کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 660

[92] و لهذا نبه على عظمة صفاته بأنموذج من ذلك، و هو علمه المحيط. فقال: عالِمِ الْغَيْبِ‏ أي: الذي غاب عن أبصارنا، و علمنا، من الواجبات، و المستحيلات، و الممكنات. وَ الشَّهادَةِ و هو ما نشاهد من ذلك‏ فَتَعالى‏ أي: ارتفع و عظم. عَمَّا يُشْرِكُونَ‏ به، و لا علم عندهم، إلا ما علمه اللّه.

[93] لما أقام تعالى على المكذبين أدلته العظيمة، فلم يلتفتوا إليها، و لم يذعنوا لها، حق عليهم العذاب، و وعدوا بنزوله، و أرشد اللّه رسوله أن يقول: قُلْ رَبِّ إِمَّا تُرِيَنِّي ما يُوعَدُونَ‏ (93) أي: أيّ وقت أريتني عذابهم، و أحضرتني ذلك.

[94] رَبِّ فَلا تَجْعَلْنِي فِي الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ‏ (94) أي: اعصمني و ارحمني، مما ابتليتهم به من الذنوب الموجبة للنعم، و ارحمني أيضا من العذاب الذي ينزل بهم، لأن العقوبة العامة، تعم- عند نزولها- العاصي و غيره.

[95] قال اللّه في تقريب عذابهم: وَ إِنَّا عَلى‏ أَنْ نُرِيَكَ ما نَعِدُهُمْ لَقادِرُونَ‏ (95) و لكن إن أخرناه فلحكمة، و إلا، فقدرتنا صالحة لإيقاعه.

[96] هذا من مكارم الأخلاق، التي أمر اللّه رسوله بها فقال: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ أي: إذا أساء إليك أعداؤك، بالقول و الفعل، فلا تقابلهم بالإساءة، مع أنه يجوز معاقبة المسي‏ء بمثل إساءته، و لكن ادفع إساءتهم إليك، بالإحسان منك إليهم، فإن ذلك فضل منك على المسي‏ء. و من مصالح ذلك، أنه تخف الإساءة عنك، في الحال، و في المستقبل، و أنه أدعى لجلب المسي‏ء إلى الحقّ، و أقرب إلى ندمه و أسفه، و رجوعه بالتوبة عما فعل.

و يتصف العافي بصفة الإحسان، و يقهر بذلك عدوه الشيطان، و يستوجب الثواب من الرب قال تعالى: فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ‏ و قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها أي:

ما يوفق لهذا الخلق الجميل‏ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ‏ . و قوله: نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَصِفُونَ‏ أي:

بما يقولون من الأقوال المتضمنة، للكفر، و التكذيب بالحق، قد أحاط علمنا بذلك، و قد حلمنا عنهم، و أمهلناهم، و صبرنا عليهم، و الحقّ لنا، و تكذيبهم لنا. فأنت- يا محمد- ينبغي لك أن تصبر على ما يقولون، و تقابلهم بالإحسان، هذه وظيفة العبد في مقابلة المسي‏ء من البشر. و أما المسي‏ء من الشياطين، فإنه لا يفيد فيه الإحسان. و لا يدعو حزبه، إلّا ليكونوا من أصحاب السعير.

[97- 98] فالوظيفة في مقابلته، أن يسترشد بما أرشد اللّه إليه رسوله فقال: وَ قُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزاتِ الشَّياطِينِ (97) وَ أَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ‏ (98)، أي: أعوذ بك من الشر، الذي يصيبني بسبب مباشرتهم، و همزهم و مسّهم، و من الشر، الذي بسبب حضورهم، و وسوستهم، و هذه استعاذة من مادة الشر كله و أصله، و يدخل فيها، الاستعاذة من جميع نزغات الشيطان، و من مسّه و وسوسته، فإذا أعاذ اللّه عبده من هذا الشر، و أجاب دعاءه، سلم من كلّ شر، و وفق لكل خير.

[99] يخبر تعالى عن حال من حضره الموت، من الفرطين الظالمين، أنه يندم في تلك الحال، إذا رأى مآله، و شاهد قبح أعماله. فيطلب الرجعة إلى الدنيا، لا للتمتع بلذاتها و اقتطاف شهواتها و إنّما ذلك ليقول:

[100] لَعَلِّي أَعْمَلُ صالِحاً فِيما تَرَكْتُ‏ من العمل، و فرطت في جنب اللّه. كَلَّا أي: لا رجعة له و لا إمهال، قد قضى اللّه أنهم إليها لا يرجعون، إِنَّها أي: مقالته التي تمنى فيها الرجوع إلى الدنيا كَلِمَةٌ هُوَ قائِلُها أي: مجرد قول اللسان، لا يفيد صاحبه إلّا الحسرة و الندم، و هو أيضا غير صادق في ذلك، فإنه لو ردّ لعاد لما نهي عنه. وَ مِنْ وَرائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ‏ أي: من أمامهم و بين أيديهم، برزخ، و هو الحاجز بين الشيئين، فهو هنا:

الحاجز بين الدنيا و الآخرة. و في هذا البرزخ، يتنعم المطيعون، و يعذب العاصون، من ابتداء موتهم، و استقرارهم في قبورهم، إلى يوم يبعثون، أي: فليعدوا له عدّته، و ليأخذوا له أهبته.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 661

[101] يخبر تعالى عن هول يوم القيامة، و ما في ذلك، من المزعجات و المقلقات، و أنه إذا نفخ في الصور، نفخة البعث، فحشر الناس أجمعون، لميقات يوم معلوم، أنه يصيبهم من الهول، ما ينسيهم أنسابهم، التي هي أقوى الأسباب، فغير الأنساب، من باب أولى، و أنه لا يسأل أحد أحدا، عن حاله، لاشتغاله بنفسه، فلا يدري هل ينجو نجاة لا شقاوة بعدها؟ أو يشقى شقاوة لا سعادة بعدها؟ قال تعالى: يَوَدُّ الْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ (11) وَ صاحِبَتِهِ وَ أَخِيهِ (12) وَ فَصِيلَتِهِ الَّتِي تُؤْوِيهِ‏ (13) فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ (33) يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَ أُمِّهِ وَ أَبِيهِ (35) وَ صاحِبَتِهِ وَ بَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ‏ (37).

[102] و في القيامة مواضع، يشتد كربها، و يعظم وقعها، كالميزان الذي يميز به أعمال العبد، و ينظر فيه بالعدل، ما له، و ما عليه، و تبين فيه مثاقيل الذر، من الخير و الشر. فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ‏ بأن رجحت حسناته على سيئاته‏ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ‏ لنجاتهم من النار، و استحقاقهم الجنة، و فوزهم بالثناء الجميل.

[103] وَ مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ‏ بأن رجحت سيئاته على حسناته، و أحاطت بها خطيئاته‏ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ‏ كل خسارة، غير هذه الخسارة، فإنها- بالنسبة إليها- سهلة. و لكن هذه خسارة صعبة، لا يجبر مصابها، و لا يستدرك فائتها. خسارة أبدية، و شقاوة سرمدية، قد خسر نفسه الشريفة، التي يتمكن بها من السعادة الأبدية ففوّتها هذا النعيم المقيم، في جوار الرب الكريم. فِي جَهَنَّمَ خالِدُونَ‏ لا يخرجون منها أبد الآبدين، و هذا الوعيد، إنّما هو كما ذكرنا، لمن أحاطت خطيئاته بحسناته، و لا يكون ذلك، إلّا كافرا، فعلى هذا، لا يحاسب محاسبة من توزن حسناته و سيئاته، فإنهم لا حسنات لهم، و لكن تعدّ أعمالهم، و تحصى، فيقفون عليها، و يقررون بها، و يخزون بها، و أما من معه أصل الإيمان، و لكن عظمت سيئاته، فرجحت على حسناته، فإنه و إن دخل النار، لا يخلد فيها، كما دلت على ذلك نصوص الكتاب و السنة.

[104] ثمّ ذكر تعالى، سوء مصير الكافرين فقال: تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ أي: تغشاهم من جميع جوانبهم، حتى تصيب أعضاءهم الشريفة، و يتقطع لهبها عن وجوههم. وَ هُمْ فِيها كالِحُونَ‏ قد عبست وجوههم، و قلصت شفاههم، من شدة ما هم فيه، و عظيم ما يلقونه.

[105] فيقال لهم- توبيخا و لوما-: أَ لَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى‏ عَلَيْكُمْ‏ تدعون بها، لتؤمنوا، و تعرض عليكم لتنظروا، فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ‏ ظلما منكم، و عنادا، و هي آيات بينات، دالات على الحقّ و الباطل، مبينات للمحق و المبطل.

[106] فحينئذ أقروا بظلمهم، حيث لا ينفع الإقرار و قالُوا رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا أي: غلبت علينا الشقاوة الناشئة عن الظلم و الإعراض عن الحقّ، و الإقبال على ما يضر، و ترك ما ينفع. وَ كُنَّا قَوْماً ضالِّينَ‏ في عملهم، و إن كانوا يدرون أنهم ظالمون، أي: فعلنا في الدنيا، فعل التائه، الضال السفيه، كما قالوا في الآية الأخرى. وَ قالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ ما كُنَّا فِي أَصْحابِ السَّعِيرِ (10).

تيسير الكريم الرحمن، ص: 662

[107] رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ‏ (107) و هم كاذبون في وعدهم هذا، فإنهم كما قال تعالى: وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ‏ ، و لم يبق اللّه لهم حجة، بل قطع أعذارهم، و غرّهم في الدنيا، ما يتذكر فيه من تذكر، و يرتدع فيه المجرم،

[108] فقال اللّه جوابا لسؤالهم، اخْسَؤُا فِيها وَ لا تُكَلِّمُونِ‏ و هذا القول- نسأله تعالى العافية- أعظم قول على الإطلاق يسمعه المجرمون في التخييب، و التوبيخ، و الذل، و الخسار، و التأييس من كلّ خير، و البشرى بكل شر. و هذا الكلام و الغضب من الرب الرحيم، أشد عليهم و أبلغ في نكايتهم من عذاب الجحيم.

[109] ثمّ ذكر الحال التي أوصلتهم إلى العذاب، و قطعت عنهم الرحمة فقال: إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي يَقُولُونَ رَبَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا وَ ارْحَمْنا وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ‏ (109) فجمعوا بين الإيمان المقتضي لأعماله الصالحة، و الدعاء لربهم بالمغفرة و الرحمة، و التوسل إليه بربوبيته، و منته عليهم بالإيمان، و الإخبار بسعة رحمته، و عموم إحسانه. و في ضمنه، ما يدل على خضوعهم، و خشوعهم، و انكسارهم لربهم، و خوفهم و رجائهم.

[110] فهؤلاء سادات الناس و فضلاؤهم‏ فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ‏ أيها الكفرة الأنذال ناقصو العقول و الأحلام‏ سِخْرِيًّا تهزؤون بهم، و تحتقرونهم، حتى اشتغلتم بذكر السفه. حَتَّى أَنْسَوْكُمْ ذِكْرِي وَ كُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ‏ و هذا الذي أوجب لهم نسيان الذكر، اشتغالهم بالاستهزاء بهم، كما أن نسيانهم للذكر، يحثهم على الاستهزاء. فكل من الأمرين يمد الآخر، فهل فوق هذه الجرأة جرأة؟!

[111] إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِما صَبَرُوا على طاعتي، و على أذاكم، حتى وصلوا إلي. أَنَّهُمْ هُمُ الْفائِزُونَ‏ بالنعيم المقيم، و النجاة من الجحيم، كما قال في الآية الأخرى: فَالْيَوْمَ الَّذِينَ آمَنُوا مِنَ الْكُفَّارِ يَضْحَكُونَ‏ (34) الآيات.

[112- 113] قالَ‏ لهم على وجه اللوم، و أنهم سفهاء الأحلام، حيث اكتسبوا في هذه المدة اليسيرة، كل شر أوصلهم إلى غضبه و عقوبته، و لم يكتسبوا، ما اكتسبه المؤمنون من الخير، الذي يوصلهم إلى السعادة الدائمة، و رضوان ربهم. كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ قالُوا لَبِثْنا يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ‏ ، كلامهم هذا، مبنيّ على استقصارهم جدا، لمدة مكثهم في الدنيا و أفاد ذلك، لكنه لا يفيد مقداره، و لا يعينه، فلهذا قالوا: فَسْئَلِ الْعادِّينَ‏ أي:

الضابطين لعدده.

[114] و أما هم، ففي شغل شاغل، و عذاب مذهل عن معرفة عدده، فقال لهم: إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا سواء عينتم عدده، أم لا لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ‏ .

[115] أي: أَ فَحَسِبْتُمْ‏ أيها الخلق‏ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً أي: سدى و باطلا، تأكلون و تشربون، و تمرحون، و تتمتعون بلذات الدنيا، و نترككم، لا نأمركم، و لا ننهاكم، و لا نثيبكم، و لا نعاقبكم؟ و لهذا قال: وَ أَنَّكُمْ إِلَيْنا لا تُرْجَعُونَ‏ لا يخطر هذا ببالكم.

[116] فَتَعالَى اللَّهُ‏ أي: تعاظم، و ارتفع عن هذا الظن الباطل، الذي يرجع إلى القدح في حكمته. الْمَلِكُ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 663

الْحَقُّ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ‏ فكونه ملكا للخلق كلهم حقا، في صدقه، و وعده، و وعيده، مألوفا معبودا، لما له من الكمال و رب العرش العظيم فما دونه من باب أولى، يمنع أن يخلقكم عبثا.

[117] أي: و من دعا مع اللّه آلهة غيره، بلا بينة من أمره، و لا برهان على ذلك، يدل على ما ذهب إليه، و هذا قيد ملازم، فكل من دعا غير اللّه، فليس له برهان على ذلك، بل دلت البراهين على بطلان ما ذهب إليه، فأعرض عنها ظلما و عنادا، فهذا سيقدم على ربه، فيجازيه بأعماله، و لا ينيله من الفلاح شيئا، لأنه كافر. إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ‏ فكفرهم، منعهم من الفلاح.

[118] وَ قُلْ‏ داعيا لربك مخلصا له الدين‏ رَبِّ اغْفِرْ لنا حتى تنجينا من المكروه، و ارحمنا، لتوصلنا برحمتك إلى كلّ خير. وَ أَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ‏ فكل راحم للعبد، فاللّه خير له منه، أرحم بعبده من الوالدة بولدها، و أرحم به من نفسه. تمّ تفسير سورة المؤمنون، بفضل اللّه و إحسانه.

تفسير سورة النور

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] أي: هذه‏ سُورَةٌ عظيمة القدر أَنْزَلْناها رحمة منا بالعباد، و حفظناها من كلّ شيطان‏ وَ فَرَضْناها أي:

قدرنا فيها ما قدرنا، من الحدود و الشهادات و غيرها. وَ أَنْزَلْنا فِيها آياتٍ بَيِّناتٍ‏ أي: أحكاما جليلة، و أوامر، و زواجر و حكما عظيمة لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ‏ حين نبين لكم، و نعلمكم ما لم تكونوا تعلمون.

[2] ثمّ شرع في بيان تلك الأحكام، المشار إليها، فقال: الزَّانِيَةُ وَ الزَّانِي‏ إلى‏ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ‏ . هذا الحكم، في الزاني و الزانية البكرين، أنهما يجلد كلّ منهما مائة جلدة، و أما الثّيب، فقد دلت السنة الصحيحة المشهورة، أن حده الرجم. و نهانا تعالى أن تأخذنا رأفة بهما، في دين اللّه، تمنعنا من إقامة الحد عليهما، سواء رأفة طبيعية أو لأجل قرابة أو صداقة أو غير ذلك، و أن الإيمان، موجب لانتفاء هذه الرأفة المانعة، من إقامة أمر اللّه. فرحمته حقيقة، بإقامة الحد عليه. فنحن و إن رحمناه، لجريان القدر عليه، فلا نرحمه من هذا الجانب. و أمر تعالى أن يحضر عذاب الزانيين، طائفة، أو جماعة من المؤمنين ليشتهر، و يحصل بذلك، الخزي و الارتداع، و ليشاهدوا الحد فعلا، فإن مشاهدة أحكام الشرع بالفعل، مما يقوى به العلم، و يستقر به الفهم، و يكون أقرب لإصابة الصواب، فلا يزاد فيه، و لا ينقص.

و اللّه أعلم.

[3] هذا بيان لرذيلة الزنا، و أنه يدنس عرض صاحبه، و عرض من قارنه و مازجه، ما لا يفعله بقية الذنوب.

فأخبر أن الزاني لا يقدم على نكاحه من النساء، إلّا أنثى زانية، تناسب حاله حالها، أو مشركة باللّه، لا تؤمن ببعث و لا جزاء، و لا تلتزم أمر اللّه. و الزانية كذلك، لا ينكحها إلّا زان أو مشرك‏ وَ حُرِّمَ ذلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ‏ أي: حرم عليهم أن ينكحوا زانيا، أو ينكحوا زانية.

و معنى الآية: أن من اتصف بالزنا، من رجل أو امرأة، و لم يتب من ذلك، أن المقدم على نكاحه، مع تحريم اللّه لذلك، لا يخلو إما أن لا يكون ملتزما لحكم اللّه و رسوله، فذاك لا يكون إلّا مشركا. و إما أن يكون ملتزما لحكم اللّه و رسوله، فأقدم على نكاحه مع علمه بزناه، فإن هذا النكاح زنا، و الناكح زان مسافح، فلو كان مؤمنا باللّه حقا، لم يقدم على ذلك، و هذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية، حتى تتوب، و كذلك نكاح الزاني حتى يتوب، فإن‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 664

مقارنة الزوج لزوجته، و الزوجة لزوجها، أشد الاقترانات، و الازدواجات. و قد قال تعالى: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ أَزْواجَهُمْ‏ [الصافات، الآية: 22] أي: قرناءهم. فحرم اللّه ذلك، لما فيه من الشر العظيم. و فيه من قلة الغيرة، و إلحاق الأولاد، الّذين ليسوا من الزوج، و كون الزاني لا يعفها بسبب اشتغاله بغيرها، مما بعضه كاف في التحريم، و في هذا دليل، على أن الزاني ليس مؤمنا، كما قال النبي صلّى اللّه عليه و سلم: «لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن» فهو و إن لم يكن مشركا، فلا يطلق عليه اسم المدح، الذي هو الإيمان المطلق.

[4] لما عظم تعالى أمر الزاني بوجوب جلده و كذا رجمه، إن كان محصنا، و أنه لا تجوز مقارنته، و لا مخالطته على وجه لا يسلم فيه العبد من الشر، بين تعالى، تعظيم الإقدام على الأعراض بالرمي بالزنا فقال: وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ‏ أي:

النساء الحرائر العفائف، و كذلك الرجال، لا فرق بين الأمرين، و المراد بالرّمي الرمي بالزنا، بدليل السياق. ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا على ما رموا به‏ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ أي: رجال عدول، يشهدون بذلك صريحا. فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً بسوط متوسط، يؤلم فيه، و لا يبالغ بذلك، حتى يتلفه، لأن القصد، التأديب، لا الإتلاف، و في هذا تقرير حد القذف، و لكن بشرط، أن يكون المقذوف كما قال تعالى محصنا مؤمنا.

و أما قذف غير المحصن، فإنه يوجب التعزير. وَ لا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً أي: لهم عقوبة أخرى، و هو أن شهادة القاذف، غير مقبولة، و لو حدّ على القذف، حتى يتوب كما يأتي. وَ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ‏ أي: الخارجون عن طاعة اللّه، الّذين قد كثر شرهم، و ذلك لانتهاك ما حرم اللّه، و انتهاك عرض أخيه، و تسليط الناس على الكلام بما تكلم به و إزالة الأخوة التي عقدها اللّه بين أهل الإيمان، و محبة أن تشيع الفاحشة، في الّذين آمنوا، و هذا دليل، على أن القذف من كبائر الذنوب.

[5] و قوله: إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ أَصْلَحُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ (5)، فالتوبة في هذا الموضع، أن يكذب القاذف نفسه، و يقر أنه كاذب فيما قال، و هو واجب عليه، أن يكذب نفسه و لو تيقن وقوعه، حيث لم يأت بأربعة شهداء.

فإذا تاب القاذف و أصلح عمله، و بدل إساءته إحسانا، زال عنه الفسق، و كذلك تقبل شهادته على الصحيح، فإن اللّه غفور رحيم يغفر الذنوب جميعا، لمن تاب و أناب، و إنّما يجلد القاذف، إذا لم يأت بأربعة شهداء إذا لم يكن زوجا.

[6] فإن كان زوجا، فقد ذكر بقوله: وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ‏ إلى: تَوَّابٌ حَكِيمٌ‏ . و إنّما كانت شهادات الزوج على زوجته، دارئة عنه الحد، لأن الغالب، أن الزوج لا يقدم على رمي زوجته، التي يدنسه ما يدنسها إلّا إذا كان صادقا. و لأن له في ذلك حقا، و خوفا من إلحاق أولاد، ليسوا منه به، و لغير ذلك من الحكم المفقودة في غيره فقال: وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ‏ أي: الحرائر لا المملوكات. وَ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ‏ على رميهم بذلك‏ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ‏ بأن لم يقيموا شهداء، على ما رموهن به‏ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ‏ . سماها شهادة، لأنها نائبة مناب الشهود، بأن يقول: «أشهد باللّه، إني لمن الصادقين، فيما رميتها به».

[7] وَ الْخامِسَةُ أَنَّ لَعْنَتَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كانَ مِنَ الْكاذِبِينَ‏ (7) أي: يزيد في الخامسة مع الشهادة المذكورة، مؤكدا تلك‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 665

الشهادات، بأن يدعو على نفسه، باللعنة إن كان كاذبا، فإذا تم لعانه، سقط عنه حد القذف. و ظاهر الآيات، و لو سمى الرجل الذي رماها به، فإنه يسقط حقه، تبعا لها. و هل يقام عليها الحد، بمجرد لعان الرجل و نكو لها أم تحبس؟ فيه قولان للعلماء. الذي يدل عليه الدليل، أنه يقام عليه الحد

بدليل قوله: [8- 9] وَ يَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ أَنْ تَشْهَدَ إلى آخره.

فلو لا أن العذاب و هو الحد قد وجب بلعانه، لم يكن لعانها دارئا له، و يدرأ عنها، أي: يدفع عنها العذاب، إذ قابلت شهادات الزوج، بشهادات من جنسها. أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهاداتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكاذِبِينَ‏ و تزيد في الخامسة، مؤكدة لذلك، أن تدعو على نفسها بالغضب، فإذا تم اللعان بينهما، فرق بينهما إلى الأبد، و انتفى الولد الملاعن عنه. و ظاهر الآيات يدل على اشتراط هذه الألفاظ عند اللعان، منه و منها، و اشتراط الترتيب فيها، و أن لا ينقص منها شي‏ء، و لا يبدل شي‏ء بشي‏ء. و أن اللعان مختص بالزوج إذا رمى امرأته، لا بالعكس و أن الشبه في الولد مع اللعان لا عبرة به، كما لا يعتبر مع الفراش، و إنما يعتبر الشبه حيث لا مرجح، إلا هو.

[10] وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ وَ أَنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ حَكِيمٌ‏ (10) و جواب الشرط محذوف، يدل عليه سياق الكلام أي: لأحل بأحد المتلاعنين الكاذب منهما، ما دعا به على نفسه، و من رحمته و فضله، ثبوت هذا الحكم الخاص بالزوجين، لشدة الحاجة إليه، و أن بين لكم شدة الزنا و فظاعته، و فظاعة القذف به، و أن شرع التوبة من هذه الكبائر و غيرها.

[11] لما ذكر فيما تقدم تعظيم الرّمي بالزنا عموما، صار ذلك كأنه مقدمة لهذه القصة، التي وقعت على أشرف النساء، أم المؤمنين رضي اللّه عنها، و هذه الآيات، نزلت في قصة الإفك المشهورة، الثابتة في الصحاح و السنن و المسانيد. و حاصلها أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم، في بعض غزواته، و معه زوجته عائشة الصديقة، بنت الصديق. فانقطع عقدها فانحبست في طلبه و رحلوا جملها و هودجها، فلم يفقدوها ثم استقل الجيش راحلا، و جاءت مكانهم، و علمت أنهم إذا فقدوها، رجعوا إليها فاستمروا في مسيرهم. و كان صفوان بن المعطل السلمي، من أفاضل الصحابة رضي اللّه عنه، قد عرّس في أخريات القوم، و نام، فرأى عائشة رضي اللّه عنها، فعرفها، فأناخ راحلته، فركبتها من دون أن يكلمها أو تكلمه، ثم جاء يقود بها، بعد ما نزل الجيش في الظهيرة. فلما رأى بعض المنافقين، الذين في صحبة النبي صلّى اللّه عليه و سلم، في ذلك السفر، مجي‏ء، صفوان بها في هذه الحال أشاع ما أشاع، و فشا الحديث، و تلقفته الألسن، حتى اغتر بذلك بعض المؤمنين، و صاروا يتناقلون هذا الكلام، و انحبس الوحي مدة طويلة عن الرسول صلّى اللّه عليه و سلم. و بلغ الخبر عائشة بعد ذلك بمدة، فحزنت حزنا شديدا، فأنزل اللّه براءتها في هذه الآيات. و وعظ اللّه المؤمنين، و أعظم ذلك، و وصاهم بالوصايا النافعة. فقوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ‏ أي: الكذب الشنيع، و هو رمي أم المؤمنين‏ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ‏ أي: جماعة منتسبون إليكم يا معشر المؤمنين، منهم المؤمن الصادق في إيمانه، لكنه اغتر بترويج المنافقين، و منهم المنافق. لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ‏ لما تضمن ذلك من تبرئة أم المؤمنين و نزاهتها، و التنويه بذكرها، حتى تناول عموم المدح سائر زوجات النبي صلّى اللّه عليه و سلم. و لما تضمن من بيان الآيات المضطر إليها العباد، التي ما زال العمل‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 666

بها إلى يوم القيامة فكل هذا خير عظيم، لو لا مقالة أهل الإفك لم يحصل ذلك. و إذا أراد اللّه أمرا جعل له سببا، و لذلك جعل الخطاب عاما مع المؤمنين كلهم. و أخبر أن قدح بعضهم ببعض، كقدح في أنفسهم. ففيه أن المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم، و اجتماعهم على مصالحهم، كالجسد الواحد، و المؤمن للمؤمن، كالبنيان يشد بعضه بعضا. فكما أنه يكره أن يقدح أحد في عرضه، فليكره من كلّ أحد، أن يقدح في أخيه المؤمن، الذي بمنزلة نفسه، و ما لم يصل العبد إلى هذه الحالة، فإنه من نقص إيمانه، و عدم نصحه. لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ‏ و هذا وعيد للذين جاؤوا بالإفك، و أنهم سيعاقبون على ما قالوا من ذلك، و قد حد النبي صلّى اللّه عليه و سلم منهم جماعة. وَ الَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ‏ أي: معظم الإفك، و هو المنافق الخبيث، عبد اللّه بن أبيّ ابن سلول، لعنه اللّه‏ لَهُ عَذابٌ عَظِيمٌ‏ ألا و هو الخلود في الدرك الأسفل من النار.

[12] ثمّ أرشد اللّه عباده عند سماع مثل هذا الكلام فقال: لَوْ لا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَ الْمُؤْمِناتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْراً أي: ظن المؤمنون بعضهم ببعض خيرا، و هو السّلام مما رموا به، و أن ما معهم من الإيمان المعلوم، يدفع ما قيل فيهم من الإفك الباطل. وَ قالُوا بسبب ذلك الظن (سبحانك) أي: تنزيها لك من كلّ سوء، و عن أن تبتلي أصفياءك بالأمور الشنيعة. هذا إِفْكٌ مُبِينٌ‏ أي: كذب و بهت، من أعظم الأشياء، و أبينها. فهذا من الظن الواجب، حين سماع المؤمن عن أخيه المؤمن، مثل هذا الكلام، أن يبرئه بلسانه، و يكذب القائل لذلك.

[13] لَوْ لا جاؤُ عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ أي: هلا جاء الرامون على ما رموا به، بأربعة شهداء أي: عدول مرضيين. فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا بِالشُّهَداءِ فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ‏ و إن كانوا في أنفسهم قد تيقنوا ذلك، فإنهم كاذبون في حكم اللّه، لأنه حرم عليهم التكلم بذلك، من دون أربعة شهود، و لهذا قال: فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ‏ ، و لم يقل «فاولئك هم الكاذبون». و هذا كله، من تعظيم حرمة عرض المسلم، بحيث لا يجوز الإقدام على رميه، من دون نصاب الشهادة بالصدق.

[14] وَ لَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَ رَحْمَتُهُ فِي الدُّنْيا وَ الْآخِرَةِ بحيث شملكم إحسانه فيهما، في أمر دينكم و دنياكم.

لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ‏ أي: خضتم‏ فِيهِ‏ من شأن الإفك‏ عَذابٌ عَظِيمٌ‏ لاستحقاقكم ذلك بما قلتم. و لكن من فضل اللّه عليكم و رحمته، أن شرع لكم التوبة، و جعل العقوبة مطهرة للذنوب.

[15] إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ‏ أي: تتلقفونه، و يلقيه بعضكم إلى بعض و تستوشون حديثه، و هو قول باطل.

صفحه بعد