کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1077

سورة المدثر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] تقدم أن المزمل و المدثر بمعنى واحد، و أن اللّه أمر رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم، بالاجتهاد في عبادات اللّه القاصرة و المتعدية، فتقدم هناك، الأمر له بالعبادات الفاضلة و القاصرة، و الصبر على أذى قومه. و أمره هنا بالإعلان بالدعوة، و الصدع بالإنذار، فقال:

[2] قُمْ‏ ، أي: بجد و نشاط فَأَنْذِرْ الناس، بالأقوال و الأفعال الّتي يحصل بها المقصود، و بيان حال المنذر عنه، ليكون ذلك أدعى لتركه.

[3] وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)، أي: عظمه بالتوحيد، و اجعل قصدك في إنذارك وجه اللّه، و أن يعظمه العباد و يقوموا بعبادته.

[4] وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ (4) يحتمل أن المراد بالثياب، أعماله كلها، و بتطهيرها تخليصها و النصح بها، و إيقاعها على أكمل الوجوه، و تنقيتها عن المبطلات و المفسدات، و المنقصات من شر و رياء، و نفاق، و عجب و تكبر و غفلة، و غير ذلك، مما يؤمر العبد باجتنابه في عباداته. و يدخل في ذلك تطهير الثياب من النجاسة، فإن ذلك من تمام التطهير للأعمال خصوصا في الصلاة، الّتي قال كثير من العلماء: إن إزالة النجاسة عنها، شرط من شروطها:- أي: من شروط صحتها-. و يحتمل أن المراد بثيابه، الثياب المعروفة، و أنه مأمور بتطهيرها عن جميع النجاسات، في جميع الأوقات، خصوصا عند الدخول في الصلوات، و إذا كان مأمورا بطهارة الظاهر، فإن طهارة الظاهر، من تمام طهارة الباطن.

[5] وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) يحتمل أن المراد بالرجز: الأصنام، و الأوثان، الّتي عبدت مع اللّه، فأمره بتركها و البراءة منها، و مما نسب إليها، من قول أو عمل. و يحتمل أن المراد بالرجز: أعمال الشر كلها، و أقواله، فيكون أمرا له بترك الذنوب، صغارها و كبارها، ظاهرها و باطنها، فيدخل في هذا الشرك فما دونه.

[6] وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6)، أي: لا تمنن على الناس، بما أسديت إليهم من النعم الدينية و الدنيوية، فتستكثر بتلك المنة، و ترى الفضل عليهم. بل أحسن إلى الناس، مهما أمكنك، و انس عندهم إحسانك، و اطلب أجرك من اللّه تعالى، و اجعل من أحسنت إليه و غيره، على حد سواء. و قد قيل: إن معنى هذا، ألا تعطي أحدا شيئا، و أنت تريد أن يكافئك عليه بأكثر منه، فيكون هذا خاصا بالنبي صلّى اللّه عليه و سلّم.

[7] وَ لِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)، أي: احتسب بصبرك، و اقصد به وجه اللّه تعالى. فامتثل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لأمر ربه، و بادر فيه، فأنذر الناس، و أوضح لهم بالآيات البينات، جميع المطالب الإلهية. و عظم اللّه تعالى، و دعا الخلق إلى تعظيمه، و طهر أعماله الظاهرة و الباطنة من كلّ سوء. و هجر كلّ ما يعبد من دون اللّه، و ما يعبد معه من الأصنام و أهلها، و الشر و أهله. و له المنة على الناس- بعد منة اللّه- من غير أن يطلب عليهم بذلك جزاء و لا شكورا. و صبر لربه أكمل صبر، فصبر على طاعة اللّه، و عن معاصيه، و صبر على أقداره المؤلمة، حتى فاق أولي العزم من المرسلين، صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم أجمعين.

[8] أي: فإذا نفخ في الصور للقيام من القبور، و جمع الخلائق للبعث و النشور.

[9] فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9)

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1078

لكثرة أهواله و شدائده.

[10] عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) لأنهم قد أيسوا من كلّ خير، و أيقنوا بالهلاك و البوار.

و مفهوم ذلك أنه على المؤمنين يسير، كما قال تعالى: يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ .

[11] هذه الآيات، نزلت في الوليد بن المغيرة، المعاند للحق، المبارز للّه و لرسوله بالمحاربة و المشاقة، فذمه اللّه ذما، لم يذم به غيره، و هذا جزاء كلّ من عاند الحقّ، و نابذه، أن له الخزي في الدنيا و لعذاب الآخرة أخزى، فقال: ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (11)، أي: خلقته منفردا، بلا مال، و لا أهل، و لا عشيرة، فلم أزل أربيه و أعطيه.

[12] وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً (12) أي: كثيرا وَ جعلت له‏ بَنِينَ‏ ، أي: ذكورا شُهُوداً ، أي: حاضرين عنده على الدوام، يتمتع بهم، و يقضي بهم حوائجه، و يستنصر بهم.

[14] وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (14)، أي: مكنته من الدنيا و أسبابها، حتى انقادت له مطالبه، و حصل له ما يشتهي و يريد.

[15] ثُمَ‏ مع هذه النعم و الإمدادات‏ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ، أي: يطمع أن ينال نعيم الآخرة، كما نال نعيم الدنيا.

[16] كَلَّا ، أي: ليس الأمر كما طمع، بل هو بخلاف مقصوده و مطلوبه. و ذلك‏ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً عرفها، ثمّ أنكرها، و دعته إلى الحقّ، فلم ينقد لها. و لم يكفه أنه أعرض عنها و تولى، بل جعل يحاربها، و يسعى في إبطالها، و لهذا قال عنه:

[18] إِنَّهُ فَكَّرَ ، أي: في نفسه، وَ قَدَّرَ ما فكر فيه، ليقول قولا، يبطل به القرآن.

[19- 20] فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) لأنه قدر أمرا، ليس في طوره، و تسوّر على ما لا يناله، هو و لا أمثاله.

[21] ثُمَّ نَظَرَ (21) ما يقول،

[22] ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ (22) في وجهه، و ظاهره نفرة عن الحقّ، و بغضا له.

[23] ثُمَّ أَدْبَرَ ، أي: تولى‏ وَ اسْتَكْبَرَ نتيجة سعيه الفكري، و العملي و القولي.

[24- 25] فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)، أي: ما هذا كلام اللّه، بل كلام البشر، و ليس أيضا كلام البشر الأخيار، بل كلام الأشرار منهم، و الفجار، من كلّ كاذب سحار. فتبّا له، ما أبعده من الصواب، و أحراه بالخسارة و التبات!! كيف يدور في الأذهان، أو يتصور ضمير أي إنسان، أن يكون أعلى الكلام و أعظمه، كلام الرب الكريم، الماجد العظيم، يشبه كلام المخلوقين الفقراء الناقصين؟ أم كيف يتجرأ هذا الكاذب العنيد، على وصفه بهذا الوصف لكلام اللّه تعالى؟ فما حقه إلا العذاب الشديد، و لهذا قال تعالى:

[26- 28] سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَ ما أَدْراكَ ما سَقَرُ (27) لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ (28)، أي: لا تبقي من الشدة، و لا على المعذب شيئا، إلا و بلغته.

[29] لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29)، أي: تلوحهم و تصليهم في عذابها، و تقلقهم بشدة حرها و قرّها.

[30] عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (30) من الملائكة خزنة لها، غلاظ شداد، لا يعصون اللّه ما أمرهم، و يفعلون ما يؤمرون.

[31] وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً و ذلك لشدتهم و قوتهم. وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ، يحتمل أن المراد: إلا لعذابهم و عقابهم في الآخرة، و لزيادة نكالهم فيها، و العذاب، يسمى فتنة، كما قال تعالى: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ‏ (13). و يحتمل أن المراد: أنا ما أخبرناكم بعدتهم، إلا لنعلم من يصدق ممن يكذّب، و يدل على هذا، ما

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1079

ذكره بعده في قوله: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً ، فإن أهل الكتاب، إذا وافق ما عندهم و طابقه، ازداد يقينهم بالحق، و المؤمنون كلما أنزل اللّه آية، فآمنوا بها، و صدقوا، ازداد إيمانهم. وَ لا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ الْمُؤْمِنُونَ‏ ، أي: ليزول عنهم الريب و الشك. و هذه مقاصد جليلة، يعتني بها أولو الألباب، و هي: السعي في اليقين، و زيادة الإيمان في كلّ وقت، و كلّ مسألة من مسائل الدين، و دفع الشكوك و الأوهام، التي تعرض في مقابلة الحقّ، فجعل ما أنزله على رسوله، محصلا لهذه المقاصد الجليلة، و مميزا للصادقين من الكاذبين. و لهذا قال:

وَ لِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‏ ، أي: شك و شبهة و نفاق. وَ الْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا و هذا على وجه الحيرة و الشك منهم، و الكفر بآيات اللّه، و هذا و ذاك، من هداية اللّه لمن يهديه، و إضلاله لمن يضله، و لهذا قال: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فمن هداه اللّه، جعل ما أنزل على رسوله رحمة في حقه، و زيادة في إيمانه و دينه. و من أضله، جعل ما أنزله على رسوله، زيادة شقاء عليه و حيرة، و ظلمه في حقه، و الواجب أن يتلقى ما أخبر اللّه به و رسوله بالتسليم. وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ‏ من الملائكة و غيرهم‏ إِلَّا هُوَ فإذا كنتم جاهلين بجنوده، و أخبركم بها العليم الخبير، فعليكم أن تصدقوا خبره، من غير شك و لا ارتياب. وَ ما هِيَ إِلَّا ذِكْرى‏ لِلْبَشَرِ ، أي: و ما هذه الموعظة و التذكار، مقصودا به العبث و اللعب، و إنما المقصود به، أن يتذكر به البشر ما ينفعهم فيفعلونه، و ما يضرهم فيتركونه.

[32] كَلَّا هنا بمعنى: حقا، أو بمعنى «ألا» الاستفتاحية. فأقسم تعالى بالقمر، و بالليل وقت إدباره، و النهار وقت إسفاره، لاشتمال المذكورات، على آيات اللّه العظيمة، الدالة على كمال قدره اللّه و حكمته، و سعة سلطانه، و عموم رحمته و إحاطة علمه. و المقسم عليه، قوله:

[35] إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35)، أي: إن النار لإحدى العظائم الطامة و الأمور الهامة. فإذا أعلمناكم بها، و كنتم على بصيرة، من أمرها، فمن شاء منكم أن يتقدم، فيعمل بما يقربه إلى اللّه، و يدنيه من رضاه، و يزلفه من دار كرامته. أو يتأخر عما خلق له، و عما يحبه اللّه و يرضاه، فيعمل بالمعاصي، و يتقرب إلى جهنم، كما قال تعالى: وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ الآية.

[38] كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ‏ من أفعال الشر و أعمال السوء، رَهِينَةٌ بها موثقة بسعيها، قد ألزم عنقها، و غل في رقبتها، و استوجبت به العذاب.

[39] إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ‏ (39) فإنهم لم يرتهنوا، بل أطلقوا و فرحوا.

[40] فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ‏ (41)، أي: في جنات قد حصل لهم فيها جميع مطلوباتهم، و تمت لهم الراحة و الطمأنينة، حتى أقبلوا يتساءلون، فأفضت بهم المحادثة، أن سألوا عن المجرمين: أي حال وصلوا إليها، و هل وجدوا ما وعدهم اللّه؟ فقال بعضهم لبعض: «هل أنتم مطلعون عليهم»، فاطلعوا عليهم في وسط الجحيم، يعذبون، فقالوا لهم:

[42] ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42)، أي: أيّ شي‏ء أدخلكم فيها؟ و بأي ذنب استحققتموها؟

[43- 44] قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ‏ (44) فلا إخلاص للمعبود و لا إحسان، و لا نفع للخلق المحتاجين.

[45] وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ‏ (45)، أي: نخوض بالباطل، و نجادل به الحقّ.

[46] وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ‏ (46)، هذه آثار الخوض بالباطل، و هو التكذيب بالحق، و من أحق الحقّ، يوم الدين، الذي هو محل الجزاء على الأعمال، و ظهور ملك اللّه و حكمه العدل لسائر الخلق.

[47] فاستمر عملنا على هذا المذهب الباطل‏ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ‏ (47)، أي: الموت: فلما ماتوا على الكفر تعذرت حينئذ عليهم الحيل، و انسدّ في وجوههم باب الأمل.

[48] فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ‏ (48) لأنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى، و هؤلاء لا يرضى اللّه أعمالهم.

[49] فلما بين اللّه مآل المخالفين، و بين ما يفعل بهم، عطف على الموجودين بالعتاب و اللوم، فقال: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ‏ (49)، أي: صادين غافلين عنها.

[50] كَأَنَّهُمْ‏ في نفرتهم الشديدة منها، حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ،

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1080

أي: حمر وحش، نفرت فنفر بعضها بعضا، فزاد عدوها.

[51] فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51)، أي: من صائد و رام يريدها، أو من أسد و نحوه. و هذا من أعظم ما يكون من النفور عن الحقّ، و مع هذا النفور و الإعراض، يدعون الدعاوى الكبار.

[52] بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى‏ صُحُفاً مُنَشَّرَةً نازلة عليه من السماء، يزعم أنه لا ينقاد للحق إلا بذلك، و قد كذبوا، فإنهم لو جاءتهم كلّ آية لم يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم، لأنهم جاءتهم الآيات البينات التي تبين الحقّ و توضحه، فلو كان فيهم خير لآمنوا.

[53] و لهذا قال:

كَلَّا ، أي: لا نعطيهم ما طلبوا، و هم ما قصدوا بذلك إلا التعجيز. بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ فلو كانوا يخافونها، لما جرى منهم ما جرى.

[54] كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) الضمير إما أن يعود على هذه السورة، أو على ما اشتملت عليه من هذه الموعظة.

[55] فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ‏ (55) لأنه قد بين له السبيل، و وضع له الدليل.

[56] وَ ما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ‏ فإن مشيئة اللّه، نافذة عامة، لا يخرج عنها حادث قليل و لا كثير، ففيها رد على القدرية، الّذين لا يدخلون أفعال العباد تحت مشيئة اللّه، و الجبرية الّذين يزعمون أنه ليس للعبد مشيئة، و لا فعل حقيقة، و إنما هو مجبور على أفعاله. فأثبت اللّه تعالى للعبد مشيئته حقيقة و فعلا، و جعل ذلك تابعا لمشيئته. هُوَ أَهْلُ التَّقْوى‏ وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، أي: هو أهل أن يتقى و يعبد، لأنه الإله الذي لا تنبغي العبادة إلا له، و أهل أن يغفر لمن اتقاه، و اتبع رضاه. تم تفسير سورة المدثر- و للّه الحمد و المنة.

تفسير سورة القيامة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] ليست «لا» هاهنا نافية و لا زائدة، و إنما أتى بها للاستفتاح و الاهتمام بما بعدها، و لكثرة الإتيان بها مع اليمين، لا يستغرب الاستفتاح بها، و إن لم تكن في الأصل موضوعة للاستفتاح. فالمقسم به في هذا الموضع، هو المقسم عليه، و هو: البعث بعد الموت، و قيام الناس من قبورهم، ثمّ وقوفهم ينتظرون ما يحكم به الرب عليهم.

[2] وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) و هي جميع النفوس الخيرة و الفاجرة، سمّيت «لوّامة» لكثيرة تلونها و ترددها، و عدم ثبوتها على حالة من أحوالها، و لأنها عند الموت تلوم صاحبها على ما فعلت، بل نفس المؤمن تلوم صاحبها في الدنيا، على ما حصل منه، من تفريط و تقصير، في حق من الحقوق، أو غفلة. فجمع بين الإقسام بالجزاء، و على الجزاء، و بين مستحق الجزاء. ثمّ أخبر مع هذا، أن بعض المعاندين يكذبون بيوم القيامة، فقال:

[3] أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ‏ (3) بعد الموت، كما قال: قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَ هِيَ رَمِيمٌ‏ ؟ فاستبعد من‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1081

جهله و عدوانه، قدرة اللّه على خلق عظامه التي هي عماد البدن، فرد عليه بقوله:

[4] بَلى‏ قادِرِينَ عَلى‏ أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ‏ (4)، أي: أطراف أصابعه و عظامه، و ذلك مستلزم لخلق جميع أجزاء البدن، لأنها إذا وجدت الأنامل و البنان، فقد تمت خلقة الجسد، و ليس إنكاره لقدرة اللّه تعالى قصورا بالدليل الدال على ذلك، و إنما وقع ذلك منه، لأن إرادته و قصده، التكذيب بما أمامه من البعث. و الفجور: الكذب مع التعمد.

[7] ثمّ ذكر أحوال القيامة فقال: فَإِذا بَرِقَ‏ ، إلى:

مَعاذِيرَهُ‏ . أي: فَإِذا كانت القيامة بَرِقَ الْبَصَرُ من الهول العظيم، و شخص فلا يطرف كما قال تعالى: إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ (43).

[8] وَ خَسَفَ الْقَمَرُ (8)، أي: ذهب نوره و سلطانه.

[9] وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ (9) و هما لم يجتمعا منذ خلقهما اللّه تعالى، فيجمع اللّه بينهما يوم القيامة، و يخسف القمر، و تكور الشمس، و يقذفان في النار، ليرى العباد، أنهما عبدان مسخران، و ليرى من عبدهما، أنهم كانوا كاذبين.

[10] يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ ، أي:

حين يرى تلك القلاقل المزعجات: أَيْنَ الْمَفَرُّ ؟ أي: أين الخلاص و الفكاك، مما طرقنا و ألمّ بنا؟

[11] كَلَّا لا وَزَرَ (11)، أي: لا ملجأ لأحد دون اللّه.

[12] إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) لسائر العباد، فليس في إمكان أحد، أن يستتر أو يهرب عن ذلك الموضع، بل لا بد من إيقافه، ليجزى بعمله.

[13] و لهذا قال: يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ (13)، أي: بجميع عمله الحسن و السيّ‏ء، في أول وقته و آخره، و ينبأ بخبر لا ينكره.

[14] بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)، أي: شاهد و محاسب.

[15] وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ‏ (15) فإنها معاذير لا تقبل، بل يقرر بعمله، فيقرّ به، كما قال تعالى: اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى‏ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً (14). فالعبد و إن أنكر، أو اعتذر عما عمله، فإنكاره و اعتذاره، لا يفيدانه شيئا، لأنه يشهد عليه سمعه و بصره، و جميع جوارحه بما كان يعمل، و لأن استعتابه، قد ذهب وقته، و زال نفعه: فَيَوْمَئِذٍ لا يَنْفَعُ الَّذِينَ ظَلَمُوا مَعْذِرَتُهُمْ وَ لا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ‏ (57).

[16] كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم إذا جاءه جبريل بالوحي، و شرع في تلاوته، بادره النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، من الحرص قبل أن يفرغ، و تلاه مع تلاوة جبريل إياه، فنهاه اللّه عن ذلك، و قال: وَ لا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى‏ إِلَيْكَ وَحْيُهُ‏ . و قال هنا: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ‏ (16)، ثمّ ضمن له تعالى، أنه لا بد أن يحفظه و يقرأه، و يجمعه اللّه في صدره فقال:

[17] إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ‏ (17) فالحرص الذي في خاطرك، إنما الداعي له حذر الفوات و النسيان، فإذا ضمنه اللّه لك، فلا موجب لذلك.

[18] فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ‏ (18)، أي: إذا أكمل جبريل ما يوحى إليك، فحينئذ اتبع ما قرأه فاقراه.

[19] ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ‏ (19)، أي: بيان معانيه، فوعده بحفظ لفظه، و حفظ معانيه، و هذا أعلى ما يكون، فامتثل صلّى اللّه عليه و سلّم لأدب ربه، فكان إذا تلا عليه جبريل القرآن بعد هذا، أنصت له، فإذا فرغ قرأه.

و في هذه الآية، أدب لأخذ العلم، أن لا يبادر المتعلم للعلم، قبل أن يفرغ المعلم من المسألة التي شرع فيها، فإذا فرغ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1082

منها، سأله عما أشكل عليه. و كذلك إذا كان في أول الكلام ما يوجب الرد أو الاستحسان، أن لا يبادر برده أو قبوله، قبل الفراغ من ذلك الكلام، ليتبين ما فيه من حق أو باطل، و ليفهمه فهما يتمكن فيه من الكلام فيه على وجه الصواب. و فيها: أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، كما بين للأمة ألفاظ الوحي، فإنه قد بين لهم معانيه.

[20- 21] أي: هذا الذي أوجب لكم الغفلة و الإعراض عن وعظ اللّه و تذكيره أنكم‏ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ و تسعون فيما يحصلها، و في لذاتها و شهواتها، و تؤثرونها على الآخرة، فتذرون العمل لها؛ لأن الدنيا نعيمها و لذاتها عاجلة، و الإنسان مولع بحب العاجل، و الآخرة متأخر ما فيها من النعيم المقيم، فلذلك غفلتم عنها، و تركتموها، كأنكم لم تخلقوا لها، و كأن هذه الدار هي دار القرار، التي تبذل فيها نفائس الأعمار، و يسعى لها آناء الليل و النهار، و بهذا انقلبت عليكم الحقيقة، و حصل من الخسار ما حصل.

فلو آثرتم الآخرة على الدنيا، و نظرتم العواقب نظر البصير العاقل، لنجحتم، و ربحتم ربحا لا خسار معه، و فزتم فوزا لا شقاء يصحبه.

[22] ثمّ ذكر ما يدعو إلى إيثار الآخرة، ببيان حال أهلها و تفاوتهم فيها، فقال في جزاء المؤثرين للآخرة على الدنيا: وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22)، أي: حسنة بهية، لها رونق و نور، مما هم فيه من نعيم القلوب، و بهجة النفوس، و لذة الأرواح.

[23] إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ (23) أي: ينظرون إلى ربهم، على حسب مراتبهم. و منهم من ينظره كلّ يوم بكرة و عشيا، و منهم من ينظر كلّ جمعة مرة واحدة، فيتمتعون بالنظر إلى وجهه الكريم، و جماله الباهر، الذي ليس كمثله شي‏ء، فإذا رأوه نسوا ما هم فيه من النعيم، و حصل لهم من اللذة و السرور، ما لا يمكن التعبير عنه، و نضرت وجوههم، فازدادوا جمالا إلى جمالهم، فنسأل اللّه الكريم أن يجعلنا منهم. و قال في المؤثرين العاجلة على الآجلة:

[24] وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (24)، أي: معبسة كدرة، خاشعة ذليلة

[25] تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (25)، أي:

عقوبة شديدة، و عذاب أليم، فلذلك تغيرت وجوههم و عبست.

[26] يعظ تعالى عباده، بذكر المحتضر حال السياق، و أنه إذا بلغت روحه التراقي، و هي العظام المكتنفة لثغرة النحر. فحينئذ يشتد الكرب، و يطلب كلّ وسيلة و سبب، يظن أن يحصل به الشفاء و الراحة.

[27] و لهذا قال:

وَ قِيلَ مَنْ راقٍ‏ (27)، أي: من يرقيه، من الرقية، لأنهم انقطعت آمالهم من الأسباب العادية، فتعلقوا بالأسباب الإلهية. و لكن القضاء و القدر، إذا حتم و جاء فلا مرد له.

[28] وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ‏ (28) للدنيا.

[29] وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ‏ (29)، أي: اجتمعت الشدائد، و التفت، و عظم الأمر و صعب الكرب، و أريد أن تخرج الروح من البدن، الذي ألفته، و لم تزل معه، فتساق إلى اللّه تعالى، ليجازيها بأعمالها و يقررها بفعالها. فهذا الزجر الذي ذكره اللّه، يسوق القلوب إلى ما فيه نجاتها، و يزجرها عما فيه هلاكها. و لكن المعاند الذي لا تنفع فيه الآيات، لا يزال مستمرا على غيه، و كفره و عناده.

[31- 32] فَلا صَدَّقَ‏ ، أي: لا آمن باللّه و ملائكته، و كتبه، و رسله، و اليوم الآخر، و القدر خيره و شره. وَ لا صَلَّى (32) وَ لكِنْ كَذَّبَ‏ بالحق في مقابلة التصديق‏ وَ تَوَلَّى‏ عن الأمر و النهي، هذا و هو

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1083

مطمئن قلبه، غير خائف من ربه.

[33] ثُمَّ ذَهَبَ إِلى‏ أَهْلِهِ يَتَمَطَّى‏ (33)، أي: ليس على باله شي‏ء.

[34- 35] ثمّ توعده بقوله: أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏ (34) ثُمَّ أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏ (35) و هذه كلمات وعيد كررها لتكرير و عيده.

[36] ثمّ ذكّر الإنسان بخلقه الأول، فقال: أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً‏ (36)، أي: مهملا، لا يؤمر و لا ينهى، و لا يثاب و لا يعاقب؟ هذا حسبان باطل، و ظن باللّه غير ما يليق بحكمته.

[37- 38] أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى‏ (37) ثُمَّ كانَ‏ بعد المني‏ عَلَقَةً أي: دما فَخَلَقَ‏ اللّه منها الحيوان‏ فَسَوَّى‏ أي:

أتقنه و أحكمه.

[39- 40] فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى‏ (39) أَ لَيْسَ ذلِكَ‏ ، أي: الذي خلق الإنسان و طوره إلى هذه الأطوار المختلفة بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى‏ ، بلى إنه على كلّ شي‏ء قدير. تم تفسير سورة القيامة.

سورة الإنسان‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] ذكر اللّه في هذه السورة، أول حال الإنسان و منتهاها و متوسطها. فذكر أنه مر عليه‏ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ طويل، و هو الذي قبل وجوده، و هو معدوم‏ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً .

[2] ثمّ لما أراد خلقه خلق أباه آدم من طين، ثمّ جعل نسله متسلسلا مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشاجٍ‏ ، أي: ماء مهين مستقذر نَبْتَلِيهِ‏ بذلك، لنعلم هل يرى حاله الأولى، و يتفطن لها أم ينساها و تغره نفسه؟ فأنشأه اللّه، و خلق له القوى الظاهرة و الباطنة، كالسمع و البصر، و سائر الأعضاء فأتمها له و جعلها سالمة، يتمكن بها من تحصيل مقاصده.

[3] ثمّ أرسل إليه الرسل، و أنزل عليه الكتب، و هداه الطريق الموصلة إليه، و بيّنها، و رغّبه فيها، و أخبره بما له عند الوصول إليه. ثمّ أخبره بالطريق الموصلة إلى الهلاك، و رهّبه عنها، و أخبره بما له، إذا سلكها، و ابتلاه بذلك، فانقسم الناس إلى شاكر لنعمة اللّه عليه، قائم بما حمله اللّه من حقوقه. و إلى كفور للنعم، أنعم اللّه عليه بالنعم الدينية و الدنيوية، فردّها، و كفر بربه، و سلك الطريق الموصلة إلى الهلاك.

[4] أي: إنا هيأنا، و أرصدنا لمن كفر باللّه، و كذب رسله، و تجرأ على معاصيه. سَلاسِلَ‏ في نار جهنم، كما قال تعالى: ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ‏ (32). وَ أَغْلالًا تغل بها أيديهم إلى أعناقهم، و يوثقون بها.

وَ سَعِيراً ، أي: نارا تستعر بها أجسامهم، و تحرق بها أبدانهم، كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ‏ . و هذا العذاب الدائم، مؤبد لهم، مخلدون فيه سرمدا.

صفحه بعد