کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 543

إليه، و يرشده إلى ما ينفعه.

[86- 87] يخبر تعالى أن القرآن و الوحي، الذي أوحاه إلى رسوله، رحمة منه عليه، و على عباده، و هو أكبر النعم على الإطلاق على رسوله، فإن فضل اللّه عليه كبير، لا يقادر قدره. فالذي تفضل به عليك، قادر على أن يذهب به، ثم لا تجد رادا يرده، و لا وكيلا يتوجه عند اللّه فيه. فلتغتبط به، و لتقرّ به عينك، و لا يحزنك تكذيب المكذبين، و لا استهزاء الضالين. فإنهم عرضت عليهم أجلّ النعم، فردوها، لهوانهم على اللّه، و خذلانه لهم.

[88] قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلى‏ أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَ لَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (88) و هذا دليل قاطع، و برهان ساطع، على صحة ما جاء به الرسول و صدقه. حيث تحدى اللّه الإنس و الجن أن يأتوا بمثله، و أخبر أنهم لا يأتون بمثله، و لو تعاونوا كلهم على ذلك لم يقدروا عليه. و وقع كما أخبر اللّه، فإن دواعي أعدائه المكذبين به، متوفرة على رد ما جاء به، و بأي وجه كان، و هم أهل اللسان و الفصاحة. فلو كان عندهم أدنى تأهل، و تمكن من ذلك، لفعلوه. فعلم بذلك، أنهم أذعنوا غاية الإذعان، طوعا و كرها، و عجزوا عن معارضته. و كيف يقدر المخلوق من تراب، الناقص من جميع الوجوه، الذي ليس له علم، و لا قدرة، و لا إرادة، و لا مشيئة، و لا كلام و لا كمال، إلا من ربه أن يعارض كلام رب الأرض و السموات، المطلع على سائر الخفيات، الذي له الكمال المطلق، و الحمد المطلق، و المجد العظيم، الذي لو أن البحر يمده من بعده سبعة أبحر مدادا، و الأشجار كلها أقلام، لنفد المداد، و فنيت الأقلام، و لم تنفد كلمات اللّه. فكما أنه ليس أحد من المخلوقين، مماثلا للّه في أوصافه، فكلامه من أوصافه، التي لا يماثله فيها أحد. فليس كمثله شي‏ء، في ذاته، و أسمائه، و صفاته، و أفعاله تبارك و تعالى. فتبا لمن اشتبه عليه كلام الخالق بكلام المخلوق، و زعم أن محمدا صلّى اللّه عليه و سلّم افتراه على اللّه و اختلقه من نفسه.

[89] يقول تعالى: وَ لَقَدْ صَرَّفْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ‏ أي: نوعنا فيه المواعظ و الأمثال، و ثنينا فيه المعاني، التي يضطر إليها العباد، لأجل أن يتذكّروا و يتقوا، فلم يتذكر إلا القليل منهم، الّذين سبقت لهم من اللّه، سابقة السعادة، و أعانهم اللّه بتوفيقه. و أما أكثر الناس، فأبوا إلا كفورا لهذه النعمة التي هي أكبر من جميع النعم، و جعلوا يتعنتون عليه باقتراح آيات، غير آياته، يخترعونها من تلقاء أنفسهم الظالمة الجاهلة.

[90- 93] فيقولون لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم الذي أتى بهذا القرآن المشتمل على كل برهان و آية: لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أي: أنهارا جارية. أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَ عِنَبٍ‏ فتستغني بها عن المشي في الأسواق و الذهاب و المجي‏ء. أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أي: قطعا من العذاب. أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَ الْمَلائِكَةِ قَبِيلًا أي: جميعا، أو مقابلة و معاينة، يشهدون لك بما جئت به. أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ‏ أي: مزخرف بالذهب و غيره. أَوْ تَرْقى‏ فِي السَّماءِ رقيا حسيا. وَ مع هذا لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ‏ . و لما كانت هذه تعنتات، و تعجيزات، و كلام أسفه الناس و أظلمهم، المتضمنة لرد الحق، و سوء أدب مع اللّه، و أن‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 544

الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم هو الذي يأتي بالآيات- أمره اللّه أن ينزهه فقال:

قُلْ سُبْحانَ رَبِّي‏ عما تقولون علوا كبيرا، و سبحانه أن تكون أحكامه و آياته تابعة لأهوائهم الفاسدة، و آرائهم الضالة. هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا ليس بيده شي‏ء من الأمر.

[94- 96] و هذا السبب، الذي منع أكثر الناس من الإيمان، حيث كانت الرسل التي ترسل إليهم من جنسهم بشرا. و هذا من رحمته بهم، أن أرسل إليهم بشرا منهم، فإنهم لا يطيقون التلقي من الملائكة. قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ‏ يثبتون على رؤية الملائكة، و التلقي عنهم‏ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا ليمكنهم التلقي عنه. قُلْ كَفى‏ بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً (96)، فمن شهادته لرسوله ما أيده به من المعجزات، و ما أنزل عليه من الآيات، و نصره على من عاداه و ناوأه. فلو تقوّل عليه بعض الأقاويل، لأخذ منه باليمين، ثم لقطع منه الوتين. فإنه خبير بصير، لا تخفى عليه من أحوال العباد خافية.

[97- 98] يخبر تعالى أنه المنفرد بالهداية و الإضلال. فمن يهده، فييسره لليسرى و يجنبه العسرى، فهو المهتدي على الحقيقة. و من يضلله، فيخذله، و يكله إلى نفسه، فلا هادي له من دون اللّه. و ليس له ولي ينصره من عذاب اللّه، حين يحشرهم اللّه على وجوههم خزيا، عميا، و بكما، لا يبصرون، و لا ينطقون. مَأْواهُمْ‏ أي: مقرهم و دارهم‏ جَهَنَّمُ‏ التي جمعت كل هم، و غم، و عذاب. كُلَّما خَبَتْ‏ أي: تهيأت للانطفاء زِدْناهُمْ سَعِيراً أي:

سعرناها بهم لا يفتّر عنهم العذاب و لا يقضى عليهم فيموتوا و لا يخفف عنهم من عذابها، و لم يظلمهم اللّه تعالى، بل جازاهم بما كفروا بآياته و أنكروا البعث الذي أخبرت به الرسل و نطقت به الكتب و عجزوا ربهم فأنكروا تمام قدرته.

وَ قالُوا أَ إِذا كُنَّا عِظاماً وَ رُفاتاً أَ إِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً* (49) أي: لا يكون هذا لأنه في غاية البعد عن عقولهم الفاسدة.

[99] أَ وَ لَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ و هي أكبر من خلق الناس. قادِرٌ عَلى‏ أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ‏ بلى، إنه على ذلك قدير. وَ لكنه قد جَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لا رَيْبَ فِيهِ‏ و لا شك، و إلا فلو شاء لجاءهم به بغتة، و مع إقامته الحجج و الأدلة على البعث. فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلَّا كُفُوراً ظلما منهم و افتراء.

[100] قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي‏ التي لا تنفد و لا تبيد. إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ‏ أي: خشية أن ينفد ما تنفقون منه، مع أنه من المحال أن تنفد خزائن اللّه، و لكن الإنسان مطبوع على الشح و البخل.

[101] أي: لست أيها الرسول المؤيد بالآيات، أول رسول كذبه الناس. فلقد أرسلنا قبلك، موسى بن عمران الكليم، إلى فرعون و قومه، و آتيناه‏ تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ‏ كل واحدة منها، تكفي لمن قصده اتباع الحق كالحية، و العصا، و الطوفان و الجراد، و القمل و الضفادع، و الدم، و اليد، و فلق البحر. فإن شككت في شي‏ء من ذلك‏ فَسْئَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ إِذْ جاءَهُمْ فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ‏ مع هذه الآيات‏ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى‏ مَسْحُوراً .

[102] قالَ‏ له موسى‏ لَقَدْ عَلِمْتَ‏ يا فرعون‏ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ الآيات‏ إِلَّا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ بَصائِرَ

تيسير الكريم الرحمن، ص: 545

منه لعباده، فليس قولك هذا، بالحقيقة، و إنما قلت ذلك، ترويجا على قومك، و استخفافا لهم. وَ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً أي: ممقوتا ملقى في العذاب و لك الذم و اللعنة.

[103] فَأَرادَ فرعون‏ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ‏ أي: يجليهم و يخرجهم منها. فَأَغْرَقْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ جَمِيعاً و أورثنا بني إسرائيل أرضهم و ديارهم.

[104] و لهذا قال: وَ قُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (104) أي: جميعا، ليجازى كل عامل بعمله.

[105] أي: و بالحق أنزلنا هذا القرآن الكريم، لأمر العباد، و نهيهم، و ثوابهم، و عقابهم. وَ بِالْحَقِّ نَزَلَ‏ أي:

بالصدق و العدل، و الحفظ من كل شيطان رجيم. وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً من أطاع اللّه بالثواب العاجل و الآجل.

وَ نَذِيراً لمن عصى اللّه، بالعقاب العاجل و الآجل، و يلزم من ذلك، بيان ما يبشر به و ينذر.

[106] أي: و أنزلنا هذا القرآن مفرقا، فارقا بين الهدى و الضلال، و الحق و الباطل. لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى‏ مُكْثٍ‏ أي: على مهل، ليتدبروه، و يتفكروا في معانيه، و يستخرجوا علومه. وَ نَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا أي: شيئا فشيئا، مفرقا في ثلاث و عشرين سنة. وَ لا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْناكَ بِالْحَقِّ وَ أَحْسَنَ تَفْسِيراً (33).

[107- 109] فإذا تبين أنه الحق، الذي لا شك فيه و لا ريب، بوجه من الوجوه: قُلْ‏ : لمن كذب به، و أعرض عنه: آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا . فليس للّه حاجة فيكم، و لستم بضاريه شيئا، و إنما ضرر ذلك عليكم. فإن للّه عبادا غيركم، و هم الّذين آتاهم اللّه العلم النافع: إِذا يُتْلى‏ عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً أي: يتأثرون به غاية التأثر، و يخضعون له. وَ يَقُولُونَ سُبْحانَ رَبِّنا عما لا يليق بجلاله، مما نسبه إليه المشركون. إِنْ كانَ وَعْدُ رَبِّنا بالبعث و الجزاء بالأعمال‏ لَمَفْعُولًا لا خلف فيه و لا شك. وَ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ‏ أي: على وجوههم‏ يَبْكُونَ وَ يَزِيدُهُمْ‏ القرآن‏ خُشُوعاً . و هؤلاء كالذين منّ اللّه عليهم من مؤمني أهل الكتاب كعبد اللّه بن سلام و غيره، ممن أسلم في وقت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، بعد ذلك.

[110] يقول تعالى لعباده: ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ‏ أي: أيهما شئتم. أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى‏ أي:

ليس له اسم غير حسن، أي: حتى ينهى عن دعائه به، أي اسم دعوتموه به، حصل به المقصود، و الذي ينبغي أن يدعى في كل مطلوب، مما يناسب ذلك الاسم. وَ لا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ‏ أي: قراءتك‏ وَ لا تُخافِتْ بِها فإن في كل من الأمرين محذورا. أما الجهر، فإن المشركين المكذبين به إذا سمعوه، سبّوه، و سبّوا من جاء به. و أما المخافتة، فإنه لا يحصل المقصود لمن أراد استماعه مع الإخفاء. وَ ابْتَغِ بَيْنَ ذلِكَ‏ أي: اتخذ بين الجهر و الإخفات‏ سَبِيلًا أي:

تتوسط فيما بينهما.

[111] وَ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ الذي له الكمال، و الثناء، و الحمد، و المجد من جميع الوجوه، المنزه عن كل آفة و نقص. الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ‏ بل الملك كلّه للّه الواحد القهار. فالعالم العلوي و السفلي، كلهم‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 546

مملوكون للّه، ليس لأحد من الملك شي‏ء. وَ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِ‏ أي: لا يتولى أحدا من خلقه، ليتعزز به و يعاونه. فإنه الغني الحميد، الذي لا يحتاج إلى أحد من المخلوقات، في الأرض و لا في السموات، و لكنه يتخذ- إحسانا منه إليهم و رحمة بهم‏ اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ . وَ كَبِّرْهُ تَكْبِيراً أي: عظمه و أجله بالإخبار بأوصافه العظيمة، و بالثناء عليه، بأسمائه الحسنى، و بتحميده بأفعاله المقدسة، و بتعظيمه و إجلاله بعبادته وحده، لا شريك له، و إخلاص الدين كله له. تم تفسير سورة الإسراء.

سورة الكهف‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] الحمد هو الثناء عليه بصفاته، التي هي كلها صفات كمال، و بنعمه الظاهرة و الباطنة، الدينية و الدنيوية، و أجل نعمه على الإطلاق، إنزاله الكتاب العظيم على عبده و رسوله، محمد صلّى اللّه عليه و سلّم. فحمد نفسه، و في ضمنه، إرشاد العباد ليحمدوه على إرسال الرسول إليهم، و إنزال الكتاب عليهم، ثم وصف هذا الكتاب بوصفين مشتملين، على أنه الكامل من جميع الوجوه، و هما نفي العوج عنه، و إثبات أنه مقيم مستقيم، فنفي العوج، يقتضي أنه ليس في أخباره كذب، و لا في أوامره و نواهيه، ظلم و لا عبث. و إثبات الاستقامة، يقتضي أنه لا يخبر و لا يأمر إلا بأجلّ الإخبارات و هي الأخبار، التي تملأ القلوب معرفة و إيمانا و عقلا، كالإخبار بأسماء اللّه و صفاته و أفعاله، و منها الغيوب المتقدمة و المتأخرة، و أن أوامره و نواهيه، تزكي النفوس، و تطهرها و تنميها و تكملها، لاشتمالها على كمال العدل و القسط، و الإخلاص، و العبودية للّه رب العالمين، وحده لا شريك له. و حقيق بكتاب موصوف بما ذكر، أن يحمد اللّه نفسه على إنزاله، و أن يتمدح إلى عباده به.

[2] و قوله: لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ‏ أي: لينذر بهذا القرآن الكريم، عقابه الذي عنده، أي: قدره و قضاءه، على من خالف أمره، و هذا يشمل عقاب الدنيا، و عقاب الآخرة، و هذا أيضا، من نعمه أن خوف عباده، و أنذرهم، ما يضرهم و يهلكهم. كما قال تعالى- لما ذكر في هذا القرآن وصف النار، قال: ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ يا عِبادِ فَاتَّقُونِ‏ . فمن رحمته بعباده، أن قيض العقوبات الغليظة على من خالف أمره، و بينها لهم، و بين لهم الأسباب الموصلة إليها. وَ يُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً أي: و أنزل اللّه على عبده الكتاب، ليبشر المؤمنين به، و برسله، و كتبه، الّذين كمل إيمانهم، فأوجب لهم عمل الصالحات، و هي: الأعمال الصالحة، من واجب، و مستحب، التي جمعت الإخلاص و المتابعة. أَنَّ لَهُمْ أَجْراً حَسَناً و هو: الثواب الذي رتّبه اللّه على الإيمان و العمل الصالح، و أعظمه و أجله، الفوز برضا اللّه و دخول الجنة، التي فيها، ما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر. و في وصفه بالحسن، دلالة على أنه لا مكدر فيه، و لا منغص، بوجه من الوجوه، إذ لو وجد فيه شي‏ء من ذلك، لم يكن حسنه تاما.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 547

[3] و مع ذلك فهذا الأجر الحسن‏ ماكِثِينَ فِيهِ أَبَداً (3) لا يزول عنهم، و لا يزولون عنه، بل نعيمهم في كل وقت متزايد، و في ذكر التبشير، ما يقتضي ذكر الأعمال الموجبة للمبشر به. و هو: أن هذا القرآن، قد اشتمل على كل عمل صالح، موصل لما تستبشر به النفوس، و تفرح به الأرواح.

[4- 5] وَ يُنْذِرَ الَّذِينَ قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً (4) من اليهود و النصارى، و المشركين، الّذين قالوا هذه المقالة الشنيعة، فإنهم لم يقولوها عن علم و لا يقين، لا علم منهم، و لا علم من آبائهم الّذين قلدوهم و اتبعوهم، بل إن يتبعون إلا الظن و ما تهوى الأنفس. كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ‏ أي: عظمت شناعتها و اشتدت عقوبتها، و أي شناعة أعظم من وصفه، بالاتخاذ للولد، الذي يقتضي نقصه، و مشاركة غيره له في خصائص الربوبية، و الإلهية، و الكذب عليه؟!! فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً* ، و لهذا قال هنا: إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً أي: كذبا محضا ما فيه من الصدق شي‏ء، و تأمل كيف أبطل هذا القول بالتدريج و الانتقال من شي‏ء إلى أبطل منه، فأخبر أولا: أنه‏ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ وَ لا لِآبائِهِمْ‏ و القول على اللّه بلا علم، لا شك في منعه و بطلانه، ثم أخبر ثانيا، أنه قول قبيح شنيع فقال: كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ‏ ، ثم ذكر ثالثا مرتبته من القبح، و هو: الكذب المنافي للصدق.

[6] و لما كان النبي صلّى اللّه عليه و سلم، حريصا على هداية الخلق، ساعيا في ذلك أعظم السعي، فكان صلّى اللّه عليه و سلم، يفرح و يسر بهداية المتدين، و يحزن و يأسف على المكذبين الضالين، شفقة منه صلّى اللّه عليه و سلم، عليهم و رحمة بهم، أرشده اللّه أن لا يشغل نفسه بالأسف على هؤلاء، الّذين لا يؤمنون بهذا القرآن، كما قال في الأخرى. لَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ‏ (3).

و قال: فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ‏ . و هنا قال: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ‏ أي: مهلكها، غما و أسفا عليهم، و ذلك أن أجرك، قد وجب على اللّه، و هؤلاء لو علم اللّه فيهم خيرا، لهداهم. و لكنه علم أنهم لا يصلحون إلا للنار، فلذلك خذلهم، فلم يهتدوا، فإشغالك نفسك غما و أسفا عليهم، ليس فيه فائدة لك. و في هذه الآية و نحوها عبرة. فإن المأمور بدعاء الخلق إلى اللّه، عليه التبليغ، و السعي بكل سبب يوصل إلى الهداية، و سد طرق الضلال و الغواية بغاية ما يمكنه، مع التوكل على اللّه في ذلك، فإن اهتدوا فبها و نعمت، و إلا فلا يحزن و لا يأسف، فإن ذلك مضعف للنفس، هادم للقوى، ليس فيه فائدة، بل يمضي على فعله، الذي كلّف به و توجه إليه، و ما عدا ذلك، فهو خارج عن قدرته. و إذا كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يقول اللّه له: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ‏ و موسى عليه السّلام يقول: رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي‏ الآية، فمن عداهم، من باب أولى و أحرى، قال تعالى: فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ (21) لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22).

[7- 9] يخبر تعالى، أنه جعل جميع ما على وجه الأرض، من مآكل لذيذة، و مشارب، و ملابس طيبة، و أشجار، و أنهار، و زروع، و ثمار، و مناظر بهيجة، و رياض أنيقة، و أصوات شجية، و صور مليحة، و ذهب و فضة، و خيل و إبل و نحوها، الجميع جعله اللّه زينة لهذه الدار، فتنة و اختبارا. لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا أي:

تيسير الكريم الرحمن، ص: 548

أخلصه و أصوبه، و مع ذلك سيجعل اللّه جميع هذه المذكورات، فانية مضمحلة، و زائلة منقضية، و ستعود الأرض، صعيدا جرزا قد ذهبت لذاتها، و انقطعت أنهارها، و اندرست آثارها، و زال نعيمها، و هذه حقيقة الدنيا، قد جلاها اللّه لنا كأنها رأي عين، و حذرنا من الاغترار بها، و رغبنا في دار يدوم نعيمها، و يسعد مقيمها، كل ذلك رحمة بنا.

فاغتر بزخرف الدنيا و زينتها، من نظر إلى ظاهر الدنيا، دون باطنها، فصحبوا الدنيا، صحبة البهائم، و تمتعوا بها تمتّع السّوائم، لا ينظرون في حق ربهم، و لا يهتمون لمعرفته، بل همهم تناول الشهوات، من أيّ وجه حصلت، و على أيّ حالة اتفقت، فهؤلاء إذا حضر أحدهم الموت، قلق لخراب ذاته، و فوات لذاته، لا لما قدمت يداه، من التفريط و السيئات. و أما من نظر إلى باطن الدنيا، و علم المقصود منها و منه، فإنه يتناول منها، ما يستعين به على ما خلق له، و انتهز الفرصة في عمره الشريف، فجعل الدنيا منزل عبور، لا محل حبور، و شقّة سفر، لا منزل إقامة، فبذل جهده في معرفة ربه، و تنفيذ أوامره، و إحسان العمل، فهذا بأحسن المنازل عند اللّه، و هو حقيق منه بكل كرامة و نعيم، و سرور و تكريم، فنظر إلى باطن الدنيا، حين نظر المغتر إلى ظاهرها، و عمل لآخرته، حين علم البطال لدنياه، فشتان ما بين الفريقين، و ما أبعد الفرق بين الطائفتين!! و هذا الاستفهام بمعنى النفي، و النهي. أي: لا تظن أن قصة أصحاب الكهف، و ما جرى لهم، غريبة على آيات اللّه، و بديعة في حكمته، و أنه لا نظير لها، و لا مجانس لها، بل للّه تعالى من الآيات العجيبة الغريبة، ما هو كثير، من جنس آياته في أصحاب الكهف، أعظم منها، فلم يزل اللّه يري عباده من الآيات في الآفاق و في أنفسهم، ما يتبين به الحق من الباطل و الهدى من الضلال، و ليس المراد بهذا النفي أن تكون قصة أصحاب الكهف من العجائب، بل هي من آيات اللّه العجيبة. و إنما المراد، أن جنسها كثير جدا، فالوقوف معها وحدها، في مقام العجب و الاستغراب، نقص في العلم و العقل، بل وظيفة المؤمن، التفكر بجميع آيات اللّه، التي دعا اللّه العباد إلى التفكير فيها، فإنها مفتاح الإيمان، و طريق العلم و الإيقان. و إضافتهم إلى الكهف، الذي هو الغار في الجبل و الرقيم، أي: الكتاب الذي قد رقمت فيه أسماؤهم و قصتهم، لملازمتهم له دهرا طويلا.

[10- 11] ثم ذكر قصتهم مجملة، و فصلها بعد ذلك فقال: إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ أي: الشباب، إِلَى الْكَهْفِ‏ يريدون بذلك، التحصن و التحرز، من فتنة قومهم لهم. فَقالُوا رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً أي: تثبتنا بها و تحفظنا من الشر و توفقنا للخير وَ هَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً أي: يسر لنا كل سبب موصل إلى الرشد، و أصلح لنا أمر ديننا و دنيانا، فجمعوا بين السعي و الفرار من الفتنة، إلى محل يمكن الاستخفاء فيه، و بين تضرعهم و سؤالهم للّه تيسير أمورهم، و عدم اتكالهم على أنفسهم، و على الخلق. فلذلك استجاب اللّه دعاءهم، و قيض لهم، ما لم يكن في حسابهم قال: فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ‏ أي: أنمناهم‏ سِنِينَ عَدَداً و هي: ثلاثمائة سنة، و تسع سنين، و في النوم المذكور حفظ لقلوبهم من الاضطراب و الخوف، و حفظ لهم من قومهم.

[12] ثُمَّ بَعَثْناهُمْ‏ أي: من نومهم‏ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى‏ لِما لَبِثُوا أَمَداً أي: لنعلم أيهم أحصى لمقدار مدتهم، كما قال تعالى: وَ كَذلِكَ بَعَثْناهُمْ لِيَتَساءَلُوا بَيْنَهُمْ‏ الآية، و في العلم بمقدار لبثهم، ضبط للحساب، و معرفة لكمال قدرة اللّه تعالى، و حكمته، و رحمته. فلو استمروا على نومهم، لم يحصل الاطلاع على شي‏ء من ذلك، من قصتهم.

[13] هذا شروع في تفصيل قصتهم، و أن اللّه يقصها على نبيه بالحق و الصدق، الذي ما فيه شك و لا شبهة بوجه من الوجوه. إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ‏ و هذا من جموع القلة، يدل ذلك على أنهم دون العشرة، آمَنُوا باللّه وحده لا شريك له من دون قومهم، فشكر اللّه لهم إيمانهم، فزادهم هدى، أي: بسبب أصل اهتدائهم إلى الإيمان، زادهم اللّه من الهدى، الذي هو العلم النافع، و العمل الصالح، كما قال تعالى: وَ يَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا

تيسير الكريم الرحمن، ص: 549

هُدىً‏ .

[14] وَ رَبَطْنا عَلى‏ قُلُوبِهِمْ‏ أي: صبّرناهم و ثبّتناهم، و جعلنا قلوبهم مطمئنة في تلك الحالة المزعجة، و هذا من لطفه تعالى بهم و بره، أن وفقهم للإيمان و الهدى، و الصبر و الثبات، و الطمأنينة. إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ أي: الذي خلقنا و رزقنا، و دبرنا و ربانا، هو خالق السموات و الأرض، المنفرد بخلق هذه المخلوقات العظيمة، لا تلك الأوثان و الأصنام، التي لا تخلق و لا ترزق، و لا تملك نفعا و لا ضرا، و لا موتا و لا حياة و لا نشورا، فاستدلوا بتوحيد الربوبية، على توحيد الإلهية، و لهذا قالوا: لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً أي: من سائر المخلوقات‏ لَقَدْ قُلْنا إِذاً أي: إن دعونا معه آلهة، بعد ما علمنا أنه الرب، الإله الذي لا تجوز، و لا تنبغي العبادة إلا له‏ شَطَطاً أي: ميلا عظيما عن الحق، و طريقا بعيدة عن الصواب، فجمعوا بين الإقرار بتوحيد الربوبية، و توحيد الإلهية، و التزام ذلك، و بيان أنه الحق، و ما سواه باطل، و هذا دليل على كمال معرفتهم بربهم، و زيادة الهدى من اللّه لهم.

[15] لما ذكروا ما منّ اللّه به عليهم من الإيمان و الهدى و التقوى، التفتوا إلى ما كان عليه قومهم، من اتخاذ الآلهة من دون اللّه، فمقتوهم، و بينوا أنهم ليسوا على يقين من أمرهم، بل هم في غاية الجهل و الضلال فقالوا:

لَوْ لا يَأْتُونَ عَلَيْهِمْ بِسُلْطانٍ بَيِّنٍ‏ أي: بحجة و برهان، على ما هم عليه من الباطل، و لا يستطيعون سبيلا إلى ذلك، إنما ذلك، افتراء منهم على اللّه، و كذب عليه، و هذا أعظم الظلم، و لهذا قال: فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى‏ عَلَى اللَّهِ كَذِباً .

[16] أي: قال بعضهم لبعض، إذ حصل لكم اعتزال قومكم في أجسامكم و أديانكم، فلم يبق إلا النجاء من شرهم، و التسبب بالأسباب المفضية لذلك لأنه لا سبيل لهم إلى قتالهم، و لا إلى بقائهم بين أظهرهم، و هم على غير دينهم. فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ‏ أي: انضموا إليه و اختفوا فيه‏ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَ يُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً .

و فيما تقدم، أخبر أنهم دعوه بقولهم: رَبَّنا آتِنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَ هَيِّئْ لَنا مِنْ أَمْرِنا رَشَداً فجمعوا بين التبرّي من حولهم و قوتهم، و الالتجاء إلى اللّه، في صلاح أمرهم، و دعائه بذلك، و بين الثقة باللّه أنه سيفعل ذلك، لا جرم أن اللّه نشر لهم من رحمته، و هيأ لهم من أمرهم مرفقا، فحفظ أديانهم و أبدانهم، و جعلهم من آياته على خلقه، و نشر لهم من الثناء الحسن، ما هو من رحمته بهم، و يسر لهم كل سبب، حتى المحل الذي ناموا فيه، كان على غاية ما يمكن من الصيانة، و لهذا قال: وَ تَرَى الشَّمْسَ‏ إلى قوله: مِنْهُمْ رُعْباً .

صفحه بعد