کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1068

يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ‏ (38) أيّ سبب أطمعهم، و هم لم يقدموا سوى الكفر و الجحود لرب العالمين، و لهذا قال:

[39] كَلَّا ، أي: ليس الأمر بأمانيهم، و لا إدراك ما يشتهون بقوتهم. إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ‏ ، أي: من ماء دافق، يخرج من بين الصلب و الترائب، فهم ضعفاء، لا يملكون لأنفسهم نفعا و لا ضرا، و لا موتا و لا حياة، و لا نشورا.

[40] هذا إقسام منه تعالى بالمشارق و المغارب، للشمس و القمر و الكواكب، لما فيها من الآيات الباهرات على البعث، و قدرته على تبديل أمثالهم، و هم بأعيانهم، كما قال تعالى:

وَ نُنْشِئَكُمْ فِي ما لا تَعْلَمُونَ‏ . وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ‏ ، أي: ما أحد يسبقنا و يفوتنا و يعجزنا إذا أردنا أن نعيده، فإذا تقرر البعث و الجزاء، و استمروا على تكذيبهم، و عدم انقيادهم لآيات اللّه.

[42] فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَ يَلْعَبُوا ، أي: يخوضوا بالأقوال الباطلة، و العقائد الفاسدة، و يلعبوا بدينهم، و يأكلوا و يشربوا، و يتمتعوا حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي يُوعَدُونَ‏ ، فإن اللّه قد أعد لهم فيه من النكال و الوبال، ما هو عاقبة خوضهم و لعبهم. ثمّ ذكر حال الخلق حين يلاقون اليوم الذي يوعدون، فقال:

[43] يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ‏ ، أي:

القبور سِراعاً مجيبين لدعوة الداعي، مهطعين إليها. كَأَنَّهُمْ إِلى‏ نُصُبٍ يُوفِضُونَ‏ ، أي: كأنهم إلى علم يؤمون و يقصدون، فلا يتمكنون من الاستعصاء على الداعي، و لا الالتواء عن نداء المنادي، بل يأتون أذلاء مقهورين، بين يدي رب العالمين.

[44] خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ و ذلك أن الذلة و القلق، قد ملك قلوبهم، و استولى على أفئدتهم، فخشعت منهم الأبصار، و سكنت الحركات، و انقطعت الأصوات. ذلِكَ‏ الحال و المآل، هو الْيَوْمُ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ‏ و لا بد من الوفاء بوعد اللّه. تم تفسير سورة المعارج- الحمد.

سورة نوح‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] لم يذكر اللّه في هذه السورة، إلا قصة نوح وحدها لطول لبثه في قومه، و تكرار دعوته إلى التوحيد، و نهيه عن الشرك. فأخبر تعالى أنه أرسل نوحا إلى قومه، رحمة بهم و إنذارا من عذاب أليم، خوفا من استمرارهم على كفرهم، فيهلكهم هلاكا أبديا، و يعذبهم عذابا سرمديا.

[2] فامتثل نوح عليه السّلام لذلك، و ابتدر لأمر اللّه، فقال: يا قَوْمِ إِنِّي لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ‏ ، أي: واضح النذارة بيّنها، و ذلك لتوضيحه ما أنذر به، و ما أنذر عنه، و بأي شي‏ء تحصل النجاة، بيّن ذلك بيانا شافيا.

[3- 4] فأخبرهم و أمرهم بأصل ذلك، فقال: أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَ اتَّقُوهُ‏ و ذلك بإفراده تعالى بالعبادة و التوحيد،

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1069

و البعد عن الشرك و طرقه، و وسائله، فإنهم إذا اتقوا اللّه، غفر ذنوبهم، و إذا غفر ذنوبهم حصل لهم النجاة من العذاب، و الفوز بالثواب. وَ يُؤَخِّرْكُمْ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى‏ ، أي: يمتعكم في هذه الدار، و يدفع عنكم الهلاك إلى أجل مسمى، أي: مقدر البقاء في الدنيا، بقضاء اللّه و قدره، إلى وقت محدود، و ليس المتاع أبدا، فإن الموت لا بد منه، و لهذا قال: إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذا جاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ‏ كما كفرتم باللّه، و عاندتم الحقّ، فلم يجيبوا لدعوته، و لا انقادوا لأمره، فقال شاكيا لربه:

[5- 6] رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَ نَهاراً فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعائِي إِلَّا فِراراً (6)، أي: نفورا عن الحقّ و إعراضا، فلم يبق لذلك فائدة، لأن فائدة الدعوة أن يحصل جميع المقصود أو بعضه.

[7] وَ إِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ‏ ، أي:

لأجل أن يستجيبوا، فإذا استجابوا، غفرت لهم، و هذا محض مصلحتهم، و لكن أبوا، إلا تماديا على باطلهم، و نفورا عن الحقّ. جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ‏ حذر سماع ما يقول لهم نبيهم نوح عليه السّلام. وَ اسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ‏ ، أي:

تغطوا بها غطاء يغشاهم، بعدا عن الحقّ، و بغضا له. وَ أَصَرُّوا على كفرهم و شرهم‏ وَ اسْتَكْبَرُوا على الحقّ‏ اسْتِكْباراً ، فشرّهم ازداد، و خيرهم بعد.

[8] ثُمَّ إِنِّي دَعَوْتُهُمْ جِهاراً (8)، أي: بمسمع منهم كلهم.

[9] ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَ أَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً (9)، كل هذا حرص و نصح، و إتيانهم بكل طريق يظن به حصول المقصود.

[10] فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ‏ ، أي: اتركوا ما أنتم عليه من الذنوب، و استغفروا اللّه منها. إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً كثير المغفرة لمن تاب و استغفر، فرغبهم بمغفرة الذنوب، و ما يترتب عليها من الثواب، و اندفاع العقاب.

[11] و رغّبهم أيضا بخير الدنيا العاجل، فقال: يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً (11)، أي: مطرا متتابعا، يروي الشعاب و الوهاد، و يحيي البلاد و العباد.

[12] وَ يُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَ بَنِينَ‏ ، أي: يكثر أموالكم، الّتي تدركون بها ما تطلبون من الدنيا، و أولادكم. وَ يَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَ يَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً و هذا من أبلغ ما يكون من لذات الدنيا و مطالبها.

[13] ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً (13)، أي: لا تخافون للّه عظمة، و ليس له عندكم قدر.

[14] وَ قَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً (14)، أي: خلقا من بعد خلق، في بطن الأم، ثمّ في الرضاع، ثمّ في سن الطفولة، ثمّ التمييز، ثمّ الشباب. ثمّ إلى آخر ما يصل إليه الخلق، فالذي انفرد بالخلق و التدبير البديع، متعين أن يفرد بالعبادة و التوحيد. و في ذكر ابتداء خلقهم تنبيه لهم على المعاد، و أن الذي أنشأهم من العدم قادر على أن يعيدهم بعد موتهم.

[15] و استدل أيضا بخلق السماوات، الّتي هي أكبر من خلق الناس، فقال: أَ لَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً (15)، أي: كل سماء فوق الأخرى.

[16] وَ جَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً لأهل الأرض‏ وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً .

ففيه تنبيه على عظم خلق هذه الأشياء، و كثرة المنافع في الشمس و القمر الدالة على رحمة اللّه و سعة إحسانه، فالعظيم الرحيم، يستحق أن يعظم و يحب و يخاف و يرجى.

[17] وَ اللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (17) حين خلق أباكم آدم و أنتم في صلبه.

[18] ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها عند الموت‏ وَ يُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً للبعث و النشور، فهو الذي يملك الحياة و الموت‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1070

و النشور.

[19] وَ اللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً (19)، أي:

مبسوصة مهيأة للانتفاع بها.

[20] لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً (20) فلو لا أنه بسطها، لما أمكن ذلك، بل و لا أمكنهم حرثها و غرسها، و زرعها، و البناء و السكون على ظهرها.

[21] قالَ نُوحٌ‏ شاكيا لربه: إن هذا الكلام و الوعظ و التذكير، ما نجع فيهم و لا أفاد. رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي‏ فيما أمرتهم به‏ وَ اتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مالُهُ وَ وَلَدُهُ إِلَّا خَساراً ، أي:

عصوا الرسول الناصح الدال على الخير، و اتبعوا الملأ و الأشراف الّذين لم تزدهم أموالهم و لا أولادهم إلّا خسارا، أي: هلاكا و تفويتا للأرباح، فكيف بمن انقاد لهم و أطاعهم؟

[22] وَ مَكَرُوا مَكْراً كُبَّاراً (22)، أي: مكرا كبيرا بليغا في معاندة الحقّ.

[23] وَ قالُوا لهم داعين إلى الشرك مزينين‏ لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ‏ فدعوهم إلى التعصب على ما هم عليه من الشرك، و أن لا يدعوا ما عليه آباؤهم الأقدمون. ثمّ عينوا آلهتهم، فقالوا: وَ لا تَذَرُنَّ وَدًّا وَ لا سُواعاً وَ لا يَغُوثَ وَ يَعُوقَ وَ نَسْراً . و هذه أسماء رجال صالحين، لما ماتوا، زين الشيطان لقومهم أن يصوروا صورهم، لينشطوا- بزعمهم- على الطاعة، إذ رأوها. ثمّ طال الأمد، و جاء غير أولئك فقال لهم الشيطان: إن أسلافكم كانوا يعبدونهم، و يتوسلون بهم، و بهم يسقون المطر، فعبدوهم. و لهذا وصى رؤساؤهم للتابعين لهم، أن لا يدعوا عبادة هذه الأصنام.

[24] وَ قَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً ، أي: أضل الكبار و الرؤساء بدعوتهم، كثيرا من الخلق. وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا ، أي: لو كان ضلالهم عند دعوتي إياهم للحق، لكان مصلحة، و لكن لا يزيدون بدعوة الرؤساء إلا ضلالا، أي: فلم يبق محل لنجاحهم و صلاحهم، و لهذا ذكر اللّه عذابهم و عقوبتهم الدنيوية و الأخروية، فقال:

[25] مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا في اليم الذي أحاط بهم‏ فَأُدْخِلُوا ناراً ، فذهبت أجسادهم في الغرق، و أرواحهم للنار و الحرق. و هذا كله بسبب خطيئاتهم، الّتي أتاهم نبيهم ينذرهم عنها، و يخبرهم بشؤمها و سوء مغبتها، فرفضوا ما قال، حتى حل بهم النكال. فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً ينصرونهم حين نزل بهم الأمر، و لا أحد يقدر على أن يعارض القضاء و القدر.

[26] وَ قالَ نُوحٌ رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً (26) يدور على وجه الأرض.

[27] و ذكر السبب، فقال: إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً (27)، أي:

بقاؤهم مفسدة محضة، لهم و لغيرهم. و إنّما قال نوح ذلك، لأنه مع كثرة مخالطته إياهم، و مزاولته لأخلاقهم، علم بذلك، نتيجة أعمالهم، فلهذا استجاب اللّه له دعوته، فأغرقهم أجمعين، و نجى نوحا و من معه من المؤمنين.

[28] رَبِّ اغْفِرْ لِي وَ لِوالِدَيَّ وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً خص المذكورين لتأكد حقهم و تقديم برهم، ثمّ عمم الدعاء، فقال: وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً ، أي: خسارا، و دمارا و هلاكا. تم تفسير سورة نوح- و الحمد.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1071

سورة الجن‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] أي: قُلْ‏ يا أيها الرسول للناس‏ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ‏ صرفهم اللّه إلى رسوله، لسماع آياته، لتقوم عليهم الحجة، و تتم عليهم النعمة، و يكونوا منذرين لقومهم. و أمر رسوله، أن يقص نبأهم على الناس، و ذلك:

أنهم لما حضروه، قالوا: أنصتوا، فلما أنصتوا، فهموا معانيه، و وصلت حقائقه إلى قلوبهم. فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً ، أي: من العجائب الغالية، و المطالب العالية.

[2] يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ ، و الرشد: اسم جامع لكل ما يرشد الناس إلى مصالح دينهم و دنياهم. فَآمَنَّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً فجمعوا بين الإيمان، الذي يدخل فيه جميع أعمال الخير، و بين التقوى، المتضمنة لترك الشر. و يجعلوا السبب الداعي لهم إلى الإيمان و توابعه، ما علموه من إرشادات القرآن، و ما اشتمل عليه من المصالح و الفوائد، و اجتناب المضار، فإن ذلك آية عظيمة، و حجة قاطعة، لمن استنار به، و اهتدى بهديه. و هذا هو الإيمان النافع، المثمر لكل خير، المبني على هداية القرآن، بخلاف إيمان العوائد، و المربى، و الإلف و نحو ذلك، فإنه إيمان تقليد تحت خطر الشبهات و العوارض الكثيرة.

[3] وَ أَنَّهُ تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا ، أي: تعالت عظمته و تقدست أسماؤه. مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً فعلموا من جد اللّه و عظمته، ما دلهم على بطلان من يزعم أن له صاحبة أو ولدا، لأن له العظمة و الجلال في كلّ صفة كمال. و اتخاذ الصاحبة و الولد ينافي ذلك، لأنه يضاد كمال الغنى.

[4] وَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً (4)، أي: قولا جائرا عن الصواب، متعديا للحد، و ما حمله على ذلك، إلا سفهه، و ضعف عقله، و إلّا فلو كان رزينا مطمئنا، لعرف كيف يقول:

[5] وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (5)، أي: كنا مغترين قبل ذلك، غرتنا السادة و الرؤساء من الجن و الإنس، فأحسنا بهم الظن، و حسبناهم لا يتجرأون على الكذب على اللّه، فلذلك كنا قبل ذلك على طريقهم. فاليوم إذ بان لنا الحقّ، سلكنا طريقه، و انقدنا له، و لم نبال بقول أحد من الخلق، يعارض الهدى.

[6] وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (6) أي: كان الإنس يعوذون بالجن، عند المخاوف و الأفزاع و يعبدونهم، فزاد الإنس الجن رهقا، أي: طغيانا و تكبرا، لما رأوا الإنس يعبدونهم، و يستعيذون بهم. و يحتمل أن الضمير و هو «الواو» يرجع إلى الجن، أي: زاد الجن الإنس ذعرا و تخويفا لما رأوهم يستعيذون بهم، ليلجئوهم إلى الاستعاذة بهم، و التمسك بما هم عليه، فكان الإنسي إذا نزل بواد مخوف، قال: «أعوذ بسيد هذا الوادي من سفهاء قومه».

[7] وَ أَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (7)، أي: فلما أنكروا البعث، أقدموا على الشرك و الطغيان.

[8] وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ ، أي: أتيناها و اختبرناها، فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً عن الوصول إلى أرجائها،

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1072

و الدنو منها. وَ شُهُباً يرمى بها من استرق السمع، و هذا مخالف لعادتنا الأولى، فإنا كنا نتمكن من الوصول إلى خبر السماء.

[9] وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ‏ فنتلقف من أخبار السماء ما شاء اللّه. فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً ، أي: مرصدا له، معدا لإتلافه و إحراقه، أي:

و هذا له شأن عظيم، و نبأ جسيم.

[10] و جزموا أن اللّه تعالى، أراد أن يحدث في الأرض حادثا كبيرا، من خير أو شر، فلهذا قالوا: وَ أَنَّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (10)، أي: لا بد من هذا أو هذا، لأنهم رأوا الأمر تغير عليهم تغيرا أنكروه، فعرفوا بفطنتهم، أن هذا الأمر يريده اللّه، و يحدثه في الأرض. و في هذا بيان لأدبهم، إذ أضافوا الخير إلى اللّه تعالى، و الشر حذفوا فاعله تأدبا.

[11] وَ أَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَ مِنَّا دُونَ ذلِكَ‏ ، أي: فساق و فجار و كفار. كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً ، أي: فرقا متنوعة، و أهواء متفرقة، كل حزب بما لديهم فرحون.

[12] وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَ لَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (12)، أي: و أنا في وقتنا الآن تبين لنا كمال قدرة اللّه، و كمال عجزنا، و أن نواصينا بيد اللّه، فلن نعجزه في الأرض، و لن نعجزه إن هربنا، و سعينا بأسباب الفرار و الخروج عن قدرته، لا ملجأ منه، إلا إليه.

[13] وَ أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى‏ و هو القرآن الكريم، الهادي إلى الصراط المستقيم، و عرفنا هدايته و إرشاده، أثّر في قلوبنا و آمَنَّا بِهِ‏ . ثمّ ذكروا ما يرغب المؤمن فقالوا: فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً ، أي: من آمن به إيمانا صادقا، فلا عليه نقص، و لا أذى يلحقه، و إذا سلم من الشر، حصل له الخير، فالإيمان سبب داع إلى كل خير، و انتفاء كلّ شر.

[14] وَ أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَ مِنَّا الْقاسِطُونَ‏ ، أي: الجائرون، العادلون، عن الصراط المستقيم. فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً ، أي: أصابوا طريق الرشد، الموصل لهم إلى الجنة و نعيمها.

[15] وَ أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (15) و ذلك جزاء على أعمالهم، لا ظلم من اللّه لهم.

[16] وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ المثلى‏ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً ، أي: هنيئا مريئا، و لم يمنعهم من ذلك، إلا ظلمهم و عدوانهم.

[17] لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ‏ ، أي: لنختبرهم و نمتحنهم ليظهر الصادق من الكاذب. وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً ، أي: من أعرض عن ذكر اللّه، الذي هو كتابه، فلم يتبعه، و ينقد له، بل لها عنه و غفل، يسلكه عذابا صعدا، أي: بليغا شديدا.

[18] وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18)، أي: لا دعاء عبادة، و لا دعاء مسألة، فإن المساجد، الّتي هي أعظم محالّ للعبادة، مبنية على الإخلاص للّه، و الخضوع لعظمته، و الاستكانة لعزته.

[19] وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ‏ ، أي: يسأله و يتعبد له، و يقرأ القرآن. كادُوا ، أي: الجن من تكاثرهم عليه‏ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً ، أي: متلبدين متراكمين، حرصا على ما جاء به من الهدى.

[20] قُلْ‏ لهم يا أيها الرسول، مبينا حقيقة ما تدعو إليه: إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَ لا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً ، أي: أوحده، وحده لا شريك له، و أخلع ما دونه من الأنداد و الأوثان، و كلّ ما يتخذه المشركون من دونه.

[21] قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا رَشَداً (21)، فإني‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1073

عبد ليس لي من الأمر و التصرف شي‏ء.

[22] قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ أي: لا أحد أستجير به ينقذني من عذاب اللّه. و إذا كان الرسول الذي هو أكمل الخلق، لا يملك ضرا و لا رشدا، و لا يمنع نفسه من اللّه شيئا، إن أراده بسوء، فغيره من الخلق، من باب أولى و أحرى. وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً ، أي: ملجأ و منتصرا

[23] إِلَّا بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَ رِسالاتِهِ‏ ، أي: ليس لي مزية على الناس، إلا أن اللّه خصني بإبلاغ رسالاته و دعوة خلقه إليه، و بذلك تقوم الحجة على الناس. وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ، و هذا المراد به المعصية الكفرية، كما قيدتها النصوص الأخر المحكمة. و أما مجرد المعصية، فإنه لا يوجب الخلود في النار، كما دلت على ذلك آيات القرآن، و الأحاديث عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و أجمع عليه سلف الأمة، و أئمة هذه الآمة.

[24] حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ‏ ، أي: شاهدوه عيانا، و جزموا أنه واقع بهم. فَسَيَعْلَمُونَ‏ في ذلك الوقت حقيقة المعرفة مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً حين لا ينصرهم غيرهم، و لا أنفسهم ينتصرون، و إذ يحشرون فرادى كما خلقوا أول مرة.

[25] قُلْ‏ لهم إن سألوك فقالوا: مَتى‏ هذَا الْوَعْدُ* ؟ إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً ، أي: غاية طويلة، فعلم ذلك، عند اللّه.

[26] عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً (26) من الخلق، بل انفرد بعلم الضمائر و الأسرار، و الغيوب.

[27] إِلَّا مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ‏ ، أي: فإنه يخبره بما اقتضت حكمته، أن يخبره به. و ذلك لأن الرسل، ليسوا كغيرهم، فإن اللّه أيدهم بتأييد ما أيده أحدا من الخلق، و حفظ ما أوحاه إليهم حتى يبلغوه على حقيقته، من غير أن تقربه الشياطين، فيزيدوا فيه أو ينقصوا، و لهذا قال: فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً ، أي: يحفظونه بأمر اللّه.

[28] لِيَعْلَمَ‏ بذلك‏ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ‏ بما جعله لهم من الأسباب. وَ أَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ‏ ، أي: بما عندهم، و ما أسروه و ما أعلنوه. وَ أَحْصى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عَدَداً .

في هذه السورة فوائد عديدة:

منها: وجود الجن، و أنهم مأمورون منهيون، و مجازون بأعمالهم، كما هو صريح في هذه السورة. و منها: أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم مبعوث إلى الجن، كما هو مبعوث إلى الإنس، فإن اللّه صرف نفرا من الجن، ليستمعوا ما يوحى إليه، و يبلغوا قومهم. و منها: ذكاء الجن، و معرفتهم بالحق، و أن الذي ساقهم إلى الإيمان هو ما تحققوه من هداية القرآن، و حسن أدبهم في خطابهم. و منها: اعتناء اللّه برسوله، و حفظه لما جاء به. فحين ابتدأت بشائر نبوته، و السماء محروسة بالنجوم، و الشياطين قد هربت من أماكنها، و أزعجت عن مراصدها، و أن اللّه رحم به أهل الأرض رحمة ما يقدر لها قدر، و أراد بهم ربهم رشدا، فأراد أن يظهر من دينه و شرعه، و معرفته في الأرض، ما تبتهج به القلوب، و تفرح به أولو الألباب، و تظهر به شعائر الإسلام، و ينقمع به أهل الأوثان و الأصنام. و منها: شدة حرص الجن على استماعهم للرسول صلّى اللّه عليه و سلّم، و تراكمهم عليه. و منها: أن هذه السورة، قد اشتملت على الأمر بالتوحيد و النهي عن‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1074

الشرك، و بينت حالة الخلق، و أن كلّ أحد منهم لا يستحق من العبادة مثقال ذرة؛ لأن الرسول محمدا صلّى اللّه عليه و سلّم، إذا كان لا يملك لأحد نفعا و لا ضرا، بل و لا يملك لنفسه، علم أن الخلق كلهم كذلك، فمن الخطأ و الظلم اتخاذ من هذا وصفه إلها آخر. و منها: أن علوم الغيوب قد انفرد اللّه بعلمها، فلا يعلمها أحد من الخلق، إلا من ارتضاه و اختصه بعلم شي‏ء منها. تم تفسير سورة الجن- و الحمد للّه رب العالمين.

تفسير سورة المزمل‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] المزمل: المتغطي بثيابه كالمدثر، و هذا الوصف، حصل من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، حين أكرمه اللّه برسالته، و ابتدأه بإنزال وحيه بإرسال جبريل إليه، فرأى أمرا لم ير مثله، و لا يقدر على الثبات عليه إلا المرسلون، فاعتراه عند ذلك انزعاج، حين رأى جبريل عليه السّلام، فأتى إلى أهله فقال: «زملوني زملوني» و هو ترعد فرائصه. ثمّ جاءه جبريل، فقال: «اقرأ»، فقال: «ما أنا بقارئ»، فغطه حتى بلغ منه الجهد، و هو يعالجه على القراءة، فقرأ صلّى اللّه عليه و سلّم. ثمّ ألقى اللّه عليه الثبات، و تابع عليه الوحي، حتى بلغ مبلغا ما بلغه أحد من المرسلين. فسبحان اللّه، ما أعظم التفاوت بين ابتداء نبوته و نهايتها، و لهذا خاطبه اللّه بهذا الوصف، الذي وجد منه أول أمره. فأمره هنا بالعبادات المتعلقة به، ثمّ أمره بالصبر على أذية قومه، ثمّ أمره بالصدع بأمره، و إعلان دعوتهم إلى اللّه.

[2] فأمره هنا بأشرف العبادات، و هي الصلاة، و بآكد الأوقات و أفضلها، و هو قيام الليل. و من رحمته به، أنه لم يأمره بقيام الليل كله، بل قال: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2).

[3] ثمّ قدر ذلك، فقال: نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ‏ ، أي: من النصف‏ قَلِيلًا بأن يكون الثلث و نحوه‏

[4] أَوْ زِدْ عَلَيْهِ‏ ، أي: على النصف، فيكون نحو الثلثين. وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا فإن ترتيل القرآن به يحصل التدبر و التفكر، و تحريك القلوب به، و التعبد بآياته، و التهيؤ و الاستعداد التام له.

[5] فإنه قال: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)، أي: نوحي إليك هذا القرآن الثقيل، أي: العظيمة معانيه، الجليلة أوصافه، و ما كان بهذا الوصف، حقيق أن يتهيأ له، و يرتل، و يتفكر فيما يشتمل عليه. ثمّ ذكر الحكمة في أمره بقيام الليل، فقال:

[6] إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ‏ ، أي: الصلاة فيه بعد النوم‏ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا ، أي: أقرب إلى حصول مقصود القرآن، يتواطأ عليه القلب و اللسان، و تقل الشواغل، و يفهم ما يقول، و يستقيم له أمره. و هذا بخلاف النهار، فإنه لا تحصل به هذه المقاصد، و لهذا قال:

[7] إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا (7)، أي: ترددا في حوائجك و معاشك، يوجب اشتغال القلب، و عدم تفرغه التفرغ التام.

[8] وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ‏ شامل لأنواع الذكر كلها وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ، أي: انقطع إليه، فإن الانقطاع إلى اللّه، و الإنابة إليه، هو الانفصال بالقلب عن الخلائق، و الاتصاف بمحبة اللّه، و ما يقرب إليه، و يدني من رضاه.

[9] رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ‏ و هذا اسم جنس، يشمل المشارق و المغارب كلها، فهو تعالى رب المشارق و المغارب، و ما يكون فيها من الأنوار، و ما هي مصلحة له من العالم العلوي و السفلي، فهو رب كلّ شي‏ء، و خالقه، و مدبره.

لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ، أي: لا معبود إلا وجهه الأعلى، الذي يستحق أن يخص بالمحبة و التعظيم، و الإجلال و التكريم، و لهذا قال: فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ، أي: حافظا و مدبرا لأمورك كلها.

صفحه بعد