کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 974

و لا منقذ، فلم تغن عنهم قوتهم، و لا أموالهم، و لا أولادهم.

[37] إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى‏ لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ‏ ، أي: قلب عظيم حيّ، ذكيّ، زكيّ، فهذا إذا ورد عليه شي‏ء من آيات اللّه، تذكر بها، و انتفع، فارتفع. و كذلك من ألقى سمعه إلى آيات اللّه، و استمعها، استماعا يسترشد به، و قلبه‏ شَهِيدٌ ، أي: حاضر، فهذا أيضا له ذكرى و موعظة، و شفاء و هدى. و أما المعرض، الذي لم يصغ سمعه إلى الآيات، فهذا لا تفيده شيئا، لأنه لا قبول عنده، و لا تقتضي حكمة اللّه هداية من هذا نعته.

[38] و هذا إخبار منه تعالى عن قدرته العظيمة، و مشيئته النافذة، التي أوجد بها أعظم المخلوقات‏ خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ‏ ، أولها يوم الأحد، و آخرها يوم الجمعة، من غير تعب و لا نصب، و لا لغوب، و لا إعياء. فالذي أوجدها- على كبرها و عظمها- قادر على إحياء الموتى، من باب أولى و أحرى.

[39] فَاصْبِرْ عَلى‏ ما يَقُولُونَ‏ من الذم لك و التكذيب بما جئت به، و اشتغل عنهم بطاعة ربك و تسبيحه، أول النهار و آخره، في أوقات الليل، و أدبار الصلوات. فإن ذكر اللّه تعالى مسلّ للنفس، مؤنس لها، مهوّن للصبر.

[41] أي: وَ اسْتَمِعْ‏ بقلبك‏ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ و هو إسرافيل عليه السلام، أي: حين ينفخ في الصور مِنْ مَكانٍ قَرِيبٍ‏ من الأرض.

[42] يَوْمَ يَسْمَعُونَ‏ تلك‏ الصَّيْحَةَ المزعجة المهولة بِالْحَقِ‏ الذي لا شك فيه و لا متراء. ذلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ‏ من القبور، الذي انفرد به القادر على كل شي‏ء، و لهذا قال:

[43- 44] إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَ نُمِيتُ وَ إِلَيْنَا الْمَصِيرُ (43) يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ‏ ، أي: عن الخلائق. سِراعاً ، أي:

يسرعون لإجابة الداعي لهم إلى موقف القيامة. ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ ، أي: سهل على اللّه، لا تعب فيه و لا كلفة.

[45] نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ‏ لك، مما يحزنك من الأذى. و إذا كنا أعلم بذلك، فقد علمت كيف اعتناؤنا بك، و تيسيرنا لأمورك، و نصرنا لك على أعدائك، فليفرح قلبك، و لتطمئن نفسك، و لتعلم أننا أرحم بك و أرأف من نفسك. فلم يبق لك إلا انتظار وعد اللّه و التأسّي بأولي العزم، من رسل اللّه. وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ ، أي: مسلط عليهم‏ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَ لِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ ، و لهذا قال: فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ و التذكير، هو تذكير بما تقرر في العقول و الفطر، من محبة الخير و إيثاره و فعله، و من بغض الشر و مجانبته، و إنما يتذكر بالتذكير، من يخاف وعيد اللّه. و أما من لم يخف الوعيد و لم يؤمن به، فهذا فائدة تذكيره إقامة الحجة عليه، لئلا يقول: ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ .

آخر تفسير سورة (ق) و الحمد للّه أولا و آخرا و ظاهرا و باطنا.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 975

سورة الذاريات‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] هذا قسم من اللّه الصادق في قيله، بهذه المخلوقات العظيمة التي جعل اللّه فيها من المصالح و المنافع، ما جعل على أن وعده صدق، و أن الدين الذي هو يوم الجزاء و المحاسبة على الأعمال، لواقع لا محالة، ما له من دافع.

فإذا أخبر به الصادق العظيم و أقسم عليه، و أقام الأدلة و البراهين عليه، فلم يكذب به المكذبون، و يعرض عن العمل له العاملون. وَ الذَّارِياتِ‏ هي الرياح التي تذور في هبوبها ذَرْواً بلينها، و لطفها، و قوتها، و إزعاجها.

[2] فَالْحامِلاتِ وِقْراً (2)، هي: السحاب، تحمل الماء الكثير، الذي ينفع اللّه به العباد و البلاد.

[3] فَالْجارِياتِ يُسْراً (3): النجوم التي تجري على وجه اليسر و السهولة، فتتزين بها السماوات، و يهتدى بها في ظلمات البر و البحر، و ينتفع بالاعتبار بها.

[4] فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً (4) الملائكة التي تقسم الأمر و تدبره بإذنه اللّه، فكل منهم قد جعله اللّه على تدبير أمر من أمور الدنيا و الآخرة، لا يتعدى ما حدّ له و قدر، و رسم، و لا ينقص منه.

[7] وَ السَّماءِ ذاتِ الْحُبُكِ‏ (7)، أي: ذات الطرائق الحسنة، التي تشبه حبك الرمال، و مياه الغدران، حين يحركها النسيم.

[8] إِنَّكُمْ‏ أيها المكذبون لمحمد صلّى اللّه عليه و سلّم، لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ‏ منكم من يقول: ساحر، و منكم من يقول: كاهن، و منكم من يقول: مجنون، إلى غير ذلك من الأقوال المختلفة، الدالة على حيرتهم و شكهم، و أن ما هم عليه باطل.

[9] يُؤْفَكُ عَنْهُ مَنْ أُفِكَ‏ (9)، أي: يصرف عنه من صرف عن الإيمان، و انصرف عن أدلة اللّه اليقينية و براهينه، و اختلاف قولهم، دليل على فساده و بطلانه، كما أن الحق الذي جاء به محمد صلّى اللّه عليه و سلّم متفق، يصدق بعضه بعضا، لا تناقض فيه، و لا اختلاف، و ذلك دليل على صحته، و أنه من عند اللّه‏ وَ لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً .

[10] يقول تعالى: قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ‏ (10)، أي: قاتل اللّه الذين كذبوا على اللّه، و جحدوا آياته، و خاضوا بالباطل، ليدحضوا به الحق، الذين يقولون على اللّه ما لا يعلمون.

[11] الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ، أي: في لجة من الكفر، و الجهل، و الضلال‏ ساهُونَ‏ .

[12] يَسْئَلُونَ‏ عن وجه الشك و التكذيب في‏ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ‏ ، أي: متى يبعثون، مستبعدين لذلك.

[13] فلا تسأل عن حالهم و سوء مآلهم‏ يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ‏ (13)، أي:

يعذبون بسبب ما انطووا عليه من خبث الباطن و الظاهر، و يقال لهم:

[14] ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ‏ ، أي: العذاب و النار، الذي هو أثر ما افتتنوا به، من الابتلاء الذي صيرهم إلى الكفر و الضلال. هذَا العذاب، الذي وصلتم إليه، هو الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ‏ . فالآن تمتعوا بأنواع العقاب و النكال، و السلاسل و الأغلال، و السخط و الوبال.

[15] يقول تعالى- في ذكر ثواب المتقين و أعمالهم، التي وصلوا بها إلى ذلك الجزء-: إِنَّ الْمُتَّقِينَ‏ ، أي:

الذين كانت التقوى شعارهم، و طاعة اللّه دثارهم. فِي جَنَّاتٍ‏ مشتملات على جميع أصناف الأشجار و الفواكه التي يوجد لها نظير في الدنيا، و التي لا يوجد لها نظير، مما لم تنظر العيون إلى مثله، و لم يخطر على قلب بشر. وَ عُيُونٍ‏ سارحة، تشرب منها تلك البساتين، و يشرب بها عباد اللّه، يفجرونها تفجيرا.

[16] آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ‏ :

يحتمل أن المعنى أن أهل الجنة قد أعطاهم مولاهم جميع مناهم، من جميع أصناف النعيم، فأخذوا ذلك، راضين به، قد قرت به أعينهم، و فرحت به نفوسهم، و لم يطلبوا منه بدلا، و لا يبغون عنه حولا، و كل قد ناله من النعيم، ما لا يطلب عليه المزيد. و يحتمل أن هذا وصف المتقين في الدنيا، و أنهم آخذون ما آتاهم اللّه، من الأوامر و النواهي، أي:

تيسير الكريم الرحمن، ص: 976

قد تلقوها بالرحب، و انشراح الصدر، منقادين لما أمر اللّه به، بالامتثال على أكمل الوجوه. و لما نهى عنه، بالانزجار عنه للّه، على أكمل وجه، فإن الذين أعطاهم اللّه من الأوامر و النواهي هو أفضل العطايا، التي حقها، أن تتلقى بالشكر للّه عليها، و الانقياد. و المعنى الأول، ألصق بسياق الكلام، لأنه ذكر وصفهم في الدنيا، و أعمالهم بقوله: إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ‏ الوقت الذي وصلوا به إلى النعيم‏ مُحْسِنِينَ‏ . و هذا شامل لإحسانهم بعبادة ربهم، أن يعبدوه كأنهم يرونه، فإن لم يكونوا يرونه، فإنه يراهم، و للإحسان إلى عباد اللّه ببذل النفع و الإحسان، من مال، أو علم، أو جاه، أو نصيحة، أو أمر بمعروف، أو نهي عن منكر، أو غير ذلك من وجوه البر، و طرق الخيرات. حتى إنه يدخل في ذلك، الإحسان بالقول، و الكلام اللين و الإحسان إلى المماليك، و البهائم المملوكة، و غير المملوكة.

[17] و من أفضل أنواع الإحسان في عبادة الخالق، صلاة الليل، الدالة على الإخلاص، و تواطؤ القلب و اللسان، و لهذا قال: كانُوا ، أي: المحسنون‏ قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ‏ ، أي: كان هجوعهم، أي: نومهم بالليل، قليلا. و أما أكثر الليل، فإنهم قانتون لربهم، ما بين صلاة، و قراءة، و ذكر، و دعاء، و تضرع.

[18] وَ بِالْأَسْحارِ التي هي قبيل الفجر هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ‏ اللّه تعالى. فمدوا صلاتهم إلى السحر، ثم جلسوا في خاتمة قيامهم بالليل، يستغفرون اللّه تعالى، استغفار المذنب لذنبه، و للاستغفار بالأسحار فضيلة و خصيصة ليست لغيره، كما قال تعالى في وصف أهل الإيمان و الطاعة: وَ الْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحارِ .

[19] وَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌ‏ واجب و مستحب‏ لِلسَّائِلِ وَ الْمَحْرُومِ‏ ، أي: للمحتاجين الذين يطلبون من الناس، و الذين لا يسألونهم.

[20] يقول تعالى- داعيا عباده إلى التفكر و الاعتبار-: وَ فِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ‏ (20)، و ذلك شامل لنفس الأرض، و ما فيها من جبال، و بحار و أنهار، و أشجار و نبات، تدل المتفكر فيها، المتأمل لمعانيها، على عظمة خالقها، و سعة سلطانه، و عميم إحسانه، و إحاطة علمه، بالظواهر و البواطن. و كذلك في نفس العبد من العبر و الحكمة و الرحمة ما يدل على أن اللّه واحد صمد، و أنه لم يخلق الخلق سدى.

[22] و قوله: وَ فِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ‏ ، أي: مادة رزقكم من الأمطار، و صنوف الأقدار، الرزق الديني، و الدنيوي. وَ ما تُوعَدُونَ‏ من الجزاء في الدنيا و الآخرة، فإنه ينزل من عند اللّه كسائر الأقدار.

[23] فلما بين الآيات و نبه عليها تنبيها، ينتبه به الذكي اللبيب، أقسم تعالى على أن وعده و جزاءه حق، و شبه ذلك بأظهر الأشياء لنا، و هو النطق، فقال: فَوَ رَبِّ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ‏ (23). فكما أنكم لا تشكون في نطقكم، فكذلك ينبغي أن لا يعتريكم الشك في البعث و الجزاء.

[24] يقول تعالى: هَلْ أَتاكَ‏ ، أي: أما جاءك‏ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ‏ ، و نبأهم الغريب العجيب، و هم الملائكة الذين أرسلهم اللّه لإهلاك قوم لوط، و أمرهم بالمرور على إبراهيم، فجاءوه في صورة أضياف.

[25] إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ‏ مجيبا لهم‏ سَلامٌ‏ ، أي: عليكم‏ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ‏ ، أي: أنتم قوم منكرون، فأحب أن تعرفوني بأنفسكم، و لم يعرفهم إلا بعد ذلك.

[26] فَراغَ إِلى‏ أَهْلِهِ‏ ، أي: ذهب سريعا في خفية، ليحضر لهم‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 977

قراهم. فَجاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ‏ .

[27] فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ‏ و عرض عليهم الأكل. قالَ أَ لا تَأْكُلُونَ‏ .

[28] فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً حين رأى أيديهم لا تصل إليه. قالُوا لا تَخَفْ‏ و أخبروه بما جاءوا له‏ وَ بَشَّرُوهُ بِغُلامٍ عَلِيمٍ‏ و هو: إسحاق عليه السّلام.

[29] (ف) لما سمعت المرأة البشارة أقبلت فرحة مستبشرة فِي صَرَّةٍ ، أي: صيحة فَصَكَّتْ وَجْهَها و هذا من جنس ما يجري للنساء عند السرور و نحوه، من الأقوال و الأفعال المخالفة للطبيعة و العادة. وَ قالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ‏ ، أي: أنّى لي الولد، و أنا عجوز، قد بلغت من السن، ما لا تلد معه النساء، و مع ذلك، فأنا عقيم، غير صالح رحمي للولادة أصلا فثمّ مانعان، كل منهما مانع من الولد. و قد ذكرت المانع الثالث في سورة هود في قولها: وَ هذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْ‏ءٌ عَجِيبٌ‏ .

[30] قالُوا كَذلِكَ قالَ رَبُّكِ‏ ، أي: اللّه الذي قدر ذلك و أمضاه، فلا عجب في قدرة اللّه. إِنَّهُ هُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ‏ ، أي: الذي وضع الأشياء مواضعها، و قد وسع كل شي‏ء علما فسلموا لحكمه، و اشكروه على نعمته.

[31] * قالَ فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ‏ (31)، أي: قال لهم إبراهيم عليه السّلام: ما شأنكم أيها المرسلون؟

و ما ذا تريدون؟ لأنه استشعر أنهم رسل، أرسلهم اللّه لبعض الشؤون المهمة.

[32] قالُوا إِنَّا أُرْسِلْنا إِلى‏ قَوْمٍ مُجْرِمِينَ‏ (32) و هم قوم لوط، قد أجرموا بإشراكهم باللّه، و تكذيبهم لرسولهم، و إتيانهم الفاحشة، التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين.

[33] لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجارَةً مِنْ طِينٍ‏ (33).

[34] مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ‏ (34)، أي: معلمة، على كل حجر اسم صاحبه، لأنهم أسرفوا، و تجاوزوا الحد. فجعل إبراهيم يجادلهم في قوم لوط، لعل اللّه يدفع عنهم العذاب، فقيل له: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَ إِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (76).

[35- 36] فَأَخْرَجْنا مَنْ كانَ فِيها مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (35) فَما وَجَدْنا فِيها غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ‏ (36) و هم بيت لوط عليه السّلام، إلا امرأته، فإنها من المهلكين.

[37] وَ تَرَكْنا فِيها آيَةً لِلَّذِينَ يَخافُونَ الْعَذابَ الْأَلِيمَ‏ (37) يعتبرون بها و يعلمون، أن اللّه شديد العقاب، و أن رسله صادقون، مصدقون.

فصل في ذكر بعض ما تضمنته هذه القصة من الحكم و الأحكام‏

منها: أن من الحكمة، أن قص اللّه على عباده، نبأ الأخيار و الفجار، ليعتبروا بهم، و أين وصلت بهم الأحوال.

و منها: فضيلة إبراهيم الخليل، عليه الصلاة و السلام، حيث ابتدأ اللّه قصته، بما يدل على الاهتمام بشأنها، و الاعتناء بها. و منها: مشروعية الضيافة، و أنها من سنن إبراهيم الخليل، الذي أمر اللّه محمدا صلّى اللّه عليه و سلّم و أمته، أن يتبعوا ملته، و ساقها اللّه في هذا الموضع، على وجه المدح له و الثناء. و منها: أن الضيف يكرم بأنواع الإكرام، بالقول و الفعل، لأن اللّه وصف أضياف إبراهيم بأنهم مكرمون، أي: أكرمهم إبراهيم، و وصف اللّه ما صنع بهم من الضيافة قولا

تيسير الكريم الرحمن، ص: 978

و فعلا، و مكرمون أيضا عند اللّه. و منها: أن إبراهيم عليه السّلام، قد كان بيته، مأوى للطارقين و الأضياف، لأنهم دخلوا عليه من غير استئذان، و إنما سلكوا طريق الأدب، في ابتداء السلام، فرد عليهم إبراهيم سلاما، أكمل من سلامهم و أتم، لأنه أتى به جملة اسمية دالة على الثبوت و الاستمرار.

فصل‏

و منها: مشروعية تعرف من جاء إلى الإنسان، أو صار له فيه نوع اتصال، لأن في ذلك فوائد كثيرة. و منها:

أدب إبراهيم و لطفه في الكلام، حيث قال: قَوْمٌ مُنْكَرُونَ‏ و لم يقل: «أنكرتكم»، و بين اللفظين من الفرق ما لا يخفى. و منها: المبادرة إلى الضيافة و الإسراع بها، لأن خير البر عاجله، و لهذا بادر إبراهيم بإحضار قرى أضيافه.

و منها: أن الذبيحة الحاضرة، الّتي قد أعدت لغير الضيف الحاضر، إذا جعلت له، ليس فيها أقل إهانة، بل ذلك من الإكرام، كما فعل إبراهيم عليه السّلام، و أخبر اللّه أن ضيفه مكرمون. و منها: ما منّ اللّه به على خليله إبراهيم، من الكرم الكثير، و كون ذلك حاضرا لديه، و في بيته معدا، لا يحتاج إلى أن يأتي به من السوق أو الجيران، أو غير ذلك.

و منها: أن إبراهيم، هو الذي خدم أضيافه، و هو خليل الرحمن، و سيد من ضيّف الضيفان. و منها: أنه قرّبه إليهم في المكان الذي هم فيه، فلم يجعله في موضع، و يقول لهم: «تفضلوا، أو ائتوا عليه» لأن هذا أيسر و أحسن.

و منها: حسن ملاطفة الضيف في الكلام اللين، خصوصا عند تقديم الطعام إليه، فإن إبراهيم عرض عليهم عرضا لطيفا، فقال: أَ لا تَأْكُلُونَ‏ ، و لم يقل: «كلوا» و نحوه من الألفاظ، الّتي غيرها أولى منها، بل أتى بأداة العرض، فقال: أَ لا تَأْكُلُونَ‏ . فينبغي للمقتدى به أن يستعمل من الألفاظ الحسنة، ما هو المناسب و اللائق بالحال، كقوله لأضيافه: «أ لا تأكلون» أو: «أ لا تتفضلون» أو «تشرفوننا و تحسنون إلينا»، و نحو ذلك. و منها: أن من خاف من أحد، لسبب من الأسباب، فإن عليه أن يزيل عنه الخوف، و يذكر له ما يؤمن روعه، و يسكّن جأشه، كما قالت الملائكة لإبراهيم لما خافهم: لا تَخَفْ‏ ، و أخبروه بتلك البشارة السارة، بعد الخوف منهم. و منها: شدة فرح سارة، امرأة إبراهيم، حتى جرى منها ما جرى، من صك وجهها، و صرّتها غير المعهود. و منها: ما أكرم اللّه به إبراهيم و زوجته سارة، من البشارة، بغلام عليم.

[38- 39] أي: وَ فِي مُوسى‏ و ما أرسله اللّه به إلى فرعون و ملئه، بالآيات البينات، و المعجزات الظاهرات، آية للذين يخافون العذاب الأليم، فلما أتى موسى بذلك السلطان المبين، تولى فرعون‏ بِرُكْنِهِ‏ ، أي: أعرض بجانبه عن الحقّ، و لم يلتفت إليه، و قدحوا فيه أعظم القدح، فقالوا: ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ‏ ، أي: إن موسى، لا يخلو، إما أن يكون ما أتى به سحرا و شعوذة، ليس من الحقّ في شي‏ء، و إما أن يكون مجنونا، لا يؤخذ بما صدر منه لعدم عقله.

هذا، و قد علموا، خصوصا فرعون، أن موسى صادق، كما قال تعالى: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَ عُلُوًّا .

و قال موسى لفرعون: لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ الآية.

[40] فَأَخَذْناهُ وَ جُنُودَهُ فَنَبَذْناهُمْ فِي الْيَمِّ وَ هُوَ مُلِيمٌ‏ (40)، أي: مذنب طاغ، عات على اللّه، فأخذه أخذ عزيز مقتدر.

[41] أي: وَ آية لهم‏ فِي عادٍ القبيلة المعروفة إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ‏ ، أي: الّتي لا خير فيها، حين كذبوا نبيهم هودا عليه السّلام.

[42] ما تَذَرُ مِنْ شَيْ‏ءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ‏ (42)، أي: كالرمم البالية، فالذي أهلكهم على قوتهم و بطشهم، دليل على كمال قوته و اقتداره، الذي لا يعجزه شي‏ء، المنتقم ممن عصاه.

[43] أي: وَ فِي ثَمُودَ آية عظيمة، حين أرسل اللّه إليهم صالحا عليه السّلام، فكذبوه و عاندوه، و بعث اللّه له الناقة، آية مبصرة، فلم يزدهم ذلك إلا عتوا و نفورا. إِذْ قِيلَ لَهُمْ تَمَتَّعُوا حَتَّى حِينٍ‏

[44] فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ ، أي: الصيحة العظيمة المهلكة وَ هُمْ يَنْظُرُونَ‏ إلى عقوبتهم بأعينهم.

[45] فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ‏ ينجون به من العذاب‏ وَ ما كانُوا مُنْتَصِرِينَ‏ لأنفسهم.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 979

[46] وَ قَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً فاسِقِينَ‏ (46) أي: و كذلك ما فعل اللّه بقوم نوح، حين كذبوا نوحا عليه السّلام، و فسقوا عن أمر اللّه. فأرسل عليهم السماء و الأرض بماء منهمر، فأغرقهم عن آخرهم، و لم يبق من الكافرين ديارا، و هذه عادة اللّه و سنته، فيمن عصاه.

[47] يقول تعالى مبينا لقدرته العظيمة: وَ السَّماءَ بَنَيْناها ، أي: خلقناها و أتقنّاها، و جعلناها سقفا للأرض و ما عليها. بِأَيْدٍ ، أي: بقوة و قدرة عظيمة وَ إِنَّا لَمُوسِعُونَ‏ لأرجائها و أنحائها. و إنا لموسعون أيضا على عبادنا بالرزق الذي ما ترك دابة في مهامه القفار، و لجج البحار، و أقطار العالم العلوي و السفلي، إلا و أوصل إليها من الرزق، ما يكفيها، و ساق إليها من الإحسان ما يغنيها.

فسبحان من عم بجوده جميع المخلوقات، و تبارك الذي وسعت رحمته، جميع البريات.

[48] وَ الْأَرْضَ فَرَشْناها ، أي: جعلناها فراشا للخلق، يتمكنون فيها من كلّ ما تتعلق به مصالحهم، من مساكن و غراس و زرع و حرث و جلوس، و سلوك للسبل الموصلة إلى مقاصدهم و مآربهم. و لما كان الفراش قد يكون صالحا للانتفاع من كلّ وجه، و قد يكون من وجه دون وجه، أخبر تعالى أنه مهدها أحسن مهاد، على أكمل الوجوه و أحسنها، و أثنى على نفسه بذلك، فقال:

فَنِعْمَ الْماهِدُونَ‏ الذي مهد لعباده ما اقتضته حكمته و رحمته.

[49] وَ مِنْ كُلِّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ‏ ، أي: صنفين، ذكر و أنثى، من كلّ نوع من أنواع الحيوانات. لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ‏ لنعم اللّه الّتي أنعم بها عليكم في تقدير ذلك، و حكمته حيث جعل ما هو السبب لبقاء نوع الحيوانات كلها، لتقوموا بتنميتها و خدمتها و تربيتها، فيحصل من ذلك ما يحصل من المنافع.

[50] فلما دعا العباد إلى النظر إلى آياته الموجبة لخشيته، و الإنابة إليه، أمر بما هو المقصود من ذلك، و هو الفرار إليه، أي: الفرار مما يكرهه اللّه ظاهرا و باطنا إلى ما يحبه، ظاهرا و باطنا، فرار من الجهل إلى العلم، و من الكفر إلى الإيمان، و من المعصية إلى الطاعة، و من الغفلة إلى الذكر. فمن استكمل هذه الأمور، فقد استكمل الدين كله، و زال عنه المرهوب، و حصل له غاية المراد و المطلوب. و سمى اللّه الرجوع إليه فرارا، لأن في الرجوع إلى غيره أنواع المخاوف و المكاره، و في الرجوع إليه أنواع المحاب و الأمن و السرور و السعادة و الفوز. فيفرّ العبد من قضائه و قدره إلى قضائه و قدره، و كلّ من خفت منه فررت منه إلى اللّه تعالى، فإنه بحسب الخوف منه، يكون الفرار إليه. إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ‏ ، أي: منذر لكم من عذاب اللّه، و مخوف بيّن النذارة.

[51] وَ لا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ ، هذا من الفرار إلى اللّه، بل هذا أصل الفرار إليه أن يفر العبد من اتخاذ آلهة غير اللّه من الأوثان و الأنداد و القبور، و غيرها، مما عبد من دون اللّه، و يخلص لربه العبادة و الخوف، و الرجاء و الدعاء، و الإنابة.

[52] يقول اللّه- مسليا لرسوله صلّى اللّه عليه و سلّم- عن تكذيب المشركين باللّه، المكذبين له، القائلين فيه من الأقوال الشنيعة، ما هو منزه عنه، و أن هذه الأقوال ما زالت دأبا و عادة للمجرمين المكذبين للرسل، فما أرسل اللّه من رسول إلا رماه قومه بالسحر أو الجنون.

[53] يقول اللّه تعالى: هذه الأقوال الّتي صدرت منهم- الأولين و الآخرين- هل هي أقوال‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 980

تواصوا بها، و لقن بها بعضهم بعضا؟ فلا يستغرب- بسبب ذلك- اتفاقهم عليها: أَمْ هُمْ قَوْمٌ طاغُونَ‏ تشابهت قلوبهم و أعمالهم بالكفر و الطغيان، فتشابهت أقوالهم الناشئة عن طغيانهم؟ و هذا هو الواقع، كما قال تعالى: وَ قالَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ لَوْ لا يُكَلِّمُنَا اللَّهُ أَوْ تَأْتِينا آيَةٌ كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ‏ ، و كذلك المؤمنون، لما تشابهت قلوبهم بالإذعان للحق و طلبه، و السعي فيه بادروا إلى الإيمان برسلهم و تعظيمهم، و توقيرهم، و خطابهم بالخطاب اللائق بهم.

[54] يقول تعالى آمرا رسوله بالإعراض عن المعرضين المكذبين: فَتَوَلَّ عَنْهُمْ‏ ، أي: لا تبال بهم و لا تؤاخذهم، و أقبل على شأنك. فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ‏ في ذنبهم، و إنما عليك البلاغ، و قد أديت ما حملت، و بلّغت ما أرسلت به.

[55] وَ ذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى‏ تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ‏ (55) و التذكير نوعان: تذكير بما لم يعرف تفصيله، مما عرف مجمله بالفطر و العقول، فإن اللّه فطر العقول على محبة الخير و إيثاره، و كراهة الشر و الزهد فيه، و شرعه موافق لذلك، فكل أمر و نهي من الشرع، فهو من التذكير، و تمام التذكير، أن يذكر ما في المأمور، من الخير و الحسن و المصالح، و ما في المنهي عنه من المضار. و النوع الثاني من التذكير: تذكير بما هو معلوم للمؤمنين، و لكن انسحبت عليه الغفلة و الذهول، فيذكّرون بذلك، و يكرر عليهم ليرسخ في أذهانهم، و ينتبهوا و يعملوا بما تذكروه من ذلك، و ليحدث لهم نشاطا و همة، توجب لهم الانتفاع و الارتفاع. و أخبر اللّه أن الذكرى تنفع المؤمنين، لأن ما معهم من الإيمان و الخشية و الإنابة، و اتباع رضوان اللّه، يوجب لهم أن تنفع فيهم الذكرى و تقع الموعظة منهم موقعها كما قال تعالى: فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرى‏ (9) سَيَذَّكَّرُ مَنْ يَخْشى‏ (10) وَ يَتَجَنَّبُهَا الْأَشْقَى‏ (11).

و أما من ليس له معه إيمان و لا استعداد لقبول التذكير، فهذا لا ينفع تذكيره، بمنزلة الأرض السبخة الّتي لا يفيدها المطر شيئا، و هؤلاء الصنف، لو جاءتهم كلّ آية لا يؤمنوا بها حتى يروا العذاب الأليم.

[56] هذه الغاية الّتي خلق اللّه الجن و الإنس لها، و بعث جميع الرسل يدعون إليها، و هي عبادته المتضمنة لمعرفته و محبته، و الإنابة إليه، و الإقبال عليه، و الإعراض عما سواه. و ذلك متوقف على معرفة اللّه تعالى، فإن تمام العبادة، متوقف على المعرفة باللّه، بل كلما ازداد العبد معرفة بربه، كانت عبادته أكمل، فهذا الذي خلق اللّه المكلفين لأجله، فما خلقهم لحاجة منه إليهم.

[57] ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَ ما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ‏ (57) تعالى اللّه الغني عن الحاجة إلى أحد بوجه من الوجوه، و إنما جميع الخلق فقراء إليه، في جميع حوائجهم و مطالبهم، الضرورية و غيرها، و لهذا قال:

صفحه بعد