کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 747

النهار. و في هذه الآيات، تنبيه إلى أن العبد ينبغي له أن يتدبر نعم اللّه عليه، و يستبصر فيها، و يقيسها بحال عدمها.

فإنه إذا وازن بين حالة وجودها، و بين حالة عدمها، تنبه عقله لموضع المنة. بخلاف من جرى مع العوائد، و رأى أن هذا أمر لم يزل مستمرا، و لا يزال. و عمي قلبه عن الثناء على اللّه، بنعمه، و رؤية افتقاره إليه في كلّ وقت. فإن هذا، لا يحدث له فكرة شكر، و لا ذكر.

[74] أي: و يوم ينادي اللّه المشركين به، العادلين به غيره، الّذين يزعمون أن له شركاء، يستحقون أن يعبدوا، و ينفعون و يضرون. فإذا كان يوم القيامة و أراد اللّه أن يظهر جراءتهم و كذبهم في زعمهم و تكذيبهم لأنفسهم‏ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ‏ أي: بزعمهم، لا بنفس الأمر كما قال: وَ ما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَ‏ .

[75] فإن حضروا، هم و إياهم، نزع اللّه‏ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ من الأمم الكاذبة شَهِيداً يشهد على ما جرى في الدنيا، من شركهم و اعتقادهم، و هؤلاء بمنزلة المنتخبين. أي: انتخبنا من رؤساء المكذبين، من يتصدى للخصومة عنهم، و المجادلة عن إخوانهم، و هم على طريق واحد. فإذا برزوا للمحاكمة فَقُلْنا هاتُوا بُرْهانَكُمْ‏ أي: حجتكم و دليلكم، على صحة شرككم. هل أمرناكم بذلك؟ هل أمرتكم رسلي؟ هل وجدتم ذلك في شي‏ء من كتبي؟ هل فيهم أحد يستحق شيئا من الإلهية؟ هل ينفعونكم، أو يدفعون عنكم من عذاب اللّه، أو يغنون عنكم؟ فليفعلوا، إذا كان فيهم أهلية، و ليروكم، إن كان لهم قدرة. فَعَلِمُوا حينئذ، بطلان قولهم و فساده، و أَنَّ الْحَقَّ لِلَّهِ‏ تعالى.

قد توجهت عليهم الخصومة، و انقطعت حجتهم، و أفلجت حجة اللّه. وَ ضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ‏ من الكذب، و الإفك، و اضمحل، و تلاشى، و عدم. و علموا أن اللّه قد عدل فيهم، حيث لم يضع العقوبة، إلا بمن استحقها، و استأهلها.

[76] يخبر تعالى عن حالة قارون، و ما فعل، و فعل به و نصح و وعظ، فقال: إِنَّ قارُونَ كانَ مِنْ قَوْمِ مُوسى‏ أي: من بني إسرائيل، الّذين فضّلوا على العالمين، و فاقوهم في زمانهم، و امتنّ اللّه عليهم بما امتنّ به، فكانت حالهم مناسبة للاستقامة. و لكن قارون هذا، انحرف عن سبيل قومه‏ فَبَغى‏ عَلَيْهِمْ‏ و طغى، بما أوتيه من الأمور العظيمة المطغية. وَ آتَيْناهُ مِنَ الْكُنُوزِ أي: كنوز الأموال شيئا كثيرا. ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ و العصبة، من العشرة إلى التسعة إلى السبعة، و نحو ذلك. أي: حتى إن مفاتح خزائن أمواله، تثقل الجماعة القوية عن حملها، هذه المفاتيح، فما ظنك بالخزائن؟ إِذْ قالَ لَهُ قَوْمُهُ‏ ناصحين له محذرين له عن الطغيان: لا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ‏ أي: لا تفرح بهذه الدنيا العظيمة، و تفتخر بها، و تلهيك عن الآخرة، فإن اللّه لا يحب الفرحين بها، المنكبين على محبتها.

[77] وَ ابْتَغِ فِيما آتاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ أي: قد حصل عندك من وسائل الآخرة، ما ليس عند غيرك من الأموال فابتغ بها ما عند اللّه، و تصدق و لا تقتصر على مجرد نيل الشهوات، و تحصيل اللذات. وَ لا تَنْسَ نَصِيبَكَ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 748

مِنَ الدُّنْيا أي: لا نأمرك أن تتصدق بجميع مالك، و تبقى ضائعا، بل أنفق لآخرتك، و استمتع بدنياك، استمتاعا لا يثلم دينك، و لا يضر بآخرتك. وَ أَحْسِنْ‏ إلى عباد اللّه‏ كَما أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ‏ بهذه الأموال.

وَ لا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ‏ بالتكبر، و العمل بمعاصي اللّه و الاشتغال بالنعم عن المنعم. إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ‏ بل يعاقبهم على ذلك، أشد العقوبة.

[78] قالَ‏ قارون- رادا لنصيحتهم، كافرا بنعمة ربه-: إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى‏ عِلْمٍ عِنْدِي‏ أي: إنّما أدركت هذه الأموال، بكسبي، و معرفتي بوجوه المكاسب، و حذقي. أو على علم من اللّه بحالي، يعلم أني أهل لذلك، فلم تنصحوني على ما أعطاني اللّه؟ قال تعالى- مبينا أن عطاءه، ليس دليلا على حسن حال المعطي: أَ وَ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ أَهْلَكَ مِنْ قَبْلِهِ مِنَ الْقُرُونِ مَنْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُ قُوَّةً وَ أَكْثَرُ جَمْعاً فما المانع من إهلاك قرون أخرى، مع مضيّ عادتنا و سنتنا بإهلاك من هو مثله و أعظم منه، إذا فعل ما يوجب الهلاك؟ وَ لا يُسْئَلُ عَنْ ذُنُوبِهِمُ الْمُجْرِمُونَ‏ بل يعاقبهم اللّه، و يعذبهم على ما يعلمه منهم. فهم، و إن أثبتوا لأنفسهم حالة حسنة، و شهدوا لها بالنجاة، فليس قولهم مقبولا، و ليس ذلك رادا عنهم من العذاب شيئا، لأن ذنوبهم غير خفية، فإنكارهم لا محل له. فلم يزل قارون مستمرا على عناده و بغيه، و عدم قبول نصيحة قومه، فرحا بطرا قد أعجبته نفسه، و غره ما أوتيه من الأموال.

[79] فَخَرَجَ‏ ذات يوم‏ عَلى‏ قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ‏ أي: بحالة أرفع ما يكون من أحوال دنياه، قد كان له من الأموال ما كان، و قد استعد و تجمّل بأعظم ما يمكنه. و تلك الزينة في العادة، من مثله، تكون هائلة، جمعت زينة الدنيا و زهرتها و بهجتها و غضارتها و فخرها. فرمقته في تلك الحالة العيون، و ملأت بزّته القلوب، و اختلبت زينته النفوس. فانقسم فيه الناظرون قسمين، كل تكلّم بحسب ما عنده من الهمة و الرغبة. قالَ الَّذِينَ يُرِيدُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا أي: الّذين تعلقت إرادتهم فيها، و صارت منتهى رغبتهم ليس لهم إرادة في سواها: يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ‏ من الدنيا و متاعها و زهرتها إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ‏ . و صدقوا إنه لذو حظ عظيم، لو كان الأمر منتهيا إلى رغباتهم، و أنه ليس وراء الدنيا، دار أخرى، فإنه قد أعطي منها ما به غاية التنعم بنعيم الدنيا، و اقتدر بذلك على جميع مطالبه، فصار هذا الحظ العظيم بحسب همتهم، و إن همة جعلت هذا غاية مرادها، و منتهى مطلبها لمن أدنى الهمم، و أسفلها، و أدناها، و ليس لها أدنى صعود إلى المرادات العالية، و المطالب الغالية.

[80] وَ قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ‏ الّذين عرفوا حقائق الأشياء، و نظروا إلى باطن الدنيا، حين نظر أولئك إلى ظاهرها: وَيْلَكُمْ‏ متوجعين مما تمنوا لأنفسهم، راثين لحالهم، منكرين لمقالهم. ثَوابُ اللَّهِ‏ العاجل، من لذة العبادة و محبته، و الإنابة إليه، و الإقبال عليه. و الآجل من الجنة، و ما فيها، مما تشتهيه الأنفس، و تلذ الأعين‏ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً من هذا الذي تمنيتم و رغبتم فيه، فهذه حقيقة الأمر. و لكن ما كلّ من يعلم ذلك يقبل عليه، فما يلقّى ذلك و يوفق له‏ إِلَّا الصَّابِرُونَ‏ الّذين حبسوا أنفسهم على طاعة اللّه، و عن معصيته، و على أقداره المؤلمة، و صبروا على جواذب الدنيا و شهواتها، أن تشغلهم عن ربهم، و أن تحول بينهم، و بين ما خلقوا له. فهؤلاء الّذين يؤثرون ثواب اللّه على الدنيا الفانية.

[81] فلما انتهت بقارون حالة البغي و الفخر، و ازّيّنت الدنيا عنده، و كثر بها إعجابه، بغتة العذاب‏ فَخَسَفْنا بِهِ وَ بِدارِهِ الْأَرْضَ‏ جزاء من جنس عمله. فكما رفع نفسه على عباد اللّه، أنزله اللّه أسفل سافلين، هو ما اغتر به، من داره، و أثاثه، و متاعه. فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ أي: جماعة، و عصبة، و خدم، و جنود يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَ ما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ‏ أي: جاءه العذاب، فما نصر، و لا انتصر.

[82] وَ أَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ‏ أي: الذي يريدون الحياة الدنيا، الّذين قالوا: يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ‏ . يَقُولُونَ‏ متوجعين و معتبرين، و خائفين من وقوع العذاب بهم: وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 749

يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَ يَقْدِرُ أي: يضيق الرزق على من يشاء، فعلمنا حينئذ، أن بسطه لقارون، ليس دليلا على خير فيه، و أننا غالطون في قولنا: إِنَّهُ لَذُو حَظٍّ عَظِيمٍ‏ .

و لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا فلم يعاقبنا على ما قلنا، فلولا فضله و منته‏ لَخَسَفَ بِنا فصار هلاك قارون، عقوبة له، و عبرة و موعظة لغيره، حتى إن الذين غبطوه، سمعت كيف ندموا، و تغير فكرهم الأول. وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ‏ أي: لا في الدنيا و لا في الآخرة.

[83] لما ذكر تعالى، قارون و ما أوتيه من الدنيا، و ما صارت إليه عاقبة أمره، و أن أهل العلم قالوا: ثَوابُ اللَّهِ خَيْرٌ لِمَنْ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً رغب تعالى في الدار الآخرة، و أخبر بالسبب الموصل إليها فقال: تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ التي أخبر اللّه بها في كتبه و أخبرت بها رسله، التي جمعت كل نعيم، و اندفع عنها كل مكدر و منغص. نَجْعَلُها دارا و قرارا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَ لا فَساداً أي: ليس لهم إرادة فكيف العمل للعلو في الأرض، على عباد اللّه، و التكبر عليهم و على الحق‏ وَ لا فَساداً و هذا شامل لجميع المعاصي. فإذا كانوا لا إرادة لهم في العلو في الأرض، و لا الفساد، لزم من ذلك، أن تكون إرادتهم مصروفة إلى اللّه، و قصدهم الدار الآخرة، و حالهم التواضع لعباد اللّه، و الانقياد للحق و العمل الصالح. و هؤلاء هم المتقون الذين لهم العاقبة الحسنى، و لهذا قال: وَ الْعاقِبَةُ أي: حالة الفلاح و النجاح، التي تستقر و تستمر، لمن اتقى اللّه تعالى. و غيرهم- و إن حصل لهم بعض الظهور و الراحة- فإنه لا يطول وقته، و يزول عن قريب. و علم من هذا الحصر في الآية الكريمة، أن الذين يريدون العلو في الأرض، أو الفساد، ليس لهم في الدار الآخرة، نصيب، و لا لهم منها حظ.

[84] يخبر تعالى عن مضاعفة فضله، و تمام عدله فقال: مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ شرط فيها أن يأتي بها العامل، لأنه قد يعملها، و لكن يقترن بها ما لا تقبل منه، أو يبطلها، فهذا لم يجى‏ء بالحسنة. و الحسنة، اسم جنس يشمل جميع ما أمر اللّه به و رسوله، من الأقوال و الأعمال الظاهرة، و الباطنة، المتعلقة بحقه تعالى، و حقوق العباد فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها أي: أعظم و أجلّ، و في الآية الأخرى‏ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها . هذا التضعيف للحسنة، لا بد منه، و قد يقترن بذلك من الأسباب، ما تزيد به المضاعفة كما قال تعالى: وَ اللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ‏ بحسب حال العامل و عمله، و نفعه، و محله، و مكانه. وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ و هي كل ما نهى الشارع عنه، نهي تحريم. فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ كقوله تعالى: وَ مَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى‏ إِلَّا مِثْلَها وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ‏ .

[85] يقول تعالى: إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ‏ أي: نزله، و فرض فيه الأحكام، و بيّن فيه الحلال و الحرام، و أمرك بتبليغه للعالمين، و الدعوة لأحكامه، جميع المكلفين، لا يليق بحكمته، أن تكون هي الحياة الدنيا فقط، من غير أن يثاب العباد و يعاقبوا. بل لا بد أن يردك إلى معاد، يجازى فيه المحسنون بإحسانهم، و المسيئون بمعصيتهم. و قد بيّنت لهم الهدى، و أوضحت لهم المنهج. فإن تبعوك، فذلك حظهم و سعادتهم. و إن أبوا إلا عصيانك، و القدح بما جئت به من الهدى، و تفضيل ما معهم من الباطل على الحق، فلم يبق للمجادلة محل، و لم يبق‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 750

إلا المجازاة على الأعمال من العالم بالغيب و الشهادة، و المحق و المبطل، و لهذا قال: قُلْ رَبِّي أَعْلَمُ مَنْ جاءَ بِالْهُدى‏ وَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ‏ و قد علم أن رسوله هو المهتدي الهادي، و أن أعداءه هم الضالون المضلون.

[86] وَ ما كُنْتَ تَرْجُوا أَنْ يُلْقى‏ إِلَيْكَ الْكِتابُ‏ أي: لم تكن متحريا لنزول هذا الكتاب عليك، و لا مستعدا له، و لا متصديا. إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ‏ و بالعباد، فأرسلك بهذا الكتاب، الذي رحم به العالمين، و علمهم ما لم يكونوا يعلمون، و زكاهم، و علمهم الكتاب و الحكمة، و إن كانو من قبل لفي ضلال مبين. فإذا علمت أنه أنزل إليك رحمة منه، علمت، أن جميع ما أمر به، و نهى عنه، رحمة، و فضل من اللّه. فلا يكن في صدرك حرج من شي‏ء منه، و تظن أن مخالفته، أصلح و أنفع. فَلا تَكُونَنَّ ظَهِيراً لِلْكافِرِينَ‏ أي:

معينا لهم على ما هو من شعب كفرهم. و من جملة مظاهرتهم، أن يقال في شي‏ء منه، إنه خلاف الحكمة و المصلحة و المنفعة.

[87] وَ لا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ‏ بل أبلغها و أنفذها، و لا تبال بمكرهم و لا يخدعنك عنها، و لا تتبع أهواءهم. وَ ادْعُ إِلى‏ رَبِّكَ‏ أي: اجعل الدعوة إلى ربك، منتهى قصدك و غاية عملك. فكل ما خالف ذلك، فارفضه، من رياء، أو سمعة، أو موافقة أغراض أهل الباطل، فإن ذلك داع إلى الكون معهم، و مساعدتهم على أمرهم و لهذا قال: وَ لا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ‏ لا في شركهم، و لا في فروعه و شعبه، التي هي جميع المعاصي.

[88] وَ لا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ بل أخلص للّه عبادتك، فإنه‏ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فلا أحد يستحق أن يؤله، و يحب، و يعبد، إلا اللّه الكامل الباقي الذي‏ كُلُّ شَيْ‏ءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ‏ و إذا كان كل شي‏ء سواه هالكا مضمحلا، فعبادة الهالك الباطل باطلة، ببطلان غايتها، و فساد نهايتها. لَهُ الْحُكْمُ‏ في الدنيا و الآخرة وَ إِلَيْهِ‏ لا إلى غيره‏ تُرْجَعُونَ‏ . فإذا كان ما سوى اللّه باطلا هالكا، و اللّه هو الباقي، الذي لا إله إلا هو، و له الحكم في الدنيا و الآخرة، و إليه مرجع الخلائق كلهم، ليجازيهم بأعمالهم، تعيّن على من له عقل، أن يعبد اللّه وحده لا شريك له، و يعمل لما يقربه و يدنيه، و يحذر من سخطه و عقابه، و أن يقدم على ربه غير تائب، و لا مقلع عن خطئه و ذنوبه. تم تفسير سورة القصص.

تفسير سورة العنكبوت‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 3] يخبر تعالى، عن تمام حكمته، و أن حكمته لا تقتضي أن كل من قال: «إنه مؤمن» و ادعى لنفسه‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 751

الإيمان، أن يبقوا في حالة، يسلمون فيها من الفتن و المحن، و لا يعرض لهم ما يشوش عليهم إيمانهم و فروعه. فإنه لو كان الأمر كذلك، لم يتميز الصادق من الكاذب، و المحق من المبطل. و لكن سنته تعالى و عادته في الأولين، في هذه الأمة، أن يبتليهم بالسراء و الضراء، و العسر و اليسر، و المنشط و المكره، و الغنى و الفقر، و إدالة الأعداء عليهم في بعض الأحيان، و مجاهدة الأعداء بالقول و العمل، و نحو ذلك من الفتن، التي ترجع كلها، إلى فتنة الشبهات المعارضة للعقيدة، و الشهوات المعارضة للإرادة. فمن كان عند ورود الشبهات، يثبت إيمانه و لا يتزلزل، و يدفعها بما معه من الحق و عند ورود الشهوات الموجبة و الداعية إلى المعاصي و الذنوب، أو الصارفة عن ما أمر اللّه به و رسوله، يعمل بمقتضى الإيمان، و يجاهد شهوته، دلّ على صدق إيمانه و صحته. و من كان عند ورود الشبهات تؤثر في قلبه، شكا و ريبا، و عند اعتراض الشهوات، تصرفه إلى المعاصي أو تصدفه عن الواجبات، دلّ ذلك على عدم صحة إيمانه و صدقه. و الناس في هذا المقام: درجات، لا يحصيها إلا اللّه، فمستقل و مستكثر. فنسأل اللّه تعالى، أن يثبتنا بالقول الثابت، في الحياة الدنيا و في الآخرة، و أن يثبت قلوبنا على دينه، فالابتلاء و الامتحان للنفوس، بمنزلة الكير، يخرج خبثها، و طيبها.

[4] أي: أحسب الذين همهم، فعل السيئات، و ارتكاب الجنايات، أن أعمالهم ستهمل، و أن اللّه سيغفل عنهم، أو يفوتونه، فلذلك أقدموا عليها، و سهل عليهم عملها؟ ساءَ ما يَحْكُمُونَ‏ أي: ساء حكمهم، فإنه حكم جائر، لتضمنه إنكار قدرة اللّه و حكمته، و أن لديهم قدرة، يمتنعون بها من عقاب اللّه، و هم أضعف شي‏ء و أعجزه.

[5] مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللَّهِ فَإِنَّ أَجَلَ اللَّهِ لَآتٍ وَ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ‏ (5) يعني: يا أيها المحب لربه المشتاق لقربه و لقائه، المسارع في مرضاته، أبشر بقرب لقاء الحبيب، فإنه آت، و كل ما هو آت قريب. فتزود للقائه، و سر نحوه، مستصحبا الرجاء، مؤملا الوصول إليه. و لكن، ما كل من يدّعي يعطى بدعواه، و لا كل من تمنى، يعطى ما تمناه، فإن اللّه سميع للأصوات، عليم بالنيات. فمن كان صادقا في ذلك، أناله ما يرجو، و من كان كاذبا، لم تنفعه دعواه.

و هو العليم بمن يصلح لحبه، و من لا يصلح.

[6] وَ مَنْ جاهَدَ نفسه و شيطانه، و عدوه الكافر، فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ‏ لأن نفعه راجع إليه، و إِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ‏ لم يأمرهم به لينتفع به، و لا نهاهم عمّا نهاهم عنه بخلا منه عليهم. و قد علم أن الأوامر و النواهي، يحتاج المكلف فيها إلى جهاد، لأن نفسه، تتثاقل بطبعها عن الخير، و شيطانه ينهاه عنه، و عدوه الكافر، يمنعه من إقامة دينه، كما ينبغي. و كل هذه معارضات، تحتاج إلى مجاهدات و سعي شديد.

[7] وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ‏ يعني أن الذين منّ اللّه عليهم بالإيمان و العمل الصالح، سيكفر اللّه عنهم سيئاتهم، لأن الحسنات يذهبن السيئات. وَ لَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ‏ و هي أعمال الخير، من واجبات، و مستحبات، فهي أحسن ما يعمل العبد، لأنه يعمل المباحات أيضا، و غيرها.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 752

[8] أي: و أمرنا الإنسان، و وصيناه، بوالديه حسنا، أي: ببرهما، و الإحسان إليهما، بالقول و العمل، و أن يحافظ على ذلك، و لا يعقهما، و يسي‏ء إليها، في قوله و عمله.

وَ إِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ‏ ، و ليس لأحد علم بصحة الشرك باللّه، و هذا تعظيم لأمر الشرك. فَلا تُطِعْهُما إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ فأجازيكم بأعمالكم. فبروا والديكم و قدموا طاعتهما، إلا على طاعة اللّه و رسوله، فإنها مقدمة على كل شي‏ء.

[9] أي: من آمن باللّه، و عمل صالحا، فإن اللّه وعده، أن يدخله الجنة في جملة عباد اللّه الصالحين، من النبيين، و الصديقين، و الشهداء، و الصالحين، كل على حسب درجته، و مرتبته عند اللّه. فالإيمان الصحيح، و العمل الصالح، عنوان على سعادة صاحبه، و أنه من أهل الرحمن، و من الصالحين من عباد اللّه.

[10] لما ذكر تعالى، أنه لا بد أن يمتحن من ادّعى الإيمان، ليظهر الصادق من الكاذب، بيّن تعالى أن من الناس فريقا، لا صبر لهم على المحن، و لا ثبات لهم على بعض الزلازل فقال: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ‏ بضرب، أو أخذ مال، أو تعيير، ليرتد عن دينه، و ليراجع الباطل. جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ‏ أي:

يجعلها صادّة له عن الإيمان، و الثبات عليه، كما أن العذاب صادّ عمّا هو سببه. وَ لَئِنْ جاءَ نَصْرٌ مِنْ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ إِنَّا كُنَّا مَعَكُمْ‏ ، لأنه موافق للهوى، فهذا الصنف من الناس من الذين قال اللّه فيهم: وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ عَلى‏ حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَ إِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى‏ وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَ الْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ‏ (11). أَ وَ لَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِما فِي صُدُورِ الْعالَمِينَ‏ حيث أخبركم بهذا الفريق، الذي حاله كما وصف لكم، فتعرفون بذلك، كمال علمه، و سعة حكمته.

[11] وَ لَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَيَعْلَمَنَّ الْمُنافِقِينَ‏ (11) أي: فلذلك قدّر محنا و ابتلاء، ليظهر علمه فيهم، فيجازيهم بما ظهر منهم، لا بما يعلمه بمجرده، لأنهم قد يحتجون على اللّه، أنهم لو ابتلوا، لثبتوا.

[12- 13] يخبر تعالى عن افتراء الكفار و دعوتهم للمؤمنين إلى دينهم، و في ضمن ذلك، تحذير المؤمنين، من الاغترار بهم، و الوقوع في مكرهم فقال: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا فاتركوا دينكم أو بعضه، و اتبعونا في ديننا، فإننا نضمن لكم الأمر وَ لْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ‏ . و هذا الأمر ليس بأيديهم، فلهذا قال: وَ ما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ لا قليل و لا كثير. فهذا التحمل، و لو رضي به صاحبه، فإنه لا يفيد شيئا، فإن الحق للّه و اللّه تعالى لم يمكن العبد من التصرف في حقه، إلا بأمره و حكمه، و حكمه‏ أَلَّا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى‏ (38). و لما كان قوله: وَ ما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ قد يتوهم منه أيضا، أن الكفار الداعين إلى كفرهم- و نحوهم ممن دعا إلى باطله- ليس عليهم إلا ذنبهم، الذي ارتكبوه، دون الذنب الذي فعله غيرهم، و لو كانو متسببين فيه، قال محترزا عن هذا الوهم: وَ لَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ‏ أي: أثقال ذنوبهم التي عملوها وَ أَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ‏ و هي الذنوب التي حصلت بسببهم، و من جرائمهم. و فالذنب الذي فعله التابع، لكل من التابع و المتبوع حصة منه حصلت، هذا لأنه‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 753

فعله و باشره، و المتبوع؛ لأنه تسبب في فعله و دعا إليه. كما أن الحسنة إذا فعلها التابع، له أجرها بالمباشرة، و للداعي أجره بالتسبب. وَ لَيُسْئَلُنَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ‏ من الشر و تزيينه، و قولهم «و لنحمل خطاياكم».

[14] يخبر تعالى، عن حكمه و حكمته، في عقوبات الأمم المكذبة، و أن اللّه أرسل عبده و رسوله، نوحا عليه السلام، إلى قومه، يدعوهم إلى التوحيد، و إفراد اللّه بالعبادة، و النهي عن الأنداد و الأصنام. فَلَبِثَ فِيهِمْ‏ نبيا داعيا أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً ، و هو لا يني بدعوتهم، و لا يفتر في نصحهم، يدعوهم ليلا و نهارا و سرا و جهارا، فلم يرشدوا، و لا اهتدوا. بل استمروا على كفرهم و طغيانهم، حتى دعا عليهم نبيهم نوح، عليه الصلاة و السلام، مع شدة صبره، و حلمه، و احتماله فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً . فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ‏ أي:

الماء الذي نزل من السماء بكثرة، و نبع من الأرض بشدة وَ هُمْ ظالِمُونَ‏ مستحقون للعذاب.

[15] فَأَنْجَيْناهُ وَ أَصْحابَ السَّفِينَةِ الذين ركبوا معه، أهله و من آمن به. وَ جَعَلْناها أي: السفينة، أو قصة نوح‏ آيَةً لِلْعالَمِينَ‏ يعتبرون بها، على أن من كذّب الرسل، آخر أمره الهلاك، و أن المؤمنين سيجعل اللّه لهم من كل همّ فرجا، و من كل ضيق مخرجا. و جعل اللّه أيضا السفينة، أي: جنسها آية للعالمين، يعتبرون بها رحمة ربهم، الذي قيّض لهم أسبابها، و يسّر لهم أمرها، و جعلها تحملهم، و تحمل متاعهم، من محل إلى محل، و من قطر إلى قطر.

[16] يذكر تعالى، أنه أرسل خليله، إبراهيم عليه السلام إلى قومه، يدعوهم إلى اللّه. فقال لهم: اعْبُدُوا اللَّهَ‏ أي: وحّدوه، و أخلصوا له العبادة، و امتثلوا ما أمركم به. وَ اتَّقُوهُ‏ أن يغضب عليكم، فيعذبكم، و ذلك بترك ما يغضبه من المعاصي. ذلِكُمْ‏ أي: عبادة اللّه و تقواه‏ خَيْرٌ لَكُمْ‏ من ترك ذلك. و هذا من باب إطلاق «رد فعل التفضيل» بما ليس في الطرف الآخر منه شي‏ء. فإن ترك عبادة اللّه، و ترك تقواه، لا خير فيه بوجه، و إنما كانت عبادة اللّه و تقواه، خيرا للناس، لأنه لا سبيل إلى نيل كرامته، في الدنيا و الآخرة، إلا بذلك. و كل خير يوجد في الدنيا و الآخرة، فإنه من آثار عبادة اللّه و تقواه. إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ‏ ذلك، فاعلموا الأمور، و انظروا، ما هو أولى بالإيثار. فلما أمرهم بعباده اللّه و تقواه، نهاهم عن عبادة الأصنام، و بيّن لهم نقصها، و عدم استحقاقها للعبودية فقال:

صفحه بعد