کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 972

و كل منهما قَعِيدٌ بذلك متهيى‏ء لعمله الذي أعد له، ملازم لذلك.

[18] ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ‏ من خير أو شر إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ، أي: مراقب له، حاضر لحاله، كما قال تعالى: وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (10) كِراماً كاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ‏ (12).

[19] أي:. وَ جاءَتْ‏ هذا الغافل المكذب بآيات اللّه‏ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِ‏ الذي لا مرد له و لا مناص، ذلِكَ ما كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ، أي: تتأخر و تنكص عنه.

[20] وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ ذلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20)، أي: اليوم الذي يلحق الظالمين ما أوعدهم اللّه به من العقاب، و المؤمنين ما وعدهم به من الثواب.

[21] وَ جاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ‏ يسوقها إلى موقف القيامة، فلا يمكنها أن تتأخر عنه، وَ شَهِيدٌ يشهد عليها بأعمالها، خيرها و شرها، و هذا يدل على اعتناء اللّه بالعباد، و حفظه لأعمالهم، و مجازاته لهم بالعدل، فهذا الأمر، مما يجب أن يجعله العبد منه على بال.

[22] و لكن أكثر الناس غافلون، و لهذا قال: لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا ، أي: يقال للمعرض المكذب يوم القيامة هذا الكلام، توبيخا، و لوما و تعنيفا، أي: لقد كنت مكذبا بهذا، تاركا العمل له (ف) الآن كشفنا عَنْكَ غِطاءَكَ‏ الذي غطى قلبك، فكثر نومك، و استمر إعراضك، فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ينظر ما يزعجه و يروعه، من أنواع العذاب و النكال. أو هذا خطاب من اللّه للعبد، فإنه في الدنيا، في غفلة عما خلق له، و لكنه يوم القيامة ينتبه و يزول عنه و سنه، في وقت لا يمكنه أن يتدارك الفارط، و لا يستدرك الفائت، و هذا كله تخويف من اللّه للعباد، و ترهيب بذكر ما يكون على المكذبين في ذلك اليوم العظيم.

[23] يقول تعالى: وَ قالَ قَرِينُهُ‏ ، أي: قرين هذا المكذب المعرض، من الملائكة، الذين وكلهم اللّه على حفظه، و حفظ أعماله، فيحضره يوم القيامة و يحضر أعماله و يقول: هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ ، أي: قد أحضرت ما جعلت عليه، من حفظه و حفظ عمله، فيجازى بعمله.

[24] و يقال لمن استحق النار: أَلْقِيا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24)، أي: كثير الكفر و العناد لآيات اللّه، المكثر من المعاصي، المجترئ على المحارم و المآثم.

[25- 26] مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ ، أي: يمنع الخير الذي قبله، الذي أعظمه، الإيمان باللّه، و ملائكته، و كتبه، و رسله، مناع، لنفع ماله و بدنه. مُعْتَدٍ على عباد اللّه، و على حدوده، مُرِيبٍ‏ ، أي: شاك في وعد اللّه و وعيده، فلا إيمان و لا إحسان و لكن وصفه الكفر و العدوان، و الشك و الريب و الشح، و اتخاذ الآلهة من دون الرحمن، و لهذا قال: الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ ، أي: عبد معه غيره، ممن لا يملك لنفسه ضرا و لا نفعا، و لا موتا و لا حياة، و لا نشورا. فَأَلْقِياهُ‏ أيها الملكان القرينان‏ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ الذي هو معظمها و أشدها و أشنعها.

[27] قالَ قَرِينُهُ‏ الشيطان، متبرئا منه، حاملا عليه إثمه: رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ‏ لأني لم يكن لي عليه سلطان و لا حجة و لا برهان. وَ لكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ ، فهو الذي ضل و بعد عن الحق، باختياره. كما قال في الآية الأخرى:

وَ قالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَ وَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ‏ الآية.

[28] قال اللّه تعالى مجيبا لاختصامهم: لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَ‏ ، أي: لا فائدة في اختصامكم عندي، وَ الحال أني‏ قَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ ،

تيسير الكريم الرحمن، ص: 973

أي: جاءتكم رسلي بالآيات البينات، و الحجج الواضحات، و البراهين الساطعات، فقامت عليكم حجتي، و انقطعت حجتكم، و قدمتم إليّ بما أسلفتم من الأعمال التي وجب جزاؤها.

[29] ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَ‏ ، أي: لا يمكن أن يخلف ما قاله اللّه و أخبر به، لأنه لا أصدق من اللّه قيلا، و لا أصدق حديثا. وَ ما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ، بل أجزيهم بما عملوا من خير و شر، فلا يزاد في سيئاتهم، و لا ينقص من حسناتهم.

[30] يقول تعالى مخوفا لعباده: يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ‏ ، و ذلك من كثرة ما ألقي فيها. وَ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ، أي: لا تزال تطلب الزيادة، من المجرمين العاصين، غضبا لربها، و غيظا على الكافرين. و قد وعدها اللّه ملأها، كما قال تعالى: لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ* حتى يضع رب العزة عليها قدمه الكريمة المنزهة عن التشبيه، فينزوي بعضها على بعض، و تقول: قط قط، قد اكتفيت و امتلأت.

[31] وَ أُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ ، أي: قربت‏ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ بحيث تشاهد و ينظر ما فيها، من النعيم المقيم، و الحبرة و السرور، و إنما أزلفت و قربت، لأجل المتقين لربهم، التاركين للشرك، كبيره و صغيره، الممتثلين لأوامر ربهم، المنقادين له.

[32] و يقال لهم على وجه التهنئة: هذا ما تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32)، أي: هذه الجنة و ما فيها، ما تشتهيه الأنفس، و تلذ الأعين، هي التي وعد اللّه كل أواب، أي: رجّاع إلى اللّه، في جميع الأوقات، بذكره و حبه، و الاستعانة به، و دعائه و خوفه و رجائه.

حَفِيظٍ ، أي: محافظ على ما أمر اللّه به، بامتثاله على وجه الإخلاص، و الإكمال له على أتم الوجوه، حفيظ لحدوده.

[33] مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ‏ ، أي: خافه على وجه المعرفة بربه، و الرجاء لرحمته و لازم على خشية اللّه في حال غيبه، أي: مغيبه عن أعين الناس، و هذه هي الخشية الحقيقية. و أما خشيته في حال نظر الناس و حضورهم، فقد تكون رياء و سمعة، فلا تدل على الخشية، و إنما الخشية النافعة، خشيته في الغيب و الشهادة. وَ جاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ‏ ، أي: وصفه الإنابة إلى مولاه، و انجذاب دواعيه إلى مراضيه.

[34] و يقال لهؤلاء الأتقياء الأبرار: ادْخُلُوها بِسَلامٍ‏ ، أي: دخولا مقرونا بالسلامة من الآفات و الشرور، مأمونا فيه جميع مكاره الأمور، فلا انقطاع لنعيمهم، و لا كدر، و لا تنغيص. ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ الذي لا زوال له و لا موت، و لا شي‏ء من المكدرات.

[35] لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها ، أي: كل ما تعلقت به مشيئتهم، فهو حاصل فيها. وَ لَدَيْنا فوق ذلك‏ مَزِيدٌ ، أي: ثواب يمدهم به الرحمن الرحيم، مما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر. و أعظم ذلك و أجلّه و أفضله، النظر إلى وجهه الكريم، و التمتع بسماع كلامه، و التنعم بقربه، فنسأله ذلك من فضله.

[36] يقول تعالى- مخوفا للمشركين المكذبين للرسول-: وَ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ‏ ، أي: أمما كثيرة هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً ، أي: قوة و آثارا في الأرض. و لهذا قال: فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ ، أي: بنوا الحصون المنيعة و المنازل الرفيعة، و غرسوا الأشجار، و أجروا الأنهار، و زرعوا، و عمروا، و دمروا. فلما كذبوا رسل اللّه، و جحدوا آياته، أخذهم اللّه بالعقاب الأليم، و العذاب الشديد. هَلْ مِنْ مَحِيصٍ‏ ، أي: لا مفر لهم من عذاب اللّه، حين نزل بهم،

تيسير الكريم الرحمن، ص: 974

و لا منقذ، فلم تغن عنهم قوتهم، و لا أموالهم، و لا أولادهم.

[37] إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ‏ ، أي: قلب عظيم حيّ، ذكيّ، زكيّ، فهذا إذا ورد عليه شي‏ء من آيات اللّه، تذكر بها، و انتفع، فارتفع. و كذلك من ألقى سمعه إلى آيات اللّه، و استمعها، استماعا يسترشد به، و قلبه‏ شَهِيدٌ ، أي: حاضر، فهذا أيضا له ذكرى و موعظة، و شفاء و هدى. و أما المعرض، الذي لم يصغ سمعه إلى الآيات، فهذا لا تفيده شيئا، لأنه لا قبول عنده، و لا تقتضي حكمة اللّه هداية من هذا نعته.

[38] و هذا إخبار منه تعالى عن قدرته العظيمة، و مشيئته النافذة، التي أوجد بها أعظم المخلوقات‏ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ‏ ، أولها يوم الأحد، و آخرها يوم الجمعة، من غير تعب و لا نصب، و لا لغوب، و لا إعياء. فالذي أوجدها- على كبرها و عظمها- قادر على إحياء الموتى، من باب أولى و أحرى.

[39] فَاصْبِرْ عَلى‏ ما يَقُولُونَ‏ من الذم لك و التكذيب بما جئت به، و اشتغل عنهم بطاعة ربك و تسبيحه، أول النهار و آخره، في أوقات الليل، و أدبار الصلوات. فإن ذكر اللّه تعالى مسلّ للنفس، مؤنس لها، مهوّن للصبر.

[41] أي: وَ اسْتَمِعْ‏ بقلبك‏ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ و هو إسرافيل عليه السلام، أي: حين ينفخ في الصور مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ‏ من الأرض.

[42] يَوْمَ يَسْمَعُونَ‏ تلك‏ الصَّيْحَةَ المزعجة المهولة بِالْحَقِ‏ الذي لا شك فيه و لا متراء. ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ‏ من القبور، الذي انفرد به القادر على كل شي‏ء، و لهذا قال:

[43- 44] إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَ نُمِيتُ وَ إِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ‏ ، أي: عن الخلائق. سِراعاً ، أي:

يسرعون لإجابة الداعي لهم إلى موقف القيامة. ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ ، أي: سهل على اللّه، لا تعب فيه و لا كلفة.

[45] نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ‏ لك، مما يحزنك من الأذى. و إذا كنا أعلم بذلك، فقد علمت كيف اعتناؤنا بك، و تيسيرنا لأمورك، و نصرنا لك على أعدائك، فليفرح قلبك، و لتطمئن نفسك، و لتعلم أننا أرحم بك و أرأف من نفسك. فلم يبق لك إلا انتظار وعد اللّه و التأسّي بأولي العزم، من رسل اللّه. وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ، أي: مسلط عليهم‏ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ، و لهذا قال: فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ و التذكير، هو تذكير بما تقرر في العقول و الفطر، من محبة الخير و إيثاره و فعله، و من بغض الشر و مجانبته، و إنما يتذكر بالتذكير، من يخاف وعيد اللّه. و أما من لم يخف الوعيد و لم يؤمن به، فهذا فائدة تذكيره إقامة الحجة عليه، لئلا يقول: ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ .

آخر تفسير سورة (ق) و الحمد للّه أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 975

سورة الذاريات‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] هذا قسم من اللّه الصادق في قيله، بهذه المخلوقات العظيمة التي جعل اللّه فيها من المصالح و المنافع، ما جعل على أن وعده صدق، و أن الدين الذي هو يوم الجزاء و المحاسبة على الأعمال، لواقع لا محالة، ما له من دافع.

فإذا أخبر به الصادق العظيم و أقسم عليه، و أقام الأدلة و البراهين عليه، فلم يكذب به المكذبون، و يعرض عن العمل له العاملون. وَ الذَّارِياتِ‏ هي الرياح التي تذور في هبوبها ذَرْواً بلينها، و لطفها، و قوتها، و إزعاجها.

[2] فَالْحامِلاتِ وِقْراً (2)، هي: السحاب، تحمل الماء الكثير، الذي ينفع اللّه به العباد و البلاد.

[3] فَالْجارِياتِ يُسْراً (3): النجوم التي تجري على وجه اليسر و السهولة، فتتزين بها السماوات، و يهتدى بها في ظلمات البر و البحر، و ينتفع بالاعتبار بها.

[4] فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (4) الملائكة التي تقسم الأمر و تدبره بإذنه اللّه، فكل منهم قد جعله اللّه على تدبير أمر من أمور الدنيا و الآخرة، لا يتعدى ما حدّ له و قدر، و رسم، و لا ينقص منه.

[7] وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ‏ (7)، أي: ذات الطرائق الحسنة، التي تشبه حبك الرمال، و مياه الغدران، حين يحركها النسيم.

[8] إِنَّكُمْ‏ أيها المكذبون لمحمد صلّى اللّه عليه و سلّم، لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ‏ منكم من يقول: ساحر، و منكم من يقول: كاهن، و منكم من يقول: مجنون، إلى غير ذلك من الأقوال المختلفة، الدالة على حيرتهم و شكهم، و أن ما هم عليه باطل.

[9] يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ‏ (9)، أي: يصرف عنه من صرف عن الإيمان، و انصرف عن أدلة اللّه اليقينية و براهينه، و اختلاف قولهم، دليل على فساده و بطلانه، كما أن الحق الذي جاء به محمد صلّى اللّه عليه و سلّم متفق، يصدق بعضه بعضا، لا تناقض فيه، و لا اختلاف، و ذلك دليل على صحته، و أنه من عند اللّه‏ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً .

[10] يقول تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ‏ (10)، أي: قاتل اللّه الذين كذبوا على اللّه، و جحدوا آياته، و خاضوا بالباطل، ليدحضوا به الحق، الذين يقولون على اللّه ما لا يعلمون.

[11] الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ، أي: في لجة من الكفر، و الجهل، و الضلال‏ ساهُونَ‏ .

[12] يَسْئَلُونَ‏ عن وجه الشك و التكذيب في‏ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ‏ ، أي: متى يبعثون، مستبعدين لذلك.

[13] فلا تسأل عن حالهم و سوء مآلهم‏ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ‏ (13)، أي:

يعذبون بسبب ما انطووا عليه من خبث الباطن و الظاهر، و يقال لهم:

[14] ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ‏ ، أي: العذاب و النار، الذي هو أثر ما افتتنوا به، من الابتلاء الذي صيرهم إلى الكفر و الضلال. هذَا العذاب، الذي وصلتم إليه، هو الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ‏ . فالآن تمتعوا بأنواع العقاب و النكال، و السلاسل و الأغلال، و السخط و الوبال.

[15] يقول تعالى- في ذكر ثواب المتقين و أعمالهم، التي وصلوا بها إلى ذلك الجزء-: إِنَّ الْمُتَّقِينَ‏ ، أي:

الذين كانت التقوى شعارهم، و طاعة اللّه دثارهم. فِي جَنَّاتٍ‏ مشتملات على جميع أصناف الأشجار و الفواكه التي يوجد لها نظير في الدنيا، و التي لا يوجد لها نظير، مما لم تنظر العيون إلى مثله، و لم يخطر على قلب بشر. وَ عُيُونٍ‏ سارحة، تشرب منها تلك البساتين، و يشرب بها عباد اللّه، يفجرونها تفجيرا.

[16] آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ‏ :

يحتمل أن المعنى أن أهل الجنة قد أعطاهم مولاهم جميع مناهم، من جميع أصناف النعيم، فأخذوا ذلك، راضين به، قد قرت به أعينهم، و فرحت به نفوسهم، و لم يطلبوا منه بدلا، و لا يبغون عنه حولا، و كل قد ناله من النعيم، ما لا يطلب عليه المزيد. و يحتمل أن هذا وصف المتقين في الدنيا، و أنهم آخذون ما آتاهم اللّه، من الأوامر و النواهي، أي:

تيسير الكريم الرحمن، ص: 976

قد تلقوها بالرحب، و انشراح الصدر، منقادين لما أمر اللّه به، بالامتثال على أكمل الوجوه. و لما نهى عنه، بالانزجار عنه للّه، على أكمل وجه، فإن الذين أعطاهم اللّه من الأوامر و النواهي هو أفضل العطايا، التي حقها، أن تتلقى بالشكر للّه عليها، و الانقياد. و المعنى الأول، ألصق بسياق الكلام، لأنه ذكر وصفهم في الدنيا، و أعمالهم بقوله: إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ‏ الوقت الذي وصلوا به إلى النعيم‏ مُحْسِنِينَ‏ . و هذا شامل لإحسانهم بعبادة ربهم، أن يعبدوه كأنهم يرونه، فإن لم يكونوا يرونه، فإنه يراهم، و للإحسان إلى عباد اللّه ببذل النفع و الإحسان، من مال، أو علم، أو جاه، أو نصيحة، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو غير ذلك من وجوه البر، و طرق الخيرات. حتى إنه يدخل في ذلك، الإحسان بالقول، و الكلام اللين و الإحسان إلى المماليك، و البهائم المملوكة، و غير المملوكة.

[17] و من أفضل أنواع الإحسان في عبادة الخالق، صلاة الليل، الدالة على الإخلاص، و تواطؤ القلب و اللسان، و لهذا قال: كانُوا ، أي: المحسنون‏ قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ‏ ، أي: كان هجوعهم، أي: نومهم بالليل، قليلا. و أما أكثر الليل، فإنهم قانتون لربهم، ما بين صلاة، و قراءة، و ذكر، و دعاء، و تضرع.

[18] وَ بِالْأَسْحارِ التي هي قبيل الفجر هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ‏ اللّه تعالى. فمدوا صلاتهم إلى السحر، ثم جلسوا في خاتمة قيامهم بالليل، يستغفرون اللّه تعالى، استغفار المذنب لذنبه، و للاستغفار بالأسحار فضيلة و خصيصة ليست لغيره، كما قال تعالى في وصف أهل الإيمان و الطاعة: وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ .

[19] وَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌ‏ واجب و مستحب‏ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ‏ ، أي: للمحتاجين الذين يطلبون من الناس، و الذين لا يسألونهم.

[20] يقول تعالى- داعيا عباده إلى التفكر و الاعتبار-: وَ فِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ‏ (20)، و ذلك شامل لنفس الأرض، و ما فيها من جبال، و بحار و أنهار، و أشجار و نبات، تدل المتفكر فيها، المتأمل لمعانيها، على عظمة خالقها، و سعة سلطانه، و عميم إحسانه، و إحاطة علمه، بالظواهر و البواطن. و كذلك في نفس العبد من العبر و الحكمة و الرحمة ما يدل على أن اللّه واحد صمد، و أنه لم يخلق الخلق سدى.

[22] و قوله: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ‏ ، أي: مادة رزقكم من الأمطار، و صنوف الأقدار، الرزق الديني، و الدنيوي. وَ ما تُوعَدُونَ‏ من الجزاء في الدنيا و الآخرة، فإنه ينزل من عند اللّه كسائر الأقدار.

[23] فلما بين الآيات و نبه عليها تنبيها، ينتبه به الذكي اللبيب، أقسم تعالى على أن وعده و جزاءه حق، و شبه ذلك بأظهر الأشياء لنا، و هو النطق، فقال: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ‏ (23). فكما أنكم لا تشكون في نطقكم، فكذلك ينبغي أن لا يعتريكم الشك في البعث و الجزاء.

[24] يقول تعالى: هَلْ أَتاكَ‏ ، أي: أما جاءك‏ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ‏ ، و نبأهم الغريب العجيب، و هم الملائكة الذين أرسلهم اللّه لإهلاك قوم لوط، و أمرهم بالمرور على إبراهيم، فجاءوه في صورة أضياف.

[25] إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ‏ مجيبا لهم‏ سَلامٌ‏ ، أي: عليكم‏ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ‏ ، أي: أنتم قوم منكرون، فأحب أن تعرفوني بأنفسكم، و لم يعرفهم إلا بعد ذلك.

[26] فَراغَ إِلى‏ أَهْلِهِ‏ ، أي: ذهب سريعا في خفية، ليحضر لهم‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 977

قراهم. فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ‏ .

[27] فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ‏ و عرض عليهم الأكل. قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ‏ .

[28] فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً حين رأى أيديهم لا تصل إليه. قالُوا لا تَخَفْ‏ و أخبروه بما جاءوا له‏ وَ بَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ‏ و هو: إسحاق عليه السّلام.

[29] (ف) لما سمعت المرأة البشارة أقبلت فرحة مستبشرة فِي صَرَّةٍ ، أي: صيحة فَصَكَّتْ وَجْهَها و هذا من جنس ما يجري للنساء عند السرور و نحوه، من الأقوال و الأفعال المخالفة للطبيعة و العادة. وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ‏ ، أي: أنّى لي الولد، و أنا عجوز، قد بلغت من السن، ما لا تلد معه النساء، و مع ذلك، فأنا عقيم، غير صالح رحمي للولادة أصلا فثمّ مانعان، كل منهما مانع من الولد. و قد ذكرت المانع الثالث في سورة هود في قولها: وَ هذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ‏ .

[30] قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ‏ ، أي: اللّه الذي قدر ذلك و أمضاه، فلا عجب في قدرة اللّه. إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ‏ ، أي: الذي وضع الأشياء مواضعها، و قد وسع كل شي‏ء علما فسلموا لحكمه، و اشكروه على نعمته.

[31] * قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ‏ (31)، أي: قال لهم إبراهيم عليه السّلام: ما شأنكم أيها المرسلون؟

و ما ذا تريدون؟ لأنه استشعر أنهم رسل، أرسلهم اللّه لبعض الشؤون المهمة.

[32] قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى‏ قَوْمٍ مُجْرِمِينَ‏ (32) و هم قوم لوط، قد أجرموا بإشراكهم باللّه، و تكذيبهم لرسولهم، و إتيانهم الفاحشة، التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين.

[33] لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ‏ (33).

[34] مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ‏ (34)، أي: معلمة، على كل حجر اسم صاحبه، لأنهم أسرفوا، و تجاوزوا الحد. فجعل إبراهيم يجادلهم في قوم لوط، لعل اللّه يدفع عنهم العذاب، فقيل له: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76).

[35- 36] فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ‏ (36) و هم بيت لوط عليه السّلام، إلا امرأته، فإنها من المهلكين.

[37] وَ تَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ‏ (37) يعتبرون بها و يعلمون، أن اللّه شديد العقاب، و أن رسله صادقون، مصدقون.

فصل في ذكر بعض ما تضمنته هذه القصة من الحكم و الأحكام‏

منها: أن من الحكمة، أن قص اللّه على عباده، نبأ الأخيار و الفجار، ليعتبروا بهم، و أين وصلت بهم الأحوال.

و منها: فضيلة إبراهيم الخليل، عليه الصلاة و السلام، حيث ابتدأ اللّه قصته، بما يدل على الاهتمام بشأنها، و الاعتناء بها. و منها: مشروعية الضيافة، و أنها من سنن إبراهيم الخليل، الذي أمر اللّه محمدا صلّى اللّه عليه و سلّم و أمته، أن يتبعوا ملته، و ساقها اللّه في هذا الموضع، على وجه المدح له و الثناء. و منها: أن الضيف يكرم بأنواع الإكرام، بالقول و الفعل، لأن اللّه وصف أضياف إبراهيم بأنهم مكرمون، أي: أكرمهم إبراهيم، و وصف اللّه ما صنع بهم من الضيافة قولا

تيسير الكريم الرحمن، ص: 978

و فعلا، و مكرمون أيضا عند اللّه. و منها: أن إبراهيم عليه السّلام، قد كان بيته، مأوى للطارقين و الأضياف، لأنهم دخلوا عليه من غير استئذان، و إنما سلكوا طريق الأدب، في ابتداء السلام، فرد عليهم إبراهيم سلاما، أكمل من سلامهم و أتم، لأنه أتى به جملة اسمية دالة على الثبوت و الاستمرار.

فصل‏

و منها: مشروعية تعرف من جاء إلى الإنسان، أو صار له فيه نوع اتصال، لأن في ذلك فوائد كثيرة. و منها:

أدب إبراهيم و لطفه في الكلام، حيث قال: قَوْمٌ مُنْكَرُونَ‏ و لم يقل: «أنكرتكم»، و بين اللفظين من الفرق ما لا يخفى. و منها: المبادرة إلى الضيافة و الإسراع بها، لأن خير البر عاجله، و لهذا بادر إبراهيم بإحضار قرى أضيافه.

و منها: أن الذبيحة الحاضرة، الّتي قد أعدت لغير الضيف الحاضر، إذا جعلت له، ليس فيها أقل إهانة، بل ذلك من الإكرام، كما فعل إبراهيم عليه السّلام، و أخبر اللّه أن ضيفه مكرمون. و منها: ما منّ اللّه به على خليله إبراهيم، من الكرم الكثير، و كون ذلك حاضرا لديه، و في بيته معدا، لا يحتاج إلى أن يأتي به من السوق أو الجيران، أو غير ذلك.

و منها: أن إبراهيم، هو الذي خدم أضيافه، و هو خليل الرحمن، و سيد من ضيّف الضيفان. و منها: أنه قرّبه إليهم في المكان الذي هم فيه، فلم يجعله في موضع، و يقول لهم: «تفضلوا، أو ائتوا عليه» لأن هذا أيسر و أحسن.

و منها: حسن ملاطفة الضيف في الكلام اللين، خصوصا عند تقديم الطعام إليه، فإن إبراهيم عرض عليهم عرضا لطيفا، فقال: أَ لا تَأْكُلُونَ‏ ، و لم يقل: «كلوا» و نحوه من الألفاظ، الّتي غيرها أولى منها، بل أتى بأداة العرض، فقال: أَ لا تَأْكُلُونَ‏ . فينبغي للمقتدى به أن يستعمل من الألفاظ الحسنة، ما هو المناسب و اللائق بالحال، كقوله لأضيافه: «أ لا تأكلون» أو: «أ لا تتفضلون» أو «تشرفوننا و تحسنون إلينا»، و نحو ذلك. و منها: أن من خاف من أحد، لسبب من الأسباب، فإن عليه أن يزيل عنه الخوف، و يذكر له ما يؤمن روعه، و يسكّن جأشه، كما قالت الملائكة لإبراهيم لما خافهم: لا تَخَفْ‏ ، و أخبروه بتلك البشارة السارة، بعد الخوف منهم. و منها: شدة فرح سارة، امرأة إبراهيم، حتى جرى منها ما جرى، من صك وجهها، و صرّتها غير المعهود. و منها: ما أكرم اللّه به إبراهيم و زوجته سارة، من البشارة، بغلام عليم.

[38- 39] أي: وَ فِي مُوسى‏ و ما أرسله اللّه به إلى فرعون و ملئه، بالآيات البينات، و المعجزات الظاهرات، آية للذين يخافون العذاب الأليم، فلما أتى موسى بذلك السلطان المبين، تولى فرعون‏ بِرُكْنِهِ‏ ، أي: أعرض بجانبه عن الحقّ، و لم يلتفت إليه، و قدحوا فيه أعظم القدح، فقالوا: ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ‏ ، أي: إن موسى، لا يخلو، إما أن يكون ما أتى به سحرا و شعوذة، ليس من الحقّ في شي‏ء، و إما أن يكون مجنونا، لا يؤخذ بما صدر منه لعدم عقله.

هذا، و قد علموا، خصوصا فرعون، أن موسى صادق، كما قال تعالى: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا .

و قال موسى لفرعون: لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ الآية.

[40] فَأَخَذْناهُ وَ جُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَ هُوَ مُلِيمٌ‏ (40)، أي: مذنب طاغ، عات على اللّه، فأخذه أخذ عزيز مقتدر.

[41] أي: وَ آية لهم‏ فِي عادٍ القبيلة المعروفة إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ‏ ، أي: الّتي لا خير فيها، حين كذبوا نبيهم هودا عليه السّلام.

[42] ما تَذَرُ مِنْ شَيْ‏ءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ‏ (42)، أي: كالرمم البالية، فالذي أهلكهم على قوتهم و بطشهم، دليل على كمال قوته و اقتداره، الذي لا يعجزه شي‏ء، المنتقم ممن عصاه.

[43] أي: وَ فِي ثَمُودَ آية عظيمة، حين أرسل اللّه إليهم صالحا عليه السّلام، فكذبوه و عاندوه، و بعث اللّه له الناقة، آية مبصرة، فلم يزدهم ذلك إلا عتوا و نفورا. إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ‏

[44] فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ ، أي: الصيحة العظيمة المهلكة وَ هُمْ يَنْظُرُونَ‏ إلى عقوبتهم بأعينهم.

صفحه بعد