کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 483

لهم و لغيرهم من الأمر شي‏ء؟ أَ فَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً فليعلموا أنه قادر على هدايتهم جميعا، و لكن لا يشاء ذلك، بل يهدي من يشاء و يضل من يشاء، وَ لا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا على كفرهم، لا يعتبرون، و لا يتعظون. و اللّه تعالى يوالي عليهم القوارع، التي تصيبهم في ديارهم، أو تحل قريبا منها، و هم مصرون على كفرهم‏ حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ‏ الذي وعدهم به، لنزول العذاب المتصل، الذي لا يمكن رفعه، إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ و هذا تهديد و تخويف لهم من نزول ما وعدهم اللّه به على كفرهم، و عنادهم، و ظلمهم.

[32] يقول تعالى لرسوله- مثبتا له، و مسليا- وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ‏ فلست أول رسول، كذّب و أوذي‏ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا برسلهم، أي أمهلتهم مدة حتى ظنوا أنهم غير معذبين. ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ‏ بأنواع العذاب‏ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ‏ كان عقابا شديدا، و عذابا أليما، فلا يغتر هؤلاء الّذين كذبوك، و استهزأوا بك، بإمهالنا، فلهم أسوة فيمن قبلهم من الأمم، فليحذروا أن يفعل بهم كما فعل بأولئك.

[33- 34] يقول تعالى: أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى‏ كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ‏ بالجزاء العاجل و الآجل، بالعدل و القسط، و هو: اللّه تبارك و تعالى، كمن ليس كذلك؟ و لهذا قال: وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ و هو اللّه الأحد، الفرد، الصمد، الذي لا شريك له، و لا ندّ و لا نظير. قُلْ‏ لهم، إن كانوا صادقين: سَمُّوهُمْ‏ لنعلم حالهم، أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ‏ فإنه إذا كان عالم الغيب و الشهادة، و هو لا يعلم له شريكا، علم بذلك، بطلان دعوى الشريك له و أنكم بمنزلة الذي يعلّم اللّه أن له شريكا، هو لا يعلمه، و هذا أبطل ما يكون، و لهذا قال: أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ‏ أي:

غاية ما يمكن من دعوى الشريك له تعالى، أنه بظاهر أقوالكم. و أما في الحقيقة، فلا إله إلا اللّه، و ليس أحد من الخلق، يستحق شيئا من العبادة، بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ‏ الذي مكروه، و هو كفرهم، و شركهم، و تكذيبهم لآيات اللّه، وَ صُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ‏ أي: عن الطريق، المستقيمة، الموصلة إلى اللّه، و إلى دار كرامته، وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ لأنه ليس لأحد من الأمر شي‏ء. لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُ‏ من عذاب الدنيا، لشدته و دوامه، وَ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ‏ يقيهم من عذابه، فعذابه إذا وجهه إليهم، لا مانع منه.

[35] يقول تعالى: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ‏ الّذين تركوا ما نهاهم اللّه عنه، و لم يقصروا فيما أمرهم به، أي: صفتها و حقيقتها تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أنهار العسل، و أنهار الخمر، و أنهار اللبن، و أنهار الماء التي تجري في غير أخدود، فتسقي تلك البساتين، و الأشجار، فتحمل جميع أنواع الثمار. أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها دائم أيضا، تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا أي: مآلهم و عاقبتهم، التي إليها يصيرون، وَ عُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ فكم بين الفريقين من الفرق المبين؟

[36] يقول تعالى: وَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ‏ أي: مننّا عليهم به و بمعرفته، يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ‏ فيؤمنون به، و يصدقونه، و يفرحون بموافقة الكتب بعضها لبعض، و تصديق بعضها بعضا، و هذه حال من آمن، من أهل‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 484

الكتاب، وَ مِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ‏ أي: و من طوائف الكفار المنحرفين عن الحقّ، من ينكر بعض هذا القرآن، و لا يصدقه. فَمَنِ اهْتَدى‏ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها إنّما أنت يا محمد منذر، تدعو إلى اللّه، قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَ لا أُشْرِكَ بِهِ‏ أي: بإخلاص الدين للّه وحده، إِلَيْهِ أَدْعُوا وَ إِلَيْهِ مَآبِ‏ أي: مرجعي الذي أرجع به إليه، فيجازيني بما قمت به من الدعوة، إلى دينه، و القيام بما أمرت به.

[37] وَ كَذلِكَ أَنْزَلْناهُ‏ أي: و لقد أنزلنا هذا القرآن و الكتاب، حُكْماً عَرَبِيًّا ، أي: محكما متقنا، بأوضح الألسنة، و أفصح اللغات، لئلا يقع فيه شك و اشتباه، و ليوجب أن يتبع وحده، و لا يداهن فيه، و لا يتبع ما يضاده و يناقضه، من أهواء الّذين لا يعلمون. و لهذا توعد رسوله- مع أنه معصوم- ليمتن عليه بعصمته، و ليكون لأمته أسوة في الأحكام، فقال: وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ‏ البين الذي ينهاك عن اتباع أهوائهم، ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍ‏ يتولاك فيحصل لك الأمر المحبوب، وَ لا واقٍ‏ يقيك من الأمر المكروه.

[38] أي: لست أول رسول أرسل إلى الناس، حتى يستغربوا رسالتك، وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً فلا يعيبك أعداؤك، بأن يكون لك أزواج و ذرية، كما كان لإخوانك المرسلين، فلأي شي‏ء يقدحون فيك بذلك و هم يعلمون أن الرسل قبلك كذلك؛ إلا لأجل أغراضهم الفاسدة و أهوائهم؟ و إن طلبوا منك آية اقترحوها، فليس لك من الأمر شي‏ء، وَ ما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ‏ و اللّه لا يأذن فيها إلا في وقتها الذي قدره و قضاه. لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ‏ لا يتقدم عليه، و لا يتأخر عنه، فليس استعجالهم بالآيات أو العذاب، موجبا لأن يقدم اللّه ما كتب أنه يؤخر، مع أنه تعالى فعال لما يريد.

[39] يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ من الأقدار وَ يُثْبِتُ‏ ما يشاء منها، و هذا المحو و التغيير، في غير ما سبق به علمه، و كتبه قلمه، فإن هذا لا يقع فيه تبديل و لا تغيير، لأن ذلك محال على اللّه، أن يقع في علمه نقص، أو خلل، و لهذا قال: وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ‏ أي: اللوح المحفوظ، الذي ترجع إليه سائر الأشياء، فهو أصلها، و هي فروع و شعب. فالتغيير و التبديل، يقع في الفروع و الشعب، كأعمال اليوم و الليلة، التي تكتبها الملائكة، و يجعل اللّه لثبوتها أسبابا، و لمحوها أسبابا، لا تتعدى تلك الأسباب، ما رسم في اللوح المحفوظ، كما جعل اللّه البر، و الصلة، و الإحسان، من أسباب طول العمر، و سعة الرزق، و كما جعل المعاصي، سببا لمحق بركة الرزق و العمر، و كما جعل أسباب النجاة من المهالك و المعاطب، سببا للسلامة. و جعل التعرض لذلك، سببا للعطب، فهو الذي يدبر الأمور، بحسب قدرته و إرادته، و ما يدبره منها، لا يخالف ما قد علمه و كتبه، في اللوح المحفوظ.

[40] يقول تعالى، لنبيه محمد صلّى اللّه عليه و سلم: لا تعجل عليهم، بإصابة ما يوعدون من العذاب، فهم إن استمروا على طغيانهم و كفرهم، فلا بد أن يصيبهم ما وعدوا به، وَ إِنْ ما نُرِيَنَّكَ‏ إياه في الدنيا، فتقر بذلك عينك. [بل هي مبنية

تيسير الكريم الرحمن، ص: 485

على القسط و العدل و الحمد فلا يتعقبها أحد، و لا سبيل إلى القدح فيها] «1» . أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ‏ قبل إصابتهم، فليس ذلك شغلا لك‏ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ‏ و التبيين للخلق. وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ‏ فنحاسب الخلق على ما قاموا به، بما عليهم، أو ضيعوه، و نثيبهم أو نعاقبهم.

[41] ثم قال- متوعدا للمكذبين-: أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها قيل بإهلاك المكذبين، و استئصال الظالمين، و قيل: بفتح بلدان المشركين، و نقصهم في أموالهم و أبدانهم، و قيل غير ذلك من الأقوال.

و الظاهر- و اللّه أعلم- أن المراد بذلك، أن أراضي هؤلاء المكذبين جعل اللّه يفتحها و يجتاحها، و يحل القوارع بأطرافها، تنبيها لهم قبل أن يجتاحهم النقص، و يوقع اللّه بهم من القوارع، ما لا يرده أحد، و لهذا قال: وَ اللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ‏ و يدخل في هذا، حكمه الشرعي، و القدري، و الجزائي. فهذه الأحكام، التي يحكم اللّه فيها، توجد في غاية الحكمة و الإتقان، لا خلل فيها و لا نقص، بل هي مبنية على القسط و العدل و الحمد، فلا يتعقبها أحد و لا سبيل إلى القدح فيها، بخلاف حكم غيره، فإنه قد يوافق الصواب، و قد لا يوافقه. وَ هُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ‏ أي: فلا يستعجلوا بالعذاب، فإن كل ما هو آت، فهو قريب.

[42] يقول تعالى: وَ قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏ برسلهم، و بالحق الذي جاءت به الرسل، فلم يغن عنهم مكرهم، و لم يصنعوا شيئا، فإنهم يحاربون اللّه و يبارزونه، فَلِلَّهِ الْمَكْرُ جَمِيعاً أي: لا يقدر أحد أن يمكر مكرا إلا بإذنه، و تحت قضائه و قدره. فإذا كانوا يمكرون بدينه، فإن مكرهم سيعود عليهم بالخيبة و الندم، فإن اللّه‏ يَعْلَمُ ما تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ‏ أي: همومها و إرادتها و أعمالها الظاهرة و الباطنة. و المكر لا بد أن يكون من كسبها، فلا يخفى على اللّه مكرهم، فيمتنع أن يمكروا مكرا يضر الحقّ و أهله، و يفيدهم شيئا، وَ سَيَعْلَمُ الْكُفَّارُ لِمَنْ عُقْبَى الدَّارِ أي: ألهم أو لرسله؟ و من المعلوم أن العاقبة للمتقين، لا للكفر و أهله.

[43] وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا أي: يكذبونك، و يكذبون ما أرسلت به، قُلْ‏ لهم- إن طلبوا على ذلك شهيدا: كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ‏ و شهادته بقوله و فعله و إقراره. أما قوله، فيما أوحاه اللّه إلى أصدق خلقه، مما يثبت به رسالته. و أما فعله، فلأن اللّه تعالى أيد رسوله، و نصره نصرا خارجا عن قدرته و قدرة أصحابه و أتباعه، و هذا شهادة منه له بالفعل و التأييد. و أما إقراره، فإنه أخبر الرسول عنه، أنه رسول، و أنه أمر الناس باتباعه. فمن اتبعه، فله رضوان اللّه و كرامته، و من لم يتبعه، فله النار و السخط، و حل له ماله و دمه، و اللّه يقره على ذلك، فلو تقول عليه بعض الأقاويل، لعاجله بالعقوبة. وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ‏ و هذا شامل لكل علماء أهل الكتاب، فإنهم يشهد منهم للرسول، من آمن، و اتبع الحقّ، فصرح بتلك الشهادة التي عليه. و من كتم ذلك، فإخبار اللّه عنه، أن عنده شهادة، أبلغ من خبره، و لو لم يكن عنده شهادة، لرد استشهاده بالبرهان، فسكوته يدل على أن عنده شهادة مكتومة. و إنّما أمر اللّه باستشهاد أهل الكتاب، لأنهم أهل هذا الشأن، و كل أمر، إنّما يستشهد فيه أهله، و من هم أعلم به من غيرهم، بخلاف من هو أجنبي عنه، كالأميين، من مشركي العرب و غيرهم، فلا فائدة في استشهادهم، لعدم خبرتهم و معرفتهم. و اللّه أعلم. ثمّ تفسير سورة الرعد، و الحمد للّه رب العالمين.

(1) سقط من المطبوعة التي بين أيدينا، و هو موافق للسياق.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 486

سورة إبراهيم‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] يخبر تعالى، أنه أنزل كتابه على رسوله محمد صلّى اللّه عليه و سلم، لنفع الخلق، ليخرج الناس من ظلمات الجهل و الكفر و الأخلاق السيئة، و أنواع المعاصي، إلى نور العلم و الإيمان، و الأخلاق الحسنة، و قوله: بِإِذْنِ رَبِّهِمْ‏ أي:

لا يحصل منهم المراد المحبوب للّه، إلا بإرادة من اللّه و معونة، ففيه حث للعباد على الاستعانة بربهم. ثمّ فسر النور الذي يهديهم إليه هذا الكتاب، فقال: إِلى‏ صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ أي: الموصل إليه و إلى دار كرامته، المشتمل على العلم بالحق و العمل به، و في ذكر الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ بعد ذكر الصراط الموصل إليه، إشارة إلى أن من سلكه، فهو عزيز بعزة اللّه، قوي، و لو لم يكن له أنصار إلا اللّه، محمود في أموره، حسن العاقبة.

[2] و ليدل ذلك على أن صراط اللّه، من أكبر الأدلة على ما للّه، من صفات الكمال، و نعوت الجلال، و أن الذي نصبه لعباده، عزيز السلطان، حميد، في أقواله، و أفعاله، و أحكامه، و أنه مألوه معبود بالعبادات، التي هي منازل الصراط المستقيم، و أنه كما أن له ملك السموات و الأرض، خلقا و رزقا، و تدبيرا، فله الحكم على عباده بأحكامه الدينية، لأنهم ملكه، و لا يليق به أن يتركهم سدى، فلما بين الدليل و البرهان، توعد من لم ينقد لذلك فقال:

وَ وَيْلٌ لِلْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ شَدِيدٍ لا يقدر قدره، و لا يوصف أمره.

[3] ثمّ وصفهم بأنهم. الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ فرضوا بها، و اطمأنوا، و غفلوا عن الدار الآخرة. وَ يَصُدُّونَ‏ الناس‏ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏ التي نصبها لعباده، و بينها في كتبه، و على ألسنة رسله، فهؤلاء قد نابذوا مولاهم بالمعاداة و المحاربة، وَ يَبْغُونَها أي: سبيل اللّه‏ عِوَجاً أي: يحرصون على تهجينها و تقبيحها، للتنفير منها، و لكن يأبى اللّه إلا أن يتم نوره و لو كره الكافرون. أُولئِكَ‏ الّذين ذكر وصفهم‏ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ لأنهم ضلوا، و أضلوا و شاقوا اللّه و رسوله، و حاربوهم. فأي ضلال أبعد من هذا؟، و أما أهل الإيمان، فعكس هؤلاء، يؤمنون باللّه و آياته، و يستحبون الآخرة على الدنيا، و يدعون إلى سبيل اللّه و يحسنونها، مهما أمكنهم، و يبغون استقامتها.

[4] و هذا من لطفه بعباده، أنه ما أرسل رسولا، إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ‏ ما يحتاجون إليه، و يتمكنون من تعلم ما أتى به، بخلاف ما لو أتى على غير لسانهم، فإنهم يحتاجون إلى تلك اللغة، التي يتكلم بها، ثمّ يفهمون عنه، فإذا بين الرسول ما أمروا به، و نهوا عنه، و قامت عليهم حجة اللّه‏ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ ، ممن لم ينقد للهدى، و يهدي من يشاء، ممن اختصه برحمته. وَ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ‏ ، الذي- من عزته- أنه انفرد بالهداية و الإضلال، و تقليب القلوب إلى ما شاء و من حكمته أنه لا يضع هدايته و لا إضلاله، إلا بالمحل اللائق به. و يستدل‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 487

بهذه الآية الكريمة، على أن علوم العربية الموصلة إلى تبيين كلامه و كلام رسوله، أمور مطلوبة، محبوبة للّه، لأنه لا يتم معرفة ما أنزل على رسوله إلا بها. إلا إذا كان الناس في حالة، لا يحتاجون إليها، و ذلك إذا تمرنوا على العربية، و نشأ عليها صغيرهم، و صارت طبيعة لهم، فحينئذ قد اكتفوا المئونة و صلحوا لأن يتلقوا عن اللّه و عن رسوله، ابتداء، كما تلقى الصحابة رضي اللّه عنهم.

[5] يخبر تعالى: أنه أرسل موسى بآياته العظيمة، الدالة على صدق ما جاء به و صحته، و أمره بما أمر اللّه به رسوله محمد صلّى اللّه عليه و سلم، بل و بما أمر به جميع الرسل قومهم، أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ أي: ظلمات الجهل و الكفر و فروعه، إلى نور العلم و الإيمان و توابعه، وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ‏ أي: بنعمه عليهم، و إحسانه إليهم و بأيامه في الأمم المكذبين، و وقائعه بالكافرين، ليشكروا نعمه، و ليحذروا عقابه، إِنَّ فِي ذلِكَ‏ أي: في أيام اللّه على العباد لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ أي: صبار في الضراء و العسر و الضيق، شكور على السراء و النعمة.

[6] فإنه يستدل بأيامه، على كمال قدرته، و عميم إحسانه، و تمام عدله و حكمته، و لهذا امتثل موسى عليه السّلام أمر ربه، فذكرهم نعم اللّه فقال: اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ‏ أي: بقلوبكم و ألسنتكم. إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ‏ أي: يولونكم‏ سُوءَ الْعَذابِ‏ أي: أشده، و فسر ذلك بقوله: وَ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ‏ أي: يبقونهن فلا يقتلونهن، وَ فِي ذلِكُمْ‏ الإنجاء بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ‏ أي: نعمة عظيمة، أو في ذلكم العذاب، الذي ابتليتم به من فرعون و ملئه ابتلاء من اللّه عظيم لكم، لينظر هل تعتبرون أم لا؟

[7] و قال لهم- حاثا على شكر نعم اللّه-: وَ إِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ‏ أي: أعلم و وعد، لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ‏ من نعمي‏ وَ لَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذابِي لَشَدِيدٌ و من ذلك، أن يزيل عنهم النعمة، التي أنعم بها عليهم. و الشكر هو اعتراف القلب بنعم اللّه، و الثناء على اللّه بها، و صرفها في مرضاة اللّه تعالى. و كفر النعمة ضد ذلك.

[8] وَ قالَ مُوسى‏ إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فلن تضروا اللّه شيئا، فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ فالطاعات لا تزيد في ملكه، و المعاصي لا تنقص، و هو كامل الغنى، حميد في ذاته، و أسمائه و صفاته، و أفعاله، ليس له من الصفات إلا كل صفة حمد و كمال، و لا من الأسماء إلا كل اسم حسن، و لا من الأفعال إلا كل فعل جميل.

[9] يقول تعالى- مخوفا عباده- ما أحله بالأمم المكذبة، حين جاءتهم الرسل، فكذبوهم، فعاقبهم بالعقاب العاجل، الذي رآه الناس و سمعوه فقال: أَ لَمْ يَأْتِكُمْ نَبَؤُا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَ عادٍ وَ ثَمُودَ و قد ذكر اللّه قصصهم في كتابه، و بسطها، وَ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ‏ من كثرتهم، و كون أخبارهم اندرست.

فهؤلاء كلهم‏ جاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ‏ أي: بالأدلة الدالة على صدق ما جاؤوا به، فلم يرسل اللّه رسولا، إلا أتاه من الآيات، ما يؤمن على مثله البشر، فحين أتتهم رسلهم بالبينات لم ينقادوا لها، بل استكبروا عنها، فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ‏ أي: لم يؤمنوا بما جاؤوا به، و لم يتفوهوا بشي‏ء مما يدل على الإيمان كقوله: يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 488

آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ‏ . وَ قالُوا صريحا لرسلهم:

إِنَّا كَفَرْنا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَ إِنَّا لَفِي شَكٍّ مِمَّا تَدْعُونَنا إِلَيْهِ مُرِيبٍ‏ أي: موقع في الريبة، و قد كذبوا في ذلك و ظلموا.

[10] و لهذا قالَتْ‏ لهم‏ رُسُلُهُمْ أَ فِي اللَّهِ شَكٌ‏ أي: فإنه أظهر الأشياء و أجلاها، فمن شك في اللّه‏ فاطِرِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ الذي وجود الأشياء مستند إلى وجوده، لم يكن عنده ثقة بشي‏ء من المعلومات، حتى الأمور المحسوسة، و لهذا خاطبتهم الرسل، خطاب من لا يشك فيه و لا يصلح الريب فيه‏ يَدْعُوكُمْ‏ إلى منافعكم و مصالحكم‏ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَ يُؤَخِّرَكُمْ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى‏ أي: ليثيبكم على الاستجابة لدعوته، بالثواب العاجل و الآجل. فلم يدعوكم لينتفع بعبادتكم، بل النفع عائد إليكم. فردوا على رسلهم، رد السفهاء الجاهلين و قالُوا لهم: إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا أي: فكيف تفضلوننا بالنبوة و الرسالة، تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونا عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُنا فكيف نترك رأي الآباء و سيرتهم، لرأيكم؟ و كيف نطيعكم و أنتم بشر مثلنا؟ فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ‏ أي: بحجة و بينة ظاهرة، و مرادهم بينة يقترحونها هم، و إلا فقد تقدم أن رسلهم جاءتهم بالبينات.

[11] قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ‏ مجيبين لاقتراحهم و اعتراضهم: إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ‏ أي: صحيح و حقيقة، إنّا بشر مثلكم، وَ لكِنَ‏ ليس في ذلك، ما يدفع ما جئنا به من الحقّ، فإن‏ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى‏ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ‏ فإذا من اللّه علينا بوحيه و رسالته، فذلك فضله و إحسانه، و ليس لأحد أن يحجر على اللّه فضله و يمنعه من تفضله.

فانظروا ما جئناكم به، فإن كان حقا، فاقبلوه، و إن كان غير ذلك، فردوه و لا تجعلوا حالنا، حجة لكم على رد ما جئناكم به، و قولكم: فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ‏ فإن هذا ليس بأيدينا، و ليس لنا من الأمر شي‏ء. وَ ما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ‏ فهو الذي إن شاء جاءكم به، و إن شاء لم يأتكم به، و هو لا يفعل إلا ما هو مقتضى حكمته و رحمته، وَ عَلَى اللَّهِ‏ لا على غيره‏ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ‏ فيعتمدون عليه في جلب مصالحهم، و دفع مضارهم، لعلمهم بتمام كفايته، و كمال قدرته، و عميم إحسانه، و يثقون به، في تيسير ذلك، و بحسب ما معهم من الإيمان يكون توكلهم.

[12] فعلم بهذا، وجوب التوكل، و أنه من لوازم الإيمان، و من العبادات الكبار، التي يحبها اللّه و يرضاها، لتوقف سائر العبادات عليه، وَ ما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَ قَدْ هَدانا سُبُلَنا . أي: أي شي‏ء يمنعنا من التوكل على اللّه، و الحال، أننا على الحقّ و الهدى، و من كان على الحقّ و الهدى، فإن هداه، يوجب له تمام التوكل، و كذلك ما يعلم من أن اللّه متكفل بمعونة المهتدي و كفايته، يدعو إلى ذلك، بخلاف من لم يكن على الحقّ و الهدى، فإنه ليس ضامنا على اللّه، فإن حاله مناقضة لحال المتوكل. و في هذا كالإشارة من الرسل، عليهم الصلاة و السّلام لقومهم، بآية عظيمة، و هو أن قومهم- في الغالب- أن لهم القهر و الغلبة عليهم، فتحدتهم رسلهم، بأنهم متوكلون على اللّه، في دفع كيدهم و مكرهم، و جازمون بكفايته إياهم، و قد كفاهم اللّه شرهم مع حرصهم على إتلافهم، و إطفاء ما

تيسير الكريم الرحمن، ص: 489

معهم من الحقّ، فيكون هذا، كقول نوح لقومه: يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَ تَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَ شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَ لا تُنْظِرُونِ‏ الآيات، و قول هود عليه السّلام: إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَ اشْهَدُوا أَنِّي بَرِي‏ءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعاً ثُمَّ لا تُنْظِرُونِ‏ (55). وَ لَنَصْبِرَنَّ عَلى‏ ما آذَيْتُمُونا أي: و لنستمرن على دعوتكم، و وعظكم، و تذكيركم، و لا نبالي بما يأتينا منكم، من الأذى، فإنا سنوطن أنفسنا على ما ينالنا منكم من الأذى، احتسابا للأجر، و نصحا لكم، لعل اللّه أن يهديكم مع كثرة التذكير. وَ عَلَى اللَّهِ‏ وحده لا على غيره‏ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ‏ فإن التوكل عليه، مفتاح لكل خير. و اعلم أن الرسل، عليهم الصلاة و السّلام، توكلهم في أعلى المطالب و أشرف المراتب، و هو التوكل على اللّه، في إقامة دينه و نصره، و هداية عبيده، و إزالة الضلال عنهم، و هذا أكمل ما يكون من التوكل.

[13] لما ذكر دعوة الرسل لقومهم و دوامهم على ذلك، و عدم مللهم، ذكر منتهى ما وصلت بهم الحال، مع قومهم فقال: وَ قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ‏ متوعدين لهم- لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا و هذا أبلغ ما يكون من الرد، و ليس بعد هذا فيهم مطمع، لأنه ما كفاهم أن أعرضوا عن الهدى، بل توعدوهم بالإخراج من ديارهم و نسبوها إلى أنفسهم، و زعموا أن الرسل، لا حقّ لهم فيها، و هذا من أعظم الظلم، فإن اللّه أخرج عباده إلى الأرض، و أمرهم بعبادته، و سخر لهم الأرض و ما عليها، يستعينون بها على عبادته. فمن استعان بذلك على عبادة اللّه، حل له ذلك، و خرج من التبعة، و من استعان بذلك على الكفر و أنواع المعاصي، لم يكن ذلك خالصا له، و لم يحل له، فعلم أن أعداء الرسل في الحقيقة، ليس لهم شي‏ء من الأرض، التي توعدوا الرسل بإخراجهم منها. و إن رجعنا إلى مجرد العادة، فإن الرسل من جملة أهل بلادهم، و أفراد منهم، فلأي شي‏ء يمنعونهم حقا لهم، صريحا واضحا؟ هل هذا إلا من عدم الدين و المروءة بالكلية؟ و لهذا لما انتهى مكرهم بالرسل إلى هذه الحال، ما بقي حينئذ، إلا أن يمضي اللّه أمره، و ينصر أولياءه، فَأَوْحى‏ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ الظَّالِمِينَ‏ بأنواع العقوبات.

[14] وَ لَنُسْكِنَنَّكُمُ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِهِمْ ذلِكَ‏ أي: العاقبة الحسنة التي جعلها اللّه للرسل و من تبعهم، جزاء لِمَنْ خافَ مَقامِي‏ عليه في الدنيا، و راقب اللّه مراقبة من يعلم أنه يراه، وَ خافَ وَعِيدِ أي: ما توعدت به من عصاني، فأوجب له ذلك، الانكفاف عما يكرهه اللّه، و المبادرة إلى ما يحبه اللّه.

[15] وَ اسْتَفْتَحُوا أي: الكفار، أي: هم الّذين طلبوا، و استعجلوا فتح اللّه و فرقانه، بين أوليائه و أعدائه، فجاءهم ما استفتحوا به، و إلا فاللّه عليم حليم، لا يعاجل من عصاه بالعقوبة، وَ خابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ أي:

خسر في الدنيا و الآخرة، من تجبر على اللّه و على الحقّ، و على عباد اللّه، و استكبر في الأرض، و عاند الرسل، و شاقّهم.

صفحه بعد