کتابخانه تفاسیر
تيسير الكريم الرحمن، ص: 1126
طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ الآية. تم تفسير سورة التكاثر- و للّه الحمد و الفضل.
سورة العصر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1- 3] أقسم تعالى بالعصر، الذي هو الليل و النهار، محل أفعال العباد و أعمالهم أن كلّ إنسان خاسر، و الخاسر ضد الرابح. و الخسار مراتب متعددة متفاوته: قد يكون خسارا مطلقا، كحال من خسر الدنيا، و الآخرة، وفاته النعيم، و استحق الجحيم. و قد يكون خاسرا من بعض الوجوه، دون بعض، و لهذا عمم اللّه الخسار لكل إنسان، إلّا من اتصف بأربع صفات: الإيمان بما أمر اللّه بالإيمان به، و لا يكون الإيمان بدون العلم، فهو فرع عنه، لا يتم إلّا به. و العمل الصالح، و هذا شامل لأفعال الخير كلها، الظاهرة، و الباطنة، المتعلقة بحقوق اللّه، و حقوق عباده، الواجبة و المستحبة. و التواصي بالحق، الذي هو الإيمان و العمل الصالح، أي: يوصي بعضهم بعضا بذلك، و يحثه عليه، و يرغّبه فيه. و التواصي بالصبر على طاعة اللّه، و عن معصية اللّه، و على أقدار اللّه المؤلمة. فبالأمرين الأولين يكمل العبد نفسه، و بالأمرين الأخيرين، يكمل غيره.
و بتكميل الأمور الأربعة، يكون العبد، قد سلم من الخسار، و فاز بالربح العظيم. تم تفسير سورة العصر- بحمد اللّه و فضله.
تفسير سورة الهمزة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1- 2] وَيْلٌ ، أي: وعيد، و وبال، و شدة عذاب لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ، أي: الذي يهمز الناس بفعله، و يلمزهم بقوله. فالهماز: الذي يعيب الناس، و يطعن عليهم بالإشارة و الفعل، و اللماز: الذي يعيبهم بقوله. و من صفة هذا الغماز، أنه لا همّ له سوى جمع المال و تعديده، و الغبطة به، و ليس له رغبة في إنفاقه، في طرق الخيرات، و صلة الأرحام، و نحو ذلك.
[3] يَحْسَبُ بجهله أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ في الدنيا، فلذلك كان كده و سعيه، في تنمية ماله، الذي يظن أنه ينمي عمره.
تيسير الكريم الرحمن، ص: 1127
[4- 5] كَلَّا لَيُنْبَذَنَ ، أي: ليطرحن فِي الْحُطَمَةِ وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) تعظيم لها، و تهويل لشأنها. ثمّ فسرها بقوله: [6- 7] نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) التي وقودها الناس و الحجارة و الَّتِي من شدتها تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ، أي: تنفذ من الأجساد إلى القلوب. و مع هذه الحرارة البليغة هم محبوسون فيها، قد أيسوا من الخروج منها. و لهذا قال:
[8- 9] إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8)، أي: مغلقة، فِي عَمَدٍ من خلف الأبواب مُمَدَّدَةٍ لئلا يخرجوا منها. كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها . نعوذ باللّه من ذلك، و نسأله العفو و العافية. تم تفسير سورة الهمزة- و للّه الحمد و الشكر.
سورة الفيل
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1- 5] أي: أما رأيت من قدرة اللّه، و عظيم شأنه، و رحمته بعباده، و أدلة توحيده، و صدق رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم، ما فعله اللّه بأصحاب الفيل، الذين كادوا بيته الحرام، و أرادوا إخرابه. فتجهزوا لأجل ذلك، و استصحبوا معهم الفيلة لهدمه، و جاءوا بجمع لا قبل للعرب به، من الحبشة و اليمن. فلما انتهوا إلى قرب مكة، و لم يكن بالعرب مدافعة، و خرج أهل مكة خوفا منهم، أرسل اللّه عليهم طيرا أبابيل، أي: متفرقة، تحمل أحجارا محماة، من سجيل. فرمتهم بها، و تتبعت قاصيهم و دانيهم. فخمدوا و همدوا، و صاروا كعصف مأكول. و كفى اللّه شرهم، ورد كيدهم في نحورهم. و قصتهم معروفة مشهورة، و كانت تلك السنة التي ولد فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم. فصارت من جملة إرهاصات دعوته، و أدلة رسالته، فللّه الحمد و الشكر. تم تفسير سورة الفيل- بحمد اللّه و فضله.
تفسير سورة قريش
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1- 2] قال كثير من المفسرين: إن الجار و المجرور متعلق بالسورة التي قبلها، أي: فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش و أمنهم، و استقامة مصالحهم، و انتظام رحلتهم في الشتاء لليمن، و في الصيف للشام، لأجل التجارة و المكاسب. فأهلك اللّه من أرادهم بسوء، و عظم أمر الحرم و أهله في قلوب العرب، حتى احترموهم، و لم
تيسير الكريم الرحمن، ص: 1128
يعترضوا لهم، في أي سفر أرادوا.
[3] و لهذا أمرهم اللّه بالشكر، فقال؛ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (3)، أي: ليوحدوه، و يخلصوا له العبادة.
[4] الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4) فرغد الرزق و الأمن من الخوف، من أكبر النعم الدنيوية، الموجبة لشكر اللّه تعالى. فلك اللهم الحمد و الشكر، على نعمك الظاهرة و الباطنة. و خصّ اللّه الربوبية بالبيت، لفضله و شرفه، و إلا فهو رب كل شيء. تم تفسير سورة قريش- بعون اللّه و تيسيره.
سورة الماعون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1)، أي: بالبعث و الجزاء، فلا يؤمن بما جاءت به الرسل.
[2] فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2)، أي: يدفعه بعنف و شدة، و لا يرحمه لقساوة قلبه؛ و لأنه لا يرجو ثوابا، و لا يخاف عقابا.
[3] وَ لا يَحُضُ غيره عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ ، و من باب أولى أنه بنفسه لا يطعم المسكين.
[4- 5] فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)، أي: الملتزمين لإقامة الصلاة، و لكنهم عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ ، أي:
مضيعون لها، تاركون لوقتها، و مخلون بأركانها. و هذا لعدم اهتمامهم بأمر اللّه حيث ضيعوا الصلاة، التي هي أهم الطاعات. و السهو عن الصلاة، هو الذي يستحق صاحبه الذم و اللوم. و أما السهو في الصلاة، فهذا يقع من كل أحد، حتى من النبي صلّى اللّه عليه و سلم. و لهذا وصف اللّه هؤلاء بالرياء و القسوة، و عدم الرحمة، فقال:
[6] الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ (6)، أي: يعملون الأعمال، لأجل رئاء الناس.
[7] وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ (7)، أي: يمنعون إعطاء الشيء، الذي لا يضر إعطاؤه على وجه العارية، أو الهبة، كالإناء، و الدلو، و الفأس، و نحو ذلك، مما جرت العادة ببذله، و السماح به. فهؤلاء- لشدة حرصهم- يمنعون الماعون، فكيف بما هو أكثر منه. و في هذه السورة، الحث على إطعام اليتيم، و المساكين، و التحضيض على ذلك، و مراعاة الصلاة، و المحافظة عليها، و على الإخلاص فيها، و في سائر الأعمال. و الحث على فعل المعروف، و بذل الأموال الخفيفة، كعارية الإناء، و الدلو، و الكتاب، و نحو ذلك، لأن اللّه، ذم من لم يفعل ذلك، و اللّه سبحانه أعلم. تم تفسير سورة الماعون- بعون اللّه و معونته.
تيسير الكريم الرحمن، ص: 1129
سورة الكوثر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] يقول اللّه تعالى لنبيه محمد صلّى اللّه عليه و سلم: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1)، أي: الخير الكثير، و الفضل الغزير، الذي من جملته، ما يعطيه اللّه لنبيه صلّى اللّه عليه و سلم، من النهر الذي يقال له «الكوثر». و من الحوض، طوله شهر، و عرضه شهر، ماؤه أشد بياضا من اللبن، و أحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء في كثرتها، و استنارتها، من شرب منه شربة، لم يظمأ بعدها أبدا. و لما ذكر منته عليه، أمره بشكرها فقال:
[2] فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (2) خصّ هاتين العبادتين بالذكر، لأنهما أفضل العبادات، و أجلّ القربات. و لأن الصلاة تتضمن الخضوع في القلب و الجوارح للّه، و تنقله في أنواع العبودية. و في النحر، تقرب إلى اللّه، بأفضل ما عند العبد، من الأضاحي، و إخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته، و الشح به.
[3] إِنَّ شانِئَكَ ، أي: مبغضك و ذامك، و منتقصك هُوَ الْأَبْتَرُ ، أي: المقطوع من كل خير، مقطوع العمل، مقطوع الذكر. و أما محمد صلّى اللّه عليه و سلم، فهو الكامل حقا، الذي له الكمال الممكن للمخلوق، من رفع الذكر، و كثرة الأنصار و الأتباع، صلّى اللّه عليه و سلّم. تم تفسير سورة الكوثر- فللّه الحمد و الشكر.
تفسير سورة الكافرون
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1- 2] أي: قل للكافرين معلنا و مصرحا لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ (2)، أي: تبرّأ مما كانوا يعبدون من دون اللّه، ظاهرا و باطنا.
[3] وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (3) لعدم إخلاصكم في عبادتكم للّه، فعبادتكم له، المقترنة بالشرك، لا تسمى عبادة. و كرر ذلك، ليدل الأول على عدم وجود الفعل، و الثاني، على أن ذلك قد صار وصفا لازما. و لهذا ميز بين الفريقين، و فصل بين الطائفتين، فقال:
[6] لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ (6) كما قال تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَ أَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ . تم تفسير سورة الكافرون- بفضل اللّه و تيسيره.
تيسير الكريم الرحمن، ص: 1130
سورة النصر
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1- 3] في هذه السورة الكريمة، بشارة و أمر لرسوله عند حصولها، و إشارة و تنبيه على ما يترتب على ذلك.
فالبشارة هي: البشارة بنصر اللّه لرسوله، و فتحه مكة، و دخول الناس في دين اللّه أفواجا، بحيث يكون كثير منهم من أهله و أنصاره، بعد أن كانوا من أعدائه، و قد وقع هذا المبشر به. و أما الأمر بعد حصول النصر و الفتح، فأمر رسوله أن يشكره على ذلك، و يسبح بحمده و يستغفره. و أما الإشارة، فإن في ذلك إشارتين: إشارة أن النصر يستمر للدين، و يزداد عند حصول التسبيح بحمد اللّه و استغفاره، من رسوله، فإن هذا من الشكر، و اللّه يقول: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ . و قد وجد ذلك في زمن الخلفاء الراشدين و بعدهم في هذه الأمة. لم يزل نصر اللّه مستمرا، حتى وصل الإسلام إلى ما لم يصل إليه دين من الأديان، و دخل فيه من لم يدخل في غيره، حتى حدث من الأمة من مخالفة أمر اللّه ما حدث، فابتلوا بتفرق الكلمة، و تشتت الأمر، فحصل ما حصل. و مع هذا، فلهذه الأمة، و هذا الدين، من رحمة اللّه و لطفه، ما لا يخطر بالبال، و يدور في الخيال. و أما الإشارة الثانية، فهي إلى أن أجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قد قرب و دنا، و وجه ذلك أن عمره، عمر فاضل، أقسم اللّه به. و قد عهد أن الأمور الفاضلة، تختم بالاستغفار، كالصلاة، و الحج، و غير ذلك. فأمر اللّه لرسوله بالحمد و الاستغفار في هذه الحال، إشارة إلى أن أجله قد انتهى، فليستعد و يتهيأ للقاء ربه، و يختم عمره بأفضل ما يجده صلوات اللّه و سلامه عليه. فكان يتأول القرآن، و يقول ذلك في صلاته يكثر أن يقول في ركوعه و سجوده:
«سبحانك اللهم ربنا و بحمدك، اللهم اغفر لي». تم تفسير سورة النصر- بتيسير اللّه و معونته.
تفسير سورة المسد
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] أبو لهب، هو عم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و كان شديد العداوة و الأذية له، فلا دين له، و لا حمية للقرابة، قبّحه اللّه.
فذمّه اللّه بهذا الذم العظيم، الذي هو خزي عليه إلى يوم القيامة، فقال: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ ، أي: خسرت يداه
تيسير الكريم الرحمن، ص: 1131
و شقي وَ تَبَ فلم يربح.
[2] ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ الذي كان عنده، فأطغاه. وَ ما كَسَبَ لم يرد عنه شيئا من عذاب اللّه، إذا نزل به.
[3] سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (3)، أي: ستحيط به النار من كل جانب، هو
[4- 5] وَ امْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4). و كانت أيضا شديدة الأذية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، تتعاون هي و زوجها على الإثم و العدوان، و تلقي الشر، و تسعى غاية ما تقدر عليه في أذية الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم، و تجمع على ظهرها الأوزار، بمنزلة من يجمع حطبا، قد أعد له في عنقه حبلا مِنْ مَسَدٍ ، أي:
من ليف. أو أنها تحمل في النار الحطب على زوجها، متقلدة في عنقها حبلا من مسد. و على كل، ففي هذه السورة، آية باهرة من آيات اللّه. فإن اللّه أنزل هذه السورة و أبو لهب و امرأته لم يهلكا. و أخبر أنهما سيعذبان في النار، و لا بد من لازم ذلك أنهما لا يسلمان. فوقع كما أخبر عالم الغيب و الشهادة. تم تفسير سورة المسد- بعون اللّه و تيسيره.
تفسير سورة الإخلاص
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] أي: قُلْ قولا جازما به، معتقدا له، عارفا بمعناه. هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، و الذي له الأسماء الحسنى، و الصفات الكاملة العليا، و الأفعال المقدسة، الذي لا نظير له و لا مثيل.
[2] اللَّهُ الصَّمَدُ (2)، أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي و السفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، و يرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه. الحليم الذي كمل في حلمه. الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، و هكذا سائر أوصافه.
[3- 4] و من كماله، أنه لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ (3) لكمال غناه، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)، لا في أسمائه، و لا في صفاته، و لا في أفعاله، تبارك و تعالى. فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء و الصفات. تم تفسير سورة الإخلاص- و للّه الحمد و الشكر.
تيسير الكريم الرحمن، ص: 1132
سورة الفلق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] أي: قُلْ متعوذا أَعُوذُ ، أي: الجأ، و ألوذ، و أعتصم بِرَبِّ الْفَلَقِ ، أي: فالق الحب و النوى، و فالق الإصباح.
[2] مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (2) و هذا يشمل جميع ما خلق اللّه، من إنس، و جن، و حيوانات، فيستعاذ بخالقها من الشر الذي فيها.
[3] ثم خص بعد ما عمّ، فقال: وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (3)، أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى النعاس، و ينتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، و الحيوانات المؤذية.
[4] وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (4)، أي: و من شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.
[5] وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (5)، و الحاسد: هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها، بما يقدر عليه من الأسباب. فاحتيج إلى الاستعاذة باللّه من شره، و إبطال كيده. و يدخل في الحاسد، العاين؛ لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس. فهذه السورة تضمنت الاستعاذة، من جميع أنواع الشرور، عموما و خصوصا. و دلّت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، و يستعاذ باللّه منه، و من أهله.
تفسير سورة الناس