کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 805

إياه. و يثني عليه الملائكة المقربون، و يدعون له و يتضرعون.

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَ سَلِّمُوا تَسْلِيماً اقتداء باللّه و ملائكته، و جزاء له على بعض حقوقه عليكم، و تكميلا لإيمانكم، و تعظيما له صلّى اللّه عليه و سلّم، و محبة و إكراما، و زيادة في حسناتكم، و تكفيرا عن سيئاتكم. و أفضل هيئات الصلاة عليه عليه الصلاة و السّلام، ما علمه أصحابه «اللهم صلّ على محمد و على آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد و بارك على محمد و على آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد» و هذا الأمر بالصلاة و السّلام عليه مشروع في جميع الأوقات و أوجبه كثير من العلماء في الصلاة.

[57] لما أمر تعالى بتعظيم رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم، و بالصلاة و السّلام عليه، نهى عن أذيته، و توعد عليها فقال: إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ‏ و هذا يشمل كلّ أذية، قولية أو فعلية، من سب و شتم، أو تنقص له، أو لدينه، أو ما يعود إليه بالأذى. لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا أي: أبعدهم و طردهم، و من لعنهم في الدنيا، أنه يتحتم قتل من شتم الرسول، و آذاه. وَ الْآخِرَةِ وَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً جزاء له على أذاه، أن يؤذى بالعذاب المهين، فأذية الرسول ليست كأذية غيره، لأنه لا يؤمن العبد باللّه، حتى يؤمن برسوله صلّى اللّه عليه و سلّم. و له من التعظيم، الذي هو من لوازم الإيمان، ما يقتضي ذلك أن لا يكون مثل غيره.

[58] و إن كان أذية المؤمنين عظيمة، و إثمها عظيما، و لهذا قال فيها: وَ الَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا أي: بغير جناية منهم موجبة للأذى‏ فَقَدِ احْتَمَلُوا على ظهورهم‏ بُهْتاناً حيث آذوهم بغير سبب‏ وَ إِثْماً مُبِيناً حيث تعدوا عليهم، و انتهكوا حرمة أمر اللّه باحترامها. و لهذا كان سبّ آحاد المؤمنين، موجبا للتعزير، بحسب حالته و علو مرتبته. فتعزير من سبّ الصحابة أبلغ، و تعزير من سبّ العلماء و أهل الدين، أعظم من غيرهم.

[59] هذه الآية، هي الّتي تسمى آية الحجاب، فأمر اللّه نبيه، أن يأمر النساء عموما، و يبدأ بزوجاته و بناته، لأنهن آكد من غيرهن، و لأن الآمر لغيره، ينبغي أن يبدأ بأهله، قبل غيرهم كما قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَ أَهْلِيكُمْ ناراً . أن‏ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَ‏ و هن اللاتي يكن فوق الثياب من ملحفة و خمار و رداء و نحوه، أي: يغطين بها، وجوههن و صدورهن. ثمّ ذكر حكمة ذلك فقال: ذلِكَ أَدْنى‏ أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ‏ دلّ على وجود أذية، إن لم يحتجبن، و ذلك لأنهن إذا لم يحتجبن، ربما ظن أنهن غير عفيفات، فيتعرض لهن من في قلبه مرض، فيؤذيهن. و ربما استهين بهن، و ظن أنهن إماء، فتهاون بهن من يريد الشر. فالاحتجاب حاسم لمطامع الطامعين فيهن. وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً حيث غفر لكم ما سلف، و رحمكم، بأن بيّن لكم الأحكام، و أوضح الحلال و الحرام، فهذا سد للباب من جهتين.

[60] و أما من جهة أهل الشر فقد توعدهم بقوله: لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ وَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‏ أي: مرض شك أو شهوة وَ الْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ أي: المخوفون المرهبون الأعداء، المتحدثون بكثرتهم و قوتهم، و ضعف‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 806

المسلمين. و لم يذكر المعمول الذي ينتهون عنه، ليعم ذلك، كل ما توحي به أنفسهم إليهم، و توسوس به، و تدعو إليه من الشر، من التعريض بسبّ الإسلام و أهله، و الإرجاف بالمسلمين، و توهين قواهم، و التعرض للمؤمنات بالسوء و الفاحشة، و غير ذلك من المعاصي الصادرة، من أمثال هؤلاء. لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ‏ أي: نأمرك بعقوبتهم و قتالهم، و نسلطك عليهم. ثمّ إذا فعلنا ذلك، لا طاقة لهم بك، و ليس لهم قوة و لا امتناع. و لهذا قال: ثُمَّ لا يُجاوِرُونَكَ فِيها إِلَّا قَلِيلًا أي: لا يجاورونك في المدينة إلا قليلا، بأن تقتلهم أو تنفيهم.

[61] و هذا فيه دليل، لنفي أهل الشر، الّذين يتضرر بإقامتهم بين أظهر المسلمين، فإن ذلك أحسم للشر، و أبعد منه، و يكونون‏ مَلْعُونِينَ أَيْنَما ثُقِفُوا أُخِذُوا وَ قُتِّلُوا تَقْتِيلًا (61) أي: مبعدين، حيث وجدوا، لا يحصل لهم أمن، و لا يقر لهم قرار، يخشون أن يقتلوا، أو يحبسوا، أو يعاقبوا.

[62] سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ‏ أن من تمادى في العصيان، و تجرأ على الأذى، و لم ينته منه، فإنه يعاقب عقوبة بليغة. وَ لَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا أي: تغييرا، بل سنّته تعالى و عادته، جارية مع الأسباب المقتضية لمسبباتها.

[63] أي يستخبرك الناس عن الساعة، استعجالا لها، و بعضهم تكذيبا لوقوعها، و تعجيزا للذي أخبر بها.

قُلْ‏ لهم: إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ اللَّهِ‏ أي: لا يعلمها إلا اللّه، فليس لي، و لا لغيري بها علم. و مع هذا، فلا تستبطئوها. وَ ما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً و مجرد مجي‏ء الساعة، قربا و بعدا، ليس تحته نتيجة و لا فائدة، و إنّما النتيجة و الخسار، و الربح، و الشقاوة و السعادة، هل يستحق العبد العذاب، أو يستحق الثواب؟ فهذه سأخبركم بها، و أصف لكم مستحقها.

[64] فوصف مستحق العذاب، و وصف العذاب، لأن الوصف المذكور، منطبق على هؤلاء المكذبين بالساعة فقال: إِنَّ اللَّهَ لَعَنَ الْكافِرِينَ‏ أي: الّذين صار الكفر دأبهم و طريقتهم، الكفر باللّه و برسله، و بما جاءوا به من عند اللّه، فأبعدهم اللّه في الدنيا و الآخرة من رحمته، و كفى بذلك عقابا. وَ أَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً أي: نارا موقدة، تسعر في أجسامهم، و يبلغ العذاب إلى أفئدتهم، و يخلدون في ذلك العذاب الشديد، فلا يخرجون منه، و لا يفتّر عنهم ساعة.

[65] لا يَجِدُونَ وَلِيًّا فيعطيهم ما طلبوه‏ وَ لا نَصِيراً يدفع عنهم العذاب.

[66] بل قد تخلى عنهم النصير، و أحاط بهم عذاب السعير، و بلغ منهم مبلغا عظيما. و لهذا قال: يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ فيذوقون حرها، و يشتد عليهم أمرها، و يتحسرون على ما أسلفوا. يَقُولُونَ يا لَيْتَنا أَطَعْنَا اللَّهَ وَ أَطَعْنَا الرَّسُولَا فسلمنا من هذا العذاب، و استحققنا كالمطيعين جزيل الثواب. و لكن أمنية فات وقتها، فلم تفدهم إلا حسرة و ندما، و همّا، و غمّا، و ألما.

[67] وَ قالُوا رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا وَ كُبَراءَنا و قلدناهم على ضلالهم. فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا . كقوله تعالى: وَ يَوْمَ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 807

يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى‏ يَدَيْهِ يَقُولُ يا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا (27) يا وَيْلَتى‏ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلًا (28) لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ الآية.

[68] و لما علموا أنهم، و كبراءهم، مستحقون للعقاب، أرادوا أن يشتفوا ممن أضلوهم، فقالوا: رَبَّنا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذابِ وَ الْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً (68) فيقول اللّه لكل ضعف، فكلكم اشتركتم في الكفر و المعاصي، فتشتركون في العقاب، و إن تفاوت عذاب بعضكم على بعض بحسب تفاوت الجرم.

[69] يحذر تعالى عباده المؤمنين عن أذية رسولهم، محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، النبي الكريم، الرؤوف الرحيم، لئلا يقابلوه بضد ما يجب له من الإكرام و الاحترام، و أن لا يتشبهوا بحال الّذين آذوا موسى بن عمران، كليم الرحمن، فبرأه اللّه مما قالوا من الأذية، أي أظهر اللّه لهم براءته. و الحال أنه عليه الصلاة و السّلام، ليس محل التهمة و الأذية، فإنه كان وجيها عند اللّه، مقربا لديه، من خواص المرسلين، و من عباد اللّه المخلصين؛ فلم يزجرهم ما له من الفضائل، عن أذيته، و التعرض له بما يكره، فاحذروا أيها المؤمنون، أن تتشبهوا بهم في ذلك. و الأذية المشار إليها هي قول بني إسرائيل عن موسى، لما رأوا شدة حيائه و تستره عنهم: «إنه ما يمنعه من ذلك إلا أنه آدر» أي: كبير الخصيتين، و اشتهر ذلك عندهم. فأراد أن يبرئه منهم، فاغتسل يوما، و وضع ثوبه على حجر، ففر الحجر بثوبه، فأهوى موسى عليه السّلام في طلبه، فمرّ به على مجالس بني إسرائيل، فرأوه أحسن خلق اللّه، فزال عنه ما رموه به.

[70] يأمر تعالى المؤمنين بتقواه، في جميع أحوالهم، في السر و العلانية، و يخص منها، و يندب للقول السديد، و هو القول الموافق للصواب، أو المقارب له، عند تعذر اليقين، من قراءة، و ذكر، و أمر بمعروف، و نهي عن منكر، و تعلم علم و تعليمه، و الحرص على إصابة الصواب، في المسائل العلمية، و سلوك كلّ طريق يوصل لذلك، و كل وسيلة تعين عليه. و من القول السديد، لين الكلام و لطفه، في مخاطبة الأنام، و القول المتضمن للنصح، و الإشارة بما هو الأصلح.

[71] ثمّ ذكر ما يترتب على تقواه، و قول القول السديد فقال: يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ‏ أي: يكون ذلك سببا لصلاحها، و طريقا لقبولها؛ لأن استعمال التقوى، تتقبل به الأعمال كما قال تعالى: إِنَّما يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ‏ .

و يوفق فيه الإنسان للعمل الصالح، و يصلح اللّه الأعمال أيضا، بحفظها عمّا يفسدها، و حفظ ثوابها و مضاعفته.

كما أن الإخلال بالتقوى، و القول السديد سبب لفساد الأعمال، و عدم قبولها، و عدم ترتّب آثارها عليها. وَ يَغْفِرْ لَكُمْ‏ أيضا ذُنُوبَكُمْ‏ الّتي هي السبب في هلاككم. فبالتقوى تستقيم الأمور، و يندفع بها كلّ محذور و لهذا قال:

وَ مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ فازَ فَوْزاً عَظِيماً .

[72] يعظم تعالى شأن الأمانة، الّتي ائتمن اللّه عليها المكلفين، الّتي هي امتثال الأوامر، و اجتناب المحارم، في حال السر و الخفية، كحال العلانية. و أنه تعالى عرضها على المخلوقات العظيمة، و السموات و الأرض و الجبال، عرض تخيير لا تحتيم، و أنك إن قمت بها و أدّيتها على وجهها، فلك الثواب، و إن لم تقم بها، و لم تؤدها، فعليك العقاب، فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَ أَشْفَقْنَ مِنْها أي خوفا أن لا يقمن بما حملن، لا عصيانا لربهن، و لا زهدا في ثوابه.

و عرضها اللّه على الإنسان، على ذلك الشرط المذكور، فقبلها، و حملها مع ظلمه و جهله، و حمل هذا الحمل الثقيل.

فانقسم الناس- بحسب قيامهم بها و عدمه- إلى ثلاثة أقسام: منافقون: قاموا بها ظاهرا لا باطنا، و مشركون: تركوها ظاهرا و باطنا، و مؤمنون: قائمون بها ظاهرا و باطنا. فذكر اللّه تعالى أعمال هؤلاء الأقسام الثلاثة، و ما لهم من الثواب و العقاب فقال:

[73] لِيُعَذِّبَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَ الْمُنافِقاتِ وَ الْمُشْرِكِينَ وَ الْمُشْرِكاتِ وَ يَتُوبَ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً (73). فله تعالى الحمد، حيث ختم هذه الآية بهذين الاسمين الكريمين، الدالين على تمام مغفرة الله،

تيسير الكريم الرحمن، ص: 808

و سعة رحمته، و عموم جوده، مع أن المحكوم عليهم، كثير منهم، لم يستحق المغفرة و الرحمة، لنفاقه و شركه. تم تفسير سورة الأحزاب.

سورة سبأ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] الحمد: الثناء بالصفات الحميدة، و الأفعال الحسنة، فللّه تعالى الحمد، لأن جميع صفاته، يحمد عليها، لكونها صفات كمال، و أفعاله، يحمد عليها، لأنها دائرة بين الفضل الذي يحمد عليه و يشكر، و الحمد الذي يحمد عليه و يعترف بحكمته فيه. و حمد نفسه هنا، على أن‏ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ‏ ملكا و عبيدا، يتصرف فيهم بحمده. وَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ لأن في الآخرة، يظهر من حمده، و الثناء عليه، ما لا يكون في الدنيا. فإذا قضى اللّه تعالى بين الخلائق كلهم، و رأى الناس و الخلق كلهم، ما حكم به، و كمال عدله و قسطه، و حكمته فيه، حمدوه كلهم على ذلك. حتى أهل العقاب ما دخلوا النار، إلا و قلوبهم ممتلئة من حمده، و أن عذابهم من جراء أعمالهم، و أنه عادل في حكمه بعقابهم. و أما ظهور حمده في دار النعيم و الثواب، فذلك شي‏ء، قد تواردت و تواترت به الأخبار، و توافق عليه الدليل السمعي و العقلي. فإنهم في الجنة، يرون من توالي نعم اللّه، و إدرار خيره، و كثرة بركاته، و سعة عطاياه، الّتي لا يبقى في قلوب أهل الجنة أمنية، و لا إرادة، إلا و قد أعطى منها كلّ واحد منهم، فوق ما تمنى و أراد. بل يعطون من الخير ما لم تتعلق به أمانيهم، و لا يخطر بقلوبهم. فما ظنك بحمدهم لربهم في هذه الحال، مع أن في الجنة، تضمحل العوارض و القواطع، الّتي تقطع عن معرفة اللّه، و محبته، و الثناء عليه، و يكون ذلك أحب إلى أهلها من كلّ نعيم، و ألذ عليهم من كلّ لذة. و لهذا إذا رأوا اللّه تعالى، و سمعوا كلامه عند خطابه لهم، أذهلهم ذلك عن كلّ نعيم، و يكون الذكر لهم في الجنة كالنّفس، متواصلا في جميع الأوقات. هذا إذا أضفت ذلك إلى أنه يظهر لأهل الجنة، في الجنة، كل وقت، من عظمة ربهم، و جلاله، و جماله، و سعة كماله، ما يوجب لهم كمال الحمد، و الثناء عليه. وَ هُوَ الْحَكِيمُ‏ في ملكه و تدبيره، الحكيم في أمره و نهيه. الْخَبِيرُ المطلع على سرائر الأمور و خفاياها. و لهذا فصل علمه بقوله:

[2] يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ‏ أي: من مطر، و بذر، و حيوان‏ وَ ما يَخْرُجُ مِنْها من أنواع النباتات، و أصناف الحيوانات‏ وَ ما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ من الأملاك و الأرزاق، و الأقدار وَ ما يَعْرُجُ فِيها من الملائكة و الأرواح و غير ذلك. و لما ذكر مخلوقاته و حكمته فيها، و علمه بأحوالها، ذكر مغفرته و رحمته لها، فقال: وَ هُوَ الرَّحِيمُ الْغَفُورُ أي: الذي، الرحمة و المغفرة وصفه، و لم تزل آثارهما تنزل على العباد كلّ وقت بحسب ما قاموا به من مقتضياتهما.

[3] لما بيّن تعالى، عظمته، بما وصف به نفسه، و كان هذا موجبا لتعظيمه و تقديسه، و الإيمان به، ذكر أن من أصناف الناس، طائفة لم تقدر ربها حق قدره، و لم تعظمه حق عظمته، بل كفروا به، و أنكروا قدرته على إعادة

تيسير الكريم الرحمن، ص: 809

الأموات، و قيام الساعة، و عارضوا بذلك رسله، فقال:

وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أي: باللّه و برسله، و بما جاءوا به.

فقالوا بسبب كفرهم: لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ أي: ما هي، إلا هذه الحياة الدنيا، نموت و نحيا. فأمر اللّه رسوله، أن يرد قوله و يبطله، و يقسم على البعث، و أنه سيأتيهم فقال: قُلْ بَلى‏ وَ رَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ‏ ، و استدل على ذلك بدليل من أقرّ به، لزمه أن يصدق بالبعث ضرورة، و هو علمه تعالى الواسع العام فقال: عالِمِ الْغَيْبِ‏ أي: الأمور الغائبة عن أبصارنا، و عن علمنا، فكيف بالشهادة؟ ثمّ أكّد علمه فقال: لا يَعْزُبُ عَنْهُ‏ أي: لا يغيب عن علمه‏ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَ لا فِي الْأَرْضِ‏ أي: جميع الأشياء بذواتها و أجزائها، حتى أصغر ما يكون من الأجزاء، و هي المثاقيل منها. وَ لا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَ لا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ‏ أي: قد أحاط به علمه، و جرى به قلمه، و تضمنه الكتاب المبين، الذي هو اللوح المحفوظ. فالذي لا يخفى عن علمه مثقال الذرة فما دونه، في جميع الأوقات، و يعلم ما تنقص الأرض من الأموات، و ما يبقى من أجسادهم، قادر على بعثهم، من باب أولى، و ليس بعثهم بأعجب من هذا العلم المحيط.

[4] ثمّ ذكر المقصود من البعث فقال: لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا بقلوبهم، و صدقوا اللّه، و صدقوا رسله تصديقا جازما وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ‏ تصديقا لإيمانهم. أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم، بسبب إيمانهم و عملهم، يندفع بها كل شر و عقاب. وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ‏ بإحسانهم، يحصل لهم به كلّ مطلوب و مرغوب و أمنية.

[5] وَ الَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ‏ أي: سعوا فيها كفرا بها، و تعجيزا لمن جاء بها، و تعجيزا لمن أنزلها، كما عجزوه في الإعادة بعد الموت. أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ‏ أي: مؤلم لأبدانهم، و قلوبهم.

[6] لما ذكر تعالى إنكار من أنكر البعث، و أنهم يرون ما أنزل على رسوله ليس بحق، ذكر حالة الموفقين من العباد، و هم أهل العلم، و أنهم يرون ما أنزل اللّه على رسوله، من الكتاب، و ما اشتمل عليه من الأخبار، هو الحقّ، منحصر فيه، و ما خالفه و ناقضه، فإنه باطل، لأنهم وصلوا من العلم إلى درجة اليقين. و يرون أيضا أنه في أوامره و نواهيه‏ يَهْدِي إِلى‏ صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ و ذلك لأنهم جزموا بصدق ما أخبر به من وجوه كثيرة. من جهة علمهم، بصدق ما أخبر به. و من جهة موافقته للأمور الواقعة، و الكتب السابقة. و من جهة ما يشاهدون من أخبارها، الّتي تقع عيانا. و من جهة ما يشاهدون من الآيات العظيمة الدالة عليها في الآفاق، و في أنفسهم. و من جهة موافقتها، لما دلت عليه أسماؤه تعالى و أوصافه. و يرون في الأوامر و النواهي، أنها تهدي إلى الصراط المستقيم، و بر الوالدين، و صلة الأرحام، و الإحسان إلى عموم الخلق، و نحو ذلك. و تنهى عن كلّ صفة قبيحة، تدنس النفس، و تحبط الأجر، و توجب الإثم و الوزر، من الشرك، و الربا، و الظلم في الدماء و الأموال، و الأعراض. و هذه منقبة لأهل العلم و فضيلة، و علامة لهم، و أنه كلما كان العبد أعظم علما و تصديقا بأخبار ما جاء به الرسول، و أعظم معرفة بحكم أوامره و نواهيه، كان من أهل العلم الّذين جعلهم اللّه حجة على ما جاء به الرسول، احتج اللّه بهم على المكذبين المعاندين، كما في هذه الآية و غيرها.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 810

[7] أي: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا على وجه التكذيب و الاستهزاء و الاستبعاد. أي: قال بعضهم لبعض: هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى‏ رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ يعنون بذلك الرجل، رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و أنه رجل أتى بما يستغرب منه، حتى صار- بزعمهم- فرجة يتفرجون عليه، و أعجوبة يسخرون منه. و أنه كيف يقول: إِنَّكُمْ مَبْعُوثُونَ‏ بعد ما مزقكم البلى، و تفرقت أوصالكم، و اضمحلت أعضاؤكم؟

[8] فهذا الرجل الذي أتى بذلك، هل‏ أَفْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً فتجرأ عليه و قال ما قال، أَمْ بِهِ جِنَّةٌ ؟ فلا يستغرب منه، فإن الجنون فنون. و كان هذا منهم، على وجه العناد و الظلم، و لقد علموا، أنه أصدق خلق اللّه و أعقلهم، و من علمهم، أنهم أبدأوا و أعادوا في معاداتهم، و بذلوا أنفسهم و أموالهم، في صد الناس عنه؛ فلو كان كاذبا مجنونا- يا أهل العقول غير الزاكية- لم ينبغ أن تصغوا لما قال، و لا أن تحتفلوا بدعوته. فإن المجنون، لا ينبغي للعاقل أن يلفت إليه نظره، أو يبلغ قوله منه، كل مبلغ. و لو لا عنادكم و ظلمكم، لبادرتم لإجابته، و لبيتم دعوته، و لكن‏ ما تُغْنِي الْآياتُ وَ النُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ‏ و لهذا قال تعالى: بَلِ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ و منهم الّذين قالوا تلك المقالة. فِي الْعَذابِ وَ الضَّلالِ الْبَعِيدِ أي: في الشقاء العظيم، و الضلال البعيد، الذي ليس بقريب من الصواب. و أي شقاء و ضلال، أبلغ من إنكارهم لقدرة اللّه على البعث، و تكذيبهم لرسوله، الذي جاء به، و استهزائهم به، و جزمهم بأن ما جاءوا به هو الحقّ، فرأوا الحقّ باطلا، و الباطل و الضلال حقا و هدى.

[9] ثمّ نبههم على الدليل العقلي، الدال على عدم استبعاد البعث، الذي استبعدوه، و أنهم لو نظروا إلى ما بين أيديهم و ما خلفهم، من السماء و الأرض لرأوا من قدرة اللّه فيهما، ما يبهر العقول، و من عظمته ما يذهل العلماء الفحول، و أن خلقهما و عظمتهما، و ما فيهما من المخلوقات، أعظم من إعادة الناس- بعد موتهم- من قبورهم. فما الحامل لهم، على ذلك التكذيب، مع التصديق بما هو أكبر منه؟ نعم ذاك خبر غيبي إلى الآن، ما شاهدوه، فلذلك كذبوا به. قال اللّه: إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّماءِ أي: من العذاب، لأن الأرض و السماء، تحت تدبيرنا، فإن أمرناهما، لم يستعصيا. فاحذروا إصراركم على تكذيبكم، فنعاقبكم أشد العقوبة. إِنَّ فِي ذلِكَ‏ أي: خلق السموات و الأرض، و ما فيهما من المخلوقات‏ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ‏ راجع إلى ربه، و مطيع له، فيجزم بأن اللّه قادر على البعث. فكلما كان العبد أعظم إنابة إلى اللّه، كان انتفاعه بالآيات أعظم، لأن المنيب مقبل إلى ربه، قد توجهت إرادته و هماته لربه، و رجع إليه في كلّ أمر من أموره، فصار قريبا من ربه، ليس له هم إلا الاشتغال بمرضاته. فيكون نظره للمخلوقات، نظر فكر و عبرة، لا نظر غفلة غير نافعة.

[10- 11] أي: و لقد مننا على عبدنا و رسولنا، داود عليه الصلاة و السّلام، و آتيناه فضلا من العلم النافع، و العمل الصالح، و النّعم الدينية و الدنيوية. و من نعمه عليه، ما خصه من أمره تعالى الجمادات، كالجبال و الحيوانات، من الطيور، أن تؤوّب معه، و ترجّع التسبيح بحمد ربها، مجاوبة له. و في هذا من النعمة عليه، أن كان‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 811

ذلك من خصائصه الّتي لم تكن لأحد قبله و لا بعده، و أن ذلك يكون منهضا له و لغيره، على التسبيح إذا رأوا هذه الجمادات و الحيوانات، تتجاوب بتسبيح ربها، و تمجيده، و تكبيره، و تحميده، كان ذلك مما يهيج على ذكر اللّه تعالى.

و منها: أن ذلك- كما قال كثير من العلماء، أنه طرب لصوت داود. فإن اللّه تعالى، قد أعطاه من حسن الصوت، ما فاق به غيره، و كان إذا رجّع التسبيح و التهليل و التمجيد بذلك الصوت الرخيم الشجي المطرب، طرب كلّ من سمعه، من الإنس، و الجن، حتى الطيور و الجبال، و سبحت بحمد ربها. و منها: أنه لعله ليحصل له أجر تسبيحها، لأنه سبب ذلك، و تسبح تبعا له. و من فضله عليه، أن ألان له الحديد، ليعمل الدروع السابغات، و علّمه تعالى كيفية صنعته، بأن يقدره في السرد، أي: يقدره حلقا، و يصنعه كذلك، ثمّ يدخل بعضها ببعض. قال تعالى: وَ عَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ‏ (80) و لما ذكر ما امتنّ به عليه و على آله، أمره بشكره، و أن يعملوا صالحا، و يراقبوا اللّه تعالى فيه، بإصلاحه و حفظه من المفسدات، فإنه بصير بأعمالهم، مطلع عليهم، لا يخفى عليه منها شي‏ء.

[12] لما ذكر فضله على داود عليه السّلام، ذكر فضله على ابنه سليمان، عليه الصلاة و السّلام، و أن اللّه سخر له الريح تجري بأمره، و تحمله، و تحمل جميع ما معه، و تقطع المسافة البعيدة جدا، في مدة يسيرة، فتسير في اليوم، مسيرة شهرين. غُدُوُّها شَهْرٌ أي: أوّل النهار إلى الزوال‏ وَ رَواحُها شَهْرٌ أي الزوال، إلى آخر النهار وَ أَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ أي: سخرنا له عين النحاس، و سهلنا له الأسباب، في استخراج ما يستخرج منها من الأواني و غيرها.

[13] و سخر اللّه له أيضا، الشياطين و الجن، لا يقدرون أن يستعصوا عن أمره، وَ مَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ عَنْ أَمْرِنا نُذِقْهُ مِنْ عَذابِ السَّعِيرِ و أعمالهم، كل ما شاء سليمان عملوه. مِنْ مَحارِيبَ‏ و هو: كل بناء يعقد، و تحكم به الأبنية، فهذا فيه، ذكر الأبنية الفخمة. وَ تَماثِيلَ‏ أي: صور الحيوانات و الجمادات، من إتقان صنعتهم، و قدرتهم على ذلك. وَ جِفانٍ كَالْجَوابِ‏ أي: كالبرك الكبار، يعملونها لسليمان للطعام، لأنه يحتاج إلى ما لا يحتاج إليه غيره.

وَ يعملون له من‏ قُدُورٍ راسِياتٍ‏ لا تزول عن أماكنها، من عظمها. فلما ذكر منته عليهم، أمرهم بشكرها فقال: اعْمَلُوا آلَ داوُدَ و هم داود، و أولاده، و أهله، لأن المنّة على الجميع، و كثير من هذه المصالح عائد لكلهم.

شُكْراً للّه على ما أعطاهم، و مقابلة لما أولاهم. وَ قَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ فأكثرهم، لم يشكروا اللّه تعالى على ما أولاهم، من النّعم، و دفع عنهم من النقم. و الشكر: اعتراف القلب بمنة اللّه تعالى، و تلقيها افتقارا إليها، و صرفها في طاعة اللّه تعالى، و صونها عن صرفها في المعصية. فلم يزل الشياطين يعملون لسليمان، عليه السّلام، كل بناء. و كانوا قد موهوا على الإنس، و أخبروهم أنهم يعلمون الغيب، و يطلعون على المكنونات. فأراد اللّه تعالى أن يري العباد كذبهم في هذه الدعوى، فمكثوا يعملون على عملهم. و قضى اللّه بالموت على سليمان عليه السّلام، و اتّكا على عصاه، و هي المنسأة. فصاروا إذا مروا به و هو متكى‏ء عليها، ظنوه حيا، و هابوه.

[14] فغدوا على عملهم كذلك سنة كاملة على ما قيل، حتى سلطت دابة الأرض على عصاه، فلم تزل ترعاها، حتى بادت، و سقطت، فسقط سليمان و تفرقت الشياطين و تبينت الإنس أن الجن‏ أَنْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ ما لَبِثُوا فِي الْعَذابِ الْمُهِينِ‏ و هو العمل الشاق عليهم. فلو علموا الغيب، لعلموا موت سليمان، الذي هم أحرص شي‏ء عليه، ليسلموا مما هم فيه.

صفحه بعد