کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
خَفِيَ عَلَيَّ هَذَا مِنْ أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ]، أَلْهَانِي 35016 الصَّفْقُ بِالْأَسْوَاقِ 35017 .
وَ لَا خَفَاءَ فِي أَنَّ مَا خَفِيَ عَلَى عُمَرَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ مُتَكَرَّرُ الْوُقُوعِ مِنَ الْعَادَةِ وَ السُّنَنِ الَّتِي كَانَ يَعْلَمُهَا الْمُعَاشِرُونَ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ، فَكَيْفَ خَفِيَ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي يَدَّعُونَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَ آلِهِ كَانَ يُشَاوِرُهُ فِي الْأُمُورِ وَ يَسْتَمِدُّ بِتَدْبِيرِهِ؟!، فَلَيْسَ هَذَا إِلَّا مِنْ فَرْطِ غَبَاوَتِهِ، أَوْ قِلَّةِ اعْتِنَائِهِ بِأُمُورِ الدِّينِ، أَوِ إِنْكَارِهِ لِأُمُورِ الشَّرْعِ مُخَالَفَةً لِسَيِّدِ الْمُرْسَلِينَ.
الثاني عشر:
مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ 35018 ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: حَجَجْنَا مَعَ عُمَرَ أَوَّلَ حَجَّةٍ حَجَّهَا فِي خِلَافَتِهِ، فَلَمَّا دَخَلَ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ، دَنَا مِنَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ فَقَبَّلَهُ وَ اسْتَلَمَهُ، فَقَالَ: إِنِّي لَأَعْلَمُ أَنَّكَ حَجَرٌ لَا تَضُرُّ وَ لَا تَنْفَعُ 35019 ، وَ لَوْ لَا أَنِّي رَأَيْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] قَبَّلَكَ وَ اسْتَلَمَكَ لَمَا قَبَّلْتُكَ وَ لَا اسْتَلَمْتُكَ.
فَقَالَ لَهُ عَلِيٌّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: بَلَى- يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ- إِنَّهُ لَيَضُرُّ وَ يَنْفَعُ 35020 ، وَ لَوْ عَلِمْتَ تَأْوِيلَ ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ لَعَلِمْتَ أَنَّ الَّذِي أَقُولُ لَكَ كَمَا أَقُولُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ
أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى 35021 ، فَلَمَّا أَشْهَدَهُمْ وَ أَقَرُّوا لَهُ بِأَنَّهُ 35022 الرَّبُّ عَزَّ وَ جَلَّ وَ أَنَّهُمُ الْعَبِيدُ، كَتَبَ مِيثَاقَهُمْ فِي رَقٍّ ثُمَّ أَلْقَمَهُ هَذَا الْحَجَرَ، وَ إِنَّ لَهُ 35023 لَ عَيْنَيْنِ وَ لِساناً وَ شَفَتَيْنِ ، يَشْهَدُ 35024 بِالْمُوَافَاةِ، فَهُوَ أَمِينُ اللَّهِ عَزَّ وَ جَلَّ فِي هَذَا الْمَكَانِ.
فَقَالَ عُمَرُ: لَا أَبْقَانِيَ اللَّهُ بِأَرْضٍ لَسْتَ بِهَا يَا أَبَا الْحَسَنِ 35025 .
وَ رَوَاهُ الْغَزَالِيُّ فِي كِتَابِ إِحْيَاءِ الْعُلُومِ 35026 .
وَ رَوَى الْبُخَارِيُ 35027 وَ مُسْلِمٌ 35028 فِي 35029 صَحِيحِهِمَا وَ لَمْ يَذْكُرَا تَنْبِيهَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ إِيَّاهُ.
وَ اعْتَذَرَ عَنْهُ فِي الْمِنْهَاجِ 35030 بِأَنَّهُ: إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ لِئَلَّا يَغْتَرَّ بَعْضُ قَرِيبِي الْعَهْدِ بِالْإِسْلَامِ الَّذِي قَدْ أَلِفُوا 35031 عِبَادَةَ الْأَحْجَارِ وَ تَعْظِيمَهَا 35032 رَجَاءَ نَفْعِهَا وَ خَوْفَ
ضَرَرِهَا 35033 .
وَ مَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي الْحَدِيدِ 35034 يُبْطِلُ هَذَا الِاعْتِذَارَ، إِذْ لَوْ كَانَ مُرَادُهُ ذَلِكَ لَبَيَّنَ عُذْرَهُ وَ لَمْ يَقُلْ: لَا أَبْقَانِيَ اللَّهُ بِأَرْضٍ لَسْتَ بِهَا، إِذْ ظَاهِرٌ أَنَّ هَذَا كَلَامُ الْمُقِرِّ بِالْجَهْلِ الْمُعْتَرِفِ بِالْخَطَإِ، وَ إِنَّمَا حَذَفُوا التَّتِمَّةَ 35035 لِيَتَمَكَّنُوا مِنْ مِثْلِ هَذَا الِاعْتِذَارِ.
الثالث عشر:
أشياء كثيرة و أحكام غزيرة تحيّر فيها و هداه غيره إلى الصواب فيها .. و هذا يدلّ على غاية جهله و عدم استئهاله للإمامة، و سنورد أكثرها في أبواب علم أمير المؤمنين عليه السلام و قضاياه في المجلد التاسع 35036 ، و بعضها في كتاب القضاء 35037 ، و كتاب الحدود 35038 .
و لنورد هاهنا قليلا منها من كتب المخالفين:
فمنها: مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُ 35039 فِي صَحِيحِهِ، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ، فَقَالَ: نَهَانَا عَنِ التَّكَلُّفِ.
- وَ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِهِ 35040 : ذَكَرَ الْحُمَيْدِيُّ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ: أَنَ
عُمَرَ قَرَأَ: وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا 35041 ، فَقَالَ: مَا الْأَبُّ؟. ثُمَّ قَالَ: مَا كُلِّفْنَا- أَوْ قَالَ: مَا أُمِرْنَا- بِهَذَا. ثُمَّ قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: قُلْتُ: هُوَ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِ 35042 مِنْ رِوَايَةِ هِشَامٍ، عَنْ ثَابِتٍ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ عَنْ قَوْلِهِ: وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا 35043 ، مَا الْأَبُّ؟. فَقَالَ عُمَرُ: نُهِينَا عَنِ التَّعَمُّقِ وَ التَّكَلُّفِ .. و هذا أولى أن يكمل به الحديث الذي أخرجه البخاري، و أولى منه مَا 35044 أَخْرَجَهُ أَبُو نُعَيْمٍ ..، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ وَ عَلَيْهِ قَمِيصٌ فِي ظَهْرِهِ أَرْبَعُ رِقَاعٍ يَقْرَأُ 35045 : وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا 35046 ، فَقَالَ: هَذِهِ الْفَاكِهَةُ قَدْ عَرَفْنَاهَا، فَمَا الْأَبُّ؟. ثُمَّ قَالَ: مَهْ! نُهِينَا عَنِ التَّكَلُّفِ 35047 .
وَ قَدْ أَخْرَجَهُ 35048 عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، وَ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ 35049 : فَمَا الْأَبُّ؟ ثُمَّ قَالَ: يَا ابْنَ أُمِّ عُمَرَ! إِنَّ هَذَا هُوَ التَّكَلُّفُ، وَ مَا عَلَيْكَ أَنْ
لَا تَدْرِيَ مَا الْأَبُّ! 35050 .
وَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عُمَرَ عَنْ: فاكِهَةً وَ أَبًّا 35051 ، فَلَمَّا رَآهُمْ عُمَرُ يَقُولُونَ، أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ بِالدِّرَّةِ 35052 .
وَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، قَالَ: قَرَأَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ:
وَ فاكِهَةً وَ أَبًّا 35053 ، فَقِيلَ: مَا الْأَبُّ؟. فَقِيلَ: كَذَا .. وَ كَذَا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: إِنَّ هَذَا هُوَ التَّكَلُّفُ، أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي؟ وَ أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي؟ إِذَا قُلْتُ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا لَا أَعْلَمُ!.
و من طريق إبراهيم التميمي نحوه. انتهى مختصر كلام ابن حجر.
و قد ظهر ممّا رواه 35054 أنّ تفسير «الأبّ» كان عند الشيخين معضلة لم يوفّقا للعلم به مع أنّه يعرفها كلّ، و قولهما: إنّ هذا هو التكلّف .. لا يخلوا عن منافرة لقوله تعالى: أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها 35055 ، و في حذف البخاري حكاية الجهل بالأب دلالة على تعصّبه و أنّه لا يذكر في أكثر المواضع ما فيه فضيحة للخلفاء.
و منها:
مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُ 35056 وَ مُسْلِمٌ 35057 وَ أَبُو دَاوُدَ 35058 وَ التِّرْمِذِيُ 35059
وَ النَّسَائِيُ 35060 وَ صَاحِبُ جَامِعِ الْأُصُولِ 35061 بِأَسَانِيدِهِمْ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، قَالَ: سُئِلَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ عَنْ إِمْلَاصِ 35062 الْمَرْأَةِ- وَ هِيَ الَّتِي تُضْرَبُ بَطْنُهَا فَيُلْقَى 35063 جَنِينُهَا-، فَقَالَ: أَيُّكُمْ سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ (ص) فِيهِ شَيْئاً؟. قَالَ: فَقُلْتُ: أَنَا. قَالَ:
مَا هُوَ؟. قُلْتُ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] يَقُولُ: فِيهِ غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ، قَالَ: لَا تَبْرَحْ حَتَّى تَجِيئَنِي بِالْمُخْرِجِ مِمَّا قُلْتَ. فَخَرَجْتُ فَوَجَدْتُ مُحَمَّدَ بْنَ سَلَمَةَ 35064 : فَجِئْتُ بِهِ فَشَهِدَ مَعِي أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ [وَ آلِهِ] يَقُولُ فِيهِ:
غُرَّةُ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ.
هذه رواية البخاري و مسلم، و باقي الروايات على ما أورده في جامع الأصول 35065 قريبة منها.
و منها.:
مَا رَوَاهُ فِي نَهْجِ الْبَلَاغَةِ 35066 : أَنَّهُ ذُكِرَ عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ حَلْيُ الْكَعْبَةِ وَ كَثْرَتُهُ، فَقَالَ قَوْمٌ: لَوْ أَخَذْتَ فَجَهَّزْتَ بِهِ جُيُوشَ الْمُسْلِمِينَ كَانَ أَعْظَمَ لِلْأَجْرِ، وَ مَا تَصْنَعُ الْكَعْبَةُ بِالْحَلْيِ؟. فَهَمَّ عُمَرُ بِذَلِكَ وَ سَأَلَ عَنْهُ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: