کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1127

[4- 5] كَلَّا لَيُنْبَذَنَ‏ ، أي: ليطرحن‏ فِي الْحُطَمَةِ وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) تعظيم لها، و تهويل لشأنها. ثمّ فسرها بقوله: [6- 7] نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) التي وقودها الناس و الحجارة و الَّتِي‏ من شدتها تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ، أي: تنفذ من الأجساد إلى القلوب. و مع هذه الحرارة البليغة هم محبوسون فيها، قد أيسوا من الخروج منها. و لهذا قال:

[8- 9] إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8)، أي: مغلقة، فِي عَمَدٍ من خلف الأبواب‏ مُمَدَّدَةٍ لئلا يخرجوا منها. كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها . نعوذ باللّه من ذلك، و نسأله العفو و العافية. تم تفسير سورة الهمزة- و للّه الحمد و الشكر.

سورة الفيل‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 5] أي: أما رأيت من قدرة اللّه، و عظيم شأنه، و رحمته بعباده، و أدلة توحيده، و صدق رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم، ما فعله اللّه بأصحاب الفيل، الذين كادوا بيته الحرام، و أرادوا إخرابه. فتجهزوا لأجل ذلك، و استصحبوا معهم الفيلة لهدمه، و جاءوا بجمع لا قبل للعرب به، من الحبشة و اليمن. فلما انتهوا إلى قرب مكة، و لم يكن بالعرب مدافعة، و خرج أهل مكة خوفا منهم، أرسل اللّه عليهم طيرا أبابيل، أي: متفرقة، تحمل أحجارا محماة، من سجيل. فرمتهم بها، و تتبعت قاصيهم و دانيهم. فخمدوا و همدوا، و صاروا كعصف مأكول. و كفى اللّه شرهم، ورد كيدهم في نحورهم. و قصتهم معروفة مشهورة، و كانت تلك السنة التي ولد فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم. فصارت من جملة إرهاصات دعوته، و أدلة رسالته، فللّه الحمد و الشكر. تم تفسير سورة الفيل- بحمد اللّه و فضله.

تفسير سورة قريش‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 2] قال كثير من المفسرين: إن الجار و المجرور متعلق بالسورة التي قبلها، أي: فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش و أمنهم، و استقامة مصالحهم، و انتظام رحلتهم في الشتاء لليمن، و في الصيف للشام، لأجل التجارة و المكاسب. فأهلك اللّه من أرادهم بسوء، و عظم أمر الحرم و أهله في قلوب العرب، حتى احترموهم، و لم‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1128

يعترضوا لهم، في أي سفر أرادوا.

[3] و لهذا أمرهم اللّه بالشكر، فقال؛ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ‏ (3)، أي: ليوحدوه، و يخلصوا له العبادة.

[4] الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ‏ (4) فرغد الرزق و الأمن من الخوف، من أكبر النعم الدنيوية، الموجبة لشكر اللّه تعالى. فلك اللهم الحمد و الشكر، على نعمك الظاهرة و الباطنة. و خصّ اللّه الربوبية بالبيت، لفضله و شرفه، و إلا فهو رب كل شي‏ء. تم تفسير سورة قريش- بعون اللّه و تيسيره.

سورة الماعون‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ‏ (1)، أي: بالبعث و الجزاء، فلا يؤمن بما جاءت به الرسل.

[2] فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ‏ (2)، أي: يدفعه بعنف و شدة، و لا يرحمه لقساوة قلبه؛ و لأنه لا يرجو ثوابا، و لا يخاف عقابا.

[3] وَ لا يَحُضُ‏ غيره‏ عَلى‏ طَعامِ الْمِسْكِينِ‏ ، و من باب أولى أنه بنفسه لا يطعم المسكين.

[4- 5] فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ‏ (4)، أي: الملتزمين لإقامة الصلاة، و لكنهم‏ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ‏ ، أي:

مضيعون لها، تاركون لوقتها، و مخلون بأركانها. و هذا لعدم اهتمامهم بأمر اللّه حيث ضيعوا الصلاة، التي هي أهم الطاعات. و السهو عن الصلاة، هو الذي يستحق صاحبه الذم و اللوم. و أما السهو في الصلاة، فهذا يقع من كل أحد، حتى من النبي صلّى اللّه عليه و سلم. و لهذا وصف اللّه هؤلاء بالرياء و القسوة، و عدم الرحمة، فقال:

[6] الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ‏ (6)، أي: يعملون الأعمال، لأجل رئاء الناس.

[7] وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ‏ (7)، أي: يمنعون إعطاء الشي‏ء، الذي لا يضر إعطاؤه على وجه العارية، أو الهبة، كالإناء، و الدلو، و الفأس، و نحو ذلك، مما جرت العادة ببذله، و السماح به. فهؤلاء- لشدة حرصهم- يمنعون الماعون، فكيف بما هو أكثر منه. و في هذه السورة، الحث على إطعام اليتيم، و المساكين، و التحضيض على ذلك، و مراعاة الصلاة، و المحافظة عليها، و على الإخلاص فيها، و في سائر الأعمال. و الحث على فعل المعروف، و بذل الأموال الخفيفة، كعارية الإناء، و الدلو، و الكتاب، و نحو ذلك، لأن اللّه، ذم من لم يفعل ذلك، و اللّه سبحانه أعلم. تم تفسير سورة الماعون- بعون اللّه و معونته.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1129

سورة الكوثر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] يقول اللّه تعالى لنبيه محمد صلّى اللّه عليه و سلم: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1)، أي: الخير الكثير، و الفضل الغزير، الذي من جملته، ما يعطيه اللّه لنبيه صلّى اللّه عليه و سلم، من النهر الذي يقال له «الكوثر». و من الحوض، طوله شهر، و عرضه شهر، ماؤه أشد بياضا من اللبن، و أحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء في كثرتها، و استنارتها، من شرب منه شربة، لم يظمأ بعدها أبدا. و لما ذكر منته عليه، أمره بشكرها فقال:

[2] فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (2) خصّ هاتين العبادتين بالذكر، لأنهما أفضل العبادات، و أجلّ القربات. و لأن الصلاة تتضمن الخضوع في القلب و الجوارح للّه، و تنقله في أنواع العبودية. و في النحر، تقرب إلى اللّه، بأفضل ما عند العبد، من الأضاحي، و إخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته، و الشح به.

[3] إِنَّ شانِئَكَ‏ ، أي: مبغضك و ذامك، و منتقصك‏ هُوَ الْأَبْتَرُ ، أي: المقطوع من كل خير، مقطوع العمل، مقطوع الذكر. و أما محمد صلّى اللّه عليه و سلم، فهو الكامل حقا، الذي له الكمال الممكن للمخلوق، من رفع الذكر، و كثرة الأنصار و الأتباع، صلّى اللّه عليه و سلّم. تم تفسير سورة الكوثر- فللّه الحمد و الشكر.

تفسير سورة الكافرون‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 2] أي: قل للكافرين معلنا و مصرحا لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ‏ (2)، أي: تبرّأ مما كانوا يعبدون من دون اللّه، ظاهرا و باطنا.

[3] وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (3) لعدم إخلاصكم في عبادتكم للّه، فعبادتكم له، المقترنة بالشرك، لا تسمى عبادة. و كرر ذلك، ليدل الأول على عدم وجود الفعل، و الثاني، على أن ذلك قد صار وصفا لازما. و لهذا ميز بين الفريقين، و فصل بين الطائفتين، فقال:

[6] لَكُمْ دِينُكُمْ وَ لِيَ دِينِ‏ (6) كما قال تعالى: قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى‏ شاكِلَتِهِ‏ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَ أَنَا بَرِي‏ءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ‏ . تم تفسير سورة الكافرون- بفضل اللّه و تيسيره.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1130

سورة النصر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 3] في هذه السورة الكريمة، بشارة و أمر لرسوله عند حصولها، و إشارة و تنبيه على ما يترتب على ذلك.

فالبشارة هي: البشارة بنصر اللّه لرسوله، و فتحه مكة، و دخول الناس في دين اللّه أفواجا، بحيث يكون كثير منهم من أهله و أنصاره، بعد أن كانوا من أعدائه، و قد وقع هذا المبشر به. و أما الأمر بعد حصول النصر و الفتح، فأمر رسوله أن يشكره على ذلك، و يسبح بحمده و يستغفره. و أما الإشارة، فإن في ذلك إشارتين: إشارة أن النصر يستمر للدين، و يزداد عند حصول التسبيح بحمد اللّه و استغفاره، من رسوله، فإن هذا من الشكر، و اللّه يقول: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ‏ . و قد وجد ذلك في زمن الخلفاء الراشدين و بعدهم في هذه الأمة. لم يزل نصر اللّه مستمرا، حتى وصل الإسلام إلى ما لم يصل إليه دين من الأديان، و دخل فيه من لم يدخل في غيره، حتى حدث من الأمة من مخالفة أمر اللّه ما حدث، فابتلوا بتفرق الكلمة، و تشتت الأمر، فحصل ما حصل. و مع هذا، فلهذه الأمة، و هذا الدين، من رحمة اللّه و لطفه، ما لا يخطر بالبال، و يدور في الخيال. و أما الإشارة الثانية، فهي إلى أن أجل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قد قرب و دنا، و وجه ذلك أن عمره، عمر فاضل، أقسم اللّه به. و قد عهد أن الأمور الفاضلة، تختم بالاستغفار، كالصلاة، و الحج، و غير ذلك. فأمر اللّه لرسوله بالحمد و الاستغفار في هذه الحال، إشارة إلى أن أجله قد انتهى، فليستعد و يتهيأ للقاء ربه، و يختم عمره بأفضل ما يجده صلوات اللّه و سلامه عليه. فكان يتأول القرآن، و يقول ذلك في صلاته يكثر أن يقول في ركوعه و سجوده:

«سبحانك اللهم ربنا و بحمدك، اللهم اغفر لي». تم تفسير سورة النصر- بتيسير اللّه و معونته.

تفسير سورة المسد

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] أبو لهب، هو عم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و كان شديد العداوة و الأذية له، فلا دين له، و لا حمية للقرابة، قبّحه اللّه.

فذمّه اللّه بهذا الذم العظيم، الذي هو خزي عليه إلى يوم القيامة، فقال: تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ‏ ، أي: خسرت يداه‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1131

و شقي‏ وَ تَبَ‏ فلم يربح.

[2] ما أَغْنى‏ عَنْهُ مالُهُ‏ الذي كان عنده، فأطغاه. وَ ما كَسَبَ‏ لم يرد عنه شيئا من عذاب اللّه، إذا نزل به.

[3] سَيَصْلى‏ ناراً ذاتَ لَهَبٍ‏ (3)، أي: ستحيط به النار من كل جانب، هو

[4- 5] وَ امْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ‏ (4). و كانت أيضا شديدة الأذية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، تتعاون هي و زوجها على الإثم و العدوان، و تلقي الشر، و تسعى غاية ما تقدر عليه في أذية الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم، و تجمع على ظهرها الأوزار، بمنزلة من يجمع حطبا، قد أعد له في عنقه حبلا مِنْ مَسَدٍ ، أي:

من ليف. أو أنها تحمل في النار الحطب على زوجها، متقلدة في عنقها حبلا من مسد. و على كل، ففي هذه السورة، آية باهرة من آيات اللّه. فإن اللّه أنزل هذه السورة و أبو لهب و امرأته لم يهلكا. و أخبر أنهما سيعذبان في النار، و لا بد من لازم ذلك أنهما لا يسلمان. فوقع كما أخبر عالم الغيب و الشهادة. تم تفسير سورة المسد- بعون اللّه و تيسيره.

تفسير سورة الإخلاص‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] أي: قُلْ‏ قولا جازما به، معتقدا له، عارفا بمعناه. هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، و الذي له الأسماء الحسنى، و الصفات الكاملة العليا، و الأفعال المقدسة، الذي لا نظير له و لا مثيل.

[2] اللَّهُ الصَّمَدُ (2)، أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي و السفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، و يرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه. الحليم الذي كمل في حلمه. الرحيم الذي وسعت رحمته كل شي‏ء، و هكذا سائر أوصافه.

[3- 4] و من كماله، أنه‏ لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ (3) لكمال غناه، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)، لا في أسمائه، و لا في صفاته، و لا في أفعاله، تبارك و تعالى. فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء و الصفات. تم تفسير سورة الإخلاص- و للّه الحمد و الشكر.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1132

سورة الفلق‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] أي: قُلْ‏ متعوذا أَعُوذُ ، أي: الجأ، و ألوذ، و أعتصم‏ بِرَبِّ الْفَلَقِ‏ ، أي: فالق الحب و النوى، و فالق الإصباح.

[2] مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ‏ (2) و هذا يشمل جميع ما خلق اللّه، من إنس، و جن، و حيوانات، فيستعاذ بخالقها من الشر الذي فيها.

[3] ثم خص بعد ما عمّ، فقال: وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ‏ (3)، أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى النعاس، و ينتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، و الحيوانات المؤذية.

[4] وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (4)، أي: و من شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.

[5] وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (5)، و الحاسد: هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها، بما يقدر عليه من الأسباب. فاحتيج إلى الاستعاذة باللّه من شره، و إبطال كيده. و يدخل في الحاسد، العاين؛ لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس. فهذه السورة تضمنت الاستعاذة، من جميع أنواع الشرور، عموما و خصوصا. و دلّت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، و يستعاذ باللّه منه، و من أهله.

تفسير سورة الناس‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 6] و هذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس و مالكهم و إلههم من الشيطان، الذي هو أصل الشرور كلها و مادّتها، الذي من فتنته و شره أنه يوسوس في صدور الناس، فيحسن لهم الشر، و يريهم إياه في صورة حسنة، و ينشط إرادتهم لفعله. و يثبطهم عن الخير، و يريهم إياه في صورة غير صورته. و هو دائما بهذه الحال، يوسوس ثم يخنس، أي: يتأخر عن الوسوسة، إذا ذكر العبد ربه، و استعان على دفعه. فينبغي له أن يستعين و يستعيذ، و يعتصم بربوبية اللّه للناس كلهم. و أن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية و الملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها. و بألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها، و يحول بينهم و بينها، و يريد أن يجعلهم من حزبه، ليكونوا من أصحاب السعير. و الوسواس كما يكون من الجن، يكون من الإنس. و لهذا قال: مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ‏ (6). و الحمد للّه رب العالمين أولا و آخرا، و ظاهرا و باطنا. تم تفسير سورة الناس- و للّه الحمد و المنة.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1133

و نسأله تعالى أن يتم نعمته، و أن يغفر لنا ذنوبنا، التي حالت بيننا و بين كثير من بركاته، و خطايا و شهوات ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته.

و نرجوه، و نأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده، بشرّ ما عندنا، فإنه لا ييأس من روح اللّه إلا القوم الكافرون، و لا يقنط من رحمته إلا الضالون.

و صلّى اللّه و سلم على رسوله محمد، و على آله و صحبه أجمعين، صلاة و سلاما دائمين متواصلين أبد الأوقات، و الحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات.

تم تفسير كتاب اللّه بعونه، و حسن توفيقه، على يد جامعه، و كاتبه «عبد الرحمن بن ناصر بن عبد اللّه» المعروف ب «ابن سعدي»، وقع النقل في 7 شعبان، سنة 1354 ه.

ربنا تقبل منا، و اعف عنا، إنك الغفور الرحيم.

صفحه بعد