کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 171

فليقتصر على واحدة، أو على ملك يمينه. فإنه لا يجب عليه القسم، في ملك اليمين: ذلِكَ‏ أي: الاقتصار على واحدة، أو ما ملكت اليمين‏ أَدْنى‏ أَلَّا تَعُولُوا أي: تظلموا. و في هذا، إن تعرض العبد للأمر الذي يخاف منه الجور و الظلم، و عدم القيام بالواجب- و لو كان مباحا- أنه لا ينبغي له أن يتعرض له، بل يلزم السعة و العافية، فإن العافية خير ما أعطي العبد.

[4] و لما كان كثير من الناس، يظلمون النساء، و يهضمونهن حقوقهن- خصوصا الصداق، الذي يكون شيئا كثيرا، و دفعة واحدة، يشق دفعه للزوجة- أمرهم و حثهم على إيتاء النساء صَدُقاتِهِنَ‏ أي: مهورهن‏ نِحْلَةً أي:

عن طيب نفس، و حال طمأنينة، فلا تمطلوهن، أو تبخسوا منه شيئا. و فيه: أن المهر يدفع إلى المرأة، إذا كانت مكلفة، و أنها تملكه، بالعقد، لأنه أضافه إليها، و الإضافة تقتضي التمليك. فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْ‏ءٍ مِنْهُ‏ أي: من الصداق‏ نَفْساً بأن سمحن لكم عن رضا و اختيار، بإسقاط شي‏ء منه، أو تأخيره أو المعاوضة عنه. فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً أي: لا حرج عليكم في ذلك و لا تبعة. و فيه دليل على أن للمرأة، التصرف في مالها- و لو بالتبرع- إذا كانت رشيدة، فإن لم تكن كذلك، فليس لعطيتها حكم. و أنه ليس لوليها من الصداق شي‏ء، غير ما طابت به. و في قوله:

فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ دليل على أن نكاح الخبيثة، غير مأمور به، بل منهي عنه، كالمشركة، و كالفاجرة، كما قال تعالى: وَ لا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكاتِ حَتَّى يُؤْمِنَ‏ و قال: الزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ أَوْ مُشْرِكٌ‏ .

[5] السفهاء، جمع «سفيه» و هو: من لا يحسن التصرف في المال. إما لعدم عقله، كالمجنون و المعتوه، و نحوهما. و إما لعدم رشده، كالصغير و غير الرشيد. فنهى اللّه الأولياء، أن يؤتوا هؤلاء أموالهم، خشية إفسادها و إتلافها. لأن اللّه جعل الأموال، قياما لعباده، في مصالح دينهم و دنياهم. و هؤلاء لا يحسنون القيام عليها و حفظها. فأمر اللّه الولي أن لا يؤتيهم إياها بل يرزقهم منها، و يكسوهم، و يبذل منها، ما يتعلق بضروراتهم و حاجاتهم الدينية و الدنيوية، و أن يقولوا لهم قولا معروفا، بأن يعدوهم- إذا طلبوها- أنهم سيدفعونها لهم بعد رشدهم، و نحو ذلك، و يلطفوا لهم في الأقوال، جبرا لخواطرهم. و في إضافته تعالى، الأموال إلى الأولياء، إشارة إلى أنه يجب عليهم أن يعملوا في أموال السفهاء، ما يفعلونه في أموالهم، من الحفظ، و التصرف، و عدم التعرض للأخطار. و في الآية دليل على أن نفقة المجنون و الصغير و السفيه، في مالهم، إذا كان لهم مال، لقوله: وَ ارْزُقُوهُمْ فِيها وَ اكْسُوهُمْ‏ . و فيه دليل على أن قول الولي مقبول فيما يدعيه، في النفقة الممكنة، و الكسوة؛ لأن اللّه جعله مؤتمنا على مالهم، فلزم قبول قول الأمين.

[6] الابتلاء هو: الاختبار و الامتحان. و ذلك بأن يدفع لليتيم المقارب للرشد، الممكن رشده، شيئا، من ماله، و يتصرف فيه التصرف اللائق بحاله، فيتبين بذلك رشده من سفهه. فإن استمر غير محسن للتصرف، لم يدفع إليه ماله، بل هو باق على سفهه، و لو بلغ عمرا كثيرا. فإن تبين رشده و صلاحه في ماله و بلغ النكاح‏ فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ‏ كاملة موفرة. وَ لا تَأْكُلُوها إِسْرافاً أي: مجاوزة للحد الحلال الذي أباحه اللّه لكم، من أموالكم إلى الحرام الذي حرمه اللّه عليكم من أموالهم. وَ بِداراً أَنْ يَكْبَرُوا أي: و لا تأكلوها، في حال صغرهم، التي لا يمكنهم فيها أخذها منكم، و لا منعكم من أكلها، تبادرون بذلك أن يكبروا، فيأخذوها منكم و يمنعوكم منها. و هذا من الأمور الواقعة، من كثير من الأولياء، الذين ليس عندهم خوف من اللّه، و لا رحمة و محبة للمولى عليهم. يرون هذه الحال، حال فرصة، فيغتنمونها، و يتعجلون ما حرّم اللّه عليهم. فنهى اللّه تعالى، عن هذه الحالة بخصوصها.

[7] كان العرب في الجاهلية- من جبروتهم و قسوتهم، لا يورثون الضعفاء، كالنساء و الصبيان، و يجعلون الميراث للرجال الأقوياء. لأنهم- بزعمهم- أهل الحرب و القتال، و النهب و السلب. فأراد الرب الرحيم الحكيم، أن يشرع لعباده شرعا، يستوي فيه رجالهم و نساؤهم، و أقوياؤهم و ضعفاؤهم. و قدّم بين يدي ذلك، أمرا مجملا،

تيسير الكريم الرحمن، ص: 172

لتتوطن على ذلك النفوس. فيأتي التفصيل بعد الإجمال، قد تشوفت له النفوس، و زالت الوحشة، التي منشؤها، العادات القبيحة فقال: لِلرِّجالِ نَصِيبٌ‏ أي: قسط و حصة مِمَّا تَرَكَ‏ أي: خلف‏ الْوالِدانِ‏ أي: الأب و الأم‏ وَ الْأَقْرَبُونَ‏ عموما بعد خصوص‏ وَ لِلنِّساءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَ الْأَقْرَبُونَ‏ . فكأنه قيل: هل ذلك النصيب، راجع إلى العرف و العادة، و أن يرضخوا لهم ما يشاؤون؟ أو شيئا مقدرا؟ فقال تعالى: نَصِيباً مَفْرُوضاً أي: قدره العليم الحكيم. و سيأتي- إن شاء اللّه- تقدير ذلك. و أيضا، فهنا توهم آخر، لعل أحدا يتوهم أن النساء و الوالدين، ليس لهم نصيب، إلا من المال الكثير، فأزال ذلك بقوله: مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ فتبارك اللّه أحسن الحاكمين.

[8] و هذا من أحكام اللّه الحسنة الجليلة، الجابرة للقلوب فقال: وَ إِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أي: قسمة المواريث‏ أُولُوا الْقُرْبى‏ أي: الأقارب غير الوارثين، بقرينة قوله:

الْقِسْمَةَ لأن الوارثين من المقسوم عليهم. وَ الْيَتامى‏ وَ الْمَساكِينُ‏ أي: المستحقون من الفقراء. فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ‏ أي: أعطوهم ما تيسر من هذا المال، الذي جاءكم بغير كد و لا تعب، و لا عناء، و لا نصب، فإن نفوسهم متشوفة إليه، و قلوبهم متطلعة. فاجبروا خواطرهم، بما لا يضركم، و هو نافعهم. و يؤخذ من المعنى، أن كل من له تطلع و تشوف إلى ما حضر بين يدي الإنسان، ينبغي له أن يعطيه منه، ما تيسر كما كان النبي صلى اللّه عليه و سلم يقول: «إذا جاء أحدكم خادمه بطعامه، فليجلسه معه، فإن لم يجلسه معه، فليناوله لقمة أو لقمتين» أو كما قال. و كان الصحابة رضي اللّه عنهم- إذا بدأت باكورة أشجارهم- أتوا بها رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فبرّك عليها، و نظر إلى أصغر وليد عنده، فأعطاه ذلك، علما منه بشدة تشوقه إلى ذلك، و هذا كله، مع إمكان الإعطاء. فإن لم يمكن ذلك- لكونه حق سفهاء، أو ثم أهم من ذلك- فليقولوا لهم‏ قَوْلًا مَعْرُوفاً يردونهم ردا جميلا، بقول حسن، غير فاحش، و لا قبيح.

[9] قيل: إن هذا خطاب لمن يحضر، من حضره الموت و أجنف في وصيته، أن يأمره بالعدل في وصيته، و المساواة فيها بدليل قوله: وَ لْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيداً أي: سدادا، موافقا للقسط و المعروف. و أنهم يأمرون من يريد الوصية على أولاده، بما يحبون معاملة أولادهم بعدهم. و قيل: إن المراد بذلك، أولياء السفهاء، من المجانين، و الصغار، و الضعاف، أن يعاملوهم في مصالحهم الدينية و الدنيوية، بما يحبون أن يعامل به من بعدهم، من ذريتهم الضعاف. فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ‏ في ولايتهم لغيرهم، أي: يعاملونهم بما فيه تقوى اللّه، من عدم إهانتهم، و القيام عليهم، و إلزامهم لتقوى اللّه.

[10] و لما أمرهم بذلك، زجرهم عن أكل أموال اليتامى، و توعد فقال: على ذلك أشد العذاب‏ إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‏ ظُلْماً أي: بغير حق. و هذا القيد، يخرج به ما تقدم، من جواز الأكل للفقير بالمعروف، و من جواز خلط طعامهم بطعام اليتامى. فمن أكلها ظلما، فإنما يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ ناراً أي: فإن الذي أكلوه، نار تتأجج في أجوافهم و هم الذين أدخلوه في بطونهم‏ وَ سَيَصْلَوْنَ سَعِيراً أي: نارا محرقة متوقدة. و هذا أعظم‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 173

و عيد ورد في الذنوب، يدل على شناعة أكل أموال اليتامى و قبحها، و أنها موجبة لدخول النار. فدل ذلك، أنها من أكبر الكبائر: نسأل اللّه العافية.

أحكام المواريث- بيان أصحابها

هذه الآيات و الآية التي هي آخر السورة من آيات المواريث المتضمنة لها. فإنها- مع حديث عبد اللّه بن عباس، الثابت في صحيح البخاري «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي، فلأولى رجل ذكر»- مشتملات على جل أحكام الفرائض، بل على جميعها، كما سترى ذلك، إلا ميراث الجدات، فإنه غير مذكور في ذلك. لكنه قد ثبت في السنن، عن المغيرة بن شعبة، و محمد بن مسلمة أن النبي صلى اللّه عليه و سلم أعطى الجدة السدس، مع إجماع العلماء على ذلك.

بيان ميراث الأولاد

[11] يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ‏ أي: أولادكم- يا معشر الوالدين- عندكم و دائع قد وصاكم اللّه عليهم، لتقوموا بمصالحهم الدينية و الدنيوية. فتعلمونهم و تؤدبونهم، و تكفونهم عن المفاسد، و تأمرونهم بطاعة اللّه، و ملازمة التقوى على الدوام كما قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَ الْحِجارَةُ فالأولاد- عند والديهم- موصى بهم. فإما أن يقوموا بتلك الوصية، فلهم جزيل الثواب. و إما أن يضيعوها، فيستحقوا بذلك الوعيد و العقاب. و هذا مما يدل على أن اللّه تعالى أرحم بعباده من الوالدين، حيث أوصى الوالدين- مع كمال شفقتهما، عليهم. ثم ذكر كيفية إرثهم فقال: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏ أي: الأولاد للصلب، و الأولاد للابن، للذكر مثل حظ الأنثيين، إن لم يكن معهم صاحب فرض، أو ما أبقت الفروض، يقتسمونه كذلك. و قد أجمع العلماء على ذلك، و أنه- مع وجود أولاد الصلب- فالميراث لهم. و ليس لأولاد الابن شي‏ء، حيث كان أولاد الصلب، ذكورا و إناثا. هذا مع اجتماع الذكور و الإناث. و هنا حالتان: انفراد الذكور، و سيأتي حكمها. و انفراد الإناث، و قد ذكره بقوله:

أحكام البنات في الميراث‏

فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ‏ أي: بنات صلب، أو بنات ابن، ثلاثا فأكثر فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَ إِنْ كانَتْ واحِدَةً أي: بنتا، أو بنت ابن‏ فَلَهَا النِّصْفُ‏ و هذا إجماع. بقي أن يقال: من أين يستفاد أن للابنتين الثنتين، الثلثين بعد الإجماع على ذلك؟ فالجواب أنه يستفاد من قوله: وَ إِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ‏ . فمفهوم ذلك، أنه إن زادت على الواحدة، انتقل الفرض عن النصف، و لا ثم بعده إلا الثلثان. و أيضا، فقوله: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏ إذا خلّف ابنا و بنتا، فإن الابن، له الثلثان، و قد أخبر اللّه، أنه مثل حظ الأنثيين. فدل ذلك، على أن للبنتين الثلثين.

و أيضا فإن البنت إذا أخذت الثلث مع أخيها- و هو أزيد ضررا عليها من أختها- فأخذها له- مع أختها- من باب أولى و أحرى. و أيضا فإن قوله تعالى في الأختين: فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ‏ نص في الأختين الثلثين.

فإذا كان الأختان الثنتان- مع بعدهما- يأخذان الثلثين، فالابنتان- مع قربهما- من باب أولى و أحرى. و قد أعطى‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 174

النبي صلى اللّه عليه و سلم، ابنتي سعد، الثلثين كما في الصحيح. بقي أن يقال: فما الفائدة في قوله: فَوْقَ اثْنَتَيْنِ‏ ؟ قيل: الفائدة في ذلك- و اللّه أعلم- أنه ليعلم أن الفرض الذي هو الثلثان، لا يزيد بزيادتهن على الثنتين، بل من الثنتين فصاعدا.

و دلت الآية الكريمة، أنه إذا وجد بنت صلب واحدة، و بنت ابن أو بنات ابن، فإن لبنت الصلب، النصف، و يبقى من الثلثين اللذين فرضهما اللّه للبنات، أو بنات الابن، السدس، فيعطى بنت الابن، أو بنات الابن، و لهذا يسمى هذا السدس، تكملة الثلثين. و مثل ذلك، بنت الابن، مع بنات الابن، اللاتي أنزل منها. و تدل الآية، أنه متى استغرق البنات أو بنات الابن الثلثين، أنه يسقط من دونهن، من بنات الابن، لأن اللّه لم يفرض لهن، إلا الثلثين، و قد تم. فلو لم يسقطن، لزم من ذلك أن يفرض لهن، أزيد من الثلثين، و هو خلاف النص. و كل هذه الأحكام، مجمع عليها بين العلماء، و للّه الحمد. و دل قوله: مِمَّا تَرَكَ‏ أن الوارثين، يرثون كل ما خلف الميت، من عقار، و أثاث، و ذهب، و فضة، و غير ذلك، حتى الدية، التي لم تجب إلا بعد موته، و حتى الديون التي في الذمة.

أحكام الأبوين في الميراث‏

ثم ذكر ميراث الأبوين فقال: وَ لِأَبَوَيْهِ‏ أي: أبوه و أمه‏ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ أي:

ولد صلب، أو ولد ابن، ذكرا كان أو أنثى، واحدا أو متعددا. فأما الأم، فلا تزيد على السدس مع أحد من الأولاد.

أحكام الأب في الميراث‏

و أما الأب، فمع الذكور منهم، لا يستحق أزيد من السدس. فإن كان الولد أنثى أو إناثا، و لم يبق بعد الفرض شي‏ء، كأبوين و ابنتين، لم يبق له تعصيب. و إن بقي بعد فرض البنت أو البنات شي‏ء، أخذ الأب السدس فرضا، و الباقي تعصيبا. لأننا ألحقنا الفروض بأهلها، فما بقي، فلأولى رجل ذكر، و هو أولى من الأخ و العم، و غيرهما.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ‏ أي: و الباقي للأب، لأنه أضاف المال إلى الأب و الأم، إضافة واحدة، ثم قدّر نصيب الأم، فدل ذلك، على أن الباقي للأب. و علم من ذلك، أن الأب- مع عدم الأولاد- لا فرض له، بل يرث- تعصيبا- المال كله، أو ما أبقت الفروض. و لكن لو وجد مع الأبوين، أحد الزوجين- و يعبر عنهما بالعمريتين- فإن الزوج أو الزوجة، يأخذ فرضه، ثم تأخذ الأم ثلث الباقي و الأب الباقي. و قد دلّ على ذلك قوله:

وَ وَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ‏ ثلث ما ورثه الأبوان. و هو في هاتين الصورتين، إما سدس في زوج و أم و أب، و إما ربع في زوجة، و أم و أب. فلم تدل الآية على إرث الأم، ثلث المال كاملا، مع عدم الأولاد. حتى يقال: إن هاتين الصورتين، قد استثنيتا من هذا. و يوضح ذلك، أن الذي يأخذه الزوج أو الزوجة، بمنزلة ما يأخذه الغرماء. فيكون من رأس المال، و الباقي، بين الأبوين. و لأنا لو أعطينا الأم ثلث المال، لزم زيادتها على الأب، في مسألة الزوج، أو أخذ الأب في مسألة الزوجة، زيادة عنها نصف السدس، و هذا لا نظير له. فإن المعهود مساواتها للأب، أو أخذه ضعف ما تأخذه الأم. فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ‏ أشقاء، أو لأب، أو لأم، ذكورا أو إناثا، وارثين، أو محجوبين بالأب، أو الجد. لكن قد يقال: ليس ظاهر قوله: فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ شاملا لغير الوارثين، بدليل عدم تناولها للمحجوب بالوصف. فعلى هذا، لا يحجبها عن الثلث من الإخوة، إلا الإخوة الوارثون. و يؤيده أن الحكمة في حجبهم لها عن الثلث، لأجل أن يتوفر لهم شي‏ء من المال، و هو معدوم. و اللّه أعلم. و لكن يشرط كونهم اثنين فأكثر. و يشكل على ذلك، إتيان لفظ «الإخوة» بلفظ الجمع. و أجيب عن ذلك، بأن المقصود، مجرد التعدد لا الجمع، و يصدق ذلك باثنين. و قد يطلق الجمع، و يراد به الاثنان كما في قوله تعالى عن داود و سليمان: وَ كُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ‏ و قال في الإخوة للأم: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ

تيسير الكريم الرحمن، ص: 175

مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ‏ . فأطلق لفظ الجمع، و المراد به، اثنان فأكثر، بالإجماع. فعلى هذا، لو خلف أما و أبا و إخوة، كان للأم السدس، و الباقي للأب، فحجبوها عن الثلث، مع حجب الأب إياهم، إلا على الاحتمال الآخر، فإن للأم الثلث، و الباقي للأب. ثم قال تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ‏ أي: هذه الفروض و الأنصباء، و المواريث، إنما ترد و تستحق، بعد نزع الديون التي على الميت للّه، أو للآدميين، و بعد الوصايا، التي قد أوصى الميت بها قبل‏ «1» موته، فالباقي عن ذلك، هو التركة، التي يستحقها الورثة. و قدم الوصية- مع أنها مؤخرة عن الدين- للاهتمام بشأنها، لكون إخراجها، شاقا على الورثة، و إلا، فالديون مقدمة عليها، و تكون من رأس المال. و أما الوصية فإنها تصح من الثلث فأقل، للأجنبي الذي هو غير وارث. و أما غير ذلك، فلا ينفذ، إلا بإجازة الورثة، قال تعالى: آباؤُكُمْ وَ أَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً .

فلو رد تقدير الإرث إلى عقولكم و اختياركم، لحصل من الضرر، ما اللّه به عليم، لنقص العقول، و عدم معرفتها بما هو اللائق و الأحسن، في كل زمان و مكان. فلا يدرون أي الأولاد، أو الوالدين، أنفع لهم و أقرب، لحصول مقاصدهم الدينية و الدنيوية. فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً أي: فرضها اللّه الذي قد أحاط بكل شي‏ء علما، و أحكم ما شرعه، و قدّر ما قدّره، على أحسن تقدير، لا تستطيع العقول أن تقترح مثل أحكامه الصالحة الموافقة، لكل زمان، و مكان، و حال.

[حكم الزوج و الزوجات في الميراث‏] «2»

[12] ثم قال تعالى: وَ لَكُمْ‏ أيها الأزواج‏ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ وَ لَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ‏ . و يدخل في مسمى الولد، المشروط وجوده أو عدمه، ولد الصلب أو ولد الابن الذكر و الأنثى، الواحد و المتعدد، الذي من الزوج، أو من غيره، و يخرج عنه، ولد البنات إجماعا.

[بيان معنى «الكلالة» و نصيبها في الميراث‏] «3»

ثم قال تعالى: وَ إِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ‏ أي: من أم، كما هي في بعض القراءات. و أجمع العلماء على أن المراد بالإخوة- هنا- الإخوة للأم. فإذا كان يورث كلالة أي: ليس للميت والد و لا ولد، أي: لا أب، و لا جد، و لا ابن، و لا ابن ابن، و لا بنت، و لا بنت ابن و إن نزلوا. و هذه هي: الكلالة، كما فسرها بذلك أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه، و قد حصل على ذلك الاتفاق، و للّه الحمد. فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا أي:

من الأخ و الأخت‏ السُّدُسُ‏ . فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ‏ أي: من واحد فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ‏ أي: لا يزيدون على الثلث، و لو زادوا على اثنين. و دل قوله: فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ‏ أن ذكرهم و أنثاهم سواء، لأن لفظ «الشريك» يقتضي التسوية. و دل لفظ: الْكَلالَةِ على أن الفروع و إن نزلوا، و الأصول الذكور و إن علوا، يسقطون أولاد الأم، لأن اللّه لم يورثهم إلا في الكلالة، فلو لم يكن يورث كلالة، لم يرثوا منه شيئا، اتفاقا. و دل‏

(1) في المطبوعة: (بعد).

(2) سقط هذا العنوان من المطبوعة.

(3) سقط من المطبوعة التي بين أيدينا، و هو موافق للسياق.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 176

قوله: فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ‏ أن الإخوة الأشقاء، يسقطون في المسألة المسماة بالحمارية. و هي: زوج، و أم، و إخوة لأم، و إخوة أشقاء. فللزوج النصف. و للأم السدس. و للإخوة للأم الثلث. و يسقط الأشقاء، لأن اللّه أضاف الثلث للإخوة من الأم. فلو شاركهم الأشقاء، لكان جمعا لما فرّق اللّه حكمه. و أيضا، فإن الإخوة للأم، أصحاب فروض، و الأشقاء عصبات. و قد قال النبي صلى اللّه عليه و سلم: «ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي، فلأولى رجل ذكر».

و أهل الفروض هم: الذين قدّر اللّه أنصباءهم. ففي هذه المسألة، لا يبقى بعدهم شي‏ء، فيسقط الأشقاء، و هذا هو الصواب في ذلك. و أما ميراث الإخوة و الأخوات الأشقاء، أو لأب، فمذكور في قوله: يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ الآية. فالأخت الواحدة، شقيقة، أو لأب، لها النصف. و الثنتان، لهما الثلثان. و الشقيقة الواحدة مع الأخت للأب، أو الأخوات، تأخذ النصف و الباقي من الثلثين، للأخت، أو الأخوات لأب، و هو السدس، تكملة الثلثين. و إذا استغرقت الشقيقات الثلثين، تسقط الأخوات للأب، كما تقدم في البنات، و بنات الابن. و إن كان الإخوة، رجالا و نساء، فللذكر مثل حظ الأنثيين.

حكم القاتل و اختلاف دين الميت و أقربائه‏

فإن قيل: فهل يستفاد حكم ميراث القاتل، و الرقيق، و المخالف في الدين، و المبعض و الخنثى، و الجد مع الإخوة لغير أم، و العول، و الرد و ذوي الأرحام، و بقية العصبة، و الأخوات لغير أم، مع البنات، أو بنات الابن، من القرآن أم لا؟ قيل: نعم، فيه تنبيهات و إشارات دقيقة، يعسر فهمها على غير المتأمل، تدل على جميع المذكورات.

فأما (القاتل و المخالف في الدين) فيعرف أنهما غير وارثين من بيان الحكمة الإلهية، في توزيع المال على الورثة، بحسب قربهم، و نفعهم الديني و الدنيوي. و قد أشار تعالى إلى هذه الحكمة بقوله: لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً .

و قد علم أن القاتل، قد سعى لمورثه بأعظم الضرر، فلا ينتهض ما فيه، من موجب الإرث، أن يقاوم ضرر القتل، الذي هو ضد النفع الذي رتب عليه الإرث. فعلم من ذلك، أن القتل أكبر مانع يمنع من الميراث، و يقطع الرحم الذي قال اللّه فيه: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ* . مع أنه قد استقرت القاعدة الشرعية، أن «من استعجل شيئا قبل أوانه، عوقب بحرمانه». و بهذا نحوه، يعرف أن المخالف لدين الموروث لا إرث له. و ذلك أنه قد تعارض الموجب، الذي هو: اتصال النسب، الموجب للإرث، و المانع الذي هو المخالفة في الدين، الموجبة للمباينة من كل وجه. فقوي المانع، و منع موجب الإرث، الذي هو النسب. فلم يعمل الموجب لقيام المانع. يوضح ذلك أن اللّه تعالى قد جعل حقوق المسلمين، أولى من حقوق الأقارب الكفار الدنيوية. فإذا مات المسلم، انتقل ماله إلى من هو أولى و أحق به. فيكون قوله تعالى: وَ أُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى‏ بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ* إذا اتفقت أديانهم. و أما مع تباينهم، فالأخوة الدينية، مقدمة على الأخوة النسبية المجردة. قال ابن القيم في «جلاء الأفهام»: «و تأمل هذا المعنى من آية المواريث، و تعليقه سبحانه التوارث فيها بلفظ الزوجة، دون المرأة كما في قوله تعالى: وَ لَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ‏ . ففيه إيذان بأن التوارث، إنما وقع بالزوجية، المقتضية للتشاكل و التناسب. و المؤمن و الكافر، لا تشاكل بينهما، و لا تناسب، فلا يقع بينهما التوارث. و أسرار مفردات القرآن و مركباته، فوق عقول العاقلين» انتهى.

حكم الرقيق في الميراث‏

و أما (الرقيق)، فإنه لا يرث و لا يورّث. أما كونه لا يورث فواضح، لأنه ليس له مال يورث عنه، بل كل ما معه، فهو لسيده. و أما كونه لا يرث، فلأنه لا يملك، فإنه لو ملك، لكان لسيده، و هو أجنبي من الميت، فيكون مثل قوله تعالى: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ‏ . وَ لَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ‏ . فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 177

و نحوها، لمن يتأتى منه التملك. و أما الرقيق، فلا يتأتى منه ذلك، فعلم أنه لا ميراث له. و أما من بعضه حر، و بعضه رقيق، فإنه تتبعض أحكامه. فما فيه من الحرية، يستحق بها ما رتبه اللّه في المواريث، لكون ما فيه من الحرية، قابلا للتملك، و ما فيه من الرق، فليس بقابل لذلك. فإذا يكون المبعض، يرث و يورث، و يحجب بقدر ما فيه من الحرية. و إذا كان العبد يكون محمودا و مذموما، مثابا و معاقبا، بقدر ما فيه من موجبات ذلك، فهذا كذلك.

حكم الخنثى و المشكل في الميراث‏

و أما (الخنثى) فلا يخلو، إما أن يكون واضحا ذكوريته أو أنوثيته، أو مشكلا. فإن كان واضحا، فالأمر فيه واضح. إن كان ذكرا، فله حكم الذكور، و يشمله النص الوارد فيهم. و إن كانت أنثى، فلها حكم الإناث، و يشملها النص الوارد فيهن. و إن كان مشكلا، فإن كان الذكر و الأنثى لا يختلف إرثهما- كالإخوة للأم- فالأمر فيه واضح. و إن كان يختلف إرثه، بتقدير ذكوريته، و بتقدير أنوثيته، و لم يبق لنا طريق إلى العلم بذلك، لم نعطه أكثر التقديرين، لاحتمال ظلم من معه من الورثة، و لم نعطه الأقل، لاحتمال ظلمنا إياه. فوجب التوسط بين الأمرين، و سلوك أعدل الطريقين، قال تعالى: اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوى‏ . فليس لنا طريق إلى العدل في مثل هذا، أكثر من هذا الطريق المذكور. لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏ .

ميراث الجد

و أما (ميراث الجد) مع الإخوة الأشقاء، أو لأب، و هل يرثون معه أم لا؟ فقد دلّ كتاب اللّه، على قول أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه، أن الجد يحجب الإخوة، أشقاء، أو لأب، أو لأم، كما يحجبهم الأب. و بيان ذلك: أن الجد: أب في غير موضع من القرآن كقوله تعالى: إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَ إِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَ إِسْماعِيلَ وَ إِسْحاقَ‏ الآية. و قال يوسف عليه السلام: وَ اتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَ إِسْحاقَ وَ يَعْقُوبَ‏ . فسمى اللّه الجد، وجد الأب، أبا. فدل ذلك، على أن الجد، بمنزلة الأب، يرث ما يرثه الأب، و يحجب من يحجبه (أي: عند عدمه). و إذا كان العلماء، قد أجمعوا على أن الجد، حكمه حكم الأب عند عدمه في ميراثه مع الأولاد و غيرهم، من بين الإخوة و الأعمام و بينهم، و سائر أحكام المواريث- فينبغي أيضا، أن يكون حكمه حكمه، في حجب الإخوة لغير أم. و إذا كان ابن الابن بمنزلة ابن الصلب، فلم لا يكون الجد بمنزلة الأب؟

و إذا كان جد الأب، مع ابن الأخ، قد اتفق العلماء على أنه يحجبه. فلم لا يحجب جد الميت أخاه؟ فليس مع من يورث الإخوة مع الجد، نص و لا إشارة، و لا تنبيه، و لا قياس صحيح.

العول و أحكامه‏

صفحه بعد