کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 448

يشفعون إلا بإذنه، فَمِنْهُمْ‏ أي: الخلق‏ شَقِيٌّ وَ سَعِيدٌ ، فالأشقياء هم الذين كفروا باللّه، و كذبوا رسله، و عصوا أمره، و السعداء هم: المؤمنون المتقون.

[106- 108] و أما جزاؤهم‏ فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا أي:

حصلت لهم الشقاوة، و الخزي و الفضيحة، فَفِي النَّارِ منغمسون في عذابها، مشتد عليهم عقابها، لَهُمْ فِيها من شدة ما هم فيه‏ زَفِيرٌ وَ شَهِيقٌ‏ و هو أشنع الأصوات و أقبحها. خالِدِينَ فِيها أي: في النار التي هذا عذابها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ‏ أي: خالدين فيها أبدا، إلا المدة التي شاء اللّه أن لا يكونوا فيها، كما قاله جمهور المفسرين. فالاستثناء على هذا، راجع إلى ما قبل دخولها، فهم خالدون فيها جميع الأزمان، سوى الزمن الذي قبل الدخول فيها. إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ فكل ما أراد فعله و اقتضته حكمته، فعله، تبارك و تعالى، لا يرده أحد عن مراده. وَ أَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا أي: حصلت لهم السعادة، و الفلاح، و الفوز، فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَ الْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ‏ ثم أكد ذلك بقوله: عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ أي: ما أعطاهم اللّه من النعيم المقيم، و اللذة العالية، فإنه دائم مستمر، غير منقطع بوقت من الأوقات، نسأل اللّه الكريم من فضله أن يجعلنا منهم.

[109] يقول اللّه تعالى لرسوله محمد صلّى اللّه عليه و سلّم: فَلا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِمَّا يَعْبُدُ هؤُلاءِ المشركون، أي: لا تشك في حالهم، و أن ما هم عليه باطل، فليس لهم دليل شرعي و لا عقلي، و إنما دليلهم و شبهتهم أنهم‏ ما يَعْبُدُونَ إِلَّا كَما يَعْبُدُ آباؤُهُمْ مِنْ قَبْلُ‏ . و من المعلوم أن هذا ليس بشبهة، فضلا عن أن يكون دليلا، لأن أقوال ما عدا الأنبياء، يحتج بها، خصوصا أمثال هؤلاء الضالين، الذين كثر خطؤهم و فساد أقوالهم في أصول الدين، فإن أقوالهم، و إن اتفقوا عليها، فإنها خطأ و ضلال. وَ إِنَّا لَمُوَفُّوهُمْ نَصِيبَهُمْ غَيْرَ مَنْقُوصٍ‏ أي: لا بد أن ينالهم نصيب من الدنيا، مما كتب لهم و إن كثر ذلك النصيب، أو راق في عينك، فإنه لا يدل على صلاح حالهم، فإن اللّه يعطي الدنيا من يحب، و من لا يحب، و لا يعطي الإيمان و الدين الصحيح إلا من يحب. و الحاصل أنه لا يغتر باتفاق الضالين على قول الضالين من آبائهم الأقدمين، و لا على ما خولهم اللّه، و آتاهم من الدنيا.

[110] يخبر تعالى أنه آتى موسى الكتاب الذي هو التوراة، الموجب للاتفاق على أوامره و نواهيه، و الاجتماع، و لكن مع هذا، فإن المنتسبين إليه، اختلفوا فيه اختلافا، أضر بعقائدهم، و بجامعتهم الدينية. وَ لَوْ لا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ‏ بتأخيرهم، و عدم معاجلتهم بالعذاب‏ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ‏ بإحلال العقوبة بالظالم، و لكنه تعالى، اقتضت حكمته أن أخر القضاء بينهم إلى يوم القيامة، و بقوا في شك مريب. و إذا كانت هذه حالهم، مع كتابهم فمع القرآن الذي أوحاه اللّه إليك غير مستغرب، من طائفة اليهود، أن لا يؤمنوا به، و أن يكونوا في شك منه مريب.

[111] وَ إِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ‏ أي: لا بد أن يقضي اللّه بينهم يوم القيامة بحكمه العدل فيجازي كلا بما يستحق. إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ‏ من خير و شر خَبِيرٌ فلا يخفى عليه شي‏ء من أعمالهم، دقيقها و جليلها.

[112- 113] ثم لما أخبر بعدم استقامتهم، التي أوجبت اختلافهم و افتراقهم، أمر نبيه محمدا صلّى اللّه عليه و سلّم و من معه من‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 449

المؤمنين أن يستقيموا كما أمروا، فيسلكوا ما شرعه اللّه من الشرائع، و يعتقدوا ما أخبر اللّه من العقائد الصحيحة، و لا يزيغوا عن ذلك، يمنة، و لا يسرة، و يدوموا على ذلك، و لا يطغوا، بأن يتجاوزوا ما حده اللّه لهم من الاستقامة.

و قوله: إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ أي: لا يخفى عليه من أعمالكم شي‏ء، و سيجازيكم عليها. ففيه ترغيب لسلوك الاستقامة، و ترهيب من ضدها، و لهذا حذرهم عن الميل إلى من تعدى الاستقامة فقال: وَ لا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فإنكم إذا ملتم إليهم، و وافقتموهم على ظلمهم، أو رضيتم ما هم عليه من الظلم‏ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ إن فعلتم ذلك‏ وَ ما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يمنعونكم من عذاب اللّه، و لا يحصلون لكم شيئا من ثواب اللّه. ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ‏ أي: لا يدفع عنكم العذاب إذا مسكم. ففي هذه الآية: التحذير من الركون إلى كل ظالم، و المراد بالركون، الميل و الانضمام إليه بظلمه، و موافقته على ذلك، و الرضا بما هو عليه من الظلم. و إذا كان هذا الوعيد في الركون إلى الظلمة، فكيف حال الظلمة؟ نسأل اللّه العافية من الظلم.

[114] يأمر تعالى بإقامة الصلاة كاملة طَرَفَيِ النَّهارِ أي: أوله و آخره، و يدخل في هذا، صلاة الفجر، و صلاتا الظهر و العصر، وَ زُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ‏ و يدخل في ذلك صلاة المغرب و العشاء، و يتناول ذلك قيام الليل، فإنها مما تزلف العبد، و تقربه إلى اللّه تعالى. إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ‏ أي: فهذه الصلوات الخمس، و ما ألحق بها من التطوعات من أكبر الحسنات، و هي:- مع أنها حسنات- تقرب إلى اللّه، و توجب الثواب، فإنها تذهب السيئات و تمحوها، و المراد بذلك: الصغائر، كما قيدتها الأحاديث الصحيحة عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم مثل قوله: «و الصلوات الخمس، و الجمعة إلى الجمعة، و رمضان إلى رمضان، مكفرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر»، بل كما قيدتها الآية التي في سورة النساء، و هي قوله عز و جل:، إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَ نُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً (31). ذلك و لعل الإشارة لكل ما تقدم من لزوم الاستقامة على الصراط المستقيم و عدم مجاوزته و تعديه، و عدم الركون إلى الذين ظلموا. و الأمر بإقامة الصلاة، و بيان أن الحسنات يذهبن السيئات، الجميع‏ ذِكْرى‏ لِلذَّاكِرِينَ‏ يفهمون بها ما أمرهم اللّه به، و نهاهم عنه، و يمتثلون لتلك الأوامر الحسنة المثمرة للخيرات، الدافعة للشرور و السيئات.

[115] و لكن تلك الأمور، تحتاج إلى مجاهدة النفس، و الصبر عليها و لهذا قال: وَ اصْبِرْ أي: احبس نفسك على طاعة اللّه، و عن معصيته، و إلزامها لذلك، و استمر و لا تضجر. فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ‏ بل يتقبل اللّه عنهم أحسن الذي عملوا، و يجزيهم أجرهم، بأحسن ما كانوا يعملون. و في هذا ترغيب عظيم، للزوم الصبر، بتشويق النفس الضعيفة، إلى ثواب اللّه، كلما و نت و فترت.

[116] لما ذكر تعالى إهلاك الأمم المكذبة للرسل، و أن أكثرهم منحرفون عن أهل الكتب الإلهية و ذلك كله يقضي على الأديان بالذهاب و الاضمحلال، ذكر أنه لولا أنه جعل في القرون الماضية بقايا من أهل الخير يدعون إلى‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 450

الهدى، و ينهون عن الفساد و الردى، فحصل من نفعهم، و أبقيت به الأديان، و لكنهم قليلون جدا. و غاية الأمر، أنهم نجوا باتباعهم المرسلين، و قيامهم بما قاموا به من دينهم، و يكون حجة اللّه أجراها على أيديهم، ليهلك من هلك عن بيّنة و يحيا من حيّ عن بيّنة. وَ لكن‏ اتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ‏ أي: اتبعوا ما هم فيه من النعيم و الترف، و لم يبغوا به بدلا. وَ كانُوا مُجْرِمِينَ‏ أي: ظالمين، باتباعهم ما أترفوا فيه، فلذلك حق عليهم العقاب، و استأصلهم العذاب. و في هذا حث لهذه الأمة أن يكون فيهم بقايا مصلحون، لما أفسد الناس، قائمون بدين اللّه، يدعون من ضل إلى الهدى، و يصبرون منهم على الأذى، و يبصرونهم من العمى. و في هذه الحالة، أعلى حالة يرغب فيها الراغبون، و صاحبها يكون إماما في الدين، إذ جعل عمله خالصا لرب العالمين.

[117] أي: و ما كان اللّه ليهلك القرى بظلم منه لهم، و الحال أنهم مصلحون، أي: مقيمون على الصلاح، مستمرون عليه. فما كان اللّه ليهلكهم إلا إذا ظلموا، و قامت عليهم حجة اللّه. و يحتمل أن المعنى: و ما كان ربك ليهلك القرى بظلمهم السابق، إذا رجعوا و أصلحوا عملهم. فإن اللّه يعفو عنهم، و يمحو ما تقدم من ظلمهم.

[118- 119] يخبر تعالى أنه لو شاء لجعل الناس أمة واحدة على الدين الإسلامي، فإن مشيئته غير قاصرة، و لا يمتنع عليه شي‏ء، و لكنه اقتضت حكمته أن لا يزالوا مختلفين، مخالفين للصراط المستقيم، متبعين للسبل الموصلة إلى النار، كل يرى الحق فيما قاله، و الضلال في قول غيره. إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ‏ فهداهم إلى العلم بالحق و العمل به، و الاتفاق عليه، فهؤلاء سبقت لهم سابقة السعادة، و تداركتهم العناية الربانية و التوفيق الإلهي. و أما من عداهم فهم مخذولون موكولون إلى أنفسهم. و قوله: وَ لِذلِكَ خَلَقَهُمْ‏ أي: اقتضت حكمته، أنه خلقهم، ليكون منهم السعداء و الأشقياء، و المتفقون و المختلفون، و الفريق الذي هدى اللّه، و الفريق الذي حقت عليهم الضلالة، ليتبين للعباد عدله، و حكمته، و ليظهر ما كمن من الطباع البشرية من الخير و الشر، و لتقوم سوق الجهاد و العبادات التي لا تتم و لا تستقيم إلا بالامتحان و الابتلاء. وَ لأنه‏ تَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ‏ فلا بد أن ييسر للنار أهلا، يعملون بأعمالها الموصلة إليها.

[120] لما ذكر في هذه السورة من أخبار الأنبياء، ما ذكر، ذكر الحكمة في ذكر ذلك فقال: وَ كُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ‏ أي، قلبك ليطمئن، و يثبت، و تصبر، كما صبر أولو العزم من الرسل. فإن النفوس تأنس بالاقتداء، و تنشط على الأعمال، و تريد المنافسة لغيرها، و يتأيد الحق بذكر شواهده، و كثرة من قام به.

وَ جاءَكَ فِي هذِهِ‏ السورة الْحَقُ‏ اليقين، فلا شك فيه بوجه من الوجوه، فالعلم بذلك من العلم بالحق الذي هو أكبر فضائل النفوس. وَ مَوْعِظَةٌ وَ ذِكْرى‏ لِلْمُؤْمِنِينَ‏ أي: يتعظون به، فيرتدعون عن الأمور المكروهة، و يتذكرون الأمور المحبوبة للّه، فيفعلونها.

[121- 122] و أما من ليس من أهل الإيمان، فلا تنفعهم المواعظ، و أنواع التذكير، و لهذا قال: وَ قُلْ لِلَّذِينَ لا

تيسير الكريم الرحمن، ص: 451

يُؤْمِنُونَ‏ بعد ما قامت عليهم الآيات، اعْمَلُوا عَلى‏ مَكانَتِكُمْ‏ أي: حالتكم التي أنتم عليها إِنَّا عامِلُونَ‏ على ما كنا عليه‏ وَ انْتَظِرُوا ما يحل بنا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ‏ ما يحل بكم. و قد فصل اللّه بين الفريقين، و أرى عباده نصره لعباده المؤمنين، و قمعه لأعداء اللّه المكذبين.

[123] وَ لِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ أي: ما غاب فيهما من الخفايا، و الأمور الغيبية. وَ إِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ‏ من الأعمال و العمال، فيميز الخبيث من الطيب. فَاعْبُدْهُ وَ تَوَكَّلْ عَلَيْهِ‏ أي: قم بعبادته، و هي جميع ما أمر اللّه به مما تقدر عليه، و توكل على اللّه في ذلك. وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ‏ من الخير و الشر، بل قد أحاط علمه بذلك، و جرى به قلمه، و سيجري عليه حكمه، و جزاؤه. تم تفسير سورة هود و الحمد للّه رب العالمين، و صلّى اللّه على محمد و سلم و كان الفراغ من نسخه في يوم السبت 12 من شهر ربيع الآخر سنة 1413.

سورة يوسف‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] يخبر تعالى أن آيات القرآن هي‏ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ‏ أي: البين الواضحة ألفاظه، و معانيه.

[2] و من بيانه و إيضاحه: أنه أنزله باللسان العربي، أشرف الألسنة، و أبينها. المبين، لكل ما يحتاجه الناس، من الحقائق النافعة، و كل هذا الإيضاح و التبيين‏ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏ أي: لتعقلوا حدوده، و أصوله، و فروعه، و أوامره، و نواهيه. فإذا عقلتم ذلك بإيقانكم، و اتصفت قلوبكم بمعرفتها، أثمر ذلك، عمل الجوارح، و الانقياد إليه، و لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ‏ أي: تزداد عقولكم، بتكرر المعاني الشريفة العالية، على أذهانكم، فتنتقلون من حال إلى أحوال، أعلى منها و أكمل.

[3] نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ‏ و ذلك لصدقه، و سلاسة عبارته، و رونق معانيه، بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ‏ أي: بما اشتمل عليه هذا القرآن، الذي أوحيناه إليك، و فضلناك به على سائر الأنبياء، و ذاك محض منّة، من اللّه و إحسان. وَ إِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ‏ أي: ما كنت تدري، ما الكتاب، و لا الإيمان، قبل أن يوحي اللّه إليك، و لكن جعلناه نورا، نهدي به من نشاء، من عبادنا. و لما مدح ما اشتمل عليه هذا القرآن، من القصص، و أنه أحسن القصص على الإطلاق، فلا يوجد من القصص، في شي‏ء من الكتب، مثل هذا القرآن، ذكر قصة يوسف، و أبيه، و إخوته، القصة العجيبة الحسنة، فقال: إِذْ قالَ يُوسُفُ‏ إلى‏ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏ ، و اعلم أن اللّه ذكر أنه يقص على رسوله، أحسن القصص في هذا الكتاب. ثم ذكر هذه القصة، و بسطها، و ذكر ما جرى فيها، فعلم بذلك، أنها قصة تامة، كاملة حسنة. فمن أراد أن يكملها أو يحسنها، بما يذكر في الإسرائيليات، التي‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 452

لا يعرف له سند و لا ناقل، و أغلبها كذب، فهو مستدرك على اللّه، و مكمل لشي‏ء، بزعم أنه ناقص. و حسبك بأمر ينتهي إلى هذا الحد قبحا، فإن تضاعيف هذه السورة، قد ملئت في كثير من التفاسير، من الأكاذيب، و الأمور الشنيعة المناقضة، لما قصه اللّه تعالى بشي‏ء كثير. فعلى العبد أن يفهم عن اللّه، ما قصه، و يدع، ما سوى ذلك، مما ليس عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم، ينقل.

[4- 5] فقوله تعالى: إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ‏ يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم الخليل، عليهم الصلاة و السلام:

يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَ الشَّمْسَ وَ الْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ‏ . فكانت هذه الرؤيا، مقدمة لما وصل إليه يوسف عليه السلام، من الارتفاع في الدنيا و الآخرة. و هكذا إذا أراد اللّه أمرا من الأصول العظام، قدم بين يديه مقدمة، توطئة له، و تسهيلا لأمره، و استعدادا لما يرد على العبد من المشاق، و لطفا بعبده، و إحسانا إليه، فأوّلها يعقوب، بأن الشمس: أمه، و القمر أبوه، و الكواكب، إخوته، و أنه ستنتقل به الأحوال إلى أن يصير إلى حال يخضعون له، و يسجدون له، إكراما و إعظاما، و أن ذلك لا يكون، إلا بأسباب تتقدمه من اجتباء اللّه له، و اصطفائه إياه، و إتمام نعمته عليه، بالعلم و العمل، و التمكين في الأرض.

[6] و أن هذه النعمة ستشمل آل يعقوب، الذين سجدوا له، و صاروا تبعا له فيها، و لهذا قال: وَ كَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ‏ أي: يصطفيك و يختارك بما منّ به عليك من الأوصاف الجليلة، و المناقب الجميلة، وَ يُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ‏ أي: من تعبير الرؤيا، و بيان من تؤول إليه الأحاديث الصادقة، كالكتب السماوية و نحوها، وَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ‏ في الدنيا و الآخرة، بأن يؤتيك في الدنيا حسنة، و في الآخرة حسنة، كَما أَتَمَّها عَلى‏ أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ‏ حيث أنعم اللّه عليهما، بنعم عظيمة واسعة، دينية، و دنيوية. إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏ أي: علمه محيط بالأشياء، و بما احتوت عليه، ضمائر العباد، من البر و غيره، فيعطي كلا، ما تقتضيه حكمته و حمده، فإنه حكيم، يضع الأشياء مواضعها، و ينزلها منازلها. و لما تم تعبيرها ليوسف، قال له أبوه: يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى‏ إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً أي: حسدا من عند أنفسهم، بأن تكون أنت الرئيس الشريف عليهم. إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ‏ لا يفتر عنه، ليلا و لا نهارا، و لا سرا، و لا جهارا، فالبعد عن الأسباب، التي يتسلط بها على العبد، أولى، فامتثل يوسف أمر أبيه، و لم يخبر إخوته بذلك، بل كتمها عنهم.

[7] يقول تعالى: لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَ إِخْوَتِهِ آياتٌ‏ أي: عبر و أدلة، على كثير من المطالب الحسنة.

لِلسَّائِلِينَ‏ أي: لكل من سأل عنها، بلسان الحال، أو بلسان المقال. فإن السائلين، هم الذين ينتفعون بالآيات و العبر، و أما المعرضون، فلا ينتفعون بالآيات، و لا بالقصص، و البينات.

[8] إِذْ قالُوا فيما بينهم: لَيُوسُفُ وَ أَخُوهُ‏ بنيامين، أي: شقيقه، و إلا، فكلهم إخوة، أَحَبُّ إِلى‏ أَبِينا مِنَّا وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ أي: جماعة، فكيف يفضلهما بالمحبة و الشفقة، إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ‏ أي: لفي خطأ بيّن، حيث فضلهما علينا، من غير موجب نراه، و لا أمر نشاهده.

[9] اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً أي: غيبوه عن أبيه، في أرض بعيدة، لا يتمكن من رؤيته فيها. فإنكم إذا فعلتم أحد هذين الأمرين‏ يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ‏ ، أي: يتفرغ لكم، و يقبل عليكم بالشفقة و المحبة، فإنه قد اشتغل قلبه بيوسف، شغلا، لا يتفرغ لكم، وَ تَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ‏ أي: من بعد هذا الصنيع‏ قَوْماً صالِحِينَ‏ أي: تتوبون إلى اللّه، و تستغفرونه من بعد ذنبكم. فقدموا العزم على التوبة، قبل صدور الذنب منهم تسهيلا لفعله، و إزالة لشناعته، و تنشيطا من بعضهم لبعض.

[10] أي: قالَ قائِلٌ‏ من إخوة يوسف، الذين أرادوا قتله، أو تبعيده: لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ‏ فإن قتله أعظم إثما، و أشنع، و المقصود يحصل بتبعيده عن أبيه، من غير قتل، و لكن توصلوا إلى تبعيده بأن تلقوه‏ فِي غَيابَتِ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 453

الْجُبِ‏ و تتوعدوه، على أنه لا يخبر بشأنكم، بل على أنه عبد مملوك آبق، لأجل أن‏ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ الذين يريدون مكانا بعيدا، فيحتفظوا به. و هذا القائل أحسنهم رأيا في يوسف، و أبرهم، و أتقاهم في هذه القضية. فإن بعض الشر، أهون من بعض، و الضرر الخفيف، يدفع به الضرر الثقيل.

[11] فلما اتفقوا على هذا الرأي‏ قالُوا يا أَبانا ما إلى قوله: إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ‏ ، أي: قال إخوة يوسف، متوصلين إلى مقصدهم لأبيهم: يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى‏ يُوسُفَ وَ إِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ‏ أي: لأي شي‏ء يدخلك الخوف منا، على يوسف، من غير سبب، و لا موجب؟ وَ الحال‏ إِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ‏ أي: مشفقون عليه، نود له ما نود لأنفسنا، و هذا يدل على أن يعقوب عليه السلام، لا يترك يوسف يذهب مع إخوته للبرية و نحوها.

[12] فلما نفوا عن أنفسهم التهمة المانعة، لعدم إرساله معهم، ذكروا له من مصلحة يوسف و أنسه، الذي يحبه أبوه له، ما يقتضي أن يسمح بإرساله معهم، فقالوا: أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَ يَلْعَبْ‏ أي: يتنزه في البرية و يستأنس، وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ‏ أي: سنراعيه، و نحفظه من كل أذى يريده.

[13- 14] فأجابهم بقوله: إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ‏ أي: مجرد ذهابكم به، يحزنني، و يشق عليّ، لأنني لا أقدر على فراقه، و لو مدة يسيرة. فهذا مانع من إرساله‏ وَ مانع ثان، و هو: أني‏ أَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَ أَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ‏ أي: في حال غفلتكم عنه، لأنه صغير، لا يمتنع من الذئب. قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَ نَحْنُ عُصْبَةٌ أي: جماعة، حريصون على حفظه، إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ‏ أي: لا خير فينا، و لا نفع يرجى منا، إن أكله الذئب، و غلبنا عليه. فلما مهدوا لأبيهم الأسباب الداعية لإرساله، و عدم الموانع، سمح حينئذ بإرساله معهم، لأجل أنسه.

[15- 17] أي: لما ذهب إخوة يوسف، بعد ما أذن له أبوه، و عزموا أن يجعلوه في غيابة الجب، كما قال قائلهم، السابق ذكره، و كانوا قادرين على ما أجمعوا عليه، فنفذوا فيه قدرتهم، و ألقوه في الجب، ثم إن اللّه، لطف به، بأن أوحى إليه و هو بتلك الحال الحرجة، لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَ هُمْ لا يَشْعُرُونَ‏ أي: سيكون منك معاتبة لهم، و إخبار عن أمرهم هذا، و هم لا يشعرون بذلك الأمر. ففيه بشارة له، بأنه سينجو مما وقع فيه، و أن اللّه سيجمعه بأهله و إخوته، على وجه العز و التمكين له، في الأرض. وَ جاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ‏ (16) ليكون إتيانهم، متأخرا عن عادتهم، و بكاؤهم دليلا لهم، و قرينة على صدقهم، فقالوا- معتذرين بعذر كاذب-، يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ‏ إما على الأقدام، أو بالرمي و النضال، وَ تَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا توفيرا له و راحة، فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ‏ في حال غيابنا عنه و استباقنا، وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَ لَوْ كُنَّا صادِقِينَ‏ أي: اعتذرنا بهذا العذر، و الظاهر أنك لا تصدقنا، لما في قلبك من الحزن على يوسف، و الرقة الشديدة عليه.

[18] و لكن عدم تصديقك إيانا، لا يمنعنا أن نعتذر بالعذر الحقيقي، و كل هذا، تأكيد لعذرهم، وَ مما أكدوا به قولهم، أنهم‏ جاؤُ عَلى‏ قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ‏ زعموا، أنه دم‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 454

يوسف، حين أكله الذئب، فلم يصدقهم أبوهم بذلك، و قالَ‏ : بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً أي: زينت لكم أنفسكم أمرا قبيحا في التفريق بيني و بينه، لأنه رأى من القرائن و الأحوال، و من رؤيا يوسف، التي قصها عليه، ما دله على ما قال. فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَ اللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى‏ ما تَصِفُونَ‏ أي: أما أنا، فوظيفتي سأحرص على القيام بها، و هي أني أصبر على هذه المحنة، صبرا جميلا، سالما من السخط و التّشكّي إلى الخلق، و أستعين اللّه على ذلك، لا على حولي و قوتي. فوعد من نفسه هذا الأمر و شكى إلى خالقه في قوله: إِنَّما أَشْكُوا بَثِّي وَ حُزْنِي إِلَى اللَّهِ‏ لأن الشكوى إلى الخالق، لا تنافي الصبر الجميل، لأن النبي، إذا وعد وفى.

[19- 20] أي: مكث يوسف في الجب، ما مكث، حتى‏ جاءَتْ سَيَّارَةٌ أي: قافلة تريد مصر، فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ‏ أي: فرطهم و مقدمهم، الذي يعس لهم المياه، و يسبرها و يستعد لهم بتهيئة الحياض و نحو ذلك، فَأَدْلى‏ ذلك الوارد دَلْوَهُ‏ فتعلق فيه يوسف عليه السلام، و خرج. قالَ يا بُشْرى‏ هذا غُلامٌ‏ أي: استبشر و قال: هذا غلام نفيس، وَ أَسَرُّوهُ بِضاعَةً و كان إخوته قريبا منه، فاشتراه السيارة منهم، بِثَمَنٍ بَخْسٍ‏ أي: قليل جدا، فسره بقوله: دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَ كانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ‏ . لأنه لم يكن لهم قصد، إلا تغييبه، و إبعاده عن أبيه، و لم يكن لهم قصد في أخذ ثمنه. و المعنى في هذا:

أن السيارة، لما وجدوه، عزموا أن يسرّوا أمره، و يجعلوه من جملة بضائعهم، التي معهم، حتى جاءهم إخوته، فزعموا أنه عبد أبق منهم، فاشتروه منهم، بذلك الثمن، و استوثقوا منهم فيه، لئلا يهرب، و اللّه أعلم.

[21] أي لما ذهب به السيارة إلى مصر، و باعوه بها، فاشتراه عزيز مصر. فلما اشتراه، أعجب به، و وصى عليه امرأته و قال: أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى‏ أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً أي: إما أن ينفعنا كنفع العبيد، بأنواع الخدم، و إما أن نستمتع فيه، استمتاعنا بأولادنا، و لعل ذلك أنه لم يكن لهما ولد، وَ كَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ‏ أي: كما يسرنا له أن يشتريه عزيز مصر، و يكرمه هذا الإكرام، جعلنا هذا، مقدمة لتمكينه في الأرض، من هذا الطريق.

وَ لِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ‏ إذا بقي لا شغل له و لا همّ سوى العلم صار ذلك من أسباب تعلمه علما كثيرا، من علم الأحكام، و علم التعبير، و غير ذلك، وَ اللَّهُ غالِبٌ عَلى‏ أَمْرِهِ‏ أي: أمره تعالى نافذ، لا يبطله مبطل، و لا يغلبه مغالب، وَ لكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ‏ . فلذلك يجري منهم، و يصدر، في مغالبة أحكام اللّه القدرية، و هم أعجز، و أضعف من ذلك.

صفحه بعد