کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 25

إلى المخلوقين:

و أمر بالإصلاح و أثنى على المصلحين و أخبر أنه لا يضيع ثوابهم و أجرهم.

و الإصلاح هو: أن تسعى في إصلاح عقائد الناس و أخلاقهم، و جميع أحوالهم، بحيث تكون على غاية ما يمكن من الصلاح، و أيضا يشمل إصلاح الأمور الدينية، و الأمور الدنيوية، و إصلاح الأفراد و الجماعات، و ضد هذا، الفساد.

و الإفساد، قد نهى عنه، و ذم المفسدين، و ذكر عقوباتهم المتعددة، و أخبر أنه لا يصلح أعمالهم الدينية و الدنيوية.

أثنى اللّه على اليقين، و على الموقنين، و أنهم، هم المنتفعون بالآيات القرآنية، و الآيات الأفقية.

و اليقين أخص من العلم، فهو: العلم الراسخ، المثمر للعمل و الطمأنينة.

أمر اللّه بالصبر، و أثنى على الصابرين، و ذكر جزاءهم العاجل و الآجل في عدة آيات، نحو تسعين موضعا، و هو يشمل أنواعه الثلاثة. الصبر على طاعة اللّه، حتى يؤديها كاملة من جميع الوجوه، و الصبر على محارم اللّه حتى ينهى نفسه الأمارة بالسوء عنها. و الصبر على أقدار اللّه المؤلمة، فيتلقاها بصبر و تسليم، غير متسخط في قلبه، و لا بدنه، و لا لسانه.

و كذلك أثنى اللّه على الشكر، و ذكر ثواب الشاكرين، و أخبر أنهم أرفع الخلق في الدنيا و الآخرة.

و حقيقة الشكر هو: الاعتراف بجميع نعم اللّه، و الثناء على اللّه بها، و الاستعانة بها على طاعة المنعم.

و ذكر اللّه الخوف و الخشية، في مواضع كثيرة. أمر به، و أثنى على أهله، و ذكر ثوابهم، و أنهم المنتفعون بالآيات، التاركون للمحرمات.

و حقيقة الخوف و الخشية، أن يخاف العبد مقامه بين يدي اللّه، و مقامه عليه. فينهى نفسه بهذا الخوف، عن كل ما حرم اللّه.

و الرجاء: أن يرجو العبد رحمة اللّه العامة، و رحمته الخاصة به. فيرجو قبول ما تفضل اللّه عليه به من الطاعات، و غفران ما تاب منه من الزلات. و يعلق رجاءه بربه. في كل حال من أحواله.

و ذكر اللّه الإنابة في مواضع كثيرة، و أثنى على المنيبين، و أمر بالإنابة إليه. و حقيقة الإنابة، انجذاب القلب إلى اللّه، في كل حالة من أحواله. ينيب إلى ربه، عند النعماء بشكره، و عند الضراء، بالتضرع إليه، و عند مطالب النفوس الكثيرة، بكثرة دعائه في جميع مهماته. و ينيب إلى ربه، باللهج بذكره في كل وقت.

و الإنابة أيضا: الرجوع إلى اللّه، بالتوبة من جميع المعاصي، و الرجوع إليه في جميع أعماله، و أقواله، فيعرضها على كتاب اللّه، و سنة رسوله صلى اللّه عليه و سلم، فتكون الأعمال و الأقوال، موزونة بميزان الشرع.

أمر تعالى بالإخلاص، و أثنى على المخلصين، و أخبر أنه لا يقبل إلا العمل الخالص.

و حقيقة الإخلاص: أن يقصد العامل بعمله، وجه اللّه وحده و ثوابه. و ضده، الرياء، و العمل للأغراض النفسية.

نهى اللّه عن التكبر، و ذم الكبر و المتكبرين، و أخبر عن عقوباتهم العاجلة و الآجلة.

و التكبر هو: رد الحق، و احتقار الخلق، و ضد ذلك، التواضع، فقد أمر به، و أثنى على أهله، و ذكر ثوابهم، فهو قبول الحق ممن قاله، و أن لا يحتقر الخلق، بل يرى فضلهم، و يجب لهم ما يجب لنفسه.

العدل، هو: أداء حقوق اللّه، و حقوق العباد.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 26

و الظلم: عكسه، فهو يشمل ظلم العبد لنفسه بالمعاصي و الشرك، و ظلم العباد في دمائهم، و أموالهم، و أعراضهم.

الصدق، هو: استواء الظاهر و الباطن في الاستقامة على الصراط المستقيم، و الكذب بخلاف ذلك.

حدود اللّه، هي: محارمه، و هي التي يقول فيها تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَقْرَبُوها ، و يراد بها ما أباحه اللّه و حلله، و قدره، و فرضه، فيقول فيها تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها .

الأمانة هي: الأمور التي يؤتمن عليها العبد. فيشمل ذلك، أداء حقوق اللّه، و خصوصا، الخفية، و حقوق خلقه كذلك.

العهود و العقود، و يدخل فيها، التي بينه و بين اللّه و هو: القيام بعبادة اللّه، ملخصا له الدين، و التي بينه و بين العباد، من المعاملات و نحوها.

الحكمة و القوام، فعل ما ينبغي على الوجه الذي ينبغي.

و الإسراف و التبذير، مجاوزة الحد في الإنفاق. و التقتير و البخل عكسه، و هو: التقصير في النفقات الواجبة.

و «المعروف» اسم جامع لكل ما عرف حسنه و نفعه، شرعا، و عقلا، و «المنكر» عكسه.

الاستقامة: لزوم طاعة اللّه، و طاعة رسوله على الدوام.

مرض القلب، هو: اعتلاله، و هو نوعان: مرض شكوك في الحق، و مرض شهوة للأمور المحرمة.

النفاق: إظهار الخير، و إبطان الشر، فيدخل فيه، النفاق الاعتقادي و النفاق العملي.

القرآن، كله محكم، و أحكمت آياته، من جهة موافقتها للحكمة، و أن أخباره أعلى درجات الصدق، و أحكامه في غاية الحسن. و كله، متشابه، من جهة اتفاقه في البلاغة، و الحسن، و تصديق بعضه لبعض و كمال اتفاقه.

و منه محكم و متشابه، من جهة أن متشابهه: ما كان فيه إجمال أو احتمال لبعض المعاني. و محكمه، واضح مبين صريح في معناه، إذا رد إليه المتشابه، اتفق الجميع، و استقامت معانيه.

معية اللّه التي ذكرها في كتابه، نوعان:

معية العلم و الإحاطة، و هي: المعية العامة، فإنه مع عباده أينما كانوا.

و معية خاصة، و هي: معيته مع خواص خلقه، بالنصرة، و اللطف، و التأييد.

الدعاء و الدعوة، يشمل دعاء العبادة، فيدخل فيه كل عبادة أمر اللّه بها و رسوله.

و دعاء المسألة، و هو: سؤال اللّه جلب المنافع، و دفع المضار.

الطيبات: اسم جامع لكل طيب نافع، من العقائد، و الأخلاق، و الأعمال، و المآكل، و المشارب و المكاسب. و الخبيث ضد ذلك.

و قد يراد بالخبيث: الردي‏ء، و بالطيب: الجيد كقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ وَ مِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ‏ .

النفقة، تشمل النفقة الواجبة، كالزكاة، و الكفارة، و نفقة النفس، و العائلة، و المماليك، و النفقة المستحبة، كالنفقة في جميع طرق الخير.

التوكل على اللّه، و الاستعانة به، قد أمر اللّه بها، و أثنى على المتوكلين في آيات كثيرة.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 27

و حقيقة ذلك، قوة اعتماد القلب على اللّه، في جلب المصالح، و دفع المضار، الدينية، و الدنيوية، مع الثقة به في حصول ذلك.

العقل الذي مدحه اللّه و أثنى على أهله، و أخبر أنهم هم المنتفعون بالآيات، هو: الذي يفهم، و يعقل الحقائق النافعة، و يعمل بها، و يعقل صاحبه عن الأمور الضارة، و لذلك قيل له، حجر، و لب، و نهى، لأنه يحجر صاحبه، و ينهاه عما يضره.

العلم، هو: معرفة الهدى بدليله، فهو معرفة المسائل النافعة المطلوبة، و معرفة أدلتها، و طرقها، التي تهدي إليها.

و العلم النافع، هو: العلم بالحق و العمل به، و ضده الجهل.

لفظ «الأمة» في القرآن على أربعة أوجه، يراد به «الطائفة من الناس» و هو الغالب. و يراد به «المدة»، و يراد به «الدين» و «الملة» و يراد به «الإمام» في الخير.

لفظ «استوى» في القرآن على ثلاثة أوجه: إن عدّي ب «على» كان معناه العلو و الارتفاع كقوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ* .

و إن عدّي ب «إلى» فمعناه قصد كقوله: ثُمَّ اسْتَوى‏ إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ‏ .

و إن لم يعدّ بشي‏ء، فمعناه «كمل» كقوله تعالى: وَ لَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَ اسْتَوى‏ .

«التوبة» ورد في آيات كثيرة الأمر بها، و مدح التائبين و ثوابهم و هي: الرجوع عما يكرهه اللّه، ظاهرا و باطنا، إلى ما يحبه اللّه، ظاهرا و باطنا.

الصراط المستقيم، الذي أمر اللّه بلزومه و أثنى على المستقيمين عليه هو: الطريق المعتدل، الموصل إلى رضوان اللّه و ثوابه، و هو متابعة النبي صلى اللّه عليه و سلم، في أقواله و أفعاله، و كل أحواله.

الذكر للّه، الذي أمر به، و أثنى على الذاكرين، و ذكر جزاءهم العاجل و الآجل، هو: عند الإطلاق، يشمل جميع ما يقرب إلى اللّه، من عقيدة، أو فكر نافع، أو خلق جميل، أو عمل قلبي أو بدنيّ، أو ثناء على اللّه، أو تسبيح، و نحوه، أو تعلم أحكام الشرع، الأصولية و الفروعية، أو ما يعين على ذلك فكله داخل في ذكر اللّه.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 28

فصل في شرح أسماء اللّه الحسنى‏

قد تكرر كثير من أسماء اللّه الحسنى في القرآن بحسب المناسبات، و الحاجة داعية إلى التنبيه إلى معانيها الجامعة فنقول:

قد تكرر اسم الرب في آيات كثيرة.

و «الرب» هو: المربي جميع عباده، بالتدبير، و أصناف النعم. و أخص من هذا، تربيته لأصفيائه بإصلاح قلوبهم، و أرواحهم، و أخلاقهم. و لهذا كثر دعاؤهم له بهذا الاسم الجليل، لأنهم يطلبون منه هذه التربية الخاصة.

اللّه هو المألوه المعبود، ذو الألوهية و العبودية على خلقه أجمعين، لما اتصف به من صفات الألوهية التي هي صفات الكمال.

(الملك) (المالك) الذي له الملك فهو الموصوف، بصفة الملك، و هي صفات العظمة و الكبرياء، و القهر و التدبير، الذي له التصرف المطلق، في الخلق، و الأمر، و الجزاء. و له جميع العالم، العلوي و السفلي، كلهم عبيد و مماليك، و مضطرون إليه.

(الواحد الأحد)، و هو الذي توحد بجميع الكمالات، بحيث لا يشاركه فيها مشارك. و يجب على العبيد توحيده، عقدا، و قولا، و عملا، بأن يعترفوا بكماله المطلق، و تفرده بالوحدانية، و يفردوه بأنواع العبادة.

الصّمد و هو الذي تقصده الخلائق كلها، في جميع حاجاتها، و أحوالها و ضروراتها، لما له من الكمال المطلق، و في ذاته، و أسمائه، و صفاته، و أفعاله.

العليم الخبير و هو الذي أحاط علمه بالظواهر و البواطن، و الإسرار و الإعلان، و بالواجبات، و المستحيلات، و الممكنات، و بالعالم العلوي، و السفلي، و بالماضي، و الحاضر، و المستقبل، فلا يخفى عليه شي‏ء من الأشياء.

الحكيم و هو الذي له الحكمة العليا، في خلقه، و أمره، الذي أحسن كل شي‏ء خلقه‏ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ‏ . فلا يخلق شيئا عبثا، و لا يشرع شيئا سدى، الذي له الحكم في الأولى و الآخرة، و له الأحكام الثلاثة لا يشاركه فيها مشارك: فيحكم بين عباده، في شرعه، و في قدره، و جزائه.

و الحكمة: وضع الأشياء مواضعها، و تنزيلها منازلها.

الرحمن الرحيم و البرّ الكريم، الجواد، الرؤوف، الوهّاب هذه الأسماء، تتقارب معانيها، و تدل كلها على اتصاف الرب، بالرحمة، و البر، و الجود، و الكرم، و على‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 29

سعة رحمته و مواهبه، التي عم بها جميع الوجود، بحسب ما تقتضيه حكمته. و خص المؤمنين منها، بالنصيب الأوفر، و الحظ الأكمل، قال تعالى: وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ‏ الآية.

و النعم و الإحسان، كله من آثار رحمته، و جوده، و كرمه. و خيرات الدنيا و الآخرة، كلها من آثار رحمته.

السّميع لجميع الأصوات، باختلاف اللغات، على تفنن الحاجات.

البصير الذي يبصر كل شي‏ء و إن رق و صغر، فيبصر دبيب النملة السوداء، في الليلة الظلماء، على الصخرة الصماء. و يبصر ما تحت الأرضين السبع، كما يبصر ما فوق السموات السبع. و أيضا سميع بصير، بمن يستحق الجزاء بحسب حكمته، و المعنى الأخير، يرجع إلى الحكمة.

الحميد في ذاته، و أسمائه، و صفاته، و أفعاله. فله من الأسماء، أحسنها، و من الصفات أكملها، و من الأفعال، أتمها و أحسنها، فإن أفعاله تعالى، دائرة بين الفضل و العدل.

المجيد، الكبير، العظيم، الجليل و هو الموصوف بصفات المجد، و الكبرياء، و العظمة، و الجلال، الذي هو أكبر من كل شي‏ء، و أعظم من كل شي‏ء، و أجل و أعلى. و له التعظيم و الإجلال، في قلوب أوليائه و أصفيائه. قد ملئت قلوبهم من تعظيمه، و إجلاله، و الخضوع له، و التذلل لكبريائه.

العفو، الغفور، الغفّار الذي لم يزل، و لا يزال بالعفو معروفا، و بالغفران و الصفح عن عباده موصوفا. كل أحد مضطر إلى عفوه و مغفرته، كما هو مضطر إلى رحمته و كرمه. و قد وعد بالمغفرة و العفو، لمن أتى بأسبابها، قال تعالى: وَ إِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تابَ وَ آمَنَ وَ عَمِلَ صالِحاً ثُمَّ اهْتَدى‏ (82).

التّوّاب الذي لم يزل يتوب على التائبين، و يغفر ذنوب المنيبين. فكل من تاب إلى اللّه توبة نصوحا، تاب اللّه عليه. فهو التائب على التائبين: أوّلا بتوفيقهم للتوبة و الإقبال بقلوبهم إليه، و هو التائب عليهم بعد توبتهم، قبولا لها، و عفوا عن خطاياهم.

القدّوس السّلام أي: المعظم المنزه عن صفات النقص كلها، و أن يماثله أحد من الخلق، فهو المتنزه عن جميع العيوب، و المتنزه عن أن يقاربه أو يماثله أحد في شي‏ء من الكمال‏ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْ‏ءٌ وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (4) هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً .

فالقدوس كالسلام، ينفيان كل نقص من جميع الوجوه، و يتضمنان الكمال المطلق من جميع الوجوه، لأن النقص إذا انتفى، ثبت الكمال كله.

العلىّ، الأعلى و هو الذي له العلو المطلق عن جميع الوجوه. علو الذات، و علو القدر و الصفات، و علو القهر. فهو الذي على العرش استوى، و على الملك احتوى. و بجميع صفات العظمة و الكبرياء و الجلال و الجمال و غاية الكمال اتصف و إليه فيها المنتهى.

العزيز الذي له العزة كلها: عزة القوة، و عزة الغلبة، و عزة الامتناع. فامتنع أن يناله أحد من المخلوقات، و قهر جميع الموجودات، و دانت له الخليقة، و خضعت لعظمته.

القوىّ المتين هو في معنى العزيز.

الجبّار هو بمعنى العلي الأعلى، و بمعنى القهار، و بمعنى «الرؤوف» الجابر للقلوب المنكسرة، و للضعيف العاجز، و لمن لاذ به، و لجأ إليه.

المتكبّرعن السوء، و النقص و العيوب، لعظمته و كبريائه.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 30

الخالق، الباري، المصوّر الذي خلق جميع الموجودات، و برأها، و سواها بحكمته، و صورها بحمده و حكمته، و هو لم يزل، و لا يزال على هذا الوصف العظيم.

المؤمن الذي أثنى على نفسه بصفات الكمال، و بكمال الجلال و الجمال. الذي أرسل رسله، و أنزل كتبه بالآيات و البراهين. و صدق رسله بكل آية و برهان، يدل على صدقهم و صحة ما جاؤوا به.

المهيمن المطلع على خفايا الأمور، و خبايا الصدور، الذي‏ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عِلْماً .

القدير كامل القدرة. بقدرته أوجد الموجودات، و بقدرته دبرها، و بقدرته سواها و أحكمها.

و بقدرته، يحيى و يميت، و يبعث العباد للجزاء، و يجازي المحسن بإحسانه، و المسي‏ء بإساءته، الذي إذا أراد شيئا قال له‏ كُنْ فَيَكُونُ* . و بقدرته يقلب القلوب، و يصرفها على ما يشاء و يريد.

اللّطيف الذي أحاط علمه بالسرائر و الخفايا، و أدرك الخبايا و البواطن، و الأمور الدقيقة، اللطيف بعباده المؤمنين، الموصل إليهم مصالحهم، بلطفه و إحسانه، من طرق لا يشعرون بها، فهو بمعنى «الخبير» و بمعنى «الرؤوف».

الحسيب هو العليم بعباده، كافي المتوكلين، المجازي لعباده بالخير و الشر، بحسب حكمته، و علمه بدقيق أعمالهم و جليلها.

الرّقيب المطلع على ما أكنّته الصدور، القائم على كل نفس بما كسبت. الذي حفظ المخلوقات و أجراها، على أحسن نظام و أكمل تدبير.

الحفيظ الذي حفظ ما خلقه، و أحاط علمه بما أوجده، و حفظ أولياءه من وقوعهم في الذنوب و الهلكات. و لطف بهم في الحركات و السكنات، و أحصى على العباد أعمالهم، و جزاءها.

المحيط بكل شي‏ء علما، و قدرة، و رحمة، و قهرا.

القهّار لكل شي‏ء، الذي خضعت له المخلوقات، و ذلت لعزته و قوته، و كمال اقتداره.

المقيت الذي أوصل إلى كل موجود ما به يقتات. و أوصل إليها أرزاقها و صرفها كيف يشاء، بحكمته و حمده.

الوكيل المتولي لتدبير خلقه، بعلمه، و كمال قدرته، و شمول حكمته. الذي تولى أولياءه، فيسرهم لليسرى، و جنبهم العسرى، كفاهم الأمور. فمن اتخذه وكيلا كفاه‏ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ .

ذُو الْجَلالِ وَ الْإِكْرامِ‏ أي: ذو العظمة و الكبرياء، و ذو الرحمة، و الجود، و الإحسان العام و الخاص. المكرم لأوليائه و أصفيائه، الذين يجلونه، و يعظمونه، و يحبونه.

الودود الذي يحب أنبياءه و رسله، و أتباعهم، و يحبونه، فهو أحب إليهم، من كل شي‏ء. قد امتلأت قلوبهم من محبته، و لهجت ألسنتهم بالثناء عليه، و انجذبت أفئدتهم إليه، ودا، و إخلاصا، و إنابة من جميع الوجوه.

الفتّاح الذي يحكم بين عباده، بأحكامه الشرعية، و أحكامه القدرية، و أحكامه الجزاء. الذي فتح بلطفه بصائر الصادقين، و فتح قلوبهم لمعرفته، و محبته، و الإنابة إليه، و فتح لعباده، أبواب الرحمة، و الأرزاق المتنوعة، و سبب لهم الأسباب، التي ينالون بها خير الدنيا و الآخرة ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَ ما

تيسير الكريم الرحمن، ص: 31

يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ‏ .

الرّزّاق لجميع عباده، فما من دابة في الأرض، إلا على اللّه رزقها. و رزقها لعباده نوعان:

رزق عام، شمل البر و الفاجر، و الأولين و الآخرين، و هو رزق الأبدان.

و رزق خاص و هو القلوب، و تغذيتها بالعلم و الإيمان.

و الرزق الحلال الذي يعين على صلاح الدين، و هذا خاص بالمؤمنين، على مراتبهم منه، بحسب ما تقتضيه حكمته و رحمته.

الحكم العدل الذي يحكم بين عباده في الدنيا و الآخرة، بعدله و قسطه. فلا يظلم مثقال ذرة، و لا يحمل أحدا وزر أحد، و لا يجازي العبد بأكثر من ذنبه و يؤدي الحقوق إلى أهلها، فلا يدع صاحب حق إلا وصل إليه حقه. و هو العدل في تدبيره و تقديره‏ إِنَّ رَبِّي عَلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ .

جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ‏ ، و جامع أعمالهم و أرزاقهم، فلا يترك منها صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها. و جامع ما تفرق و استحال من الأموات الأولين و الآخرين، بكمال قدرته، و سعة علمه.

الْحَيُّ الْقَيُّومُ* كامل الحياة و القائم بنفسه. القيوم لأهل السموات و الأرض، القائم بتدبيرهم و أرزاقهم، و جميع أحوالهم ف «الحي»: الجامع لصفات الذات، و «القيوم» الجامع لصفات الأفعال.

النور نور السموات و الأرض. الذي نوّر قلوب العارفين بمعرفته، و الإيمان به، و نوّر أفئدتهم بهدايته، و هو الذي أنار السموات و الأرض، بالأنوار التي وضعها، و حجابه، النور، لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه.

بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ* أي: خالقهما و مبدعهما، في غاية ما يكون من الحسن و الخلق البديع، و النظام العجيب المحكم.

القابض الباسط يقبض الأرزاق و الأرواح، و يبسط الأرزاق و القلوب، و ذلك تبع لحكمته و رحمته.

المعطي المانع لا مانع لما أعطى، و لا معطي لما منع. فجميع المصالح و المنافع، منه تطلب، و إليه يرغب فيها. و هو الذي يعطيها لمن يشاء، و يمنعها من يشاء، بحكمته و رحمته.

الشهيد أي: المطلع على جميع الأشياء. سمع جميع الأصوات، خفيها و جليها. و أبصر جميع الموجودات، دقيقها و جليلها، صغيرها و كبيرها، و أحاط علمه بكل شي‏ء، الذي شهد لعباده، و على عباده، بما عملوه.

المبدى، المعيد قال تعالى: وَ هُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ‏ ، ابتدأ خلقهم، ليبلوهم أيهم أحسن عملا، ثم يعيدهم، ليجزي الذين أحسنوا بالحسنى، و يجزي المسيئين بإساءتهم. و كذلك، هو الذي يبدأ إيجاد المخلوقات شيئا فشيئا، ثم يعيدها كل وقت.

الفعّال لما يريد و هذا من كمال قوته، و نفوذ مشيئته و قدرته، أن كل أمر يريده يفعله بلا ممانع، و لا معارض، و ليس له ظهير و لا عوين، على أيّ أمر يكون، بل إذا أراد شيئا قال له‏ كُنْ فَيَكُونُ* . و مع أنه الفعال لما يريد، فإرادته تابعة لحكمته و حمده، فهو موصوف بكمال القدرة، و نفوذ المشيئة، و موصوف بشمول الحكمة، لكل ما فعله و يفعله.

صفحه بعد