کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 780

مهتدين، بل ضالين مضلين.

[21] و لهذا قال: وَ إِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ‏ على أيدي رسله، فإنه الحقّ، و بينت لهم أدلته الظاهرة قالُوا معارضين ذلك: بَلْ نَتَّبِعُ ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا فلا نترك ما وجدنا عليه آباءنا لقول أحد، كائنا من كان.

قال تعالى في الرد عليهم و على آبائهم: أَ وَ لَوْ كانَ الشَّيْطانُ يَدْعُوهُمْ إِلى‏ عَذابِ السَّعِيرِ . فاستجاب له آباؤهم، و مشوا خلفه، و صاروا من تلاميذ الشيطان، و استولت عليهم الحيرة. فهل هذا، موجب لاتباعهم و مشيهم على طريقتهم، أم ذلك يرهبهم من سلوك سبيلهم، و ينادي على ضلالهم، و ضلال من تبعهم. و ليس دعوة الشيطان لآبائهم و لهم، محبة لهم و مودة، و إنّما ذلك عداوة لهم و مكر لهم، و بالحقيقة أتباعه من أعدائه، الّذين تمكن منهم، و ظفر بهم، و قرت عينه باستحقاقهم عذاب السعير، بقبول دعوته.

[22] وَ مَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ‏ أي: يخضع له و ينقاد له بفعل الشرائع مخلصا له دينه. وَ هُوَ مُحْسِنٌ‏ في ذلك الإسلام بأن كان عمله مشروعا، قد اتبع فيه الرسول. أو من يسلم وجهه إلى اللّه، بفعل جميع العبادات، و هو محسن فيها، بأن يعبد اللّه كأنه يراه، فإن لم يكن يراه، فإنه يراك. أو من يسلم وجهه إلى اللّه، بالقيام بحقوقه، و هو محسن إلى عباد اللّه، قائم بحقوقهم. و المعاني متلازمة، لا فرق بينها إلا من جهة اختلاف مورد اللفظين. و إلا فكلها منفعة على القيام بجميع شرائع الدين، على وجه تقبل به و تكمل. فمن فعل ذلك، فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى‏ أي: بالعروة الّتي من تمسك بها، توثق و نجا، و سلم من الهلاك، و فاز بكل خير. و من لم يسلم وجهه للّه، أو لم يحسن لم يستمسك بالعروة الوثقى، و إذا لم يستمسك لم يكن ثمّ إلا الهلاك و البوار. وَ إِلَى اللَّهِ عاقِبَةُ الْأُمُورِ أي:

رجوعها، و موئلها، و منتهاها. فيحكم في عباده، و يجازيهم بما آلت إليه أعمالهم، و وصلت إليه عواقبهم، فليستعدوا لذلك الأمر.

[23] وَ مَنْ كَفَرَ فَلا يَحْزُنْكَ كُفْرُهُ‏ لأنك أديت ما عليك، من الدعوة و البلاغ. فإذا لم يهتد، فقد وجب أجرك على اللّه، و لم يبق للحزن موضع على عدم اهتدائه، لأنه لو كان فيه خير، لهداه اللّه. و لا تحزن أيضا، على كونهم تجرؤوا عليك بالعداوة، و نابذوك المحاربة، و استمروا على غيهم و كفرهم، و لا تتحرق عليهم، بسبب أنهم ما بودروا بالعذاب. إن‏ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ فَنُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا من كفرهم و عداوتهم، و سعيهم في إطفاء نور اللّه، و أذى رسله. إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ الّتي ما نطق بها الناطقون، فكيف بما ظهر، و كان شهادة؟

[24] نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلًا في الدنيا، ليزداد إثمهم، و يتوفر عذابهم. ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ‏ أي: نلجئهم‏ إِلى‏ عَذابٍ غَلِيظٍ أي: انتهى في عظمه، و كبره، و فظاعته، و ألمه، و شدته.

[25] وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ‏ أي: سألت هؤلاء المشركين المكذبين بالحق. مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ لعلموا أن أصنامهم، ما خلقت شيئا من ذلك‏ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ‏ الذي خلقهما وحده. قُلِ‏ لهم، ملزما لهم، و محتجا عليهم بما أقروا به، على ما أنكروا. الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ الذي بيّن النور، و أظهر الاستدلال عليكم من أنفسكم. فلو كانوا يعلمون، لجزموا أن المنفرد بالخلق و التدبير، هو الذي يفرد بالعبادة و التوحيد. بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ‏ فلذلك أشركوا به غيره، و رضوا بتناقض ما ذهبوا إليه، على وجه الحيرة و الشك، لا على وجه البصيرة. ثمّ ذكر هاتين الآيتين، نموذجا من سعة أوصاف اللّه سبحانه، ليدعو عباده إلى معرفته، و محبته، و إخلاص الدين له. فذكر عموم ملكه، و أن جميع ما في السموات و الأرض- و هذا شامل لجميع العالم العلوي و السفلي- أنه ملكه، يتصرف فيهم بأحكام الملك القدرية، و أحكامه الأمرية، و أحكامه الجزائية. فكلهم عبيد مماليك، مدبرون مسخرون، ليس لهم من الملك شي‏ء. و أنه واسع الغنى، فلا يحتاج إلى ما يحتاج إليه أحد من الخلق. ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَ ما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ‏ (57). و أن أعمال النبيين و الصديقين، و الشهداء و الصالحين، لا تنفع اللّه شيئا و إنّما تنفع عامليها، و اللّه‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 781

غني عنهم، و عن أعمالهم. و من غناه، أن أغناهم و أقناهم في دنياهم و أخراهم.

[26] ثمّ أخبر تعالى عن سعة حمده، و أن حمده من لوازم ذاته، فلا يكون إلا حميدا من جميع الوجوه، فهو حميد في ذاته، و هو حميد في صفاته. فكل صفة من صفاته، يستحق عليها أكمل حمد و أتمه، لكونها صفات عظمة و كمال. و جميع ما فعله و خلقه، يحمد عليه، و جميع ما أمر به و نهى عنه، يحمد عليه. و جميع ما حكم به في العباد، و بين العباد، في هذه الحياة الدنيا، و في الآخرة، يحمد عليه.

[27] ثمّ أخبر عن سعة كلامه عز و جل، و عظمة قوله، بشرح يبلغ من القلوب كلّ مبلغ، و تنبهر له العقول، و تتحير فيه الأفئدة، و تسيح في معرفته أولو الألباب و البصائر، فقال: وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ‏ يكتب بها وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مدادا يستمد بها، لتكسرت تلك الأقلام و لفني ذلك المداد، و ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ‏ . و هذا ليس مبالغة لا حقيقة له. بل لما علم تبارك و تعالى، أن العقول تتقاصر عن الإحاطة ببعض صفاته، و علم تعالى، أن معرفته لعباده، أفضل نعمة، أنعم بها عليهم، و أجلّ منقبة حصلوها، و هي لا تمكن على وجهها، و لكن ما لا يدرك كله، لا يترك كله، فنبههم تعالى على بعضها تنبيها تستنير به قلوبهم، و تنشرح له صدورهم، و يستدلون بما وصلوا إليه إلى ما لم يصلوا إليه، و يقولون كما قال أفضلهم و أعلمهم بربه: «لا نحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك». و إلا، فالأمر أجلّ من ذلك، و أعظم. و هذا التمثيل، من باب تقريب المعنى، الذي لا يطاق الوصول به إلى الأفهام و الأذهان. و إلا، فالأشجار، و إن تضاعفت على ما ذكر، أضعافا كثيرة، و البحور لو امتدت بأضعاف مضاعفة، فإنه يتصور نفادها و انقضاؤها، لكونها مخلوقة. و أما كلام اللّه تعالى، فلا يتصور نفاده، بل دلنا الدليل الشرعي و العقلي، على أنه لا نفاد له و لا منتهى، فكل شي‏ء ينتهى إلا الباري و صفاته‏ وَ أَنَّ إِلى‏ رَبِّكَ الْمُنْتَهى‏ (42). و إذا تصور العقل حقيقة أوليته تعالى و آخريته، و أن كلّ ما فرضه الذهن و العقل، من الأزمان السابقة، مهما تسلسل الفرض و التقدير، فهو تعالى قبل ذلك إلى غير نهاية. و أنه مهما فرض الذهن و العقل، من الأزمان المتأخرة، و تسلسل الفرض و التقدير، و ساعد على ذلك من ساعد، بقلبه و لسانه، فاللّه تعالى، بعد ذلك إلى غير غاية و لا نهاية. و اللّه من جميع الأوقات، يحكم، و يتكلم، و يقول، و يفعل كيف أراد، و إذا أراد، لا مانع له من شي‏ء، من أقواله و أفعاله. فإذا تصور العقل ذلك، عرف أن المثل الذي ضربه اللّه لكلامه، ليدرك العباد شيئا منه، و إلا، فالأمر أعظم و أجل. ثمّ ذكر جلالة عزته و كمال حكمته فقال: إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏ أي: له العزة جميعا، الذي ما في العالم العلوي و السفلي من القوة، إلا هي منه، هو الذي أعطاها للخلق، فلا حول و لا قوة إلا به. و بعزّته قهر الخلق كلهم، و تصرف فيهم، و دبرهم. و بحكمته خلق الخلق، و ابتدأه بالحكمة، و جعل غايته و المقصود منه الحكمة. و كذلك الأمر و النهي، وجد بالحكمة، و كانت غايته المقصودة، الحكمة فهو الحكيم في خلقه و أمره.

[28] ثمّ ذكر عظمة قدرته و كمالها و أنه لا يمكن أن يتصورها العقل فقال: ما خَلْقُكُمْ وَ لا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 782

واحِدَةٍ و هذا شي‏ء يحير العقول. إن خلق جميع الخلق- على كثرتهم و بعثهم بعد موتهم، بعد تفرقهم في لمحة واحدة- كخلقه نفسا واحدة. فلا وجه لاستبعاد البعث و النشور، و الجزاء على الأعمال، إلا الجهل بعظمة اللّه و قوة قدرته. ثمّ ذكر عموم سمعه لجميع المسموعات، و بصره لجميع المبصرات فقال: إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ

[29] و هذا فيه أيضا، انفراده بالتصرف و التدبير، و سعة تصرفه بإيلاج الليل في النهار، و إيلاج النهار في الليل، أي: إدخال أحدهما على الآخر، فإذا دخل أحدهما، ذهب الآخر. و تسخيره للشمس و القمر، و يجريان بتدبير و نظام، لم يختل منذ خلقهما، ليقيم بذلك من مصالح العباد و منافعهم، في دينهم و دنياهم، ما به يعتبرون و ينتفعون.

و كُلٌ‏ منهما يَجْرِي إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى‏ إذا جاء ذلك الأجل، انقطع جريانهما، و تعطّل سلطانهما، و ذلك في يوم القيامة، حين تكور الشمس، و يخسف القمر، و تنتهي دار الدنيا، و تبتدئ الدار الآخرة. وَ أَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ من خير و شر خَبِيرٌ لا يخفى عليه شي‏ء من ذلك، و سيجازيكم على تلك الأعمال، بالثواب للمطيعين، و العقاب للعاصين.

[30] ذلِكَ‏ الذي بين لكم من عظمته و صفاته، ما بيّن‏ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُ‏ في ذاته و في صفاته، و دينه حق، و رسله حق، و وعده حق، و وعيده حق، و عبادته هي الحقّ. وَ أَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ‏ في ذاته و صفاته.

فلو لا إيجاد اللّه له، لما وجد، و لو لا إمداده، لما بقي. فإذا كان باطلا، كانت عبادته أبطل و أبطل. وَ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُ‏ بذاته، فوق جميع مخلوقاته، الذي علت صفاته عن أن يقاس بها صفات، و علا على الخلق فقهرهم‏ الْكَبِيرُ الذي له الكبرياء في ذاته و صفاته، و له الكبرياء في قلوب أهل السماء و الأرض.

[31] أي: ألم تر من آثار قدرته و رحمته، و عنايته بعباده، أن سخّر البحر، تجري فيه الفلك، بأمره القدري، و لطفه و إحسانه. لِيُرِيَكُمْ مِنْ آياتِهِ‏ ففيها الانتفاع و الاعتبار. إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ . المنتفعون بالآيات، كل صبّار على الضراء، شكور على السرّاء، صبّار على طاعة اللّه و عن معصيته، و على أقداره، شكور للّه، على نعمه الدينية و الدنيوية.

[32] و ذكر تعالى حال الناس، عند ركوبهم البحر، و غشيان الأمواج كالظلل فوقهم، أنهم يخلصون الدعاء للّه و العبادة فقال: فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ و انقسموا فريقين: فَمِنْهُمْ‏ فريق‏ مُقْتَصِدٌ أي: لم يقم بشكر اللّه على وجه الكمال، بل هم مذنبون ظالمون لأنفسهم. و فريق كافر بنعمة اللّه، جاحد لها، و لهذا قال: وَ ما يَجْحَدُ بِآياتِنا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ أي: غدار، و من غدره أنه عاهد ربه، لئن أنجيتنا من البحر و شدته، لنكونن من الشاكرين. فغدر هذا الفريق و لم يف بذلك، و هو مع ذلك‏ كَفُورٍ بنعم اللّه. فهل يليق بمن نجاهم اللّه من هذه الشدة، إلا القيام التام بشكر نعم اللّه؟

[33] يأمر تعالى الناس بتقواه، الّتي هي: امتثال أوامره، و ترك زواجره. و يستلفتهم لخشية يوم القيامة، اليوم‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 783

الشديد، الذي فيه كلّ أحد، لا يهمه إلا نفسه‏ وَ اخْشَوْا يَوْماً لا يَجْزِي والِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَ لا مَوْلُودٌ هُوَ جازٍ عَنْ والِدِهِ شَيْئاً يزيد في حسناته و لا ينقص من سيئاته، قد تم على كلّ عبد عمله، و تحقق عليه جزاؤه. فلفت النظر لهذا اليوم المهول، مما يقوي العبد، و يسهّل عليه تقوى اللّه. و هذا من رحمة اللّه بالعباد، يأمرهم بتقواه الّتي فيها سعادتهم، و يعدهم عليها الثواب، و يحذرهم من العقاب، و يزجرهم عنه بالمواعظ و المخوفات. فلك الحمد يا رب العالمين.

إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ‏ فلا تمتروا فيه، و لا تعملوا عمل غير المصدق، فلهذا قال: فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا بزينتها و زخارفها، و ما فيها من الفتن و المحن. وَ لا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ الذي هو الشيطان، ما زال يخدع الإنسان و لا يغفل عنه في جميع الأوقات. فإن للّه على عباده حقا، و قد وعدهم موعدا يجازيهم فيه بأعمالهم، و هل وفوا حقه، أم قصروا فيه. و هذا أمر يجب الاهتمام به، و أن يجعله العبد نصب عينيه، و رأس مال تجارته الّتي يسعى إليها. و من أعظم العوائق عنه و القواطع دونه، الدنيا الفتانة، و الشيطان الموسوس المسوّل. فنهى تعالى عباده، أن تغرهم الدنيا، أو يغرهم باللّه الغرور يَعِدُهُمْ وَ يُمَنِّيهِمْ وَ ما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً (120).

[34] قد تقرر أن اللّه تعالى، أحاط علمه بالغيب و الشهادة، و الظواهر و البواطن، و قد يطلع اللّه عباده على كثير من الأمور الغيبية، و هذه الأمور الخمسة، من الأمور الّتي طوى علمها عن جميع الخلق، فلا يعلمها نبي مرسل، و لا ملك مقرب، فضلا عن غيرهما، فقال: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ أي: يعلم متى مرساها، كما قال تعالى:

يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً الآية.

وَ يُنَزِّلُ الْغَيْثَ‏ أي: هو المنفرد بإنزاله، و علم وقت نزوله. وَ يَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ‏ فهو الذي أنشأ ما فيها، و علم ما هو، هل هو ذكر أم أنثى. و لهذا يسأل الملك الموكل بالأرحام ربه: هل هو ذكر أم أنثى؟ فيقضي اللّه ما يشاء. وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً من كسب دينها و دنياها. وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ‏ بل اللّه تعالى هو المختص بعلم ذلك جميعه. و لما خصص هذه الأشياء، عمم علمه بجميع الأشياء فقال: إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ محيط بالظواهر و البواطن، و الخفايا و الخبايا، و السرائر. و من حكمته التامة، أن أخفى علم هذه الخمسة عن العباد؛ لأن في ذلك من المصالح، ما لا يخفى على من تدبر ذلك. تم تفسير سورة لقمان.

تفسير سورة السجدة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1- 2] يخبر تعالى أن هذا الكتاب الكريم، تنزيل من رب العالمين، الذي رباهم بنعمته. و من أعظم ما رباهم به، هذا الكتاب، الذي فيه كلّ ما يصلح أحوالهم، و يتمم أخلاقهم. و أنه لا ريب فيه، و لا شك، و لا امتراء، و مع ذلك قال المكذبون للرسول الظالمون في ذلك: افتراه محمد، و اختلقه من عند نفسه. و هذا من أكبر الجراءة على إنكار كلام اللّه، و رمي محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، بأعظم الكذب، و قدرة الخلق على كلام مثل كلام الخالق. و كلّ واحد من هذه من الأمور العظائم. قال اللّه- رادّا على من قال: افتراه:

[3] بَلْ هُوَ الْحَقُ‏ الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، و لا من خلفه تنزيل من حكيم حميد. مِنْ رَبِّكَ‏ أنزله رحمة للعباد لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أَتاهُمْ مِنْ نَذِيرٍ مِنْ قَبْلِكَ‏ أي: في حالة ضرورة و فاقة لإرسال الرسول، و إنزال الكتاب، لعدم النذير. بل هم في جهلهم يعمهون، و في ظلمة ضلالهم يترددون. فأنزلنا الكتاب عليك‏ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 784

من ضلالهم، فيعرفون الحق و يؤثرونه. و هذه الأشياء التي ذكرها اللّه، كلها مناقضة لتكذيبهم له: و إنها تقتضي منهم الإيمان و التصديق التام به، و هو كونه‏ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ و أنه‏ الْحَقُ‏ و الحق مقبول على كل حال، و أنه‏ لا رَيْبَ فِيهِ‏ بوجه من الوجوه. فليس فيه، ما يوجب الريبة، لا بخبر غير مطابق للواقع، و لا بخفاء و اشتباه معانيه. و أنهم في ضرورة و حاجة إلى الرسالة، و أن فيه الهداية لكل خير و إحسان.

[4] يخبر تعالى عن كمال قدرته بأنه‏ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَيْنَهُما فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ‏ أولها، يوم الأحد، و آخرها الجمعة، مع قدرته على خلقها بلحظة، و لكنه تعالى رفيق حكيم. ثُمَّ اسْتَوى‏ عَلَى الْعَرْشِ‏ الذي هو سقف المخلوقات، استواء يليق بجلاله. ما لَكُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍ‏ يتولاكم في أموركم، فينفعكم‏ وَ لا شَفِيعٍ‏ يشفع لكم، إن توجه عليكم العقاب. أَ فَلا تَتَذَكَّرُونَ‏ فتعلمون أن خالق الأرض و السموات، المستوي على العرش العظيم، الذي انفرد بتدبيركم، و توليكم، و له الشفاعة كلها، هو المستحق لجميع أنواع العبادة.

[5] يُدَبِّرُ الْأَمْرَ القدري و الأمر الشرعي، الجميع هو المتفرد بتدبيره، نازلة تلك التدابير من عند الملك القدير مِنَ السَّماءِ إِلَى الْأَرْضِ‏ فيسعد بها و يشقي، و يغني و يفقر، و يعزّ، و يذلّ، و يكرم، و يهين، و يرفع أقواما، و يضع آخرين، و ينزّل الأرزاق. ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ‏ أي: الأمر ينزل من عنده، و يعرج إليه‏ فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ‏ و هو يعرج إليه، و يصله في لحظة.

[6] ذلِكَ‏ الذي خلق تلك المخلوقات العظيمة، الذي استوى على العرش العظيم، و انفرد بالتدابير في المملكة عالِمُ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ‏ . فبسعة علمه، و كمال عزته، و عموم رحمته، أوجدها، و أودع فيها من المنافع ما أودع، و لم يعسر عليه تدبيرها.

[7] الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقَهُ‏ أي: كل مخلوق خلقه اللّه، فإن اللّه أحسن خلقه، و خلقه خلقا يليق به، و يوافقه- فهذا عام. ثم خص الآدمي لشرفه و فضله فقال: وَ بَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسانِ مِنْ طِينٍ‏ و ذلك بخلق آدم عليه السلام، أبي البشر.

[8] ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ‏ أي: ذرية آدم ناشئة مِنْ سُلالَةٍ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ‏ و هو النطفة المستقذرة الضعيفة.

[9] ثُمَّ سَوَّاهُ‏ بلحمه، و أعضائه، و أعصابه، و عروقه، و أحسن خلقته، و وضع كل عضو منه، بالمحل الذي لا يليق به غيره. وَ نَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ‏ بأن أرسل إليه الملك، فينفخ فيه الروح، فيعود بإذن اللّه، حيوانا، بعد أن كان جمادا. وَ جَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَ الْأَبْصارَ أي: ما زال يعطيكم من المنافع شيئا فشيئا، حتى أعطاكم السمع و الأبصار وَ الْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ‏ الذي خلقكم و صوركم.

[10] أي: قال المكذبون بالبعث على وجه الاستبعاد: أَ إِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ‏ أي: بلينا و تمزقنا، و تفرقنا في المواضع التي لا تعلم. أَ إِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أي: لمبعوثون بعثا جديدا. بزعمهم أن هذا من أبعد الأشياء، و ذلك‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 785

بقياسهم قدرة الخالق، على قدرهم. و كلامهم هذا، ليس لطلب الحقيقة، و إنما هو ظلم، و عناد، و كفر بلقاء ربهم و جحد، و لهذا قال: بَلْ هُمْ بِلِقاءِ رَبِّهِمْ كافِرُونَ‏ فكلامهم على مصدره و غايته. و إلا، فلو كان قصدهم بيان الحق، لبيّن لهم من الأدلة القاطعة على ذلك، ما يجعله مشاهدا للبصيرة، بمنزلة الشمس للبصر. و يكفيهم علمهم أنهم قد ابتدئوا من العدم، فالإعادة أسهل من الابتداء، و كذلك الأرض الميتة، ينزل اللّه عليها المطر، فتحيا بعد موتها، و ينبت به متفرق بذورها.

[11] قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ‏ أي:

جعله اللّه وكيلا على قبض الأرواح، و له أعوان. ثُمَّ إِلى‏ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ‏ فيجازيكم بأعمالكم، و قد أنكرتم البعث، فانظروا ماذا يفعل اللّه بكم.

[12] لما ذكر تعالى رجوعهم إليه يوم القيامة، ذكر حالهم في مقامهم بين يديه، فقال: وَ لَوْ تَرى‏ إِذِ الْمُجْرِمُونَ‏ الذين أصروا على الذنوب العظيمة. ناكِسُوا رُؤُسِهِمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏ خاشعين خاضعين أذلاء، مقرين بجرمهم، سائلين الرجعة قائلين: رَبَّنا أَبْصَرْنا وَ سَمِعْنا أي؛ بان لنا الأمر، و رأيناه عيانا، فصار عين يقين. فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ‏ أي: صار عندنا الآن، يقين بما كنا نكذب به. أي لرأيت أمرا فظيعا، و حالا مزعجة، أقواما خاسرين، و سؤالا غير مجاب، لأنه قد مضى وقت الإمهال.

[13] و كل هذا بقضاء اللّه و قدره، حيث خلى بينهم و بين الكفر و المعاصي، فلهذا قال: وَ لَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها أي: لهدينا الناس كلهم، و جمعناهم على الهدى. فمشيئتنا صالحة لذلك، و لكن الحكمة، تأبى أن يكونوا كلهم على الهدى، و لهذا قال: وَ لكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي‏ أي: وجب، و ثبت ثبوتا لا تغير فيه. لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ أَجْمَعِينَ‏ فهذا الوعد، لا بد منه، و لا محيد عنه. فلا بد من تقرير أسبابه من الكفر و المعاصي.

[14] فَذُوقُوا بِما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا أي: يقال للمجرمين، الذين ملكهم الذل، و سألوا الرجعة إلى الدنيا، ليستدركوا ما فاتهم: قد فات وقت الرجوع و لم يبق إلا العذاب، فذوقوا العذاب الأليم، بما نسيتم لقاء يومكم هذا. و هذا النسيان نسيان ترك، أي: بما أعرضتم عنه، و تركتم العمل له، و كأنكم غير قادمين عليه، و لا ملاقيه. إِنَّا نَسِيناكُمْ‏ أي: تركناكم بالعذاب، جزاء من جنس عملكم، فكما نسيتم نسيتم. وَ ذُوقُوا عَذابَ الْخُلْدِ أي: العذاب غير المنقطع. فإن العذاب إذا كان له أجل و غاية، كان فيه بعض التنفيس و التخفيف. و أما عذاب جهنم- أعاذنا اللّه منه- فليس فيه روح راحة، و لا انقطاع لعذابهم فيها. بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ‏ من الكفر و الفسوق و المعاصي.

[15] لما ذكر الكافرين بآياته، و ما أعد لهم من العذاب، ذكر المؤمنين بها، و وصفهم، و ما أعد لهم من الثواب فقال: إِنَّما يُؤْمِنُ بِآياتِنَا أي: إيمانا حقيقيا، من يوجد منه شواهد الإيمان. و هم: الَّذِينَ إِذا ذُكِّرُوا بِها

تيسير الكريم الرحمن، ص: 786

فتليت عليهم آيات القرآن، و أتتهم النصائح على أيدي رسل اللّه، و دعوا إلى التذكر، سمعوها فقبلوها، و انقادوا، و خَرُّوا سُجَّداً أي: خاضعين لها، خضوع ذكر للّه، و فرح بمعرفته. وَ سَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ هُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ‏ لا بقلوبهم، و لا بأبدانهم، فيمتنعون من الانقياد لها بل متواضعون لها، و قد تلقوها بالقبول، و قابلوها بالانشراح و التسليم، و توصلوا بها إلى مرضاة الرب الرحيم، و اهتدوا بها إلى الصراط المستقيم.

[16] تَتَجافى‏ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ‏ أي: ترتفع جنوبهم، و تنزعج عن مضاجعها اللذيذة، إلى ما هو ألذ عندهم منه و أحب إليهم، و هو: الصلاة في الليل، و مناجاة اللّه تعالى. و لهذا قال: يَدْعُونَ رَبَّهُمْ‏ أي: في جلب مصالحهم الدينية و الدنيوية، و دفع مضارهما. خَوْفاً وَ طَمَعاً أي: جامعين بين الوصفين، خوفا أن ترد أعمالهم، و طمعا في قبولها. خوفا من عذاب اللّه، و طمعا في ثوابه. وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ‏ من الرزق، قليلا أو كثيرا يُنْفِقُونَ‏ و لم يذكر قيد النفقة، و لا المنفق عليه، ليدل على العموم. فإنه يدخل فيه، النفقة الواجبة، كالزكوات، و الكفارات، و نفقة الزوجات و الأقارب، و النفقة المستحبة في وجوه الخير، و النفقة و الإحسان المالي، خير مطلقا، سواء وافق فقيرا أو غنيا، قريبا أو بعيدا، و لكن الأجر يتفاوت، بتفاوت النفع، فهذا عملهم.

[17] و أما جزاؤهم، فقال: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ‏ يدخل فيه جميع نفوس الخلق، لكونه نكرة في سياق النفي. أي:

فلا يعلم أحد ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ‏ من الخير الكثير، و النعيم الغزير، و الفرح و السرور، و اللذة و الحبور. كما قال تعالى على لسان رسوله: «أعددت لعبادي الصالحين، ما لا عين رأت و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر». فكما صلوا في الليل، و دعوا، و أخفوا العمل، جازاهم من جنس عملهم، فأخفى أجرهم، و لهذا قال:

جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ .

[18] ينبه تعالى، العقول على ما تقرر فيها، من عدم تساوي المتفاوتين المتباينين، و أن حكمته تقضي عدم تساويهما فقال: أَ فَمَنْ كانَ مُؤْمِناً قد عمّر قلبه الإيمان، و انقادت جوارحه لشرائعه، و اقتضى إيمانه آثاره و موجباته، من ترك مساخط اللّه، التي يضر وجودها بالإيمان. كَمَنْ كانَ فاسِقاً قد خرب قلبه، و تعطل من الإيمان، فلم يكن فيه وازع ديني، فأسرعت عنه جوارحه بموجبات الجهل و الظلم، في كل إثم و معصية، و خرج بفسقه عن طاعة ربه. أ فيستوي هذان الشخصان؟ لا يَسْتَوُونَ‏ عقلا و شرعا، كما لا يستوي الليل و النهار، و الضياء، و الظلمة، و كذلك لا يستوي ثوابهما في الآخرة.

[19] و أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ‏ من فروض و نوافل‏ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى‏ أي: الجنات التي هي مأوى اللذات، و معدن الخيرات، و محل الأفراح، و نعيم القلوب، و النفوس، و الأرواح، و محل الخلود، و جوار الملك المعبود، و التمتع بقربه، و النظر إلى وجهه، و سماع خطابه. نُزُلًا لهم أي: ضيافة، و قرى‏ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ .

صفحه بعد