کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 916

مع الثقة به تعالى.

[37] وَ الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ وَ الْفَواحِشَ‏ و الفرق بين الكبائر و الفواحش- مع أن جميعهما كبائر- أن الفواحش هي: الذنوب الكبار التي في النفوس داع إليها، كالزنا و نحوه، و الكبائر، ما ليس كذلك، هذا عند الاقتران. و أما مع إفراد كل منهما عن الآخر يدخل فيه. وَ إِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ‏ أي: قد تخلقوا بمكارم الأخلاق، و محاسن الشيم، فصار الحلم لهم سجية، و حسن الخلق لهم، طبيعة. حتى إذا أغضبهم أحد بمقاله، أو فعاله، كظموا ذلك الغضب، فلم ينفذوه، بل غفروه، و لم يقابلوا المسي‏ء إلّا بالإحسان و العفو و الصفح. فترتب على هذا العفو و الصفح، من المصالح، و دفع المفاسد في أنفسهم و غيرهم، شي‏ء كثير، كما قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ‏ (35).

[38] وَ الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ‏ أي: انقادوا لطاعته، و لبّوا دعوته، و صار قصدهم رضوانه، و غايتهم الفوز بقربه. و من الاستجابة للّه، إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة. فلذلك عطفها على ذلك، من باب عطف العام على الخاص، الدال على شرفه و فضله فقال: وَ أَقامُوا الصَّلاةَ أي: ظاهرها و باطنها، فرضها و نفلها. وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ‏ من النفقات الواجبة، كالزكاة، و النفقة على الأقارب و نحوهم، و المستحبة، كالصدقات على عموم الخلق.

وَ أَمْرُهُمْ‏ الديني و الدنيوي‏ شُورى‏ بَيْنَهُمْ‏ أي: لا يستبد أحد منهم برأيه، في أمر من الأمور المشتركة بينهم، و هذا لا يكون إلّا فرعا عن اجتماعهم، و توالفهم، و تواددهم، و تحاببهم. فمن كمال عقولهم، أنهم إذا أرادوا أمرا من الأمور، التي تحتاج إلى إعمال الفكر و الرأي فيها، اجتمعوا لها، و تشاوروا، و بحثوا فيها، حتى إذا تبينت لهم المصلحة، انتهزوها و بادروها. و ذلك كالرأي في الغزو، و الجهاد، و تولية الموظفين لإمارة، أو قضاء، أو غيرهما.

و كالبحث في المسائل الدينية عموما، فإنها من الأمور المشتركة، و البحث فيها لبيان الصواب مما يحبه اللّه، و هو داخل في هذه الآية.

[39] وَ الَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ‏ أي: وصل إليهم من أعدائهم‏ هُمْ يَنْتَصِرُونَ‏ لقوتهم و عزتهم، و لم يكونوا أذلاء عاجزين عن الانتصار. فوصفهم بالإيمان، و التوكل على اللّه، و اجتناب الكبائر و الفواحش الذي تكفر به الصغائر، و الانقياد التام، و الاستجابة لربهم، و إقامة الصلاة، و الإنفاق في وجوه الإحسان، و المشاورة في أمورهم، و القوة و الانتصار على أعدائهم. فهذه خصال الكمال قد جمعوها، و يلزم من قيامها فيهم، فعل ما هو دونها، و انتفاء ضدها.

[40] ذكر اللّه في هذه الآية، مراتب العقوبات، و أنها على ثلاث مراتب: عدل، و فضل، و ظلم. فمرتبة العدل:

جزاء السيئة بسيئة مثلها، لا زيادة و لا نقص. فالنفس بالنفس، و كل جارحة بالجارحة المماثلة لها، و المال يضمن بمثله.

و مرتبة الفضل: العفو و الإصلاح عن المسي‏ء، و لهذا قال: فَمَنْ عَفا وَ أَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ‏ يجزيه أجرا عظيما، و ثوابا كثيرا. و شرط اللّه في العفو و الإصلاح صلاحهما لحال الجاني، ليدل ذلك على أنه إذا كان الجاني لا يليق بالعفو عنه، و كانت المصلحة الشرعية تقتضي عقوبته، فإنه في- هذه الحال- لا يكون مأمورا به. و في جعل أجر العافي على اللّه، ما يهيج على العفو، و أن يعامل العبد الخلق بما يحب أن يعامله اللّه به. فكما يحب أن يعفو اللّه عنه، فليعف عنهم، و كما يحب أن يسامحه اللّه، فليسامحهم، فإن الجزاء من جنس العمل. و أما مرتبة الظلم: فقد ذكرها بقوله: إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ‏ الّذين يجنون على غيرهم ابتداء، أو يقابلون الجاني بأكثر من جنايته، فالزيادة ظلم.

[41] وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ‏ أي: انتصر ممن ظلمه بعد وقوع الظلم عليه‏ فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ‏ أي: لا حرج عليهم في ذلك. و دلّ قوله: وَ الَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ الْبَغْيُ‏ و قوله: وَ لَمَنِ انْتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ‏ أنه لا بد من إصابة البغي و الظلم و وقوعه. و أما إرادة البغي على الغير، و إرادة ظلمه من غير أن يقع منه شي‏ء، فهذا لا يجازى بمثله، و إنّما يؤدب تأديبا، يردعه عن قول، أو فعل صدر منه.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 917

[42] إِنَّمَا السَّبِيلُ‏ أي: إنّما تتوجه الحجة بالعقوبة الشرعية عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ‏ و هذا شامل للظلم و البغي على الناس، في دمائهم، و أموالهم، و أعراضهم. أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ‏ أي:

موجع للقلوب و الأبدان، بحسب ظلمهم و بغيهم.

[43] وَ لَمَنْ صَبَرَ على ما يناله من أذى الخلق‏ وَ غَفَرَ لهم، بأن سمح لهم عمّا صدر منهم. إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أي: الأمور الّتي حث اللّه عليها و أكدها و أخبر أنه لا يلقاها إلا أهل الصبر و الحظوظ العظيمة، و من الأمور الّتي لا يوفق لها إلا أولو العزائم و الهمم، و ذوو الألباب و البصائر. فإن ترك الانتصار للنفس، بالقول أو الفعل، من أشق شي‏ء عليها. و الصبر على الأذى، و الصفح عنه، و مغفرته، و مقابلته بالإحسان، أشق و أشق. و لكنه يسير على من يسره اللّه عليه و جاهد نفسه على الاتصاف به، و استعان اللّه على ذلك. ثمّ إذا ذاق العبد حلاوته، و وجد آثاره، تلقاه برحب الصدر، و سعة الخلق، و التلذذ فيه.

[44] يخبر تعالى، أنه المنفرد بالهداية و الإضلال، و أنه‏ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ‏ بسبب ظلمه‏ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ‏ يتولى أمره و يهديه. وَ تَرَى الظَّالِمِينَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذابَ‏ مرأى و منظرا فظيعا، صعبا شنيعا، يظهرون الندم العظيم، و الحزن على ما سلف منهم‏ يَقُولُونَ هَلْ إِلى‏ مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ‏ أي: هل لنا طريق أو حيلة إلى رجوعنا إلى الدنيا، لنعمل غير الذي كنّا نعمل، و هذا طلب للأمر المحال، الذي لا يمكن.

[45] وَ تَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها أي: على النار خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِ‏ أي: ترى أجسامهم خاشعة للذل، الذي في قلوبهم. يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍ‏ أي:

ينظرون إلى النار مسارقة و شزرا، من هيبتها و خوفها. وَ قالَ الَّذِينَ آمَنُوا حين ظهرت عواقب الخلق، و تبين أهل الصدق من غيرهم: إِنَّ الْخاسِرِينَ‏ على الحقيقة الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَ أَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ حيث فوتوا على أنفسهم جزيل الثواب، و حصلوا على أليم العقاب و فرّق بينهم و بين أهليهم، فلم يجتمعوا بهم، آخر ما عليهم.

أَلا إِنَّ الظَّالِمِينَ‏ أنفسهم بالكفر و المعاصي‏ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ‏ أي: في سوائه و وسطه، منغمرون لا يخرجون منه أبدا، و لا يفتر عنهم، و هم فيه مبلسون.

[46] وَ ما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ‏ كما كانوا في الدنيا يمنون أنفسهم بذلك. ففي القيامة يتبين لهم و لغيرهم، أن أسبابهم الّتي أملوها تقطعت، و أنه حين جاءهم عذاب اللّه، لم يدفع عنهم. وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ‏ تحصل به هدايته، فهؤلاء ضلوا حين زعموا في شركائهم النفع، و دفع الضر، فتبين حينئذ ضلالهم.

[47] يأمر تعالى عباده بالاستجابة له، بامتثال ما أمر به، و اجتناب ما نهى عنه، و بالمبادرة بذلك، و عدم التسويف. مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ‏ القيامة الذي إذا جاء، لا يمكن رده و استدراك الفائت. و ليس للعبد في ذلك اليوم ملجأ يلجأ إليه؛ فيفوت ربه، و يهرب منه. بل قد أحاطت الملائكة بالخليقة، من خلفهم، و نودوا يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ‏ (33). و ليس للعبد في ذلك اليوم، نكير لما اقترفه و أجرمه، بل لو أنكر لشهدت عليه جوارحه. و هذه الآية و نحوها، فيها ذم الأمل، و الأمر بانتهاز الفرصة في‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 918

كل عمل يعرض للعبد. فإن للتأخير آفات.

[48] فَإِنْ أَعْرَضُوا عمّا جئتم به بعد البيان التام‏ فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً تحفظ أعمالهم، و تسأل عنها. إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ‏ فإذا أديت ما عليك، فقد وجب أجرك على اللّه، سواء استجابوا أم أعرضوا، و حسابهم على اللّه الذي يحفظ عليهم صغير أعمالهم و كبيرها، ظاهرها و باطنها. ثمّ ذكر تعالى حالة الإنسان، و أنه إذا أذاقه رحمة، من صحة بدن، و رزق رغد، و جاه و نحوه‏ فَرِحَ بِها أي: فرح فرحا مقصورا عليها، لا يتعداها، و يلزم من ذلك، طمأنينته بها، و إعراضه عن المنعم. وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ أي:

مرض، أو فقر، أو نحوهما بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسانَ كَفُورٌ أي: طبيعته كفران النعمة السابقة، و التسخط لما أصابه، من السيئة.

[49- 50] هذه الآية، فيها الإخبار عن سعة ملكه تعالى، و نفوذ تصرفه في الملك في الخلق لما يشاء، و التدبير لجميع الأمور. حتى أن تدبيره تعالى، من عمومه، أنه يتناول المخلوقة عن الأسباب لولادة الأولاد، فاللّه تعالى هو الذي يعطيهم من الأولاد ما يشاء. فمن الخلق من يهب له إناثا، و منهم من يهب له ذكورا. و منهم من يزوجه، أي: يجمع له ذكورا و إناثا. و منهم من يجعله عقيما، لا يولد له.

إِنَّهُ عَلِيمٌ‏ بكل شي‏ء قَدِيرٌ على كل شي‏ء، فيتصرف بعلمه و إتقانه الأشياء، بقدرته في مخلوقاته.

[51] لما قال المكذبون لرسل اللّه، الكافرون باللّه: لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ من كبرهم و تجبرهم، رد اللّه عليهم بهذه الآية الكريمة، و بيّن أن تكليمه تعالى، لا يكون إلا لخواص خلقه، للأنبياء و المرسلين، و صفوته من العالمين، و أنه يكون على أحد هذه الأوجه. إما أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً بأن يلقي الوحي في قلب الرسول، من غير إرسال ملك، و لا مخاطبة منه شفاها. أَوْ يكلمه منه شفاها لكن‏ مِنْ وَراءِ حِجابٍ‏ كما حصل لموسى بن عمران، كليم الرحمن. أَوْ يكلمه اللّه بواسطة الرسول الملكي‏ يُرْسِلَ رَسُولًا كجبريل أو غيره من الملائكة. فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ‏ أي: بإذن ربه، لا بمجرد هواه‏ ما يَشاءُ . إِنَّهُ‏ تعالى‏ عَلِيٌ‏ الذات على الأوصاف، عظيمها على الأفعال، قد قهر كل شي‏ء، و دانت له المخلوقات. حَكِيمٌ‏ في وضعه كل شي‏ء موضعه، من المخلوقات و الشرائع.

[52] وَ كَذلِكَ‏ حين أوحينا إلى الرسل قبلك‏ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا و هو: هذا القرآن الكريم، سماه روحا، لأن الروح يحيا به الجسد، و القرآن تحيا به القلوب و الأرواح، و تحيا به مصالح الدنيا و الدين، لما فيه من الخير الكثير، و العلم الغزير. و هو محض منة اللّه على رسوله و عباده المؤمنين، من غير سبب منهم، و لهذا قال: ما كُنْتَ تَدْرِي‏ أي: قبل نزوله عليك‏ مَا الْكِتابُ وَ لَا الْإِيمانُ‏ أي: ليس عندك علم بأخبار الكتب السابقة، و لا إيمان و عمل بالشرائع الإلهية، بل كنت أميا، لا تخط و لا تقرأ. فجاءك هذا الكتاب الذي‏ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا يستضيئون به في ظلمات الكفر و البدع، و الأهواء المردية، و يعرفون به الحقائق، و يهتدون به إلى الصراط المستقيم. وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ أي: تبينه لهم و توضحه، و ترغبهم فيه، و تنهاهم عن ضده، و ترهبهم منه ثمّ فسّر الصراط المستقيم فقال:

[53] صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ‏ أي: الصراط الذي نصبه‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 919

اللّه لعباده، و أخبرهم أنه موصل إليه و إلى دار كرامته. أَلا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ أي: ترجع جميع أمور الخير و الشر، فيجازي كلّا بعمله، إن خيرا فخير، و إن شراّ فشر.

سورة الزخرف‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 2] هذا قسم بالقرآن، فأقسم بالكتاب المبين، و أطلق، و لم يذكر المتعلق، ليدل على أنه مبين لكل ما يحتاج إليه العباد من أمور الدنيا و الدين و الآخرة.

[3- 5] إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا هذا هو المقسوم عليه، أنه جعل بأفصح اللغات و أوضحها، و أبينها، و هذا من بيانه. و ذكر الحكمة في ذلك فقال: لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏ ألفاظه و معانيه لتيسرها و قربها من الأذهان.

وَ إِنَّهُ‏ أي: هذا الكتاب‏ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا أي:

في الملأ الأعلى في أعلى الرتب و أفضلها لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ‏ أي: لعلي في قدره، و شرفه، و محله، حكيم فيما يشتمل عليه، من الأوامر، و النواهي، و الأخبار، فليس فيه حكم مخالف للحكمة، و العدل، و الميزان. ثمّ أخبر تعالى أن حكمته و فضله، تقتضي أن لا يترك عباده هملا، لا يرسل إليهم رسولا، و لا ينزل عليهم كتابا، و لو كانوا مسرفين ظالمين فقال: أَ فَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً أي: أ فنعرض عنكم، و نترك إنزال الذكر إليكم و نضرب عنكم صفحا، لأجل إعراضكم، و عدم انقيادكم؟ بل ننزل عليكم الكتاب، و نوضح لكم فيه كل شي‏ء. فإن آمنتم به و اهتديتم، فهو من توفيقكم، و إلّا، فقد قامت عليكم الحجة و كنتم على بيّنة من أمركم.

[6] يقول تعالى: إن هذه سنتنا في الخلق، أن لا نتركهم هملا. وَ كَمْ أَرْسَلْنا مِنْ نَبِيٍّ فِي الْأَوَّلِينَ‏ (6) يأمرونهم بعبادة اللّه وحده لا شريك له. و لم يزل التكذيب موجودا في الأمم.

[7] وَ ما يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ‏ (7) جحدا لما جاء به، و تكبرا على الحقّ.

[8] فَأَهْلَكْنا أَشَدَّ مِنْهُمْ‏ أي: من هؤلاء بَطْشاً أي:

قوة، و أفعالا و آثارا في الأرض. وَ مَضى‏ مَثَلُ الْأَوَّلِينَ‏ أي: مضت أمثالهم، و أخبارهم، و بينا لكم منها، ما فيه عبرة و مزدجر عن التكذيب.

[9] يخبر تعالى عن المشركين، أنك‏ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ‏ (9) أي: اللّه وحده لا شريك له، العزيز الذي دانت لعزته جميع المخلوقات، بظواهر الأمور، و بواطنها، و أوائلها، و أواخرها. فإذا كانوا مقرين بذلك، فكيف يجعلون له الولد، و الصاحبة، و الشريك؟ و كيف يشركون به، من لا يخلق، و لا يرزق، و لا يميت، و لا يحيي؟.

[10] ثمّ ذكر أيضا، من الأدلة الدالة على كمال نعمته و اقتداره، بما خلقه لعباده من الأرض، الّتي مهدها، و جعلها قرارا للعباد، يتمكنون فيها من كل ما يريدون. وَ جَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا أي: جعل منافذ، بين سلاسل الجبال المتصلة، تنفذون منها إلى ما وراءها من الأقطار. لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 920

في السير في الطرق و لا تضيعون، و لعلكم أيضا، تهتدون في الاعتبار بذلك، و الادكار فيه.

[11] وَ الَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ لا يزيد و لا ينقص، و يكون أيضا، بمقدار الحاجة، لا ينقص بحيث لا يكون فيه نفع، و لا يزيد بحيث يضر العباد و البلاد. بل أغاث به العباد، و أنقذ به البلاد من الشدة، و لهذا قال:

فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً أي: أحييناها بعد موتها كَذلِكَ تُخْرَجُونَ‏ أي: فكما أحيا الأرض الميتة الهامدة بالماء، كذلك يحييكم، بعد ما تستكملون في البرزخ، ليجازيكم بأعمالكم.

[12- 13] وَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها أي:

الأصناف جميعها، مما تنبت الأرض و من أنفسهم، و مما لا يعلمون، من ليل، و نهار، و حر، و برد، و ذكر، و أنثى، و غير ذلك. وَ جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ‏ أي: السفن البحرية، الشراعية و البخارية وَ من‏ الْأَنْعامِ ما تَرْكَبُونَ لِتَسْتَوُوا عَلى‏ ظُهُورِهِ‏ و هذا شامل لظهور الأنعام، أي: لتستقروا عليها.

ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ‏ بالاعتراف بالنعمة لمن سخرها، و الثناء عليه تعالى بذلك و لهذا قال: وَ تَقُولُوا سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا وَ ما كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ‏ أي: لو لا تسخيره لنا ما سخّر من الفلك، و الأنعام، ما كنا مطيقين لذلك، و قادرين عليه. و لكن من لطفه و كرمه تعالى، سخرها، و ذللها، و يسر أسبابها. و المقصود من هذا، بيان أن الرب الموصوف بما ذكره، من إفاضة النعم على العباد، هو الذي يستحق أن يعبد، و يصلى له و يسجد. [ وَ إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا لَمُنْقَلِبُونَ‏ (14) أي: و إنا إلى خالقنا لراجعون بعد هذه الحياة ليحاسب كلا بما قدمت يداه. و فيه إيذان و إعلام، بأن حق الراكب أن يتأمل فيما يلابسه، من المسير، و يتذكر منه المسافرة العظمى، الّتي هي الانقلاب و الرجوع إلى اللّه تعالى: فيبني أموره في مسيره ذلك، على تلك الملاحظة.

و لا يخطر بباله في شي‏ء، مما يأتي و يذر أمرا ينافيها، و من ضرورته أن يكون ركوبه لأمر مشروع‏] «1» .

[14- 17] يخبر تعالى عن شناعة قول المشركين، الّذين جعلوا للّه تعالى ولدا، و هو الواحد الأحد، الفرد الصمد، الذي لم يتخذ صاحبة و لا ولدا، و لم يكن له كفوا أحد. و إن ذلك باطل من عدة أوجه: منها: أن الخلق كلهم عباده، و العبودية، تنافي الولادة. و منها: أن الولد جزء من والده، و اللّه تعالى بائن من خلقه، مباين لهم في صفاته، و نعوت جلاله، و الولد جزء من الوالد، فمحال أن يكون اللّه تعالى ولد. و منها: أنهم يزعمون أن الملائكة بنات اللّه، و من المعلوم أن البنات أدون الصنفين. فكيف يكون للّه البنات، و يصطفيهم بالبنين، و يفضلهم بها؟ فإذا يكونون أفضل من اللّه، تعالى اللّه عن ذلك علوا كبيرا. و منها: أن الصنف الذي نسبوه للّه، و هو البنات، أدون الصنفين، و أكرهها لهم، حتى إنهم من كراهتهم لذلك‏ وَ إِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِما ضَرَبَ لِلرَّحْمنِ مَثَلًا ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا من كراهته و شدة بغضه، فكيف يجعلون للّه ما يكرهون؟ و منها: أن الأنثى ناقصة في وصفها، و في منطقها و بيانها، و لهذا قال تعالى:

[18] أَ وَ مَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ أي: يجمل فيها، لنقص جماله، فيجمل بأمر خارج منه؟ وَ هُوَ فِي‏

(1) سقط من المطبوعة، و هو موافق للسياق و اللّه أعلم.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 921

الْخِصامِ‏ أي: عند الخصام، الموجب لإظهار ما عند الشخص من الكلام‏ غَيْرُ مُبِينٍ‏ أي: غير مبين لحجته، و لا مفصح عمّا احتوى عليه ضميره، فكيف ينسبونهن للّه تعالى؟

[19] و منها: أنهم‏ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً فتجرؤوا على الملائكة، العباد المقربين، و رقوهم عن مرتبة العبادة و الذل، إلى مرتبة المشاركة للّه، في شي‏ء من خواصه، ثمّ نزلوا بهم عن مرتبة الذكورية، إلى مرتبة الأنوثية. فسبحان من أظهر تناقض من كذب عليه، و عاند رسله. و منها: أن اللّه رد عليهم بأنهم لم يشهدوا خلق اللّه لملائكته. فكيف يتكلمون بأمر غير المعلوم عند كل أحد، أنه ليس لهم به علم؟ و لكن لا بد أن يسألوا عن هذه الشهادة، و ستكتب عليهم، و يعاقبون عليها.

[20] و قوله تعالى: وَ قالُوا لَوْ شاءَ الرَّحْمنُ ما عَبَدْناهُمْ‏ فاحتجوا على عبادتهم الملائكة بالمشيئة، و هي حجة لم يزل المشركون يطرقونها، و هي حجة باطلة في نفسها، عقلا، و شرعا. فكل عاقل، لا يقبل الاحتجاج بالقدر، و لو سلكه في حالة من أحواله، لم يثبت عليها قدمه. و أما شرعا، فإن اللّه تعالى أبطل الاحتجاج به، و لم يذكره عن غير المشركين به، المكذبين لرسله، فإن اللّه تعالى قد أقام الحجة أصلا، و لهذا قال هنا: ما لَهُمْ بِذلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ‏ أي: يتخرصون تخرصا لا دليل عليه، و يتخبطون خبط عشواء.

[21] ثمّ قال: أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ فَهُمْ بِهِ مُسْتَمْسِكُونَ‏ (21) يخبرهم بصحة أفعالهم، و صدق أقوالهم؟ ليس الأمر كذلك، فإن اللّه أرسل محمدا نذيرا إليهم، و هم لم يأتهم نذير غيره. أي: فلا عقل، و لا نقل، و إذا انتفى الأمران، فلا ثمّ إلّا الباطل.

[22] نعم لهم شبهة من أوهى الشّبه، و هي: تقليد آبائهم الضالين، الّذين ما زال الكفرة يردون بتقليدهم دعوة الرسل، و لهذا قال هنا: بَلْ قالُوا إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى‏ أُمَّةٍ أي: على دين و ملة وَ إِنَّا عَلى‏ آثارِهِمْ مُهْتَدُونَ‏ أي:

فلا نتبع ما جاء به محمد صلّى اللّه عليه و سلم.

[23] وَ كَذلِكَ ما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها أي: منعموها، و ملؤها الّذين أطغتهم الدنيا، و غرتهم الأموال، و استكبروا على الحقّ. إِنَّا وَجَدْنا آباءَنا عَلى‏ أُمَّةٍ وَ إِنَّا عَلى‏ آثارِهِمْ مُقْتَدُونَ‏ أي: فهؤلاء ليسوا ببدع منهم، و ليسوا بأول من قال هذه المقالة. و هذا الاحتجاج، من هؤلاء المشركين الضالين، بتقليدهم لآبائهم الضالين، ليس المقصود به، اتباع الحقّ و الهدى، و إنّما هو تعصب محض، يراد به نصرة ما معهم من الباطل.

[24] و لهذا كل رسول يقول لمن عارضه بهذه الشبهة الباطلة أَ وَ لَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدى‏ مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آباءَكُمْ‏ أي:

أ فتتبعوني لأجل الهدى. قالُوا إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ‏ يعلم بهذا، أنهم ما أرادوا اتباع الحقّ و الهدى. و إنّما قصدهم، اتباع الباطل و الهوى.

[25] فَانْتَقَمْنا مِنْهُمْ‏ بتكذيبهم الحقّ، وردهم إياه، بهذه الشبهة الباطلة. فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ‏ فليحذر هؤلاء، أن يستمروا على تكذيبهم، فيصيبهم ما أصابهم.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 922

[26- 27] يخبر تعالى عن ملة إبراهيم الخليل عليه السّلام، الذي ينتسب إليه أهل الكتاب و المشركون، و كلهم يزعم أنه على طريقته. فأخبر عن دينه الذي ورثه في ذريته فقال: وَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَ قَوْمِهِ‏ الّذين اتخذوا من دون اللّه آلهة يعبدونهم، و يتقربون إليهم: إِنَّنِي بَراءٌ مِمَّا تَعْبُدُونَ‏ أي: مبغض له، مجتنب معاد لأهله‏ إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي‏ فإني أتولاه، و أرجو أن يهديني للعلم بالحق، و العمل بالحق.

فكما فطرني و دبرني بما يصلح بدني و دنياي‏ فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ‏ لما يصلح ديني و آخرتي.

[28] وَ جَعَلَها أي: هذه الخصلة الحميدة، الّتي هي أم الخصال و أساسها، و هي إخلاص العبادة للّه وحده، و التبرّي من عبادة ما سواه.

كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ‏ أي: في ذريته‏ لَعَلَّهُمْ‏ إليها يَرْجِعُونَ‏ لشهرتها عنه، و توصيته لذريته، و توصية بعض بنيه- كإسحاق و يعقوب- لبعض، كما قال تعالى: وَ مَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ‏ إلى آخر الآيات.

فلم تزل هذه الكلمة موجودة في ذريته عليه السّلام، حتى دخلهم الترف و الطغيان.

[29] فقال تعالى: بَلْ مَتَّعْتُ هؤُلاءِ وَ آباءَهُمْ‏ بأنواع الشهوات، حتى صارت هي غايتهم، و نهاية مقصودهم، فلم تزل يتربى حبها في قلوبهم، حتى صارت صفات راسخة، و عقائد متأصلة. حَتَّى جاءَهُمُ الْحَقُ‏ الذي لا شك فيه، و لا مرية و لا اشتباه. وَ رَسُولٌ مُبِينٌ‏ أي: بين الرسالة، قامت أدلة رسالته، قياما باهرا، بأخلاقه، و معجزاته، و بما جاء به، و بما صدق به المرسلين، و بنفس دعوته صلّى اللّه عليه و سلم.

[30] وَ لَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُ‏ الذي يوجب على من له أدنى دين و معقول، أن يقبله و ينقاد له. قالُوا هذا سِحْرٌ وَ إِنَّا بِهِ كافِرُونَ‏ و هذا من أعظم المعاندة و المشاقة. فإنهم لم يكتفوا بمجرد الإعراض عنه، بل و لا جحده، فلم يرضوا حتى قدحوا به، قدحا شنيعا، و جعلوه بمنزلة السحر الباطل، الذي لا يأتي به إلّا أخبث الخلق، و أعظمهم افتراء. و الذي حملهم على ذلك، طغيانهم بما متعهم اللّه به و آباءهم.

[31] وَ قالُوا مقترحين على اللّه بعقولهم الفاسدة: لَوْ لا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى‏ رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ‏ أي: معظّم عندهم، مبجّل من أهل مكة، و أهل الطائف، كالوليد بن المغيرة، و نحوه، ممن هو عندهم عظيم.

صفحه بعد