کتابخانه تفاسیر
تيسير الكريم الرحمن، ص: 1131
و شقي وَ تَبَ فلم يربح.
[2] ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ الذي كان عنده، فأطغاه. وَ ما كَسَبَ لم يرد عنه شيئا من عذاب اللّه، إذا نزل به.
[3] سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (3)، أي: ستحيط به النار من كل جانب، هو
[4- 5] وَ امْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (4). و كانت أيضا شديدة الأذية لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، تتعاون هي و زوجها على الإثم و العدوان، و تلقي الشر، و تسعى غاية ما تقدر عليه في أذية الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم، و تجمع على ظهرها الأوزار، بمنزلة من يجمع حطبا، قد أعد له في عنقه حبلا مِنْ مَسَدٍ ، أي:
من ليف. أو أنها تحمل في النار الحطب على زوجها، متقلدة في عنقها حبلا من مسد. و على كل، ففي هذه السورة، آية باهرة من آيات اللّه. فإن اللّه أنزل هذه السورة و أبو لهب و امرأته لم يهلكا. و أخبر أنهما سيعذبان في النار، و لا بد من لازم ذلك أنهما لا يسلمان. فوقع كما أخبر عالم الغيب و الشهادة. تم تفسير سورة المسد- بعون اللّه و تيسيره.
تفسير سورة الإخلاص
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] أي: قُلْ قولا جازما به، معتقدا له، عارفا بمعناه. هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ، أي: قد انحصرت فيه الأحدية، فهو الأحد المنفرد بالكمال، و الذي له الأسماء الحسنى، و الصفات الكاملة العليا، و الأفعال المقدسة، الذي لا نظير له و لا مثيل.
[2] اللَّهُ الصَّمَدُ (2)، أي: المقصود في جميع الحوائج. فأهل العالم العلوي و السفلي مفتقرون إليه غاية الافتقار، يسألونه حوائجهم، و يرغبون إليه في مهماتهم، لأنه الكامل في أوصافه، العليم الذي قد كمل في علمه. الحليم الذي كمل في حلمه. الرحيم الذي وسعت رحمته كل شيء، و هكذا سائر أوصافه.
[3- 4] و من كماله، أنه لَمْ يَلِدْ وَ لَمْ يُولَدْ (3) لكمال غناه، وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4)، لا في أسمائه، و لا في صفاته، و لا في أفعاله، تبارك و تعالى. فهذه السورة مشتملة على توحيد الأسماء و الصفات. تم تفسير سورة الإخلاص- و للّه الحمد و الشكر.
تيسير الكريم الرحمن، ص: 1132
سورة الفلق
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1] أي: قُلْ متعوذا أَعُوذُ ، أي: الجأ، و ألوذ، و أعتصم بِرَبِّ الْفَلَقِ ، أي: فالق الحب و النوى، و فالق الإصباح.
[2] مِنْ شَرِّ ما خَلَقَ (2) و هذا يشمل جميع ما خلق اللّه، من إنس، و جن، و حيوانات، فيستعاذ بخالقها من الشر الذي فيها.
[3] ثم خص بعد ما عمّ، فقال: وَ مِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ (3)، أي: من شر ما يكون في الليل، حين يغشى النعاس، و ينتشر فيه كثير من الأرواح الشريرة، و الحيوانات المؤذية.
[4] وَ مِنْ شَرِّ النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ (4)، أي: و من شر السواحر، اللاتي يستعن على سحرهن بالنفث في العقد، التي يعقدنها على السحر.
[5] وَ مِنْ شَرِّ حاسِدٍ إِذا حَسَدَ (5)، و الحاسد: هو الذي يحب زوال النعمة عن المحسود فيسعى في زوالها، بما يقدر عليه من الأسباب. فاحتيج إلى الاستعاذة باللّه من شره، و إبطال كيده. و يدخل في الحاسد، العاين؛ لأنه لا تصدر العين إلا من حاسد شرير الطبع، خبيث النفس. فهذه السورة تضمنت الاستعاذة، من جميع أنواع الشرور، عموما و خصوصا. و دلّت على أن السحر له حقيقة يخشى من ضرره، و يستعاذ باللّه منه، و من أهله.
تفسير سورة الناس
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[1- 6] و هذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس و مالكهم و إلههم من الشيطان، الذي هو أصل الشرور كلها و مادّتها، الذي من فتنته و شره أنه يوسوس في صدور الناس، فيحسن لهم الشر، و يريهم إياه في صورة حسنة، و ينشط إرادتهم لفعله. و يثبطهم عن الخير، و يريهم إياه في صورة غير صورته. و هو دائما بهذه الحال، يوسوس ثم يخنس، أي: يتأخر عن الوسوسة، إذا ذكر العبد ربه، و استعان على دفعه. فينبغي له أن يستعين و يستعيذ، و يعتصم بربوبية اللّه للناس كلهم. و أن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية و الملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها. و بألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها، و يحول بينهم و بينها، و يريد أن يجعلهم من حزبه، ليكونوا من أصحاب السعير. و الوسواس كما يكون من الجن، يكون من الإنس. و لهذا قال: مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ (6). و الحمد للّه رب العالمين أولا و آخرا، و ظاهرا و باطنا. تم تفسير سورة الناس- و للّه الحمد و المنة.
تيسير الكريم الرحمن، ص: 1133
و نسأله تعالى أن يتم نعمته، و أن يغفر لنا ذنوبنا، التي حالت بيننا و بين كثير من بركاته، و خطايا و شهوات ذهبت بقلوبنا عن تدبر آياته.
و نرجوه، و نأمل منه أن لا يحرمنا خير ما عنده، بشرّ ما عندنا، فإنه لا ييأس من روح اللّه إلا القوم الكافرون، و لا يقنط من رحمته إلا الضالون.
و صلّى اللّه و سلم على رسوله محمد، و على آله و صحبه أجمعين، صلاة و سلاما دائمين متواصلين أبد الأوقات، و الحمد للّه الذي بنعمته تتم الصالحات.
تم تفسير كتاب اللّه بعونه، و حسن توفيقه، على يد جامعه، و كاتبه «عبد الرحمن بن ناصر بن عبد اللّه» المعروف ب «ابن سعدي»، وقع النقل في 7 شعبان، سنة 1354 ه.
ربنا تقبل منا، و اعف عنا، إنك الغفور الرحيم.
تم بحمد اللّه طبع هذا التفسير المبارك في مطابع دار إحياء التراث العربي- بيروت الزاهرة، أدامها اللّه لطبع المزيد من الكتب النافع و آخر دعوانا أن الحمد للّه رب العالمين و العاقبة للمتّقين
تيسير الكريم الرحمن، ص: 1134
محتوى تفسير الإمام السعدي
- كلمة دار إحياء التراث العربي 5- مقدمة فضيلة القاضي عبد العزيز بن عقيل رئيس الهيئة الدائمة بمجلس القضاء الأعلى 9- كلمة فضيلة الشيخ محمد الصالح العثيمين عضو هيئة كبار العلماء 11- مقدمة الدكتور عبد الرحمن بن معلا اللويحق 13 ترجمة المؤلف بقلم أحد تلاميذه 15 1- اسمه و نسبه و مولده و نشأته في اليتم 15 2- شيوخه 15 3- نبذة من أخلاقه 16 4- مكانته 16 5- مصنفاته 17 6- غايته من التصنيف 18 7- وفاته 18 مقدمة المؤلف 21 أصول و كليات 23 فصل في شرح أسماء اللّه الحسنى 28 1- تفسير سورة الفاتحة 35 2- تفسير سورة البقرة 37 3- تفسير سورة آل عمران 132 4- تفسير سورة النساء 169 5- تفسير سورة المائدة 235 6- تفسير سورة الأنعام 273 7- تفسير سورة الأعراف 314 8- تفسير سورة الأنفال 356 9- تفسير سورة التوبة 372 10- تفسير سورة يونس 406 11- تفسير سورة هود 429 12- تفسير سورة يوسف 451 13- تفسير سورة الرعد 474 14- تفسير سورة إبراهيم 486 15- تفسير سورة الحجر 496 16- تفسير سورة النحل 505 17- تفسير سورة الإسراء 527 18- تفسير سورة الكهف 546 19- تفسير سورة مريم 570 20- تفسير سورة طه 587 21- تفسير سورة الأنبياء 607 22- تفسير سورة الحج 627 23- تفسير سورة المؤمنون 645 24- تفسير سورة النور 663 25- تفسير سورة الفرقان 682 26- تفسير سورة الشعراء 697 27- تفسير سورة النمل 715 28- تفسير سورة القصص 730 29- تفسير سورة العنكبوت 750 30- تفسير سورة الرّوم 763 31- تفسير سورة لقمان 775 32- تفسير سورة السجدة 783 33- تفسير سورة الأحزاب 789 34- تفسير سورة سبأ 808 35- تفسير سورة فاطر 820 36- تفسير سورة يس 830 37- تفسير سورة الصافات 841 38- تفسير سورة ص 853 39- تفسير سورة الزّمر 863 40- تفسير سورة غافر (المؤمن) 880 41- تفسير سورة فصّلت 896 42- تفسير سورة الشّورى 907 43- تفسير سورة الزخرف 919 44- تفسير سورة الدخان 930 45- تفسير سورة الجاثية 935
تيسير الكريم الرحمن، ص: 1135