کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
و لمّا رأيت النّاس قد ذهبت بهم
مذاهبهم في أبحر الغيّ و الجهل
ركبت على اسم اللّه في سفن النّجا
و هم أهل بيت المصطفى خاتم الرسل
و أمسكت حبل اللّه و هو ولاءهم
كما قد أمرنا بالتمسّك بالحبل
أبو عبد اللّه الشافعي
رشفة الصادي: 25
[الحب في اللّه و البغض في اللّه]
عن حبيش بن المعتمر، قال: دخلت على أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فقلت:
السّلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته، كيف أمسيت؟. قال: أمسيت محبّا لمحبّنا و مبغضا لمبغضنا، و أمسى محبّنا مغتبطا برحمة من اللّه كان ينتظرها و أمسى عدوّنا يؤسّس بنيانه على شفا جرف هار، فكأنّ ذلك الشفا قد انهار به في نار جهنّم، و كأنّ أبواب الرحمة قد فتحت لأهلها، فهنيئا لأهل الرحمة رحمتهم، و التعس لأهل النّار و النّار لهم.
يا حبيش! من سرّه أن يعلم أ محبّ لنا أم مبغض فليمتحن قلبه، فإن كان يحبّ وليّا لنا فليس بمبغض لنا، و إن كان يبغض وليّا لنا فليس بمحبّ لنا. إنّ اللّه تعالى أخذ الميثاق لمحبّينا بمودّتنا و كتب في الذكر اسم مبغضنا، نحن النجباء و أفراطنا أفراط الأنبياء.
بحار الأنوار: 27/ 53- 54- حديث (6) المجالس: 197
عن أبي محمّد العسكريّ، عن آبائه عليهم السّلام، قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله لبعض أصحابه ذات يوم: يا عبد اللّه! أحبب في اللّه و أبغض في اللّه، و وال في اللّه، و عاد في اللّه، فإنّه لا تنال ولاية اللّه إلّا بذلك، و لا يجد رجل طعم الايمان- و إن كثرت صلاته و صيامه- حتى يكون كذلك، و قد صارت مؤاخاة الناس يومكم هذا أكثرها في الدنيا، عليها يتوادّون، و عليها يتباغضون، و ذلك لا يعني عنهم من اللّه شيئا.
فقال له: و كيف لي أن أعلم أنّي قد واليت و عاديت في اللّه عزّ و جلّ. و من وليّ اللّه عزّ و جلّ حتّى أواليه؟ و من عدوّه حتّى أعاديه؟. فأشار [له] رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله الى عليّ عليه السلام فقال:
أ ترى هذا؟. فقال: بلى. قال: وليّ هذا وليّ اللّه؛ فواله. و عدوّ هذا عدوّ اللّه؛ فعاده، قال: وال وليّ هذا و لو أنّه قاتل ابيك و ولدك، و عاد عدوّ هذا و لو أنّه أبوك أو ولدك. 24903
سير العسكريّ (ع): 18
و معاني الأخبار: 113
و عيون أخبار الرضا (ع): 161
و علل الشرائع: 58
و بحار الأنوار: 27/ 54- 55 حديث 8
[مقدّمة المحقق]
بسم اللّه الرحمن الرحيم و له الحمد و به ثقتي
[في قيمة كتاب بحار الأنوار]
الحمد للّه الذي هدانا لهذا و ما كنّا لنهتدي لو لا أن هدانا اللّه، فأخذ بنا الى المنهاج و الدليل الواضح و السبيل الناجح، و وفّقنا للدين الحنيف و شريعة سيّد المرسلين صلوات اللّه عليه و على أهل بيته الطيّبين الطاهرين، و اللعنة الدائمة الأبديّة على أعدائهم و ظالميهم و غاصبي حقوقهم و منكري فضائلهم و مناقبهم و مناوئي شيعتهم من الأوّلين و الآخرين .. الى قيام يوم الدين ..
آمين يا ربّ العالمين.
أمّا بعد: ما عساني أن أقول .. و ما تراني أكتب .. و ما تخطّ يميني .. عن بحر اللآلي، و منبع الأنوار (الجامع لدرر أخبار الأئمّة الأطهار) صلوات اللّه الملك العلّام عليهم، ذاك الذي كان- و لا زال- مرجعا للأعلام، و مصدرا للأنام، و مرغما للملاحدة اللئام، كما شاء له مؤلّفه القمقام قدّس اللّه روحه الطاهرة، و حشره و إيّانا مع الأئمّة الكرام، عليهم أفضل التحيّة و السلام.
نعم؛ لا يسعني- و أنّى لي- أن أكتب عن كتاب أو كاتب- مع قصور الباع و قلّة البضاعة- عن من قلّ من حاذاه فضلا عمّن علاه، مع إجماع الكلّ
على جلالته و فضله، و إطباقهم على عظمته و علمه، و هو- بحق- آية من آيات الرحمن في فنون شتّى، و قمر في السماء بين النجوم و الكواكب، إذ هو العلّامة الفهّامة، غوّاص بحار الأنوار ببياناته، و مستخرج لآلي الأخبار بتتبّعاته، و جامع كنوز الآثار باستقصاءاته، الذي قلّ له قرين في عصره- فضلا عن من كان قبله أو جاء بعده- إذ أفنى عمره في ترويج الدين و إحياء شريعة سيّد المرسلين صلوات اللّه عليه و على آله الطيّبين، و دفع أباطيل المبطلين، و زيغ المنحرفين، و جهل الجاهلين، تصنيفا و تأليفا، و أمرا و نهيا، قامعا للمعتدين، و مزيّفا للمبدعين، و داحضا للمعاندين، و هاديا للضالّين، و مرشدا للغاوين، و رادّا للمخالفين من أهل الأهواء و البدع و الزيغ و الضلال.
و لنطوي عن ترجمته صفحا، فما في «الفيض القدسي» لشيخنا النوريّ، و ما رصف في أوّل المجلد الأول من موسوعته، و ما كتبه عنه كلّ من ترجم له و ألّف عنه- معاصرا كان أو متأخّرا عنه- يغنينا عن التطويل، و إن كان معتقدنا أنّ ما ذكروه فيه و عنه نزر يسير، و أقلّ من القليل.
***** و بعد كلّ هذا نعود الى كتابنا؛ فقد كان و لا زال- بحق- مصدرا لكلّ من طلب بابا من أبواب علوم آل محمّد صلوات اللّه عليه و عليهم، و منبعا لكلّ من بحث عن الحقّ و الحقيقة، إذ قد استعان به كلّ من جاء بعده، فكان عيالا عليه، و ناهلا منه .. لا لكون أكثر منابع المصنّف طاب ثراه تعدّ من الكتب المعتمدة و الأصول المعتبرة- التي لم يتسنّ الى يومنا هذا الحصول على بعضها- فحسب .. بل لما فيه من بيانات شافية، و تبويب رائع، و إحاطة واسعة، و منهجية ممتازة، و هو- من ثمّ- يشبع الموضوع- الى حدّ ما- تحقيقا و تدقيقا، و بيانا و توضيحا، مع كلّ ما فيه من برمجة و تنسيق فريد في نوعه.