه عليهم، و أكده بقوله: قَوْلًا و إذا سلّم عليهم الرب الرحيم، حصلت لهم السلامة التامة، من جميع الوجوه، و حصلت لهم التحية، الّتي لا تحية أعلى منها، و لا نعيم مثلها. فما ظنك بتحية ملك الملوك، الرب العظيم، الرؤوف الرحيم، لأهل دار كرامته، الّذين أحل عليهم رضوانه، فلا يسخط عليهم أبدا. فلو لا أن اللّه تعالى، قدّر أن يموتوا، أو تزول قلوبهم عن أماكنهم من الفرح، و البهجة، و السرور، لحصل ذلك. فنرجو ربنا، أن لا يحرمنا ذلك النعيم، و أن يمتعنا بالنظر إلى وجهه الكريم.

[59] لما ذكر تعالى جزاء المتقين، ذكر جزاء المجرمين‏ وَ أنهم يقال لهم يوم القيامة امْتازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ‏ (59) أي: تميزوا عن المؤمنين، و كونوا على حدة، ليوبخهم، و يقرعهم على رؤوس الأشهاد، قبل أن يدخلهم النار، فيقول لهم:

[60- 61] أَ لَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ‏ أي: ألم آمركم و أوصيكم، على ألسنة رسلي، و أقول لكم: يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ‏ أي: لا تطيعوه؟ و هذا التوبيخ، يدخل فيه التوبيخ عن جميع أنواع الكفر و المعاصي، لأنها كلها طاعة للشيطان، و عبادة له. إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ‏ فحذرتكم منه، غاية التحذير، و أنذرتكم عن طاعته، و أخبرتكم بما يدعوكم إليه، وَ أمرتكم‏ أَنِ اعْبُدُونِي‏ بامتثال أوامري و ترك زواجري. هذا أي: عبادتي و طاعتي، و معصية الشيطان‏ صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ‏ . فعلوم الصراط المستقيم و أعماله، ترجع إلى هذين الأمرين.

[62] أي: فلم تحفظوا عهدي، و لم تعملوا بوصيتي، وَ لَقَدْ و اليتم عدوكم، و هو الشيطان، الذي‏ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً أي: خلقا كثيرا. أَ فَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ‏ أي: فلا كان لكم عقل، يأمركم بموالاة ربكم، و وليكم الحقّ، و يزجركم عن اتخاذ أعدى الأعداء لكم وليا، فلو كان لكم عقل صحيح لما فعلتم ذلك.

[63] فإذا أطعتم الشيطان، و عاديتم الرحمن، و كذبتم بلقائه، و وردتم القيامة دار الجزاء، و حق عليكم القول بالعذاب‏ هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ‏ (63) و تكذبون بها، فانظروا إليها عيانا، فهناك تنزعج منهم القلوب، و تزوغ الأبصار، و يحصل الفزع الأكبر.

[64] ثمّ يكمل ذلك، بأن يؤمر بهم إلى النار، و يقال لهم: اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ‏ (64) أي:

ادخلوها على وجه تصلاكم، و يحيط بكم حرها، و يبلغ منكم كلّ مبلغ، بسبب كفركم بآيات اللّه، و تكذيبكم لرسل اللّه.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 839

[65] قال تعالى في بيان وصفهم الفظيع، في دار الشقاء الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى‏ أَفْواهِهِمْ‏ بأن نجعلهم خرسا، فلا يتكلمون، فلا يقدرون على إنكار ما عملوه، من الكفر، و التكذيب. وَ تُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَ تَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ‏ أي: تشهد عليهم أعضاؤهم بما عملوه، و ينطقها الذي أنطق كل شي‏ء.

[66] وَ لَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى‏ أَعْيُنِهِمْ‏ بأن نذهب أبصارهم، كما طمسنا على نطقهم. فَاسْتَبَقُوا الصِّراطَ أي: فبادروا إليه؛ لأنه الطريق إلى الوصول إلى الجنة فَأَنَّى يُبْصِرُونَ‏ و قد طمست أبصارهم.

[67] وَ لَوْ نَشاءُ لَمَسَخْناهُمْ عَلى‏ مَكانَتِهِمْ‏ أي:

لأذهبنا حركتهم‏ فَمَا اسْتَطاعُوا مُضِيًّا إلى الأمام‏ وَ لا يَرْجِعُونَ‏ إلى ورائهم، ليبعدوا عن النار. و المعنى: أن هؤلاء الكفار، حقت عليهم كلمة العذاب، و لم يكن بدّ من عقابهم. و في ذلك الموطن، ما ثمّ إلا النار قد برزت، و ليس لأحد نجاة إلا بالعبور على الصراط. و هذا لا يستطيعه إلا أهل الإيمان، الّذين يمشون في نورهم. و أما هؤلاء، فليس لهم عند اللّه من عهد في النجاة من النار. فإن شاء طمس أعينهم، و أبقى حركتهم، فلم يهتدوا إلى الصراط لو استبقوا إليه و بادروه. و إن شاء، أذهب حراكهم، فلم يستطيعوا التقدم و لا التأخر. و المقصود: أنهم لا يعبرونه، فلا تحصل لهم النجاة.

[68] يقول تعالى: وَ مَنْ نُعَمِّرْهُ‏ من بني آدم‏ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ‏ أي: يعود إلى الحالة الّتي ابتدأ منها، حالة الضعف، ضعف العقل، و ضعف القوة. أَ فَلا يَعْقِلُونَ‏ أن الآدمي ناقص من كلّ وجه، فيتداركوا قولهم و عقولهم، فيستعملوها في طاعة ربهم.

[69] ينزه تعالى نبيه محمدا صلى اللّه عليه و سلم عمّا رماه به المشركون، من أنه شاعر، و أن الذي جاء به شعر فقال: وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَ ما يَنْبَغِي لَهُ‏ أن يكون شاعرا، أي: هذا من جنس المحال، أن يكون شاعرا؛ لأنه رشيد مهتد، و الشعراء غاوون، يتبعهم الغاوون. و لأن اللّه تعالى، حسم جميع الشبه، الّتي يتعلّق بها الضالون، عن رسوله. فحسم أن يكون يكتب أو يقرأ، و أخبر أنه ما علمه الشعر، و ما ينبغي له‏ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَ قُرْآنٌ مُبِينٌ‏ أي: ما هذا الذي جاء به إلا ذكر يتذكر به أولو الألباب، جميع المطالب الدينية، فهو مشتمل عليها، أتم اشتمال و هو يذكر العقول، ما ركز اللّه في فطرها من الأمر بكل حسن، و النهي عن كلّ قبيح. وَ قُرْآنٌ مُبِينٌ‏ أي: مبين لما يطلب بيانه. و لهذا حذف المعمول، ليدلّ على أنه مبين لجميع الحقّ، بأدلته التفصيلية، و الإجمالية، و الباطل و أدلة بطلانه، و أنزله اللّه كذلك على رسوله.

[70- 71] لِيُنْذِرَ مَنْ كانَ حَيًّا أي: حي القلب واعيه، فهو الذي يزكو على هذا القرآن. و هو الذي يزداد من العلم منه و العمل، و يكون القرآن لقلبه، بمنزلة المطر للأرض الطيبة الزاكية. وَ يَحِقَّ الْقَوْلُ عَلَى الْكافِرِينَ‏ لأنهم قامت عليهم به حجة اللّه، و انقطع احتجاجهم، فلم يبق لهم أدنى عذر و شبهة يدلون بها.

[72- 73] يأمر تعالى العباد بالنظر إلى ما سخر لهم من الأنعام و ذللها، و جعلهم مالكين لها، مطاوعة لهم في‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 840

كل أمر يريدونه منها، و أنه جعل لهم فيها منافع كثيرة من حملهم، و حمل أثقالهم، و محاملهم، و أمتعتهم، من محل إلى محل، و من أكلهم منها، و فيها دف‏ء، و من أوبارها و أصوافها و أشعارها أثاثا و متاعا إلى حين. و فيها زينة و جمال، و غير ذلك من المنافع المشاهدة منها. أَ فَلا يَشْكُرُونَ‏ اللّه تعالى الذي أنعم بهذه النّعم، و يخلصون له العبادة و لا يتمتعون بها تمتعا خاليا من العبرة و الفكرة.

[74] هذا بيان لبطلان آلهة المشركين، الّتي اتخذوها مع اللّه تعالى، و رجوا نصرها و شفعها «أي: شفاعتها و وساطتها بينهم و بين اللّه».

[75] فإنها في غاية العجز لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ‏ و لا أنفسهم ينصرون. فإذا كانوا لا يستطيعون نصرهم، فكيف ينصرونهم؟ و النصر له شرطان: الاستطاعة، و القدرة. فإذا استطاع، يبقى، هل يريد نصرة من عبده أم لا؟ فنفي الاستطاعة، ينفي الأمرين كليهما. وَ هُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ‏ أي: محضرون هم و هم في العذاب، و متبرئ بعضهم من بعض. أفلا تبرأوا في الدنيا من عبادة هؤلاء، و أخلصوا العبادة، للذي بيده الملك و النفع و الضر، و العطاء و المنع، و هو الولي النصير؟

[76] أي: فلا يحزنك، يا أيها الرسول، قول المكذبين، و المراد بالقول: ما دل عليه السياق، كل قول يقدحون به في الرسول، أو فيما جاء به. أي: فلا تشغل قلبك بالحزن عليهم‏ إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَ ما يُعْلِنُونَ‏ فنجازيهم على حسب علمنا بهم، و إلا فقولهم لا يضرك شيئا.

[77] و هذه الآيات الكريمات، فيها، ذكر شبهة منكري البعث، و الجواب عنها بأتم جواب، و أحسنه، و أوضحه، فقال تعالى: أَ وَ لَمْ يَرَ الْإِنْسانُ‏ المنكر للبعث أو الشاك فيه، أمرا يفيده اليقين التام بوقوعه و هو: أَنَّا خَلَقْناهُ‏ ابتداء مِنْ نُطْفَةٍ ثمّ تنقله في الأطوار شيئا فشيئا، حتى كبر و شب، و تم عقله، و استتب. فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ‏ بعد أن كان ابتداء خلقه من نطفة. فلينظر التفاوت بين هاتين الحالتين، و ليعلم أن الذي أنشأه من العدم، قادر على أن يعيده بعد ما تفرق و تمزق، من باب أولى.

[78] وَ ضَرَبَ لَنا مَثَلًا لا ينبغي لأحد أن يضربه، و هو قياس قدره الخالق بقدرة المخلوق، و أن الأمر المستبعد على قدرة المخلوق، مستبعد على قدرة الخالق. فسّر هذا المثل بقوله: قالَ‏ ذلك الإنسان‏ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ‏ أي: هل أحد يحييها؟ استفهام إنكار، أي: لا أحد يحييها بعد ما بليت و تلاشت. هذا وجه الشبهة و المثل، و هو أن هذا أمر في غاية البعد على ما يعهد من قدرة البشر. و هذا القول الذي صدر من هذا الإنسان، غفلة منه، و نسيان لابتداء خلقه. فلو فطن لخلقه، بعد أن لم يكن شيئا مذكورا فوجد عيانا، لم يضرب هذا المثل.

[79] فأجاب تعالى عن هذا الاستبعاد، بجواب شاف كاف فقال: قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ و هذا بمجرد تصوره، يعلم به علما يقينا لا شبهة فيه، أن الذي أنشأها أوّل مرة قادر على الإعادة، ثاني مرة، و هو أهون على القدرة، إذا تصوره المتصور وَ هُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ‏ . هذا أيضا دليل ثان من صفات اللّه تعالى، و هو أن علمه‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 841

تعالى، محيط بجميع مخلوقاته في جميع أحوالها، في جميع الأوقات. و يعلم ما تنقص الأرض من أجساد الأموات، و ما يبقى، و يعلم الغيب و الشهادة. فإذا أقر العبد بهذا العلم العظيم، علم أنه أعظم و أجل من إحياء اللّه الموتى من قبورهم.

[80] ثمّ ذكر دليلا ثالثا فقال: الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ ناراً فَإِذا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ‏ (80) فإذا أخرج النار اليابسة، من الشجر الأخضر، الذي هو غاية الرطوبة، مع تضادهما، و شدة تخالفهما، فإخراجه الموتى من قبورهم، مثل ذلك.

[81] ثمّ ذكر دليلا رابعا فقال: أَ وَ لَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ على سعتهما و عظمهما بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ‏ أي: أن يعيدهم بأعيانهم. بَلى‏ قادر على ذلك، فإن خلق السموات و الأرض، أكبر من خلق الناس.

وَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ‏ و هذا دليل خاص، فإنه تعالى الخلّاق، الذي جميع المخلوقات، متقدمها، و متأخرها، و صغيرها، و كبيرها- كلها أثر من آثار خلقه و قدرته، و أنه لا يستعصي عليه مخلوق أراد خلقه.

[82] فإعادته للأموات، فرد من أفراد آثار خلقه، و لهذا قال: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً نكرة في سياق الشرط، فتعم كلّ شي‏ء. أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ‏ أي: في الحال من غير تمانع.

[83] فَسُبْحانَ الَّذِي بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ و هذا دليل سادس، فإنه تعالى هو الملك المالك لكل شي‏ء، الذي جميع ما سكن في العالم العلوي و السفلي ملك له، و عبيد مسخرون و مدبرون، يتصرف فيهم بأقداره الحكيمة، و أحكامه الشرعية، و أحكامه الجزائية. فإعادته إياهم بعد موتهم، لينفذ فيهم حكم الجزاء، من تمام ملكه، و لهذا قال: وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏ من غير امتراء و لا شك، لتواتر البراهين القاطعة و الأدلة الساطعة، على ذلك. فتبارك الذي جعل في كلامه الهدى و الشفاء و النور. تم تفسير سورة يس.

تفسير سورة الصافات‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] هذا قسم منه تعالى، بالملائكة الكرام، في حال عباداتها، و تدبيرها ما تدبره بإذن ربها، على ألوهيته تعالى، و ربوبيته، فقال: وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا (1) أي: صفوفا في خدمة ربهم، و هم الملائكة.

[2] فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (2) و هم الملائكة، يزجرون السحاب و غيره بأمر اللّه.

[3] فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (3) و هم: الملائكة الّذين يتلون كلام اللّه تعالى.

[4] فلما كانوا متألهين لربهم، و متعبدين في خدمته، و لا يعصونه طرفة عين، أقسم بهم على ألوهيته فقال:

تيسير الكريم الرحمن، ص: 842

إِنَّ إِلهَكُمْ لَواحِدٌ (4) ليس له شريك في الإلهية، فأخلصوا له الحب، و الخوف، و الرجاء، و سائر أنواع العبادة.

[5] رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ رَبُّ الْمَشارِقِ‏ (5) أي: هو الخالق لهذه المخلوقات، الرازق لها، المذل لها.

فكما أنه لا شريك له في ربوبيته إياها، فكذلك لا شريك له في ألوهيته. و كثيرا ما يقرن تعالى، توحيد الإلهية، بتوحيد الربوبية؛ لأنه دالّ عليه. و قد أقرّ به أيضا المشركون في العبادة، فليزمهم بما أقروا به على ما أنكروه.

[6- 8] و خص اللّه المشارق بالذكر، لدلالتها على المغارب، أو لأنها مشارق النجوم، الّتي سيذكرها، فلهذا قال: إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ (6) وَ حِفْظاً مِنْ كُلِّ شَيْطانٍ مارِدٍ (7) لا يَسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلَإِ الْأَعْلى‏ . ذكر اللّه في الكواكب، هاتين الفائدتين العظيمتين: إحداهما: كونها زينة للسماء، إذ لولاها، لكانت السماء مظلمة، لا ضوء فيها. و لكن زينها بها لتستنير أرجاؤها، و تحسن صورتها، و يهتدى بها في ظلمات البر و البحر، و يحصل فيها من المصالح ما يحصل.

و الثانية: حراسة السماء، عن كلّ شيطان مارد، يصل بتمرده إلى استماع الملأ الأعلى، و هم الملائكة. فإذا استمعوا يُقْذَفُونَ‏ بالشهب الثواقب‏ مِنْ كُلِّ جانِبٍ‏ طردا لهم، و إبعادا إياهم، عن استماع ما يقول الملأ الأعلى.

[9] وَ لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ‏ أي: دائم، معد لهم، لتمردهم عن طاعة ربهم. [10] و لو لا أنه تعالى استثنى، لكان ذلك دليلا على أنهم لا يستمعون شيئا أصلا، و لكن قال: إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ أي: إلا من تلقف من الشياطين المردة، الكلمة الواحدة على وجه الخفية و السرقة فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ‏ تارة، يدركه قبل أن يوصلها إلى أوليائه، فينقطع خبر السماء. و تارة يخبر بها، قبل أن يدركه الشهاب، فيكذبون معها مائة كذبة، يروجونها بسبب الكلمة، الّتي سمعت من السماء.

[11] و لما بيّن هذه المخلوقات العظيمة قال: فَاسْتَفْتِهِمْ‏ أي: اسأل منكري خلقهم بعد موتهم. أَ هُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أي: إيجادهم بعد موتهم، أشد خلقا و أشق؟ أَمْ مَنْ خَلَقْنا من هذه المخلوقات؟ فلا بد أن يقروا أن خلق السموات و الأرض، أكبر من خلق الناس. فيلزمهم إذا الإقرار بالبعث، بل لو رجعوا إلى أنفسهم، و فكروا فيها، لعلموا أن ابتداء خلقهم من طين لازب، أصعب عند الفكر من إنشائهم بعد موتهم، و لهذا قال: إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِنْ طِينٍ لازِبٍ‏ أي: قوي شديد كقوله تعالى: وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ‏ (26).

[12] بَلْ عَجِبْتَ‏ أيها الرسول، أو أيها الإنسان، من تكذيب من كذّب بالبعث، بعد أن أريتهم من الآيات العظيمة، و الأدلة المستقيمة. و هو حقيقة، محل عجب و استغراب؛ لأنه مما لا يقبل الإنكار. وَ أعجب من إنكارهم و أبلغ منه، أنهم‏ يَسْخَرُونَ‏ ممن جاء بالخبر عن البعث. فلم يكفهم مجرد الإنكار، حتى زادوا السخرية بالقول الحقّ.

[13- 14] وَ من العجب أيضا أنهم‏ إِذا ذُكِّرُوا ما يعرفون في فطرهم و عقولهم، و فطنوا له، و لفت نظرهم إليه‏ لا يَذْكُرُونَ‏ ذلك. فإن كان جهلا، فهو من أدلّ الدلائل على شدة بلادتهم العظيمة، حيث ذكروا ما هو مستقر في الفطرة، معلوم بالعقل، لا يقبل الإشكال. و إن كان تجاهلا و عنادا، فهو أعجب و أغرب. و من العجب أيضا، أنهم إذا أقيمت عليهم الأدلة، و ذكروا الآيات الّتي يخضع لها فحول الرجال، و ألباب الألباء، يسخرون منها

تيسير الكريم الرحمن، ص: 843

و يعجبون.

[15] و من العجب أيضا، قولهم للحق لما جاءهم: إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ‏ . فجعلوا أعلى الأشياء، و أجلّها، و هو الحقّ، في رتبة أخسّ الأشياء و أحقرها.

[16- 17] و من العجب أيضا، قياسهم قدرة رب الأرض و السموات، على قدرة الآدمي الناقص من جميع الوجوه، فقالوا استبعادا و إنكارا: أَ إِذا مِتْنا وَ كُنَّا تُراباً وَ عِظاماً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (16) أَ وَ آباؤُنَا الْأَوَّلُونَ‏ (17).

[18] و لما كان هذا منتهى ما عندهم، و غاية ما لديهم، أمر اللّه رسوله أن يجيبهم بجواب مشتمل على ترهيبهم فقال: قُلْ نَعَمْ‏ ستبعثون، أنتم و آباؤكم الأولون‏ وَ أَنْتُمْ داخِرُونَ‏ ذليلون صاغرون، لا تمتنعون، و لا تستعصون على قدرة اللّه.

[19] فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ ينفخ إسرافيل فيها في الصور فَإِذا هُمْ‏ مبعوثون من قبورهم‏ يَنْظُرُونَ‏ كما ابتدئ خلقهم، بعثوا بجميع أجزائهم، حفاة عراة غرلا. و في تلك الحال، يظهرون الندم، و الخزي، و الخسار، و يدعون بالويل و الثبور.

[20] وَ قالُوا يا وَيْلَنا هذا يَوْمُ الدِّينِ‏ (20) «أي: هذا يوم الحساب و الجزاء على الأعمال» فقد أقروا بما كانوا في الدنيا به يهزؤون.

[21] فيقال لهم: هذا يَوْمُ الْفَصْلِ‏ بين العباد فيما بينهم، و بين ربهم من الحقوق، و فيما بينهم و بين غيرهم من الخلق.

[22] أي: إذا حضروا يوم القيامة، و عاينوا ما به يكذبون، و رأوا ما به يستسخرون، يؤمر بهم إلى النار، الّتي بها كانوا يكذبون، فيقال: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا أنفسهم بالكفر و الشرك، و المعاصي‏ وَ أَزْواجَهُمْ‏ الّذين من جنس عملهم، كل يضم إلى من يجانسه في العمل.

[23] وَ ما كانُوا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ‏ من الأصنام و الأنداد. الّتي زعموها. اجمعوهم جميعا فَاهْدُوهُمْ إِلى‏ صِراطِ الْجَحِيمِ‏ أي: سوقوهم سوقا عنيفا إلى جهنم. وَ بعد ما يتعين أمرهم إلى النار، و يعرفون أنهم من أهل دار البوار، يقال: قِفُوهُمْ‏ قبل أن توصلوهم إلى جهنم‏ إِنَّهُمْ مَسْؤُلُونَ‏ عمّا كانوا يفترونه في الدنيا، ليظهر على رؤوس الأشهاد كذبهم و فضيحتهم.

[25] فيقال لهم: ما لَكُمْ لا تَناصَرُونَ‏ (25) أي: ما الذي جرى عليكم اليوم؟ و ما الذي طرقكم حتى لا ينصر بعضكم بعضا، و لا يغيث بعضكم بعضا، بعد ما كنتم تزعمون في الدنيا، أن آلهتكم ستدفع عنكم العذاب، و تغيثكم، أو تشفع لكم عند اللّه. فكأنهم لا يجيبون على هذا السؤال، لأنهم قد علاهم الذل و الصغار، و استسلموا لعذاب النار، و خشعوا و خضعوا، و أبلسوا، فلم ينطقوا.

[26] و لهذا قال: بَلْ هُمُ الْيَوْمَ مُسْتَسْلِمُونَ‏ (26) «أي: منقادون أذلاء، فكلهم مستسلم غير منتصر».

[27- 28] لما جمعوا هم و أزواجهم و آلهتهم، و هدوا إلى صراط الجحيم، و وقفوا، فسئلوا، فلم يجيبوا، أقبلوا فيما بينهم، يلزم بعضهم بعضا، على إضلالهم و ضلالهم. فقال الأتباع للمتبوعين الرؤساء: إِنَّكُمْ كُنْتُمْ تَأْتُونَنا عَنِ الْيَمِينِ‏ أي: بالقوة و الغلبة، فتضلونا، و لو لا أنتم لكنا مؤمنين.

[29] قالُوا لهم‏ بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ‏ أي:

ما زلتم مشركين، كما نحن مشركون.

[30] فأي شي‏ء فضلكم علينا؟ و أي شي‏ء يوجب لومنا وَ الحال أنه‏ ما كانَ لَنا عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ‏ أي: قهر لكم على اختيار الكفر بَلْ كُنْتُمْ قَوْماً طاغِينَ‏ متجاوزين للحق.

[31] فَحَقَّ عَلَيْنا «فلزمنا جميعا» نحن و إياكم‏ قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ‏ العذاب. أي: حق علينا قدر ربنا، و قضاؤه، إنا و إياكم سنذوق العذاب، و نشترك في العقاب.

[32] (ف) لذلك أغويناكم‏ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ‏ (32) أي: دعوناكم إلى طريقتنا الّتي نحن عليها، و هي الغواية، فاستجبتم لنا، فلا تلومونا، و لوموا أنفسكم.

[33] قال تعالى: فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ أي: يوم القيامة فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ‏ و إن تفاوتت مقادير عذابهم، بحسب جرمهم.

[34] كما اشتركوا في الدنيا على الكفر، اشتركوا في الآخرة بجزائه، و لهذا قال: إِنَّا كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ‏ (34).

[35] ثمّ ذكر أن إجرامهم، قد بلغ الغاية و جاوز النهاية فقال: إِنَّهُمْ كانُوا إِذا قِيلَ لَهُمْ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ‏ فدعوا إليها، و أمروا بترك إلهية ما سواه‏ يَسْتَكْبِرُونَ‏ عنها، و على من جاء بها.

[36] وَ يَقُولُونَ‏ معارضة لها أَ إِنَّا لَتارِكُوا

تيسير الكريم الرحمن، ص: 844

آلِهَتِنا الّتي لم نزل نعبدها، نحن و آباؤنا (ل) قول شاعر مَجْنُونٍ‏ يعنون: محمدا صلى اللّه عليه و سلم. فلم يكفهم قبحهم اللّه، الإعراض عنه، و لا مجرد تكذيبه، حتى حكموا عليها بأظلم الأحكام، و جعلوه شاعرا مجنونا، و هم يعلمون، أنه لا يعرف الشعر و الشعراء، و لا وصفه وصفهم، و أنه أعقل خلق اللّه، و أعظمهم رأيا.

[37] و لهذا قال تعالى، ناقضا لقولهم: بَلْ جاءَ محمد بِالْحَقِ‏ أي: مجيئه حقّ، و ما جاء به من الشرع و الكتاب حق. وَ صَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ‏ أي: و مجيئه صدق المرسلين، فلو لا مجيئه و إرساله لم يكن الرسل صادقين، فهو آية و معجزة لكل رسول قبله، لأنهم أخبروا به و بشروا، و أخذ اللّه عليهم العهد و الميثاق، لئن جاءهم، ليؤمنن به و لينصرنه، و أخذوا ذلك على أممهم. فلما جاء، ظهر صدق الرسل الّذين قبله، و تبين كذب من خالفهم. فلو قدر عدم مجيئه، و هم قد أخبروا به، لكان ذلك قادحا في صدقهم. و صدّق أيضا المرسلين، بأن جاء بما جاءوا به، و دعا إلى ما دعوا إليه، و آمن بهم، و أخبر بصحة رسالتهم و نبوتهم و شرعهم.

[38- 39] و لما كان قولهم السابق: إِنَّا لَذائِقُونَ‏ قولا صادرا منهم، يحتمل أن يكون صدقا أو غيره، أخبر تعالى بالقول الفصل الذي لا يحتمل غير الصدق و اليقين، و هو الخبر الصادق منه تعالى فقال: إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ‏ (38) أي: المؤلم الموجع‏ وَ ما تُجْزَوْنَ‏ في إذاقة العذاب الأليم‏ إِلَّا ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ فلم نظلمكم، و إنّما عدلنا فيكم؟

[40] و لما كان هذا الخطاب، لفظه عاما، و المراد به: المشركون، استثنى تعالى المؤمنين فقال: إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ‏ (40) إلى‏ مَكْنُونٌ‏ . يقول تعالى: إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ‏ (40) فإنهم غير ذائقي العذاب الأليم، لأنهم أخلصوا للّه الأعمال، فأخلصهم، و اختصهم برحمته، و جاد عليهم بلطفه.

[41] أُولئِكَ لَهُمْ رِزْقٌ مَعْلُومٌ‏ (41) أي:

غير مجهول، و إنّما هو رزق عظيم جليل، لا يجهل أمره، و لا يبلغ كنهه.

[42] فسره بقوله: فَواكِهُ‏ من جميع أنواع الفواكه، الّتي تتفكه بها النفس، للذتها في لونها و طعمها. وَ هُمْ مُكْرَمُونَ‏ لا مهانون محتقرون، بل معظمون مبجلون موقرون. قد أكرم بعضهم بعضا، و أكرمتهم الملائكة الكرام، و صاروا يدخلون عليها من كلّ باب، و يهنّئونهم ببلوغ أهنأ الثواب. و أكرمهم أكرم الأكرمين، و جاد عليهم بأنواع الكرامات، من نعيم القلوب و الأرواح و الأبدان.

[43] فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ‏ (43) أي: الجنات، الّتي النعيم وصفها، و السرور نعتها. و ذلك لما جمعته، مما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر. و سلمت من كلّ ما يخل بنعيمها، من جميع المكدرات و المنغصات.

صفحه بعد