کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1123

و معلم. فتندك جبالها، و تسوّى تلالها، و تكون قاعا صفصفا، لا عوج فيه و لا أمت.

[2] وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها (2)، أي: ما في بطنها، من الأموات و الكنوز.

[3] وَ قالَ الْإِنْسانُ‏ إذا رأى ما عراها من الأمر العظيم:

ما لَها ؟، أي: أيّ شي‏ء عرض لها؟

[4] يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ‏ الأرض‏ أَخْبارَها ، أي: تشهد على العاملين بما عملوا على ظهرها، من خير و شر، فإن الأرض من جملة الشهود الذين يشهدون على العباد بأعمالهم.

[5] ذلك‏ بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحى‏ لَها (5)، أي: أمرها أن تخبر بما عمل عليها، فلا تعصي لأمره.

[6] يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ‏ من موقف القيامة أَشْتاتاً ، أي: فرقا متفاوتين. لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ‏ أي: ليريهم اللّه ما عملوا من السيئات و الحسنات، و يريهم جزاءه موفورا.

[7- 8] فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ (7) وَ مَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ‏ (8) و هذا شامل عام للخير و الشر كله، لأنه إذا رأى مثقال الذرة، التي هي أحقر الأشياء، و جوزي عليها، فما فوق ذلك من باب أولى و أخرى، كما قال تعالى: يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَ ما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَ بَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً ، وَ وَجَدُوا ما عَمِلُوا حاضِراً . و هذا، فيه الترغيب في فعل الخير و لو قليلا، و الترهيب من فعل الشر و لو حقيرا. تم تفسير سورة الزلزلة- و الحمد للّه.

تفسير سورة العاديات‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] أقسم تعالى بالخيل، لما فيها من آياته الباهرة، و نعمه الظاهرة، ما هو معلوم للخلق. و أقسم تعالى بها في الحال التي لا يشاركها فيه غيرها من أنواع الحيوانات، فقال: وَ الْعادِياتِ ضَبْحاً (1)، أي: العاديات عدوا بليغا قويا، يصدر عنه الضبح، و هو صوت نفسها في صدرها، عند اشتداد عدوها.

[2] فَالْمُورِياتِ‏ بحوافرهن ما يطأن عليه من الأحجار قَدْحاً ، أي: تنقدح النار من صلابة حوافرهن و قوتهن إذا عدون.

[3] فَالْمُغِيراتِ‏ على الأعداء صُبْحاً ، و هذا أمر أغلبي، أن الغارة تكون صباحا.

[4] فَأَثَرْنَ بِهِ‏ ، أي: بعدوهن، و غارتهن‏ نَقْعاً ، أي: غبارا.

[5] فَوَسَطْنَ بِهِ‏ ، أي: براكبهن‏ جَمْعاً ، أي توسطن به جموع الأعداء، الذين أغار عليهم.

[6] و المقسم عليه قوله: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ (6)، أي: منوع للخير، الذي للّه عليه. فطبيعة الإنسان و جبلته، أن نفسه، لا تسمح بما عليه من الحقوق، فتؤديها كاملة موفرة، بل طبيعتها الكسل و المنع لما عليها من‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1124

الحقوق المالية و البدنية، إلّا من هداه اللّه و خرج عن هذا الوصف إلى وصف السماح بأداء الحقوق.

[7] وَ إِنَّهُ عَلى‏ ذلِكَ لَشَهِيدٌ (7)، أي: إن الإنسان، على ما يعرف من نفسه من المنع و الكند، لشاهد بذلك، لا يجحده و لا ينكره، لأن ذلك، بيّن واضح. و يحتمل أن الضمير عائد إلى اللّه، أي: إن العبد لربه لكنود، و اللّه شهيد على ذلك، ففيه الوعيد، و التهديد الشديد، لمن هو عليه كنود، بأن اللّه عليه شهيد.

[8] وَ إِنَّهُ‏ ، أي: الإنسان‏ لِحُبِّ الْخَيْرِ ، أي:

المال‏ لَشَدِيدٌ ، أي: كثير الحب للمال. و حبه لذلك، هو الذي أوجب له ترك الحقوق الواجبة عليه، قدم شهوة نفسه على رضا ربه، و كلّ هذا لأنه قصر نظره على هذه الدار، و غفل عن الآخرة. و لهذا قال- حاثا له على خوف يوم الوعيد-:

[9] أَ فَلا يَعْلَمُ‏ ، أي: هلّا يعلم هذا المعتز إِذا بُعْثِرَ ما فِي الْقُبُورِ ، أي: أخرج اللّه الأموات من قبورهم، لحشرهم و نشرهم.

[10] وَ حُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ (10)، أي: ظهر و بان ما فيها، و ما استتر في الصدور من كمائن الخير و الشر، فصار السر علانية، و الباطن ظاهرا، و بان على وجوه الخلق نتيجة أعمالهم.

[11] إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ (11) بأعمالهم الظاهرة و الباطنة، الخفية و الجلية، و مجازيهم عليها. و خص خبرهم بذلك اليوم، مع أنه خبير بهم في كلّ وقت، لأن المراد بهذا، الجزاء على الأعمال، الناشئ عن علم اللّه، و اطلاعه. تم تفسير سورة العاديات، و للّه الحمد و المنة.

تفسير سورة القارعة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 4] الْقارِعَةُ (1) من أسماء يوم القيامة، سميت بذلك، لأنها تقرع الناس و تزعجهم بأهوالها. و لهذا عظم أمرها، و فخمه بقوله: الْقارِعَةُ (1) مَا الْقارِعَةُ (2) وَ ما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ (3) يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ‏ من شدة الفزع و الهول. كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ‏ ، أي: كالجراد المنتشر، الذي يموج بعضه في بعض، و الفراش هي: الحيوانات التي تكون في الليل، يموج بعضها ببعض لا تدري أين توجه. فإذا أوقد لها نار، تهافتت إليها، لضعف إدراكها، فهذه حال الناس أهل العقول.

[5] و أما الجبال الصم الصلاب، فتكون‏ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ‏ ، أي: كالصوف المنفوش، الذي بقي ضعيفا جدا، تطير به أدنى ريح. قال تعالى: وَ تَرَى الْجِبالَ تَحْسَبُها جامِدَةً وَ هِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحابِ‏ . ثمّ بعد ذلك، تكون هباء

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1125

منثورا، فتضمحل و لا يبقى منها شي‏ء يشاهد، فحينئذ تنصب الموازين، و ينقسم الناس قسمين: سعداء و أشقياء.

[6- 7] فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ‏ (6)، أي: رجحت حسناته على سيئاته‏ فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ (7) في جنات النعيم.

[8] وَ أَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ‏ (8) بأن لم تكن له حسنات تقاوم سيئاته.

[9] فَأُمُّهُ هاوِيَةٌ (9)، أي: مأواه و مسكنه النار التي من أسمائها الهاوية، تكون له بمنزلة الأم الملازمة كما قال تعالى: إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً . و قيل: إن معنى ذلك، فأم دماغه هاوية في النار، أي: يلقى في النار على رأسه.

[10] وَ ما أَدْراكَ ما هِيَهْ‏ (10) و هذا تعظيم لأمرها، ثمّ فسرها بقوله: نارٌ حامِيَةٌ (11)، أي: شديدة الحرارة، قد زادت حرارتها، على حرارة نار الدنيا بسبعين ضعفا. نستجير باللّه منها. تم تفسير سورة القارعة- بحمد اللّه و فضله.

سورة التكاثر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] يقول تعالى موبخا عباده عن اشتغالهم عما خلقوا له من عبادته وحده لا شريك له، و معرفته، و الإنابة إليه، و تقديم محبته على كلّ شي‏ء. أَلْهاكُمُ‏ عن ذلك المذكور التَّكاثُرُ ، و لم يذكر المتكاثر به، ليشمل ذلك كلّ ما يتكاثر به المتكاثرون، و يفتخر به المفتخرون، من الأموال، و الأولاد، و الأنصار، و الجنود، و الخدم، و الجاه، و غير ذلك مما يقصد منه مكاثرة كلّ واحد للآخر، و ليس المقصود منه وجه اللّه. فاستمرت غفلتكم، و لهوتكم، و تشاغلكم‏ حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (2)، فانكشف حينئذ لكم الغطاء، و لكن بعد ما تعذر عليكم استئنافه.

[2] و دل قوله: حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقابِرَ (2) أن البرزخ دار، المقصود منها، النفوذ إلى الدار الآخرة، لأن اللّه سماهم زائرين، و لم يسمهم مقيمين.

[3- 5] فدل ذلك على البعث، و الجزاء على الأعمال، في دار باقية غير فانية، و لهذا توعدهم بقوله: كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) كَلَّا لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ‏ (5)، أي: لو تعلمون ما أمامكم، علما يصل إلى القلوب، لما ألهاكم التكاثر، و لبادرتهم إلى الأعمال الصالحة. و لكن عدم العلم الحقيقي، صيّركم إلى ما ترون.

[6] لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ‏ (6)، أي: لترون القيامة، فلترون الجحيم، التي أعدها اللّه للكافرين.

[7] ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ‏ (7)، أي: رؤية بصرية، كما قال تعالى: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَ لَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (53).

[8] ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ‏ (8) الذي تنعمتم به في دار الدنيا، هل قمتم بشكره، و أديتم حق اللّه فيه، و لم تستعينوا به على معاصيه، فينعمكم نعيما أعلى منه و أفضل. أم اغتررتم به، و لم تقوموا بشكره؟ بل ربما استعنتم به على المعاصي، فيعاقبكم على ذلك، قال تعالى: وَ يَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ أَذْهَبْتُمْ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1126

طَيِّباتِكُمْ فِي حَياتِكُمُ الدُّنْيا وَ اسْتَمْتَعْتُمْ بِها فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ‏ الآية. تم تفسير سورة التكاثر- و للّه الحمد و الفضل.

سورة العصر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 3] أقسم تعالى بالعصر، الذي هو الليل و النهار، محل أفعال العباد و أعمالهم أن كلّ إنسان خاسر، و الخاسر ضد الرابح. و الخسار مراتب متعددة متفاوته: قد يكون خسارا مطلقا، كحال من خسر الدنيا، و الآخرة، وفاته النعيم، و استحق الجحيم. و قد يكون خاسرا من بعض الوجوه، دون بعض، و لهذا عمم اللّه الخسار لكل إنسان، إلّا من اتصف بأربع صفات: الإيمان بما أمر اللّه بالإيمان به، و لا يكون الإيمان بدون العلم، فهو فرع عنه، لا يتم إلّا به. و العمل الصالح، و هذا شامل لأفعال الخير كلها، الظاهرة، و الباطنة، المتعلقة بحقوق اللّه، و حقوق عباده، الواجبة و المستحبة. و التواصي بالحق، الذي هو الإيمان و العمل الصالح، أي: يوصي بعضهم بعضا بذلك، و يحثه عليه، و يرغّبه فيه. و التواصي بالصبر على طاعة اللّه، و عن معصية اللّه، و على أقدار اللّه المؤلمة. فبالأمرين الأولين يكمل العبد نفسه، و بالأمرين الأخيرين، يكمل غيره.

و بتكميل الأمور الأربعة، يكون العبد، قد سلم من الخسار، و فاز بالربح العظيم. تم تفسير سورة العصر- بحمد اللّه و فضله.

تفسير سورة الهمزة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 2] وَيْلٌ‏ ، أي: وعيد، و وبال، و شدة عذاب‏ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ ، أي: الذي يهمز الناس بفعله، و يلمزهم بقوله. فالهماز: الذي يعيب الناس، و يطعن عليهم بالإشارة و الفعل، و اللماز: الذي يعيبهم بقوله. و من صفة هذا الغماز، أنه لا همّ له سوى جمع المال و تعديده، و الغبطة به، و ليس له رغبة في إنفاقه، في طرق الخيرات، و صلة الأرحام، و نحو ذلك.

[3] يَحْسَبُ‏ بجهله‏ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ‏ في الدنيا، فلذلك كان كده و سعيه، في تنمية ماله، الذي يظن أنه ينمي عمره.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1127

[4- 5] كَلَّا لَيُنْبَذَنَ‏ ، أي: ليطرحن‏ فِي الْحُطَمَةِ وَ ما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) تعظيم لها، و تهويل لشأنها. ثمّ فسرها بقوله: [6- 7] نارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) التي وقودها الناس و الحجارة و الَّتِي‏ من شدتها تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ ، أي: تنفذ من الأجساد إلى القلوب. و مع هذه الحرارة البليغة هم محبوسون فيها، قد أيسوا من الخروج منها. و لهذا قال:

[8- 9] إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8)، أي: مغلقة، فِي عَمَدٍ من خلف الأبواب‏ مُمَدَّدَةٍ لئلا يخرجوا منها. كُلَّما أَرادُوا أَنْ يَخْرُجُوا مِنْها أُعِيدُوا فِيها . نعوذ باللّه من ذلك، و نسأله العفو و العافية. تم تفسير سورة الهمزة- و للّه الحمد و الشكر.

سورة الفيل‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 5] أي: أما رأيت من قدرة اللّه، و عظيم شأنه، و رحمته بعباده، و أدلة توحيده، و صدق رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم، ما فعله اللّه بأصحاب الفيل، الذين كادوا بيته الحرام، و أرادوا إخرابه. فتجهزوا لأجل ذلك، و استصحبوا معهم الفيلة لهدمه، و جاءوا بجمع لا قبل للعرب به، من الحبشة و اليمن. فلما انتهوا إلى قرب مكة، و لم يكن بالعرب مدافعة، و خرج أهل مكة خوفا منهم، أرسل اللّه عليهم طيرا أبابيل، أي: متفرقة، تحمل أحجارا محماة، من سجيل. فرمتهم بها، و تتبعت قاصيهم و دانيهم. فخمدوا و همدوا، و صاروا كعصف مأكول. و كفى اللّه شرهم، ورد كيدهم في نحورهم. و قصتهم معروفة مشهورة، و كانت تلك السنة التي ولد فيها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم. فصارت من جملة إرهاصات دعوته، و أدلة رسالته، فللّه الحمد و الشكر. تم تفسير سورة الفيل- بحمد اللّه و فضله.

تفسير سورة قريش‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 2] قال كثير من المفسرين: إن الجار و المجرور متعلق بالسورة التي قبلها، أي: فعلنا ما فعلنا بأصحاب الفيل لأجل قريش و أمنهم، و استقامة مصالحهم، و انتظام رحلتهم في الشتاء لليمن، و في الصيف للشام، لأجل التجارة و المكاسب. فأهلك اللّه من أرادهم بسوء، و عظم أمر الحرم و أهله في قلوب العرب، حتى احترموهم، و لم‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1128

يعترضوا لهم، في أي سفر أرادوا.

[3] و لهذا أمرهم اللّه بالشكر، فقال؛ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ‏ (3)، أي: ليوحدوه، و يخلصوا له العبادة.

[4] الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ‏ (4) فرغد الرزق و الأمن من الخوف، من أكبر النعم الدنيوية، الموجبة لشكر اللّه تعالى. فلك اللهم الحمد و الشكر، على نعمك الظاهرة و الباطنة. و خصّ اللّه الربوبية بالبيت، لفضله و شرفه، و إلا فهو رب كل شي‏ء. تم تفسير سورة قريش- بعون اللّه و تيسيره.

سورة الماعون‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] أَ رَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ‏ (1)، أي: بالبعث و الجزاء، فلا يؤمن بما جاءت به الرسل.

[2] فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ‏ (2)، أي: يدفعه بعنف و شدة، و لا يرحمه لقساوة قلبه؛ و لأنه لا يرجو ثوابا، و لا يخاف عقابا.

[3] وَ لا يَحُضُ‏ غيره‏ عَلى‏ طَعامِ الْمِسْكِينِ‏ ، و من باب أولى أنه بنفسه لا يطعم المسكين.

[4- 5] فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ‏ (4)، أي: الملتزمين لإقامة الصلاة، و لكنهم‏ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ‏ ، أي:

مضيعون لها، تاركون لوقتها، و مخلون بأركانها. و هذا لعدم اهتمامهم بأمر اللّه حيث ضيعوا الصلاة، التي هي أهم الطاعات. و السهو عن الصلاة، هو الذي يستحق صاحبه الذم و اللوم. و أما السهو في الصلاة، فهذا يقع من كل أحد، حتى من النبي صلّى اللّه عليه و سلم. و لهذا وصف اللّه هؤلاء بالرياء و القسوة، و عدم الرحمة، فقال:

[6] الَّذِينَ هُمْ يُراؤُنَ‏ (6)، أي: يعملون الأعمال، لأجل رئاء الناس.

[7] وَ يَمْنَعُونَ الْماعُونَ‏ (7)، أي: يمنعون إعطاء الشي‏ء، الذي لا يضر إعطاؤه على وجه العارية، أو الهبة، كالإناء، و الدلو، و الفأس، و نحو ذلك، مما جرت العادة ببذله، و السماح به. فهؤلاء- لشدة حرصهم- يمنعون الماعون، فكيف بما هو أكثر منه. و في هذه السورة، الحث على إطعام اليتيم، و المساكين، و التحضيض على ذلك، و مراعاة الصلاة، و المحافظة عليها، و على الإخلاص فيها، و في سائر الأعمال. و الحث على فعل المعروف، و بذل الأموال الخفيفة، كعارية الإناء، و الدلو، و الكتاب، و نحو ذلك، لأن اللّه، ذم من لم يفعل ذلك، و اللّه سبحانه أعلم. تم تفسير سورة الماعون- بعون اللّه و معونته.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1129

سورة الكوثر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] يقول اللّه تعالى لنبيه محمد صلّى اللّه عليه و سلم: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ (1)، أي: الخير الكثير، و الفضل الغزير، الذي من جملته، ما يعطيه اللّه لنبيه صلّى اللّه عليه و سلم، من النهر الذي يقال له «الكوثر». و من الحوض، طوله شهر، و عرضه شهر، ماؤه أشد بياضا من اللبن، و أحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء في كثرتها، و استنارتها، من شرب منه شربة، لم يظمأ بعدها أبدا. و لما ذكر منته عليه، أمره بشكرها فقال:

[2] فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَ انْحَرْ (2) خصّ هاتين العبادتين بالذكر، لأنهما أفضل العبادات، و أجلّ القربات. و لأن الصلاة تتضمن الخضوع في القلب و الجوارح للّه، و تنقله في أنواع العبودية. و في النحر، تقرب إلى اللّه، بأفضل ما عند العبد، من الأضاحي، و إخراج للمال الذي جبلت النفوس على محبته، و الشح به.

[3] إِنَّ شانِئَكَ‏ ، أي: مبغضك و ذامك، و منتقصك‏ هُوَ الْأَبْتَرُ ، أي: المقطوع من كل خير، مقطوع العمل، مقطوع الذكر. و أما محمد صلّى اللّه عليه و سلم، فهو الكامل حقا، الذي له الكمال الممكن للمخلوق، من رفع الذكر، و كثرة الأنصار و الأتباع، صلّى اللّه عليه و سلّم. تم تفسير سورة الكوثر- فللّه الحمد و الشكر.

تفسير سورة الكافرون‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 2] أي: قل للكافرين معلنا و مصرحا لا أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ‏ (2)، أي: تبرّأ مما كانوا يعبدون من دون اللّه، ظاهرا و باطنا.

[3] وَ لا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ (3) لعدم إخلاصكم في عبادتكم للّه، فعبادتكم له، المقترنة بالشرك، لا تسمى عبادة. و كرر ذلك، ليدل الأول على عدم وجود الفعل، و الثاني، على أن ذلك قد صار وصفا لازما. و لهذا ميز بين الفريقين، و فصل بين الطائفتين، فقال:

صفحه بعد