کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 567

للشمال، فوصل إلى ما بين السدين، و هما سدان، كانا معروفين في ذلك الزمان، سدان من سلاسل الجبال، المتصلة يمنة و يسرة حتّى تتصل بالبحار، بين يأجوج و مأجوج و بين الناس، وجد من دون السدين قوما، لا يكادون يفقهون قولا، لعجمة ألسنتهم، و استعجام أذهانهم و قلوبهم، و قد أعطى اللّه ذا القرنين، من الأسباب العلمية، ما فقه به ألسنة أولئك القوم، و وفقهم، و راجعهم، و راجعوه، فاشتكوا إليه ضرر يأجوج و مأجوج، و هما:

أمتان عظيمتان من بني آدم.

[94] فقالوا: إِنَّ يَأْجُوجَ وَ مَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ‏ بالقتل و أخذ الأموال و غير ذلك. فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً أي: جعلا عَلى‏ أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَ بَيْنَهُمْ سَدًّا ، و دل ذلك على عدم اقتدارهم بأنفسهم، على بنيان السد، و عرفوا اقتدار ذي القرنين عليه، فبذلوا له أجرة، ليفعل ذلك، و ذكروا له السبب الداعي، و هو: إفسادهم في الأرض. فلم يكن ذو القرنين ذا طمع، و لا رغبة في الدنيا، و لا تاركا لإصلاح أحوال الرعية. بل قصده الإصلاح، فلذلك أجاب طلباتهم، لما فيها من المصلحة، و لم يأخذ منهم أجرة، و شكر ربه على تمكينه و اقتداره.

[95] فقال لهم: ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ أي: مما تبذلون لي و تعطوني، و إنما أطلب منكم أن تعينوني بقوة منكم بأيديكم‏ أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ رَدْماً أي: مانعا من عبورهم عليكم.

[96] آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ أي: قطع الحديد، فأعطوه ذلك. حَتَّى إِذا ساوى‏ بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ‏ أي: الجبلين اللذين بني بينهما السد قالَ انْفُخُوا أي: أوقدوها إيقادا عظيما، و استعملوا لها المنافيخ، لتشتد، فتذيب النحاس، فلما ذاب النحاس، الذي يريد أن يلصقه بين زبر الحديد قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً أي: نحاسا مذابا، فأفرغ عليه القطر، فاستحكم السد استحكاما هائلا، و امتنع به من وراءه من الناس، من ضرر يأجوج و مأجوج.

[97- 98] فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَ مَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً (97) أي: فما لهم استطاعة، و لا قدرة على الصعود عليه، لارتفاعه، و لا على نقبه لإحكامه و قوته، فلما فعل هذا الفعل الجميل و الأثر الجليل، أضاف النعمة إلى موليها و قالَ هذا رَحْمَةٌ مِنْ رَبِّي‏ أي: من فضله و إحسانه عليّ. و هذه حال الخلفاء و الصالحين، إذا منّ اللّه عليهم بالنعم الجليلة، ازداد شكرهم و إقرارهم، و اعترافهم بنعمة اللّه كما قال سليمان عليه السّلام، لما حضر عنده عرش ملكة سبأ، مع البعد العظيم قال: هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَ أَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ، بخلاف أهل التجبر و التكبر، و العلو في الأرض فإن النعم الكبار، تزيدهم أشرا و بطرا. كما قال قارون- لما آتاه اللّه من الكنوز، ما إن مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة قال: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى‏ عِلْمٍ عِنْدِي‏ . و قوله: فَإِذا جاءَ وَعْدُ رَبِّي‏ أي: لخروج يأجوج و مأجوج‏ جَعَلَهُ‏ أي: ذلك السد المحكم المتقن‏ دَكَّاءَ أي: دكه فانهدم، و استوى هو و الأرض‏ وَ كانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا .

[99] وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ‏ يحتمل أن الضمير، يعود إلى يأجوج و مأجوج. و أنهم إذا خرجوا على الناس- من كثرتهم و استيعابهم للأرض كلها- يموج بعضهم ببعض، كما قال تعالى: حَتَّى إِذا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 568

وَ مَأْجُوجُ وَ هُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ‏ (96). و يحتمل أن الضمير يعود إلى الخلائق يوم القيامة، و أنهم يجتمعون فيه فيكثرون و يموج بعضهم ببعض، من الأهوال و الزلازل العظام، بدليل قوله: وَ تَرَكْنا بَعْضَهُمْ‏ إلى‏ لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً أي: إذا نفخ إسرافيل في الصور، أعاد اللّه الأرواح إلى الأجساد، ثم حشرهم، و جمعهم لموقف القيامة، الأولين منهم و الآخرين، و الكافرين و المؤمنين، ليسألوا و يحاسبوا و يجزوا بأعمالهم، فأما الكافرون- على اختلافهم- فإن جهنم جزاؤهم، خالدين فيها أبدا. و لهذا قال:

[100] وَ عَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً (100) كما قال تعالى: وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ* أي: عرضت لهم لتكون مأواهم و منزلهم، و ليتمتعوا بأغلالها و سعيرها، و حميمها، و زمهريرها، و ليذوقوا من العقاب، ما تبكم له القلوب، و تصم الآذان.

[101] و هذا آثار أعمالهم، و جزاء أفعالهم، فإنهم في الدنيا كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي‏ أي: معرضين عن الذكر الحكيم، و القرآن الكريم، و قالوا: قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ‏ ، و في أعينهم أغطية تمنعهم من رؤية آيات اللّه النافعة كما قال تعالى: وَ عَلى‏ أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ . وَ كانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً أي: لا يقدرون على سمع آيات اللّه الموصلة إلى الإيمان، لبغضهم القرآن و الرسول، فإن المبغض، لا يستطيع أن يلقي سمعه إلى كلام من أبغضه، فإذا انحجبت عنهم طرق العلم و الخير، فليس لهم سمع و لا بصر، و لا عقل نافع، فقد كفروا باللّه، و جحدوا آياته، و كذبوا رسله، فاستحقوا جهنم، و ساءت مصيرا.

[102] و هذا برهان و بيان، لبطلان دعوى المشركين الكافرين، الّذين اتخذوا بعض الأنبياء و الأولياء، شركاء للّه يعبدونهم، و يزعمون أنهم يكونون لهم أولياء، ينجونهم من عذاب اللّه، و ينيلونهم ثوابه، و هم قد كفروا باللّه و برسوله. يقول اللّه لهم على وجه الاستفهام و الإنكار المتقرر بطلانه في العقول: أَ فَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ أي: لا يكون ذلك و لا يوالي ولي اللّه، معاديا للّه أبدا، فإن الأولياء موافقون للّه، في محبته، و رضاه، و سخطه، و بغضه، فيكون على هذا المعنى، مشابها لقوله تعالى: وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلائِكَةِ أَ هؤُلاءِ إِيَّاكُمْ كانُوا يَعْبُدُونَ (40) قالُوا سُبْحانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنا مِنْ دُونِهِمْ‏ . فمن زعم أنه يتخذ وليّ اللّه وليا له، و هو معاد للّه، فهو كاذب، و يحتمل- و هو الظاهر- أن المعنى: أ فحسب الكفار باللّه، المنابذون لرسله، أن يتخذوا من دون اللّه أولياء ينصرونهم، و ينفعونهم من دون اللّه، و يدفعون عنهم الأذى؟ هذا حسبان باطل، و ظن فاسد، فإن جميع المخلوقين، ليس بيدهم من النفع و الضر، شي‏ء. و يكون هذا، كقوله تعالى: قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَ لا تَحْوِيلًا (56)، وَ لا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ ، و نحو ذلك من الآيات التي يذكر اللّه فيها، أن المتخذ من دونه وليا ينصره و يواليه، ضال خائب الرجاء غير نائل لبعض مقصوده. إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلًا أي: ضيافة و قرى فبئس النزل نزلهم، و بئست جهنم، ضيافتهم.

[103- 104] أي: قل يا محمد، للناس- على وجه التحذير و الإنذار-: هل أخبركم بأخسر الناس أعمالا على الإطلاق؟ الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا أي: بطل و اضمحل كل ما عملوه، من عمل، و هم يحسبون أنهم محسنون في صنعه، فكيف بأعمالهم، التي يعلمون أنها باطلة، و أنها محادة للّه و رسله، و معاداة؟ فمن هم هؤلاء الذين خسرت أعمالهم، فخسروا أنفسهم و أهليهم يوم القيامة؟ ألا ذلك هو الخسران المبين.

[105- 106] أُولئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ وَ لِقائِهِ‏ أي: جحدوا الآيات القرآنية و الآيات العيانية، الدالة على وجوب الإيمان به، و ملائكته، و رسله، و كتبه، و اليوم الآخر. فَحَبِطَتْ‏ بسبب ذلك‏ أَعْمالُهُمْ فَلا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَزْناً لأن الوزن فائدته، مقابلة الحسنات بالسيئات، و النظر في الراجح منها و المرجوح، و هؤلاء، لا حسنات لهم، لعدم شرطها، و هو: الإيمان، كما قال تعالى: وَ مَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَ هُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَ لا هَضْماً

تيسير الكريم الرحمن، ص: 569

(112)، لكن تعد أعمالهم، و تحصى، و يقررون بها، و يخزون بها على رؤوس الأشهاد، ثم يعذبون عليها، و لهذا قال: ذلِكَ جَزاؤُهُمْ‏ أي: حبوط أعمالهم، و أنه لا يقام لهم يوم القيامة وزن لحقارتهم و خستهم، بكفرهم بآيات اللّه، و اتخاذهم آياته و رسله، هزوا يستهزئون بها، و يسخرون منهم، مع أن الواجب في آيات اللّه و رسله، الإيمان التام بها، و التعظيم لها، و القيام بها أتم القيام، و هؤلاء عكسوا القضية، فانعكس أمرهم، و تعسوا، و انتكسوا في العذاب.

[107] و لما بين مآل الكافرين و أعمالهم، بيّن أعمال المؤمنين و مآلهم فقال: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا إلى‏ حِوَلًا .

أي: إن الّذين آمنوا بقلوبهم، و عملوا الصالحات بجوارحهم، و شمل هذا الوصف جميع الدين، عقائده، و أعماله، أصوله، و فروعه الظاهرة، و الباطنة، فهؤلاء- على اختلاف طبقاتهم من الإيمان، و العمل الصالح- لهم جنات الفردوس. يحتمل أن المراد بجنات الفردوس، أعلى الجنة، و وسطها، و أفضلها، و أن هذا الثواب، لمن كمل فيه الإيمان، و العمل الصالح، و هم الأنبياء و المقربون. و يحتمل أن يراد بها، جميع منازل الجنان، فيشمل هذا الثواب، جميع طبقات أهل الإيمان، من المقربين، و الأبرار، و المقتصدين، كلّ بحسب حاله، و هذا أولى المعنيين، لعمومه، و لذكر الجنة، بلفظ الجمع المضاف إلى الفردوس، و أن الفردوس يطلق على البستان، المحتوي على الكرم، أو الأشجار الملتفة، و هذا صادق على جميع الجنة. فجنة الفردوس، نزل، و ضيافة لأهل الإيمان و العمل الصالح، و أي ضيافة أجل، و أكبر، و أعظم، من هذه الضيافة، المحتوية على كل نعيم، للقلوب، و الأرواح، و الأبدان، و فيها ما تشتهيه الأنفس، و تلذ الأعين، من المنازل الأنيقة، و الرياض الناضرة، و الأشجار المثمرة، و الطيور المغردة المشجية، و المآكل اللذيذة، و المشارب الشهية، و النساء الحسان، و الخدم، و الولدان، و الأنهار السارحة، و المناظر الرائقة، و الجمال الحسي و المعنوي، و النعمة الدائمة. و أعلى ذلك و أفضله و أجله، التنعم بالقرب من الرحمن و نيل رضاه، الذي هو أكبر نعيم الجنان، و التمتع برؤية وجهه الكريم، و سماع كلام الرؤوف الرحيم. فللّه تلك الضيافة، ما أجلها و أجملها، و أدومها، و أكملها، و هي أعظم من أن يحيط بها وصف أحد من الخلائق، أو تخطر على القلوب، فلو علم العباد بعض ذلك النعيم، علما حقيقيا، يصل إلى قلوبهم، لطارت إليها قلوبهم بالأشواق، و لتقطعت أرواحهم، من ألم الفراق، و لساروا إليها زرافات و وحدانا، و لم يؤثروا عليها دنيا فانية، و لذات منغصة متلاشية، و لم يفوتوا أوقاتا، تذهب ضائعة خاسرة، يقابل كل لحظة منها من النعيم من الحقب، آلاف مؤلفة، و لكن الغفلة شملت، و الإيمان ضعف، و العلم قلّ، و الإرادة وهت فكان ما كان، فلا حول و لا قوة إلا باللّه العلي العظيم.

[108] و قوله: خالِدِينَ فِيها هذا هو تمام النعيم، إن فيها، النعيم الكامل، و من تمامه أنه لا ينقطع‏ لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا . أي: تحولا و لا انتقالا، لأنهم لا يرون إلا ما يعجبهم و يبهجهم، و يسرهم و يفرحهم، و لا يرون نعيما فوق ما هم فيه.

[109] أي: قل لهم- مخبرا عن عظمة الباري، و سعة صفاته، و أنها لا يحيط العباد بشي‏ء منها: لَوْ كانَ الْبَحْرُ

تيسير الكريم الرحمن، ص: 570

أي: هذه الأبحر الموجودة في العالم، مِداداً لِكَلِماتِ رَبِّي‏ أي: و أشجار الدنيا، من أولها إلى آخرها، من أشجار البلدان و البراري، و البحار، أقلام، لَنَفِدَ الْبَحْرُ و تكسرت الأقلام‏ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي‏ و هذا شي‏ء عظيم، لا يحيط به أحد. و في الآية الأخرى‏ وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏ (27). و هذا من باب تقريب المعنى إلى الأذهان، لأن هذه الأشياء مخلوقة، و جميع المخلوقات، منقضية منتهية، و أما كلام اللّه، فإنه من جملة صفاته، و صفاته غير مخلوقة، و لا لها حد و لا منتهى، فأيّ سعة و عظمة تصورتها القلوب، فاللّه فوق ذلك، و هكذا سائر صفات اللّه تعالى، كعلمه، و حكمته، و قدرته، و رحمته، فلو جمع علم الخلائق، من الأولين و الآخرين، أهل السموات و أهل الأرض، لكان بالنسبة إلى علم العظيم، أقل من نسبة عصفور، وقع على حافة البحر، فأخذ بمنقاره من البحر بالنسبة للبحر و عظمته، ذلك بأن اللّه، له الصفات العظيمة الواسعة الكاملة، و أن إلى ربك المنتهى.

[110] أي: قُلْ‏ يا محمد للكفار و غيرهم: إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ‏ أي: لست بإله، و لا لي شركة في الملك، و لا علم بالغيب، و لا عندي خزائن اللّه. إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ‏ عبد من عبيد ربي، يُوحى‏ إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ أي: فضلت عليكم بالوحي، الذي يوحيه إلي، الذي أجله الإخبار لكم، أنما إلهكم إله واحد، أي: لا شريك له، و لا أحد يستحق من العبادة مثقال ذرة، و أدعوكم إلى العمل الذي يقربكم منه، و ينيلكم ثوابه، و يدفع عنكم عقابه. و لهذا قال: فَمَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صالِحاً و هو الموافق لشرع اللّه، من واجب و مستحب.

وَ لا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً أي: لا يرائي بعمله، بل يعمله خالصا لوجه اللّه تعالى، فهذا الذي جمع بين الإخلاص و المتابعة، هو الذي ينال ما يرجو و يطلب، و أما من عدا ذلك، فإنه خاسر في دنياه و أخراه، و قد فاته القرب من مولاه، و نيل رضاه.

انتهى تفسير سورة الكهف، و للّه الحمد.

تفسير سورة مريم‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[2- 3] أي: هذا ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) سنقصه عليك، و نفصله تفصيلا، يعرف به حالة نبيه زكريا، و آثاره الصالحة، و مناقبه الجميلة، فإن في قصها عبرة للمعتبرين، و أسوة للمقتدين، و لأن في تفصيل رحمته‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 571

لأوليائه، و بأي سبب حصلت لهم، مما يدعو إلى محبة اللّه تعالى، و الإكثار من ذكره و معرفته، و السبب الموصل إليه.

و ذلك أن اللّه تعالى، اجتبى و اصطفى، زكريا عليه السّلام لرسالته، و خصه بوحيه، فقام بذلك قيام أمثاله من المرسلين، و دعا العباد إلى ربه، و علمهم ما علمه اللّه، و نصح لهم في حياته و بعد مماته، كإخوانه من المرسلين، و من اتبعهم، فلما رأى من نفسه الضعف، و خاف أن يموت، و لم يكن أحد ينوب منابه في دعوة الخلق إلى ربهم و النصح لهم، شكا إلى ربه ضعفه الظاهر و الباطن، و ناداه نداء خفيا، ليكون أكمل، و أفضل، و أتم إخلاصا.

[4] فقال: رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي‏ أي: و هى و ضعف، و إذا ضعف العظم، الذي هو عماد البدن، ضعف غيره. وَ اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً لأن الشيب دليل الضعف و الكبر، و رسول الموت، و رائده و نذيره. فتوسل إلى اللّه تعالى بضعفه و عجزه، و هذا من أحب الوسائل إلى اللّه، لأنه يدل التّبرّي من الحول و القوة، و تعلق القلب بحول اللّه و قوته. وَ لَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا أي: لم تكن يا رب تردني خائبا و لا محروما من الإجابة، بل لم تزل بي حفيا، و لدعائي مجيبا، و لم تزل ألطافك تتوالى عليّ، و إحسانك واصلا إليّ، و هذا توسل إلى اللّه، بإنعامه عليه، و إجابة دعواته السابقة، فسأل الذي أحسن سابقا، أن يتمم إحسانه لاحقا.

[5] وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي‏ أي: و إني خفت من يتولى على بني إسرائيل من بعد موتي، أي: لا يقوموا بدينك حق القيام، و لا يدعوا عبادك إليك. و ظاهر هذا، أنه لم ير فيهم أحدا، فيه لياقة للإمامة في الدين، و هذا فيه شفقة زكريا عليه السّلام، و نصحه. و أن طلبه للولد، ليس كطلب غيره، قصده مجرد المصلحة الدنيوية، و إنما قصده، مصلحة الدين، و الخوف من ضياعه، و رأى غيره، غير صالح لذلك. و كان بيته من البيوت المشهورة في الدين، و معدن الرسالة، و مظنة للخير، فدعا اللّه أن يرزقه ولدا، يقوم بالدين من بعده، و اشتكى أن امرأته عاقرا، أي: ليست تلد أصلا، و أنه قد بلغ من الكبر عتيا، أي: عمرا يندر معه وجود الشهوة و الولد. فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا و هذه الولاية، ولاية الدين، و ميراث النبوة و العلم و العمل.

[6] و لهذا قال: يَرِثُنِي وَ يَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَ اجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) أي: عبدا صالحا ترضاه، و تحببه إلى عبادك، و الحاصل أنه سأل اللّه ولدا، ذكرا، صالحا، يبقى بعد موته، و يكون وليا من بعده، و يكون نبيا مرضيا عند اللّه و عند خلقه، و هذا أفضل ما يكون من الأولاد، و من رحمة اللّه بعبده، أن يرزقه ولدا صالحا، جامعا لمكارم الأخلاق، و محامد الشيم.

[7] فرحمه ربه، و استجاب دعوته فقال: يا زَكَرِيَّا إلى‏ وَ عَشِيًّا ، أي: بشره اللّه تعالى على يد الملائكة ب «يحيى» و سماه اللّه له «يحيى»، و كان اسما موافقا لمسماه: يحيا حياة حسية، فتتم به المنة، و يحيا حياة معنوية، و هي حياة القلب و الروح، بالوحي و العلم و الدين. لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيًّا أي: لم يسم هذا الاسم قبله أحد، و يحتمل أن المعنى: لم نجعل له من قبل مثيلا و مساميا، فيكون، بشارة بكماله، و اتصافه بالصفات الحميدة، و أنه فاق من قبله، و لكن على هذا الاحتمال هذا العموم، لا بد أن يكون مخصوصا بإبراهيم، و موسى، و نوح عليهم الصلاة و السّلام، و نحوهم، ممن هو أفضل من يحيى قطعا، فحينئذ لما جاءته البشارة بهذا المولود، الذي طلبه، استغرب و تعجب و قال:

[8] رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ‏ و الحال أن المانع من وجود الولد، موجود بي و بزوجتي؟ و كأنه وقت دعائه، لم يستحضر هذا المانع، لقوة الوارد في قلبه، و شدة الحرص العظيم على الولد.

[9] و في هذه الحال، حين قبلت دعوته، تعجب من ذلك، فأجابه اللّه بقوله: كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ‏ أي: الأمر مستغرب في العادة، و في سنة اللّه في الخليقة، و لكن قدرة اللّه تعالى صالحة لإيجاده بدون أسبابها فذلك هين عليه، ليس بأصعب من إيجاده قبل، و لم يكن شيئا.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 572

[10] قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً أي: يطمئن بها قلبي، و ليس هذا شكا في خبر اللّه، و إنما هو، كما قال الخليل عليه السّلام‏ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى‏ قالَ أَ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى‏ وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي‏ فطلب زيادة العلم، و الوصول إلى عين اليقين بعد علم اليقين، فأجابه اللّه إلى طلبته، رحمة به. قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا و في الآية الأخرى‏ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً ، و المعنى واحد، لأنه تارة يعبر بالليالي، و تارة بالأيام و مؤداها واحد، و هذا من الآيات العجيبة، فإن منعه من الكلام مدة ثلاثة أيام، و عجزه عنه من غير خرس و لا آفة، بل كان سويا، لا نقص فيه- من الأدلة على قدرة اللّه الخارقة للعوائد- و مع هذا، ممنوع من الكلام، الذي يتعلق بالآدميين و خطابهم، و أما التسبيح، و الذكر و نحوه، فغير ممنوع منه، و لهذا قال في الآية الأخرى: وَ اذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَ سَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَ الْإِبْكارِ ، فاطمأن قلبه، و استبشر بهذه البشارة العظيمة، و امتثل لأمر اللّه له، بالشكر، بعبادته و ذكره، فعكف في محرابه.

[11] و خرج على قومه منه، فأوحى إليهم، أي: بالإشارة و الرمز أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَ عَشِيًّا لأن البشارة ب «يحيى» في حق الجميع، مصلحة دينية.

[12] دل الكلام السابق، على ولادة يحيى، و شبابه، و تربيته، فلما وصل إلى حالة يفهم فيها الخطاب، أمره اللّه أن يأخذ الكتاب بقوة، أي: بجد و اجتهاد، و ذلك بالاجتهاد في حفظ ألفاظه، و فهم معانيه، و العمل بأوامره و نواهيه، هذا تمام أخذ الكتاب بقوة، فامتثل أمر ربه، و أقبل على الكتاب، فحفظه و فهمه، و جعل اللّه فيه من الذكاء و الفطنة، ما لا يوجد في غيره و لهذا قال: وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا .

[13] وَ آتيناه أيضا حَناناً مِنْ لَدُنَّا أي: رحمة و رأفة، تيسرت بها أموره، و صلحت بها أحواله، و استقامت بها أفعاله. وَ زَكاةً أي: طهارة من الآفات و الذنوب، فطهر قلبه، و تزكى عقله، و ذلك يتضمن زوال الأوصاف المذمومة، و الأخلاق الرديئة، و زيادة الأخلاق الحسنة، و الأوصاف المحمودة، و لهذا قال: وَ كانَ تَقِيًّا أي: فاعلا للمأمور، تاركا للمحظور، و من كان مؤمنا تقيا، كان للّه وليا، و كان من أهل الجنة، التي أعدت للمتقين، و حصل له من الثواب الدنيوي و الأخروي، ما رتبه اللّه على التقوى.

[14] وَ كان أيضا بَرًّا بِوالِدَيْهِ‏ أي: لم يكن عاقا، و لا مسيئا إلى أبويه، بل كان محسنا إليهما بالقول و الفعل. وَ لَمْ يَكُنْ جَبَّاراً عَصِيًّا أي: لم يكن متجبرا متكبرا عن عبادة اللّه، و لا مترفعا على عباد اللّه، و لا على والديه. فجمع بين القيام بحق اللّه، و حق خلقه، و لهذا حصلت له السلامة من اللّه، في جميع أحواله، مبادئها و عواقبها.

[15] فلذا قال: وَ سَلامٌ عَلَيْهِ يَوْمَ وُلِدَ وَ يَوْمَ يَمُوتُ وَ يَوْمَ يُبْعَثُ حَيًّا (15) و ذلك يقتضي سلامته من الشيطان، و الشر، و العقاب في هذه الأحوال الثلاثة و ما بينها، و أنه سالم من النار و الأهوال، و من أهل دار السّلام، فصلوات‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 573

اللّه و سلامه عليه، و على والده، و على سائر المرسلين، و جعلنا من أتباعهم، إنه جواد كريم.

[16] لما ذكر قصة زكريا و يحيى، و كانت من الآيات العجيبة، انتقل، منها إلى ما هو أعجب منها، تدريجا من الأدنى إلى الأعلى فقال: وَ اذْكُرْ فِي الْكِتابِ‏ الكريم‏ مَرْيَمَ‏ عليها السّلام، و هذا من أعظم فضائلها، أن تذكر في الكتاب العظيم، الذي يتلوه المسلمون، في مشارق الأرض و مغاربها، تذكر فيه بأحسن الذكر، و أفضل الثناء، جزاء لعملها الفاضل، و سعيها الكامل، أي: و اذكر في الكتاب مريم، في حالها الحسنة، حين‏ انْتَبَذَتْ‏ أي:

تباعدت عن أهلها مَكاناً شَرْقِيًّا أي: مما يلي الشرق عنهم.

[17] فَاتَّخَذَتْ مِنْ دُونِهِمْ حِجاباً أي: سترا و مانعا، و هذا التباعد منها، و اتخاذ الحجاب، لتعتزل، و تنفرد بعبادة ربها، و تقنت له في حالة الإخلاص و الخضوع، و الذل للّه تعالى، و ذلك امتثال منها لقوله تعالى: وَ إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَ طَهَّرَكِ وَ اصْطَفاكِ عَلى‏ نِساءِ الْعالَمِينَ (42) يا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَ اسْجُدِي وَ ارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ‏ (43). فَأَرْسَلْنا إِلَيْها رُوحَنا و هو: جبريل عليه السّلام‏ فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا أي: كاملا من الرجال، في صورة جميلة، و هيئة حسنة، لا عيب فيه و لا نقص، لكونها لا تحتمل رؤيته على ما هو عليه، فلما رأته في هذه الحال، و هي معتزلة عن أهلها، منفردة عن الناس، قد اتخذت الحجاب عن أعز الناس عليها، و هم أهلها، خافت أن يكون رجلا قد تعرض لها بسوء، و طمع فيها، فاعتصمت بربها، و استعاذت منه فقالت له:

[18] إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ مِنْكَ‏ أي: ألتجئ به و أعتصم برحمته، أن تنالني بسوء إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا أي: إن كنت تخاف اللّه، و تعمل بتقواه، فاترك التعرض لي، فجمعت بين الاعتصام بربها، و بين تخويفه و ترهيبه، و أمره بلزوم التقوى، و هي في تلك الحالة الخالية، و الشباب، و البعد عن الناس، و هو في ذلك الجمال الباهر، و البشرية الكاملة السوية، و لم ينطق لها بسوء، أو يتعرض لها، و إنما ذلك خوف منها، و هذا أبلغ ما يكون من العفة، و البعد عن الشر و أسبابه. و هذه العفة- خصوصا مع اجتماع الدواعي، و عدم المانع- من أفضل الأعمال. و لذلك أثنى اللّه عليها فقال: وَ مَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيهِ مِنْ رُوحِنا ، وَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِيها مِنْ رُوحِنا وَ جَعَلْناها وَ ابْنَها آيَةً لِلْعالَمِينَ‏ (91).

[19- 20] فأعاضها اللّه بعفتها، ولدا من آيات اللّه، و رسولا من رسله، فلما رأى جبريل منها الروع و الخيفة، قال: إِنَّما أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ‏ أي: إنما وظيفتي و شغلي، تنيفذ رسالة ربي فيك‏ لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا ، و هذه بشارة عظيمة بالولد و زكائه، فإن الزكاء، يستلزم تطهيره من الخصال الذميمة، و اتصافه بالخصال الحميدة، فتعجبت من وجود الولد من غير أب فقالت: أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَ لَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَ لَمْ أَكُ بَغِيًّا و الولد لا يوجد إلا بذلك؟!!

صفحه بعد