کتابخانه روایات شیعه
بحار الأنوار (ط - بيروت) - ج 1تا15
من مائية صافية جدا خالطتها دخانية كبريتية لطيفة مخالطة شديدة بحيث لا ينفصل منه سطح إلا و يغشاه من تلك اليبوسة شيء فلذلك لا يعلق باليد و لا ينحصر انحصارا شديدا بشكل ما يحويه و مثاله قطارات الماء الواقعة على تراب في غاية اللطافة فإنه يحيط بالقطرة سطح ترابي حاصر للماء كالغلاف له بحيث تبقى القطرة على شكلها في وجه التراب و إذا تلاقت قطرتان منهما فربما ينخرق الغلافان و يصير الماءان في غلاف واحد و بياض الزئبق لصفاء المائية و بياض الأرضية و ممازجة الهوائية.
و الخامس أي الذي لا يذوب و لا ينطرق ليبوسة ما اشتد الامتزاج بين أجزائه الرطبة و الأجزاء اليابسة المستولية بحيث لا يقدر النار على تفريقهما مع إحالة البرد للمائية إلى الأرضية بحيث لا تبقى رطوبة حسية دهنية و لذا لا ينطرق و لما كان تعقده باليبس لا يذوب إلا بالحيلة بحيث لا يبقى ذلك الجوهر بخلاف الحديد المذاب و ذلك كالياقوت و اللعل و الزبرجد و نحو ذلك من الأحجار.
ثم إن من المعادن ما يتولد بالصنعة بتهيئة المواد و تكميل الاستعداد كالنوشادر و الملح و إن منها ما يعمل له شبيه يعسر التميز في بادئ النظر كالذهب و الفضة و اللعل و كثير من الأحجار المعدنية و هل يمكن أن يعمل حقيقة هذه الجواهر بالصنعة من غير جهة الإعجاز فذهب كثير من العقلاء إلى أن تكون الذهب و الفضة بالصنعة واقع ذهب ابن سينا إلى أنه لم يظهر له إمكان فضلا عن الوقوع لأن الفصول الذاتية التي بها تصير هذه الأجساد أنواعا أمور مجهولة و المجهول لا يمكن إيجاده نعم يمكن أن يعمل النحاس بصبغ الفضة و الفضة بصبغ الذهب و أن يزال عن الرصاص أكثر ما فيه من النقص لكن هذه الأمور المحسوسة يجوز أن لا تكون هي الفصول بل عوارض و لوازم و أجيب بأنا لا نسلم اختلاف الأجسام بالفصول و الصور النوعية بل هي متماثلة لا تختلف إلا بالعوارض التي يمكن زوالها بالتدبير و لو سلم فإن أريد بمجهولية الصور النوعية و الفصول الذاتية أنها مجهولة من كل وجه فممنوع كيف و قد علم أنها مباد لهذه الخواص و الأعراض و إن أريد أنها مجهولة بحقائقها و تفاصيلها فلا نسلم أن الإيجاد موقوف على العلم بذلك و أنه لا يكفي العلم بجميع
المواد على وجه حصل الظن بفيضان الصور عنده لأسباب لا تعلم على التفصيل كالحية من الشعر و العقرب من البادروج و نحو ذلك و كفى بصنعة الترياق و ما فيه من الخواص و الآثار شاهدا على إمكان ذلك نعم الكلام في الوقوع و في العلم بجميع المواد و تحصيل الاستعداد و لهذا جعل الكيمياء في اسم بلا مسمى.
أقول و يظهر من بعض الأخبار تحققه لكن علم غير المعصوم به غير معلوم و من رأينا و سمعنا ممن يدعي علم ذلك منهم أصحاب خديعة و تدليس و مكر و تلبيس و لا يتبعهم إلا مخدوع و صرف العمر فيه لا يُسْمِنُ وَ لا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ .
13- تَوْحِيدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع لَوْ فَطَنُوا طَالِبُوا الْكِيمِيَاءِ لِمَا فِي الْعَذِرَةِ لَاشْتَرَوْهَا بِأَنْفَسِ الْأَثْمَانِ وَ غَالَبُوا بِهَا.
14- الْكَافِي، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنِ ابْنِ فَضَّالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَحْيَى الْحَلَبِيِّ عَنِ الثُّمَالِيِّ قَالَ: مَرَرْتُ مَعَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ ع فِي سُوقِ النُّحَاسِ فَقُلْتُ جُعِلْتُ فِدَاكَ هَذَا النُّحَاسُ أَيْشٍ 9799 أَصْلُهُ فَقَالَ فِضَّةٌ إِلَّا أَنَّ الْأَرْضَ أَفْسَدَتْهَا فَمَنْ قَدَرَ عَلَى أَنْ يُخْرِجَ الْفَسَادَ مِنْهَا انْتَفَعَ بِهَا 9800 .
15- الْمُجَازَاتُ النَّبَوِيَّةِ لِلرَّضِيِّ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ص فِي الْجَبَلِ ظُهُورُهَا حِرْزٌ وَ بُطُونُهَا كَنْزٌ.
قال السيد ره هذا القول خارج عن طريق المجاز لأن بطون الجبل على الحقيقة كنز و إنما أراد أن أصحابها يستخرجون منها من الأفلاذ ما تنمي به أموالهم و تحسن معه أحوالهم و ظهورها حرز أراد أنها منجاة من المعاطب و ملجأة عند المهارب.
16- الْخَرَائِجُ، رَوَى أَحْمَدُ بْنُ عُمَرَ الْحَلَّالُ قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي الْحَسَنِ الثَّانِي ع جُعِلْتُ فِدَاكَ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكَ مِنْ هَذَا صَاحِبِ الرَّقَّةِ قَالَ لَيْسَ عَلَيَّ مِنْهُ بَأْسٌ إِنَّ لِلَّهِ بِلَاداً تُنْبِتُ الذَّهَبَ قَدْ حَمَاهَا بِأَضْعَفِ خَلْقِهِ بِالذَّرِّ فَلَوْ أَرَادَتْهَا الْفِيَلَةُ مَا وَصَلَتْ إِلَيْهَا
قَالَ الْوَشَّاءُ إِنِّي سَأَلْتُ عَنْ هَذِهِ الْبِلَادِ وَ قَدْ سَمِعْتُ الْحَدِيثَ قَبْلَ مَسْأَلَتِي فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ بَيْنَ الْبَلْخِ وَ التُّبَّتِ وَ أَنَّهَا تُنْبِتُ الذَّهَبَ وَ فِيهَا نَمْلٌ كِبَارٌ أَشْبَاهُ الْكِلَابِ عَلَى حلقها قلس لا [خَلْقِهَا فَلَيْسَ] يَمُرُّ بِهَا الطَّيْرُ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ تَكْمُنُ بِاللَّيْلِ فِي جُحْرِهَا وَ تَظْهَرُ بِالنَّهَارِ فَرُبَّمَا غَزَوُا الْمَوْضِعَ عَلَى الدَّوَابِّ الَّتِي تَقْطَعُ ثَلَاثِينَ فَرْسَخاً فِي لَيْلَةٍ لَا يُعْرَفُ شَيْءٌ مِنَ الدَّوَابِّ يَصْبِرُ صَبْرَهَا فَيُوقِرُونَ أَحْمَالَهُمْ وَ يَخْرُجُونَ فَإِذَا النَّمْلُ خَرَجَتْ فِي الطَّلَبِ فَلَا تَلْحَقُ شَيْئاً إِلَّا قَطَعَتْهُ فَتَشْبَهُ بِالرِّيحِ مِنْ سُرْعَتِهَا وَ رُبَّمَا شَغَلُوهُمْ 9801 بِاللَّحْمِ يَتَّخِذُ لَهَا إِذَا لَحِقَتْهُمْ يَطْرَحُ لَهَا فِي الطَّرِيقِ إِنْ لَحِقَتْهُمْ قَطَعَتْهُمْ وَ دَوَابَّهُمْ.
بيان الرقة بلد على الفرات و المراد بصاحبها هارون لأنه كان في تلك الأيام فيها و القلس حبل ضخم من ليف أو خوص أو غيرهما و كأنه وصف المشبه به أي الكلاب المعلمة.
17- الْكَافِي، عَنْ عَلِيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عِيسَى عَنْ يُونُسَ عَمَّنْ ذَكَرَهُ قَالَ: قِيلَ لِلرِّضَا ع إِنَّكَ تَتَكَلَّمُ بِهَذَا الْكَلَامِ وَ السَّيْفُ يَقْطُرُ دَماً فَقَالَ إِنَّ لِلَّهِ وَادِياً مِنْ ذَهَبٍ حَمَاهُ بِأَضْعَفِ خَلْقِهِ النَّمْلِ فَلَوْ رَامَتْهُ الْبَخَاتِيُّ لَمْ تَصِلْ إِلَيْهِ.
18- تَوْحِيدُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ قَالَ الصَّادِقُ ع فَكِّرْ يَا مُفَضَّلُ فِي هَذِهِ الْمَعَادِنِ وَ مَا يُخْرَجُ مِنْهَا مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُخْتَلِفَةِ مِثْلِ الْجِصِّ وَ الْكِلْسِ وَ الْجِبْسِينِ وَ الزَّرَانِيخِ وَ الْمَرْتَكِ وَ القوينا 9802 وَ الزِّئْبَقِ وَ النُّحَاسِ وَ الرَّصَاصِ وَ الْفِضَّةِ وَ الذَّهَبِ وَ الزَّبَرْجَدِ وَ الْيَاقُوتِ وَ الزُّمُرُّدِ وَ ضُرُوبِ الْحِجَارَةِ وَ كَذَلِكَ مَا يُخْرَجُ مِنْهَا مِنَ الْقَارِ وَ الْمُومِيَا وَ الْكِبْرِيتِ وَ النِّفْطِ وَ غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَسْتَعْمِلُهُ النَّاسُ فِي مَآرِبِهِمْ فَهَلْ يَخْفَى عَلَى ذِي عَقْلٍ أَنَّ هَذِهِ كُلَّهَا ذَخَائِرُ ذُخِرَتْ لِلْإِنْسَانِ فِي هَذِهِ الْأَرْضِ لِيَسْتَخْرِجَهَا فَيَسْتَعْمِلَهَا عِنْدَ الْحَاجَةِ إِلَيْهَا ثُمَّ قَصُرَتْ حِيلَةُ النَّاسِ عَمَّا حَاوَلُوا مِنْ صَنْعَتِهَا عَلَى حِرْصِهِمْ وَ اجْتِهَادِهِمْ فِي ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَوْ ظَفِرُوا بِمَا حَاوَلُوا مِنْ هَذَا الْعِلْمِ كَانَ لَا مَحَالَةَ سَيَظْهَرُ وَ يَسْتَفِيضُ فِي الْعَالَمِ حَتَّى تَكْثُرَ الْفِضَّةُ وَ الذَّهَبُ وَ يَسْقُطَا عِنْدَ النَّاسِ فَلَا يَكُونَ لَهُمَا
قِيمَةٌ وَ يَبْطُلَ الِانْتِفَاعُ بِهِمَا فِي الشِّرَى وَ الْبَيْعِ وَ الْمُعَامَلَاتِ وَ لَا كَانَ يَجْبِي السُّلْطَانُ الْأَمْوَالَ وَ لَا يَدَّخِرَهُمَا أَحَدٌ لِلْأَعْقَابِ وَ قَدْ أُعْطِيَ النَّاسُ مَعَ هَذَا صَنْعَةَ الشَّبَهِ مِنَ النُّحَاسِ وَ الزُّجَاجِ مِنَ الرَّمْلِ وَ الْفِضَّةِ مِنَ الرَّصَاصِ وَ الذَّهَبِ مِنَ الْفِضَّةِ وَ أَشْبَاهِ ذَلِكَ مِمَّا لَا مَضَرَّةَ فِيهِ فَانْظُرْ كَيْفَ أُعْطُوا إِرَادَتَهُمْ فِي مَا لَا ضَرَرَ فِيهِ وَ مُنِعُوا ذَلِكَ فِي مَا كَانَ ضَارّاً لَهُمْ لَوْ نَاوَلُوهُ وَ مَنْ أَوْغَلَ فِي الْمَعَادِنِ انْتَهَى إِلَى وَادٍ عَظِيمٍ يَجْرِي مُنْصَلِتاً بِمَاءٍ غَزِيرٍ لَا يُدْرَكُ غَوْرُهُ وَ لَا حِيلَةَ فِي عُبُورِهِ وَ مِنْ وَرَائِهِ أَمْثَالُ الْجِبَالِ مِنَ الْفِضَّةِ تَفَكَّرِ الْآنَ فِي هَذَا مِنْ تَدْبِيرِ الْخَالِقِ الْحَكِيمِ فَإِنَّهُ أَرَادَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنْ يُرِي الْعِبَادَ مَقْدُرَتَهُ 9803 وَ سَعَةَ خَزَائِنِهِ لِيَعْلَمُوا أَنَّهُ لَوْ شَاءَ أَنْ يَمْنَحَهُمْ كَالْجِبَالِ مِنَ الْفِضَّةِ لَفَعَلَ لَكِنْ لَا صَلَاحَ لَهُمْ فِي ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَيَكُونُ فِيهَا كَمَا ذَكَرْنَا سُقُوطُ هَذَا الْجَوْهَرِ عِنْدَ النَّاسِ وَ قِلَّةُ انْتِفَاعِهِمْ بِهِ وَ اعْتَبِرْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ يَظْهَرُ الشَّيْءُ الطَّرِيفُ مِمَّا يُحْدِثُهُ النَّاسُ مِنَ الْأَوَانِي وَ الْأَمْتِعَةِ فَمَا دَامَ عَزِيزاً قَلِيلًا فَهُوَ نَفِيسٌ جَلِيلٌ آخِذُ الثَّمَنِ فَإِذَا فَشَا وَ كَثُرَ فِي أَيْدِي النَّاسِ سَقَطَ عِنْدَهُمْ وَ خَسَّتْ قِيمَتُهُ وَ نَفَاسَةُ الْأَشْيَاءِ مِنْ عِزَّتِهَا.
بيان: الكلس بالكسر الصاروج و الجبس بالكسر الجص و في أكثر النسخ الجبسين و لم أجده في ما عندنا من كتب اللغة لكن في لغة الطب كما في أكثر النسخ و المرتك كمقعد المرداسنج و القوبنا بالباء الموحدة أو الياء المثناة من تحت و لم أجدهما في كتب اللغة لكن في القاموس القونة القطعة من الحديد أو الصفر يرقع بها الإناء و في بعض النسخ و التوتياء و في كتب اللغة أنه حجر يكتحل به و القار القير و جبى الخراج جباية جمعه و الإيغال المبالغة في الدخول و الذهاب و انصلت مضى و سبق.
تتميم نفعه عميم
اعلم أن الذي يستفاد من الآيات المتظافرة و الأخبار المتواترة هو أن تأثيره سبحانه في الممكنات لا يتوقف على المواد و الاستعدادات و إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً
أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ 9804 و هو سبحانه جعل للأشياء منافع و تأثيرات و خواص أودعها فيها و تأثيراتها مشروطة بإذن الله تعالى و عدم تعلق إرادته القاهرة بخلافها كما أنه أجرى عادته بخلق الإنسان من اجتماع الذكر و الأنثى و تولد النطفة منهما و قرارها في رحم الأنثى و تدرجها علقة و مضغة و هكذا فإذا أراد غير ذلك فهو قادر على أن يخلق من غير أب كعيسى و من غير أم أيضا كآدم و حواء و كخفاش عيسى و طير إبراهيم و غير ذلك من المعجزات المتواترة عن الأنبياء في إحياء الموتى و جعل الإحراق في النار فلما أراد غير ذلك قال للنار كُونِي بَرْداً وَ سَلاماً عَلى إِبْراهِيمَ و جعل الثقيل يرسب في الماء و ينحدر من الهواء فأظهر قدرته بمشي كثير على الماء و رفعهم إلى السماء و جعل في طبع الماء الانحدار فأجرى حكمه عليه بأن تقف أمثال الجبال منه في الهواء حتى تعبر بنو إسرائيل من البحر و مع عدم القول بذلك لا يمكن تصديق شيء من
المعجزات اليقينية المتواترة عن الأنبياء و الأوصياء ع و كذا جرى عادته على انعقاد الجواهر في المعادن بأسباب من المؤثرات الأرضية و السماوية لبعض المصالح فإذا أراد إظهار كمال قدرته و رفع شأن وليه يجعل الحصا في كفه دفعة جوهرا ثمينا و الحديد في يد نبيه عجينا و يخرج الأجساد البالية دفعة من التراب في يوم الحساب فهذه كلها و أمثالها لا تستقيم مع الإذعان بقواعدهم الفاسدة و آرائهم الكاسدة.
و قال بعضهم حذرا من التشهير و التفكير إعادة النفس إلى بدن مثل بدنها الذي كان لها في الدنيا مخلوق من سنخ هذا البدن بعد مفارقتها عنه في القيامة كما نطقت