کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

تيسير الكريم الرحمن

سورة الفاتحة سورة آل عمران سورة المائدة سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة الرعد سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف تفسير سورة مريم سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة الزمر تفسير سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف تفسير سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق سورة الطور تفسير سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن تفسير سورة المزمل سورة المدثر تفسير سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات تفسير سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس تفسير سورة التكوير سورة الإنفطار سورة المطففين تفسير سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد سورة الشمس سورة الليل تفسير سورة الضحى سورة الشرح سورة التين تفسير سورة العلق سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر تفسير سورة الهمزة سورة الفيل تفسير سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون سورة النصر تفسير سورة المسد تفسير سورة الإخلاص سورة الفلق تفسير سورة الناس محتوى تفسير الإمام السعدي

تيسير الكريم الرحمن


صفحه قبل

تيسير الكريم الرحمن، ص: 353

الجماع، النسل، و حينئذ حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً و ذلك في ابتداء الحمل، لا تحس به الأنثى، و لا يثقلها. فَلَمَّا استمرت و أَثْقَلَتْ‏ به حين كبر في بطنها، فحينئذ صار في قلوبهما الشفقة على الولد، و على خروجه حيا، صحيحا، سالما لا آفة فيه. لذلك‏ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا ولدا صالِحاً أي: صالح الخلقة تامها، لا نقص فيه‏ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ‏ . فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً على وفق ما طلبا، و تمت عليهما النعمة فيه‏ جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما أي:

جعلا للّه شركاء في ذلك الولد، الذي انفرد اللّه بإيجاده، و النعمة به، و أقرّ به أعين والديه، فعبّداه لغير اللّه. إما أن يسمياه بعبد غير اللّه ك «عبد الحارث» و «عبد العزى» و «عبد الكعبة» و نحو ذلك، أو يشركا في اللّه في العبادة، بعد ما منّ اللّه عليهما بما منّ به، من النعم التي لا يحصيها أحد من العباد. و هذا انتقال من النوع إلى الجنس، فإن أول الكلام في آدم و حواء، ثمّ انتقل الكلام في الجنس، و لا شك أن هذا موجود في الذرية كثيرا، فلذلك قررهم اللّه على بطلان الشرك، و أنهم في ذلك ظالمون أشد الظلم، سواء كان الشرك في الأقوال، أم في الأفعال. فإن اللّه هو الخالق لهم، من نفس واحدة، الذي خلق منها زوجها و جعل لهم من أنفسهم أزواجا، ثمّ جعل بينهم من المودة و الرحمة، ما يسكن بعضهم إلى بعض، و يألفه، و يلتذ به، ثمّ هداهم إلى ما به تحصل الشهوة و اللذة، و الأولاد و النسل. ثمّ أوجد الذرية في بطون الأمهات، وقتا موقوتا، تتشوف إليه نفوسهم و يدعون اللّه أن يخرجه سويا صحيحا، فأتم اللّه عليهم النعمة و أنالهم مطلوبهم. أفلا يستحق أن يعبدوه، و لا يشركوا في عبادته أحدا، و يخلصوا له الدين. و لكن الأمر جاء على العكس، فأشركوا باللّه‏ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَ هُمْ يُخْلَقُونَ وَ لا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ‏ أي: لعابديها نَصْراً وَ لا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ‏ . فإذا كانت لا تخلق شيئا، و لا مثقال ذرة، بل هي مخلوقة، و لا تستطيع أن تدفع المكروه عن من يعبدها، و لا عن أنفسها فكيف تتخذ مع اللّه آلهة؟ إن هذا إلا أظلم الظلم، و أسفه السفه.

[193] وَ إِنْ تَدْعُوهُمْ‏ أي: و إن تدعو، أيها المشركون هذه الأصنام، التي عبدتموها من دون اللّه‏ إِلَى الْهُدى‏ لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَ دَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ‏ ، فصار الإنسان أحسن حالة منها، لأنها لا تسمع، و لا تبصر، و لا تهدي و لا تهدى، و كل هذا، إذا تصوره اللبيب العاقل تصورا مجردا، جزم ببطلان إلهيتها و سفاهة من عبدها. و هذا من نوع التحدي للمشركين العابدين للأوثان.

[194- 196] يقول تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ‏ أي: لا فرق بينكم و بينهم، فكلكم عبيد للّه مملوكون، فإن كنتم كما تزعمون صادقين، في أنها تستحق من العبادة شيئا فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ‏ فإن استجابوا لكم، و حصلوا مطلوبكم و إلا تبين أنكم كاذبون في هذه الدعوى، مفترون على اللّه أعظم الفرية.

و هذا لا يحتاج إلى تبيين فيه، فإنكم إذا نظرتم إليها وجدتم صورتها دالة على أنه ليس لديها من النفع شي‏ء، فليس لها أرجل تمشي بها، و لا أيد تبطش بها، و لا أعين تبصر بها، و لا آذان تسمع بها، فهي عادمة لجميع الآلات و القوى، الموجودة في الإنسان. فإذا كانت لا تجيبكم إذا دعوتموها، فهي عباد أمثالكم، بل أنتم أكمل منها، و أقوى على كثير

تيسير الكريم الرحمن، ص: 354

من الأشياء، فلأي شي‏ء عبدتموها. قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ‏ أي: اجتمعوا أنتم و شركاؤكم، على إيقاع السوء و المكروه بي، من غير إمهال و لا إنظار، فإنكم غير بالغين لشي‏ء من المكروه بي. إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ‏ الذي يتولاني فيجلب لي المنافع و يدفع عني المضار. الَّذِي نَزَّلَ الْكِتابَ‏ الذي فيه الهدى، و الشفاء، و النور، و هو من توليه و تربيته لعباده الخاصة الدينية. وَ هُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ‏ الّذين صلحت نياتهم و أعمالهم، و أقوالهم، كما قال تعالى: اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ . فالمؤمنون الصالحون- لما تولوا ربهم بالإيمان و التقوى، و لم يتولوا غيره، ممن لا ينفع، و لا يضر- تولاهم اللّه، و لطف بهم، و أعانهم على ما فيه الخير و المصلحة، في دينهم و دنياهم، و دفع عنهم- بإيمانهم- كل مكروه، كما قال تعالى: إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا .

[197- 198] و هذا أيضا في بيان عدم استحقاق هذه الأصنام، التي يعبدونها، من دون اللّه شيئا من العبادة، لأنها ليس لها استطاعة و لا اقتدار، في نصر أنفسها، و لا في نصر عابديها، و ليس لها قوة العقل و الاستجابة، فلو دعوتها إلى الهدى، لم تهتد، و هي صور لا حياة فيها. فتراهم ينظرون إليك، و هم لا يبصرون حقيقة، لأنهم صوروها على صورة الحيوانات، من الآدميين أو غيرهم، و جعلوا لها أبصارا و أعضاء، فإذا رأيتها قلت: هذه حية، فإذا تأملتها عرفت أنها جمادات، لا حراك بها، و لا حياة، فبأي رأي اتخذها المشركون آلهة مع اللّه؟ و لأي مصلحة أو نفع عكفوا عندها، و تقربوا لها بأنواع العبادات؟ فإذا عرف هذا، عرف أن المشركين و آلهتهم التي عبدوها، لو اجتمعوا و أرادوا أن يكيدوا من تولاه فاطر السموات و الأرض، متولي أحوال عباده الصالحين، لم يقدروا على كيده، بمثقال ذرة من الشر، لكمال عجزهم و عجزها، و كمال قوة اللّه و اقتداره، و قوة من احتمى بجلاله، و توكل عليه.

و قيل: إن معنى قوله: وَ تَراهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَ هُمْ لا يُبْصِرُونَ‏ أن الضمير يعود إلى المشركين المكذبين لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فتحسبهم ينظرون إليك يا رسول اللّه، نظر اعتبار، يتبين به الصادق من الكاذب، و لكنهم لا يبصرون حقيقتك، و ما يتوسمه المتوسمون فيك من الجمال و الكمال و الصدق.

[199] هذه الآية جامعة لحسن الخلق مع الناس، و ما ينبغي في معاملتهم. فالذي ينبغي أن يعامل به الناس، أن يأخذ العفو، أي: ما سمحت به أنفسهم، و ما سهل عليهم من الأعمال و الأخلاق، فلا يكلفهم ما لا تسمح به طبائعهم، بل يشكر من كل أحد، ما قابله به، من قول و فعل جميل، أو ما هو دون ذلك، و يتجاوز عند تقصيرهم و يغض طرفه عن نقصهم، و لا يتكبر على الصغير لصغره، و لا ناقص العقل لنقصه، و لا الفقير لفقره، بل يعامل الجميع باللطف و المقابلة بما تقتضيه الحال، و تنشرح له صدورهم. وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ‏ أي: بكل قول حسن، و فعل جميل، و خلق كامل للقريب و البعيد. فاجعل ما يأتي إلى الناس منك، إما تعليم علم، أو حثا على خير، من صلة رحم، أو برّ و الدين، أو إصلاح بين الناس، أو نصيحة نافعة، أو رأي مصيب، أو معاونة على بر و تقوى، أو زجر عن قبيح، أو إرشاد إلى تحصيل مصلحة دينية، أو دنيوية. و لما كان لا بد من أذية الجاهل، أمر اللّه تعالى أن يقابل الجاهل، بالإعراض عنه، و عدم مقابلته بجهله. فمن آذاك، بقوله أو فعله لا تؤذه، و من حرمك، لا تحرمه، و من قطعك، فصله، و من ظلمك فاعدل فيه.

[200- 202] و أما ما ينبغي أن يعامل به العبد شياطين الجن، فقال تعالى: وَ إِمَّا يَنْزَغَنَّكَ‏ إلى‏ ثُمَّ لا يُقْصِرُونَ‏ . أي: أي وقت، و في أي حال‏ يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطانِ نَزْغٌ‏ أي: تحس منه بوسوسة، و تثبيط عن الخير، أو حث على الشر، و إيعاز به. فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ‏ أي: التجئ و اعتصم باللّه، و احتم بحماه‏ إِنَّهُ سَمِيعٌ‏ لما تقول. عَلِيمٌ‏ بنيتك و ضعفك، و قوة التجائك له، فسيحميك من فتنته، و يقيك من وسوسته، كما قال تعالى:

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ‏ (1) إلى السورة. و لما كان العبد لا بد أن يغفل و ينال منه الشيطان، الذي لا يزال مرابطا، ينتظر غرته و غفلته، ذكر تعالى علامة المتقين من الغاوين، و أن المتقي إذا أحس بذنب، و مسه طائف من الشيطان،

تيسير الكريم الرحمن، ص: 355

فأذنب بفعل محرم أو ترك واجب- تذكر من أي باب أتي، و من أي مدخل دخل الشيطان عليه، و تذكر ما أوجب اللّه عليه، و ما عليه من لوازم الإيمان، فأبصر و استغفر اللّه تعالى، و استدرك ما فرط منه بالتوبة النصوح، و الحسنات الكثيرة، فرد شيطانه خاسئا حسيرا، و قد أفسد عليه كل ما أدركه منه.

و أما إخوان الشياطين، و أولياؤهم، فإنهم إذا وقعوا في الذنوب، لا يزالون يمدونهم في الغي، ذنبا بعد ذنب، و لا يقصرون عن ذلك.

فالشياطين لا تقتصر عنهم بالإغواء، لأنها طمعت فيهم، حين رأتهم سلسي القياد لها، و هم لا يقصرون عن فعل الشر.

[203] أي لا يزال هؤلاء المكذبون لك في تعنت و عناد، و لو جاءتهم الآيات الدالة على الهدى و الرشاد.

فإذا جئتهم بشي‏ء من الآيات الدالة على صدقك، لم ينقادوا.

وَ إِذا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ من آيات الاقتراح، التي يعينونها قالُوا لَوْ لا اجْتَبَيْتَها أي: هلا اخترت الآية، فصارت الآية الفلانية، و المعجزة الفلانية كأنك أنت المنزل للآيات، المدبر لجميع المخلوقات، و لم يعلموا أنه ليس لك من الأمر شي‏ء، أو لو لا اخترعتها من نفسك.

قُلْ إِنَّما أَتَّبِعُ ما يُوحى‏ إِلَيَّ مِنْ رَبِّي‏ فأنا عبد متبع، مدبر، و اللّه تعالى هو الذي ينزل الآيات و يرسلها على حسب ما اقتضاه حمده و طلبته حكمته البالغة، فإن أردتم آية، لا تضمحل على تعاقب الأوقات، و حجة لا تبطل في جميع الآنات.

فإن‏ هذا القرآن العظيم، و الذكر الحكيم‏ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ‏ يستبصر به في جميع المطالب الإلهية، و المقاصد الإنسانية، و هو الدليل و المدلول، فمن تفكر و تدبره، علم أنه تنزيل من حكيم حميد لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، و به قامت الحجة، على كل من بلغه، و لكن أكثر الناس لا يؤمنون.

و إلا فمن آمن، فهو هُدىً‏ له من الضلال‏ وَ رَحْمَةٌ له من الشقاء، فالمؤمن، مهتد بالقرآن، متبع له، سعيد في دنياه و أخراه. و أما من لم يؤمن به، فإنه ضال شقي، في الدنيا و الآخرة.

[204] هذا الأمر عام في كل من سمع كتاب اللّه يتلى، فإنه مأمور بالاستماع له و الإنصات.

و الفرق بين الاستماع و الإنصات، أن الإنصات في الظاهر بترك التحدث أو الاشتغال بما يشغل عن استماعه.

و أما الاستماع له، فهو أن يلقي سمعه، و يحضر قلبه و يتدبر ما يستمع. فإن من لازم على هذين الأمرين، حين يتلى كتاب اللّه، فإنه ينال خيرا كثيرا، و علما غزيرا، و إيمانا مستمرا متجددا، و هدى متزايدا، و بصيرة في دينه.

و لهذا رتب اللّه حصول الرحمة عليهما، فدل ذلك على أن من تلي عليه الكتاب، فلم يستمع له و لم ينصت، أنه محروم الحظ، من الرحمة، قد فاته خير كثير.

و من أوكد ما يؤمر مستمع القرآن، أنه يستمع له و ينصت في الصلاة الجهرية إذا قرأ إمامه، فإنه مأمور بالإنصات، حتى إن أكثر العلماء يقولون: إن اشتغاله بالإنصات، أولى من قراءته الفاتحة و غيرها.

[205- 206] الذكر للّه تعالى، يكون بالقلب، و يكون باللسان، و يكون بهما، و هو أكمل أنواع الذكر و أحواله.

فأمر اللّه، عبده و رسوله محمدا أصلا، و غيره تبعا، بذكر ربه في نفسه أي: مخلصا خاليا. تَضَرُّعاً بلسانك، مكررا لأنواع الذكر، وَ خِيفَةً في قلبك بأن تكون خائفا من اللّه، وجل القلب منه، خوفا أن يكون عملك غير مقبول. و علامة الخوف أن يسعى و يجتهد، في تكميل العمل و إصلاحه، و النصح به.

وَ دُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ‏ أي: كن متوسطا، لا تجهر بصلاتك، و لا تخافت بها، و ابتغ بين ذلك سبيلا.

تيسير الكريم الرحمن، ص: 356

بِالْغُدُوِّ أول النهار وَ الْآصالِ‏ آخره، و هذان الوقتان، فيهما مزية و فضيلة على غيرهما وَ لا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ‏ الّذين نسوا اللّه فأنساهم أنفسهم، فإنهم حرموا خير الدنيا و الآخرة، و أعرضوا عمن كل السعادة و الفوز، في ذكره و عبوديته، و أقبلوا على من كل الشقاوة و الخيبة، في الاشتغال به.

و هذه من الآداب التي ينبغي للعبد أن يراعيها حق رعايتها، و هي الإكثار من ذكر اللّه آناء الليل و النهار، خصوصا، طرفي النهار، مخلصا خاشعا متضرعا، متذللا، ساكنا متواطئا عليه قلبه و لسانه بأدب و وقار، و إقبال على الدعاء و الذكر، و إحضار له بقلبه، و عدم غفلة، فإن اللّه لا يستجيب دعاء من قلب غافل لاه.

ثمّ ذكر تعالى أن له عبادا مستديمين لعبادته، ملازمين لخدمته و هم الملائكة، لتعلموا أن اللّه لا يريد أن يستكثر بعبادتكم من قلة، و لا يتعزز بها من ذلة، و إنّما يريد نفع أنفسكم، و أن تربحوا عليه، أضعاف أضعاف، ما عملتم، فقال: إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ‏ من الملائكة المقربين، و حملة العرش و الكروبيين‏ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ‏ بل يذعنون لها، و ينقادون لأوامر ربهم‏ وَ يُسَبِّحُونَهُ‏ الليل و النهار، لا يفترون.

وَ لَهُ‏ وحده لا شريك له‏ يَسْجُدُونَ‏ ، فليقتد العباد، بهؤلاء الملائكة الكرام، و ليداوموا على عبادة الملك العلام. تم تفسير سورة الأعراف و للّه الحمد و الشكر و الثناء. و صلّى اللّه على محمد و آله و صحبه و سلم.

تفسير سورة الأنفال‏

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[1] الأنفال، هي: الغنائم، التي ينفلها اللّه لهذه الأمة، من أموال الكفار. و كانت هذه الآيات في هذه السورة، قد نزلت في قصة «بدر» أول غنيمة كبيرة غنمها المسلمون من المشركين، فحصل بين بعض المسلمين فيها نزاع، فسألوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم عنها، فأنزل اللّه‏ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ‏ كيف تقسم و على من تقسم؟. قُلِ‏ لهم‏ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَ الرَّسُولِ‏ يضعانها حيث شاءا، فلا اعتراض لكم على حكم اللّه و رسوله، بل عليكم إذا حكم اللّه و رسوله، أن ترضوا بحكمهما، و تسلموا الأمر لهما، و ذلك داخل في قوله: فَاتَّقُوا اللَّهَ‏ بامتثال أوامره، و اجتناب نواهيه. وَ أَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ‏ أي: أصلحوا ما بينكم من التشاحن، و التقاطع، و التدابر، بالتوادد،

تيسير الكريم الرحمن، ص: 357

و التحاب، و التواصل. فبذلك تجتمع كلمتكم، و يزول ما يحصل- بسبب التقاطع- من التخاصم، و التشاجر و التنازع. و يدخل في إصلاح ذات البين، تحسين الخلق لهم، و العفو عن المسيئين منهم فإنه- بذلك- يزول كثير مما يكون في القلوب من البغضاء، و التدابر. و الأمر الجامع لذلك كله قوله: وَ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ‏ ، فإن الإيمان يدعو إلى طاعة اللّه و رسوله، كما أن من لم يطع اللّه و رسوله، فليس بمؤمن. و من نقصت طاعته للّه و رسوله، فذلك لنقص إيمانه.

[2] و لما كان الإيمان قسمين: إيمانا كاملا يترتب عليه المدح و الثناء، و الفوز التام، و إيمانا دون ذلك، ذكر الإيمان الكامل فقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ‏ الألف و اللام للاستغراق لشرائع الإيمان. الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ‏ أي: خافت و رهبت، فأوجبت لهم خشية اللّه تعالى، الانكفاف عن المحارم، فإن خوف اللّه تعالى، أكبر علاماته أن يحجز صاحبه عن الذنوب. وَ إِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً ، و وجه ذلك أنهم يلقون له السمع و يحضرون قلوبهم لتدبره فعند ذلك يزيد إيمانهم، لأن التدبر من أعمال القلوب، و لأنه لا بد أن يبين لهم معنى، كانوا يجهلونه، و يتذكرون ما كانوا نسوه، أو يحدث في قلوبهم رغبة في الخير، و اشتياقا إلى كرامة ربهم، أو وجلا من العقوبات، و ازدجارا عن المعاصي، و كل هذا مما يزداد به الإيمان. وَ عَلى‏ رَبِّهِمْ‏ وحده، لا شريك له‏ يَتَوَكَّلُونَ‏ أي: يعتمدون في قلوبهم على ربهم، في جلب مصالحهم، و دفع مضارهم الدينية، و الدنيوية، و يثقون بأن اللّه تعالى سيفعل ذلك. و التوكل هو الحامل للأعمال كلها، فلا توجد و لا تكمل إلا به.

[3] الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ من فرائض، و نوافل، بأعمالها الظاهرة و الباطنة، كحضور القلب فيها، الذي هو روح الصلاة و لبها. وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ‏ النفقات الواجبة، كالزكوات، و الكفارات، و النفقة على الزوجات و الأقارب، و ما ملكت أيمانهم، و المستحبة كالصدقة في جميع طرق الخير.

[4] أُولئِكَ‏ الّذين اتصفوا بتلك الصفات‏ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لأنهم جمعوا بين الإسلام و الإيمان، بين الأعمال الباطنة، و الأعمال الظاهرة، بين العلم و العمل، بين أداء حقوق اللّه، و حقوق عباده. و قدم تعالى أعمال القلوب، لأنها أصل لأعمال الجوارح، و أفضل منها، و فيها دليل على أن الإيمان، يزيد و ينقص، فيزيد بفعل الطاعة، و ينقص بضدها. و أنه ينبغي للعبد أن يتعاهد إيمانه و ينميه، و أن أولى ما يحصل به ذلك تدبر كتاب اللّه تعالى، و التأمل لمعانيه. ثمّ ذكر ثواب المؤمنين حقا فقال: لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏ أي: عالية بحسب علو أعمالهم، وَ مَغْفِرَةٌ لذنوبهم‏ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ‏ و هو ما أعد اللّه لهم في دار كرامته، مما لا عين رأت، و لا أذن سمعت، و لا خطر على قلب بشر. و دل هذا، على أن من لم يصل إلى درجتهم في الإيمان- و إن دخل الجنة- فلن ينال ما نالوا، من كرامة اللّه التامة.

[5- 7] قدم تعالى- أمام هذه الغزوة الكبرى المباركة- الصفات التي على المؤمنين أن يقوموا بها، لأن من قام بها، استقامت أحواله، و صلحت أعماله، التي من أكبرها الجهاد في سبيله. فكما أن إيمانهم، هو الإيمان الحقيقي، و جزاءهم هو الحقّ الذي وعدهم اللّه به، كذلك أخرج اللّه رسوله صلّى اللّه عليه و سلم من بيته إلى لقاء المشركين في «بدر» بالحق الذي يحبه اللّه تعالى، و قد قدره و قضاه. و إن كان المؤمنون لم يخطر ببالهم في ذلك الخروج، أن يكون بينهم و بين عدوهم قتال. فحين تبين لهم أن ذلك واقع، جعل فريق من المؤمنين يجادلون النبي صلّى اللّه عليه و سلم في ذلك، و يكرهون لقاء عدوهم، كأنما يساقون إلى الموت، و هم ينظرون. و الحال أن هذا، لا ينبغي منهم، خصوصا بعد ما تبين لهم أن خروجهم بالحق، و مما أمر اللّه به، و رضيه، فهذه الحال، ليس للجدال فيها محل، لأن الجدال محله و فائدته عند اشتباه الحقّ، و التباس الأمر، فأما إذا وضح و بان، فليس إلا الانقياد و الإذعان. هذا و كثير من المؤمنين، لم يجر منهم من هذه المجادلة شي‏ء، و لا كرهوا لقاء عدوهم، و كذلك الّذين عاتبهم اللّه، انقادوا للجهاد أشد الانقياد، و ثبتهم اللّه،

تيسير الكريم الرحمن، ص: 358

و قيض لهم من الأسباب، ما تطمئن به قلوبهم كما سيأتي ذكر بعضها. و كان أصل خروجهم ليتعرضوا لعير خرجت مع أبي سفيان بن حرب لقريش إلى الشام، قافلة كبيرة. فلما سمعوا برجوعها من الشام، ندب النبي صلى اللّه عليه و سلم الناس، فخرج معه ثلاث مئة، و بضعة عشر رجلا، معهم سبعون بعيرا، يعتقبون عليها، و يحملون عليها متاعهم. فسمعت بخبرهم قريش، فخرجوا لمنع عيرهم، في عدد كثير و عدد وافرة من السلاح، و الخيل و الرجال، يبلغ عددهم قريبا من الألف.

فوعد اللّه المؤمنين، إحدى الطائفتين، إما أن يظفروا بالعير، أو بالنفير، فأحبوا العير لقلة ذات يد المسلمين، و لأنها غير ذات الشوكة، و لكن اللّه تعالى، أحب لهم، و أراد أمرا أعلى مما أحبوا. أراد أن يظفروا بالنفير، الذي خرج فيه كبراء المشركين و صناديدهم، وَ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِماتِهِ‏ فينصر أهله‏ وَ يَقْطَعَ دابِرَ الْكافِرِينَ‏ ، أي يستأصل أهل الباطل، و يري عباده من نصره للحق أمرا لم يكن يخطر ببالهم.

[8] لِيُحِقَّ الْحَقَ‏ بما يظهر من الشواهد و البراهين على صحته و صدقه، وَ يُبْطِلَ الْباطِلَ‏ بما يقيم من الأدلة و الشواهد على بطلانه‏ وَ لَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ‏ فلا يبالي اللّه بهم.

[9] أي: اذكروا نعمة اللّه عليكم لما قارب التقاؤكم بعدوكم، استغثتم بربكم، و طلبتم منه أن يعينكم و ينصركم‏ فَاسْتَجابَ لَكُمْ‏ و أغاثكم بعدة أمور: منها: أن اللّه أمدكم‏ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ‏ أي: يردف بعضهم بعضا.

[10] وَ ما جَعَلَهُ اللَّهُ‏ أي إنزال الملائكة إِلَّا بُشْرى‏ أي: لتستبشر بذلك نفوسكم، وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ‏ و إلا فالنصر بيد اللّه، ليس بكثرة عدد و لا عدد. إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لا يغالبه مغالب، بل هو القهار، الذي يخذل من بلغوا من الكثرة، و من العدد و الآلات، ما بلغوا. حَكِيمٌ‏ حيث قدر الأمور بأسبابها، و وضع الأشياء مواضعها.

[11] و من نصره و استجابته لدعائكم أن أنزل عليكم نعاسا يُغَشِّيكُمُ‏ أي: فيذهب ما في قلوبكم من الخوف و الوجل، و يكون‏ أَمَنَةً لكم، و علامة على النصر و الطمأنينة. و من ذلك أنه أنزل عليكم من السماء مطرا ليطهركم به من الحدث و الخبث، و ليطهركم من وساوس الشيطان و رجزه. وَ لِيَرْبِطَ عَلى‏ قُلُوبِكُمْ‏ أي: يثبتها فإن ثبات القلب، أصل ثبات البدن، وَ يُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدامَ‏ فإن الأرض كانت سهلة دهسة فلما نزل عليها المطر، تلبدت، و ثبتت به الأقدام.

[12] و من ذلك أن اللّه أوحى إلى الملائكة أَنِّي مَعَكُمْ‏ بالعون و النصر و التأييد. فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا أي:

ألقوا في قلوبهم، و ألهموهم الجراءة على عدوهم، و رغبوهم في الجهاد و فضله. سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ‏ الذي هو أعظم جند لكم عليهم. فإن اللّه إذا ثبت المؤمنين، و ألقى الرعب في قلوب الكافرين، لم يقدر الكافرون على الثبات لهم، و منحهم اللّه أكتافهم. فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ‏ أي: على الرقاب‏ وَ اضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَ‏

تيسير الكريم الرحمن، ص: 359

بَنانٍ‏ أي: مفصل. و هذا خطاب، إما للملائكة الّذين أوحى إليهم أن يثبتوا الّذين آمنوا، فيكون في ذلك دليل، أنهم باشروا القتال يوم بدر، أو للمؤمنين يشجعهم اللّه، و يعلمهم كيف يقتلون المشركين، و أنهم لا يرحمونهم.

[13] ذلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ‏ أي: حاربوهما، و بارزوهما بالعداوة. وَ مَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ‏ و من عقابه تسليط أوليائه على أعدائه، و تقتيلهم.

[14] ذلِكُمْ‏ العذاب المذكور فَذُوقُوهُ‏ أيها المشاققون للّه و رسوله عذابا معجلا، وَ أَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ . و في هذه القصة من آيات اللّه العظيمة، ما يدل على أن ما جاء به محمد صلّى اللّه عليه و سلّم رسول اللّه حق. منها: أن اللّه وعدهم وعدا، فأنجزهموه. و منها: ما قال اللّه تعالى: قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ أُخْرى‏ كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ‏ الآية. و منها: إجابة دعوة اللّه للمؤمنين، لما استغاثوه، بما ذكره من الأسباب، و فيها الاعتناء العظيم بحال عباده المؤمنين، و تقييض الأسباب، التي بها ثبت إيمانهم، و ثبتت أقدامهم، و زال عنهم المكروه و الوساوس الشيطانية. و منها: أن من لطف اللّه بعبده، أن يسهل عليه طاعته، و ييسرها بأسباب داخلية و خارجية.

[15- 16] أمر اللّه تعالى عباده المؤمنين بالشجاعة الإيمانية، و القوة في أمره، و السعي في جلب الأسباب المقوية للقلوب و الأبدان. و نهاهم عن الفرار، إذا التقى الزحفان فقال: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً أي: صف القتال، و تزاحف الرجال، و اقتراب بعضهم من بعض، فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ ، بل اثبتوا لقتالهم، و اصبروا على جلاذهم، فإن في ذلك نصرة لدين اللّه، و قوة لقلوب المؤمنين، و إرهابا للكافرين. وَ مَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى‏ فِئَةٍ فَقَدْ باءَ أي: رجع‏ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَ مَأْواهُ‏ أي: مقره‏ جَهَنَّمُ وَ بِئْسَ الْمَصِيرُ . و هذا يدل على أن الفرار من الزحف، من غير عذر، من أكبر الكبائر، كما وردت بذلك الأحاديث الصحيحة و كما نص هنا على وعيده بهذا الوعيد الشديد. و مفهوم الآية: أن المتحرف للقتال، و هو الذي ينحرف من جهة إلى أخرى، ليكون أمكن له في القتال، و أنكى لعدوه، فإنه لا بأس بذلك، لأنه لم يول دبره فارا، و إنّما ولى دبره، ليستعلي على عدوه، أو يأتيه من محل يصيب فيه غرته، أو ليخدعه بذلك، أو غير ذلك من مقاصد المحاربين. و أن المتحيز إلى فئة تمنعه و تعينه على قتال الكفار، فإن ذلك جائز، فإن كانت الفئة في العسكر، فالأمر في هذا واضح. و إن كانت الفئة في غير محل المعركة كانهزام المسلمين بين يدي الكافرين و التجائهم إلى بلد من بلدان المسلمين أو إلى عسكر آخر من عسكر المسلمين، فقد ورد من آثار الصحابة ما يدل على أن هذا جائز، و لعل هذا يقيد بما إذا ظن المسلمون، أن الانهزام أحمد عاقبة، و أبقى عليهم. أما إذا ظنوا غلبتهم للكفار في ثباتهم لقتالهم، فيبعد- في هذه الحال- أن تكون من الأحوال المرخص فيها، لأنه- على هذا- لا يتصور الفرار المنهي عنه، و هذه الآية مطلقة، و سيأتي في آخر السورة تقييدها بالعدد.

صفحه بعد