کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1074

الشرك، و بينت حالة الخلق، و أن كلّ أحد منهم لا يستحق من العبادة مثقال ذرة؛ لأن الرسول محمدا صلّى اللّه عليه و سلّم، إذا كان لا يملك لأحد نفعا و لا ضرا، بل و لا يملك لنفسه، علم أن الخلق كلهم كذلك، فمن الخطأ و الظلم اتخاذ من هذا وصفه إلها آخر. و منها: أن علوم الغيوب قد انفرد اللّه بعلمها، فلا يعلمها أحد من الخلق، إلا من ارتضاه و اختصه بعلم شي‏ء منها. تم تفسير سورة الجن- و الحمد للّه رب العالمين.

تفسير سورة المزمل‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] المزمل: المتغطي بثيابه كالمدثر، و هذا الوصف، حصل من رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، حين أكرمه اللّه برسالته، و ابتدأه بإنزال وحيه بإرسال جبريل إليه، فرأى أمرا لم ير مثله، و لا يقدر على الثبات عليه إلا المرسلون، فاعتراه عند ذلك انزعاج، حين رأى جبريل عليه السّلام، فأتى إلى أهله فقال: «زملوني زملوني» و هو ترعد فرائصه. ثمّ جاءه جبريل، فقال: «اقرأ»، فقال: «ما أنا بقارئ»، فغطه حتى بلغ منه الجهد، و هو يعالجه على القراءة، فقرأ صلّى اللّه عليه و سلّم. ثمّ ألقى اللّه عليه الثبات، و تابع عليه الوحي، حتى بلغ مبلغا ما بلغه أحد من المرسلين. فسبحان اللّه، ما أعظم التفاوت بين ابتداء نبوته و نهايتها، و لهذا خاطبه اللّه بهذا الوصف، الذي وجد منه أول أمره. فأمره هنا بالعبادات المتعلقة به، ثمّ أمره بالصبر على أذية قومه، ثمّ أمره بالصدع بأمره، و إعلان دعوتهم إلى اللّه.

[2] فأمره هنا بأشرف العبادات، و هي الصلاة، و بآكد الأوقات و أفضلها، و هو قيام الليل. و من رحمته به، أنه لم يأمره بقيام الليل كله، بل قال: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2).

[3] ثمّ قدر ذلك، فقال: نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ‏ ، أي: من النصف‏ قَلِيلًا بأن يكون الثلث و نحوه‏

[4] أَوْ زِدْ عَلَيْهِ‏ ، أي: على النصف، فيكون نحو الثلثين. وَ رَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا فإن ترتيل القرآن به يحصل التدبر و التفكر، و تحريك القلوب به، و التعبد بآياته، و التهيؤ و الاستعداد التام له.

[5] فإنه قال: إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (5)، أي: نوحي إليك هذا القرآن الثقيل، أي: العظيمة معانيه، الجليلة أوصافه، و ما كان بهذا الوصف، حقيق أن يتهيأ له، و يرتل، و يتفكر فيما يشتمل عليه. ثمّ ذكر الحكمة في أمره بقيام الليل، فقال:

[6] إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ‏ ، أي: الصلاة فيه بعد النوم‏ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَ أَقْوَمُ قِيلًا ، أي: أقرب إلى حصول مقصود القرآن، يتواطأ عليه القلب و اللسان، و تقل الشواغل، و يفهم ما يقول، و يستقيم له أمره. و هذا بخلاف النهار، فإنه لا تحصل به هذه المقاصد، و لهذا قال:

[7] إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا (7)، أي: ترددا في حوائجك و معاشك، يوجب اشتغال القلب، و عدم تفرغه التفرغ التام.

[8] وَ اذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ‏ شامل لأنواع الذكر كلها وَ تَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ، أي: انقطع إليه، فإن الانقطاع إلى اللّه، و الإنابة إليه، هو الانفصال بالقلب عن الخلائق، و الاتصاف بمحبة اللّه، و ما يقرب إليه، و يدني من رضاه.

[9] رَبُّ الْمَشْرِقِ وَ الْمَغْرِبِ‏ و هذا اسم جنس، يشمل المشارق و المغارب كلها، فهو تعالى رب المشارق و المغارب، و ما يكون فيها من الأنوار، و ما هي مصلحة له من العالم العلوي و السفلي، فهو رب كلّ شي‏ء، و خالقه، و مدبره.

لا إِلهَ إِلَّا هُوَ ، أي: لا معبود إلا وجهه الأعلى، الذي يستحق أن يخص بالمحبة و التعظيم، و الإجلال و التكريم، و لهذا قال: فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا ، أي: حافظا و مدبرا لأمورك كلها.

[10] فلما أمره اللّه بالصلاة خصوصا، و بالذكر عموما، و بذلك تحصل للعبد ملكة قوية، في تحمل الأثقال، و فعل الشاق من الأعمال، أمره بالصبر، على ما يقوله‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1075

المعاندون له و يسبونه، و يسبون ما جاء به، و أن يمضي على أمر اللّه، لا يصده عنه صاد، و لا يرده راد، و أن يهجرهم هجرا جميلا، و هو الهجر، حيث اقتضت المصلحة الهجر، الذي لا أذية فيه، بل يعاملهم بالهجر و الإعراض عن أقوالهم الّتي تؤذيه، و أمره بجدالهم بالتي هي أحسن.

[11] وَ ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ‏ ، أي: اتركني و إياهم، فسأنتقم منهم، و إن أمهلتهم، فلا أهملهم. و قوله: أُولِي النَّعْمَةِ ، أي: أصحاب النعمة و الغنى، الّذين طغوا حين وسع اللّه عليهم من رزقه، و أمدهم من فضله كما قال تعالى:

كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى‏ (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى‏ (7).

[12] ثمّ توعدهم بما عنده من العقاب، فقال: إِنَّ لَدَيْنا إلى‏ فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ‏ . أي: إن عندنا أَنْكالًا ، أي: عذابا شديدا، جعلناه تنكيلا للذي لا يزال مستمرا على ما يغضب اللّه. وَ جَحِيماً ، أي: نارا حامية

[13] وَ طَعاماً ذا غُصَّةٍ و ذلك لمرارته و بشاعته، و كراهة طعمه و ريحه الخبيث المنتن. وَ عَذاباً أَلِيماً ، أي: موجعا مفظعا، و ذلك‏

[14] يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَ الْجِبالُ‏ من الهول العظيم. وَ كانَتِ الْجِبالُ‏ الراسيات الصم الصلاب‏ كَثِيباً مَهِيلًا ، أي: بمنزله الرمل المنهال المنتثر، ثمّ إنها تبس بعد ذلك، فتكون كالهباء المنثور.

[15] يقول تعالى: احمدوا ربكم، على إرساله هذا النبي الأمي العربي البشير النذير، الشاهد على الأمة بأعمالهم، و اشكروه، و قوموا بهذه النعمة الجليلة.

[16] و إياكم أن تكفروا، فتعصوا رسولكم، فتكونوا كفرعون، حين أرسل اللّه إليه موسى بن عمران، فدعاه إلى اللّه، و أمره بالتوحيد، فلم يصدقه، بل عصاه، فأخذه اللّه أخذا و بيلا، أي: شديدا بليغا.

[17- 18] أي: فكيف يحصل لكم الفكاك و النجاة يوم القيامة، اليوم المهول أمره، العظيم خطره، الذي يشيب الولدان، و تذوب له الجمادات العظام، فتتفطر السماء و تنتثر نجومها كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولًا ، أي: لا بد من قوعه، و لا حائل دونه.

[19] أي: إن هذه الموعظة الّتي نبأ اللّه بها من أحوال يوم القيامة و أهوالها تذكرة يتذكر بها المتقون، و ينزجر بها المؤمنون. فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى‏ رَبِّهِ سَبِيلًا ، أي: طريقا موصلا إليه، و ذلك باتباع شرعه، فإنه قد أبانه كلّ البيان، و أوضحه غاية الإيضاح. و في هذا دليل على أن اللّه تعالى أقدر العباد على أفعالهم، و مكّنهم منها، لا كما يقوله الجبرية: إن أفعالهم تقع بغير مشيئتهم، فإن هذا خلاف النقل و العقل.

[20] ذكر اللّه في أول هذه السورة أنه أمر رسوله بقيام نصف الليل، و ثلثيه، أو ثلثه، و الأصل أن أمته أسوة له في الأحكام. و ذكر في هذا الموضع، أنه امتثل ذلك، هو و طائفة معه من المؤمنين. و لما كان تحرير الوقت المأمور به، مشقة على الناس، أخبر أنه سهل عليهم في ذلك غاية التسهيل، فقال: وَ اللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ ، أي: يعلم مقاديرهما، و ما يمضي، و يبقى منهما. عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ‏ ، أي: لن تعرفوا مقداره من غير زيادة و لا نقص، لكون ذلك يستدعي انتباها، و عناء زائدا. فَتابَ عَلَيْكُمْ‏ ، أي: فخفف عنكم، و أمركم بما تيسر عليكم، سواء زاد على‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1076

المقدر، أو نقص. فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ‏ ، أي: مما تعرفون، و لا يشق عليكم، و لهذا كان المصلي بالليل، مأمورا بالصلاة، ما دام نشيطا، فإذا فتر، أو كسل، أو نعس، فليسترح، ليأتي الصلاة بطمأنينة و راحة. ثمّ ذكر بعض الأسباب المناسبة للتخفيف، فقال: عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى‏ يشق عليهم صلاة نصف الليل، أو ثلثيه، أو ثلثه، فليصل المريض، ما يسهل عليه، و لا يكون أيضا مأمورا بالصلاة قائما، عند مشقة ذلك، بل لو شقت عليه الصلاة النافلة، فله تركها و له أجر ما كان يعمل صحيحا. وَ آخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ‏ ، أي: و علم أن منكم مسافرين، يسافرون للتجارة، ليستغنوا عن الخلق، و يتكففوا عنهم، أي: فالمسافر، حاله تناسب التخفيف، و لهذا خفف عنه في صلاة الفرض، فأبيح له جمع الصلاتين في وقت واحد، و قصر الصلاة الرباعية. وَ آخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ‏ ، فذكر تعالى تخفيفين، تخفيفا للصحيح المقيم، يراعي فيه نشاطه، من غير أن يكلف عليه تحرير الوقت، بل يتحرى الصلاة الفاضلة، و هي ثلث الليل بعد نصفه الأول. و تخفيفا للمريض و المسافر، سواء كان سفره للتجارة، أو لعبادة، من جهاد، أو حج، أو غيره، فإنه يراعي ما لا يكلفه. فللّه الحمد و الثناء، حيث لم يجعل علينا في الدين من حرج، بل سهل شرعه، و راعى أحوال عباده، و مصالح دينهم، و أبدانهم و دنياهم. ثمّ أمر العباد بعبادتين، هما أم العبادات و عمادها: إقامة الصلاة، الّتي لا يستقيم الدين إلا بها، و إيتاء الزكاة الّتي هي برهان الإيمان، و بها تحصل المواساة للفقراء و المساكين، فقال: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ ، أي: بأركانها و حدودها، و شروطها، و جميع مكملاتها. وَ آتُوا الزَّكاةَ وَ أَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً ، أي: خالصا لوجه اللّه، بنية صادقة، و تثبيت من النفس، و مال طيب، و يدخل في هذا، الصدقة الواجبة و المستحبة. ثمّ حث على عموم الخير، و أفعاله، فقال: وَ ما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَ أَعْظَمَ أَجْراً ، الحسنة بعشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة. و ليعلم أن مثقال ذرة في هذه الدار من الخير، يقابله أضعاف أضعاف الدنيا، و ما عليها في دار النعيم المقيم، من اللذات و الشهوات. و إن الخير و البر في هذه الدنيا، مادة الخير و البر في دار القرار، و بذره و أصله و أساسه، فوا أسفاه على أوقات مضت في الغفلات، و وا حسرتاه على أزمان انقضت في غير الأعمال الصالحات، و وا غوثاه من قلوب لم يؤثر فيها وعظ بارئها، و لم ينجع فيها تشويق من هو أرحم بها من نفسها. فلك اللهم الحمد، و إليك المشتكى، و بك المستغاث، و لا حول و لا قوة إلا بك. وَ اسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ و في الأمر بالاستغفار، بعد الحث على أفعال الطاعة و الخير، فائدة كبيرة. و ذلك أن العبد لا يخلو من التقصير فيما أمر به، إما أن لا يفعله أصلا أو يفعله على وجه ناقص. فأمر بترقيع ذلك بالاستغفار، فإن العبد يذنب آناء الليل، و النهار، فمتى لم يتغمده اللّه برحمته، و مغفرته، فإنه هالك. تم تفسير سورة المزمل- و الحمد.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1077

سورة المدثر

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] تقدم أن المزمل و المدثر بمعنى واحد، و أن اللّه أمر رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم، بالاجتهاد في عبادات اللّه القاصرة و المتعدية، فتقدم هناك، الأمر له بالعبادات الفاضلة و القاصرة، و الصبر على أذى قومه. و أمره هنا بالإعلان بالدعوة، و الصدع بالإنذار، فقال:

[2] قُمْ‏ ، أي: بجد و نشاط فَأَنْذِرْ الناس، بالأقوال و الأفعال الّتي يحصل بها المقصود، و بيان حال المنذر عنه، ليكون ذلك أدعى لتركه.

[3] وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)، أي: عظمه بالتوحيد، و اجعل قصدك في إنذارك وجه اللّه، و أن يعظمه العباد و يقوموا بعبادته.

[4] وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ (4) يحتمل أن المراد بالثياب، أعماله كلها، و بتطهيرها تخليصها و النصح بها، و إيقاعها على أكمل الوجوه، و تنقيتها عن المبطلات و المفسدات، و المنقصات من شر و رياء، و نفاق، و عجب و تكبر و غفلة، و غير ذلك، مما يؤمر العبد باجتنابه في عباداته. و يدخل في ذلك تطهير الثياب من النجاسة، فإن ذلك من تمام التطهير للأعمال خصوصا في الصلاة، الّتي قال كثير من العلماء: إن إزالة النجاسة عنها، شرط من شروطها:- أي: من شروط صحتها-. و يحتمل أن المراد بثيابه، الثياب المعروفة، و أنه مأمور بتطهيرها عن جميع النجاسات، في جميع الأوقات، خصوصا عند الدخول في الصلوات، و إذا كان مأمورا بطهارة الظاهر، فإن طهارة الظاهر، من تمام طهارة الباطن.

[5] وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) يحتمل أن المراد بالرجز: الأصنام، و الأوثان، الّتي عبدت مع اللّه، فأمره بتركها و البراءة منها، و مما نسب إليها، من قول أو عمل. و يحتمل أن المراد بالرجز: أعمال الشر كلها، و أقواله، فيكون أمرا له بترك الذنوب، صغارها و كبارها، ظاهرها و باطنها، فيدخل في هذا الشرك فما دونه.

[6] وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6)، أي: لا تمنن على الناس، بما أسديت إليهم من النعم الدينية و الدنيوية، فتستكثر بتلك المنة، و ترى الفضل عليهم. بل أحسن إلى الناس، مهما أمكنك، و انس عندهم إحسانك، و اطلب أجرك من اللّه تعالى، و اجعل من أحسنت إليه و غيره، على حد سواء. و قد قيل: إن معنى هذا، ألا تعطي أحدا شيئا، و أنت تريد أن يكافئك عليه بأكثر منه، فيكون هذا خاصا بالنبي صلّى اللّه عليه و سلّم.

[7] وَ لِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)، أي: احتسب بصبرك، و اقصد به وجه اللّه تعالى. فامتثل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لأمر ربه، و بادر فيه، فأنذر الناس، و أوضح لهم بالآيات البينات، جميع المطالب الإلهية. و عظم اللّه تعالى، و دعا الخلق إلى تعظيمه، و طهر أعماله الظاهرة و الباطنة من كلّ سوء. و هجر كلّ ما يعبد من دون اللّه، و ما يعبد معه من الأصنام و أهلها، و الشر و أهله. و له المنة على الناس- بعد منة اللّه- من غير أن يطلب عليهم بذلك جزاء و لا شكورا. و صبر لربه أكمل صبر، فصبر على طاعة اللّه، و عن معاصيه، و صبر على أقداره المؤلمة، حتى فاق أولي العزم من المرسلين، صلوات اللّه و سلامه عليه و عليهم أجمعين.

[8] أي: فإذا نفخ في الصور للقيام من القبور، و جمع الخلائق للبعث و النشور.

[9] فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9)

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1078

لكثرة أهواله و شدائده.

[10] عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) لأنهم قد أيسوا من كلّ خير، و أيقنوا بالهلاك و البوار.

و مفهوم ذلك أنه على المؤمنين يسير، كما قال تعالى: يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ .

[11] هذه الآيات، نزلت في الوليد بن المغيرة، المعاند للحق، المبارز للّه و لرسوله بالمحاربة و المشاقة، فذمه اللّه ذما، لم يذم به غيره، و هذا جزاء كلّ من عاند الحقّ، و نابذه، أن له الخزي في الدنيا و لعذاب الآخرة أخزى، فقال: ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (11)، أي: خلقته منفردا، بلا مال، و لا أهل، و لا عشيرة، فلم أزل أربيه و أعطيه.

[12] وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً (12) أي: كثيرا وَ جعلت له‏ بَنِينَ‏ ، أي: ذكورا شُهُوداً ، أي: حاضرين عنده على الدوام، يتمتع بهم، و يقضي بهم حوائجه، و يستنصر بهم.

[14] وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (14)، أي: مكنته من الدنيا و أسبابها، حتى انقادت له مطالبه، و حصل له ما يشتهي و يريد.

[15] ثُمَ‏ مع هذه النعم و الإمدادات‏ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ ، أي: يطمع أن ينال نعيم الآخرة، كما نال نعيم الدنيا.

[16] كَلَّا ، أي: ليس الأمر كما طمع، بل هو بخلاف مقصوده و مطلوبه. و ذلك‏ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً عرفها، ثمّ أنكرها، و دعته إلى الحقّ، فلم ينقد لها. و لم يكفه أنه أعرض عنها و تولى، بل جعل يحاربها، و يسعى في إبطالها، و لهذا قال عنه:

[18] إِنَّهُ فَكَّرَ ، أي: في نفسه، وَ قَدَّرَ ما فكر فيه، ليقول قولا، يبطل به القرآن.

[19- 20] فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19) ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) لأنه قدر أمرا، ليس في طوره، و تسوّر على ما لا يناله، هو و لا أمثاله.

[21] ثُمَّ نَظَرَ (21) ما يقول،

[22] ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ (22) في وجهه، و ظاهره نفرة عن الحقّ، و بغضا له.

[23] ثُمَّ أَدْبَرَ ، أي: تولى‏ وَ اسْتَكْبَرَ نتيجة سعيه الفكري، و العملي و القولي.

[24- 25] فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24) إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (25)، أي: ما هذا كلام اللّه، بل كلام البشر، و ليس أيضا كلام البشر الأخيار، بل كلام الأشرار منهم، و الفجار، من كلّ كاذب سحار. فتبّا له، ما أبعده من الصواب، و أحراه بالخسارة و التبات!! كيف يدور في الأذهان، أو يتصور ضمير أي إنسان، أن يكون أعلى الكلام و أعظمه، كلام الرب الكريم، الماجد العظيم، يشبه كلام المخلوقين الفقراء الناقصين؟ أم كيف يتجرأ هذا الكاذب العنيد، على وصفه بهذا الوصف لكلام اللّه تعالى؟ فما حقه إلا العذاب الشديد، و لهذا قال تعالى:

[26- 28] سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَ ما أَدْراكَ ما سَقَرُ (27) لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ (28)، أي: لا تبقي من الشدة، و لا على المعذب شيئا، إلا و بلغته.

[29] لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29)، أي: تلوحهم و تصليهم في عذابها، و تقلقهم بشدة حرها و قرّها.

[30] عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (30) من الملائكة خزنة لها، غلاظ شداد، لا يعصون اللّه ما أمرهم، و يفعلون ما يؤمرون.

[31] وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً و ذلك لشدتهم و قوتهم. وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا ، يحتمل أن المراد: إلا لعذابهم و عقابهم في الآخرة، و لزيادة نكالهم فيها، و العذاب، يسمى فتنة، كما قال تعالى: يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ‏ (13). و يحتمل أن المراد: أنا ما أخبرناكم بعدتهم، إلا لنعلم من يصدق ممن يكذّب، و يدل على هذا، ما

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1079

ذكره بعده في قوله: لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً ، فإن أهل الكتاب، إذا وافق ما عندهم و طابقه، ازداد يقينهم بالحق، و المؤمنون كلما أنزل اللّه آية، فآمنوا بها، و صدقوا، ازداد إيمانهم. وَ لا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ الْمُؤْمِنُونَ‏ ، أي: ليزول عنهم الريب و الشك. و هذه مقاصد جليلة، يعتني بها أولو الألباب، و هي: السعي في اليقين، و زيادة الإيمان في كلّ وقت، و كلّ مسألة من مسائل الدين، و دفع الشكوك و الأوهام، التي تعرض في مقابلة الحقّ، فجعل ما أنزله على رسوله، محصلا لهذه المقاصد الجليلة، و مميزا للصادقين من الكاذبين. و لهذا قال:

وَ لِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‏ ، أي: شك و شبهة و نفاق. وَ الْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا و هذا على وجه الحيرة و الشك منهم، و الكفر بآيات اللّه، و هذا و ذاك، من هداية اللّه لمن يهديه، و إضلاله لمن يضله، و لهذا قال: كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ فمن هداه اللّه، جعل ما أنزل على رسوله رحمة في حقه، و زيادة في إيمانه و دينه. و من أضله، جعل ما أنزله على رسوله، زيادة شقاء عليه و حيرة، و ظلمه في حقه، و الواجب أن يتلقى ما أخبر اللّه به و رسوله بالتسليم. وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ‏ من الملائكة و غيرهم‏ إِلَّا هُوَ فإذا كنتم جاهلين بجنوده، و أخبركم بها العليم الخبير، فعليكم أن تصدقوا خبره، من غير شك و لا ارتياب. وَ ما هِيَ إِلَّا ذِكْرى‏ لِلْبَشَرِ ، أي: و ما هذه الموعظة و التذكار، مقصودا به العبث و اللعب، و إنما المقصود به، أن يتذكر به البشر ما ينفعهم فيفعلونه، و ما يضرهم فيتركونه.

[32] كَلَّا هنا بمعنى: حقا، أو بمعنى «ألا» الاستفتاحية. فأقسم تعالى بالقمر، و بالليل وقت إدباره، و النهار وقت إسفاره، لاشتمال المذكورات، على آيات اللّه العظيمة، الدالة على كمال قدره اللّه و حكمته، و سعة سلطانه، و عموم رحمته و إحاطة علمه. و المقسم عليه، قوله:

[35] إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35)، أي: إن النار لإحدى العظائم الطامة و الأمور الهامة. فإذا أعلمناكم بها، و كنتم على بصيرة، من أمرها، فمن شاء منكم أن يتقدم، فيعمل بما يقربه إلى اللّه، و يدنيه من رضاه، و يزلفه من دار كرامته. أو يتأخر عما خلق له، و عما يحبه اللّه و يرضاه، فيعمل بالمعاصي، و يتقرب إلى جهنم، كما قال تعالى: وَ قُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَ مَنْ شاءَ فَلْيَكْفُرْ الآية.

[38] كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ‏ من أفعال الشر و أعمال السوء، رَهِينَةٌ بها موثقة بسعيها، قد ألزم عنقها، و غل في رقبتها، و استوجبت به العذاب.

[39] إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ‏ (39) فإنهم لم يرتهنوا، بل أطلقوا و فرحوا.

[40] فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ‏ (41)، أي: في جنات قد حصل لهم فيها جميع مطلوباتهم، و تمت لهم الراحة و الطمأنينة، حتى أقبلوا يتساءلون، فأفضت بهم المحادثة، أن سألوا عن المجرمين: أي حال وصلوا إليها، و هل وجدوا ما وعدهم اللّه؟ فقال بعضهم لبعض: «هل أنتم مطلعون عليهم»، فاطلعوا عليهم في وسط الجحيم، يعذبون، فقالوا لهم:

[42] ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42)، أي: أيّ شي‏ء أدخلكم فيها؟ و بأي ذنب استحققتموها؟

[43- 44] قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ‏ (44) فلا إخلاص للمعبود و لا إحسان، و لا نفع للخلق المحتاجين.

[45] وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ‏ (45)، أي: نخوض بالباطل، و نجادل به الحقّ.

[46] وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ‏ (46)، هذه آثار الخوض بالباطل، و هو التكذيب بالحق، و من أحق الحقّ، يوم الدين، الذي هو محل الجزاء على الأعمال، و ظهور ملك اللّه و حكمه العدل لسائر الخلق.

[47] فاستمر عملنا على هذا المذهب الباطل‏ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ‏ (47)، أي: الموت: فلما ماتوا على الكفر تعذرت حينئذ عليهم الحيل، و انسدّ في وجوههم باب الأمل.

[48] فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ‏ (48) لأنهم لا يشفعون إلا لمن ارتضى، و هؤلاء لا يرضى اللّه أعمالهم.

[49] فلما بين اللّه مآل المخالفين، و بين ما يفعل بهم، عطف على الموجودين بالعتاب و اللوم، فقال: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ‏ (49)، أي: صادين غافلين عنها.

[50] كَأَنَّهُمْ‏ في نفرتهم الشديدة منها، حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ ،

تيسير الكريم الرحمن، ص: 1080

أي: حمر وحش، نفرت فنفر بعضها بعضا، فزاد عدوها.

[51] فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51)، أي: من صائد و رام يريدها، أو من أسد و نحوه. و هذا من أعظم ما يكون من النفور عن الحقّ، و مع هذا النفور و الإعراض، يدعون الدعاوى الكبار.

[52] بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى‏ صُحُفاً مُنَشَّرَةً نازلة عليه من السماء، يزعم أنه لا ينقاد للحق إلا بذلك، و قد كذبوا، فإنهم لو جاءتهم كلّ آية لم يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم، لأنهم جاءتهم الآيات البينات التي تبين الحقّ و توضحه، فلو كان فيهم خير لآمنوا.

[53] و لهذا قال:

كَلَّا ، أي: لا نعطيهم ما طلبوا، و هم ما قصدوا بذلك إلا التعجيز. بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ فلو كانوا يخافونها، لما جرى منهم ما جرى.

[54] كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54) الضمير إما أن يعود على هذه السورة، أو على ما اشتملت عليه من هذه الموعظة.

[55] فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ‏ (55) لأنه قد بين له السبيل، و وضع له الدليل.

[56] وَ ما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ‏ فإن مشيئة اللّه، نافذة عامة، لا يخرج عنها حادث قليل و لا كثير، ففيها رد على القدرية، الّذين لا يدخلون أفعال العباد تحت مشيئة اللّه، و الجبرية الّذين يزعمون أنه ليس للعبد مشيئة، و لا فعل حقيقة، و إنما هو مجبور على أفعاله. فأثبت اللّه تعالى للعبد مشيئته حقيقة و فعلا، و جعل ذلك تابعا لمشيئته. هُوَ أَهْلُ التَّقْوى‏ وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ، أي: هو أهل أن يتقى و يعبد، لأنه الإله الذي لا تنبغي العبادة إلا له، و أهل أن يغفر لمن اتقاه، و اتبع رضاه. تم تفسير سورة المدثر- و للّه الحمد و المنة.

تفسير سورة القيامة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] ليست «لا» هاهنا نافية و لا زائدة، و إنما أتى بها للاستفتاح و الاهتمام بما بعدها، و لكثرة الإتيان بها مع اليمين، لا يستغرب الاستفتاح بها، و إن لم تكن في الأصل موضوعة للاستفتاح. فالمقسم به في هذا الموضع، هو المقسم عليه، و هو: البعث بعد الموت، و قيام الناس من قبورهم، ثمّ وقوفهم ينتظرون ما يحكم به الرب عليهم.

[2] وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) و هي جميع النفوس الخيرة و الفاجرة، سمّيت «لوّامة» لكثيرة تلونها و ترددها، و عدم ثبوتها على حالة من أحوالها، و لأنها عند الموت تلوم صاحبها على ما فعلت، بل نفس المؤمن تلوم صاحبها في الدنيا، على ما حصل منه، من تفريط و تقصير، في حق من الحقوق، أو غفلة. فجمع بين الإقسام بالجزاء، و على الجزاء، و بين مستحق الجزاء. ثمّ أخبر مع هذا، أن بعض المعاندين يكذبون بيوم القيامة، فقال:

صفحه بعد